الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(5) بَابُ رِضَى الْمُصَدِّقِ
1586 -
حَدَّثَنَا مَهْدِيُّ بْنُ حَفْصٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ - الْمَعْنَى-
قَالَا: نَا حَمَّادٌ، عن أَيُّوبَ، عن رَجُلٍ يُقَالُ لَهُ: دَيْسَمٌ - وَقَالَ ابْنُ عُبَيْدٍ:
مِنْ بَنِي سَدُوسٍ -، عن بَشِيرِ بْنِ الخَصَاصِيَّةِ- قَالَ ابْنُ عُبَيْدٍ في
حَدِيثِهِ: وَمَا كَانَ اسْمُهُ بَشِيرًا، وَلَكِنْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سَمَّاهُ بَشِيرًا-
===
(5)
(بَابُ رِضَى الْمُصَدِّقِ)، أي: الساعي
1586 -
(حدثنا مهدي بن حفص) البغدادي أبو أحمد، قال الخطيب: كان ثقة، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال مسلمة بن قاسم: ثقة.
(ومحمد بن عبيد، المعنى) أي معنى حديثهما واحد (قالا: نا حماد) بن زيد، (عن أيوب، عن رجل يقال له: ديسم) السدوسي، روى حديثًا واحدًا في عمال الصدقة، ذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال في "الميزان" (1): ديسم رجل من بني سدوس، لا يُدْرى من هو، يُعْرَفُ بحديث عن بشير بن الخصاصية: أن أهل الصدقة يعتدون، تفرد عنه أيوب السختياني.
(وقال ابن عبيد: من بني سدوس)، أي زاد هذا القول ابن عبيد شيخ المصنف صفة لرجل، (عن بشير بن الخصاصية، قال ابن عبيد في حديثه: وما كان اسمه بشيرًا) بل كان اسمه زحم بن معبد، (ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم سماه بشيرًا) وهو بشير بن معبد المعروف بابن الخصاصية بفتح المعجمة وتخفيف المهملة، وهي أم جد بشير الأعلى، ضَبَارَى بن سدوس، حرر ذلك الدمياطي عن ابن الكلبي، وجزم به الرامهرمزي وقال: اسمها كبشة، وقيل: ماويّة، وأما أبو عمر فقال: ليست الخصاصية أمه، وإنما هي جدته، قاله الحافظ في "الإصابة"(2).
(1)"ميزان الاعتدال"(2/ 29)، رقم (2685).
(2)
"الإصابة"(1/ 159)، رقم (704).
قَالَ: قُلْنَا: إِنَّ أَهْلَ الصَّدَقَةِ يَعْتَدُونَ عَلَيْنَا، أَفَنَكْتُمُ مِنْ أَمْوَالِنَا بِقَدْرِ مَا يَعْتَدُونَ عَلَيْنَا؟ فَقَالَ:"لَا". [ق 4/ 104]
1587 -
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ وَيحْيَى بْنُ مُوسى قَالَا: نَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عن أَيُّوبَ بِإِسْنَادِهِ وَمَعْنَاهُ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ:"قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ أَصْحَابَ الصَّدَقَةِ".
قَالَ أَبُو دَاوُدَ: رَفَعَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عنْ مَعْمَرٍ. [انظر سابقه]
===
وقال في "تهذيب التهذيب"(1): وجزم ابن عبد البر وغيره أن الخصاصية أمه وليس كذلك، بل هي إحدى جداته.
(قال) ديسم: (قلنا) أي لبشير بن الخصاصية: (إن أهل الصدقة) أي السعاة (يعتدون علينا) أي يظلموننا، ويأخذون أكثر مما وجب علينا، (أفنكتم من أموالنا بقدر ما يعتدون علينا؟ فقال: لا).
1587 -
(حدثنا الحسن بن علي ويحيى بن موسى قالا: نا عبد الرزاق، عن معمر، عن أيوب بإسناده) أي بإسناد حديث أيوب (ومعناه، إلَّا أنه) أي معمرًا (قال) في حديثه: (قلنا: يا رسول الله! إن أصحاب الصدقة) بدل "أهل الصدقة"، كأنه صلى الله عليه وسلم علم أنهم لحبهم المالَ يرون الحق اعتداء، وإلَّا فلا يصح مجيء الاعتداء من عامليه صلى الله عليه وسلم، ولذلك سماهم مبغضين، وإلا فلا يجب إعطاء الزيادة لقوله صلى الله عليه وسلم:"ومن سئل فوقه فلا يعطه"، وقال القاري (2): قال ابن الملك: إنما لم يرخص لهم في ذلك؛ لأن كتمان بعض المال خيانة ومكر، ولأنه لو رخص لربما كتم بعضهم على عامل غير ظالم، انتهى.
(قال أبو داود: رفعه عبد الرزاق عن معمر)، معنى هذا الكلام أن هذا
(1)"التهذيب"(1/ 468).
(2)
"مرقاة المفاتيح"(4/ 281).
