الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
58 - باب ما جاء في الرجل يصلي مع الرجلين
حدثنا بندار محمد بن بشار ثنا ابن أبي عدي قال أنبأنا إسماعيل بن مسلم عن الحسن عن سمرة بن جندب قال: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كنا ثلاثة أن يتقدمنا أحدنا.
قال أبو عيسى: وفي الباب عن ابن مسعود وجابر وأنس بن مالك: قال وحديث سمرة حديث غريب.
والعمل على هذا عند أهل العلم قالوا: إذا كانوا ثلاثة قام رجلان خلف الإمام.
وروي عن ابن مسعود أنه صلى بعلقمة والأسود وأقام أحدهما عن يمينه والآخر عن يساره، ورواه عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وقد تكلم بعض الناس في إسماعيل بن مسلم من قبل حفظه.
" الكلام عليه:
حديث ابن مسعود عند أبي داود من طريق الأسود بن يزيد النخعي قال: استأذن علقمة والأسود على عبد الله، وقد كنا أطلنا القعود على بابه فخرجت الجارية فاستأذنت لهما فأذن لهما ثم قام فصلى بيني وبينه ثم قال: هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فعل.
وأخرجه النسائي وفي إسناده هارون بن عنترة وقد تكلم فيه بعضهم.
قال أبو عمر: هذا الحديث لا يصح رفعه والصحيح فيه عندهم التوقيف على ابن مسعود أنه كذلك صلى بعلقمة والأسود، وهذا الذي أشار إليه أبو عمر فقد أخرجه مسلم في "صحيحه": أن ابن مسعود صلى بعلقمة والأسود وهو موقوف.
وقال بعضهم: حديث ابن مسعود منسوخ لأنه إنما تعلم هذه الصلاة من النبي صلى الله عليه وسلم وهو بمكة وفيها التطبيق وأحكام أخر هي الآن متروكة وهذا الحكم من جملتها فلما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة تركه.
وأما حديث جابر فعند مسلم عن جابر بن عبد الله قال: سرنا مع رسول الله
صلى الله عليه وسلم حتى إذا كان عشيشية ودنونا من ماء من مياه العرب قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"من يتقدمنا فيمدر الحوض فيشرب ويسقينا" قال جابر: فقمت فقلت: هذا رجل يا رسول الله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أي رجل مع جابر" فقام جبار بن صخر فانطلقنا إلى البئر فنزعنا في الحوض سجلًا أو سجلين ثم مدرناه ثم نزعنا فيه حتى أفهقناه فكان أول طالع علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفيه: ثم جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فتوضأ فيه ثم قمت فتوضأت من متوضأ رسول الله صلى الله عليه وسلم فذهب جبار بن صخر يقضي حاجته فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم ليصلي ثم جئت حتى قمت عن يسار رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذ بيدي فأدارني حتى أقامني عن يمينه ثم جاء جبار بن صخر فتوضأ ثم جاء فقام عن يسار رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذ بأيدينا جميعًا فدفعنا حتى أقامنا خلفه وكان هذا في غزوة تبوك.
وحديث أنس الذي أشار إليه يأتي في الباب الذي يلي هذا إن شاء الله تعالى.
وأما حديث الباب فقد استغربه الترمذي فقط فيما وقفت عليه وذكر ابن عساكر في "الأطراف" أنه قال فيه: حسن غريب.
وذكر ابن العربي أنه ضعفه، ولم نجده، إلا إن أراد بذلك تضعيف إسماعيل بن مسلم راويه، فقد يمكن (1).
(1) كذا الأصلين.
وأخرج من إسناده إسماعيل بن مسلم.
وحكى عن بعض الناس أنه تكلم فيه من قبل حفظه وهو إسماعيل بن مسلم المكي أصله بصري سكن مكة وكان فقيهًا مفتيًا، ونسب المكي لكثرة مجاورته بمكة.
روى عن أبي رجاء العطاردي والحسن والزهري وعمارة بن القعقاع وقتادة وحماد بن أبي سليمان وعمرو بن دينار وعطاء بن أبي رباح ومحمد بن المنكدر.
روى عنه الأعمش والأوزاعي والثوري وشريك وابن المبارك وعلي بن مسهر وعبد الوهاب بن عطاء الخفاف.
قال البخاري: تركه ابن المبارك وربما روى عنه.
وقال يحيى بن سعيد: لم يزل مختلطًا وكان يحدث بالحديث الواحد على ثلاثة أضرب.
وقال أحمد بن حنبل: هو منكر الحديث.
وقال عمرو بن علي: كان يحيى وعبد الرحمن لا يحدثان عنه.
وقال يحيى بن معين: لا شيء.
وقال أبو حاتم: ضعيف الحديث يكتب حديثه ليس بمتروك.
وقال علي بن المديني: ليس بشيء، وقال مرة: ضعيف لا يكتب حديثه أجمع أصحابنا على ترك حديثه.
وقال أبو زرعة: ضعيف الحديث.
وقال سفيان: كان يخطئ في الحديث.
