الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قَالَ ابْنُ مَسْلَمَةَ وَابْنُ عِيسَى: عن مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، عن جَابِرٍ.
(368) بَابٌ: في الاسْتِعَاذَةِ
1539 -
حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَالَ:
===
للتخيير، أي أنت مخير إن شئت، قلت: عاجل أمري وآجله، أو قلت: معاشي وعاقبة أمري.
وقال العسقلاني (1): الظاهر أنه شك في أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "عاقبة أمري"، أو قال:"عاجل أمري وآجله". [وإليه ذهب القوم] حيث قالوا: هي على أربعة أقسام: خير في دينه دون دنياه، وهو مقصود الأبدال، وخير في دنياه وهو حظ حقير، وخير في العاجل دون الآجل وبالعكس، وهو أولى، والجمع أفضل، ويحتمل أن يكون الشك في أنه عليه الصلاة والسلام قال:"في ديني ومعاشي وعاقبة أمري"، أو قال بدل الألفاظ الثلاثة:"في عاجل أمري وآجله"، ولفظ "في" المعادة في قوله:"في عاجل أمري" ربما يؤكد هذا، وعاجل الأمر يشمل الديني والدنيوي، والآجل يشملهما والعاقبة.
(قال ابن مسلمة) عبد الله (وابن عيسى) أي محمد: (عن محمد ابن المنكدر، عن جابر) أي آتيًا بلفظ "عن" لا بلفظ التحديث والسماع.
(368)
(بَابٌ: فِي الاسْتِعَاذَةِ)
أي: من الأمور الضارة في الدنيا والآخرة
1539 -
(حدثنا عثمان بن أبي شيبة، نا وكيع، نا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن عمرو بن ميمون، عن عمر بن الخطاب قال:
(1) كذا في الأصل، وفي "المرقاة": قال الطيبي.
"كَانَ النَّبِيُّ (1) صلى الله عليه وسلم يَتَعَوَّذُ مِنْ خَمْسٍ: مِنَ الْجُبْنِ، وَالْبُخْلِ، وَسُوءِ الْعُمُرِ، وَفِتْنَةِ الصَّدْرِ، وَعَذَابِ الْقَبْرِ". [ن 5443، جه 3844]
1540 -
حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، أَخْبَرَنَا الْمُعْتَمِرُ قَالَ: سَمِعْتُ أَبِى قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «اللَّهُمَّ إِنِّى أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْعَجْزِ وَالْكَسَلِ، وَالْجُبْنِ وَالْبُخْلِ وَالْهَرَمِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الْمَحْيَا وَالْمَمَاتِ» . [خ 6367، م 2706، ن 5448]
===
كان النبي صلى الله عليه وسلم يتعوذ من خمس) ذكر العدد لا ينفي الزيادة عليه (من الجبن) هو ضد الشجاعة، فإن الجبان لا يأتي فريضة القتال، ولا يأتي فريضة الأمر بالمعروف، وإظهار كلمة الحق لخوف اللوم (والبخل) والبخيل لا يؤدي حقوق الأموال (وسوء العمر) أي أرذله وآخره في حال الكبر والعجز والخرق، وأرذل الشيء رديئه (وفتنة الصدر) أي ما ينطوي عليه الصدر من القساوة، والحقد، والحسد، والعقائد الباطلة، والأخلاق السيئة، وقيل: المراد به الضيق المشار إليه بقوله تعالى: {وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ} (2)، وهي الإنابة إلى دار الغرور، والتجافي عن دار الخلود (وعذاب القبر).
1540 -
(حدثنا مسدد، نا المعتمر) بن سليمان (قال: سمعت أبي) سليمان التيمي (قال: سمعت أنس بن مالك يقول: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: اللهُمَّ إني أعوذ بك من العجز) أي عدم القدرة على العبادة والانتقام من الأعداء (والكسل) أي التثاقل عن الخير (والجبن) أي عدم الإقدام على مخالفة النفس والشيطان، أو عدم الإقدام على قتال أعداء الدين (والبخل والهرم) وهو كبر سن يؤدي إلى تساقط بعض القوى وضعفها.
(وأعوذ بك من عذاب القبر، وأعوذ بك من فتنة المحيا والممات)
(1) في نسخة: "رسول الله".
(2)
سورة الأنعام: الآية 125.
1541 -
حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ وَقُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَا: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ - قَالَ سَعِيدٌ: الزُّهْرِىُّ -، عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِى عَمْرٍو، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: كُنْتُ أَخْدُمُ النَّبِىَّ (1) صلى الله عليه وسلم، فَكُنْتُ أَسْمَعُهُ كَثِيرًا يَقُولُ: «اللَّهُمَّ إِنِّى أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْهَمِّ وَالْحَزَنِ، وَظَلْعِ (2) الدَّيْنِ،
===
أي الحياة والموت، والمراد بفتنة الموت قيل: فتنة القبر، ويجوز أن يكون اسم مكان، والمقصود حينئذ فتنة المنزلة والمكان عند الحياة وعند الموت.
