الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
38 - باب ما جاء في فضل الأذان
نا محمد بن حميد الرازي نا أبو تميلة نا أبو حمزة عن جابر عن مجاهد عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال "من أذن سبع سنين محتسبًا كتب له براءة من النار".
قال: وفي الباب عن ابن مسعود وثوبان ومعاوية وأنس وأبي هريرة وأبي سعيد.
قال أبو عيسى: حديث ابن عباس حديث غريب.
وأبو تميلة اسمه يحيى بن واضح.
وأبو حمزة السكري اسمه محمد بن ميمون.
وجابر بن يزيد الجعفي ضعفوه وتركه يحيى بن سعيد، وعبد الرحمن بن مهدي، قال: سمعت الجارود يقول: سمعت وكيعًا يقول: لولا جابر لكان أهل الكوفة بغير حديث ولولا حماد لكان أهل الكوفة بغير فقه.
* الكلام عليه:
رواه ابن ماجة أيضًا.
وجابر بن يزيد أبو يزيد الجعفي كذبه أيضًا أيوب السختياني وزائدة.
وقال أبو حنيفة: ما لقيت أكذب منه.
وقال جرير: لا أستحل أن أروي عنه.
وقال ابن معين: لا يكتب حديثه ولا كرامة وليس بشيء.
وقد وثقه الثوري وشعبة.
وروى أبو داود عن أحمد بن حنبل قال: لم يتكلم في جابر في حديثه، إنما تكلم فيه لرأيه، قال أبو داود: وليس عندي بالقوي في حديثه.
وقال النسائي: متروك.
وأما أبو تميلة يحيى بن واضح فأخرج له البخاري.
وقد زعم الإمام أبو الفرج بن الجوزي أن البخاري أدخله في كتاب الضعفاء ولم نره فالحديث ضعيف على هذا.
وقد تقدم في الباب قبل هذا حديث ابن مسعود وحديث ثوبان روينا عن ابن حيان بالسند المتقدم إليه نا محمد بن يحيى وإسحاق بن أحمد قالا نا يحيى بن طلحة نا أبو معاوية عن أبي قيس السكوني عن عبادة بن نسي عن أبي مريم السكوني عن ثوبان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من حافظ على النداء بالأذان سنة أوجب الجنة".
وأما حديث معاوية فروى مسلم من حديث معاوية بن أبي سفيان قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "المؤذنون أطول الناس أعناقًا يوم القيامة".
وحديث أنس تقدم في الباب قبل هذا.
وذكر الطبراني أيضًا من حديث صفوان بن سليم عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا أذن في قرية أمنها الله من عذابه ذلك اليوم".
وحديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه لاستهموا" الحديث.
رواه البخاري ومسلم.
وعن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "المؤذن يغفر له مد صوته ويشهد له كل رطب ويابس".
رواه الإمام أحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجه.
وحديث أبي سعيد الخدري تقدم في الباب قبل هذا أيضًا.
وفيه مما لم يذكره عن عقبة بن عامر وقد تقدم.
وعن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من أذن اثنتي عشرة سنة وجبت له الجنة وكتب له بتأذينه في كل يوم ستون حسنة وبإقامته ثلاثون حسنة".
رواه ابن ماجه والدارقطني وفي إسناده عبد الله بن صالح كاتب الليث بن سعد وسيأتي له أعني ابن عمر حديث في الباب عند الترمذي: "ثلاثة على كثبان المسك يوم القيامة رجل أم قومًا وهم به راضون ورجل يؤذن في كل يوم خمس صلوات وعبد أدى حق الله وحق مواليه" رواه الإمام أحمد.
وعن البراء بن عازب أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن الله وملائكته يصلون على الصف المقدم، والمؤذن يغفر له بمد صوته ويصدقه من سمعه من رطب ويابس وله مثل أجر من صلى معه". رواه الإمام أحمد والنسائي.
وعن عبد الله بن أبي أوفى قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن خيار عباد الله الذين يراعون الشمس والقمر والأظلة لذكر الله عز وجل" أخرجه ابن شاهين بسنده وقال: حديث غريب صحيح.
وقال سعد بن أبي وقاص: لأن أقوى على الأذان أحب إلي من أحج وأعتمر وأجاهد.
وعن زاذان أنه قال: لو يعلم الناس ما في فضل الأذان لاضربوا عليه بالسيوف.
والأحاديث في هذا الباب عن النبي صلى الله عليه وسلم كثيرة.
فقد روينا في ذلك عن جماعة غير من ذكرناه من الصحابة عن النبي صلى الله عليه وسلم منهم معقل بن يسار وعمران بن الحصين والحفصي رجل من الأنصار عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم وأبو موسى الأشعري وجابر بن عبد الله وأبي بن كعب وصفوان بن عسال وزيد بن أرقم وعبد الله بن عمرو.
