الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(361) بابُ مَا يَقُولُ الرَّجُلُ إِذَا سَلَّمَ
1507 -
حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنِ الْمُسَيَّبِ بْنِ رَافِعٍ، عَنْ وَرَّادٍ مَوْلَى الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ: كَتَبَ مُعَاوِيَةُ إِلَى الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ: أَىُّ شَىْءٍ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ إِذَا سَلَّمَ مِنَ الصَّلَاةِ؟ فَأَمْلَاهَا الْمُغِيرَةُ عَلَيْهِ وَكَتَبَ إِلَى مُعَاوِيَةَ قال: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «لَا إِلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَىْءٍ قَدِيرٌ، اللَّهُمَّ لَا مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ، وَلَا مُعْطِىَ لِمَا مَنَعْتَ، وَلَا يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْكَ الْجَدُّ» . [خ 844، م 593، ن 1341]
===
(361)
(بَابُ مَا يَقُولُ الرَّجُلُ (1) إِذَا سَلَّمَ)
أي: ما يقول من الدعاء إذا سلم وفرغ من الصلاة
1505 -
(حدثنا مسدد، نا أبو معاوية، عن الأعمش، عن المسيب بن رافع، عن وراد مولى المغيرة بن شعبة) وكاتبه، (عن المغيرة بن شعبة: كتب معاوية) الظاهر أنه كتب من الشام (إلى المغيرة بن شعبة) لعله كتب إليه حين كان واليًا على الكوفة من جهة معاوية (أي شيء) أي دعاء (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إذا سلم من الصلاة؟ فأملاها) أي الدعاء والكلمات، والإملاء أن تلقى على الكاتب فيكتب (المغيرة عليه) أي على وراد (وكتب) أي أمر بالكتابة (إلى معاوية قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول) عقب الصلاة: (لا إله إلَّا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد)، زاد الطبراني من طريق أخرى عن المغيرة:"يحيي ويميت، وهو حي لا يموت، بيده الخير"، (وهو على كل شيء قدير، اللهُمَّ لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد).
(1) وبوَّب عليه الترمذي "التسبيح بعد الصلاة"، قال ابن العربي: لا توقيت فيما ورد. (ش).
1506 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى، حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنِ الْحَجَّاجِ بْنِ أَبِى عُثْمَانَ، عَنْ أَبِى الزُّبَيْرِ قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ عَلَى الْمِنْبَرِ يَقُولُ: كَانَ النَّبِىُّ (1) صلى الله عليه وسلم إِذَا انْصَرَفَ مِنَ الصَّلَاةِ يَقُولُ: «لَا إِلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ،
===
قال الحافظ في "الفتح"(2): قال الخطابي: الجد الغنى ويقال: الحظ، قال: و"من" في قوله: "منك" بمعنى البدل، قال الشاعر: فليت لنا من ماء زمزم شربة أي: بدل ماء زمزم، انتهى، وفي "الصحاح" معنى "منك" ههنا عندك، أي لا ينفع ذا الغنى عندك غناه، إنما ينفعه العمل الصالح، وقال ابن التين: الصحيح [عندي]، أنها ليست بمعنى البدل ولا عند، بل هو كما تقول: ولا ينفعك مني شيء إن أنا أردتك بسوء، ولم يظهر من كلامه معنى، ومقتضاه أنها بمعنى عند، أو فيه حذف، تقديره: من قضائي أو سطوتي أو عذابي، وحكى الراغب أن المراد به ههنا أبو الأب، أي لا ينفع أحدًا نسبه، انتهى.
والجد مضبوط في جميع الروايات بفتح الجيم، قال القرطبي: حكي عن أبي عمرو الشيباني أنه رواها بالكسر، وقال: والمعنى لا ينفع ذا الاجتهاد اجتهاده، وأنكره الطبري. قال النووي: الصحيح المشهور الذي عليه الجمهور أنه بالفتح، وهو الحظ في الدنيا بالمال أو الولد أو السلطان، والمعنى لا ينجيه حظه منك، وإنما ينجيه فضلك ورحمتك، انتهى.
