الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
106 - باب منه أيضًا
ثنا محمد بن يحيى النيسابوري ثنا عمرو بن أبي سلمة عن زهير بن محمد عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يسلم في الصلاة تسليمة واحدة تلقاء وجهه يميل إلى الشق الأيمن شيئًا.
قال: وفي الباب عن سهل بن سعد.
قال أبو عيسى: وحديث عائشة لا نعرفه مرفوعًا إلّا من هذا الوجه.
قال محمد بن إسماعيل: زهير بن محمد أهل الشام يروون عنه مناكير ورواية أهل العراق عنه أشبه.
قال محمد: وقال أحمد بن حنبل: كأن زهير بن محمد الذي وقع عندهم ليس هو الذي يروى عنه بالعراق وكأنه رجل آخر قلبوا اسمه.
قال أبو عيسى: وقد قال به بعض أهل العلم: في التسليم في الصلاة، وأصح الروايات عن النبي تسليمتين، وعليه أكثر أهل العلم من أصحاب النبي والتابعين ومن بعدهم. ورأى قوم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم والتابعين وغيرهم تسليمة واحدة في المكتوبة، قال الشافعي: إن شاء سلم تسليمة وإن شاء سلم تسليمتين.
* الكلام عليه:
حديث ابن مسعود في التسليمتين رواه مسلم في "صحيحه" ورواه الإمام أحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجه، ولفظ مسلم عن أبي معمر: أن أميرًا كان بمكة يسلم تسليمتين فقال عبد الله يعني ابن مسعود: أنّى علقها إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يفعله.
وحديث سعد بن أبي وقاص قال: كنت أرى رسول الله صلى الله عليه وسلم يسلم عن يمينه وعن يساره حتى أرى بياض خده. رواه مسلم.
وحديث جابر بن سمرة عند مسلم قال: كنا إذا صلينا مع النبي صلى الله عليه وسلم قلنا: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وأشار بيده إلى الجانبين فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: "علام تومئون بأيديكم كأنها أذناب خيل شمس وإنما يكفي أحدكم أن يضع يده على فخذه ثم يسلم على أخيه من على يمينه ومن على شماله".
وحديث وائل قال: صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم فكان يسلم عن يمينه السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وعن شماله السلام عليكم ورحمة الله.
ورويناه من طريق أبي داود ثنا عبدة بن عبد الله قال ثنا يحيى بن آدم ثنا موسى بن قيس الحضرمي عن سلمة بن كهيل عن علقمة بن وائل عن أبيه فذكره، موسى بن قيس وثقة ابن معين وغيره.
وحديث عمار بن ياسر روينا من طريق ابن ماجه عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسلم عن يمينه وعن يساره حتى يرى بياض خده السلام عليكم ورحمة الله السلام عليكم ورحمة الله.
وحديث ابن عمر روينا من طريق النسائي ثنا الحسن بن محمد الزعفراني عن حجاج قال ابن جريج: أنا عمرو بن يحيى عن محمد بن يحيى بن حبان عن عمه واسع أنه سأل عبد الله بن عمر عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: الله أكبر كلما وضع الله أكبر كلما رفع ثم يقول: السلام عليكم ورحمة الله عن يمينه السلام عليكم ورحمة الله عن يساره.
ومن طريق النسائي أيضًا بسندنا إليه قال: أنا قتيبة ثنا عبد العزيز الدراوردي عن عمرو بن يحيى عن عمه واسع بن حبان قال: قلت لابن عمر: أخبرني عن
صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف كانت؟ قال: فذكر التكبير قال: يعني والسلام عليكم ورحمة الله عن يمينه السلام عليكم عن يساره.
وحديث البراء ذكره ابن أبي شيبة في مصنفه ثنا وكيع عن حريث عن الشعبي عن البراء أن النبي عليه السلام كان يسلم عن يمينه وعن شماله السلام عليكم ورحمة الله حتى يرى بياض خده.
وحديث عدي بن عميرة [أخرجه أحمد](1).
