الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
28 - باب ما جاء أن الإقامة مثنى مثنى
ثنا أبو سعيد الأشج نا عقبة بن خالد عن ابن أبي ليلى عن عمرو بن مرة عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن عبد الله بن زيد قال: كان أذان رسول الله صلى الله عليه وسلم شفعًا شفعًا في الأذان والإقامة.
قال أبو عيسى: حديث عبد الله بن زيد رواه وكيع عن الأعمش عن عمرو بن مرة عن عبد الرحمن بن أبي ليلى أن عبد الله بن زيد رأى الأذان في المنام.
وقال شعبة عن عمرو بن مرة عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ثنا أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم أن عبد الله بن زيد رأى الأذان في المنام، وهذا أصح من حديث ابن أبي ليلى.
وعبد الرحمن بن أبي ليلى لم يسمع من عبد الله بن زيد.
وقال بعض أهل العلم: الأذان مثنى مثنى والإقامة مثنى مثنى.
وبه يقول سفيان وابن المبارك وأهل الكوفة.
قال أبو عيسى: ابن أبي ليلى هو محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى كان قاضي الكوفة ولم يسمع من أبيه شيئًا إلا أنه يروي عن رجل عن أبيه.
* الكلام عليه:
هذا حديث علله الترمذي بالخلف على عمرو بن مرة، وذكر ..... والأعمش أسنداه عن عمرو، وخالفهما شعبهْ ورجح ما قاله شعبة، وإرساله راجح لوجهين:
الأول: أنه أتى في حديث شعبة من الزيادة قاض على ما لم يأتي في حديث غيره منها فوجب المصير [إليها].
الثاني: أن طريق الأعمش المخالفة عنده لطريق شعبة ولم يوصلها عن وكيع، قد أتى بها موافقة لطريق شعبة من وصلها عن وكيع وهو ابن أبي شيبة، فقال: نا أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، كما قال شعبة.
فقد اتفقا على الإرسال.
وخالفهما محمد بن أبي ليلى وليس كفؤ واحدًا منهما.
وقوله: (لم يسمع ابن أبي ليلى من عبد الله) إن أراد هذا الحديث فظاهر، وإن نفى السماع مطلقًا، فقد قيل في عبد الله: أنه مات يوم أحد، وقيل: مات سنة اثنين وثلاثين، وصلى عليه عثمان، فعلى الأول لا نزاع فيه.
وعلى الثاني: ممكن.
وقد أخرج أبو عوانة في "صحيحه" حديث الشعبي عن عبد الله بن زيد في تثنية الإقامة.
وإذا صح حديث الشعبي عنه فحديث ابن أبي ليلى عنه أجدر بالتصحيح.
وحديث الباب رواه أبو داود ومن حديث ابن أبي ليلى مطولًا قال: نا أصحابنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
…
فذكره. ثم رواه من حديث ابن أبي ليلى عن معاذ بن جبل وفيه الإقامة مثل الأذان إلا أنه قال: زاد بعدما قال حي على الفلاح قد قامت الصلاة قد قامت الصلاة.
قال الحافظ المنذري رحمه الله: ذكر الترمذي ومحمد بن إسحاق بن خزيمة أن عبد الرحمن بن أبي ليلى لم يسمع من معاذ بن جبل وما قالاه ظاهر جدًّا فإن ابن أبي ليلى قال: ولدت لست بقين من خلافة عمر فيكون مولده سنة سبع عشرة ومعاذ توفي سنة سبع عشرة أو ثمان عشرة وقد قيل إن مولده لست مضين من خلافة عمر فيكون مولده على هذا بعد موت معاذ.
قال: ولم يسمع ابن أبي ليلى أيضًا من عبد الله بن زيد.
وقول ابن أبي ليلى: (ثنا أصحابنا) إن أراد الصحابة فيكون الحديث مسندًا وإلا فهو مرسل. وقد سمع من جماعة من الصحابة. انتهى.
أما رده سماع ابن أبي ليلى من معاذ فظاهر. وأما رده سماع ابن أبي ليلى من عبد الله بن زيد فقد تقدم ما فيه.
وقد روي ابن أبي ليلى عن عمر وعثمان وعلي وسعد بن أبي وقاص وأبي بن كعب والمقداد وبلال وكعب بن عجرة وزيد بن أرقم وحذيفة بن اليمان وصهيب وخلق يطول ذكرهم.
وقال: أدركت عشرين ومائة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كلهم من الأنصار وبعض هؤلاء متقدم الوفاة على عبد الله بن زيد على أن يحيى بن معين كان ينكر سماعه من عمر.
فلا علة للخبر بشيء مما ذكره الترمذي، لأنه إما أن يكون مسندًا ومرسلًا عن الصحابة وهو في حكم المسند.
وعقبة بن خالد ثقة روى له الجماعة.
