المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌40 - باب ما جاء ما يقول الرجل إذا أذن المؤذن - النفح الشذي شرح جامع الترمذي ط الصميعي - جـ ٤

[ابن سيد الناس]

فهرس الكتاب

- ‌24 - باب ما جاء في الجمع بين الصلاتين في الحضر

- ‌25 - باب ما جاء في بدء الأذان

- ‌26 - باب ما جاء في الترجيع في الأذان

- ‌27 - باب ما جاء في إفراد الإقامة

- ‌28 - باب ما جاء أن الإقامة مثنى مثنى

- ‌29 - باب ما جاء في الترسل في الأذان

- ‌30 - باب ما جاء في إدخال الإصبع في الأذن عند الأذان

- ‌31 - باب ما جاء في التثويب في الفجر

- ‌32 - باب ما جاء أن من أذن فهو يقيم

- ‌33 - باب ما جاء في كراهية الأذان بغير وضوء

- ‌34 - باب ما جاء أن الإمام أحق بالإقامة

- ‌35 - باب ما جاء في الأذان بالليل

- ‌36 - باب ما جاء في كراهية الخروج من المسجد بعد الأذان

- ‌37 - باب ما جاء في الأذان في السفر

- ‌38 - باب ما جاء في فضل الأذان

- ‌39 - باب ما جاء أن الإمام ضامن والمؤذن مؤتمن

- ‌40 - باب ما جاء ما يقول الرجل إذا أذن المؤذن

- ‌41 - باب ما جاء في كراهية أن يأخذ المؤذن على الأذان أجرًا

- ‌42 - باب ما يقول الرجل إذا أذن المؤذن من الدعاء

- ‌43 - باب منه آخر

- ‌44 - باب ما جاء في أن الدعاء لا يرد بين الأذان والإقامة

- ‌45 - باب كم فرض الله على عباده من الصلوات

- ‌46 - باب ما جاء في فضل الصلوات الخمس

- ‌47 - باب ما جاء في فضل الجماعة

- ‌48 - باب ما جاء فيمن يسمع النداء فلا يجيب

- ‌49 - باب ما جاء في الرجل يصلي وحده ثم يدرك الجماعة

- ‌50 - باب ما جاء في الجماعة في مسجد قد صلي فيه مرة

- ‌51 - باب ما جاء في فضل العشاء والفجر في الجماعة

- ‌52 - باب ما جاء في فضل الصف الأول

- ‌53 - باب ما جاء في إقامة الصفوف

- ‌54 - باب ما جاء ليليني منكم أولو الأحلام والنهى

- ‌55 - باب ما جاء في كراهية الصف بين السواري

- ‌56 - باب ما جاء في الصلاة خلف الصف وحده

- ‌57 - باب ما جاء في الرجل يصلي ومعه رجل

- ‌58 - باب ما جاء في الرجل يصلي مع الرجلين

- ‌59 - باب ما جاء في الرجل يصلي ومعه الرجال والنساء

- ‌60 - باب ما جاء من أحق بالإمامة

- ‌61 - باب ما جاء إذا أمّ أحدكم الناس فليخفف

- ‌62 - باب ما جاء في تحريم الصلاة وتحليلها

- ‌63 - باب ما جاء في نشر الأصابع عند التكبير

- ‌64 - باب ما جاء في فضل التكبيرة الأولى

- ‌65 - باب ما يقول عند افتتاح الصلاة

- ‌66 - باب ما جاء في ترك الجهر بـ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

- ‌67 - باب من رآى الجهر بـ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

- ‌68 - باب ما جاء في افتتاح القراءة بـ: الحمد لله رب العالمين

- ‌69 - باب ما جاء أنه لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب

- ‌70 - باب ما جاء في التأمين

- ‌71 - باب ما جاء في فضل التأمين

- ‌72 - باب ما جاء في السكتتين في الصلاة

- ‌73 - باب ما جاء في وضع اليمين على الشمال في الصلاة

- ‌74 - باب ما جاء في التكبير عند الركوع والسجود

- ‌75 - باب منه آخر

- ‌76 - باب ما جاء في رفع اليدين عند الركوع

- ‌77 - باب ما جاء في وضع اليدين على الركبتين في الركوع

- ‌78 - باب ما جاء أنه يجافي يديه عن جنبيه في الركوع

- ‌79 - باب ما جاء في التسبيح في الركوع والسجود

- ‌[80 - باب ما جاء في النهي عن القراءة في الركوع والسجود]