1506 -
(حدثنا محمد بن عيسى، نا ابن علية) إسماعيل، (عن الحجاج بن أبي عثمان، عن أبي الزبير) محمد بن مسلم (قال: سمعت عبد الله بن الزبير على المنبر يقول: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا انصرف من الصلاة) أي المكتوبة (يقول: لا إله إلَّا الله وحده) في الألوهية (لا شريك له)
(1) في نسخة: "رسول الله".
(2)
"فتح الباري"(2/ 332).
لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَىْءٍ قَدِيرٌ، لَا إِلَهَ إلَّا اللَّهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ، أَهْلُ النِّعْمَةِ وَالْفَضْلِ وَالثَّنَاءِ الْحَسَنِ، لَا إِلَهَ إلَّا اللَّهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ». [م 594، ن 1339]
1507 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الأَنْبَارِىُّ، حَدَّثَنَا عَبْدَةُ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِى الزُّبَيْرِ قَالَ: كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ يُهَلِّلُ (1) فِى دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ، فَذَكَرَ نَحْوَ هَذَا الدُّعَاءِ زَادَ فِيهِ:«وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاللَّهِ، لَا إِلَهَ إلَّا اللَّهُ لَا نَعْبُدُ إلَّا إِيَّاهُ لَهُ النِّعْمَةُ ...................... » . وَسَاقَ بَقِيَّةَ الْحَدِيثِ [انظر سابقه]
===
لا في الذات ولا في الصفات (له الملك وله الحمد) أولًا وآخرًا (وهو على كل شيء قدير) من الإيجاد والإعدام، (لا إله إلَّا الله) ولا نعبد إلَّا، إياه، إذ لا يستحق العبادة أحد سواه (مخلصين) أي نعبده مخلصين (له الدين) الطاعة (ولو كره الكافرون، أهل النعمة) بالرفع أي أنت، وبالنصب مفعول لأعبد أو أمدح (والفضل والثناء الحسن، لا إله إلَّا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون).
1507 -
(حدثنا محمد بن سليمان الأنباري، نا عبدة) بن سليمان الكلابي، أبو محمد الكوفي، يقال: اسمه عبد الرحمن، ثقة ثبت، مات سنة 187 هـ، وقيل بعدها، (عن هشام بن عروة، عن أبي الزبير قال: كان عبد الله بن الزبير يهلل) أي يدعو بالتهليل (في دبر كل صلاة) من الصلوات المكتوبة، أو كل صلاة سواء كانت مكتوبة أو نافلة (فذكر) أي هشام (نحو هذا الدعاء) في الحديث المتقدم (زاد) هشام (فيه) أي في حديثه:(ولا حول) أي لا تحول عن معصية الله (ولا قوة) على طاعة الله (إلَّا بالله، لا إله إلا الله لا نعبد إلَّا إياه، له النعمة) كلها (وساق بقية الحديث) وهي قوله: والفضل والثناء الحسن إلى خاتمة الدعاء.
(1) زاد في نسخة: "بهن".
1508 -
حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ وَسُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ الْعَتَكِىُّ - وَهَذَا حَدِيثُ مُسَدَّدٍ - قَالَا: حَدَّثَنَا الْمُعْتَمِرُ قَالَ: سَمِعْتُ دَاوُدَ الطُّفَاوِىَّ قَالَ (1): حَدَّثَنِى أَبُو مُسْلِمٍ الْبَجَلِىُّ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ قَالَ: سَمِعْتُ نَبِىَّ (2) اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ - وَقَالَ سُلَيْمَانُ: كَانَ رَسُولُ (3) اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ فِى دُبُرِ صَلَاتِهِ (4): «اللَّهُمَّ رَبَّنَا وَرَبَّ كُلِّ شَىْءٍ، أَنَا شَهِيدٌ أَنَّكَ
===
1508 -
(حدثنا مسدد وسليمان بن داود العتكي- وهذا حديث مسدد- قالا: نا المعتمر قال: سمعت داود الطفاوي) بضم الطاء المهملة وخفة الفاء في آخرها واو بعد الألف، نسبة إلى طفاوة، وهي حي من قيس عيلان، وهو داود بن راشد، أبو بحر الكرماني، ثم البصري، الصائغ، لين الحديث.
