الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
59 - باب ما جاء في الرجل يصلي ومعه الرجال والنساء
حدثنا الأنصاري ثنا معن نا مالك عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن أنس بن مالك أن جدته مُليكة دعت رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى طعام صنعته فأكل منه ثم قال: "قوموا فلأصلي بكم" قال أنس: فقمت إلى حصير لنا قد اسودّ من طول ما لبس فنضحته بالماء فقام عليه رسول الله وصففت عليه أنا واليتيم وراءه والعجوز من ورائنا فصلى بنا ركعتين ثم انصرف.
قال أبو عيسى: حديث أنس حسن صحيح، والعمل عليه عند أهل العلم قالوا: إذا كان مع الإمام رجل وامرأة قام الرجل عن يمين الإمام والمرأة خلفهما وقد احتج بعض الناس بهذا الحديث في إجازة الصلاة إذا كان الرجل خلف الصف وحده، وقالوا: إن الصبي لم تكن له صلاة وكأن أنسًا كان خلف النبي صلى الله عليه وسلم وحده في الصف وليس الأمر على ما ذهبوا إليه لأن النبي صلى الله عليه ويلزم أقامه مع اليتيم خلفه فلولا أن النبي صلى الله عليه وسلم جعل لليتيم صلاة لما أقام اليتيم معه ولأقامه عن يمينه.
وقد روي عن موسى بن أنس إنه صلى مع النبي صلى الله عليه وسلم فأقامه عن يمينه وهذا الحديث دلالة أنه إنما صلى تطوعًا أراد إدخال البركة عليهم.
* الكلام عليه:
أخرجه البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي.
واليتيم هو ضُمَيرة بن أبي ضميرة له ولأبيه صحبة وعدادهما في أهل المدينة.
قال أبو عمر في قوله جدته مليكة إن مالكًا يقوله، وعاد بقوله الجدة يعني جدة إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة فيكون الضمير على إسحاق عائدًا وهي جدته أم أبيه عبد الله بن أبي طلحة وهي أم سليم بنت ملحان زوج أبي طلحة الأنصاري وأم
أنس بن مالك وقال غير أبي عمر الضمير يعود على أنس بن مالك وهو القائل أن جدته وهي جدة أنس بن مالك أم أمه واسمها مليكة بنت مالك بن عدي والقول الأول رواه النسائي في "سننه" من طريق يحيى بن سعيد عن إسحاق بن عبد الله وقال فيه: أن أم سليم سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وذكر عبد الرزاق عن مالك عن إسحاق عن أنس: أن جدته مليكة يعني جدة إسحاق دعت النبي صلى الله عليه وسلم إلى طعام
…
الحديث، فتكون على هذا المراد جدة أبيه إذا كان الضمير عائدًا على إسحاق.
وفيه مسائل:
الأولى: إجابة الدعوة إلى الطعام وذلك مشروع فيما إذا كان طعام الداعي مباحًا أكله ولم يكن هناك شيء من المعاصي، والإجابة في طعام الوليمة آكد لقوله عليه السلام فيها:"ومن لم يأت الدعوة فقد عصى الله ورسوله" وسيأتي الكلام على طعام الوليمة في بابه من هذا الكتاب إن شاء الله.
الثانية: إجابة الدعوة إلى غير الوليمة وقد ذهب مالك والثوري إلى أن إجابة الوليمة واجب دون غيرها وخالفهم في ذلك غيرهم لقوله عليه السلام: "ولو أهدى إليّ كراع لقبلت ولو دعيت إلى ذراع لأجبت"، رواه شعبة عن قتادة عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم وقال عليه السلام:"أجيبوا الداعي إذا دعيتم"(1)، رواه أيوب السختياني وموسى بن عقبة عن نافع عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وروى عبيد الله بن عمر ومالك بن أنس عن نافع عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا دعي أحدكم إلى وليمة فليأتها"، زاد عبيد الله في حديثه:
(1) رواه البخاري (5179) ومسلم (1429).
وكان في نسخة السندي فقط: شعبة عن أيوب، وزيادة شعبة خطأ.
