الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
77 - باب ما جاء في وضع اليدين على الركبتين في الركوع
ثنا أحمد بن منيع ثنا أبو بكر بن عياش ثنا أبو حصين عن أبي عبد الرحمن السلمي قال: قال لنا عمر بن الخطاب: إن الركب سنت لكم فخذوا بالركب.
قال: وفي الباب عن سعد وأنس وأبي حميد وأبي أسيد وسهل بن سعد ومحمد بن مسلمة وأبي مسعود.
قال أبو عيسى: حديث عمر حديث حسن صحيح، والعمل على هذا عند أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم والتابعين ومن بعدهم لا اختلاف بينهم في ذلك إلا ما رُوي عن ابن مسعود وبعض أصحابه أنهم كانوا يطبقون والتطبيق منسوخ عند أهل العلم.
قال سعد بن أبي وقاص: كنا نفعل ذلك فنهينا عنه وأمرنا أن نضع الأكف على الركب.
حدثنا قتيبة ثنا أبو عوانة عن أبي يعفور عن مصعب بن سعد عن أبيه سعد بهذا.
* الكلام عليه:
أما حديث سعد (1) فقد ذكره في الباب، وأما حديث أبي حميد وأبي أسيد سهل بن سعد ومحمد بن مسلمة فيأتي في الباب يلي هذا.
(1) قال الدارقطني (1/ 339): إسناد صحيح ثابت، وصححه ابن خزيمة (595) والحاكم (1/ 224) وهذا على شرط مسلم، قال: ولم يخرجاه بهذه السياقة.
وابن الجارود (196).
وأصله بدون مراجعة سعد لفعل ابن مسعود عند البخاري (790) ومسلم (535).
وأما حديث أنس ...................................... (1).
وحديث عمر في الباب رواه النسائي أيضًا عن محمد بن بشار عن أبي داود عن شعبة عن الأعمش عن إبراهيم عن أبي عبد الرحمن به.
وعن سويد عن ابن المبارك عن سفيان عن أبي حصين عن أبي عبد الرحمن.
وحديث سعد بن أبي وقاص رواه البخاري ومسلم من حديث أبي يعفور عن مصعب. رواه النسائي عن قتيبة أيضًا ورواه أبو داود عن حفص بن عمر عن شعبة عن أبي يعفور عن مصعب ورواه النسائي أيضًا عن عمرو بن علي عن يحيى بن سعيد عن إسماعيل بن أبي خالد عن الزبير بن عدي عن مصعب بمعناه: ورواه ابن ماجه عن محمد بن عبد الله بن نمير عن محمد بن بشر عن إسماعيل عن الزبير عن مصعب.
وفي هذه الأسانيد عند الترمذي ممن ذكر بالكنى أبو بكر بن عياش قال مسلم: قال أبو حفص: اسمه سالم وقال غيره: شعبة وقال عبد الغني: أبو بكر بن عياش بن سالم الأسدي الحناط بالحاء المهملة مولى واصل بن حيان وجدته مولاة لسمرة بن جندب صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم قيل: اسمه محمد وقيل: عبد الله وقيل: سالم وقيل: شعبة وقيل: رؤبة وقيل: مسلم وقيل: خداش وقيل: مطرف وقيل: حماد وقيل: حبيب والصحيح أن اسمه كنيته، روى له الجماعة ووثقه غير واحد وكان من العبّاد العلماء العاملين كثير التلاوة لكتاب الله تعالى مات سنة ثلاث وتسعين ومائة عن ست وتسعين سنة وقيل: مات سنة اثنتين وتسعين.
وأبو حَصِين عثمان بن عاصم بن حَصين ويقال: ابن عاصم بن زيد بن كثير بن زيد بن مرة الأسدي الكوفي سمع من جماعة من الصحابة ومن التابعين
(1) بياض في الأصول بقدر سطرين، ونبه السندي على أن البياض في أصل المصنف.
بعدهم، وروى له الجماعة ووثقه غير واحد وكان قليل الحديث يقال: كان عنده أربع مائة حديث وكان عالمًا.
