الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ:"فِى الْمَرْأَةِ تَصَدَّقُ مِنْ بَيْتِ زَوْجِهَا؟ قَالَ: لَا، إلَّا مِنْ قُوتِهَا وَالأَجْرُ بَيْنَهُمَا، وَلَا يَحِلُّ لَهَا أَنْ تَصَدَّقَ مِنْ مَالِ زَوْجِهَا إلَّا بِإِذْنِهِ". [قَالَ أَبُو دَاوُد: هَذا يُضْعِفُ حَدِيثُ همام].
(44) بَابٌ: في صِلَةِ الرَّحِمِ
===
عن عطاء، عن أبي هريرة: في المرأة تصدق) بحذف إحدى التائَين أي تتصدق (من بيت زوجها؟ قال) أي أبو هريرة: (لا) أي لا يحل لها التصدق (إلَّا من قوتها) أي ما أعطاها الزوج من قوت نفسها، (والأجر بينهما، ولا يحل لها أن تصدق من مال زوجها) أي غير قوتها (إلَّا بإذنه) سواء كان صراحة أو دلالة تفصيلًا أو إجمالًا.
(قال أبو داود: هذا) أي حديث أبي هريرة الموقوف عليه (يضعف حديث همام) بن منبه عن أبي هريرة المتقدم، ووجهه أن أبا هريرة رضي الله عنه أفتى من نفسه بخلاف ما عنده من رسول الله صلى الله عليه وسلم من الحديث المرفوع، فهذا يدل على أن الحديث المرفوع عنده معلول، وقد تقدم مثله في "باب السدل في الصلاة".
قلت: دعوى المخالفة بين فتوى أبي هريرة والحديث المرفوع له غير مسلم؛ فإنه يمكن أن يحمل قوله في الحديث المرفوع: "من غير أمره" أي من غير أمره الصريح، وبإذنه دلالة وعرفًا، ومعنى قوله في فتواه:"إلَّا بإذنه" أي: سواء كان إذنه صراحة أو دلالة فحينئذ لا اختلاف بينهما، والله تعالى أعلم.
(44)
(بَابٌ: في صِلَةِ الرَّحِمِ)(1)
أصله: وصلة، فحذفت الواو، كما قالوا: زنة من وزن، وصلة الرحم الإحسان إلى ذوي القرابات على حسب حال الواصل والموصول إليه،
(1) وهي واجبة كما بسطها الشامي [انظر: "رد المحتار" (5/ 278)]. (ش).
1689 -
حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: "لَمَّا نَزَلَتْ: {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} (1)، قَالَ أَبُو طَلْحَةَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أُرَى رَبَّنَا يَسْأَلُنَا مِنْ أَمْوَالِنَا؛ فَإِنِّى أُشْهِدُكَ أَنِّى قَدْ جَعَلْتُ أَرْضِى بِأَرِيحَاءَ لَهُ،
===
فتارة تكون بالمال، وتارة تكون بالخدمة، وتارة بالزيارة والسلام وغير ذلك، فالرحم القرابة.
1689 -
(حدثنا موسى بن إسماعيل، نا حماد، عن ثابت، عن أنس قال: لما نزلت: {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ}) أي لن تبلغوا حقيقة البر ولن تكونوا أبرارًا حتى تنفقوا أي حتى تكون نفقتكم في مرضاة الله تعالى من أموالكم التي تحبونها.
(قال أبو طلحة) اسمه زيد بن سهل بن الاْسود بن حرام بن عمرو، كما سيذكره المصنف، الأنصاري النجاري، زوج أم أنس بن مالك، شهد بدرًا وما بعدها، قال أبو زرعة: عاش بعد النبي صلى الله عليه وسلم أربعين سنة. (يا رسول الله! أرى رَبَّنا يسألنا من أموالنا) أن يصرف في سبل الخير (فإني أُشهِدُك أني قد جعلت أرضي بارِيحاء له) أي لربنا تعالى شأنه.
قال العيني (2): قوله: بَيْرحا: أشهر الوجوه (3) فيه فتح الباء الموحدة وسكون الياء آخر الحروف وفتح الراء وبفتح الحاء مقصورًا، وهو بستان في المدينة فيه ماء.