(قال: حدثني أبو مسلم البجلي) قال في "تهذيب التهذيب"(5): روى عن ابن عمر وزيد بن أرقم، وعنه داود الطفاوي القسام، ذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال في "التقريب": مقبول، وقال في "الميزان" (6): أبو مسلم البجلي عن زيد بن أرقم لا يعرف.
(عن زيد بن أرقم قال: سمعت نبي الله صلى الله عليه وسلم يقول- وقال سليمان) بن داود شيخ المصنف: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول- في دبر (7) صلاته) وفي نسخة: كل صلاة، والظاهر أن المراد بها المكتوبات.
(اللهمَّ ربنا ورب كل شيء، أنا شهيد) أي شاهد (أنك) أي على أنك
(1) في نسخة: "يقول".
(2)
في نسخة: "رسول الله".
(3)
في نسخة: "نبي الله".
(4)
في نسخة: "كل صلاة".
(5)
(12/ 235).
(6)
(4/ 573).
(7)
قال ابن القيم (1/ 305): دبر الصلاة يحتمل قبل السلام وبعده، وكان شيخنا يرجح أن يكون قبل السلام، فقال: دبر كل شيء منه كدبر الحيوان، قلت: لكن الحديث المتقدم بلفظ "إذا انصرف" يرد عليه.
أَنْتَ الرَّبُّ وَحْدَكَ لَا شَرِيكَ لَكَ، اللَّهُمَّ رَبَّنَا وَرَبَّ كُلِّ شَىْءٍ، أَنَا شَهِيدٌ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُكَ وَرَسُولُكَ، اللَّهُمَّ رَبَّنَا وَرَبَّ كُلِّ شَىْءٍ، أَنَا شَهِيدٌ أَنَّ الْعِبَادَ كُلَّهُمْ إِخْوَةٌ، اللَّهُمَّ رَبَّنَا وَرَبَّ كُلِّ شَىْءٍ، اجْعَلْنِى مُخْلِصًا لَكَ وَأَهْلِى فِى كُلِّ سَاعَةٍ فِى (1) الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، يَا ذَا الْجَلَالِ وَالإِكْرَامِ اسْمَعْ وَاسْتَجِبِ. اللَّهُ أَكْبَرُ الأَكْبَرُ، اللَّهُمَّ نُورَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ» - قَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ:«رَبَّ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ» - اللَّهُ أَكْبَرُ الأَكْبَرُ، حَسْبِىَ اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ، اللَّهُ أَكْبَرُ الأَكْبَرُ». [حم 4/ 369]
1509 -
حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ، نَا أَبِي، نَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ، عن عَمِّهِ الْمَاجِشُونِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ،
===
(أنت الرب وحدك لا شريك لك، اللهُمَّ ربنا ورب كل شيء، أنا شهيد أن) أي على أن (محمدًا عبدك ورسولك، اللهُمَّ ربنا ورب كل شيء أنا شهيد) على (أن العباد كلهم إخوة، اللهمَّ ربنا ورب كل شيء اجعلني مخلصًا لك وأهلي) عطف على ضمير المتكلم في اجعلني (في كل ساعة في الدنيا والآخرة) أي في أمورها بحيث لا توجد ساعة، سواء كانت تلك الساعة بأمر الدنيا أو العقبى، إلَّا أن تكون في صرف طاعة مقرونة بالإخلاص.
(يا ذا الجلال والإكرام اسمع) دعائي سماع قبول (واستجب) أي أحب (الله أكبر اكبر، اللهُمَّ نور السموات والأرض- قال سليمان بن داود: رب السموات والأرض- الله أكبر الأكبر، حسبي الله ونعم الوكيل، الله أكبر الأكبر).
1509 -
(حدثنا عبيد الله بن معاذ، نا أبي، نا عبد العزيز بن أبي سلمة) أي عبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة، (عن عمه الماجشون بن أبي سلمة)
(1) في نسخة: "من".
