الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(341) بَابُ الْقُنُوتِ في الْوِتْرِ
1425 -
حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ وَأَحْمَدُ بْنُ جَوَّاسٍ الْحَنَفِيُّ قَالَا: نَا أَبُو الأَحْوَصِ، عن أَبِي إِسْحَاقَ، عن بُرَيْدِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ، عن أَبِي الْحَوْرَاءِ (1)
===
ولأن ما ذكره خلاف المعتاد من فعله عليه الصلاة والسلام من عدم تطويل الأخيرة على ما قبلها من الركعات.
(341)
(بَابُ الْقُنُوتِ في الوِتْرِ)(2)
قال في "المجمع"(3): القنوت يرد بمعنى طاعة وخشوع وصلاة ودعاء وعبادة وقيام وطول قيام وسكوت، فيصرف كل منها إلى ما يحتمله لفظ الحديث، انتهى. قال القاري (4): والظاهر أن المراد بالقنوت هنا الدعاء، وهو أحد معاني القنوت كما في "النهاية" وغيره، وكذا نقل الأبهري عن زين العرب.
1425 -
(حدثنا قتيبة بن سعيد وأحمد بن جواس الحنفي قالا: نا أبو الأحوص) سلام بن سليم الحنفي، (عن أبي إسحاق) السبيعي، (عن بريد) بالباء الموحدة مصغرًا (ابن أبي مريم) مالك بن ربيعة السلولي بفتح المهملة وضم اللام، نسبة إلى بني سلول، البصري، قال ابن معين وأبو زرعة والنسائي والعجلي: ثقة، وقال أبو حاتم: صالح، وذكره ابن حبان في "الثقات".
(عن أبي الحوراء) في "التقريب"(5): بالمهملتين، وفي
(1) زاد في نسخة: "قال أبو داود: أبو الحوراء ربيعة بن شيبان".
(2)
وأجاد ابن القيم الكلام فيه في "كتاب الصلاة" له، وأثبت أن قنوت الصبح كان لِنَازِلَةٍ، وفيه أيضًا: لو زاد فيه حرفًا أو دعا بمثل: إنا نستعينك، أو: عذابك الجد، أو: نحفد، فإن كنت في الصلاة فاقطع الصلاة، انتهى. فتأمل، ورفع اليدين في قنوت الوتر كافتتاح الصلاة، وقيل كالداعي، كذا في "الشامي"(2/ 442). (ش).
(3)
"مجمع بحار الأنوار"(4/ 329).
(4)
"مرقاة المفاتيح"(3/ 356).
(5)
(ص 322).
قَالَ: قَالَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ: "عَلَّمَنِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَلِمَاتٍ أَقُولُهُنَّ في الْوِتْرِ- قَالَ ابْنُ جَوَّاسٍ: في قُنُوتِ الْوِتْر-: "اللهُمَّ اهْدِنِي فِيمَنْ هَدَيْتَ، وَعَافِنِي فِيمَنْ عَافَيْتَ، وَتَوَلَّنِي فِيمَنْ تَوَلَّيْتَ، وَبَارِكْ لِي فِيمَا أَعْطَيْتَ،
===
"المغني"(1): أبو الحوراء بمفتوحة وبراء ومد، وقال في "القاموس" في الحور: وأبو الحوراء راوي حديث القنوت فرد، فما في أكثر الكتب من الجوزاء بالجيم والزاي تصحيف من النساخ، هو ربيعة بن شيبان السعدي البصري، وفي نسخة: قال أبو داود: أبو الحوراء ربيعة بن شيبان، وثقه النسائي والعجلي، وذكره ابن حبان في "الثقات".
وقد توقف ابن حزم في صحة حديثه عن الحسن في القنوت فقال: هذا الحديث وإن لم يكن مما يحتج فإنا لم نجد فيه عن النبي صلى الله عليه وسلم غيره، والضعيف من الحديث أحب إلينا من الرأي كما قال أحمد بن حنبل.
(قال: قال الحسن بن علي) بن أبي طالب (علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم كلمات) أي دعوات (أقولهن في الوتر، وقال ابن جواس: في قنوت الوتر) فزاد لفظ "قنوت"، ولم يقله قتيبة (اللهُمَّ اهدني) أي ثبتني على الهداية، أو زدني من أسباب الهداية إلى الوصول بأعلى مراتب النهاية (فيمن هديت) أي جملة من هديتهم. وقيل: لفظ "في" فيه وفيما بعده بمعنى مع.
