الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(21) بَابٌ: في تَعْجِيلِ الزَّكاةِ
1623 -
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ الصَّبَّاحِ، نَا شَبَابَةُ، عن وَرْقَاءَ، عن أَبِي الزِّنَادِ، عن الأَعْرَج، عن أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: بَعَثَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه عَلَى الصَّدَقَةِ، فَمَنَعَ ابْنُ جَمِيلٍ،
===
(21)
(بَابٌ: في تَعْجيلِ الزَّكَاةِ)(1)
1623 -
(حدثنا الحسن بن الصباح، نا شبابة) بن سوار، (عن ورقاء) بن عمر، (عن أبي الزناد) عبد الله بن ذكوان، (عن الأعرج، عن أبي هريرة قال: بعث النبي صلى الله عليه وسلم عمر بن الخطاب رضي الله عنه) أي ساعيًا (على الصدقة) أي الزكاة الفرض؛ لأن التطوعات لا تبعث عليه السعاة، وقال ابن القصار المالكي: الأليق أنها صدقة التطوع لأنه لا يظن بهؤلاء الصحابة أنهم منعوا الفرض (2)، وتعقب بأنهم ما منعوه كلهم جحدًا ولا عنادًا.
أما ابن جميل فقد قيل: إنه كان منافقًا ثم تاب بعد ذلك، كذا حكاه المهلب، وجزم القاضي حسين في تعليقه أن فيه نزلت:{وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ} (3) الآية، والمشهور أنها نزلت في ثعلبة.
وأما خالد فكان متأولًا بإجزاء ما حبسه عن الزكاة وكذلك العباس، قاله الحافظ (4).
(فمنع ابن جميل) قائل ذلك عمر، قال الحافظ: لم أقف على اسمه في كتب الحديث، لكن وقع في تعليق القاضي الحسين المروزي الشافعي، وتبعه الرؤياني: أن اسمه عبد الله، ووقع في شرح الشيخ سراج الدين ابن الملقن: أن ابن بزيزة سماه حميدًا، ولم أر ذلك في كتاب ابن بزيزة، ووقع في رواية
(1) واختلف الأئمة في ذلك كما بسط في "الأوجز"(6/ 306، 307). (ش).
(2)
ويؤيده أن عبد الرزاق ذكر هذا الحديث، وروى أنه عليه السلام ندب إلى الصدقة، الحديث، قاله النووي (4/ 64). (ش).
(3)
سورة التوبة: الآية 75.
(4)
"فتح الباري"(3/ 333).
وَخَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ، وَالْعَبَّاسُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَا يَنْقِمُ ابْنُ جَمِيلٍ إلَّا أَنْ كَانَ فَقِيرًا فَأَغْنَاهُ اللَّهُ، وَأَمَّا خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ، فَإِنَّكُمْ تَظْلِمُونَ خَالِدًا، فَقَدِ احْتَبَسَ أَدْرَاعَهُ وَأَعْتُدَهُ فِى سَبِيلِ اللَّهِ عز وجل،
===
ابن جريج: أبو جهم بن حذيفة، بدل: ابن جميل، وهو خطأ لإطباق الجميع على ابن جميل، وذكر بعض المتأخرين أن أبا عبيد البكري ذكر في "شرح الأمثال" له: أنه أبو جهم بن جميل (وخالد بن الوليد، والعباس) بن عبد المطلب.
(فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما ينقم) بكسر القاف أي ما ينكر أو يكره (ابن جميل إلَّا أن كان فقيرًا فأغناه الله). وفي رواية البخاري (1): "فأغناه الله ورسوله"، قال الحافظ: إنما ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم نفسه لأنه كان سببًا لدخوله في الإِسلام، فأصبح غنيًّا بعد فقره بما أفاء الله على رسوله، وأباح لأمته من الغنائم، وهذا السياق من باب تأكيد المدح (2) بما يشبه الذم؛ لأنه إذا لم يكن له عذر إلَّا ما ذكر من أن الله أغناه فلا عذر له، وفيه التعريضُ بكفران النعم وتقريع بسوء الصنيع في مقابلة الإحسان.
(وأما خالد بن الوليد فإنكم تظلمون خالدًا) أي تظلمونه بطلب الزكاة منه إذ ليس عليه زكاة؛ لأنه (فقد احتبس) أي وقف (أدراعه) جمع الدرع (وأعتُدَه) جمع عتاد، وهو ما أعده الرجال من السلاح والدواب وآلات الحرب (في سبيل الله عز وجل وأنتم تظلمونه بأن تعدوها من عروض التجارة فتطلبون الزكاة منه.
وفيه دليل على جواز احتباس آلات الحرب حتى الخيل والإبل والثياب والبسط، وعلى جواز وقف المنقولات كما قال به محمد رحمه الله، وقيل: تظلمونه بدعوى منع الزكاة منه، والحال أنه قد وقف تبرعًا سلاحَه في سبيل الله، أو قصد باحتباسها إعدادها للجهاد دون التجارة، وقيل: تظلمونه بطلب ما زاد على الواجب، فإنه قد احتبس الأدراع والأعتد في سبيل الله، فكيف يمنع الزكاة
(1)"صحيح البخاري"(1468).
(2)
كتب الشيخ محمد أسعد الله: بل تأكيد الذم بما يشبه المدح. (ش).