وروى ابن أبي شيبة ثنا وكيع عن عبيد الله بن الوليد عن عبيد الله بن عبيد بن عمير عن عائشة قالت: ما أرى هذه الآية نزلت إلا في المؤذنين: {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ} .
وروي عن أبي هريرة قال: ارفع صوتك بالأذان فإنه يشهد لك كل شيء سمعك.
وعن ابن عمر أنه قال لرجل: ما عملك؟ قال: الأذان، قال: نعم العمل عملك يشهد لك كل شيء سمعك.
وقال أبو مسعود: لو كنت مؤذنًا ما باليت أن لا أحج ولا أغزو.
وقال عمر: لو كنت أطيق الأذان مع الخليفي لأذنت يعني مع الخلافة.
وعن مصعب بن عبد الرحمن عن كعب قال: من أذن كتبت له سبعون حسنة وإن أقام فهو أفضل.
وعن الحسن البصري قال: أهل الصلاح والحسبة من المؤذنين أول من يكسى يوم القيامة.
وعن مجاهد قال: المؤذن يشهد له كل رطب ويابس سمعه.
والآثار في ذلك كثيرة.
ولفظ حديث ابن عباس: "من أذن سبع سنين محتسبًا"، وحديث ثوبان:
"سنة"، وحديث ابن عمر: لا اثنتي عشرة سنة".
وقد روينا في ذلك عن أبي الشيخ بالسند المتقدم إليه قال: نا عبد الله بن سنده نا إسماعيل بن يزيد نا إبراهيم بن رستم نا حماد بن سلمة عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من أذن خمس صلوات إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه".
ولا تعارض بين هذه المدد المختلفة في الإقامة بوظيفة الأذان بالطول والقصر لاختلاف الثواب المترتب عليها ففي حديث أبي هريرة: "غفر له ما تقدم من ذنبه" وهو وإن كان ثوابًا حسنًا فليس فيه ما يقتضي دخول الجنة ولا البراءة من النار لما قد يحدث منه بعد مما قد يُطلبُ بعهدته وحديث ثوبان المقيد بسنة أطول مدة وأكمل ثوابًا إذ الوعد فيه بالجنة محقق فهو يقتضي السلامة مما يحول بينه وبين الجنة فيما تقدم له قبل الأذان تلك المدة وما تأخر عنها.
وحديث ابن عباس المقيد بسبع سنين كذلك أيضًا إذ البراءة من النار أمر زائد على دخول الجنة، فليس كل من دخلها سلم من النار.
وحديث ابن عمر الأطول منها كلها مدة تضمن [مع وجوب الجنة له](1) زيادة تسعين حسنة كل يوم على الأذان والإقامة يقتضي زيادة في رفع الدرجات في الجنة إن شاء الله تعالى.
قال القاضي عياض: واعلم أن الأذان كلمة جامعة لعقيدة الإيمان مشتملة على نوعيه من العقليات والسمعيات فأوله إثبات الذات وما تستحقه من الكمال والتنزيه عن أضدادها وذلك بقول الله أكبر.
وهذه اللفظة مع اختصار لفظها دالة على ما ذكرناه.
(1) ما بين معقوفتين استدركته من الحاشية.
ثم صرح بإثبات الوحدانية ونفي ضدها من الشركة المستحيلة في حقه سبحانه وتعالى.
وهذه عمدة الإيمان والتوحيد المقدمة على كل وظائف الدين.
ثم صرح بإثبات النبوة والشهادة بالرسالة لنبينا صلى الله عليه وسلم وهي قاعدة عظيمة بعد الشهادة بالوحدانية وموضعها بعد التوحيد لأنها من الأفعال الجائزة الوقوع.
وتلك المقدمات من باب الواجبات وبعد هذه القواعد كملت العقائد العقليات فيما يجب ويستحيل ويجوز في حقه سبحانه وتعالى.
ثم دعا إلى ما دعاهم إليه من العبادات، فدعاهم إلى الصلاة وعقبهما بعد إثبات النبوة، لأن معرفة وجوبها من جهة النبي صلى الله عليه وسلم لا من جهة العقل.
ثم دعا إلى الفلاح وهو الفوز والبقاء في النعيم المقيم وفيه إشعار بأمور الآخرة من البعث والجزاء وهي آخر تراجم عقائد الإسلام.
ثم كرر ذلك بإقامة الصلاة للإعلام بالشروع فيها وهو متضمن لتأكيد الإيمان وتكرار ذكره عند الشروع في العبادة بالقلب واللسان وليدخل المصلي فيها على بينة من أمره وبصيرة من إيمانه ويستشعر عظيم ما دخل فيه وعظمة حق من يعبده وجزيل ثوابه انتهى.
فمن أتى بذلك محتسبًا أجره على الله تعالى فالله أكرم أن يخيب سعيه ومن رزقه طول المدة في ذلك رزقه جزيل الثواب عليه وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء.
* * *