(وعافني) أي من أسوء الأدواء والأخلاق والأهواء (فيمن عافيت، وتولني) أي قول أمري ولا تكلني إلى نفسي (فيمن توليت، وبارك لي) أي أكثر الخيرَ لي (فيما أعطيت) أي فيما أعطيتني من العمر والمال والعلوم والأعمال، قال الطيبي (2): لفظ "في" فيه ليست كما هي في السوابق، لأن معناها أوقع البركة فيما أعطيتني من خير الدارين.
(1)(ص 83).
(2)
"شرح الطيبي"(3/ 152)، و"مرقاة المفاتيح"(3/ 343).
وَقِنِي شَرَّ مَا قَضَيْتَ، إِنَّكَ تَقْضِي وَلَا يُقْضَى عَلَيْكَ، وَإِنَّهُ لَا يَذِلُّ مَنْ وَالَيْتَ (1)، تَبَارَكْتَ رَبَّنَا وَتَعَالَيْتَ". [ت 464، جه 1178، ن 1745، حم 1/ 199، خزيمة 1095، ق 2/ 259، ك 3/ 172]
===
(وقني) أي احفظني (شر ما قضيت) أي ما قدرت لي من قضاء وقدر، فسلِّم لي العقل والدين (إنك) تعليل للسؤال (تقضي) أي تقدر أو تحكم بكل ما أردت (ولا يقضى عليك) فإنه لا معقب لحكمك ولا يجب عليك شيء (وإنه) الشأن (لا يَذِلُّ) بفتح فكسر أي لا يصير ذليلًا (من واليتَ) أي من تكون له مواليًا في الآخرة أو مطلقًا وإن ابتلي بما ابتلي به، وسلط عليه من أهانه وأذله باعتبار الظاهر، لأن ذلك غاية الرفعة والعزة عند الله وعند أوليائه، ومن ثم وقع للأنبياء عليهم الصلاة والسلام من الامتحانات العجيبة ما هو مشهور، كقطع زكريا بالمنشار، وفي نسخة "ولا يعز من عاديت" في الآخرة أو مطلقًا. وإن أعطي من نعيم الدنيا وملكها ما أعطي، لكونه لم يمتثل أوامرك ولم يجتنب نواهيك.
(تباركت) أي تكاثر خيرك في الدارين (ربنا) بالنصب أي يا ربنا (وتعاليت) أي ارتفع عظمتك وظهر قهرك وقدرتك على من في الكونين، أو ارتفعت عن مشابهة كل شيء، ورواه ابن أبي عاصم وزاد:"نستغفرك ونتوب إليك". وزاد النسائي في آخره: "وصلى الله على النبي".
قال ابن الهمام (2): في القنوت ثلاث خلافيات، إحداها: أنه إذا قنت في الوتر يقنت قبل الركوع أو بعده، والثانية: أن القنوت في الوتر في جميع السَّنةِ (3)، أو في النصف الأخير من رمضان، والثالثة: هل يقنت في غير الوتر أو لا؟ .
(1) زاد في نسخة: "ولا يعز من عاديت".
(2)
"فتح القدير"(1/ 428).
(3)
بالأول قال مالك والحنفية وبالثاني الشافعي وأحمد كما في "المغني"(3/ 580). (ش).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
للشافعي ما رواه الحاكم عن الحسن بن علي وصححه قال: علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم كلمات أقولهن في وتري إذا رفعت رأسي ولم يبق إلَّا السجود، الحديث.
ولنا ما رواه النسائي وابن ماجه عن أبي بن كعب: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يوتر فيقنت قبل الركوع، وأخرج الخطيب في "كتاب القنوت" عن ابن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم قنت في الوتر قبل الركوع، وذكره ابن الجوزي في "التحقيق" وسكت عنه، وأخرج أبو نعيم في "الحلية" عن ابن عباس قال: أوتر النبي صلى الله عليه وسلم بثلاث فقنت منها قبل الركوع، وأخرج الطبراني في "الأوسط" عن ابن عمر: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يوتر بثلاث ركعات، ويجعل القنوت قبل الركوع.
وأما حديث أنس أنه عليه الصلاة والسلام قنت بعد الركوع، فالمراد منه أن ذلك كان شهرًا فقط، ومما يحقق ذلك أن عمل الصحابة أو أكثرهم كان على وفق ما قلنا، قال ابن أبي شيبة: حدثنا يزيد بن هارون، عن هشام الدستوائي، عن حماد، عن إبراهيم، عن علقمة أن ابن مسعود وأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كانوا يقنتون في الوتر قبل الركوع.