وقال النسائي وعلي بن الجنيد: متروك الحديث.
وقال السعدي: هو واهٍ جدًّا.
وقال عمرو بن علي: كان ضعيفًا في الحديث يهم فيه وكان صدوقًا كثير الغلط يحدث عنه من لا ينظر في الرجال.
وقال ابن عدي: أحاديثه غير محفوظة إلا أنه ممن يكتب حديثه.
وفيه مع ما ذكر من حال إسماعيل بن مسلم علتان:
الأولى: ابن أبي عدي رواه عن إسماعيل بصيغة تحتمل الإجازة لقوله فيه: أنبأنا إسماعيل.
الثاني: الاختلاف في سماع الحسن من سمرة فقد أنكر مطلقًا وقدح يحيى بن معين في إسناد الخبر الذي فيه قيل للحسن ممن سمعت حديث العقيقة فقال: من سمرة، ومن الناس من أثبته مطلقًا، ومنهم وهم الأكثرون من يرى روايته عنه حديث العقيقة سماعًا وما عداه كتابة.
وقد رويناه من طريق الطبراني من حديث غير ابن أبي عدي عن إسماعيل قال: أنا أحمد بن علي الأبار نا عبد الرحمن بن بكر بن الربيع قال: نا محمد بن حمران عن إسماعيل بن مسلم به.
محمد بن حمران قال أبو حاتم: صالح.
وقال أبو زرعة: محله الصدق.
فذهب التعليل بالانقطاع المحتمل بين ابن أبي عدي وإسماعيل.
ورويناه أيضًا عن سمرة من غير طريق الحسن، قال الطبراني: ثنا موسى بن هارون ثنا مروان بن جعفر السمري ثنا محمد بن إبراهيم بن خُبيب بن سليمان بن سمرة ثنا جعفر بن سعد بن سمرة عن خبيب بن سليمان بن سمرة عن أبيه عن سمرة فذكره.
وقال: أيضًا ثنا عبد الله بن أحمد نا دحيم نا يحيى بن حسان نا سليمان بن موسى ثنا جعفر بن سعد بن سمرة قال: حدثني خبيب بن سليمان عن أبيه سليمان عن سمرة بن جندب قال: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أدركنا الصلاة ونحن ثلاثة أو أكثر من ذلك أن نقدم لنا رجلًا منا فيكون إمامًا وإن كنا اثنين أن نصف جميعًا. ولفظ الذي قبله مثله.
هذا إسناد لا بأس به وأقل مراتبه أن يكون حسنًا.
جعفر بن سعد بن سمرة مستور الحال.
روى عنه سليمان بن موسى ومحمد بن إبراهيم بن خبيب بن سليمان وعبد الجبار بن العباس الشبامي وغيرهم.
روى له أبو داود ولم نقف على جرح فيه.
وخبيب وأبوه سليمان وثقهما ابن حبان.
ومن عداهم فأشهر من أن يعرف بحاله في الإسناد الثاني للطبراني، وللأول متابع له يعضده فسقط بهذا أيضًا التعليل بالانقطاع المختلف فيه بين الحسن وسمرة وتبين أن متن الحديث روي من غير وجه وأن الغرابة فيه إنما تتعلق بالإسناد أو بعضه من الوجه الذي ذكره فليست مما يوثر فيه وهنًا وليس للأفراد إذا كانوا ثلاثة أن يتقدمهم أحدهم مفهوم خطاب لأنه إذا كانا اثنين أمهما أحدهما ولعله إنما خص الثلاثة بالذكر لأنه سئل عنهم والله أعلم.
فيه أن موقف الرجلين مع الإمام في الصلاة خلفه وبه قال عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب وابن عمر وجابر بن زيد والحسن وعطاء وإليه ذهب مالك والشافعي وغيرهما وقالت طائفة: يقف الإمام بينهما روي ذلك عن ابن مسعود وقد تقدم، وبه قال النخعي وأبو حنيفة وجماعة من فقهاء الكوفة وليس ذلك شرطًا عند
أحد منهم ولكن الخلاف في الأولى والأحسن وهذا حكمهم في الشروع، أما إذا أحرم الإمام ومعه رجل فسبيله أن يقف عن يمينه عند الجمهور كما تقدم.
قال أصحابنا: ثم إن حضر آخر وقف على يساره وأحرم ثم يتقدم الإمام أو يتأخر المأمومان إن أمكن وأيهما أولى فيه وجهان:
أحدهما: وبه قال القفال أن تقدمه أولى لأنه يبصر ما بين يديه فيعرف كيف يتقدم وأصحهما ولم يذكر الأكثرون سواه أن تأخرهما أولى لأن النبي عليه السلام أخر جابرًا وجبار بن صخر فدفعهما حتى أقامهما خلفه كما سبق وإن لم يمكن التقدم والتأخر لضيق المكان من أحد الجانبين حافظوا على الممكن هذا في القيام أما إذا لحق الثاني في التشهد أو في السجود فلا تقدم ولا تأخر حتى يقوموا.
* * *