الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(333) بَابُ السُّجُودِ في {ص}
1409 -
حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، نَا وُهَيْبٌ، نَا أَيُّوبُ،
===
وهذا الحديث يدل على أنه لا يكره قراءة السورة التي فيها السجدة في الفريضة، وقال مالك: يكره، قال في "المدونة" (1): وسألنا مالكًا عن الإِمام يقرأ السورة في صلاة الصبح فيها سجدة فكره ذلك، وقال: أكره للإمام أن يتعمد سورة فيها سجدة فيقرؤها، لأنه يخلط على الناس صلاتهم، فإذا قرأ سورة فيها سجدة سجدها.
قلت: وكذا يكره عند الحنفية أن يقرأ الإِمام السجدة في المخافتة ونحو جمعة وعيد، قال في "الدر المختار" (2): ويكره للإمام أن يقرأها في مخافتة، ونحو جمعة وعيد، إلا أن تكون بحيث تؤدى بركوع الصلاة أو سجودها، قال الشامي: قوله: ويكره، لأنه إن ترك السجود لها فقد ترك واجبًا، وإن سجد يشتبه على المقتدين.
قال الشوكاني (3): وبهذا الدليل يرد على من قال بكراهة قراءة ما فيه سجدة في الصلاة السرية والجهرية كما روي عن مالك، أو السرية فقط كما روي عن أبي حنيفة وأحمد بن حنبل.
قلت: وهذه الكراهة لمصلحة خارجية فلا يرد عليهم (4) بهذا الحديث.
(333)
(بَابُ السجود في (ص))
1409 -
(حدثنا موسى بن إسماعيل، نا وهيب، نا أيوب،
===
(1)
(1/ 291).
(2)
(2/ 598).
(3)
"نيل الأوطار"(2/ 334).
(4)
وفي الأصل: "فلا يرد بها عليهما"، ولعل الصواب:"فلا يرد عليهم".
عن عِكْرِمَةَ، عن ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ:"لَيْسَ {ص} مِنْ عَزَائِمِ السُّجُودِ، وَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ (1) يَسْجُدُ فِيهَا". [خ 1069، ت 577، حم 1/ 279، دي 1467، ق 2/ 318، خزيمة 550]
===
عن عكرمة، عن ابن عباس قال: ليس ص) أي سجدة ص (من عزائم السجود) أي واجبات (2) التلاوة، بل هو سجدة شكر، (وقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يسجد فيها).
قال الطحاوي (3): وقد اختلف في سجدة ص (4) فقال قوم: فيها سجدة، وقال آخرون: ليس فيها سجدة، فكان النظر عندنا في ذلك أن يكون فيها سجدة، لأن الموضع الذي جعله من جعله فيها سجدة، موضع السجود هو موضع خبر، لا موضع أمر، وهو قوله:{فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ} (5)، فذلك خبر، فالنظر فيه أن يُرَدَّ حكمه إلى حكم أشكاله من الأخبار، فيكون فيه سجدة كما يكون فيها.
وقد روي ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: حدثنا يونس بسنده، عن أبي سعيد: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سجد في ص، وحدثنا علي بن شيبة بسنده، عن مجاهد قال: سئل ابن عباس عن السجدة في ص فقال: {أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ} (6)، فبهذا نأخذ فنرى السجود في ص اتباعًا لما قد روي فيها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولما قد أوجبه النظر.
(1) في نسخة: "النبي".
(2)
قلت: بل من مؤكدات السجود، فإنهم اختلفوا في عزائم السجود كم هي؟ فقد حكى الحافظ عن جماعة من الصحابة أنها خمسة: الأعراف وسبحان وثلاثة من المفصل وقيل: غير ذلك، ذكرها في "الفتح" (2/ 552) على أن قوله:"ليس من عزائم" موقوف، "وقد رأيته يسجد" مرفوع. (ش).
(3)
"شرح معاني الآثار"(1/ 361).
(4)
كذا في الأصل، وفي "شرح معاني الآثار": سورة ص.
(5)
سورة ص: الآية 24.
(6)
سورة الأنعام: الآية 90.
1410 -
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، نَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي عَمْرٌو - يَعْنِي ابْنَ الْحَارِثِ-، عن ابْنِ أَبِي هِلالٍ، عن عِيَاضِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْن سَعْدِ بْن أَبِي سَرْحٍ، عن أَبِي سعيد الْخُدْرِيِّ أَنَّهُ قَالَ:"قَرَأ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ {ص}، فَلَمَّا بَلَغَ السَّجْدة نزَلَ فَسَجَدَ، وَسَجَدَ النَّاسُ مَعَهُ، فَلَمَّا كَانَ يَوْمٌ آخَرُ قَرَأَهَا، فَلَمَّا بَلَغَ السَّجْدَةَ تَشَزَّنَ النَّاسُ لِلسُّجُودِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "إِنَّمَا هِيَ تَوْبَةُ نَبِي، وَلَكِنِّي رَأَيْتُكُمْ تَشَزَّنْتُمْ لِلسُّجُودِ"، فَنَزَلَ فَسَجَدَ (1) وَسَجَدُوا". [دي 1466، خزيمة 1455، ق 2/ 318، قط 1/ 408، ك 2/ 431]
===
وقد قال ابن عباس في هذا الحديث: وقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يسجد فيها، فما قال ابن عباس:"ليس من عزائم السجود" هو رأي منه، وليس من قول النبي صلى الله عليه وسلم، وكم من آية في القرآن ذكر فيها المغفرة كما في قصة موسى عليه السلام:{قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي} (2) فغفر له، ولم يسجد فيها النبي صلى الله عليه وسلم، فعلم من هذا أن السجدة ها هنا ليس لمجرد الشكر، بل هي للتلاوة والشكر جميعًا، ولا يستلزم كونها شكرًا أن لا يكون للتلاوة لعدم المنافاة بينهما.
1410 -
(حدثنا أحمد بن صالح، نا ابن وهب، أخبرني عمرو- يعني ابن الحارث-، عن ابن أبي هلال) هو سعيد، (عن عياض بن عبد الله بن سعد بن أبي سرح، عن أبي سعيد الخدري أنه قال: قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على المنبر ص، فلما بلغ السجدة) أي آيتها قرأها (نزل) عن المنبر (فسجد، وسجد الناس معه، فلما كان يوم آخر) للجمعة وفي رواية: و (قرأها) مرة أخرى (فلما بلغ السجدة تَشَزَّنَ الناس) أي تأهبوا وتهيأوا (للسجود، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنما هي توبة نبي، ولكني رأيتكم تَشَزَّنتم) أي تهيأتم (للسجود، فنزل) عن المنبر (فسجد وسجدوا).
(1) في نسخة: "وسجد".
(2)
سورة القصص: الآية 14.