قال القاري (1): والمتقرر (2) عندهم لما أخرجه أبو داود في "المراسيل"(3) عن خالد بن أبي عمران قال: بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو على مضر، إذ جاءه جبريل فأومأ إليه أن اسكت فسكت، فقال:"يا محمد إن الله لم يبعثك سبابًا ولا لعانًا، إنما بعثك رحمة"، ثم قرأ الآية:{لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ} (4)،
(1)"مرقاة المفاتيح"(3/ 348).
(2)
وبسطه في "الأوجز"(2/ 539) ولمالك ثلاث روايات: الأول: واسع سواء قنت أو لا، الثاني: كالشافعي، والثالث: المشهور أن لا قنوت في الوتر، والشافعي قال في النصف الأخير، وعندنا وأحمد في تمام السَّنَةِ، ولأحمد رواية أخرى مثل الشافعي. (ش).
(3)
(ص 104).
(4)
سورة آل عمران: الآية 128.
1426 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ النُّفَيْلِيُّ، نَا زُهَيْر، نَا أَبُو إِسْحَاقَ بِإِسنَادِهِ وَمَعْنَاهُ. قَالَ في آخِرِهِ قَالَ: هَذَا يَقُولُ في الْوِتْرِ في الْقُنُوِتِ، وَلَمْ يَذْكُرْ:"أَقُولُهُنَّ في الْوِتْرِ"[انظر سابقه]
===
ثم علمه القنوت: "اللهم إنا نستعينك ونستغفرك ونؤمن بك ونخضع لك ونخلع ونترك من يكفرك، إلى قوله: ملحق".
وأخرجه البيهقي (1) أيضًا بهذا اللفظ، عن معاوية بن صالح على ما ذكره السيوطي في "الدر المنثور" وفي "الحصن" بلفظ:"اللهم إنا نستعينك ونستغفرك ونثني عليك الخير، ولا نكفرك، إلى قوله: ملحق" بكسر الحاء ويفتح. رواه ابن أبي شيبة موقوفًا على ابن مسعود، وابن السني موقوفًا على ابن عمر، وفي رواية ابن السني زيادة البسملة قبل "اللهم" في الموضعين.
وذكر الشيخ جلال الدين السيوطي في "الدر المنثور"(2) هذا الحديث من طرق كثيرة وبألفاظ مختلفة، وقال: ذكر ما وقع في سورة الخلع وسورة الحفد.
ومنها أخرج محمد بن نصر والطحاوي عن ابن عباس أن عمر بن الخطاب كان يقنت بالسورتين، اللَّهُمَّ إياك نعبد، واللَّهُمَّ إياك نستعين.
ومنها أخرج محمد بن نصر عن سفيان قال: كانوا يستحبون أن يجعلوا في قنوت الوتر هاتين السورتين، وكذلك أخرج عن إبراهيم وعطاء وسعيد بن المسيب والحسن.
1426 -
(حدثنا عبد الله بن محمد النفيلي، نا زهير، نا أبو إسحاق بإسناده)، أي بإسناد حديث زهير (3) المتقدم (ومعناه) أي ومعنى حديثه (قال) أي عبد الله بن محمد أو زهير (في آخره) أي في آخر الحديث بعد ختم القنوت (قال) زهير أو أبو الحوراء:(هذا) أي دعاء القنوت (يقول) الحسن بن علي (في الوتر في القنوت، ولم يذكر: أقولهن في الوتر).
(1)"السنن الكبرى"(2/ 210).
(2)
(8/ 699).
(3)
والصواب بدله "أبي إسحاق". (ش).
أَبُو الْحَوْرَاء: رَبِيعَة بْن شَيْبَان.
1427 -
حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، نَا حَمَّادٌ، عن هِشَامِ بْنِ عَمْرٍو الْفَزَارِيِّ، عن عَبْدِ الرَّحْمنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ،
===
غرض أبي داود بهذا الكلام بيان الفرق بين رواية أبي الأحوص عن أبي إسحاق، وبين رواية زهير بن حرب عن أبي إسحاق، بأن أبا الأحوص روى عن أبي إسحاق، فجعل قوله:"أقولهن في الوتر" من كلام الحسن ابن علي، وأما زهير فلم يجعله من كلام الحسن بن علي، ولم يذكره في خلال الحديث، بل ذكر في آخره بأن الحسن بن علي يدعو بهذا الدعاء في الوتر، فجعله من كلام أبي الحوراء.
وقد أخرج البيهقي (1) من طريق عمرو بن مرزوق، ثنا زهير، عن أبي إسحاق قال: علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اللَّهُمَّ اهدني فيمن هديت"، فذكر الحديث وفي آخره: يقولها في القنوت في الوتر.