1541 -
(حدثنا سعيد بن منصور وقتيبة بن سعيد قالا: نا يعقوب بن عبد الرحمن) بن محمد بن عبد الله بن عبد القاري بتشديد التحتانية، المدني، حليف بني زهرة، نزيل الإسكندرية، (قال سعيد) بن منصور شيخ المصنف:(الزهري) أي زاد لفظ "الزهري" بعد قوله: يعقوب بن عبد الرحمن، ولم يزده قتيبة، (عن عمرو بن أبي عمرو، عن أنس بن مالك قال: كنت أخدم النبي صلى الله عليه وسلم، فكنت أسمعه كثيرًا يقول: اللهُمَّ إني أعوذ بك من الهم والحزن) الهم والحزن بمعنى واحد، وقيل: الهم ما يتصور من المكروه الحالي، والحزن لما في الماضي.
(وظلع الدين) وفي حاشية (3) الأصل المكتوبة قوله: "ظلع الدين"، كذا في الأصل المنقول عنه مصححًا كليه كما ترى، والذي في أصول صحيحة "ضلع الدين" بالضاد المعجمة، وضبط كذلك في حاشية أبي داود، وذكره في "النهاية" في مادة "ض ل ع"، قال الحافظ (4): هو بفتح المعجمة واللام: الإعوجاج، يقال: ضلع بفتح اللام، والمراد به هنا ثقل الدين وشدته، وذلك حيث لا يجد من عليه الدين وفاءها، ولا يسامح الدائن مع المطالبة الشديدة.
(1) في نسخة: "رسول الله".
(2)
في نسخة: "ضلع".
(3)
وفيها أيضًا بالظاء المعجمة بفتحتين: الضعف، وفي "المجمع" (3/ 414) بفتح اللام: الميل عن الحق، لكنه لم يذكر في ظلع هذا الحديث. (ش).
(4)
"فتح الباري"(11/ 174).
وَغَلَبَةِ الرِّجَالِ» ، وَذَكَرَ بَعْضَ مَا ذَكَرَهُ التَّيْمِىُّ. [خ 2893، ت 3484، ن 5449]
1542 -
حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِىُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أَبِى الزُّبَيْرِ الْمَكِّىِّ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (1) كَانَ يُعَلِّمُهُمْ هَذَا الدُّعَاءَ كَمَا يُعَلِّمُهُمُ السُّورَةَ مِنَ الْقُرْآنِ يَقُولُ: «اللَّهُمَّ إِنِّى أَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ جَهَنَّمَ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ،
===
(وغلبة الرجال) قيل: الإضافة إلى الفاعل أو إلى المفعول، فكأنه إشارة إلى التعوذ من أن يكون مظلومًا أو ظالمًا، وفيه إيماء إلى العوذ من الجاه المفرط والذل المهين.
وقال الكرماني: هذا الدعاء من جوإمع الكلم؛ لأن أنواع الرذائل ثلاثة: نفسانية وبدنية وخارجية، [فالأولى] بحسب القوى التي للإنسان، وهي ثلاثة: العقلية والغضبية والشهوانية، فالهم والحزن متعلق بالعقلية، والجبن بالغضبية، والبخل بالشهوانية، والعجز والكسل بالبدنية، والثاني يكون عند سلامة الأعضاء وتمام الآلات والقوى، والأول عند نقصان عضو ونحوه، والضلع والغلبة بالخارجية، فالأول مالي، والثاني جاهي، والدعاء مشتمل على جميع ذلك.
(وذكر) عمرو بن أبي عمرو أو يعقوب بن عبد الرحمن (بعض ما) أي الأمور المستعاذ منها (ذكره التيمي) أي سليمان أو ابنه المعتمر.
1542 -
(حدثنا القعنبي، عن مالك، عن أبي الزبير المكي، عن طاوس، عن عبد الله بن عباس: أن رسول الله) صلى الله عليه وسلم (كان يعلمهم) أي أصحابه (هذا الدعاء كما يعلمهم السورة من القرآن يقول: اللهُمَّ إني أعوذ بك من عذاب جهنم، وأعوذ بك من عذاب القبر، وأعوذ بك من فتنة المسيح الدجال)
(1) زاد في نسخة: "صلى الله عليه وسلم".
وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الْمَحْيَا وَالْمَمَاتِ". [تقدم تخريجه برقم 984]
1543 -
حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى الرَّازِىُّ، أَخْبَرَنَا عِيسَى، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ: أنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَدْعُو بِهَؤُلَاءِ الْكَلِمَاتِ: «اللَّهُمَّ إِنِّى أَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ النَّارِ، وَعَذَابِ النَّارِ، وَمِنْ شَرِّ الْغِنَى وَالْفَقْرِ» . [خ 6375، م 587، ت 3495، ن 5466، جه 3838]
1544 -
حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِىَّ (1) صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقُولُ: «اللَّهُمَّ إِنِّى أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْفَقْرِ
===
والمسيح الدجال هو الذي يخرج في آخر الزمان، ويدعي الألوهية، ويدعو الناس إليه، والدجال من يكثر منه الكذب والتلبيس، فإن الدجال صيغة مبالغة من الدجل، وهو تمويه الشيء، وكل شيء غطيته فقد دجلته، وإنما يقال له: المسيح، لأنه مسحت عينه، أو لأنه يمسح الأرض في زمان قليل.
