الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَلَكِنَّ الْوَاصِلَ الَّذِي إِذَا قُطِعَتْ رَحِمُهُ وَصَلَهَا". [خ 5991، ت 1908، حم 2/ 163، ق 7/ 27]
(45) بَابٌ: في الشُّحِّ
1698 -
حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ أَبِى كَثِيرٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: خَطَبَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ:
===
نفي الكمال (ولكن الواصل) أي: ولكن الواصل الكامل (الذي إذا قطعت) بصيغة المجهول (رحمه وصلها) أي قرابته التي تقطع عنه، وهذا من باب الحث على مكارم الأخلاق، كقوله تعالى:{ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} (1)، ومنه قوله صلى الله عليه وسلم في البخاري (2):"صل من قطعك، وأحسن إلى من أساء إليك"، الحديث.
(45)
(بَابٌ: في الشُّحِّ)
وهو أشد البخل، وقيل: البخل مع الحرص، وقيل: البخل في أفراد الأمور وآحادِها، والشح عام، وقيل: البخل في مال، والشح في مال وفي معروف.
1698 -
(حدثنا حفص بن عمر، نا شعبة، عن عمرو بن مرة، عن عبد الله بن الحارث، عن أبي كثير) الزبيدي بالتصغير، الكوفي، اسمه زهير بن الأقمر، وقيل: عبد الله بن مالك، وقيل: جمهان، أو الحارث بن جمهان، وقيل: إن زهير بن الأقمر غير عبد الله بن مالك، مقبول.
(عن عبد الله بن عمرو قال: خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال) أي رسول الله
(1) سورة المؤمنون: الآية 96.
(2)
كذا نقله صاحب "المرقاة"(9/ 197)، وصاحب "تحفة الأحوذي"(6/ 31)، ولكن ما وجدت في "صحيح البخاري"، بل أورده المتقي في "كنز العمال" رقم (6929)، وعزاه إلى ابن النجار عن علي، فليفتش.
«إِيَّاكُمْ وَالشُّحَّ؛ فَإِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِالشُّحِّ، أَمَرَهُمْ بِالْبُخْلِ فَبَخَلُوا، وَأَمَرَهُمْ بِالْقَطِيعَةِ فَقَطَعُوا، وَأَمَرَهُمْ بِالْفُجُورِ فَفَجَرُوا» . [حم 2/ 159 - 160، ق 4/ 187، ك 1/ 415]
1699 -
حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، أَخْبَرَنَا أَيُّوبُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِى مُلَيْكَةَ، حَدَّثَتْنِى أَسْمَاءُ بِنْتُ أَبِى بَكْرٍ قَالَتْ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا لِى شَىْءٌ إلَّا مَا أَدْخَلَ عَلَىَّ الزُّبَيْرُ بَيْتَهُ، أَفَأُعْطِى مِنْهُ؟ قَالَ: «أَعْطِى
===
في خطبته (إياكم والشحَّ) أي اتقوا أنفسَكم من الشح، والشحَّ من أنفسكم، (فإنما هلك من كان قبلكم) أي من الأمم الماضية (بالشح، أمرهم) أي الشح (بالبخل) لعدم أداء حقوق المالية (فبخلوا، وأمرهم) أي الشح (بالقطيعة) أي بقطيعة الرحم (فقطعوا، وأمرهم بالفجور) أي بالزناء والفحش والمعاصي (ففجروا)، ولفظ مسلم (1):"واتقوا الشح؛ فإن الشح أهلك من كان قبلكم، حملهم على أن سفكوا دماءهم واستحلُّوا محارمهم".
قال القاري (2): قيل: إنما كان الشح سببًا لذلك لأن في بذل المال ومواساة الإخوان التحابَّ والتواصل، وفي الإمساك والشح التهاجرَ والتقاطعَ، وذلك يؤدي إلى التشاجر والتعادي من سفكِ الدماء، واستباحةِ المحارم من الفروج والأعراض والأموال وغيرها.
1699 -
(حدثنا مسدد، نا إسماعيل، أنا أيوب، نا عبد الله بن أبي مليكة، حدثتني أسماء بنت أبي بكر) زوجة زبير بن العوام (قالت: قلت: يا رسول الله! ما) نافية (لي شيء) أي من المال (إلَّا ما أدخل علي الزبيرُ) زوجي (بيتَه) أي في بيته (أفأعطي) أي أتصدق (منه) أي من ذلك المال؟
(قال: أَعْطِي) أي تَصَدَّقي منه، وإنما أذن لها رسول الله صلى الله عليه وسلم مطلقًا، ولم يرد إلى إذن الزبير لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان عارفًا بأن الزبير رجل جواد كريم
(1)"صحيح مسلم"(2578).
(2)
"مرقاة المفاتيح"(4/ 369).
وَلَا تُوْكِي، فَيُوْكَى عَلَيْكِ". [خ 1434، م 1029]
1700 -
حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، أَخْبَرَنَا أَيُّوبُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى مُلَيْكَةَ، عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا ذَكَرَتْ عِدَّةً مِنْ مَسَاكِينَ. - قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَقَالَ غَيْرُهُ: أَوْ عِدَّة مِنْ صَدَقَةٍ - فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «أَعْطِى وَلَا تُحْصِى فَيُحْصِىَ عَلَيْكِ» (1). [حم 6/ 108]
===
لا يمنعها من التصدق، وأيضًا كان عارفًا بأن أسماء بنت أبي بكر من النساء المتدينات تتصدق بالمال غير مفسدة فأذن لها مطلقًا، وقال الخطابي (2): وأعطي من نصيبكِ منه، (ولا تُوْكي فَيُوْكَى عليكِ) من الله تعالى، الوكاء هو خيط يُشَدُّ به الصرة والكيس وغيرهما، يقال: أوكيت السقاء، أي شددت رأسها بالوكاء أي لا تدخري، وتشدي ما عندك، وتمنعي ما في يدك، فتنقطع مادة الرزق عنكِ.
1700 -
(حدثنا مسدد، نا إسماعيل، أنا أيوب، عن عبد الله بن أبي مليكة، عن عائشة) رضي الله عنها (أنها ذكرت) أي عند رسول الله صلى الله عليه وسلم (عِدَّةً) بكسر العين وشدة الدال أي عددًا، أو يحتمل أن يكون "عدة" على وزن زنة، أي ذكرت لرسول الله صلى الله عليه وسلم وعدًا وعدها (من مساكين) واستأذنت في إعطائهم.
(قال أبو داود: وقال غيره) والضمير يرجع إلى راوٍ من الرواة (: أو) للشك من الراوي (عدة) بتشديد الدال، أو تخفيفها (من صدقة، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: أَعطي) أي تصدقي، (ولا تحصي) الإحصاء: العَدُّ والحفظ، والمراد عدُّ الشيء للقنية والإدخار، أي لا تعطي مالكِ الفقيرَ بالعدِّ والقلة بل لا تبقي شيئًا، فإن إبقاءه إحصاؤه (فيحصي) الله (عليكِ) بالنصب للجواب أي يمحق الله البركة حتى يصير كالشيء المعدود، أو يحاسبك، أو يناقشك في الآخرة، أو يمنع فضله وهو مشاكلة.
* * *
(1) زاد في نسخة: "آخر كتاب الزكاة".
(2)
انظر: "معالم السنن"(2/ 71).