وفي الباب أيضًا عن سهل بن سعد الساعدي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يسلم في صلاته عن يمينه وعن شماله حتى يرى بياض خديه. رواه الإمام أحمد.
وفيه عن أبي موسى الأشعري قال: صلّى بنا علي يوم الجمل صلاةً ذكرنا صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإما أن نكون نسيناها وإما أن نكون تركناها فسلم عن يمينه وعن شماله. رواه ابن ماجه.
وفيه عن حذيفة بن اليمان قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسلم عن يمينه وعن يساره حتى يرى بياض خده السلام عليكم ورحمة الله السلام عليكم ورحمة الله رواه ابن ماجه. قد ذكر فيه البيهقي عن واثلة ابن الأسقع وعبد الله بن زيد.
وأما الباب الثاني ففيه حديث عائشة وهو عند ابن ماجه وقد بيّن صاحب الكتاب ضعفه وأخرجه الحاكم في المستدرك وقال: صحيح على شرط البخاري ومسلم ورده أبو عمر بزهير بن محمد وقال: لم يرفعه غيره عن هشام بن عروة وهو ضعيف عند الجميع كثير الخطأ لا يحتج به.
قال أبو الفتح: ولا ينتهي زهير إلى هذه الدرجة في التضعيف فقد قال
(1) زيادة من السندي. وعقبها بياض مقدار سطر، وفي الأصل بياض أربع أسطر.
أحمد: مستقيم الحديث وقال صالح بن محمد: ثقة صدوق وقال موسى بن هارون: أرجو أنه صدوق.
وقال الدارمي: عثمان ثقة له أغاليط كثيرة، هذا عن الحاكم من "تاريخ نيسابور" له، ووثقه ابن معين وقال: مرة صالح وقال أبو حاتم: محله الصدق وفي حفظه سوء وكان حديثه بالشام أنكر من حديثه بالعواق لسوء حفظه وما حدث من حفظه فهو أغاليط.
قال ابن عدي: ولعل أهل الشام حيث رووا عنه أخطأوا عليه، فإنه إذا حدث عنه أهل العراق فرواياتهم عنه شبيهة بالمستقيمة، وأرجو أنه لا بأس به، ومن كان بهذه المثابة فلا يقال فيه ضعيف عند الجميع، وقد أخرج له البخاري ومسلم.
وكذلك عمرو بن أبي سلمة رواية عنه بأن الشافعي يروي عنه عن لا بأس به، ومن كان بهذه المثابة فلا يقال فيه ضعيف عند الجميع، وقد أخرج له البخاري ومسلم، وكذلك عمرو بن أبي سلمة رواية عنه بأن الشافعي يروي عنه عن الأوزاعي، وإذا لم يصرح باسمه قال: ثنا الثقة عن الأوزاعي يريده. وفيما رويته عن والدي رحمه الله عن أبي الحسين بن السراج أنا ابن بشكوال عن أبي محمد بن غياث أنا ابن عبد البر أنا أبو القاسم خلف بن القاسم الحافظ أنا أحمد بن محمد بن الحجاج بن رشدين ثنا أحمد بن صالح المصري في "تاريخه" قال: عمرو بن أبي سلمة هذا كان حسن المذهب عنده شيء سمعه من الأوزاعي وشيء عرضه عليه وشيء أجازه له فكان يقول فيما سمع: (ثنا الأوزاعي) ويقول في الباقي: الأوزاعي.
وقد وثقه ابن حبان وهو دمشقي سكن تنيس يروي عن الأوزاعي ولسعيد بن عبد العزيز وغيرهما، ذكره ابن يونس وقال: مات بتنيس سنة ثلاث عشرة. وقال أبو زرعة الدمشقي: سنة أربع عشرة يعني ومائتين.
وقد اختلف الناس في هذا الحديث فوجدت عن أبي عمر والبيهقي وغيرهما تضعيفه وعن الحاكم تصحيحه، واختلف في رفعه ووقفه على عائشة كما نذكره.