(وأعوذ بك من فتنة المحيا والممات).
1543 -
(حدثنا إبراهيم بن موسى الرازي، أنا عيسى) بن يونس، (نا هشام) بن عروة، (عن أبيه) عروة بن الزبير، (عن عائشة: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يدعو بهولاء الكلمات: اللَهُمَّ إني أعوذ بك من فتنة النار) أي فتنة تؤدي إلى النار (وعذاب النار، ومن شر) فتنة (الغِنَى) مثل الأشر والبطر والشح من حقوق المال، وإنفاقه فيما لا يحل من إسراف وباطل (والفقر) كالتسخط وقلة الصبر والوقوع في حرام أو شبهه للحاجة.
1544 -
(حدثنا موسى بن إسماعيل، نا حماد، أنا إسحاق بن عبد الله، عن سعيد بن يسار، عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول: اللهُمَّ إني أعوذ بك من الفقر) أصل الفقر كسرُ فِقَار الظهر، والفقر يستعمل على أربعة أوجه:
(1) في نسخة: "رسول الله".
وَالْقِلَّةِ وَالذِّلَّةِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ أَنْ أَظْلِمَ أَوْ أُظْلَمَ». [ن 5460، حم 3/ 305، ك 1/ 540]
1545 -
حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْفٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْغَفَّارِ بْنُ دَاوُدَ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ،
===
الأول: وجود الحاجة الضرورية، وذلك عام للإنسان ما دام في دار الدنيا، بل عام للموجودات كلها، وعليه قوله تعالى:{يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ} (1)، والثاني: عدم المقتنيات، وهو المذكور في قوله تعالى:{لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا} و {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ} (2)، والثالث: فقر النفس، وهو المقابل لقوله:"الغنى غنى النفس"، والرابع: الفقر إلى الله تعالى اليسار إليه بقوله: "اللهُمَّ اغنني بالافتقار إليك، ولا تفقرني بالاستغناء عنك"، أقول: فالمستعاذ منه في الحديث القسم الثاني، وإنما استعاذ منه عند عدم الصبر وقلة الرضا به، أو استعاذ من الفقر الذي هو فقر النفس لا قلة المال (3).
(والقلة) أي قلة الخيرات (والذلة) أي هَوانِ النفس الموجبة للهوان عند الله، (وأعوذ بك من أن أظلم) أي أكون ظالمًا (أو أظلم) أي أن أكون مظلومًا.
1545 -
(حدثنا) محمد (بن عوف، نا عبد الغفار بن داود) بن مهران، أبو صالح الحراني، نزيل مصر، ثقة فقيه، وكان يكره أن يقال له الحراني. وكان فقيهًا على مذهب أبي حنيفة، وكان ثقة ثبتًا حسن الحديث.
(نا يعقوب بن عبد الرحمن، عن موسى بن عقبة، عن عبد الله بن دينار،
(1) سورة فاطر: الآية 15.
(2)
سورة التوبة: الآية 60.
(3)
مختصرًا من الحاشية، وحكاه فيها عن الطيبي (6/ 1916) مفصلاً، وذكر الشيخ مرزا مظهرجان جانان في "مكاتيبه": إن الفقير في الشريعة من لا مال عنده، وفي الطريقة من لا في قلبه غيره تعالى، وبهذا المعنى افتخر عليه السلام بقوله:"الفقر فخري"، انتهى مختصرًا، قلت: لكن السخاوي قال: هو باطل موضوع. (ش).
عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: كَانَ مِنْ دُعَاءِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «اللَّهُمَّ إِنِّى أَعُوذُ بِكَ مِنْ زَوَالِ نِعْمَتِكَ، وَتَحْوِيلِ عَافِيَتِكَ، وَفُجَاءَةِ نِقْمَتِكَ، وَجَمِيعِ سَخَطِكَ» . [م 2739، ك 1/ 531]
1546 -
حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ، حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ، حَدَّثَنَا ضُبَارَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى السَّلِيكِ (1)،
===
عن ابن عمر قال: كان من دعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللهُمَّ إني أعوذ بك من زوال نعمتك) أي الدينية أو الدنيوية النافعة في الأمور الأخروية، (وتحويل عافيتك) وفي نسخة:"تحول" بضم الواو المشددة، وكذا في "الحصن" معزوًا إلى مسلم وأبي داود والنسائي، أي انتقالها من السمع والبصر وسائر الأعضاء.
فإن قلت: ما الفرق بين الزوال والتحول؟
قلت: الزوال يقال في شيء كان ثابتًا ثم فارقه، والتحول تغير الشيء وانفصاله عن غيره، فمعنى زوال النعمة ذهابها من غير بدل، وتحول العافية إبدال الصحة بالمرض، والغنى بالفقر.