- ‌[81 - باب ما جاء فيمن لا يقيم صلبه في الركوع والسجود]

- ‌[82 - باب ما يقول الرجل إذا رفع رأسه من الركوع]

- ‌84 - باب ما جاء في وضع الركبتين قبل اليدين في السجود وما بعده إلى () باب ما جاء في التشهد

- ‌[86 - باب ما جاء في السجود على الجبهة والأنف]

- ‌[87 - باب ما جاء في السجود على سبعة أعضاء]

- ‌[88 - باب ما جاء في التجافي في السجود]

- ‌[89 - باب ما جاء في الاعتدال في السجود]

- ‌[90 - باب ما جاء في وضع اليدين ونصب القدمين في السجود]

- ‌[91 - باب ما جاء في إقامة الصلب إذا رفع رأسه من الركوع والسجود]

- ‌[92 - باب ما جاء في كراهية أن يبادر الإمام بالركوع والسجود]

- ‌[93 - باب ما جاء في كراهية الإقعاء بين السجدتين]

- ‌[94 - باب ما جاء في الرخصة في الإقعاء]

- ‌[95 - باب ما يقول بين السجدتين]

- ‌[96 - باب ما جاء في الاعتماد في السجود]

- ‌[97 - باب ما جاء كيف النهوض من السجود]

- ‌99 - باب ما جاء في التشهد

- ‌100 - باب منه أيضًا

- ‌101 - باب ما جاء أنه يخفي التشهد

- ‌102 - باب ما جاء كيف الجلوس في التشهد

- ‌103 - باب منه أيضًا

- ‌104 - باب ما جاء في الإشارة في التشهد

- ‌105 - باب ما جاء في التسليم في الصلاة

- ‌106 - باب منه أيضًا

- ‌107 - باب ما جاء أن حذف السلام سنة

- ‌108 - باب ما يقول إذا سلم من الصلاة

- ‌109 - باب ما جاء في الانصراف عن يمينه وعن شماله

- ‌110 - باب ما جاء في وصف الصلاة

- ‌111 - باب ما جاء في القراءة في صلاة الصبح

- ‌112 - باب ما جاء في القراءة في الظهر والعصر

- ‌113 - باب ما جاء في القراءة في المغرب

- ‌114 - باب ما جاء في القراءة في صلاة العشاء

الفصل: ‌40 - باب ما جاء ما يقول الرجل إذا أذن المؤذن

‌40 - باب ما جاء ما يقول الرجل إذا أذن المؤذن

حدثنا الأنصاري نا معن نا مالك ونا قتيبة عن مالك عن الزهري عن عطاء بن يزيد عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا سمعتم النداء فقولوا مثل ما يقول المؤذن".

قال: وفي الباب عن أبي رافع وأبي هريرة وأم حبيبة وعبد الله بن عمرو وعبد الله بن ربيعة وعائشة ومعاذ بن أنس ومعاوية.

قال أبو عيسى: حديث أبي سعيد حديث حسن صحيح.

وهكذا روى معمر وغير واحد عن الزهري مثل حديث مالك وروى عبد الرحمن بن إسحاق عن الزهري هذا الحديث عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم. ورواية مالك أصح.

* الكلام عليه:

أخرجه البخاري ومسلم.

وكقول الترمذي في ترجيح رواية مالك قال ابن أبي حاتم في "علله"، قال الدارقطني: حدث به إسحاق بن إبراهيم الحنيني عن مالك عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد ووهم فيه على مالك. والصحيح عن مالك عن الزهري عن عطاء بن يزيد الليثي عن أبي سعيد.

وكذلك رواه أصحاب "الموطأ" والحفاظ عن مالك عن الزهري وكذلك رواه يونس ومعمر عن الزهري عن عطاء بن يزيد عن أبي سعيد وخالفهم عبد الرحمن بن إسحاق وهو عباد فرواه عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة ولا يصح فيه سعيد والصحيح ما ذكرناه.

ص: 125

قال أبو عمر: إن المغيرة رواه عن مالك عن الزهري عن سعيد بن المسيب وعطاء بن يزيد الليثي جميعًا عن أبي سعيد الخدري ولم يذكر سعيدًا في إسناد هذا الحديث غيره.