عَنْ عَبْدِ الرَّحْمنِ الأَعْرَجِ، عن عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَافِع، عن عَلِيِّ ابْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ (1) صلى الله عليه وسلم إِذَا سَلَّمَ مِنَ الصَّلَاةِ قالَ: "اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي مَا قَدَّمْتُ وَمَا أَخَّرْتُ، وَمَا أَسْرَرْتُ وَمَا أَعْلَنْتُ، وَمَا أَسْرَفْتُ، وَمَا أَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ مِنِّي، أَنْتَ الْمُقَدِّمُ وَالْمُؤَخِّرُ لَا إِنهَ إِلَّا أَنْتَ". [وهو قطعة من الحديث رقم 760 تقدم تخريجه]
1510 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، أَنَا سُفْيَانُ، عن عَمْرِو بْنِ مرَّةَ، عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ، عن طُلَيقِ بْنِ قَيْسٍ،
===
واسم عمه يعقوب بن أبي سلمة، (عن عبد الرحمن الأعرج، عن عبيد الله بن أبي رافع، عن علي بن أبي طالب قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا سلَّم من الصلاة قال: اللهُمَّ اغفر لي ما قدمت) أي من الذنوب والتقصير في العمل (وما أخرت) أي ما يقع مني بعد ذلك على الفرض والتقصير، وعبر عنه بالماضي، لأن المتوقع كالمتحقق، أو معناه ما تركت من العمل، قلت: سأفعل أو سوف أمر (2)(وما أسررت وما أعلنت وما أسرفت) أي تجاوزت عن الحد في ارتكاب المعاصي أو المظالم المتعدية (وما أنت أعلم به مني) أي تعلمها ولا أعلمها (أنت المقدم) أي قدم أنبياءه وأولياءه بتقربهم (والمؤخر) أي أخَّر أعداءه بإبعادهم وضرب الحجاب بينه وبينهم (لا إله إلَّا أنت).
1510 -
(حدثنا محمد بن كثير، أنا سفيان، عن عمرو بن مرة، عن عبد الله بن الحارث) الزبيدي النجراني الكوفي المكتب، ثقة، (عن طليق بن قيس) الحنفي الكوفي، لم أر أحدًا صرح بكونه مصغرًا أو مكبرًا، نعم صنيع الحافظ في "التقريب"(3) يوهم أنه مصغر،
(1) في نسخة: "رسول الله".
(2)
كذا في الأصل، وفي "المرقاة" (5/ 342): سوف أترك.
(3)
(ص 466).
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ النَّبِىُّ (1) صلى الله عليه وسلم يَدْعُو: «رَبِّ أَعِنِّى وَلَا تُعِنْ عَلَىَّ وَانْصُرْنِى وَلَا تَنْصُرْ عَلَىَّ، وَامْكُرْ لِى وَلَا تَمْكُرْ عَلَىَّ، وَاهْدِنِى وَيَسِّرْ هُدَاىَ إِلَىَّ، وَانْصُرْنِى عَلَى مَنْ بَغَى عَلَىَّ. اللَّهُمَّ (2) اجْعَلْنِى لَكَ شَاكِرًا، لَكَ ذَاكِرًا، لَكَ رَاهِبًا، لَكَ مِطْوَاعًا، إِلَيْكَ مُخْبِتًا
===
قال أبو زرعة والنسائي: ثقة، ذكره ابن حبان في "الثقات"، له عندهم حديثا واحد في الدعاء "رب أعني ولا تعن علي"، الحديث، صححه الترمذي وابن حبان والحاكم (3).
(عن ابن عباس قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو: رب أعني) من الإعانة على عبادتك، أي وفقني لذكرك وشكرك وحسن عبادتك (ولا تعن علي) أي الشيطان حتى يمنعني من حُسن العبادة، (وانصرني) على الأعداء (ولا تنصر عليَّ) أحدًا من خلقك، أي لا تسلطهم علي، (وامكر لي)، قال الطيبي (4): المكر: الخداع، وهو من الله تعالى إيقاع بلائه بأعدائه من حيث لا يشعرون (ولا تمكر علي) أي ولا تمكر لأعدائي (واهدني) أي: دلني على الخيرات أو على عيوب نفسي (يسر هداي إلى) أي سهل وصول الهداية إلى (وانصرني على من بغى علي) أي: بالاستنكاف عن قبول الحق والاستكبار عن الإِسلام، أو بالخروج على القتال.