(وفجاءة) بضم الفاء وفتح الجيم ممدودة، من فاجأه مفاجأة إذا جاءه بغتة، وروي بفتح الفاء وإسكان الجيم من غير مد (نقمتك) بكسر فسكون، وفي نسخة بفتح فكسر ككلمة، وهي العقوبة، وخص فجاءة النقمة بالذكر، لأنها أشد من أن تصيب تدريجًا، (وجميع سخطك) أي ما يؤدي إلى السخط.
1546 -
(حدثنا عمرو بن عثمان، نا بقية) بن الوليد، (نا ضبارة) بضم أوله وفتح الموحدة (ابن عبد الله) بن مالك (بن أبي السليك) الحضرمي، ويقال: الألهاني، أبو شريح الحمصي، ومنهم من ينسبه إلى جده، ومنهم من ينسبه إلى أبي السليك، وقيل: هم ثلاثة، ذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال:
(1) في نسخة بدله: "السليل".
عَنْ دُوَيْدِ بْنِ نَافِعٍ، حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ السَّمَّانُ قَالَ: قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَدْعُو يَقُولُ: «اللَّهُمَّ إِنِّى أَعُوذُ بِكَ مِنَ الشِّقَاقِ وَالنِّفَاقِ وَسُوءِ الأَخْلَاقِ» . [ن 5471]
1547 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ، عَنِ (1) ابْنِ إِدْرِيسَ، عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ، عَنِ الْمَقْبُرِىِّ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ:
===
يعتبر حديثه من رواية الثقات عنه، قلت: وذكره ابن عدي في "الكامل"، وساق له ستة أحاديث مناكير، وفرق تبعًا للبخاري بين ضبارة بن عبد الله بن أبي السليك، فقال فيه: القرشي، وبين ضبارة بن مالك بن أبي السليك، فقال فيه: الحضرمي، وقال ابن القطان: أخاف أن يكونا واحدًا، اضطرب بقيه فيه، ويحتاج من جعلهما واحدًا أن يضم إلى كونه قرشيًّا أن يكون حضرميًّا ولاء أو حلفًا لإحدى القبيلتين، وكيفما كان فهو مجهول.
(عن دويد) بدالين مهملتين مصغرًا، وقيل: أوله معجمة (ابن نافع) الأموي مولاهم، أبو عيسى الشامي، قال ابن حبان: مستقيم الحديث إذا كان دونه ثقة، قلت: وذكر ابن خلفون أن الذهلي والعجلي وثقاه.
(نا أبو صالح السمان) ذكوان (قال: قال أبو هريرة: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يدعو يقول: اللهُمَّ إني أعوذ بك من الشقاق) بكسر الشين: الخلاف والعداوة (والنفاق) أي إظهار الإِسلام وإبطان الكفر، قال الطيبى (2): أي تظهر لصاحبك خلاف ما تضمر، وقيل: النفاق في العمل بكثرة كذبه، وخيانة أمانته، والفجور في مخاصمته، وخلف وعده، والأظهر أن اللام للجنس، فيشمل جميع أفراده (وسوء الأخلاق) من عطف العام على الخاص.
1547 -
(حدثنا محمد بن العلاء، عن ابن إدريس) عبد الله، (عن ابن عجلان، عن المقبري، عن أبي هريرة قال:
(1) في نسخة: "أخبرنا".
(2)
"شرح الطيبي"(5/ 193)، و"مرقاة المفاتيح"(5/ 324).
كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «اللَّهُمَّ إِنِّى أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْجُوعِ، فَإِنَّهُ بِئْسَ الضَّجِيعُ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ الْخِيَانَةِ، فَإِنَّهَا بِئْسَتِ الْبِطَانَةُ» . [ن 5468]
1548 -
حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِى سَعِيدٍ الْمَقْبُرِىِّ، عَنْ أَخِيهِ عَبَّادِ بْنِ أَبِى سَعِيدٍ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «اللَّهُمَّ إِنِّى أَعُوذُ بِكَ
===
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: اللهُمَّ إني أعوذ بك من الجوع) أي الألم الذي ينال الحيوان من خلو المعدة من الغذاء، استعاذ منه لظهور أثره في بدن الإنسان وقواه الظاهرة والباطنة، ومنعه من الطاعات والخيرات، (فإنه بئس الضجيع) فالضجيع من ينام معك في فراشك، أي المضاجع، سماه مضاجعًا للزومه للإنسان في النوم واليقظة، وفيه إشارة إلى أن الجوع المذموم الذي يلزم الإنسان ويتضرر منه.
(وأعوذ بك من الخيانة) وهو ضد الأمانة، قال الطيبي (1): هي مخالفة الحق بنقض العهد في السر، والأظهر أنها شاملة بجميع التكاليف الشرعية، كما أشير إليه في قوله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ} (2)، (فإنها) أي الخيانة (بئست البطانة) أي الخصلة الباطنة، والبطانة بالكسر السريرة من الثياب خلاف ظهارته، فاتسع فيما يستبطن الإنسان في أمره فجعله بطانة حاله.