"فإن كان مفطرًا فليطعم وإن كان صائمًا فليدعُ" قال: وكان ابن عمر إذا دعي أجاب فإن كان صائمًا ترك وإن مفطرًا أكل.
وقد رويناه عن أيوب بأصح إسناد وعن الزُبيدي بسند جيد أيضًا فقالا فيه: عن نافع عن ابن عمر: "إذا دعا أحدكم أخاه فليجب عرسًا كان أو غيره".
أخبرنا بحديث أيوب أبو الفضل عبد الرحيم بن يوسف بن يحيى بن المعلم الموصلي قراءة عليه وأنا أسمع في كتاب "السنن" لأبي داود عن أبي حفص بن طبرزذ حضورًا في الخامسة أنا أبو الفتح مفلح بن أحمد بن محمد الثقفي أنا الحافظ أبو بكر الخطيب قال: قرأت على أبي عمر الهاشمي أخبركم أبو علي محمد بن أحمد اللؤلؤي ثنا أبو داود نا الحسن بن علي نا عبد الرزاق أنا معمر عن أيوب عن نافع عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا دعا أحدكم أخاه فليجب عرسًا كان أو نحوه".
وبه إلى أبي داود نا ابن المصفى نا بقية نا الزبيدي عن نافع بإسناد أيوب ومعناه.
وقد رواه موسى بن عقبة عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أجيبوا الدعوة ذا دعيتم" وهذا على عمومه لم يخص فيه دعوة من دعوة، وقد رويناه عن جابر، وبه إلى أبي داود نا محمد بن كثير أنا سفيان عن أبي الزبير عن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من دُعي فليجب فإن شاء طعم وإن شاء ترك".
وروينا عن أبي داود بالسند المتقدم إليه قال: نا درست بن زياد عن أبان بن طارق عن نافع قال عبد الله بن عمر: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من دعي فلم يجب فقد عصى الله ورسوله". الحديث.
وروى الأعمش عن شقيق عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أجيبوا الداعي ولا تردوا الهدية ولا تضربوا المسلمين".
وروى أبو معمر نا عبد الوارث قال نا أيوب عن ابن سيرين عن أبي هريرة قال: إذا دعي أحدكم إلى طعام فليجب فإن كان مفطرًا فليأكل وإن كان صائمًا فليصل، يقول: فليدع.
وذهب أهل الظاهر إلى إيجاب إتيان الدعوة وجوب فرض لظاهر هذه الأخبار، وحملها سائر أهل العلم على الندب للتآلف والتحاب وقال بعضهم: إنما يجب إتيان طعام القادم من سفر وطعام الختان وطعام الوليمة وهذا تخصيص لما ذكرناه من الأحاديث الثابتة من غير مخصص.
وفي حديث معاوية بن سويد بن مقرن عن البراء قال: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بسبع ونهانا عن سبع: أمرنا بعيادة المريض واتباع الجنائز وإفشاء السلام وإجابة الداعي وتشميت العاطس ونصر المظلوم وإبرار المقسم ونهانا عن الشرب في آنية الفضة وعن التختم بالذهب وعن ركوب المياثر وعن لبس القسي والحرير والإستبرق والديباج، فذكر إجابة الداعي وذكر أشياء منها ما هو فرض على الكافية ومنها ما هو سنة فكذلك إجابة الدعوة. وقيل هي فرض كفاية.
الثالثة: إجابة دعوة المرأة الصالحة قال أبو عمر (1): والمرأة المتجالّة والمرأة الصالحة إذا دعت إلى طعام أجيبت قال: وفي قول الله عز وجل: {وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا يَرْجُونَ نِكَاحًا فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ} كفاية.
(1)"التمهيد"(1/ 265).
وقال ابن العربي: وقد كرهه مالك لأهل الفضل لفساد الناس إلا في موضع يؤمن فيه ما يخاف من ضعة أو ريبة.