وأبو عبد الرحمن السلمي عبد الله بن حبيب بن رُبَيّعة بضم الراء وفتح الباء وتشديد الياء المكسورة، الكوفي أخو خرشة، لأبيه صحبه، سمع عثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب وعبد الله بن مسعود وأبا موسى الأشعري وحذيفة بن اليمان ولم أر لعمر بن الخطاب ذكرًا فيمن روى عنه أبو عبد الرحمن السلمي، وذكر ابن سعد في "طبقاته" في الكوفيين الذين سمعوا من عمر جماعة ثم قال: وبعد هؤلاء ممن سمع من علي أو كما قال فذكر في هؤلاء أبا عبد الرحمن وقال شعبة: لم يسمع من ابن مسعود وقال أيضًا: فيما رواه عنه ابن أبي حاتم في "مراسيله": لم يسمع من عمر ولكنه قد سمع من علي، وذكر عن أبيه عن إسحاق بن منصور عن يحيى بن معين قيل له: سمع أبو عبد الرحمن السلمي من عمر؟ قال: لا.
وروينا عن ابن سعد قال: قال حجاج بن محمد: قال شعبة: لم يسمع أبو عبد الرحمن من عثمان ولكن سمع من علي، ثم قال: أنا شبابة بن سوار ثنا شعبة عن علقمة بن مرثد عن سعد بن عبيدة عن أبي عبد الرحمن السلمي عن عثمان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خيركم من تعلم القرآن وعلمه" قال أبو الفتح: رواه البخاري ....... كذلك.
وقد صحح الترمذي هذا الحديث عن عمر وليست هذه الترجمة في شيء من صحيحي البخاري ولا مسلم.
ورواة الخبر عند الترمذي كلهم ثقات مجمع عليهم معروف سماع بعضهم من بعض ليس فيه إلا سماع أبي عبد الرحمن من عمر وقد جزم به الراوي وإن لم يثبته ابن سعد ونفاه من ذكرناه فأبو عبد الرحمن قديم ومن أثبت السماع حجة على من لم
يثبته فالحديث صحيح.
وقد روي الحديث من وجه آخر معلل من حديث شعبة عن الأعمش عن إبراهيم عن أبي عبد الرحمن وهي الطريق التي حكيناها عن النسائي من جهة أبي داود عن شعبة.
قال الدارقطني: ولم يتابع عليه يعني أبا داود، والمحفوظ حديث أبي حصين.
وأبو حميد الساعدي عبد الرحمن بن سعد بن المنذر وقيل المنذر بن عمرو توفي في آخر خلافة معاوية، صحابي.
وأبو أسيد مالك بن ربيعة البدري.
وأبو مسعود عقبة بن عمرو.
وأبو عوانة الوضاح.
وأبو يعفور هذا وقدان العبدي الكبير الكوفي رأى عبد الله بن عمر وأدرك المغيرة بن شعبة وسمع أنس بن مالك وعبد الله بن أبي أوفى وعرفجة بن شريح ويقال ابن ضريح ومصعب بن سعد وأبا عقرب وعبد الله بن سعيد ولم يرو أبو يعفور الصغير عن هؤلاء واسمه عبد الرحمن بن عبيد بن نسطاس.
روى عنه ابنه ويونس والثوري وابن عيينة وشعبة وأبو الأحوص وأبو عوانة وشريك وزائدة وعمر بن سعيد بن مسروق وأبو خالد الدالاني وصدقة بن عمران وغيرهم.
وثقه أحمد ويحيى وابن المديني، وقال أبو حاتم: ليس به بأس روى له الجماعة إلا ابن ماجه.
وحديث أبي مسعود روى النسائي من حديث عطاء عن سالم قال: أتينا أبا
مسعود فقلنا له: حدثنا عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقام بين أيدينا فكبر فلما ركع وضع راحتيه على ركبتيه وجعل أصابعه أسفل من ذلك وجافى بمرفقيه حتى استوى كل شيء منه ثم قال: سمع الله لمن حمده فقام حتى استوى كل شيء منه هذه رواية أبي الأحوص عن عطاء وهي عنده عن هناد عنه، ورواه أيضًا من حديث زائدة عن عطاء بنحوه أخرجه عن أحمد بن سليمان عن حسين عن زائدة.