وَأَمَّا الْعَبَّاسُ عَمُّ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَهِىَ عَلَىَّ وَمِثْلُهَا» ، ثُمَّ قَالَ:«أَمَا شَعَرْتَ أَنَّ عَمَّ الرَّجُلِ صِنْوُ الأَبِ» ، أَوْ:«صِنْوُ أَبِيهِ» . [خ 1468، م 983، ن 2464، قط 2/ 123، خزيمة 2330]
===
التي هي من فرائض الله المؤكدة، وقيل: بدعوى أنه غني وقد احتبس من رهن أسلحته المحتاج إليها في سبيل الله، أو لأجل مرضاة الله، ففي تعليلية.
(وأما العباس عم رسول الله صلى الله عليه وسلم فهي) أي صدقة العباس للسنة الذاهبة (علي، ومثلها) معها أي مثل تلك الصدقة في كونها فريضة عام آخر لا في السنين والقدر، قيل: أخر عنه زكاة عامين لحاجة بالعباس، وتكفل بها عنه.
ويعضده ما في "جامع الأصول"(1): أنه عليه الصلاة والسلام أوجبها عليه، وضمَّنَها إياه ولم يقبضها، وكان دينًا على العباس لأنه رأى به حاجة. وقيل: تأويله أنه عليه الصلاة والسلام أخذ منه زكاة سنتين تقديمًا عام شكا العامل.
ويؤيده ما روي أنه عليه السلام قال (2): "إنا تسلَّفنا من العباس صدقة عامين"(3). وروي: "إنا تعجلنا"، والجمع بين الروايتين بالحمل على وقوع القضيتين، وفي رواية البخاري:"فهي عليه صدقة ومثلها معها"، فالمعنى فهي صدقة ثابتة عليه سيصدق بها، ويضيف إليها مثلها كرمًا.
(ثم قال: أما شعرت) بفتح العين والهمزة استفهامية، أي: أما علمت (أن عم الرجل صنو الأب، أو صنو أبيه) بكسر الصاد وسكون النون، أي مثله ونظيره، إذ يقال لنخلتين نبتتا من أصل واحد: صنوان، ولأحدهما صنو، والمعنى: أما تنبهت أنه عمي وأبي فكيف تتهمه بما ينافي حاله؟ ! لعل له عذرًا وأنت تلومه، وقيل: المعنى: لا تؤذه رعاية لجانبي، ومناسبة الحديث بالباب في قوله:"فهي علي ومثلها"، بأنه صلى الله عليه وسلم أخذها منه معجلًا، فثبت بذلك تعجيل الزكاة.
(1) انظر: "جامع الأصول"(4/ 572).
(2)
انظر: "سنن الترمذي"(679).
(3)
ولما لم يجوزه الشافعية أولوها كما في "شرح الإحياء". (انظر: "إتحاف السادة المتقين" 4/ 145). (ش).
1624 -
حَدَّثَنَا سعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، نَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ زَكَرِيَّا، عن الْحَجَّاجِ بْنِ دِينَارٍ، عن الْحَكَمِ، عن حُجَيّةَ، عن عَلِيٍّ:"أَنَّ الْعَبَّاسَ سَأَلَ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم في تَعْجِيلِ الصَّدَقَةِ قَبْلَ أَنْ تَحُلَّ، فَرَخَّصَ لَهُ في ذَلِكَ"(1). [ت 678، جه 1795، دي 1636، خزيمة 2331، حم 4/ 104، ق 1/ 111، ك 3/ 332، قط 2/ 123]
قَالَ أَبُو دَاوُدَ: رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ هُشَيْمٌ، عن مَنْصُورِ بْنِ زَاذَان، عن الْحَكَمِ، عن الْحَسَنِ بْنِ مُسْلِمٍ، عن النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَحَدِيثُ هُشَيْمٍ أَصَحُّ.
===
1624 -
(حدثنا سعيد بن منصور، نا إسماعيل بن زكريا، عن الحجاج بن دينار، عن الحكم) بن عتيبة، (عن حجية) كعلية، ابن عدي الكندي الكوفي، قال في "الميزان" (2) قال أبو حاتم: شبه مجهول، لا يحتج به، قلت: روى عنه الحكم، وسلمة بن كهيل، وأبو إسحاق، وهو صدوق إن شاء الله، قد قال فيه العجلي: ثقة، قال في "التهذيب": ذكره ابن حبان في "الثقات"، (عن علي: أن العباس سأل النبي صلى الله عليه وسلم في تعجيل الصدقة قبل أن تحل) أي قبل حلول وقتها، (فرخص له) أي للعباس (في ذلك)، أي في تعجيل الصدقة.
(قال أبو داود: روى هذا الحديث هشيم، عن منصور بن زاذان، عن الحكم، عن الحسن بن مسلم، عن النبي صلى الله عليه وسلم، وحديث هشيم) مرسل؛ لأن الحسن تابعي لم يذكر الصحابي، والمرسل (أصح) (3) قال الشوكاني (4): حديث علي أخرجه الخمسة إلَّا النسائي، وأيضًا الحاكم، والدارقطني، والبيهقي، وفيه اختلاف ذكره الدارقطني، ورجح إرساله، وكذا رجحه أبو داود.
(1) زاد في نسخة بعده: "قال مرة: فأذن له في ذلك".
(2)
"ميزان الاعتدال"(1/ 466)، رقم (1759).
(3)
قلت: كذا قال الدارقطني في "سننه"(2/ 123)، وفي "علله"(3/ 189)، والبيهقي (4/ 111)، والبزار (4/ 304)، رقم (1482)؛ كلهم أجمعوا على أن الأصح ما رواه منصور عن الحكم عن الحسن بن مسلم مرسلًا.
(4)
"نيل الأوطار"(3/ 108).