قال الحافظ (4): قوله فيه "بير حاء" بفتح الموحدة وسكون التحتانية وفتح الراء وبالمهملة والمد، وجاء في ضبطه أوجه كثيرة جمعها ابن الأثير في
(1) سورة آل عمران: الآية 9.
(2)
"عمدة القاري"(12/ 498).
(3)
وكذا ضبطه النووي بأوجه (4/ 94). (ش).
(4)
"فتح الباري"(3/ 326).
فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «اجْعَلْهَا فِى قَرَابَتِكَ» ، فَقَسَمَهَا بَيْنَ حَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ وَأُبَىِّ بْنِ كَعْبٍ". [م 998]
قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وبَلَغَنِى عَنِ الأَنْصَارِىِّ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: أَبُو طَلْحَةَ: زَيْدُ بْنُ سَهْلِ بْنِ الأَسْوَدِ بْنِ حَرَامِ بْنِ عَمْرِو بْنِ زَيْدِ مَنَاةَ بْنِ عَدِىِّ بْنِ عَمْرِو بْنِ مَالِكِ بْنِ النَّجَّارِ،
===
"النهاية"(1)، فقال: ويروى بفتح الباء، ويكسر، وبفتح الراء وضمها، وبالمد والقصر، فهذه ثمان لغات، وفي رواية حماد بن سلمة "بريحا" بفتح أوله وكسر الراء وتقديمها على التحتانية، وفي "سنن أبي داود""باريحا" مثله، لكن بزيادة ألف، وقال الباجي: أفصحها بفتح الباء وسكون الياء وفتح الراء مقصور، وكذا جزم به الصغاني، وقال: إنه فَيْعَلى من البراح، قال: ومن ذكره بكسر الموحدة وظن أنها بئر من آبار المدينة فقد صحف.
(فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: اجعلها) أي الأرض (في قرابتك) أي في أهل قرابتك (فقسمها) أي أبو طلحة تلك الأرض (بين حسان بن ثابت وأبي بن كعب).
(قال أبو داود: بلغني عن الأنصاري محمد بن عبد الله) عطف بيان من الأنصاري، قال في "التقريب": محمد بن عبد الله الأنصاري ثلاثة، أكبرهم اسم جده المثنى، وثاني اسم جده حفص، والثالث زياد، انتهى، وهكذا في "تهذيب التهذيب"، والظاهر أن المذكور ها هنا هو الأول، أي محمد بن عبد الله بن المثنَّى.
(قال): أي الأنصاري، فنسب أبي طلحة هكذا:(أبو طلحة زيد بن سهل بن الأسود بن حرام بن عمرو بن زيد مناة بن عدي بن عمرو بن مالك بن النجار) هكذا في "تهذيب التهذيب"، و"أسد الغابة"، و"الاستيعاب"،
(1)(ص 71).
وَحَسَّانُ بْنُ ثَابِتِ بْنِ الْمُنْذِرِ بْنِ حَرَامٍ، يَجْتَمِعَانِ إِلَى حَرَامٍ، وَهُوَ الأَبُ الثَّالِثُ، وَأُبَىُّ بْنُ كَعْبِ بْنِ قَيْسِ بْنِ عَتِيكِ بْنِ زَيْدِ بْنِ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ مَالِكِ بْنِ النَّجَّارِ، فَعَمْرٌو يَجْمَعُ حَسَّانَ وَأَبَا طَلْحَةَ وَأُبَيًّا. قَالَ الأَنْصَارِىُّ: بَيْنَ أُبَىٍّ وَأَبِى طَلْحَةَ سِتَّةُ آبَاءٍ.
===
و"طبقات ابن سعد"(1)، ولكن في "الإصابة"(2) في ترجمة زيد بن سهل زيادة لا توجد في غيرها، فقال: زيد بن سهل بن الأسود بن حرام بن عمرو بن زيد مناة بن عمرو بن مالك بن عدي بن عمرو بن مالك بن النجار، فزاد: عمرو بن مالك بعد زيد مناة، ولم يذكر هذه الزيادة في نسب حسان بن ثابت كما لم يذكره في نسبه، فالظاهر أنه غلط من النساخ.