(أبو الحوراء: ربيعة بن شيبان).
1427 -
(حدثنا موسى بن إسماعيل، نا حماد) بن سلمة كما في نسخة، (عن هشام بن عمرو الفزاري) روى عن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام عن علي في القول بعد الوتر، وعنه حماد بن سلمة، قال ابن معين: لم يروه غيره، وهو ثقة، وقال أبو حاتم: ثقة شيخ قديم، وقال أبو داود: هو أقدم شيخ لحماد، وقال أبو طالب عن أحمد: من الثقات، ذكره ابن حبان في "الثقات".
(عن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام) بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم، أبو محمد المدني، ولد في زمان النبي صلى الله عليه وسلم، أمه فاطمة بنت الوليد بن المغيرة، وذكره ابن سعد فيمن أدرك النبي صلى الله عليه وسلم ورآه ولم يحفظ عنه شيئًا، قال
(1)"السنن الكبرى"(2/ 498).
عن عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كانَ يَقُولُ في آخِرِ وِتْرِهِ: "اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِرِضَاكَ مِنْ سَخَطِكَ، وَبِمُعَافَاتِكَ مِنْ عُقُوبَتِكَ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْكَ،
===
الواقدي: أحسبه كان ابن عشر سنين حين قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتوفي في خلافة معاوية، وكان ربيب عمر بن الخطاب في حجره، مات أبوه في طاعون عمواس، وقال الحاكم: هو صحابي، وكان فيمن أمرهم عثمان بنسخ المصاحف، من كبار ثقات التابعين.
(عن علي بن أبي طالب: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول في آخر وتره) أي بعد السلام منه كما في رواية، قال ميرك: وفي إحدى روايات النسائي: كان يقول إذا فرغ من صلاته وتبوَّأ مضجعه، قاله القاري (1)، وكذا قال ابن القيم في "زاد المعاد"(2)، فما قال السندي في حاشية النسائي: يحتمل أنه كان يقول في آخر القيام، فصار هو من القنوت كما هو مقتضى كلام المصنف، ويحتمل أنه كان يقول في قعود التشهد، وهو ظاهر اللفظ، ليس بموجه، كأنه لم يطلع على رواية النسائي التي فيها: كان يقول إذا فرغ من صلاته.
(اللهُمَّ إني أعوذ برضاك) أي من جملة صفات جمالك (من سخطك) أي من بقية صفات جلالك (وبمعافاتك) أي من أفعال الإكرام والإنعام (من عقوبتك) من أفعال الغضب والانتقام (وأعوذ بك منك) أي بذاتك من آثار صفاتك، وفيه إيماء إلى قوله تعالى:{وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ} (3)، وقوله تعالى:{فَفِرُّوا إِلَى اللهِ} (4)، وتلميح إلى قوله عز وجل:{وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا} (5).
(1)"مرقاة المفاتيح"(3/ 347).
(2)
(1/ 336).
(3)
سورة آل عمران: الآية 28.
(4)
سورة الذاريات: الآية 50.
(5)
سورة المزمل: الآية 8.
لَا أُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْكَ، أَنْتَ كَمَا أَثْنَيْتَ عَلَى نَفْسِكَ". [ت 3566، ن 1747، جه 1179، حم 1/ 96، ق 3/ 42]
قَالَ أَبُو دَاوُدَ: هِشَامٌ أَقْدَمُ شَيْخٍ لِحَمَّادٍ، وَبَلَغَنِي عن يَحْيَى بْنِ مَعِينٍ أَنَّهُ قَالَ: لَمْ يَرْوِ عَنْهُ غَيْرُ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ.
قَالَ أَبُو دَاوُدَ: رَوَى (1) عِيسَى بْنُ يُونُسَ، عن سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ، عن قَتَادَةَ، عن سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمن بْنِ أَبْزَى، عن أَبِيهِ، عن أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ:"أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَنَتَ - يَعْنِي في الْوِتْرِ- (2) قَبْلَ الرُّكُوعِ".
===
(لا أحصي ثناء عليك) أي لا أطيقه ولا أبلغه حصرًا وعددًا (أنت كما أثنيت على نفسك) أي ذاتك، قال ميرك: قيل: يحتمل أن الكاف زائدة، والمعنى أنت الذي أثنيت على نفسك، وقال بعض العلماء: ما في قوله: "كما" موصوفة أو موصولة والكاف بمعنى المثل، أي أنت الذات التي لها صفات الجلال والإكرام، ولها العلم الشامل والقدرة الكاملة، أنت تقدر على إحصاء ثنائك، وهذا الثناء إما بالقول أو بالفعل، وهو إظهار فعله عن بث آلائه ونعمائه.