1588 -
حَدَّثَنَا عَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْعَظِيمِ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى قَالَا: نَا بِشْرُ بْنُ عُمَرَ، عن أَبِي الْغُصْنِ، عن صَخْرِ بْنِ إِسْحَاقَ،
===
الحديث رواه حماد بن زيد عن أيوب، ورواه عبد الرزاق عن معمر عن أيوب، فأما عبد الرزاق، عن معمر، عن أيوب فرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: فقلنا: يا رسول الله! إن أصحاب الصدقة، الحديث. وأما حماد بن زيد عن أيوب فلم يرفعه، بل أوقفه على بشير بن الخصاصية بأن ديسمًا قال: قلنا لبشير بن الخصاصية: إن أهل الصدقة، الحديث.
والدليل عليه ما رواه أحمد في "مسنده"(1) من حديث حماد بن زيد، ثنا أيوب، عن رجل من بني سدوس يقال له: ديسم، قال: قلنا: لبشير بن الخصاصية، الحديث، وأيضًا أخرج البيهقي (2) هذا الحديث من طريق أبي بكر ابن داسة، ثنا أبو داود، ثنا الحسن بن علي ويحيى بن موسى قالا: ثنا عبد الرزاق بإسناده ومعناه إلَّا أنه قال: يا رسول الله! إن أصحاب الصدقة، ورواه حماد بن زيد عن أيوب فلم يرفعه، انتهى. فقول أبى داود رفعه عبد الرزاق عن معمر تعريض على رواية حماد بن زيد بأنه لم يرفعه.
1588 -
(حدثنا عباس بن عبد العظيم ومحمد بن المثنى قالا: نا بشر بن عمر، عن أبي الغصن) هو ثابت بن قيس بن غصن، كما سيقوله المصنف، الغفاري المدني، عن أحمد: ثقة، وعن ابن معين: ليس به بأس، وكذا قال النسائي، وقال ابن سعد: هو شيخ قليل الحديث، وقال ابن أبي عدي: هو ممن يُكتَب حديثُه، وقال الآجري عن أبي داود: ليس حديثه بذاك، وعن الحاكم: ليس بحافظ ولا ضابط، وقال ابن حبان في "الضعفاء": كان قليل الحديث كثير الوهم فيما يرويه، لا يُحتج بخبره إذا لم يتابعه عليه غيرُه.
(عن صخر بن إسحاق) مولى بني غفار، حجازي، روى له أبو داود حديثًا
(1)"مسند أحمد"(5/ 83).
(2)
"السنن الكبرى"(4/ 104).
عن عَبْدِ الرَّحْمنِ بْنِ جَابرِ بْنِ عَتِيكٍ، عن أَبِيهِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "سَيَأتِيكُمْ رَكْبٌ (1) مُبَغَّضُونَ، فَإِذَا جَاؤُوكُمْ فَرَحِّبُوا بِهِمْ وَخَلُّوا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَبْتَغُونَ، فَإِنْ عَدَلُوا فَلأَنْفُسِهِمْ، وَإِنْ ظَلَمُوا
===
واحدًا في مسند جابر بن عتيك، (عن عبد الرحمن بن جابر بن عتيك) بفتح المهملة، وكسر المثناة الفوقانية، الأنصاري، المدني، روى له أبو داود حديثًا واحدًا. قلت: وفي "مسند البزار" في مسند جابر ما يدل على أن هذا الرجل روى عن جابر أيضًا، وقال ابن القطان الفاسي: مجهول (2).
(عن أبيه) جابر بن عتيك (إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: سيأتيكم ركب) أي سعاة وعمال للزكاة (مبغضون) بفتح الغين المشددة، أو من الإفعال أي تبغضونهم طبعًا لا شرعًا؛ لأنهم يأخذون محبوب القلوب، وقيل: معناه: إنه سيكون بعض العمال سيّئ الخلق، والأول أوجه.
(فإذا جاؤوكم فرحِّبوا بهم) أي قولوا لهم: مرحبًا وأهلًا وسهلًا، وَعَظِّمُوهم، وأَظْهِروا الفرحَ بقدومهم، (وخَلُّوا) أي اتركوا (بينهم وبين ما يبتغون) أي ما يطلبون من الزكاة. قال ابن الملك (3): أي لا تمنعوهم وإن ظلموكم؛ لأن مخالفتهم مخالفة السلطان، لأنهم مأمورون من جهته، ومخالفة السلطان تؤدي إلى الفتنة، انتهى. وهو كلام المظهر بناء على أنه عم الحكم في جميع الأزمنة. وقال الطيبي (4): فيه بحث، لأن العلة لو كانت المخالفة لجاز الكتمان، لكنه لم يجز لقوله في الحديث: أفنكتم من أموالنا بقدر ما يعتدون؟ قال: لا.
(فإن عدلوا) في أخذ الزكاة (فلأنفسهم) أي فلهم الثواب، (وإن ظلموا)
(1) في نسخة: "ركيب".
(2)
انظر: "تهذيب التهذيب"(6/ 154).
(3)
"مرقاة المفاتيح"(4/ 279)، و"شرح الطيبي"(4/ 21).
(4)
نفس المرجع السابق.