(وحسان بن ثابت بن المنذر بن حرام، يجتمعان) أي أبو طلحة وحسان (إلى حرام) بن عمرو، (وهو الأب الثالث) لأبي طلحة وحسان.
(و) نسب أبي بن كعب هو: (أبي بن كعب بن قيس بن عتيك) هكذا في أكثر نسخ أبي دود، وكتب في حاشية النسخة المكتوبة: صوابه عبيد، وفي النسخة المصرية: عبيد بن عتيك، وفي "تهذيب التهذيب"، و"الإصابة"، و"أسد الغابة"، و"الاستيعاب" (3): عبيد، وهو الصواب، فما في نسخ أبي داود من لفظ "عتيك" بدل "عبيد" تصحيف من النساخ، وكذا ما في المصرية أي من لفظ "عتيك" غلط.
(ابن زيد بن معاوية بن عمرو بن مالك بن النجار، فعمرو) بن مالك (يجمع حسان وأبا طلحة وأبيًّا) فهم يجتمعون فيه.
(قال الأنصاري) أي محمد بن عبد الله: (بين أُبيٍّ وأبي طلحة) إلى الأب الذي يجمعهما (ستة آباء) باعتبار أبي طلحة، وهم: سهل، والأسود،
(1) انظر: "تهذيب التهذيب"(3/ 414)، و"أسد الغابة" رقم (1843)، و"الاستيعاب" رقم (850)، و"طبقات ابن سعد"(3/ 467) رقم (199).
(2)
انظر رقم الترجمة (2905).
(3)
انظر: "الإصابة"(1/ 16)، و"أسد الغابة"(1/ 61)، رقم (34)، و"الاستيعاب" رقم (6).
1690 -
حَدَّثَنَا هَنَّادُ بْنُ السَّرِىِّ، عَنْ عَبْدَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ بُكَيْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الأَشَجِّ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ مَيْمُونَةَ
===
وحرام، وعمرو، وزيد مناة، وعدي، وهذا ظاهر جدًا، وليس فيه شائبة مسامحة كما ادعاه صاحب "العون"، نعم في قول صاحب "العون" (1): نعم على ما في "الإصابة" يصير عمرو بن مالك أبًا سادسًا لأبي طلحة أيضًا فيستقيم كلام الأنصاري، مسامحة وغفلة شديدة؛ فإنه على ما في "الإصابة" لو سلم صحته لا يكون عمرو بن مالك الذي يجمعهما أبًا سادسًا لأبي طلحة، بل يكون أبًا تاسعًا لأن أول آبائه سهل، والثاني الأسود، والثالث حرام، والرابع عمرو، والخامس زيد مناة، والسادس عمرو، والسابع مالك، والثامن عدي، والتاسع عمرو، وهو الذي يجمعهما وعمرو بن مالك الأول لا يجتمعان فيه قطعًا.
والظاهر أن صدقة أبي طلحة لم تكن على سبيل الوقف، بل كانت تمليكًا لهم، وأنه وقع في البخاري (2):"أن حسان باع حصته منه من معاوية، فقيل له: تبيع صدقة أبي طلحة؟ فقال: ألا أبيع صاعًا من تمر بصاع من دراهم"، قال الحافظ (3): هذا يدل على أن أبا طلحة مَلَّكهم الحديقة المذكورة، ولم يقفها (4) عليهم؛ إذ لو وقف ما ساغ لحسان أن يبيعها.
1690 -
(حدثنا هناد بن السري، عن عبدة، عن محمد بن إسحاق، عن بكير بن عبد الله بن الأشج، عن سليمان بن يسار، عن ميمونة
(1) انظر: "عون المعبود"(5/ 75).
(2)
انظر: "صحيح البخاري"(2758).
(3)
"فتح الباري"(5/ 388).
(4)
وجزم في رسالة: "إسلام كا إقتصادي نظام"(النظام الاقتصادي للإسلام) لمولوي حفظ الرحمن: أنها كانت وقفًا على الأقرباء بمنزلة الوقف على الأولاد، ومعنى قسمتها قسمة المنافع، وحكاه عن التاج الجامع للأصول. (ش).
زَوْجِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم قَالَتْ: كَانَتْ لِى جَارِيَةٌ فَأَعْتَقْتُهَا، فَدَخَلَ عَلَىَّ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم فَأَخْبَرْتُهُ، فَقَالَ:«آجَرَكِ اللَّهُ، أَمَا إِنَّكِ لَوْ كُنْتِ أَعْطَيْتِهَا (1) أَخْوَالَكِ كَانَ أَعْظَمَ لأَجْرِكِ» . [م 999، حم 6/ 332]
1691 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلَانَ، عَنِ الْمَقْبُرِىِّ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ: أَمَرَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم بِالصَّدَقَةِ،
===
زوجِ النبي صلى الله عليه وسلم قالت: كانت لي جارية) قال الحافظ (2): لم أقف على اسم هذه الجارية (فأعتقتها، فدخل عليَّ النبيُّ صلى الله عليه وسلم فأخبرته) أي بإعتاقها طلبًا للثواب.
(فقال) أي رسول الله صلى الله عليه وسلم: (آجَرَكِ الله) بالمد والقصر، آجره، يؤجره: إذا أثابه وأعطاه الأجر والجزاء، وكذا أجره يأجره، (أما) حرف تنبيه (إنكِ لو كنتِ أعطيتِها أَخَوَالَكِ) قال العيني (3): كان أخوالها من بني هلال أيضًا، واسم أمها: هند بنت عوف بن زهير بن الحارث، ووقع في رواية الأصيلي:"أخواتك" بالتاء، قال عياض: ولعله أصح من رواية "أخوالك" بدليل رواية مالك في "الموطأ": "فلو أعطيتها أختيك"، وقال النووي (4): الجميع صحيح، ولا تعارض، ويكون النبي صلى الله عليه وسلم قال ذلك كله.
(كان أعظم لأجرك) لأن في إعطائها إياهم صدقة وصلة، ولعلهم كانوا ذوي حاجة شديدة إلى خدمة الجارية، وإلا فلا يلزم أن تكون هبة ذي الرحم أفضل مطلقًا.
1691 -
(حدثنا محمد بن كثير، أنا سيفان، عن محمد بن عجلان، عن المقبري، عن أبي هريرة قال: أمر النبي صلى الله عليه وسلم)، أي: حث (بالصدقة،
(1) في نسخة: "أعطيتيها".
(2)
"فتح الباري"(5/ 218).
(3)
"عمدة القاري"(9/ 415).
(4)
"شرح صحيح مسلم" للنووي (4/ 95).
فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، عِنْدِى دِينَارٌ. فَقَالَ:«تَصَدَّقْ بِهِ عَلَى نَفْسِكَ» . قَالَ عِنْدِى آخَرُ قَالَ: «تَصَدَّقْ بِهِ عَلَى وَلَدِكَ» . قَالَ: عِنْدِى آخَرُ. قَالَ: «تَصَدَّقْ بِهِ عَلَى زَوْجَتِكَ» ، أَوْ:«زَوْجِكَ» . قَالَ: عِنْدِى آخَرُ. قَالَ: «تَصَدَّقْ بِهِ عَلَى خَادِمِكَ» . قَالَ: عِنْدِى آخَرُ. قَالَ: «أَنْتَ أَبْصَرُ» . [ن 2535، حم 2/ 251، ك 1/ 415]
===
فقال رجل: ) لم أقف على تسميته (يا رسول الله! عندي دينار) أحب أن أتصدق، فعلى من أتصدق؟ (قال) أي رسول الله صلى الله عليه وسلم:(تصدق به) أي بالدينار (على نفسك)؛ فإن لنفسك عليك حقًّا، فلهذا قدَّم حقَّه من جميع المال في تجهيزه وتكفينه وقضاء ديونه.
(قال: عندي آخر، قال: تصدق به على ولدك، قال: عندي آخر، قال: تصدق به على زوجتك (1) أو) للشك من الراوي (زوجك) من غير تاء، وهو يطلق على الذكر والأنثى لأنه لا التباس فيه، قال الطيبي: إنما قدم الولد على الزوجة (2) لشدة افتقاره إلى النفقة بخلافها، فإنه لو طلقها لأمكنها أن تتزوج بآخر. قال القاري (3): والأظهر أن يقال: لأن نفقة الزوجة تقبل الانفكاك عن اللزوم بخلاف نفقة الولد، سيما إذا كان صغيرًا فقيرًا.