(قال أبو داود: هشام أقدم شيخ لحماد، وبلغني عن يحيى بن معين أنه قال: لم يرو عنه) أي عن هشام بن عمرو (غير حماد بن سلمة)، وهذا يقتضي أن يكون مجهول العين، ولكن لما وثقوه ارتفعت الجهالة عنه.
(قال أبو داود) ومن ههنا شرع البحث في كون القنوت قبل الركوع (روى عيسى بن يونس، عن سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى، عن أبيه، عن أبي بن كعب: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قنت -يعني في الوتر- قبل الركوع).
(1) في نسخة: "رواه".
(2)
زاد في نسخة: "يعني".
قَالَ أَبُو دَاوُدَ: رَوَى عِيسَى بْنُ يُونُسَ هَذَا الْحَدِيثَ أَيْضًا عن فِطْرِ بْنِ خَلِيفَةَ، عن زُبَيْدٍ، عن سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمنِ بْنِ أَبْزَى، عن أَبِيهِ، عن أُبَيٍّ (1)، عن النبي صلى الله عليه وسلم مثْلَهُ. (2) وَرُوِيَ عن حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ، عن مِسْعَرٍ، عن زُبَيْدٍ، عن سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمنِ بْنِ أَبْزَى، عن أَبِيهِ، عن أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ:"أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَنَتَ في الْوِتْرِ قَبْلَ الرُّكُوعِ".
قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَحَدِيثُ سَعِيدٍ عن قَتَادَةَ رَوَاهُ يَزِيدُ بْنُ زُريعٍ، عن سَعِيدٍ، عن قتَادَةَ، عن عَزْرَةَ، عن سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمنِ بْنِ أَبْزَى، عن أَبِيهِ، عن النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، لَمْ يَذْكُرِ الْقُنُوتَ وَلَا ذَكَرَ أُبَيًّا.
===
(قال أبو داود: روى عيسى بن يونس هذا الحديث أيضًا عن فطر بن خليفة) أي كما روى عيسى بن يونس هذا الحديث عن سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن سعيد بن عبد الرحمن، كذلك روى عن فطر بن خليفة (عن زبيد، عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى، عن أبيه، عن أبي، عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله، وروي عن حفص بن غياث، عن مسعر، عن زبيد، عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى، عن أبيه، عن أبي بن كعب: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قنت في الوتر قبل الركوع).
(قال أبو داود) وهذا شروع في الكلام في الأحاديث المتقدمة التي فيها القنوت قبل الركوع (وحديث سعيد) بن عروبة (عن قتادة رواه يزيد بن زريع، عن سعيد) بن أبي عروبة، (عن قتادة، عن عزرة، عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، لم يذكر القنوت ولا ذكر أُبَيًّا)، فصار حديث عيسى عن سعيد بن أبي عروبة مخالفًا لرواية يزيد بن زريع عن سعيد في أمرين: الأول: أن يزيد لم يذكر القنوت وذكره عيسى، والثاني: أن يزيد بن زريع لم يذكر أبيًّا، وذكره عيسى بن يونس، فصار الحديث مرسلًا.
(1) زاد في نسخة: "ابن كعب".
(2)
زاد في نسخة: "قال أبو داود".
وَكَذَلِكَ رَوَاهُ عَبْدُ الأَعْلَى وَمُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ الْعَبْدِيُّ وَسَمَاعُهُ بِالْكُوفَةِ مَعَ عِيسَى بْنِ يُونُسَ، وَلَمْ يَذْكُرُوا الْقُنُوتَ، وَقَدْ رَوَاهُ أَيْضًا هِشَامٌ الدَّسْتَوَائيُّ، وَشُعْبَةُ عن قتَادَةَ، لَمْ (1) يَذْكُرَا الْقُنُوتَ (2).
وَحَدِيثُ زُبَيْدٍ رَوَاهُ سُلَيْمَانُ الأَعْمَشُ، وَشُعْبَةُ، وَعَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ، وَجَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ كُلُّهُمْ عن زُبَيْدٍ، لَمْ يَذْكُرْ أَحَدٌ مِنْهُمُ
===
(وكذلك) أي كما رواه يزيد بن زريع كذلك (رواه عبد الأعلى ومحمد بن بشر العبدي) عن سعيد بن أبي عروبة (وسماعه) أي محمد بن بشر (بالكوفة مع عيسى بن يونس، ولم يذكروا القنوت) فخالفا عيسى بن يونس في ترك ذكر القنوت (وقد رواه أيضًا هشام الدستوائي، وشعبة عن قتادة، لم يذكرا القنوت).