وفي الباب أيضًا عن عائشة قال ابن ماجه حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ثنا عبدة بن سليمان عن حارثة بن أبي الرجال عن عمرة عن عائشة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يركع فيضع يديه على ركبتيه ويجافي بعضديه.
حارثة بن أبي الرجال ضعيف.
وقد ذكر أبو داود والترمذي حديث أبي حميد الذي تقدمت الإشارة إليه مع أبي أسيد وسهل بن سعد ومحمد بن مسلمة في باب صفة الصلاة، وفيه وضع اليدين على الركبتين وقال فيه عن محمد بن عمرو بن عطاء سمعت أبا حميد الساعدي في عشرة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال في بعص طرقه: فيهم أبو قتادة بن ربعي فقالوا: صدقت.
وفيه مما لم يذكره أيضًا عن وائل بن حجر وعن رفاعة بن رافع وآثار يأتي ذكرها في الباب إن شاء الله تعالى.
وقد اختلف السلف في مسألة وضع اليدين على الركبتين في الصلاة فكان ابن مسعود والأسود بن يزيد وأبو عبيدة وعبد الرحمن بن الأسود يطبقون أيديهم بين ركبهم إذا ركعوا، روى علقمة والأسود قالا: دخلنا على عبد الله فصلى بنا فلما ركع طبق بين كفيه فجعلهما بين فخديه فلما انصرف قال: كأني أنظر إلى اختلاف أصابع رسول الله صلى الله عليه وسلم بين فخديه. وهو صحيح عنه.
قال الحازمي: وخالفهم في ذلك كافة أهل العلم من الصحابة والتابعين فمن بعدهم ورأوا أن الحديث الذي رواه ابن مسعود كان محكمًا في أول الإسلام ثم نسخ ولم يبلغ ابن مسعود نسخه وعرف ذلك أهل المدينة فرووه وعملوا به، واستدل على النسخ بحديث مصعب بن سعد عن أبيه الذي ذكرناه، وذكر من طريق ابن إدريس عن عاصم بن كليب عن عبد الرحمن بن الأسود عن علقمة عن عبد الله قال: علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة فرفع يديه ثم ركع فطبق ووضع يديه بين ركبتيه فبلغ ذلك سعدًا فقال: صدق أخي كنا نفعل ذلك ثم أمرنا بهذا، ووضع يديه على ركبتيه قال: ففي إنكار سعد حكم التطبيق بعد إقراره بثبوته دلالة على أنه عرف الأول والثاني وفهم الناسخ والمنسوخ.
وذكر عبد الرزاق (1) في "مصنفه" ثنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن علقمة والأسود قالا: صلينا مع عبد الله فلما ركع طبق كفيه ووضعهما بين ركبتيه وضرب أيدينا ففعلنا ذلك ثم لقينا عمر بعد فصلينا في بيته فلما ركع طبقنا كما طبق عبد الله ووضع عمر يديه على ركبتيه فلما انصرف قال: ما هذا؟ فأخبرناه بفعل عبد الله قال: ذلك شيء كان يفعل ثم ترك.
قال ابن أبي شيبة (2): ثنا وكيع ثنا عثمان بن أبي هند قال: رأيت أبا عبيدة إذا ركع طبق، وذكر أيضًا عن وكيع ثنا ابن عون عن إبراهيم: أن النبي صلى الله عليه وسلم فعله يعني طبق يديه في الركوع فذكرته لابن سيرين فقال: لعله مرة. وقد روي مثل هذا عن ابن عمر ذكره (3) ابن المنذر، ثنا غيلان بن المغيرة ثنا عمرو الناقد ثنا إسحاق بن
(1)"المصنف"(2866).
(2)
"المصنف"(2543، 2544).
وقال الإمام أحمد في "العلل"(5543) بعد أن رواه: عثمان بن أبي هند ثقة.
(3)
قال الحافظ في "الفتح"(2/ 274): إسناده قوي.