(قال: عندي آخر، قال: تصدق به على خادمك) الخادم يطلق على الغلام والجارية، (قال) أي الرجل:(عندي آخر، قال) أي رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أنت أبصر)، وفي رواية:"أنت أعلم"، قال القاري: بحال من يستحق الصدقة من أقاربك وجيرانك وأصحابك.
(1) عندنا محمول على التطوع، قال في "الهداية" (1/ 111): لا يدفع إلى امرأته للاشتراك في المنافع عادة، ولا المرأة إلى الزوج عند الإِمام، وقالا: يجوز لرواية زوجة ابن مسعود. (ش).
(2)
وقال الموفق (4/ 308، 309): تقدم الزوجة على الأقارب؛ لأن نفقتها على سبيل المعاوضة، فقدمت على مجرد المواساة. (ش).
(3)
"مرقاة المفاتيح"(4/ 428، 429).
1692 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ، عَنْ وَهْبِ بْنِ جَابِرٍ الْخَيْوَانِىِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «كَفَى بِالْمَرْءِ إِثْمًا أَنْ يُضَيِّعَ مَنْ يَقُوتُ» . [حم 2/ 160، ق 7/ 467]
1693 -
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ وَيَعْقُوبُ بْنُ كَعْبٍ وَهَذَا حَدِيثُهُ قَالَا: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: أَخْبَرَنِى يُونُسُ، عَنِ الزُّهْرِىِّ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُبْسَطَ علَيهِ
===
1692 -
(حدثنا محمد بن كثير، نا سفيان، نا أبو إسحاق، عن وهب بن جابر الخيواني) بفتح الخاء المعجمة وسكون التحتانية، الهمداني، الكوفي، وقال بعضهم: جابر بن وهب وهو خطأ، روى عن عبد الله بن عمرو بن العاص، لقيه ببيت المقدس، وثقه ابن معين والعجلي، وعن علي بن المديني: مجهول، وكذا قال النسائي، وذكره ابن حبان في "الثقات"، روى عن عبد الله بن عمرو بن العاص قصة يأجوج ومأجوج، و"كفى بالمرء إثمًا أن يضيع من يقوت"، ولم يرو غير ذين.
(عن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كفى بالمرء إثمًا أن يضيع من يقوت) نقل في الحاشية عن "فتح الودود": من قاته أي أعطاه قوته، ويمكن أن يجعل من التفعيل وهو موافق لرواية "من يقيت"، من أقات أي من تلزمه نفقته من أهله، ولفظ مسلم (1):"كفى بالمرء إثمًا أن يحبس عمن يملك قوته".
1693 -
(حدثنا أحمد بن صالح وبعقوب بن كعب وهذا حديثه) أي المذكور في الكتاب لفظ حديث يعقوب بن كعب (قالا: نا ابن وهب، قال: أخبرني يونس، عن الزهري، عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من سره) وفي رواية للبخاري ومسلم (2): "من أحب"(أن يبسط عليه)
(1)"صحيح مسلم"(996).
(2)
"صحيح البخاري، (5986)، و"صحيح مسلم" (2557).
في رِزْقِهِ، وُينْسَأَ في أَثَرِهِ، فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ". [خ 2067، م 2557]
1694 -
حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ قَالَا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ،
===
بصيغة المجهول أي يوسَّع له (في رزقه) أي في الدنيا (وينسأ) بضم أوله وسكون النون بعدها مهملة ثم همزة، أي: يؤخر له (في أثره) أي في أجله، وأصله من أثر مشي في الأرض، فإن من مات لم يبق له حركة فلا يبقى لقدمه في الأرض أثر، (فليصل رحمه).
