الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(1) بَابُ مَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ
(1)
1558 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ الله بْنُ مَسْلَمَةَ قَالَ: قَرَأتُ عَلَى مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ، عن عَمْرِو بْنِ يَحْيَى الْمَازِنيِّ، عَنْ أبِيهِ (2)
===
ولأبي حنيفة ومحمد: أن تنصيب النصب (3) بالرأي ممتنع، وإنما يُعْرَفُ بالنص، والنص ورد باسم الإبل، والبقر، والغنم، وهذه الأسامي لا تتناول الحملان، والفصلان، والعجاجيل، فلم يثبت كونها نصابًا، وعن أبي بن كعب أنه قال: وكان مصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم في عهدي أن لا آخذ من راضع اللبن شيئًا، وأما قول الصديق:"لو منعوني عناقًا"، فقد روي عنه أنه قال: لو منعوني عقالًا؛ وهو صدقة عام، أو الحبل الذي يُعْقَلُ به الصدقة، فتعارضت الرواية فيه، فلم يكن حجة، ولئن ثبت فهو كلام تمثيل لا تحقيق، أي لو وجبت هذه ومنعوها لقاتلتهم، انتهى.
(1)
(بَابُ مَا تَجبُ فِيهِ الزكَاةُ)(4)
أي: قدر النصاب الذي تجب فيه الزكاة
1558 -
(حدثنا عبد الله بن مسلمة قال: قرأت على مالك بن أنس، عن عمرو بن يحيى المازني، عن أبيه)، وفي رواية البخاري (5): عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي صعصعة المازني، عن أبيه، قال الحافظ (6): كذا رواه مالك، وروى إسحاق بن راهويه في "مسنده" عن أبي أسامة، عن الوليد بن
(1) في نسخة: "باب حد ما تجب فيه الزكاة".
(2)
زاد في نسخة: "أنه".
(3)
كذا في الأصل، وفي "البدائع":"النصاب".
(4)
الظاهر عندي معنى الترجمة: باب الأشياء التي تجب فيها الزكاة؛ وذلك لأنهم قالوا: إنها تجب في ثلاثة أشياء: النقدين، وعروض التجارة، والسوائم، ويحتمل أن يكون الغرض بيان النصاب، كما في الشرح. (ش).
(5)
"صحيح البخاري"(1459).
(6)
"فتح الباري"(3/ 323).
قَالَ: سمِعْتُ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ الَّله صلى الله عليه وسلم: "لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ ذَوْدٍ صَدَقَةٌ، وَلَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ أَوَاقٍ صَدَقَةٌ،
===
كثير، عن محمد هذا، عن عمرو بن يحيى وعباد بن تميم كلاهما عن أبي سعيد.
(قال: سمعت أبا سعيد الخدري يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ليس فيما دون خمس ذود صدقة).
قال الحافظ (1): الذود بفتح المعجمة وسكون الواو بعدها مهملة، قال الزين ابن المنير: أضاف خمس إلى ذود، وهو مذكر؛ لأنه يقع على المذكر، والمؤنث، وأضافه إلى الجمع؛ لأنه يقع على المفرد والجمع، والأكثر على أن الذود من الثلاثة إلى العشرة، وأنه لا واحد له من لفظه، وقال أبو عبيد: من الثنتين إلى العشرة، قال: وهو يختص بالإناث، وقال سيبويه: تقول: ثلاث ذود؛ لأن الذود مؤنث.
(وليس فيما دون خمس أواق (2) صدقة) قال الحافظ (3): أواق بالتنوين، جمع أوقية بضم الهمزة وتشديد التحتانية، وحكى اللحياني (4)"وقية" بحذف الألف وفتح الواو، ومقدار الأوقية في هذا الحديث أربعون درهمًا بالاتفاق، والمراد بالدرهم الخالصُ من الفضة، سواء كان مضروبًا أو غير مضروب.
قال عياض: قال أبو عبيد: إن الدرهم لم يكن معلومَ القدر حتى جاء عبد الملك بن مروان، فجمع العلماءَ فجعلوا كلَّ عشرة دراهم سبعةَ مثاقيل، وهو مشكل، والصواب أن معنى ما نقل من ذلك أنه لم يكن شيء منها من ضرب الإِسلام، وكانت مختلفة (5) في الوزن بالنسبة إلى العدد، فعشرةٌ مثلًا وزن
(1)"فتح الباري"(3/ 323).
(2)
قال النووي (4/ 59): بتشديدِ الياء، وتخفيفِه، وحذفِ الياء، ثلاث لغات. (ش).
(3)
"فتح الباري"(3/ 310).
(4)
وقع في الأصل: "الجياني" وهو تحريف.
(5)
وذكر في "المصفى" الاختلاف بيننا وبين الشافعي في مقدار الدرهم، فارجع إليه. (ش).
وَلَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ صَدَقَةٌ". [خ 1405، م 979، ت 626، ن 2445، دي 1633، حم 3/ 6]
===
عشرة، وعشرة وزن ثمانية، فاتفق الرأي على أن تنقش بكتابة عربية، ويصير وزنها وزنًا واحدًا، وقال غيره: لم يتغير المثقال في جاهلية ولا إسلام.
وأما الدرهم فأجمعوا على أن كل سبعة مثاقيل عشرة دراهم، ولم يخالف في أن نصاب الزكاة مائتا درهم يبلغ مائة وأربعين مثقالًا من الفضة الخالصة إلَّا ابن حبيب الأندلسي، فإنه انفرد بقوله: إن كل أهل بلد يتعاملون بدراهمهم.
وانفرد السرخسي من الشافعية بحكاية وجه في المذهب أن الدراهم المغشوشة إذا بلغت قدرًا لو ضُمَّ إليه قيمةُ الغش من نحاس مثلًا لَبَلَغَ نصابًا؛ فإن الزكاة تجب فيه كما نُقِلَ عن أبي حنيفة، واستدل بهذا الحديث على عدم الوجوب فيما إذا نقص من النصاب ولو حبة واحدة، خلافًا لمن سامح بنقص يسير، كما نُقِلَ عن بعض المالكية.
قال القاري (1): قال ابن حجر: والمثقال اثنان وسبعون حبة من حب الشعير المعتدل وخمسا حبة. والدرهم خمسون حبة وخمسا حبة، فالتفاوت بينه وبين المثقال ثلاثة أعشار المثقال، انتهى. والذي ذكره علماؤنا أن عشرة دراهم زنة سبعة مثاقيل، والمثقال عشرون قيراطًا، والقيراط خمس شعيرات متوسطات، انتهى.
(وليس فيما دون (2) خمسة أوسق صدقة)، قال القاري (3): جمع وسق، بفتح الواو وسكون السين، وهي ستون صاعًا، وكل صاع أربعة أمداد، وكل مُدٍّ
(1)"مرقاة المفاتيح"(4/ 305).
(2)
قال الحافظ في "الفتح"(3/ 350): اختلفوا هل هو تحديد كما قال به أحمد وأصح الوجهين للشافعية، أو تقريب كما صحَّحه النووي، واتفقوا على وجوب الزكاة فيما زاد على خمسة أوسق. (ش).
(3)
"مرقاة المفاتيح"(4/ 292، 293).
1559 -
حَدَّثَنَا أَيُّوبُ بْنُ مُحَمَّدٍ الرَّقِّىُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ، حَدَّثَنَا إِدْرِيسُ بْنُ يَزِيدَ الأَوْدِىُّ،
===
رطل وثُلُثُ رطلٍ عند الحجازيين، وهو قول الشافعي وأبي يوسف، وعند أبي حنيفة كل مد رطلان، والرطل مائة وثلاثون درهمًا.
قال ابن الهمام: وقال بعض أئمتنا: خمسة أوسق قدر ثمان مائة مَنٍّ، وكل مَنٍّ مائتا درهم وستون درهمًا. قال المظهر: هذا دليل لمذهب الشافعي، وعند أبي حنيفة يجب في القليل والكثير من الحبوب والتمر والزبيب وغيرها من النبات، وقال ابن الملك: فيه حجة لأبي يوسف ومحمد في عدم الوجوب حتى تبلغ خمسةُ أوسقٍ، وأَوَّلَه أبو حنيفة رضي الله عنه بأن المرادَ منه زكاةُ التجارة؛ لأن الناس كانوا يتبايعون بالأوساق، وقيمة الوسق أربعون درهمًا (1)، انتهى.
قلت: واستدل على وجوب الزكاة في كل ما يخرج من الأرض قليلها وكثيرها بإطلاق قوله صلى الله عليه وسلم: "فيما سقته السماءُ العشرُ"، وسيأتي بحثُه في زكاة الزروع والثمار.
1559 -
(حدثنا أيوب بن محمد الرقي، نا محمد بن عبيد) بن أبي أمية، واسمه عبد الرحمن، ويقال: إسماعيل الطنافسي، أبو عبد الله الكوفي، الأحدب مولى إياد، ثقة، قال الدوري: سمعت محمد بن عبيد يقول: خير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر، ثم عمر، ثم عثمان، ويقول: اتقوا لا يخدعكم هؤلاء الكوفيون. وقال صالح بن أحمد عن أبيه: كان محمد يظهر السنَّة وكان يخطئ، ولا يرجع عن خطئه.
(نا إدريس بن يزيد) بن عبد الرحمن (الأودي) الزعافري، أخو داود،
(1) أورد عليه في "الكوكب الدري"(2/ 11 - 12): أن ما في الوسق من الحنطة، والشعير وغير ذلك مختلف، فكيف يُحْكَم بالكلية أن قيمته أربعون درهمًا، ثم وجهه فارجع إليه لو شئت، وأجاب عن الحديث في "الأوجز"(5/ 498 - 501) بعشرة وجوه. (ش).
عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ الْجَمَلِيِّ، عن أَبِي الْبَخْتَرِيِّ الطَّائِيِّ، عن أَبِي سَعِيدٍ (1) - يَرْفَعُهُ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْساقٍ (2) زَكَاةٌ"، وَالْوَسْقُ: سِتُّونَ مَخْتُومًا. [ن 2486، جه 1832، خزيمة 2310]
قَالَ أَبُو دَاوُدَ: أَبُو الْبَخْتَرِيِّ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ أَبِي سَعِيدٍ.
1560 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ قُدَامَةَ بْنِ أَعْيَنَ، نَا جَرِيرٌ، عن مُغِيرَةَ، عن إِبْرَاهِيمَ قَالَ:"الْوَسْقُ سِتُّونَ صَاعًا مَخْتُومًا بِالْحَجَّاجِيِّ".
===
أبو عبد الله، وثقه ابن معين والنسائي وأبو داود، (عن عمرو بن مُرَّة الجملي، عن أبي البختري) بفتح الموحدة والمثناة بينهما معجمة، سعيد بن فيروز بن أبي عمران (الطائي) مولاهم، الكوفي، ثقة ثبت، فيه تشيع قليل، كثير الإرسال.
(عن أبي سعيد - يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال) أي رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ليس فيما دون خمس أوساق زكاة، والوسق: ستون مختومًا) والمختوم الصاع: لأنه خُتِمَ عليه، وأعلم بخاتم الحكومة لئلا يُجترأ بالجعل والتلبيس.
(قال أبو داود: أبو البختري لم يسمع من أبي سعيد).
1560 -
(حدثنا محمد بن قدامة بن أعين، نا جرير) بن عبد الحميد، (عن مغيرة) بن مقسم، (عن إبراهيم) النخعي (قال) إبراهيم:(الوسق ستون صاعًا مختومًا بالحجَّاجي) أي معلَمًا بعلامة حجاج بن يوسف الثقفي أمير الكوفة حين كان واليًا على الكوفة، وكان أخرج الصاع، ويباهي به.
والاختلاف في تقديره مشهور، فعند أهل الحجاز كل صاع أربعة أمداد، وكل مُدٍّ رطل وثُلُثُ رطل، وعند أهل العراق كل صاع أربعة أمداد، وكل مد رطلان.
(1) في نسخة. "عن أبي سعيد الخدري".
(2)
في نسخة: "أوسق".
1561 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِىُّ، حَدَّثَنَا صُرَدُ بْنُ أَبِى الْمَنَازِلِ، سَمِعْتُ حَبِيبًا الْمَالِكِىَّ (1) قَالَ: قَالَ رَجُلٌ لِعِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ: يَا أَبَا نُجَيْدٍ إِنَّكُمْ لَتُحَدِّثُونَا بِأَحَادِيثَ مَا نَجِدُ لَهَا أَصْلًا فِى الْقُرْآنِ! فَغَضِبَ عِمْرَانُ وَقَالَ لِلرَّجُلِ: أَوَجَدْتُمْ فِى كُلِّ أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا دِرْهَمٌ، وَمِنْ كُلِّ كَذَا وَكَذَا شَاةً
===
1561 -
(حدثنا محمد بن بشار، حدثني محمد بن عبد الله) بن المثنى (الأنصاري، نا صُرَد) بضمِّ أوله وفتح ثانيه (ابن أبي المنازل) بالزاي واللام، بصري، ذكره ابن حبان في "الثقات"(2)، (سمعت حبيبًا المالكي) هو حبيب بن أبي فضلان، ويقال: ابن أبي فضالة، ويقال: ابن فضالة، المالكي البصري، عن ابن معين: مشهور، روى له أبو داود حديثًا واحدًا. قلت: ذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال: حبيب بن أبي فضالة. وكذا ذكره البخاري (3)، عن خليفة، عن الأنصاري، عن صرد، عن حبيب، عن عمران، فأشار إلى الحديث الذي أخرجه أبو داود، وهو طرف من حديث طويل، أخرجه البيهقي في "البعث" من حديث أبي الأزهر عن الأنصاري، ولكن وقع في روايته:"شبيب" بدل: "حبيب" كأنه تصحيف.
(قال) حبيب: (قال رجل) لم أقف على تسميته (لعمران بن حصين: يا أبا نجيد! ) كنية عمران (إنكم لتحدثونا بأحاديث (4) ما نجد لها أصلًا في القرآن) والأحاديث التي لم يكن لها أصل في القرآن كيف يكون معتَمَدًا عليها ومعمولًا بها؟ ! (فغضب عمران، وقال للرجل: أوجدتم) في القرآن حكم الزكاة مفصَّلًا بأنه (في كل أربعين درهمًا درهم) أي واحد، (ومن كل كذا وكذا شاة)
(1) وفي نسخة: "المكي".
(2)
"كتاب الثقات"(6/ 478).
(3)
انظر: "التاريخ الكبير"(2/ 331)، رقم (3016).
(4)
وكانوا يحدثونهم بأحاديث الشفاعة، كما في "الفتح"(11/ 426). (ش).