(اللهُمَّ اجعلني لك شاكرًا) أي لا لغيرك (لك ذاكرًا) أي لا لمن سواك (لك راهبًا) أي خائفأ منك خاصة، والرهب من المعصية ومن السخط (لك مطواعًا) أي كثير الطوع والانقياد للطاعة (إليك مخبتًا) من الخبت وهو المطمئن من الأرض، قال الله تعالى:{وَأَخْبَتُوا إِلَى رَبِّهِمْ} (5) أي أطمأنوا إلى ذكره،
(1) في نسخة: "رسول الله".
(2)
زاد في نسخة: "رب".
(3)
"سنن الترمذي"(3551)، و"صحيح ابن حبان"(947 - 948)، و"المستدرك" للحاكم (1/ 519).
(4)
انظر: "شرح الطيبي"(5/ 203)، و"مرقاة المفاتيح"(5/ 346).
(5)
سورة هود: الآية 23.
- أَوْ مُنِيبًا - رَبِّ تَقَبَّلْ تَوْبَتِى، وَاغْسِلْ حَوْبَتِى، وَأَجِبْ دَعْوَتِى، وَثَبِّتْ حُجَّتِى، وَاهْدِ قَلْبِى، وَسَدِّدْ لِسَانِى، وَاسْلُلْ سَخِيمَةَ قَلْبِى». [ت 3551، جه 3830، حم 1/ 227]
===
أو سكنت نفوسهم إلى أمره، وقال سبحانه وتعالى:{وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ} (1) الاية، أي: خافت، فالمخبت هو الواقف بين الخوف والرجاء، وقيل: خاشعًا من الإخبات وهو الخشوع والتواضع.
(أو منيبًا) هكذا في جميع النسخ الموجودة عندي، والذي يغلب على الظن أن ههنا سقوطًا، وكأن في الأصل: أوَّاهًا منيبا، فسقط منه الألف والهاء، وهكذا في "الحصين الحصين": إليك أوَّاهًا منيبًا، وعزاه إلى الأربعة وابن حبان و"مستدرك الحاكم" و"مصنف ابن أبي شيبة"، وقد رأيت هكذا في لفظ الترمذي وابن ماجه، وليس فيها لفظ أو للشك، ومعناه كثير التأوه والبكاء، أي اجعلني حزينًا متوجعًا على التفريط، ومنه قوله تعالى:{لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ} (2)، والإنابة الرجوع أي راجعًا إليك عن المعصية إلى الطاعة، وعن الغفلة إلى الحضرة، وتقديم الصلات على متعلقاتها للاهتمام وإرادة الاختصاص.
(رب تقبل توبتي، واغسل حوبتي) بفتح الحاء: الإثم، وغسلها كناية عن إزالتها بالكلية بحيث لا يبقى منها أثر (وأجب دعوتي) أي دعائي (وثبت حجتي) أي: قولي وإيماني في الدنيا وعند جواب الملكين (واهد قلبي) إلى معرفة ربي (وسدد لساني) أي صَوِّبْ وقَوِّمْ لساني حتى لا أنطق إلَّا بالصدق، ولا أتكلم إلَّا بالحق (واسْلُلْ سخيمة قلبي) أي غله وحقده وحسده ونحوها مما ينشأ من الصدر، ويسكن في القلب من مساوئ الأخلاق، وسَلُّها إخراجها وتنقية القلب منها، من سل السيف إذا أخرجه من الغمد.
(1) سورة الحج: الآية 34.
(2)
سورة التوبه: الآية 114.