الرابعة: فيه ما كان عليه السلام من التواضع، وقد قال عليه السلام:"إن الله خيرني بين أن أكون نبيًّا عبدًا أو نبيًّا ملكًا، فأشار لي جبريل أن تواضع فقلت: يا رب بل نبيًّا عبدًا" الحديث والآثار في ذلك كثيرة.
الخامسة: قوله: (فقمت إلى حصير لنا قد اسود من طول ما لبس)، أخذ منه أن الافتراش يطلق عليه لباس وينبني على ذلك مسألتان:
الأولى: وهي:
السادسة: من فوائد الحديث على ذلك لو حلف لا يلبس ثوبًا ولم تكن له نية فافترشه قال أصحابنا: لا يحنث وقال المالكيون إنه يحنث أخذًا بظاهر الحديث.
الثانية: وهي:
السابعة: من الفوائد إن افتراش الحرير لباس له فيحرم، على أن افتراش الحرير قد ورد فيه نص يخصه من حديث حذيفة مرفوعًا رواه البخاري، وعن قتيبة بن سعيد ثنا الفضل بن عياض عن هشام عن ابن سيرين قال: قلت لعبيدة: افتراش الحرير كلبسه؟ قال: نعم.
الثامنة: النضح يطلق على ما دون الغسل في الأشهر لإزالة ما يشك في نجاسته عند من يقول به لتطيب الأنفس باستعماله.
قال الأخفش: كل ما وقع عليك من الماء مفرقًا فهو نضح ويكون باليد والفم أيضًا، والنضخ بالخاء المعجمة أكثر منه قال الله تعالى:{فِيهِمَا عَيْنَانِ نَضَّاخَتَانِ} أي: منهمرتان بالماء الكثير، ومن النضخ بهذا الاعتبار ما روي عن عمر بن
الخطاب (1) رضي الله عنه أنه احتلم في ثوبه فقال: أغسل منه ما رأيت وأنضخ ما لم ير.
ويطلق ويراد به الغسل، ومنه الحديث:"إني لأعرف أرضًا يقال لها عمان ينضخ البحر بناحيتها"، وقد تقدم الكلام عليه في كتاب الطهارة مبسوطًا.
ويحتمل أن يكون المراد به هنا الأول ويحتمل الثاني كما سنذكره.
التاسعة: [إذا قلنا إن المراد به الغسل فقد علل بقطع الوسواس ورفع الشك].
اختلفوا فيما إذا تعارض الأصل والغالب أيهما يقدم والمختار تقديم الغالب عند الأكثرين ورجح بعض الفقهاء الشافعية العمل بالأصل وليس للفقهاء غالبًا في ذلك عمل مطّرد والأصل في ثوب المسلم وجسمه وما يفترشه الطهارة والغالب من حال الأطفال عدم الاحتراز من النجاسات، وقد جاء أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي وهو حامل أمامة بنت زينب ولأبي العاص بن الربيع فإذا قام رفعها وإذا سجد وضعها.
قال الشافعي: وثوب أمامة ثوب صبي إشارة إلى ما يحتمل وروده عليه من النجاسات، وقد كان في البيت المذكور في هذا الحديث أبو عمير وهو صغير يطأ الحصير ويجلس عليها واحتراز الصبيان عن النجاسة بعيد فمن نظر إلى الأصل يحسن حمل النضح عنده على ما دون الغسل ومن نظر إلى الغالب فالأولى به حمله على الغسل.
العاشرة: قال إسماعيل بن إسحاق القاضي وغيره من أصحاب مالك رحمهم الله تعالى: كانوا يقولون ذلك إنما كان لتليين الحصير لا لنجاسة فيه ويؤيد هذا أن النضح في الخبر معلل باسوداد الحصير من طول اللبس لا لنجاسة متحققة ولا
(1) رواه ابن المنذر في "الأوسط"(716، 727) والطحاوي (1/ 52، 411) عن عبد الرزاق، وهذا في مصنفه (1445).
وهو عند مالك في "الموطأ"(114)، وله طرق عن عمر.
مشكوك فيها وقد جاء أن الحصير كان من جريد لعله من زعف الجريد فيحتاج في تليينه وإزالة ما علق به من الغبار وإلى مرور الماء عليه وأما القاضي عياض فقال: الأظهر أنه كان للشك في نجاسته على مذهبهم في أن النجاسة المشكوك فيها يزيلها النضح من غير غسل.