فأما من ضعفه فلتفرد زهير به ومخالفة غيره في رفعه ولا يصححون حديث التقة ما لم يتابع فكيف من اختلف فيه.
على أن عمرو بن أبي قيس شامي، وقد سبق عن البخاري وأبي حاتم وابن عدي تضعيف ما روى الشاميون عن زهير بل أخص من هذا ما ذكر ابن عدي عن الحميدي قال عن عمرو: روى عنه الوليد وعمرو بن أبي سلمة مناكير عن هشام بن عروة وغيره، وهذا مما رواه عمرو عنه عن هشام، وممن ضعف زهير النسائي فقال فيه: ليس بالقوي وروى عن ابن معين تضعيفه وقد تقدم عنه خلاف ذلك أيضًا.
وأما الحاكم فصححه لاحتجاج الشيخين بعمرو وزهير، ومن حديث عمرو عن زهير أخرجه مرفوعًا ثم قال: وقد رواه وهيب بن خالد عن عبيد الله بن عمر عن القاسم عن عائشة أنها كانت تسلم تسليمة واحدة.
وأما رفعه ووقفه فإن الدارقطني قال في "علله": وإن عمرًا وعبد الملك بن محمد الصنعاني رفعاه عن زهير وخالفهما الوليد بن مسلم فوقفه على عائشة عن زهير وأن الوليد قال لزهير: هل بلغك في هذا شيء عن النبي صلى الله عليه وسلم؟ فقال: نعم أخبرني يحيى بن سعيد الأنصاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وذكر أيضًا الموقوف الذي ذكرناه عن وهيب وصوّب ذلك.
وكذلك صنع أبو بكر البزار قال: أنا محمد بن مسكين والحسن بن عبد العزيز قالا: ثنا عمرو بن أبي سلمة فذكره مرفوعًا وقال: هذا رواه غير واحد موقوفًا ولا نعلم أسنده إلا عمرو عن زهير.
وأما حديث عبد الملك بن محمد المتابع لعمرو على رفعه عن زهير فقد رويناه
من طريق ابن ماجه وكذلك رواه بقي بن مخلد في "مسنده" قالا: ثنا هشام بن عمار ثنا عبد الملك بن محمد ثنا زهير عن هشام به فهذا متاج لعمرو عن زهير يعارض ما ذكره البزار.
وعبد الملك هذا هو ابن محمد البرسمي الصنعاني، صنعاء دمشق روى عن معمر والأوزاعي وغيرهما.
روى عنه سليمان بن عبد الرحمن ووثقه هشام بن عمار وغيرهما وقال أبو حاتم: يكتب حديثه وقد ضعفه ابن حبان.
وقد رواه بقي بن مخلد في "مصنفه" من طريق عاصم بن سليمان قال: ثنا هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم مرفوعًا. وهذا متابع لزهير عن هشام غير أنه في الأصل الذي وجدته فيه حدثنا ابن أبي السري قال: ثنا عاصم بن سليمان قال: ثنا هشام.
وابن أبي السري لا يدرك عاصم بن سليمان لعله سقط بينهما رجل.
ومتابعة عاصم إذا ثبتت ردت قول من زعم أن زهيرًا تفرد برفعه عن هشام بن عروة، فإن بقي بن مخلد رواه عن ابن أبي السري ثنا عاصم ثنا هشام بن عروة فذكره مرفوعًا.
وقد روينا عن الإمام أحمد في "مسنده" ثنا يزيد بن هارون ثنا بهز بن حكيم سمعت زرارة يقول: سئلت عائشة عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم بالليل فقالت: كان يصلي العشاء، وفيه: ثم يسلم تسليمة واحدة يرفع بها صوته الحديث.
وقال الإمام أحمد: ثنا يونس ثنا عمران بن يزيد القطان عن بهز عن زرارة بن أوفى عن سعد بن هشام قال: قلت لعائشة فذكر الحديث، وفيه قالت: وكان يسلم تسليمة واحدة يرفع بها صوته.