قال ابن التين: ظاهر الحديث يعارض قوله تعالى: {فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ} (1) والجمع بينهما من وجهين: أحدهما: أن هذه الزيادة كناية عن البركة في العمر بسبب التوفيق إلى الطاعة، وعمارة وقته بما ينفعه في الآخرة، وصيانته عن تضييعه في غير ذلك، وحاصله أن صلة الرحم تكون سببًا للتوفيق للطاعة والصيانة عن المعصية، فيبقى بعده الذكر الجميل، فكأنه لم يمت، ومن جملة ما يحصل له من التوفيق العلم الذي ينفع به من بعده، والصدقة الجارية عليه، والخلف الصالح.
وثانيهما: أن الزيادة على حقيقتها، وذلك بالنسبة إلى علم الملك الموكل بالعمر، وأما الأول الذي دلت عليه الآية فبالنسبة إلى علم الله تعالى، كان يقال للملك مثلًا: إن عمر فلان مئة مثلًا إن وصل رحمه، وستون إن قطعها، وقد سبق في علم الله أنه يصل أو يقطع، فالذي في علم الله لا يتقدم ولا يتأخر، والذي في علم الملك هو الذي يمكن فيه الزيادة والنقص، وإليه الإشارة بقوله تعالى:{يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ} (2)، والوجه الأول أليق بحديث الباب، ملخصًا عن "الفتح"(3).
1694 -
(حدثنا مسدد وأبو بكر بن أبي شيبة قالا: نا سفيان،
(1) سورة النحل: الآية 61.
(2)
سورة الرعد: الآية 39.
(3)
انظر: "فتح الباري"(10/ 416).
عَنِ الزُّهْرِىِّ، عَنْ أَبِى سَلَمَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «قَالَ اللَّهُ تعالي: أَنَا الرَّحْمَنُ، وَهِىَ الرَّحِمُ، شَقَقْتُ لَهَا اسْمًا مِنَ اسْمِى، مَنْ (1) وَصَلَهَا وَصَلْتُهُ، وَمَنْ قَطَعَهَا بَتَتُّهُ» . [ت 1907، ق 7/ 26، ك 4/ 158، حم 1/ 194]
1695 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُتَوَكِّلِ الْعَسْقَلَانِىُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِىِّ، حَدَّثَنِى أَبُو سَلَمَةَ أَنَّ الرَّدَّادَ اللَّيْثِىَّ أَخْبَرَهُ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِمَعْنَاهُ. [حم 1/ 194، ك 4/ 157، ق 7/ 26]
===
عن الزهري، عن أبي سلمة) بن عبد الرحمن بن عوف، (عن عبد الرحمن بن عوف) أحد العشرة المبشرة (قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: قال الله تعالى) وهذا حديث قدسي: (أنا الرحمن) وفي "المشكاة"(2) برواية أبي داود: "أنا الله، وأنا الرحمن" أي المتصف بهذه الصفة، (وهي) أي التي تجب صلتها (الرحم، شققت) أي أخرجت وأخذت (لها) أي للرحم (اسمًا من اسمي) أي الرحمن، وفيه إيماء إلى أن للرحم قربًا خاصًا بالله تعالى وتعلقًا مخصوصًا يجب رعايته، (من وصلها وصلته) أي إلى رحمتي أو محل كرامتي، (ومن قطعها بتته) بتشديد الفوقية الثانية، أي قطعته من رحمتي الخاصة.
1695 -
(حدثنا محمد بن المتوكل العسقلاني، نا عبد الرزاق، أنا معمر، عن الزهري، حدثني أبو سلمة أن الرداد الليثي) بتشديد المهملة، وقال بعضهم: أبو الرداد، وهو الأصوب، حجازي، ذكره ابن حبان في "الثقات"، (أخبره، عن عبد الرحمن بن عوف أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بمعناه) أي بعنى الحديث المتقدم.
(1) في نسخة: "فمن".
(2)
"المشكاة"(4930).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
قال الحافظ في "تهذيب التهذيب"(1): روى أبو داود من حديث معمر، عن الزهري، عن أبي سلمة -وهو الصواب- أن ردادًا أخبره، عن عبد الرحمن بن عوف أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: قال الله: "أنا الله، وأنا الرحمن، خلقت الرحم"، الحديث، ورواه البخاري في "الأدب المفرد"(2) من حديث محمد بن أبي عتيق، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي الرداد الليثي.