1548 -
(حدثنا قتيبة بن سعد، نا الليث، عن سعيد بن أبي سعيد المقبري، عن أخيه عباد بن أبي سعيد) المقبري، روى له أبو داود والنسائي وابن ماجه حديثًا واحدًا في الاستعاذة من علم لا ينفع، قلت: قال ابن خلفون في "الثقات": وثقه محمد بن عبد الرحيم التبَّان.
(أنه سمع أبا هريرة يقول: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: اللهُمَّ إني أعوذ بك
(1) انظر: "مرقاة المفاتيح"(5/ 325).
(2)
سورة الأنفال: الآية 27.
مِنَ الأَرْبَعِ: مِنْ عِلْمٍ لَا يَنْفَعُ، وَمِنْ قَلْبٍ لَا يَخْشَعُ، وَمِنْ نَفْسٍ لَا تَشْبَعُ، وَمِنْ دُعَاءٍ لَا يُسْمَعُ». [ن 5467، جه 3837]
1549 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُتَوَكِّلِ، حَدَّثَنَا الْمُعْتَمِرُ قَالَ: قَالَ أَبُو الْمُعْتَمِرِ، أُرَى أَنَّ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ حَدَّثَنَا أَنَّ النبي (1) صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقُولُ:«اللَّهُمَّ إِنِّى أَعُوذُ بِكَ مِنْ صَلَاةٍ لَا تَنْفَعُ» ، وَذَكَرَ دُعَاءً آخَرَ.
1550 -
حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ هِلَالِ بْنِ يِسَافٍ، عَنْ فَرْوَةَ بْنِ نَوْفَلٍ الأَشْجَعِىِّ قَالَ: سَأَلْتُ عَائِشَةَ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ عَمَّا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَدْعُو بِهِ، قَالَتْ:
===
من الأربع: من علم لا ينفع) أي لا لي، ولا لغيري، ولا في الدنيا من العمل به، ولا في الآخرة من الثواب عليه، (ومن قلب لا يخشع) أي عند ذكر الله تعالى، (ومن نفس لا تشبع) من الدنيا ولذاتها، أو من الأكل، (ومن دعاء لا يسمع) أي: لا يستجاب.
1549 -
(حدثنا محمد بن المتوكل، نا المعتمر) بن سليمان (قال: قال أبو المعتمر) أي أبي وهو سليمان بن طرخان: (أرى) بصيغة المتكلم المجهول أي: أظن (أن أنس بن مالك حدثنا) أي يقول: لم يحدثني أنس بن مالك يقينًا بل أظن ذلك (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول: اللهُمَّ إني أعوذ بك من صلاة لا تنفع) في الدنيا والآخرة، (وذكر دعاء آخر).
1550 -
(حدثنا عثمان بن أبي شيبة، نا جرير، عن منصور، عن هلال بن يساف، عن فروة بن نوفل الأشجعي) الكوفي، مختلف في صحبته، والصواب أن الصحبة لأبيه، وفروة بن نوفل من الخوارج، خرج على المغيرة بن شعبة في صدر خلافة معاوية، فبعث إليهم المغيرة فقتلوا.
(قال: سألت عائشة أم المومنين عما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو به، قالت:
(1) في نسخة بدله: "رسول الله".
كَانَ يَقُولُ: «اللَّهُمَّ إِنِّى أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا عَمِلْتُ وَمِنْ شَرِّ مَا لَمْ أَعْمَلْ» . [م 2716، ن 1307، جه 3839، حم 3/ 31]
1551 -
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ. (ح): وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ - الْمَعْنَى - عَنْ سَعْدِ بْنِ أَوْسٍ، عَنْ بِلَالٍ الْعَبْسِىِّ، عَنْ شُتَيْرِ بْنِ شَكَلٍ،
===
كان يقول: اللَّهُمَّ إني أعوذ بك من شر ما عملت، ومن شر ما لم أعمل) استعاذته من شر ما لم أعمل على وجهين: أحدهما: أن يبتلى به في مستقبل الزمان، والثاني: أن يتداخله العجب في ذلك، ذكره التوربشتي، وفصله الأشرف فقال: استعاذ من أن يعمل في مستقبل الزمان ما لا يرضاه الله تعالى، فإنه:{فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ} (1) وقيل: أن يصير معجبًا بنفسه في ترك القبائح، وسأل أن يرى ذلك من فضل الله تعالى.
1551 -
(حدثنا أحمد بن حنبل، نا محمد بن عبد الله بن الزبير، ح: وحدثنا أحمد، نا وكيع، المعنى) أي معنى حديث محمد بن عبد الله ووكيع واحد، (عن سعد بن أوس) العبسي بموحدة ثم مهملة، أبو محمد الكاتب الكوفي، قال العجلي: كوفي ثقة، وذكره ابن حبان في "الثقات"، له في السنن ثلاثة أحاديث، الأول في التعوذ، والثاني في اللقطة عند أبي داود، والثالث في تسمية الخمر بغير اسمه عند ابن ماجه، قال الأزدي: ضعيف.