وقد روي هذا الحديث عن مسدد عن يحيى القطان عن مالك عن الزهري عن السائب بن يزيد عن النبي صلى الله عليه وسلم وذلك خطأ من كل من رواه بهذا الإسناد عن مسدد أو غيره ولا يعرف فيه ويحفظ إلا حديث الزهري عن عطاء بن يزيد عن أبي سعيد الخدري وهو الصحيح [فيه] والله أعلم (1).

وأما حديث أبي رافع فعند النسائي من حديث شريك ........... (2) عن أبي رافع قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سمع المؤذن قال مثل ما يقول حتى إذا بلغ حي على الصلاة حي على الفلاح قال: "لا حول ولا قوة إلا بالله".

وأما حديث أبي هريرة فعند النسائي (3) أيضًا عنه قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقام بلال ينادي فلما سكت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من قال مثل هذا يقينًا دخل الجنة".

وحديث أم حبيبة عند الطحاوي وابن عبد البر من طريق أبي بشر عن أبي المليح عن عبد الله بن عتبة عن عمته أم حبيبة بنت أبي سفيان قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كان عندي فسمع المؤذن قال كما يقول حتى يسكت. لفظ أبي عمر.

(1)"التمهيد"(10/ 134 - 135) والزيادة بين المعقوفتين منه.

(2)

رواه النسائي (9869) في "الكبرى" عن شريك عن عاصم بن عبيد الله عن علي بن الحسين عن أبي رافع.

وضعف إسناده الشيخ الألباني في "الثمر"(1/ 179) لكنه ذكره ضمن شواهد احتج بها، بعضها في الصحيح، فهو صحيح لغيره.

(3)

انظر "المجتبى"(674)، وحسنه الألباني، وذكر له شواهد في "الثمر"(1/ 174).

ص: 126

وحديث عبد الله بن عمرو: أن رجلًا قال: يا رسول الله إن المؤذنين يفضلوننا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"قل كما يقولون فإذا انتهيت فسل تعطه".

رواه أبو داود والنسائي.

وحديث عبد الله بن رُبَيّعة -بضم الراء المهملة وفتح الباء ثاني الحروف وتشديد الياء آخر الحروف وبعدها عين مهملة وهاء- روى شعبة عن الحكم عن ابن أبي ليلى عن عبد الله بن ربيّعة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سمع رجلًا يؤذن في سفر فقال: الله أكبر الله أكبر، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"الله أكبر الله أكبر" فقال: أشهد أن لا إله إلا الله، قال:"أشهد أن لا إله إلا الله" قال: أشهد أن محمدًا رسول الله، قال:"أشهد أن محمدًا رسول الله" رواه النسائي في "اليوم والليلة".

وحديث عائشة: روى هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا سمع المؤذن يتشهد قال: "وأنا"، أخرجه أبو داود عن إبراهيم بن مهدي عن علي بن مسهر عنه.

وحديث معاذ بن أنس روينا عن أبي الشيخ بن حيان ثنا محمد بن يعقوب بن أبي يعقوب نا أبو كريب نا رشدين بن سعد عن زبان بن فائد عن سهل بن معاذ بن أنس عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا سمعتم المؤذن يثوب بالصلاة فقولوا كما يقول".

وحديث معاوية أخرجه النسائي من رواية الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير عن محمد بن إبراهيم عن عيسى بن طلحة قال: كنا عند معاوية فلما قال المؤذن: الله أكبر، قال هو: الله أكبر فلما قال: أشهد أن لا إله إلا الله، قال: وأنا أشهد أن لا إله إلا الله، فلما قال: أشهد أن محمدًا رسول الله، قال معاوية: وأنا أشهد، ثم

ص: 127

قال: هكذا سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم.

محمد بن إبراهيم هو التيمي.

وروى البخاري من حديث أبي أمامة أسعد بن سهل بن حنيف قال: سمعت معاوية بن أبي سفيان وهو جالس على المنبر أذن المؤذن قال: الله أكبر الله أكبر، قال معاوية: الله أكبر الله أكبر، قال: أشهد أن لا إله إلا الله، فقال معاوية: وأنا، قال: أشهد أن محمدًا رسول الله، قال معاوية: وأنا، فلما أن قضى التأذين قال: يا أيها الناس إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم على هذا المجلس من المنبر حين أذن المؤذن يقول ما سمعتم مني من مقالتي.