1511 -
حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ سُفْيَانَ قَالَ: سَمِعْتُ عَمْرَو بْنَ مُرَّةَ بِإِسْنَادِهِ وَمَعْنَاهُ قَالَ: «وَيَسِّرِ الْهُدَى إِلَىَّ» ، وَلَمْ يَقُلْ «هُدَاىَ» . [انظر سابقه]
1512 -
حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَاصِمٍ الأَحْوَلِ، وَخَالِدٍ الْحَذَّاءِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ عَائِشَةَ رضى الله عنها: أَنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا سَلَّمَ قَالَ: «اللَّهُمَّ أَنْتَ السَّلَامُ وَمِنْكَ السَّلَامُ، تَبَارَكْتَ يَا ذَا الْجَلَالِ وَالإِكْرَامِ» . [م 592، ت 298، ن 1338، جه 924، حم 6/ 62، ق 2/ 183]
===
1511 -
(حدثنا مسدد، نا يحيى، عن سفيان، قال: سمعت عمرو بن مرة بإسناده) أي بإسناد عمرو بن مرة للحديث المتقدم (ومعناه) أي معنى حديث عمرو المتقدم (قال: ويسر الهدى إليَّ، ولم يقل هداي) هكذا في نسخ أبي داود، وفي "الحصين":"ويسر الهدى لي".
1512 -
(حدثنا مسلم بن إبراهيم، نا شعبة، عن عاصم الأحول) ابن سليمان (وخالد الحذاء) ابن مهران، (عن عبد الله بن الحارث) الأنصاري أبو الوليد البصري، نسيب ابن سيرين وختنه، وقال سليمان بن حرب: كان ابن عم ابن سيرين، قال ابن سعد: كان قليل الحديث، ووهم فيه يحيى بن أبي كثير فقال: عبد الله بن نسيب، وإنما هو عبد الله بن الحارث نسيب ابن سيرين، فسقط عليه الحارث فبقي عبد الله بن نسيب، ثقة.
(عن عائشة رضي الله عنها: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا سلَّم قال: اللهُمَّ أنت السلام) أي من أسمائك الحسنى السلام (ومنك السلام) أي السلامة في الدين، أو في جميع أمور الدين والدنيا يحصل منك (تباركت) أي تكاثر خيرك، وقال الأزهري: تعاليت، أي تعالى صفتك عن صفات المخلوقين (يا ذا الجلال) أي العظمة، وقيل: الجلال التنزه عما لا يليق، والجلال لا يستعمل إلَّا لله تعالى (والإكرام) أي الإحسان، وقيل: المكرم لأوليائه بالإنعام عليهم والإحسان إليهم.
قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَسَمِعَ سُفْيَانُ مِنْ (1) عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، قَالُوا: ثَمَانِيَةَ عَشَرَ حَدِيثًا.
1513 -
حَدَّثنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى، أَنا (2) عِيسَى، عن الأَوْزَاعِيَّ، عن أَبِي عَمَّارٍ، عن أَبِي أَسْمَاءَ، عن ثَوْبَانَ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كانَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَنْصَرِفَ مِنْ صَلَاتِهِ
===
(قال أبو داود: وسمع سفيان) وهو الثوري (من عمرو بن مرة قالوا: ثمانية عشر حديثًا) منها هذا الحديث، لأن ابن ماجه قال في "سننه" (3): حدثنا عمرو بن مرة.
1513 -
(حدثنا إبراهيم بن موسى) الصغير، (أنا عيسى) بن يونس، (عن الأوزاعي) عبد الرحمن، (عن أبي عمار) شداد بن عبد الله القرشي الدمشقي، مولى معاوية بن أبي سفيان، ثقة، (عن أبي أسماء) الرحبي بفتح الحاء المهملة، الدمشقي، قال ابن زبر: الرحبي نسبة إلى رحبة دمشق قرية من قراها، بينها وبين دمشق ميل، رأيتها عامرة، وذكر أبو سعد بن السمعاني (4): أنه من رحبة حمير، وسماه وأباه عمرو بن مرثد، وقيل: عمرو بن مزيد بالزاي، ويروى عن أبي داود أن اسم أبي أسماء الرحبي عبد الله، قال العجلي: شامي تابعي ثقة، وذكره ابن حبان في "الثقات".
(عن ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أراد أن ينصرف من صلاته) هكذا في رواية الترمذي من طريق ابن المبارك عن الأوزاعي، و"مسند أحمد" من طريق ابن المبارك عن الأوزاعي،
(1) في نسخة: "عن".
(2)
في نسخة: "ثنا".
(3)
"سنن ابن ماجه"(3830).
(4)
انظر: "الأنساب"(3/ 50).