الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(334) بَابٌ: في الرَّجُلِ يَسْمَعُ السَّجْدَةَ وَهُوَ رَاكِبٌ
(1)
1411 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ الدِّمَشْقِيُّ أَبُو الْجُمَاهرِ، نَا عَبْدُ الْعَزِيزِ- يَعْنِي ابْنَ مُحَمَّدٍ-، عن مُصْعَبِ بْنِ ثَابِتِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عن نَافِعٍ،
===
قال الزيلعي (2) بعد نقل حديث ابن عباس وأبي سعيد: وعندي أنهما حجة لنا. وأجاب عنه صاحب "البدائع"(3) فقال: وما تعلق به الشافعي فهو دليلنا، فإنا نقول: نحن نسجد ذلك شكرًا لما أنعم الله على داود بالغفران، والوعد بالزلفى، وحسن المآب، ولهذا لا يسجد عندنا عقيب قوله:"وأناب" بل عقيب قوله: "مآب"، وهذه نعمة عظيمة في حقنا، فإنه يطمعنا في إقالة عثراتنا، وغفران خطايانا، وزلاتنا، فكانت سجدة تلاوة، لأن سجدة التلاوة ما كان سببها التلاوة، وسبب وجوب هذه السجدة تلاوة هذه الآية التي فيها الإخبار عن هذه النعم على داود عليه الصلاة والسلام وإطماعنا في نيل مثله.
وكذا سجدة النبي صلى الله عليه وسلم في الجمعة الأولى، وترك الخطبة لأجلها يدل على أنها سجدة تلاوة، وتركه في الجمعة الثانية لا يدل على أنها ليست بسجدة تلاوة، بل كان يريد التأخير، وهي عندنا لا تجب على الفور، فكان يريد أن لا يسجدها على الفور.
(334)
(بابٌ: في الرَّجُلِ يَسْمَعُ السَّجْدة وهُوَ رَاكِبٌ)
أي: هل يسجد راكبًا على الدابة أو ينزل لها على الأرض؟
1411 -
(حدثنا محمد بن عثمان الدمشقي أبو الجماهر، نا عبد العزيز -يعني ابن محمد- عن مصعب بن ثابت بن عبد الله بن الزبير، عن نافع،
(1) زاد في نسخة: "أو في غير صلاة".
(2)
"نصب الراية"(2/ 181).
(3)
"بدائع الصنائع"(1/ 453).
عن ابْنِ عُمَرَ: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَرَأَ عَامَ الْفَتْحِ سَجْدَةً فَسَجَدَ النَّاسُ كُلُّهُمْ: مِنْهُمُ الرَّاكِبُ، وَالسَّاجِدُ في الأَرْضِ، حَتَّى إِنَّ الرَّاكِبَ لَيَسْجُدُ (1) عَلَى يَدِهِ"[ق 2/ 325، ك 1/ 219، خزيمة 556]
===
عن ابن عمر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ عام الفتح) أي فتح مكة (سجدة) أي آية سجدة بانضمام ما قبلها أو بعدها، أو منفردة لبيان الجواز، لأن الانفراد بها خلاف الاستحباب عندنا لإيهام تفضيل آي السجدة على غيرها.
قال ابن الهمام (2): والمستحب أن يقرأ معها آيات ليكون أدل على مراد الآية، وليحصل بحق القراءة لا بحق إيجاب السجدة، إذ القراءة للسجود ليست بمستحبة، فيقرأ معها آيات ليكون قصده إلى التلاوة لا إلى إيجاب السجود.
(فسجد الناس كلهم: منهم الراكب، والساجد في الأرض حتى إن الراكب ليسجد على يده) أي يضع يده على السرج ثم يسجد عليها، قال ابن الملك: وهذا يدل على أن من يسجد على يده يصح إذا انحنى عنقه عند أبي حنيفة لا عند الشافعي، وهو غير مشهور في المذهب، ففي شرح "المنية": لو سجد بسبب الزحام على فخذه جاز، وكذا لو كان به عذر منعه عن السجود على غير الفخذ على المختار، ولا يجوز بلا عذر على المختار، كذا في "الخلاصة"، ولو وضع كفه بالأرض وسجد عليها يجوز على الصحيح ولو بلا عذر إلَّا أنه يكره، قال ابن الهمام (3): إذا تلا راكبًا أو مريضًا لا يقدر على السجود أجزأه الإيماء، قاله القاري (4).
قلت: قال في "البدائع"(5): وما وجب من السجدة في الأرض لا يجوز على
(1) في نسخة "يسجد".
(2)
"فتح القدير"(2/ 26).
(3)
"فتح القدير"(2/ 27).
(4)
"مرقاة المفاتيح"(3/ 118 - 119).
(5)
"بدائع الصنائع"(1/ 440).