وفي رواية أنه لما قال: حي على الصلاة قال: لا حول ولا قوة إلا بالله ثم قال: هكذا سمعنا نبيكم يقول. رواه البخاري.

وفي الباب مما لم يذكره عن عمر بن الخطاب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "وإذا قال المؤذن الله أكبر الله أكبر فقال أحدكم الله أكبر الله أكبر، ثم قال أشهد أن لا إله إلا الله قال أشهد أن لا إله إلا الله، ثم قال أشهد أن محمد رسول الله قال أشهد أن محمد رسول الله، ثم قال حي علي الصلاة قال لا حول ولا قوة إلا بالله، ثم قال حي على الفلاح قال لا حول ولا قوة إلا بالله، ثم قال الله أكبر الله أكبر قال الله أكبر الله أكبر ثم قال لا إله إلا الله قال لا إله إلا الله دخل الجنة" رواه مسلم.

وعن سعد بن أبي وقاص عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "من قال حين يسمع المؤذن أشهد أن لا إله لا الله وحده لا شريك له وأن محمدًا عبده ورسوله رضيت بالله ربًا وبمحمد رسولًا وبالإسلام دينًا غفر الله ذنبه". وراه مسلم.

وعن جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من قال حين يسمع النداء اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة آت محمد الوسيلة والفضيلة وابعثه

ص: 128

مقامًا محمودًا الذي وعدته حلت له شفاعتي يوم القيامة".

وعن عبد الله بن مسعود من طريق الحكم بن طاهر عن عاصم عن زر عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا إذن المؤذن فقال: الله أكبر الله أكبر قال النبي صلى الله عليه وسلم: "الله أكبر الله أكبر" فإذا قال: أشهد أن لا إله إلا الله قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أشهد أن لا إله إلا الله" فإذا قال: أشهد أن محمد رسول الله قال: "قال أشهد أن محمد رسول الله" ثم يسكت.

قال الأثرم: حديث الحكم بن طاهر واهٍ، كأنه يعله بالحكم فقد تكلموا فيه.

وروينا عن أبي محمد بن حيان بالسند المتقدم إليه ثنا ابن الطهراني ثنا أحمد بن محمد بن المعلى ثنا حفص بن عمّار عن مبارك بن فضالة عن الحسن عن أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا سمع المؤذن قال كما يقول وأنه كان يقول إذا بلغ حي على الفلاح: "لا حول ولا قوة إلا بالله".

وبه إلى ابن حيان أيضًا قال نا محمد بن إبراهيم بن شبيب نا سليمان بن داود نا أبو محمد الحسن البجلي عن عبد الله بن أبي المجالد عن وراد عن المغيرة بن شعبة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من قال حين يؤذن المؤذن مثل قوله غفر له".

وبه قال نا أبو سعيد الواسطي نا أحمد بن عبد المؤمن المصري نا ابن وهب عن عمرو بن الحارث عن سعيد بن أبي هلال عن يحيى بن عبد الرحمن أنه حدثه عن عون بن عبد الله عن يوسف بن عبد الله بن سلَّام عن أبيه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم نداءً وهو يشهد أن لا إله إلا الله فقال: "وأنا أشهد، لا يشهد بها أحد إلا برئ من النار".

قال أبو عمر: اختلف العلماء في معنى هذا الحديث بعد إجماعهم على

ص: 129

صحته. فذهب قوم إلى أن الذي سمع النداء يقول مثل ما يقول المؤذن من أول الأذان إلى آخره.

وحجتهم حديث الباب وما في معناه.

وقال آخرون: يقول مثل ما يقول المؤذن في كل شيء إلا في قوله حي على الصلاة وفي قوله حي على الفلاح فإنه إذا سمع المؤذن ينادي بذلك يقول لا حول ولا قوة إلا بالله ثم يتم الأذان معه إلى آخره، واحتجوا بحديث عمر بن الخطاب الذي تقدم وما في معناه وإليه ذهب الشافعي تقديمًا لخصوص الجواب بالحوقلة على عموم حديث الجواب المماثلة، وفيه من المعنى أن الكلمات الخارجة عن الحيعلة يحصل ثوابها بذكرها فيشترك السامع والمؤذن في ثوابها إذا حكاها السامع، وأما الحيعلة فمقصودها الدعاء إلى الصلاة وذلك يحصل من المؤذن وحده فعوض السامع عن ذلك الثواب الذي يحصل للمؤذن بالحيعلة بالثواب الذي يحصل له بالحوقلة وسنتكلم على مدلول لفظة الحيعلة والحوقلة في آخر الباب إن شاء الله.