عمران القطان وثقه يحيى بن معين وابن حبان وقد بينت هذه الطريق السائل لعائشة في حديث يزيد بن هارون، فهذا عن عائشة شاهد لمن رفع الأول وقد يكون ذلك مرفوعًا وموقوفًا عنها روته وأفتت به، فإن عاصم بن سليمان ثقة أخرج له الجماعة في كتبهم وكلام الوليد بن مسلم يعارضه ما اشتهر عن زهير من رفعه فقد ذكر رفعه عن زهير: الترمذي والدارقطني والبزار والبيهقي وأبو عمر وغيرهم، وقد يكون زهير حدث به على الوجهين للوليد قبل أن يتبين له رفعه ثم ذكر الرفع به فحدث به غيره مرفوعًا، والله أعلم.
أما حديث عمرو بن أبي سلمة عن زهير (1) فرويناه من طريق أبي العباس السراج في "مسنده": أنا محمد بن يحيى، نا عمرو بن أبي سلمة عن زهير بن محمد عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يسلم تلقاء وجهه تسليمة يميل إلى الشق الأيمن قليلًا.
فوافقنا الترمذي فيه بعلو درجة.
وحديث زرارة بن أوفى عن سعد بن هشام عن عائشة رويناه من طريق السراج نا إسحاق بن إبراهيم نا معاذ بن هشام صاحب الدستوائي: حديث أبي عن قتادة عن زرارة بن أوفى عن سعد بن هشام عن عائشة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أوتر بتسع ركعات لم يقعد إلا في الثامنة فيحمد الله ويذكره ثم يدعو ثم ينهض ولا يسلم، ثم يصلي التاسعة فيجلس ويذكر الله ويدعو ثم يسلم تسليمة، ثم يصلي ركعتين وهو جالس فلما كبر وضعف أوتر بسبع ركعات لا يقعد إلا في السادسة ثم ينهض ولا يسلم فيصلي السابعة ثم يسلم تسليمة ثم يصلي ركعتين وهو جالس.
قال أبو الفتح: هذا صحيح على شرط مسلم ولم يخرجه، وشاهده ما سبق،
(1) كذا الأصل، وفي نسخة السندي: بدون (عن زهير).
ولم يذكره الحاكم في "مستدركه".
وأما حديث سهل بن سعد فرويناه من طريق ابن ماجه قال: ثنا أبو مصعب المديني أحمد بن أبي بكر ثنا عبد المهيمن بن عباس بن سهل بن سعد الساعدي عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سلّم تسليمة واحدة تلقاء وجهه.
عبد المهيمن قال البخاري: منكر الحديث، وقال النسائي: متروك.
وفيه عن سلمة بن الأكوع روينا من طريق ابن ماجه قال: ثنا محمد بن الحارث المصري ثنا يحيى بن راشد عن يزيد مولى سلمة عن سلمة بن الأكوع قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يسلم مرة واحدة.
يحيى بن راشد البصري قال يحيى: ليس بشيء، وقال النسائي: ضعيف.
ولحديث عبد الله بن مسعود طرق كثيرة منها ما رويناه عن الدارقطني نا الحسين بن إسماعيل ثنا يوسف بن موسى ثنا حميد الرؤاسي ثنا زهير عن أبي إسحاق عن عبد الرحمن بن الأسود عن أبيه وعلقمة عن عبد الله: أنا رأيت النبي صلى الله عليه وسلم، وفيه: فسلم عن يمينه وعن يساره، وفيه: ورأيت أبا بكر وعمر يفعلان ذلك. قال أبو الفتح: هذا إسناد صحيح.
وفي الباب (1) الثاني أيضًا عن أنس قال ابن أبي شيبة: ثنا يونس بن محمد ثنا جرير بن حازم عن أيوب عن أنس أن النبي عليه السلام سلّم تسليمة.
وفيه عن الحسن مرسلًا قال: ثنا وكيع عن الربيع عن الحسن أن النبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر كانوا يسلمون تسليمة واحدة.
(1) هذا الكلام لا يناسب ما قبله.
ثنا أبو خالد عن حميد قال: كان أنس يسلم تسليمة واحدة.