يوسف الأزرق عن ابن عون عن نافع عن ابن عمر قال: إنما فعله النبي صلى الله عليه وسلم مرة يعني التطبيق.
وذكر ابن المنذر قولًا ثالثًا وهو التخيير، وجدته عند ابن أبي شيبة عن علي وعنه حكاه ابن المنذر، قال ابن أبي شيبة: ثنا وكيع قال: ثنا فطر عن أبي إسحاق عن عاصم بن ضمرة عن علي قال: إذا ركعت فإن شئت قلت هكذا وإن شئت وضعت يديك على ركبتيك، قلت: هكذا، يعني طبقت. انتهى ما ذكره ابن أبي شيبة وقد روى في وضع اليدين على الركبتين ثنا ابن فضيل عن عاصم بن كليب عن أبيه عن وائل بن حجر قال: كنت فيمن أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقلت: لأنظرنّ إلى النبي صلى الله عليه وسلم فلما أراد أن يركع رفع يديه ثم ركع فوضع يديه على ركبتيه قال: ثنا عباد بن العوام عن محمد بن عمرو عن علي بن يحيى بن خلاد عن رفاعة بن رافع أن النبي عليه السلام قال لرجل: "إذا استقبلت القبلة فكبر واقرأ بما شئت فإذا أردت أن تركع فاجعل راحتيك على ركبتيك ومكن لركوعك".
وذكر عبد الرزاق في "مصنفه"(1): [عن ابن مجاهد] عن أبيه عن ابن عمر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لرجل: "إذا قمت إلى الصلاة فركعت فضع يديك على ركبتيك وافرج بين أصابعك" الحديث.
وقال: أنا الثوري عن ليث عن القاسم بن أبي بزة عن [رجل] عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لرجل: "إذا ركعت فضع يديك على ركبتيك وفرج بين أصابعك".
وذكر ابن أبي شيبة عن غندر عن شعبة عن قيس بن مسلم عن طارق بن شهاب قال: قام فينا رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأنصار يوم القادسية
(1)(2859) وما بين المعقوفتين منه، كان بياضًا في نسخة السندي، وليست في تصوير الأصل بواضحة كاملة، والمتن له بقية عند عبد الرزاق، وسند الثوري عقبه (2860).
فقال: إذا ركع فليضع يديه على ركبتيه وليمكن حتى يعلو عجب ذنبه.
وعن أبي الأحوص عن أبي إسحاق عن الأسود قال: رأيت عمر راكعًا وقد وضع يديه على ركبتيه.
وعن أبي معمر عن عمر مثله.
وعن وكيع عن شعبة عن عمرو بن مرة عن خيثمة قال: كان ابن عمر إذا ركع وضع يديه على ركبتيه.
وعن إسماعيل بن عياش عن عبد العزيز بن عبيد الله عن أبي جعفر عن علي قال: إذا ركعت فضع كفيك على ركبتيك الحديث.
وذكر بأسانيده مثله عن عروة وإبراهيم وسعيد بن جبير وغيرهم.
ويستحب عندنا أن ينحني الراكع بحيث تنال راحتاه ركبتيه ولا يجب وضعهما على الركبتين وبه قال مالك وأحمد وداود.
وقال أبو حنيفة: يكفيه في الركوع أدنى انحناء، وأما أكمله فأن ينحني بحيث يستوي ظهره وعنقه يمدهما كالصفحة وينصب ساقيه ولا يثني ركبتيه.
قال الشافعي في "الأم": ويمد ظهره وعنقه ولا يخفض ظهره عن عنقه ولا يرفعه ويجتهد أن يكون مستويًا فإن رفع رأسه عن ظهره أو ظهره عن رأسه أو جافى ظهره حتى يكون كالمحدودب كرهته ولا إعادة عليه ويضع يديه على ركبتيه ويأخذهما بهما ويفرق أصابعه حينئذ ويوجههما إلى القبلة، ولو لم يضع يديه على ركبتيه لكن بلغ ذلك القدر أجزأه ويكره تطبيق اليدين لحديث سعد فقد صرح فيه بالنهي.
* * *