فالحاصل أن حديث قتادة وقع الاختلاف فيه في طبقة عيسى بن يونس، فخالفه ثلاثة رجال: أحدهم يزيد بن زريع، والثاني عبد الأعلى، والثالث محمد بن بشر، فكلهم تركوا ذكر القنوت، والأول لم يذكر أُبَيًّا أيضًا. ثم وقع الاختلاف في طبقة سعيد بن أبي عروبة أيضًا، فهشام وشعبة عن قتادة خالفا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة في ترك ذكر القنوت.
نعم بقي اختلاف ثالث لم يذكره المصنف، وهو زيادة عزرة بين قتادة وسعيد بن عبد الرحمن، ولعل وجه عدم ذكره أن قتادة مدلس، فذكر الحديث عن سعيد تدليسًا، فلما ذكر مرة أخرى في سند هذا الحديث: عن عزرة، عن سعيد علم منه أنه وقع بينهما عزرة فارتفع التدليس، ويحتمل أن قتادة روى عنهما جميعًا يعني عن سعيد بلا واسطة وبواسطة عزرة.
ثم شرع في الكلام في ثاني حديث عيسى بن يونس عن فطر فقال: (وحديث زبيد رواه سليمان الأعمش، وشعبة، وعبد الملك ابن سليمان، وجرير بن حازم كلهم عن زبيد، لم يذكر أحد منهم
(1) في نسخة: "ولم يذكروا القنوت".
(2)
زاد في نسخة: "قال أبو داود".
الْقُنُوتَ، إِلَّا مَا رُوِيَ عن حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ، عن مِسْعَرٍ، عن زُبَيْدٍ، فَإِنَّهُ قَالَ في حَدِيثِهِ: إِنَّهُ قَنَتَ قَبْلَ الرُّكُوعِ.
قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَلَيْسَ هُوَ بِالْمَشْهُورِ مِنْ حَدِيثِ حَفْصٍ، نَخَافُ أَنْ يَكُونَ عن حَفْصٍ، عن غَيْرِ مِسْعَرٍ.
===
القنوت) أي كلهم خالفوا فطر بن خليفة فإنه ذكر القنوت عن زبيد، عن سعيد بن عبد الرحمن، ولم يذكروه (إلَّا ما روي عن حفص بن غياث، عن مسعر، عن زبيد، فإنه) أي مسعرًا (قال في حديثه) عن زبيد: (إنه قنت قبل الركوع) فتابع مسعر فطر بن خليفة.
(قال أبو داود: وليس هو) أي حديثه عن مسعر، عن زبيد في القنوت قبل الركوع (بالمشهور من حديث حفص، نخاف) أي نظن (إن يكون) الحديث (عن حفص عن غير مسعر) فالمتابعة ضعيفة.
قلت: وقد حكى هذا له البيهقي في "سننه الكبرى"(1)، وأجاب عنه صاحب "الجوهر النقي" فقال:"باب من قال: يقنت في الوتر قبل الركوع"، ذكر فيه حديث عيسى بن يونس، عن ابن أبي عروبة، عن قتادة، عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى، عن أبيه، عن أبي بن كعب، ثم ذكر عن أبي داود أن جماعة رووه عن ابن أبي عروبة، وأن الدستوائي وشعبة روياه عن قتادة ولم يذكروا القنوت.
قلت: عيسى بن يونس، قال فيه أبو زرعة: ثقة حافظ، وقال ابن المديني: بخ بخ ثقة مأمون، فإذا كان كذلك فهو زيادة ثقة، وقد جاء له شاهد على ما سنذكره إن شاء الله تعالى.
ثم أخرجه البيهقي عن حديث عيسى بن يونس، عن فطر، عن زبيد، عن سعيد بن عبد الرحمن بسنده، ثم ذكر عن أبي داود أن جماعة رووه عن زبيد
(1)(3/ 39 - 41).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
لم يذكر أحد منهم القنوت إلا ما روي عن حفص بن غياث، عن مسعر، عن زبيد، فإنه قال في حديثه: إنه قنت قبل الركوع، وليس هو بالمشهور من حديث حفص نخاف أن يكون عن حفص عن غير مسعر.
قلت: العجب من أبي داود كيف يقول: لم يذكر أحد منهم القنوت إلا ما روي عن مسعر، عن زبيد، وقد روى هو ذكر القنوت قبل الركوع من حديث عيسى، عن ابن أبي عروبة، ثم قال: وروى عيسى بن يونس هذا الحديث أيضًا، عن فطر، عن زبيد، عن سعيد بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن أبي، عن النبي عليه السلام مثله، والبيهقي خرج رواية فطر، عن زبيد مصرحة بذكر القنوت قبل الركوع، ثم نقل كلام أبي داود، ولم يتعقب عليه على أن ذلك روي عن زبيد من وجه ثالث.