ثنا أبو خالد عن سعيد بن مرزبان قال: صليت خلف ابن أبي ليلى فسلم واحدة ثم صليت خلف علي فسلم واحدة.
وذكر مثله عن أبي وائل ويحيى بن وثاب وعمر بن عبد العزيز والحسن وابن سيرين وابن عمر والقاسم بن محمد وعائشة وأنس وأبي العالية وأبي رجاء وابن أبي أوفى وابن عمر وسعيد بن جبير وسويد وقيس بن أبي حازم بأسانيده إليهم.
وذكر عبد الرزاق عن الزهري وذكر أيضًا عن عثمان في مرسل الحسن المتقدم.
وأما من رُوي عنه التسليمتان فذكره ابن أبي شيبة ثنا ابن إدريس عن الحسن بن عمرو قال: ذكر التسليم عند شقيق فقال: قد صليت خلف عمر وعبد الله فكلاهما يسلم يقول: السلام عليكم ورحمة الله السلام عليكم ورحمة الله، وروي مثله عن عمار وعلي وسعد وابن مسعود ومسروق وابن أبي ليلى وعمرو بن ميمون وعطاء.
وذكر عبد الرزاق في "مصنفه" في ذلك عن ابن جريج قال: قلت لعطاء: كيف بلغك كان بدء التسليم؟ قال: لا أدري غير أن أول من رفع صوته بالتسليم عمر بن الخطاب، قال: كانوا يسلمون في أنفسهم ولا يرفعون بالتسليم أصواتهم. قلت: فينصرفون على تسليم التشهد قط قال: لا ولكن كانوا يقولون السلام عليكم في أنفسهم ثم يقومون حتى رفع عمر صوته.
قال: أنا ابن جريج قال: أخبرني عمرو بن دينار أن مجاهدًا أخبره عن طاوس: أن أول من رفع صوته بالتسليم عمر بن الخطاب.
قال: أنا ابن عيينة قال: أخبرني ابن أبي حسين قال: أدركني طاوس في الطواف فضرب على منكبي فقال: لا تنها صاحبك عن أن يجهر بالتسليم يعني ابن
هشام قال: أول من جهر به عمر بن الخطاب فعابت عليه الأنصار فقالوا: وعليك ما شأنك؟ قال: أردت أن يكون أدبًا.
قال أبو الفتح: كذا في هذه الآثار أن أول من رفع صوته بالتسليم عمر وقد روينا من طريق الإمام أحمد في "مسنده" من حديث عائشة في التسليمة الواحدة عن النبي صلى الله عليه وسلم وفيه السلام عليكم يرفع بها صوته.
قال عبد الرزاق: أنا معمر والثوري عن حماد قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا سلم يرى بياض خده الأيسر.
وعن معمر عن خصيف الجزري عن أبي عبيدة عن أبيه أنه كان يسلم التسليمتين يجهر بهما هذا معناه.
وعن علي أنه كان يسلم عن يمينه وعن يساره.
وعن عمار بن ياسر قال: أخبرنا ابن جريج أخبرني عطاء أن نافع بن عبد الحارث وهو أمير بمكة كان إذا سلم التفت فسلم عن يمينه ثم يسلم على شماله فبلغت ابن مسعود فقال: أنى أخذها ابن عبد الحارث.
قال ابن جريج: وبلغني أن ابن مسعود قال: أنى أخبرها فإني رأيت بياض وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم من كل الشقين إذا سلم.
قال: أنا معمر عن عاصم بن سليمان عن ابن سيرين قال: إذا صليت وحدك فسلم على يمينك قل السلام عليكم وعلى يسارك السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، وإذا كنت في صف عن يمينك وعن يسارك أناس فقل عن يمينك السلام عليكم وعن يسارك السلام عليكم وإذا كنت في طرف الصف عن يمينك ناس وليس عن يسارك ناس فقل عن يمينك السلام عليكم وعن يسارك السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين.
وإن كان عن يسارك ناس وليس عن يمينك ناس فقل عن يمينك السلام عليكم وعن يسارك السلام عليكم.