وقال آخرون: يقول مثل ما يقول المؤذن حتى يبلغ حي على الصلاة حي على الفلاح فيقول لا حول ولا قوة إلا بالله بدل كل كلمة منها مرتين مرتين على حسب ما يقول المؤذن ثم لا يزيد على ذلك وليس عليه أن يختم الأذان.

واحتجوا بحديث معاوية الذي ذكرناه.

وقال آخرون: إنما يقول مثل ما يقول المؤذن في التكبير والشهادتين لا غير واحتجوا بما روى أبو أمامة بن سهل بن حنيف قال: سمعت معاوية إذا كبر المؤذن اثنتين كبر اثنتين فإذا شهد أن لا إله إلا الله اثنتين شهد اثنتين وإذا شهد أن محمدًا رسول الله اثنتين شهد اثنتين ثم التفت إلي.

فقال: هكذا سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول عند الأذان.

ص: 130

وقال آخرون: إنما يقول مثل ما يقول المؤذن في التشهد دون التكبير ودون سائر الأذان واحتجوا بحديث رواه الزهري عن ابن المسيب عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا سمعتم المؤذن يتشهد فقولوا مثل قوله"، وبحديث سعد بن أبي وقاص الآتي بعد هذا ولفظه:"من قال حين يسمع المؤذن وأنا أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدًا عبده ورسوله رضيت بالله ربًا وبمحمد رسولًا وبالسلام دينًا غفر له".

ومن قال بهذا الحديث يقول إنه لا يلزم من سمع المؤذن أن يأتي بألفاظه إذا أتي (1) بمعناه من التشهد والإخلاص والتوحيد.

ومن حجة من ذهب هذا المذهب أيضًا حديث عائشة أنه عليه السلام كان إذا سمع المؤذن يتشهد قال: "وأنا وأنا"، والمشهور في هذه المتابعة أنها سنة ليست بواجبة وحكى الطحاوي خلافًا لبعض السلف في إيجابها.

قال أصحابنا: ويستحب لسامع المؤذن أن يتابعه في ألفاظ الأذان ويقول في الحيلتين لا حول ولا قوة إلا بالله ويقول إذا سمع المؤذن لصلاة الصبح يقول الصلاة خير من النوم استحب له أن يقول: صدقت وبررت هذا هو المشهور وحكى الرافعي وجهان: أنه يقول صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة خير من النوم ويستحب أن يتابعه في ألفاظ الإقامة إلا أنه يقول في كلمة الإقامة: أقامها الله وأدامها هكذا قطع به الأصحاب إلا الغزالي فحكى في "البسيط" عن صاحب "التقريب" وجهًا أنه لا يستحب متابعته إلا في كلمة الإقامة وهذا شاذ ضعيف.

(1) كذا الأصل، وفوقها إشارة إلى الهامش، وفيه: بل، وعليها علامة الصحة. فهل يكون: إذا أتى بل بمعناه!! لا يكون. والله أعلم.

وفي نسخة السندي كذلك، وأظن صوابه: بألفاظه ذاتها، بل بمعناه من

والله أعلم.

ص: 131

ويستحب لمن يتابع المؤذن أن يتابعه في كل كلمة عقيب فراغ المؤذن منها ولا يؤخر ذلك عن فراغه من الكلمة لما تقتضيه الفاء من التعقيب في قوله: إذا سمعتم النداء فقولوا، فإن قيل: النداء حقيقة يطلق على مجموع الأذان فليكن الشروع في الإجابة عند تمام الأذان ولم يقولوا به، فيقال في الجواب عنه: قَدْ بُيّن لنا إن هذه الحقيقة غير مرادة، والأحاديث التي تضمنت الإجابة كلمة كلمة قولًا وفعلًا كما في حديث عمر وابن مسعود وغيرهما، ويستحب متابعته لكل سامع من طاهر ومحدث وجنب وحائض وكبير وصغير ويستثنى من هذا المصلي ومن هو على الخلاء والجماع على اختلاف في المصلي بين السلف وتفصيل لمتقدمي العلماء ومتأخريهم سنذكره.