فَعَلَيْهَا، وَأَرْضُوهُمْ، فَإِنَّ تَمَامَ زَكَاتِكُمْ رِضَاهُمْ، وَلْيَدْعُوا لَكُمْ". [ق 4/ 114]
قَالَ أَبُو دَاوُدَ: أَبُو الْغُصْنِ هُوَ ثَابِتُ بْنُ قَيْسِ بْنِ غُصْنٍ.
1589 -
حَدَّثَنَا أَبُو كَامِل، نَا عَبْدُ الْوَاحِدِ (1) بْنُ زِيَادٍ. (ح): وَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، نَا عَبْا الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ- وَهَذَا حَدِيثُ
===
بأخذ الزكاة بأكثر مما وجه عليكم، أو أفضل على الفرض والتقدير، أو على زعمكم (فعليها) أي على أنفسهم إثم ذلك الظلم، ولكم الثواب بتحمل ظلمهم.
(وأرضوهم) أي اجتهدوا في إرضائهم ما أمكن بأن تعطوهم الواجبَ من غير مطل، ولا غش، ولا خيانة؛ (فإن تمام زكاتكم) أي كمالها (رضاهم) أي حصول رضاهم، (وليدعوا) بسكون اللام وكسرها (لكم) وهو أمر ندب لقابض الزكاة ساعيًا أو مستحقًّا أن يدعو للمزكي.
قال الطيبي (2): وما ذكره في المعنى في قوله: "مبغوضون" أوجه؛ لأن في قوله: سيأتيكم
…
إلخ، إشعار بأنهم عمال رسول الله صلى الله عليه وسلم، وينصره شكوى القوم عنهم في الحديث الذي يليه، ومن المعلوم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يستعمل ظالمًا، فالمعنى: أنه سيأتيكم عمال يطلبون منكم زكاة أموالكم، والنفس مجبولة على حب المال فتبغضونهم، وتزعمون أنهم ظالمون، وليسوا بذلك، وقوله:"وإن عدلوا، وإن ظلموا" مبني على هذا الزعم، ولو كانوا ظالمين في الحقيقة كيف يأمرهم بالدعاء لهم بقوله: وليدعوا لكم؟ .
(قال أبو داود: أبو الغصن هو ثابت بن قيس بن غصن).
1589 -
(حدثنا أبو كامل، نا عبد الواحد بن زياد، ح ونا عثمان بن أبي شيبة، نا عبد الرحيم بن سليمان، وهذا) أي المذكور لفظ (حديث
(1) زاد في نسخة: "يعني".
(2)
انظر: "شرح الطيبي"(4/ 20).
أَبِي كَامِلٍ -، عن مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي إِسْمَاعِيلَ، نَا عَبْدُ الرَّحْمنِ بْنُ هِلَالٍ الْعَبْسِيُّ، عن جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ قَالَ: جَاءَ نَاسٌ - يَعْنِي منَ الأَعْرَاب- إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فقَالوا: إِنَّ نَاسًا مِنَ الْمُصَدِّقِينَ يأتُونَّا (1) فَيَظْلِمُونَّا! قَالَ: فَقَالَ: "أَرْضُوا مُصَدِّقِيكُمْ". قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَإِنْ ظَلَمُونَا؟ ! قَالَ:"أَرْضُوا مُصَدِّقِيكُمْ"، زَادَ عُثْمَانُ:"وَإِنْ ظُلِمْتُمْ". [م 989، ن 2460]
وقَالَ أَبُو كَامِلٍ في حَدِيثِهِ: قَالَ جَرِيرٌ: مَا صَدَرَ عَنِّي مُصَدِّقٌ بَعْدَ مَا سَمِعْتُ هَذَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَّا وَهُوَ عَنِّي رَاضٍ.
===
أبي كامل) كلاهما أي عبد الواحد بن زياد وعبد الرحيم بن سليمان يرويان (عن محمد بن أبي إسماعيل، نا عبد الرحمن بن هلال العبسي، عن جرير بن عبد الله قال: جاء ناس -يعني من الأعراب- إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالوا: إن ناسًا من المصدقين) أي السعاة (يأتونا فيظلمونا) بتخفيف النون وتشديدها فيهما (قال: فقال: أرضوا) بفتح الهمزة (مصدقيكم، قالوا: يا رسول الله! وإن ظلمونا) أي نرضيهم ولو كانوا ظالمين علينا؟
(قال: أرضوا مصدقيكم، زاد عثمان) بن أبي شيبة شيخ المصنف: (إن ظُلِمْتم) على بناء المجهول، أي وإن اعتقدتم أنكم مظلومون بسبب حبكم أموالكم، ولم يرد أنهم وإن كانوا مظلومين حقيقة يجب إرضاؤهم، بل المراد: أنه يستحب إرضاؤهم وإن كانوا مظلومين حقيقة لقوله صلى الله عليه وسلم: "فإن تمام زكاتكم رضاؤهم".
(وقال أبو كامل في حديثه) ولم يذكره عثمان: (قال جرير: ما صدر) أي: رجع (عني مصدق بعد ما سمعت هذا) الكلام (من رسول الله صلى الله عليه وسلم إلَّا وهو) أي: المصدق (عني راضٍ).
(1) في نسخة: "يأتوننا فيظلموننا".