قال عاصم: فحدثت به أبا قلابة فوافقه في كله إلا أنه زاد في التسليم السلام عليكم ورحمة الله.
وكان معمر لا يسلم إذا أمّنا إلا السلام عليكم عن يمينه وعن يساره السلام عليكم لا يزيد عليه.
قال عبد الرزاق: وبه أخذ.
الوجه الثاني في الفوائد المتعلقة بأحكام السلام:
وفيه مسائل:
الأولى: في السلام هل هو فرض أو لا، وقد اختلف الناس في ذلك وهو فرض عندنا خلافًا لأبي حنيفة ومن قال بقوله في ذلك لقوله عليه السلام في الصلاة:"وتحريمها التكبير وتحليلها التسليم" ولأن لفظة كان مع المضارع تقتضي الدوام على المختار وقد ثبت أنه كان يصلي كذلك يتحلل من الصلاة بالتسليمة مع قوله: "صلوا كما رأيتموني أصلي" وسيأتي ما للعلماء من الشارع في هذا في باب ما جاء في الرجل يحدث في التشهد.
الثانية: اختلفوا في التسليمة الثانية فقالت طائفة يسلم الصلي تسليمة واحدة قاله ابن عمر وأنس وسلمة بن الأكوع وعائشة رضي الله عنهم والحسن وابن سيرين وعمر بن عبد العزيز ومالك والأوزاعي وغيرهم.
وقالت طائفة: يسلم تسليمتين حكاه ابن المنذر عن أبي بكر الصديق وعلي وابن مسعود وعمار بن ياسر ونافع بن عبد الحارث رضي الله عنهم، وعن عطاء بن
أبي رباح وعلقمة والشعبي وأبي عبد الرحمن السلمي [من](1) التابعين وعن الثوري وأحمد وإسحاق و [أبي ثور] وأصحاب الرأي قال ابن المنذر: وبه أقول.
واختلف القائلون بالتسليمة الثانية، فذهب الجمهور إلى استحبابها، قال ابن المنذر: أجمع العلماء على أن صلاة من اقتصر على تسليمة واحدة جائزة، وحكى الطحاوي وغيره عن الحسن بن صالح أنه أوجب التسليمتين جميعًا وهي رواية عن أحمد وبها قال بعض أصحاب مالك: ونقله أبو عمر عن بعض أصحاب الظاهر والمنقول من ذلك عن بعض أصحاب مالك ذكره النووي في "شرح المهذب".
فمن حجة من ذهب إلى أن الثانية فرض قوله عليه السلام: "وتحليلها التسليم"، ثم بين كيف التسليم على ما ثبت في أحاديث التسليمتين.
وحجة من أوجب الأولى فقط قوله عليه السلام: "تحليلها التسليم" قالوا: والواحدة يقع عليها اسم التسليم وقد ثبت التسليم كذلك فيما ذكر من أحاديث التسليمة الواحدة.
ومن جعلها سنة فلأحاديث التسليمتين.
وأجاب من ذهب إلى التسليمتين كذلك عن أحاديث التسليمة الواحدة بأجوبة أحدها أن أحاديث التسليمتين أصح من أحاديث التسليمة الواحدة.
الثاني: أن التسليمة الواحدة جاءت لبيان الجواز وأحاديث التسليمتين جاءت لبيان الأكمل والأفضل ولهذا واظب عليها صلى الله عليه وسلم فكانت أشهر ورواتها أكثر.
الثالث: أن في روايات التسليمتين زيادة من ثقات فوجب قبولها.
الثالثة: ما ينوي المسلم بسلامه وسيأتي في الكلام على حديث علي: كان
(1) زيادة، لعل السياق يقتضيها إذا كانت قراءتي للكلمة التي عقبها صحيحة.
النبي صلى الله عليه وسلم يصلي قبل العصر أربع ركعات يفصل بينهن بالتسليم على الملائكة المقربين ومن تبعهم من المسلمين والمؤمنين، عند الترمذي إن شاء الله تعالى.