فإذا فرغ ذو الخلاء والجماع مما كانا فيه تابع كل منهما، صرح به الماوردي، وكذا إذا كان السامع في قراءة أو ذكر أو درس علم أو نحو ذلك فإنه يقطع ما هو فيه ويتابع المؤذن ثم إن شاء رجع إلى ما كان عليه.

مسألة: سامع المؤذن وهو في الصلاة، المنقول عن الشافعي وأصحابه أنه لا يتابعه في الصلاة فرضًا كانت أو نفلًا فإذا فرغ منها قاله.

وحكى الخراسانيون في استحباب متابعته إياه وهو في الصلاة قولًا شاذًا.

فإذا قلنا على المذهب أنه لا يتابعه فتابعه فقولان أصحهما أنه يكره والثاني أنه خلاف الأولى وقيل إنه مباح لا يستحب فعله ولا تركه وهذا اختيار الشيخ أبي علي السنجي وإمام الحرمين والمذهب كراهته.

فإذا تابعه في ألفاظ الأذكار وقال في الحيعلتين لا حول ولا قوة إلّا بالله لم تبطل صلاته لأنها أذكار والصلاة لا تبطلها الأذكار. وإن أتى في متابعة الحيعلتين بحكايتهما نصًّا فهو كلام آدمي، فإن كان عالمًا بأنه في الصلاة وأن هذا كلام آدمي

ص: 132

بطلت صلاته وإن كان ناسيًا للصلاة لم تبطل.

وإن كان عالمًا بالصلاة جاهلًا بأن ذلك كلام آدمي وأنه ممنوع منه ففي بطلان صلاته وجهان حكاهما القاضي حسين.

أصحهما لا تبطل وبه قطع الأكثرون.

قالوا: ويسجد للسهو الناسي، وكذا الجاهل إذا لم تبطلها لأنه تكلم في صلاته ناسيًا.

قال القاضي حسين: ولو قال في متابعته في التثويب: صدقت وبررت فهو كقوله حي على الصلاة لأنه كلام آدمي.

وقال: كذا لو قال مثله الصلاة خير من النوم ولو قال صدق رسول الله لم تبطل ولو قال قد قامت الصلاة بطلت صلاته كما لو قال حضرت الصلاة.

ولو قال أقامها الله وأدامها لم تبطل واتفقوا على أنه لا يتابعه إذا كان في قراءة الفاتحة فلو تابع وجب استئناف القراءة بخلاف ما لو أمّن فيها لتأمين الإمام فإنه لا يوجب الاستئناف على الأصح، لأن التأمين مستحب.

قال أبو إسحاق: وليس التأكيد في متابعة المؤذن بعد فراغ المصلي كالتأكيد في متابعة من ليس هو في صلاة.

قال صاحب "الحاوي": ولو سمعه وهو في طواف تابعه وهو على طوافه، لأن الطواف لا يمنع الكلام.

وقال مالك: إذا أذن وأنت في صلاة مكتوبة فلا تقل مثل ما يقول، وإذا كنت في نافلة فقل مثل ما يقول: التكبير والتشهد فإنه يقع في نفسي أنه الذي أريد بالحديث، هذه رواية ابن القاسم ومذهبه.

ص: 133

وقال ابن وهب من رأيه: يقول المصلي ما يقول المؤذن في المكتوبة والنافلة.

وقال سحنون: لا يقول ذلك في مكتوبة ولا نافلة.

وقال الليث مثل قول مالك.

ويقول في موضع حي على الصلاة حي على الفلاح لا حول ولا قوة إلا بالله.

وذكر ابن خويز منداد عن مالك أنه قال: يجوز أن يقول المصلي في صلاة النافلة مثل ما يقول المؤذن من التكبير والشهادتين، فإن قال حي على الصلاة حي على الفلاح الأذان كله كان مسيئًا وصلاته تامة.

وكره أن يقول في الفريضة مثل ما يقول المؤذن فإن قال الأذان كله في الفريضة أيضًا لم تبطل صلاته ولكن الكراهية في الفريضة أشد.

وقال أبو جعفر الطحاوي: لم أجد عن أصحابنا في هذا شيئًا منصوصًا.

وقد حدثنا ابن أبي عمران عن أبي سماعة عن أبي يوسف فيمن أذن صلاته إلى قوله أشهد أن محمدًا رسول الله ولم يقل حي على الصلاة أن صلاته لا تفسد إن أراد الأذان في قول أبي يوسف.