الحادية عشرة: فيه رد على من قال فقهاء الكوفة إن الثلاثة يتوسطهم أحدهم إذا كان إمامًا ولا يتقدمهم وقد سبق ذلك في الباب قبله.
الثانية عشرة: قال بعض الفقهاء: فيه حجة على من أبطل صلاة المصلي خلف الصف وحده، واختلف مأخذهم في ذلك فذكر الترمذي أن ذلك مستفاد من وقوف أنس مع الصبي وأن الصبي لم تكن له صلاة فكأن أنسًا وحده.
وقال الخطابي وغيره: ذلك مستفاد من وقوف المرأة وحدها وكلاهما ضعيف أما الأول ففي رواية إبراهيم بن طهمان وعبد الله بن عون وموسى بن أعين عن مالك عن إسحاق عن أنس قال: فأكلوا وأكلت معهم ثم دعا بوضوء يعني النبي عليه السلام وقال: "مُر هذا اليتيم فليتوضأ ولأصلِّ لكم" وهذا ظاهر في أن أمره عليه السلام بوضوء اليتيم إنما هو ليصلي معهم.
وأما الثاني فليس فيه وقوف الرجل خلف الصف إذا كان منفردًا وإنما فيه موقف المرأة مع الرجال وأن سبيلها أن يقوم من ورائهم وهذا متفق عليه وهو بيقين غير الأول المختلف فيه.
الثالثة عشرة: فيه على رواية إبراهيم بن طهمان ومن ذكر معه أمر الصبي بالصلاة لما يقتضيه الأمر بالوضوء وصلاته بعد ذلك معهم، وقد ذكر عبد الحق في ذلك حديث سبرة بن معبد:"علموا الصبي الصلاة ابن سبع" من كتاب الترمذي وحكى عنه تحسينه، ومن طريق أبي داود عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده،
ومن طريقه أيضًا عن امرأة معاذ بن عبد الله بن حبيب قالت: كان رجل منا يذكر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه سئل عن ذلك فقال: "إذا عرف يمينه من شماله فمروه بالصلاة".
قال: حديث سبرة أصح ما في هذا الباب انتهى.
وحديث أنس هذا الذي نحن فيه أصح من حديث سبرة.
الرابعة عشرة إلى الموفية عشرين:
وفيه: أمر الصبي بذلك وإن كانت الصلاة نافلة.
وفيه: إقامة النافلة في الجماعة.
وفيه: أن الأفضل أن تكون نافلة النهار كنافلة الليل ركعتين.
وفيه: الصلاة للتعليم أو لحصول البركة.
وفيه: التبرك بحلول الرجل العالم والصالح في منزل القوم.
وفيه: جواز الصلاة على الحصير وسائر ما تنبته الأرض قياسًا على الحصير، وما روي عن عمر بن عبد العزيز من استحبابه مباشرة نفس الأرض للمصلي محمول على النواصي.
وفيه: أن للصبي موقفًا من الصف وهو الصحيح المشهور من مذهبنا وبه قال جمهور العلماء: وقد روى عن عمر خلاف ذلك وأنه كان إذا رأى في الصف صبيًّا أخرجه.
وعن زر بن حبيش صلى الله عليه وسلم وأبي وائل مثل ذلك، وكان أحمد بن حنبل يذهب إلى كراهة ذلك وأن لا يقوم مع الناس في المسجد خلف الإمام إلا من احتلم وأنبت
وبلغ خمس عشرة سنة وذكر له الأثرم حديث أنس هذا فقال: ذاك في التطوع.
الحادية والعشرون: وفيه موقف المرأة في الصف خلف موقف الرجال وقد روي فيه حديث موضوع قال أبو عمر: وضعه إسماعيل بن يحيى بن عبيد الله التيمي عن المسعودي عن ابن أبي مليكة عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "المرأة وحدها صف".
قال: وهذا لا يعرف إلا بإسماعيل.