الرابعة: في أكمل السلام وأقله، فأما أكمله فأن يقول: السلام عليكم ورحمة الله ولا يقول وبركاته هذا هو الصحيح ووقع في بعض كتب الأصحاب من الشافعية كإمام الحرمين وغيره زيادة وبركاته.
قال الشيخ أبو عمرو بن الصلاح: هذا الذي ذكره هؤلاء لا يوثق به وهو شاذ في نقل المذهب ومن حيث الحديث فلم أجده في شيء من الأحاديث إلا في حديث رواه أبو داود من رواية وائل بن حجر أن رسول الله صلى لله عليه وسلم كان يسلم عن يمينه السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وعن شماله السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وهذه زيادة نسبها الطبراني إلى موسى بن قيس الحضرمي وعنه رواها أبو داود.
قال أبو الفتح: موسى بن قيس الحضرمي وثقه وابن معين وغيره.
وأقله أن يقول السلام عليكم.
ويبدأ التسليم مستقبل القبلة ويلتفت يمينًا ويسارًا حتى يرى خداه وبالتسليمة الأولى تنقضي الصلاة حتى لو أحدث مع الثانية لم تبطل صلاته لكن لا يأتي بها إلا بطهارة ولو بدأ باليسار كره وأجزأه.
الخامسة: ينبغي للمأموم أن يسلم بعد فراغ الإمام، قال البغوي: يستحب أن لا يسلم المأموم حتى يفرغ الإمام من التسليمتين، وقال المتولي: بل يستحب أن يسلم بعد فراغ الإمام من التسليمة الأولى، وظاهر نص الشافعي في "البويطي" يؤيد نقل البغوي فإنه قال: ومن كان خلف إمام فإذا فرغ الإمام من سلامه سلم عن يمينه وعن شماله وهذا خلاف في الأفضل فلو قارنه في السلام فوجهان أحدهما تبطل صلاته إن لم ينو مفارقته كما لو قارنه في تكبيرة الإحرام وأصحهما لا تبطل كالمقارنة في
بقية الأركان وقد سبق.
ولو سلم قبل شروع الإمام في السلام بطلت صلاته وإن لم ينو مفارقته فإن نواها ففيه الخلاف فيمن نوى المفارقة.
السادسة: قال القاضي أبو الطيب: إذا سلم الإمام التسليمة الأولى انقطعت قدوة المأموم الموافق والمسبوق ولخروجه من الصلاة، والمأموم الموافق بالخيار إن شاء سلم بعده وإن شاء استدام الجلوس للتعوذ والدعاء وإطالة ذلك.
السابعة: قال الشافعي والأصحاب: إذا اقتصر الإمام على تسليمة فيسن للمأموم تسليمتان لأنه خرج عن متابعته بالأولى بخلاف التشهد الأول، فإن الإمام لو تركه لزم المأموم تركه لأن المتابعة واجبة عليه قبل السلام.
الثامنة: المسبوق إن قام لتكميل صلاته قبل شروع إمامه في التسليمة الأولى بطلت صلاته إلا أن نوى المفارقة ففيه الخلاف المعروف وإن قام بعد فراغه من الأولى جاز إلا أنه عدل عن الأولى وهو القيام بعد فراغ التسليمتين على قول البغوي.
وإن قام بعد شروع إمامه في الأولى وقبل الفراغ منها فهو كما قبل شروعه ذكره المتولي وقد خرج بعض الفقهاء فيه خلافًا على المساوقة فيها عدا تكبيرة الإحرام من الركوع والسجود وغير ذلك مما سبق بيانه فإن جاز للمأموم مساوقة الإمام في تلك الأركان جاز له هنا القيام بعد شروعه وقبل تمامه وإلا فلا ولا أدري كيف هذا التخريج فإن المساوق يبقى مع الإمام إلى انتهائه والقائم (1) هنا قبل تكملة الإمام السلام قاطع للمساوقة قبل انتهائها بقيامه وتركه الإمام في سلامه فليتأمل ذلك.
(1) عند السندي: والقيام!