قال النسائي في "سننه"(1): أنا علي بن ميمون، ثنا مخلد، عن يزيد، عن سفيان هو الثوري، عن زبيد، عن سعيد بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن أبي بن كعب:"أنه عليه السلام كان يوتر بثلاث، يقرأ في الأولى بـ {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى}، وفي الثانية بـ {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ}، وفي الثالثة بـ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}، ويقنت قبل الركوع".
وابن ميمون وثقه أبو حاتم، وقال النسائي: لا بأس به، ومخلد وثقه ابن معين، ويعقوب بن سفيان، وأخرج له الشيخان، وأخرج ابن ماجه أيضًا هذا الحديث بسند النسائي، فظهر بهذا أن ذكر القنوت عن زبيد زيادة ثقة من وجوه، فلا يصير سكوت من سكت عنه حجة على ما ذكره.
وقد روي القنوت في الوتر قبل الركوع عن الأسود وسعيد بن جبير والنخعي وغيرهم، رواه عنهم ابن أبي شيبة في "مصنفه"(2) بأسانيده.
(1)"سنن النسائي"(1699).
(2)
"مصنف ابن أبي شيبة"(2/ 302).
قَالَ أَبُو دَاوُدَ: يُرْوَى أَنَّ أُبَيًّا كَانَ يَقْنُتُ في النِّصْفِ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ.
1428 -
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَنْبَل، نَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ، أَنَا هِشَامٌ، عن مُحَمَّدٍ، عن بَعْضِ أَصْحَابِهِ: "أَنَّ أُبَيَّ بْنَ كَعْب أَمَّهُمْ - يَعْنِي في رَمَضَانَ- وَكَانَ يَقْنُتُ في النِّصْفِ الأخِيرِ (1) مِنْ رَمًضَانَ. [ق 2/ 498]
===
وقال أيضًا: ثنا أبو خالد الأحمر، عن أشعث، عن الحكم، عن إبراهيم قال: كان عبد الله لا يقنت في السَّنَةِ كلها في الفجر، ويقنت في الوتر كل ليلة قبل الركوع، قال أبو بكر بن أبي شيبة: هذا القول عندنا.
وقال أيضًا: ثنا يزيد بن هارون، ثنا هشام الدستوائي، عن حماد هو ابن أبي سليمان، عن إبراهيم، عن علقمة: أن ابن مسعود وأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كانوا يقنتون في الوتر قبل الركوع، وهذا سند صحيح على شرط مسلم.
وفي "الأشراف" لابن المنذر: روينا عن ابن عمر وعلي وابن مسعود وأبي موسى الأشعري وأنس والبراء وابن عباس وعمر بن عبد العزيز وعبيدة وحميد الطويل وابن أبي ليلى أنهم رأوا القنوت قبل الركوع، وبه قال إسحاق، انتهى.
(قال أبو داود: يروى أن أبيًّا كان يقنت في النصف) أي في النصف الأخير (من شهر رمضان) ذكره بصيغة التمريض، لأن في سنده مجهولًا كما سيذكر المصنف الحديث بسنده.
1428 -
(حدثنا أحمد بن محمد بن حنبل، نا محمد بن بكر، أنا هشام) بن حسان، (عن محمد) بن سيرين، (عن بعض أصحابه: أن أبي بن كعب أمهم) يعني جعل إمامًا للناس (يعني في رمضان، وكان) أبي (يقنت في النصف الأخير (2) من رمضان).
(1) في نسخة: "الآخر".