الثانية والعشرون: وفيه الترتيب وتقديم الأفضل فالأفضل في الصف وروى ابن عيينة عن الثوري عن ليث عن شهر بن حوشب عن أبي مالك الأشعري أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصف الرجال ثم الصبيان خلف الرجال ثم النساء خلف الصبيان. رواه أبو داود فذكر الرجال والغلمان خلفهمك.
ورواه الإمام أحمد: وزاد والنساء خلف الغلمان.
قال أصحابنا: وإن حضر مع الإمام في الابتداء رجل وصبي قاما خلفه صفًّا وإن لم يحضر معه إلا الإناث صفهن خلفه الواحدة والاثنتان والثلاث فصاعدًا وإن حضر مع الإمام رجل وامرأة قام الرجل عن يمينه والمرأة خلف الرجل، وإن حضرت امرأة مع رجلين أو مع رجل وصبي قام الرجلان أو الرجل والصبي خلف الإمام صفًّا وقامت المرأة خلفهما وإن كان معه رجل وامرأة وخنثى وقف الرجل عن يمينه والخنثى خلفهما لاحتمال أنه امرأة والمرأة خلف الخنثى لاحتمال أنه رجل وإن حضر رجال وصبيان وقف الرجال خلف الإمام في صف أو صفوف والصبيان خلفهم.
وعن بعض الأصحاب أنه يوقف بين كل رجلين صبي ليتعلموا منهم أفعال الصلاة، ولو حضر معهم نساء أخر صف النساء عن صف الصبيان.
الثالثة والعشرون: قال الإمام أبو سليمان الخطابي من الشافعية وغيره من المالكيين: وعلى هذا القياس إذا صلى على جماعة من الموتى فيهم رجال ونساء وصبيان وخناثى فإن الأفضل فالأفضل منهم يلي الإمام فيكون الرجال أقربهم منه ثم الصبي ثم الخنثى ثم المرأة.
الرابعة والعشرون: وكذلك إذا دفنوا في قبر واحد كان أفضلهم أقربهم إلى القبلة فيكون الرجل مقدمًا ثم الذي يليه كما ذكرنا وتكون المرأة آخرهم إلا أنه يكون بينها وبين الرجال حاجزًا من لبن أو نحوه.
الخامسة والعشرون: استدل به قوم من أتباع مالك والشافعي على أن المرأة لا يجوز أن تؤم الرجال.
قال الخطابي منهم: وفيه دليل على أن إمامة المرأة للرجال غير جائزة لأنها لما زحمت عن مساواتهم في مقام الصف كانت من أن تتقدمهم أبعد.
السادسة والعشرون: قوله: (ثم انصرف) الأقرب أنه أراد الانصراف عن البيت ويحتمل أنه أراد الانصراف عن الصلاة، أما على رأي أبي حنيفة بناء على أن السلام لا يسمى يدخل تحت مسمى الركعتين، وأما على رأي غيره فيكون الانصراف عبارة عن التحلل الذي يستعقب السلام.
السابعة والعشرون: قال أبو عمر بن عبد البر: وفي هذا الحديث صلاة الضحى وكذلك ساقه مالك رحمه الله ثم قال ثنا عبد الوارث بن سفيان نا قاسم بن أصبغ نا محمد بن عبد السلام نا محمد بن بشار ثنا محمد بن جعفر نا شعبة عن محمد بن سيرين عن أنس بن مالك قال: كان رجل ضخم لا يستطيع أن يصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إني لا أستطيع أن أصلي معك فلو أتيت إلى منزلي وصليت
وأقتدي بك، فصنع الرجل طعامًا ثم دعا النبي صلى الله عليه وسلم ونضح حصيرًا لهم فصلى النبي صلى الله عليه وسلم ركعتين فقال رجل من آل الجارود لأنس: أكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي الضحى؟ فقال: ما رأيته صلاها إلا يومئذ.
أما هذا الحديث ففيه صلاة الضحى، ولكن ألفاظه مباينة لكثير من ألفاظ حديث الباب وما أراه إلا غيره والله تعالى أعلم.
* * *