(عن بلال) بن يحيى (العبسي) الكوفي، ذكره ابن حبان في "الثقات"، وعن يحيى بن معين: ليس به بأس، (عن شتير بن شكل) بن حميد العبسي، أبو عيسى الكوفي، قال العجلي والنسائي: ثقة، وذكره ابن حبان في "الثقات"، قال أبو موسى في "ذيل الصحابة": يقال: إنه أدرك الجاهلية، قال ابن سعد: توفي زمن مصعب، وكان ثقة قليل الحديث.
(1) سورة الأعراف: الآية 99.
عَنْ أَبِيهِ - قال فِى حَدِيثِ أَبِى أَحْمَدَ: شَكَلِ بْنِ حُمَيْدٍ - قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ عَلِّمْنِى دُعَاءً قَالَ: «قُلِ: اللَّهُمَّ إِنِّى أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ سَمْعِى، وَمِنْ شَرِّ بَصَرِى، وَمِنْ شَرِّ لِسَانِى، وَمِنْ شَرِّ قَلْبِى، وَمِنْ شَرِّ مَنِيِّى» . [ت 3492، ن 5455، حم 3/ 429، ك 1/ 532]
1552 -
حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا مَكِّىُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ صَيْفِىٍّ مَوْلَى أَفْلَحَ مَوْلَى أَبِى أَيُّوبَ،
===
(عن أبيه) شكل بن حميد العبسي، عداده في أهل الكوفة، روى عن النبي صلى الله عليه وسلم، وعنه ابنه شتير وحده.
(قال) أحمد بن حنبل (في حديث أبي أحمد) هو محمد بن عبد الله بن الزبير، أبو أحمد الزبيري:(شكل بن حميد) زاد بلفظ ابن حميد ولم يقله في حديث وكيع.
(قال: قلت: يا رسول الله علمني دعاء) أدعو به (قال: قل: اللهُم إني أعوذ بك من شر سمعي) بأن أسمع كلام الزور والبهتان والغيبة وسائر أسباب العصيان، وبأن لا أسسمع كلمة الحق، وأن لا أقبل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، (ومن شر بصري) بأن أنظر إلى غير محرم، أو أرى أحدًا بعين الاحتقار، ولا أتفكر في خلق السموات والأرض بنظر الفكر والاعتبار، (ومن شر لساني) حتى لا أتكلم بما لا يعني، (ومن شر قلبي) بأن أشثغل بغير ربي، (ومن شر مَنيِّي) وهو أن يغلب عليه حتى يقع في الزنا.
1552 -
(حدثنا عبيد الله بن عمر، نا مكي بن إبراهيم، نا عبد الله بن سعيد) بن أبي هند، (عن صيفي) بن زياد الأنصاري، أبو زياد، ويقال: أبو سعيد (مولى أفلح مولى أبي أيوب) صفة أفلح، ويقال: مولى أبي السائب الأنصاري، قال النسائي: صيفي روى عنه ابن عجلان، ثقة، ثم قال: صيفي مولى أفلح ليس به بأس، روى عنه ابن أبي ذئب، كذا فرق بينهما وهو واحد، ذكره ابن حبان في "الثقات"، له عندهم حديث أبي سعيد في قتل الأنصاري الحية
عَنْ أَبِى الْيَسَرِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَدْعُو: «اللَّهُمَّ إِنِّى أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْهَدْمِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ التَّرَدِّى، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ الْغَرَقِ، وَالْحَرَقِ، وَالْهَرَمِ، وَأَعُوذُ بِكَ أَنْ يَتَخَبَّطَنِى الشَّيْطَانُ عِنْدَ الْمَوْتِ،
===
على فراشه وموته، وعند أبي داود والترمذي حديث في الاستعاذة من الهرم، وغير ذلك، قلت: وصوَّب الذهبي تفرقة النسائي بينهما، وأنهما كبير وصغير، فالكبير روى عن أبي اليسر كعب بن عمرو، وروى عنه محمد بن عجلان، والصغير روى عن أبي السائب، وروى عنه مالك، والله أعلم.
(عن أبي اليسر) بفتح المثناة التحتية والسين المهملة، كعب بن عمرو بن عباد السلمي بفتحتين، شهد العقبة وبدرًا، وهو ابن عشرين سنة، وهو الذي أسر العباس يومئذ، مات بالمدينة سنة 55 هـ، وقيل: إنه آخر من مات من أهل بدر رضي الله عنهم، قيل: وأنه مات وله عشرون ومائة سنة.
(أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يدعو: اللهُمَّ إني أعوذ بك من الهدم) بسكون
الدال، وهو سقوط البناء، ووقوعه على الشيء، (وأعوذ بك من التردي) أي السقوط من موضع عال، أو السقوط في نحو بئر، (وأعوذ بك من الغرق والحرق) بفتحهما، إنما استعاذ بالهلاك من هذه الأسباب مع ما فيها من نيل الشهادة، لأنها عن مجهدة مقلقة، لا يكاد الإنسان يصبر عليها ويثبت عندها، فلعل الشيطان ينتهز فرصة على ما يضره بدينه، (والهرم) أي أقصى كمال السنن.