وفي قول أبي حنيفة يعيد إذا أراد الأذان.

قال أبو جعفر: وقول محمد كقول أبي حنيفة، لأنه يقول فيمن يجيب إنسانًا وهو يصلي بلا إله إلا الله أن صلاته فاسدة.

قال أبو جعفر: فهذا يدل على أن من قولهم إن من سمع الأذان وهو في الصلاة لا يقوله.

ص: 134

مسألة:

إذا سمع مؤذنًا بعد مؤذن، هل يختص استحباب المتابعة بالأول أم يستحب متابعة كل مؤذن؟ فيه خلاف بين السلف حكاه القاضي عياض.

فمن رأى الاقتصار على الإجابة الأولى فحجته أن الأمر لا يقتضي التكرار، قاله بعض المتأخرين.

ويلزمه على ذلك أن يكتفي في الاستحباب بإجابة المؤذن مرة واحدة في العمر، وليس كذلك.

مسألة:

قال الشيخ محيي الدين النووي رحمه الله تعالى: لم أبي لأصحابنا كلامًا في أنه هل يستحب متابعة المؤذن في الترجيع أم لا؟ ويحتمل أن يقال لا يستحب لأنه لا يسمعه.

ويحتمل أن يقال: يستحب لقوله صلى الله عليه وسلم: "فقولوا مثل ما يقول" ولم يقل فقولوا مثل ما تسمعون، والترجيع مما يقوله وهذا الاحتمال أظهر وأحوط.

مسألة:

في الحديث دليل على أن المماثلة لا تقتضي المساواة من كل وجه لاتفاقهم على أنه لا يلزم المجيب أن يرفع صوته كما يفعل المؤذن ولا غير ذلك.

الكلام في تفسير الحيعلة والحوقلة:

قال أبو عمر المطرز في كتاب "اليواقيت": الأفعال التي أخذت من أسمائها سبعة وهي:

- بسمل إذا قال: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ.

ص: 135

- وسبحل إذا قال: سبحان الله.

- وحوقل إذا قال: لا حول ولا قوة إلا بالله.

- وحيعل إذا قال: حي على الفلاح.

- وحمدل إذا قال: الحمد لله.

- وهلل إذا قال: لا إله إلا الله.

- وجعفل إذا قال: جُعلتُ فداءَك.

قال: وتجيء على القياس الحيصلة إذا قال حي على الصلاة.

ولم يذكره عن غيره.

زاد الثعالبي الطبقلة إذا قال: أطال الله بقاءك.

والدمعزة إذا قال: أدام الله عزك.

قال ابن الأنباري: ومعنى حيّ في كلام العرب هلمّ وأقبل، ويقال بلفظ واحد للواحد والجميع.

وهي من أسماء الأفعال. وفتحت الياء من حي لسكونها وسكون التي قبلها، كما قالوا ليت.

وفيها لغات: حَيَّ، وحَيَّهَلا غير منون، وحَيَّهَلْ ساكنة اللام.

قال: ولقد تسمع قولي حَيَّهَلْ.

ومنه قول عبد الله بن مسعود: إذا ذكر الصالحون فحيهلا بعمر أي: أقبلوا على ذكر عمر.

وقيل: قياس المطرز الحيصلة على الحيعلة غير صحيح، بل الحيعلة تطلق على

ص: 136

حي على الصلاة، وعلى حي على الفلاح، وهذا ظاهر لأنه كما أن الحيعلة في حي على الفلاح ليس فيها شيء من حروف الفلاح كذلك الحيعلة في حي على الصلاة ليس فيها شيء من لفظ الصلاة وإنما هي مركبة من حيّ وعلى.

ولو كان كذلك لكان حق حي على الفلاح أن تكون الحيفلة وليس كذلك.

والفلاح الفوز والنجاة وإصابة الخير، قالوا وليس في كلام العرب كلمة أجمع للخير من لفظة الفلاح.

ويقال الحوقلة والحولقة: وهي لا حول ولا قوة إلا بالله، فتكون اللام في الحوقلة من اسم الله تعالى، وأما في الحوقلة فمن الحول والحول والقوة ليسا بمترادفين.

فالقوة القدرة على الشيء، والحول الاعتمال في تحصيله والمحاولة له، وقد نقلت فيها لغة ضعيفة لا حيل بالياء ولا قوة إلا بالله.

* * *

ص: 137