قلت: وتابعه شعيب بن أبي حمزة، عن الزهري كذلك، وهو الصواب، ولفظ ابن حبان في ثقات التابعين (3): رداد الليثي يروي عن ابن عوف، وذكر الحديث: حدثناه ابن قتيبة، ثنا ابن أبي السري، عن عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن رداد، عن عبد الرحمن، قال: وما أحسب معمرًا حفظه؛ روى هذا الخبر أصحابُ الزهري عن أبي سلمة عن أبي عوف.
قلت: وكذا رواه ابن عيينة أخرجه الترمذي من حديثه، فقال عن أبي سلمة: اشتكى أبو الرداد (4) الليثي فعاده عبد الرحمن بن عوف، فقال: خيرهم وأوصلهم أبو محمد، فقال عبد الرحمن: سمعت، فذكره وقال: صحيح (5)، وذكر رواية معمر، وقال: قال محمد بن إسماعيل: حديث معمر خطأ.
قلت: وكذا قال أبو حاتم الرازي: أن المعروف أبو سلمة عن عبد الرحمن، وأما أبو الرداد الليثي فإن له في القصة ذكرًا إلَّا أن رواية شعيب بن أبي حمزة تقوي رواية معمر، لكن قول معمر: رداد خطأ، وللمتن متابع
(1)"تهذيب التهذيب"(3/ 270).
(2)
"الأدب المفرد" رقم (53).
(3)
انظر: "الثقات"(4/ 241).
(4)
كذا في "التهذيب"، ولفظ الترمذي (1907):"اشتكى أبو الدرداء فعاده عبد الرحمن"
…
إلخ. (ش).
(5)
قال المنذري: في تصحيح الترمذي نظر؛ لأن أبا سلمة لم يسمع من أبيه شيئًا، كذا في "الترغيب"(3/ 338). (ش).
1696 -
حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِىِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، يَبْلُغُ بِهِ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ قَاطِعٌ» . [خ 5984، م 2556]
1697 -
حَدَّثَنَا ابْنُ كَثِيرٍ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الأَعْمَشِ وَالْحَسَنِ بْنِ عَمْرٍو وَفِطْرٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو - قَالَ سُفْيَانُ: وَلَمْ يَرْفَعْهُ سُلَيْمَانُ إِلَى النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم، وَرَفَعَهُ فِطْرٌ وَالْحَسَنُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَيْسَ الْوَاصِلُ بِالْمُكَافِئِ،
===
رواه أبو يعلى بسند صحيح من طريق عبد الله بن قارظ، عن عبد الرحمن ابن عوف من غير ذكر أبي الرداد فيه، انتهى.
1696 -
(حدثنا مسدد، نا سفيان، عن الزهري، عن محمد بن جبير بن مطعم، عن أبيه) أي جبير بن مطعم (يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم) أي يرفع الحديث إليه (قال) أي النبي صلى الله عليه وسلم: (لا يدخل الجنة قاطع) أي للرحم أو للطريق، ويدل على الأولى إيراده في هذا الباب، قال النووي (1): قد سبق نظائره مما حمل تارة على من يستحل القطيعة بلا سبب، ولا شبهة مع علمه بتحريمها، وأخرى لا يدخلها مع السابقين، قلت: وأخرى لا يدخل مع الناجين من العذاب.
1697 -
(حدثنا ابن كثير، أنا سفيان) أي الثوري، (عن الأعمش والحسن بن عمرو) الفقيمي بضم الفاء وفتح القاف، نسبة إلى فقيم بطن من تميم، التميمي، الكوفي، ثقة (وفطر) بن خليفة، (عن مجاهد، عن عبد الله بن عمرو، قال سفيان: ولم يرفعه سليمان) أي الأعمش الحديث (إلى النبي صلى الله عليه وسلم، ورفعه فطر والحسن) أي إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
(قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ليس الواصل) أي واصل الرحم (بالمكافئ) بكسر فاء فهمز أي المجازي لأقاربه إن صلة فصلة وإن قطعا فقطع، والمراد به
(1) انظر: "شرح النووي على صحيح مسلم"(8/ 356).