(وأعوذ بك أن يتخبطني الشيطان عند الموت)، قال الخطابي (1): هو أن يستولي عليه عند مفارقة الدنيا، فيضله ويحول بينه وبين التوبة، أو يعوقه عن إصلاح شأنه والخروج من مظلمة تكون قبله، أو يؤيسه من رحمة الله، أو يكرِّه له الموت ويؤسفه على الحياة الدنيا، فلا يرضى بما قضاه الله عليه من الفناء والنُّقلة (2) إلى الدار الآخرة فيختم له بالسوء.
(1)"معالم السنن"(1/ 296).
(2)
في الأصل: "الفقد"، وهو تحريف.
وَأَعُوذُ بِكَ أَنْ أَمُوتَ فِى سَبِيلِكَ مُدْبِرًا، وَأَعُوذُ بِكَ أَنْ أَمُوتَ لَدِيغًا». [ن 5531، ك 1/ 531]
1553 -
حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى الرَّازِىُّ، أَخْبَرَنَا عِيسَى، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعِيدٍ، حَدَّثَنِى مَوْلًى لأَبِى (1) أَيُّوبَ،
===
(وأعوذ بك أن أموت في سبيلك مدبرًا) أي فارًّا من الزحف، أو تاركًا للطاعة، أو مرتكبًا للمعصية، أو رجوعًا إلى الدنيا بعد الإقبال على الإقبال، أو اختيارًا للغفلة والهوى إلى سواء حضور المولى. قيل: هذا وأمثال ذلك تعليم للأمة، وإلَّا فرسول الله صلى الله عليه وسلم لا يجوز عليه الخبط، ولا الفرار من الزحف ونحوهما، والأظهر أن هذا كله تحدث بنعمة الله، وطلب الثبات عليها، والتلذذ بذكرها المتضمن بشكرها الموجب لمزيد النعمة المقتضي لإزالة النقمة.
(وأعوذ بك أن أموت لديغًا) أي ملدوغًا، يقال: لدغته العقرب إذا ضربته بسمها، فهو مستعمل في ذوات السم من العقرب والحية وغيرهما، فالاستعاذة مختصة بأن يموت عقيب اللدغة، فيكون من قبيل موت الفجاءة.
1553 -
(حدثنا إبراهيم بن موسى الرازي، أنا عيسى، عن عبد الله بن سعيد، حدثني مولى لأبي أيوب) قال في "تهذيب التهذيب" في المبهمات: عبد الله بن سعيد عن مولى لأبي أيوب، عن أبي اليسر في التعوذ، هو صيفي، انتهى. وصف بكونه مولى لأبي أيوب، لأنه مولى لمولاه كما تقدم فكأنه مولاه.
وأخرج أحمد في "مسنده"(2) من طريق أبي ضمرة قال: حدثني عبد الله بن سعيد، عن جده أبي هند، عن صيفي، عن أبي اليسر، فزاد عن جده أبي هند، ولم أقف (3) على رواية عبد الله بن سعيد عن جده، ولا على رواية جده أبي هند عن صيفي، والله تعالى أعلم.
(1) في نسخة: "لآل أبي أيوب".
(2)
"مسند أحمد"(3/ 427) رقم (15502).
(3)
قلت: وقد أخرجه بهذه الزيادة ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(3/ 460) رقم (1919) والطبراني في "الدعاء" (1362 بهذا السند.
عَنْ أَبِي الْيَسَرِ، وَزَادَ فِيهِ:"وَالْغَمِّ"[انظر الحديث السابق]
1554 -
حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، أَخْبَرَنَا قَتَادَةُ، عَنْ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقُولُ:«اللَّهُمَّ إِنِّى أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْبَرَصِ وَالْجُنُونِ وَالْجُذَامِ، وَمِنْ سَيِّئِ الأَسْقَامِ» . [ن 5493، حم 3/ 192]
1555 -
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدِ (1) اللَّهِ الْغُدَانِىُّ، أَخْبَرَنَا (2) غَسَّانُ بْنُ عَوْفٍ، أَخْبَرَنَا الْجُرَيْرِىُّ، عَنْ أَبِى نَضْرَةَ، عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ قَالَ: "دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ذَاتَ يَوْمٍ الْمَسْجِدَ، فَإِذَا هُوَ بِرَجُلٍ مِنَ الأَنْصَارِ يُقَالُ لَهُ أَبُو أُمَامَةَ،
===
(عن أبي اليسر، وزاد فيه: والغم).