وأما محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى فهو وإن كان بعضهم يضعفه وبعضهم يجيز حديثه فمتابعة الأعمش إياه عن عمرو بن مرة ومتابعة شعبة مما يصحح خبرَه، وإن خالفاه في الإسناد، وأرسلا، فهي مخالفة غير قادحة.
وحديث ابن أبي شيبة عن وكيع عن الأعمش عن عمرو [عن] ابن أبي ليلى: حدثني أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، سلمت طريقه من محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، وصرح فيه بأن الوسائط من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، ولا مانع من القول بصحته.
[وفي الباب مما لم يذكره عن عون بن أبي جحيفة عن أبيه: أن بلالًا أذن بمنى ورسول الله صلى الله عليه وسلم ثُمّ مرتين مرتين وأقام مثل ذلك.
رويناه عن ابن حيان أبي الشيخ بالسند المتقدم نا محمود الواسطي وعبدان نا زحمويه نا زياد بن عبد الله عن إدريس الأودي عنه، تفرد به زياد البكائي وقد علل به وهو وإن كان مس بتضعيف فقد أخرج عنه مسلم وقال وكيع: هو أشرف من أن يكذب وقال ابن عدي: ما أرى برواياته بأسًا].
وذهب قوم إلى أن الخبر عن عبد الله بن زيد في إفراد الإقامة أصح من هذا، قال ابن خزيمة: سمعت الإمام محمد بن يحيى الذهلي يقول: ليس في أخبار عبد الله بن زيد في الأذان أصح من هذا، وذكر الرواية التي فيها إفراد الإقامة ولعل ذلك هذا هو الذي اقتضى للترمذي الإمساك عن الحكم على هذا الحديث بتصحيح أو بتحسين وليس ذلك بمقتض لجواز وقوع الإقامة كما في الحديث الذي أشار إليه الذهلي تارة، وكما في أحاديث الباب أخرى.
وقد قال الأثرم: سمعت أبا عبد الله يعني أحمد بن حنبل يقول: من أقام مثنى مثنى لم أعنفه وليس به بأس.
قيل لأبي عبد الله: حديث أبي محذورة صحيح؟
قال: أما أنا فلا أدفعه. قيل له: أفليس حديث أبي محذورة بعد حديث عبد الله بن زيد لأن حديث أبي محذورة بعد فتح مكة؟
فقال: أليس قد رجع النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة فأقرّ بلالًا على أذان عبد الله بن زيد؟
قال أبو عمر: ذهب أحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه وداود بن علي ومحمد بن جرير إلى إجازة القول بكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك وحملوه
على الإباحة والتخيير، قالوا: كل ذلك جائز لأنه قد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم جميع ذلك وعمل به أصحابه فمن شاء قال الله أكبر الله أكبر مرتين في أول الأذان ومن شاء ثنى الإقامة ومن شاء أفردها إلا قوله قد قامت الصلاة فإن ذلك مرتان على كل حال.
ذكر ابن أبي شيبة قال نا ابن علية عن يونس عن الحسن قال: الإقامة مرة مرة فإذا قال قد قامت الصلاة قالها مرتين.
وقال أبو إسحاق السبيعي: كان أصحاب علي وعبد الله بن مسعو يشفعون الأذان والإقامة.
قال الشيخ محيي الدين: وأما الإقامة ففيها خمسة أقوال الصحيح أنها إحدى عشرة كلمة كما تقدم، وهذا هو القول الجديد ودليله حديث أنى الثاني أنها عشر كلمات يفرد قوله قد قامت الصلاة وهو قول قديم حكاه الشيخ أبو إسحاق في المهذب.
الثالث: قديم أيضًا أنها تسع كلمات يفرد أيضًا التكبير في آخرها حكاه إمام الحرمين.
الرابع: قديم أيضًا أنها ثمان كلمات يفرد التكبير في أولها وآخرها مع لفظة الإقامة حكاه القاضي حسين والفوراني والسرخسي .... (1) العدة وجهًا وحكاه البغوي قولًا وهو أنه إن رخع في الأذان ثنى جميع كلمات الإقامة فيكون سبع عشرة كلمة وإن لم يرجع أفرد الإقامة فجعلها إحدى عشرة كلمة.
قال البغوي: وهذا اختيار أبي بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة من أصحابنا
(1) كذا بياض في الأصل.
والمذهب أنها إحدى عشرة كلمة سواء رجع أم لا، ودليله حديث عبد الله بن زيد وحديث أنس.
فإن قيل: فقد قال: أليس أمر بلال أن يشفع الأذان ويوتر الإقامة فهذا ظاهر أن يأتي بالتكبيرة مرة فقط وقد قلتم يأتي به مرتين؟
فالجواب أنه وتر بالنسبة إلى تكبير الأذان فإن التكبير في أول الأذان أربع كلمات ولأن السنة في تكبيرات الأذان الأربع أن يأتي بها في نفسين وفي الإقامة يأت بالتكبيرتين في نفس، فصارت وترًا بهذا الاعتبار والله أعلم.