(2)
وفي "شرح الإقناع"(1/ 122): يندب القنوت في آخر وتره في النصف الثاني من =
1429 -
حَدَّثَنَا شُجَاعُ بْنُ مَخْلَدٍ، نَا هُشَيْمٌ، أَنَا يُونُسُ بْنُ عُبَيْدٍ، عن الْحَسَنِ:"أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه جَمَعَ النَّاسَ عَلَى أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، فَكَانَ يُصَلِّي لَهُمْ عِشْرِينَ لَيْلَةً (1)، وَلَا يَقْنُتُ بِهِمْ إِلَّا في النِّصفِ الْبَاقِي. فَإِذَا كَانَتِ الْعَشْرُ الأَوَاخِرُ تَخَلَّفَ، فَصلَّى (2) في بَيْتِهِ، فَكَانُوا يَقُولُونَ: أَبَقَ أُبَيٌّ". [ق 2/ 498]
قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَهَذَا
===
1429 -
(حدثنا شجاع بن مخلد، نا هشيم، أنا يونس بن عبيد، عن الحسن) البصري: (أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه جمع الناس على أبي بن كعب) أي كان الناس قبل ذلك يصلون أوزاعًا متفرقين فجمعهم عمر على أبي، (فكان) أبي (يصلي لهم عشرين ليلة، ولا يقنت بهم إلَّا في النصف الباقي) الظاهر أن المراد من النصف الباقي العشر الأوسط، كأنه لا يقنت في العشرة الأولى ويقنت في العشرة الثانية، وأما العشرة الثالثة فيتخلف فيها في بيته، ويتفرد عن الناس.
(فإذا كانت العشر الأواخر تخلف) أبي عن المسجد، (فصلى في بيته فكانوا) أي الناس (يقولون: أَبَقَ) أي فر وهرب (أبي، قال أبو داود: وهذا)
= رمضان، وهو كقنوت الصبح في لفظه ومحله والجهر به، وفيه أيضًا في الأبعاض القنوت في اعتدال ثانيه الصبح في حال الأمن، فإن نزلت نازلة يستحب في سائر الصلوات، ولفظه: اللَّهُمَّ اهدني فيمن هديت
…
إلخ. وليُسَنَّ للمنفرد ولإمام قوم محصورين رضوا بالتطويل قنوت عمر "اللهم إنا نستعينك
…
إلخ". وقال "الدردير": ندب قنوت سرًا بصبح فقط قبل الركوع "اللهم إنا نستعينك
…
إلخ"، قال الدسوقي: لا في وتر ولا في سائر الصلوات عند الحاجة". ("حاشية الدسوقي" 1/ 398). (ش).
(1)
في نسخة بدله: "ركعة"، كذا في نسخة مقروءة على الشيخ مولانا محمد إسحاق - رحمه الله تعالى-[قلت: وكذا في رواية الذهبي في "سير أعلام النبلاء"(1/ 400)"ركعة". وانظر التعليق عليه فيه]. (ش).
(2)
في نسخة: "فيصلي".
يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الَّذِي ذُكِرَ في الْقُنُوتِ لَيْسَ بِشَئٍ وَهَذَانِ الْحَدِيثَانِ يَدُلَّانِ عَلَى ضُعْفِ حَدِيثِ أُبَيٍّ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَنَتَ في الْوِتْرِ.
===
أي قنوت أبي في النصف الباقي من رمضان (يدل على أن الذي ذكر في القنوت) أي من كونه قبل الركوع (ليس بشيء، وهذان الحديثان يدلان على ضعف حديث أبي: أن النبي صلى الله عليه وسلم قنت في الوتر).
قلت: ليس في هذين الحديثين دلالة على ضعف حديث أبي المتقدم، لأن الحديثين ضعيفان، أما الأول ففي سنده مجهول، وأما الثاني ففيه انقطاع، قال صاحب "الجوهر النقي" (1): أثر أبي في سنده مجهول، والحسن لم يدرك عمر، لأنه ولد لسنتين بقيتا من خلافته.
قلت: وقد روى البخاري ومسلم من حديث (2) عاصم الأحول قال: سألت أنس بن مالك عن القنوت فقال: قد كان القنوت، قلت: قبل الركوع أو بعده؟ قال: قبله، قال: فإن فلانًا أخبرني عنك أنك قلت بعد الركوع؟ قال: كذب، إنما قنت رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد الركوع شهرًا، أراه كان بعث قومًا يقال لهم القُرَّاء، زهاء سبعين رجلًا إلى قوم مشركين دون أولئك، وكان بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم عهد، فقنت رسول الله صلى الله عليه وسلم شهرًا يدعو عليهم، هذا لفظ البخاري.
قال الحافظ (3): وقد وافق عاصمًا على روايته هذه عبد العزيز بن صهيب عن أنس، كما سيأتي في المغازي بلفظ:"سأل رجل أنسًا عن القنوت بعد الركوع، أو عند الفراغ من القراءة؟ "(4)، ومجموع ما جاء عن أنس في ذلك أن القنوت للحاجة بعد الركوع لا خلاف عنه في ذلك، وأما لغير الحاجة فالصحيح عنه أنه قبل الركوع، انتهى.
(1)(2/ 498).
(2)
أخرجه البخاري (1002)، ومسلم (677).
(3)
"فتح الباري"(2/ 491).
(4)
أخرجه البخاري (4088).