1554 -
(حدثنا موسى بن إسماعيل، نا حماد، أنا قتادة، عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول: اللهُمَّ إني أعوذ بك من البرص) بياض يظهر في ظاهر البدن لفساد مزاج (والمجنون) هو زوال العقل الذي هو منشأ الخيرات العلمية والعملية (والجذام) علة تحدث من انتشار السوداء في البدن كله، فيفسد مزاج الأعضاء وهيئاتها، وربما ينتهي إلى تآكل الأعضاء وسقوطها (ومن سيِّئ الأسقام) وهو ما يكون سببًا لعيب يتنفر منه الخلق، أو فساد أعضائه.
1555 -
(حدثنا أحمد بن عبيد الله) بن سهيل بن صخر (الغداني) بضم المعجمة والتخفيف، نسبة إلى غدانة بن اليربوع، (نا غسان بن عوف) المازني البصري، روى له أبو داود حديث أبي سعيد في الدعاء، ضعفه الساجي والأزدي، وقال العقيلي: لا يتابع على كثير من حديثه، (أنا الجريري) سعيد بن إياس، (عن أبي نضرة، عن أبي سعيد الخدري قال: دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم المسجد، فإذا هو برجل من الأنصار يقال له أبو أمامة)، قال في
(1) في نسخة: "عبد الله".
(2)
في نسخة: "أنا".
فَقَال (1): «يَا أَبَا أُمَامَةَ، مَا لِى أَرَاكَ جَالِسًا فِى الْمَسْجِدِ فِى غَيْرِ وَقْتِ الصَّلَاةِ؟ (2)» قَالَ: هُمُومٌ لَزِمَتْنِى وَدُيُونٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ:«أَفَلَا أُعَلِّمُكَ كَلَامًا (3) إِذَا قُلْتَهُ أَذْهَبَ اللَّهُ هَمَّكَ، وَقَضَى عَنْكَ دَيْنَكَ؟ » قَالَ: قُلْتُ: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: «قُلْ إِذَا أَصْبَحْتَ وَإِذَا أَمْسَيْتَ:
===
"الإصابة"(4): أبو أمامة الأنصاري غير منسوب ولا مسمى، فرق ابن منده بينه وبين الباهلي، فقال: روى غسان بن عوف، عن الجريري، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد قال: دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم المسجد، فإذا هو برجل من الأنصار يقال له: أبو أمامة، فذكر الحديث، وقد أخرجه أبو داود من هذا الوجه، وظاهر سياقه في أوله أنه من حديث أبي سعيد، وآخره صريح أنه من رواية أبي أمامة هذا، وقد أحل المزي بترجمته في "التهذيب"، وفي "الأطراف"، واستدركته عليهما (5)، وأغفله أبو أحمد الحاكم في "الكنى"، ويجوز أنه أبو أمامة بن ثعلبة الحارثي، لكن أفرده ابن منده، وتبعه أبو نعيم.
(فقال: يا أبا أمامة، مالي أراك جالسًا في المسجد في غير وقت الصلاة؟ قال) أي أبو أمامة: (هموم) أي غموم (لزمتني وديون يا رسول الله) خبر مبتدأ محذوف، أي سبب جلوسي في المسجد في غير وقت الصلاة هموم وديون لزمتني، فالتجأت إلى ربي في بيته.
(قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أفلا أعلمك كلامًا) أي دعاء (إذا قلته أذهب الله همك، وقضى عنك دينك؟ قال) أبو أمامة: (قلت: بلى يا رسول الله) علَّمني.
(قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم: (قل إذا أصبحت وإذا أمسيت) أي في الصبح
(1) زاد في نسخة: "له".
(2)
في نسخة: "صلاة".
(3)
زاد في نسخة: "أنت".
(4)
(4/ 10).
(5)
كذا في الأصل، وفي "الإصابة" (4/ 10): استدركته عليه فيهما.
اللَّهُمَّ إِنِّى أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْهَمِّ وَالْحَزَنِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ الْعَجْزِ وَالْكَسَلِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ الْجُبْنِ وَالْبُخْلِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ غَلَبَةِ الدَّيْنِ وَقَهْرِ الرِّجَالِ» ، قَالَ: فَفَعَلْتُ ذَلِكَ، فَأَذْهَبَ اللَّهُ هَمِّى، وَقَضَى عَنِّى دَيْنِى". [أورده الزبيدي في "الإِتحاف" (5/ 100)، والْمنذري في "الترغيب" (حديث 2)].
[آخر كِتَاب الصَّلاة]
===
والمساء: (اللهُمَّ إني أعوذ بك من الهم والحزن، وأعوذ بك من العجز والكسل، وأعوذ بك من الجبن والبخل، وأعوذ بك من غلبة الدين وقهر الرجال، قال) أبو أمامة: (ففعلت ذلك، فأذهب الله) ببركة هذا الدعاء (همي، وقضى عني ديني) تقدم شرح هذه الألفاظ في الأحاديث السابقة.
[آخر كتاب الصلاة]
وقد تم وكمل ما يتعلق بأحاديث كتاب الصلاة، والحمد لله أولًا وآخرًا، دائمًا وسرمدًا، والصلاة والسلام الأتمان الأكملان على سيدنا ومولانا محمد وآله وصحبه وسلم.
[هذا آخر المجلد الثاني من الطبعة الحجرية]