1412 -
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، نَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ. (ح): وَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي شُعَيْبٍ (1)، نَا ابْنُ نُمَيْرٍ - الْمَعْنَى- عن عُبَيْدِ الله، عن نَافِعٍ، عن ابْنِ عُمَرَ قَالَ:"كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقْرَأُ عَلَيْنَا السُّورَةَ - قَالَ ابْنُ نُمَيْرٍ: في غَيْرِ الصَّلَاةِ، ثُمَّ اتَّفَقَا- فَيَسْجُدُ (2) وَنَسْجُدُ مَعَهُ، حَتَّى لَا يَجِدُ أَحَدُنَا مَكَانًا لِمَوْضِعِ جَبْهَتِهِ". [خ 1075، م 575]
1413 -
حَدَّثنَا أَحْمَدُ بْنُ الْفُرَاتِ أَبُو مَسْعُود الرَّازِيُّ،
===
الدابة، وما وجب على الدابة يجوز على الأرض، لأن ما وجب على الأرض وجب تامًّا فلا يسقط بالإيماء الذي هو بعض السجود، فأما ما وجب على الدابة وجب بالإيماء لما روي عن علي رضي الله عنه أنه تلا سجدة وهو راكب فأومأ بها إيماء، وروي عن ابن عمر أنه سئل عمن سمع سجدة وهو راكب قال:"فليومئ إيماء"، فما حكى ابن الملك من أن انحناء العنق للسجدة على الدابة كافٍ في أداء السجدة عند أبي حنيفة ليس هو غير مشهور في المذهب بل هو مشهور.
1412 -
(حدثنا أحمد بن حنبل، نا يحيى بن سعيد، ح: ونا أحمد بن أبي شعيب، نا ابن نمير) أي عبد الله (المعنى) أي معنى حديث يحيى وابن نمير واحد، (عن عبيد الله) بن عمر، (عن نافع، عن ابن عمر قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ علينا السورة، قال ابن نمير: في غير الصلاة) ولم يقل هذا اللفظ يحيى بن سعيد (ثم اتفقا) أي يحيى وابن نمير (فيسجد) رسول الله صلى الله عليه وسلم (ونسجد معه حتى لا يجد أحدنا مكانًا) في الأرض (لموضع) إما مصدر أي لوضع، وإما ظرف أي لمحل وضع (جبهته) لكثرة الزحام، وهذا الحديث لا مناسبة له بالترجمة إلا أن يقال: إن في بعض نسخ أبي داود زيادة في الترجمة وهو قوله: أو في غير الصلاة، فهذا الحديث يناسب هذا الجزء من الترجمة.
1413 -
(حدثنا أحمد بن الفرات أبو مسعود الرازي،
(1) زاد في نسخة: "الحراني".
(2)
في نسخة: "فسجد".
أَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، عن نَافِع، عن ابْنِ عُمَرَ قَالَ:"كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقْرَأُ عَلَيْنَا الْقُرْآنَ فَإِذَا مَرَّ بِالسَّجْدَةِ كَبَّرَ وَسَجَدَ وَسَجَدْنَا (1) ". قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ: كَانَ الثَّوْرِيُّ يُعْجِبُهُ هَذَا الْحَدِيثُ.
قَالَ أَبُو دَاوُدَ: يُعْجِبُهُ لأنَّهُ كَبَّرَ. [ق 2/ 325]
===
أنا عبد الرزاق، أنا عبد الله بن عمر)، قال الشوكاني (2): الحديث في إسناده العمري عبد الله المكبر، وهو ضعيف، وأخرجه الحاكم من رواية العمري أيضًا لكن وقع عندهم مصغرًا، والمصغر ثقة، ولهذا قال: على شرط الشيخين.
(عن نافع، عن ابن عمر قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ علينا القرآن فإذا مر بالسجدة) أي بآية السجدة (كبر) أي يقول: الله أكبر (وسجد وسجدنا، قال عبد الرزاق: وكان الثوري) أي سفيان (يعجبه هذا الحديث، قال أبو داود: يعجبه لأنه كبر) أي وجه إعجابه أنه ذكر فيه التكبير.
قال القاري: قال ابن الملك: وهذا يدل على أنه لا يكبر إلا للسجود، وبه أخذ أبو حنيفة، وعند الشافعي يرفع يديه ويكبر للإحرام ثم يكبر للسجود.
قال في البدائع (3): وأما سنن السجود، فمنها أنه يكبر عند السجود، وعند رفع الرأس من السجود، وروى الحسن عن أبي حنيفة أنه لا يكبر عند الانحطاط، وهي رواية عن أبي يوسف، والصحيح ظاهر الرواية لما روي عن عبد الله بن مسعود أنه قال للتالي:"إذا قرأت سجدة فكبر واسجد، وإذا رفعت رأسك فكبر"، ولو ترك التحريمة يجوز عندنا، وقال الشافعي: لا يجوز لأن هذا ركن من أركان الصلاة فلا يتأدى بدون التحريمة.
قلت: وكذا اختلف في التشهد والسلام، فعند الحنفية لا تشهد في سجود التلاوة ولا تسليم.
(1) زاد في نسخة: "معه".
(2)
"نيل الأوطار"(2/ 339).
(3)
"بدائع الصنائع"(1/ 448).