المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(15) باب: متى يخرص التمر - بذل المجهود في حل سنن أبي داود - جـ ٦

[خليل أحمد السهارنفوري]

فهرس الكتاب

- ‌(319) بابٌ: في قِيَامِ شَهْرِ رَمَضَانَ

- ‌(320) بابٌ: في لَيْلَةِ الْقَدْرِ

- ‌(322) بَابُ مَنْ رَوَى أَنَّهَا لَيْلَةُ سَبْعَ عَشْرَةَ

- ‌(324) بَابُ مَنْ قَالَ: سَبْعٌ وَعِشْرُونَ

- ‌(325) بَابُ مَنْ قَالَ: هِيَ في كُلِّ رَمَضَانَ

- ‌(326) بَابٌ: في كَمْ يُقْرأُ الْقُرْآنُ

- ‌(327) بَابُ تَحْزِيبِ الْقُرْآنِ

- ‌(328) بَابٌ: في عَدَدِ الآيِ

- ‌(329) بَابُ تَفْرِيعِ أَبْوَابِ السُّجُودِ، وَكَمْ سَجْدَةً في الْقُرْاَنِ

- ‌(330) بَابُ مَنْ لَمْ يَرَ السُّجُودَ في الْمُفَصَّلِ

- ‌(331) بَابُ مَنْ رَأَى فِيهَا سُجُودًا

- ‌(332) بَابُ السُّجُودِ في {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ} و {اقرأ}

- ‌(333) بَابُ السُّجُودِ في {ص}

- ‌(334) بَابٌ: في الرَّجُلِ يَسْمَعُ السَّجْدَةَ وَهُوَ رَاكِبٌ

- ‌(335) بَابُ مَا يَقُولُ إِذَا سَجَدَ

- ‌(336) (بابٌ: فِيمَنْ يَقْرَأُ السَّجْدة بَعْدَ الصُّبْح)

- ‌(337) بَابُ اسْتِحْبَابِ الْوِتْرِ

- ‌(338) بابٌ: فِيمَنْ لَمْ يُوتِرْ

- ‌(339) بَابٌ: كمِ الْوِتْرُ

- ‌(340) بَابُ مَا يُقْرَأُ في الْوِتْرِ

- ‌(341) بَابُ الْقُنُوتِ في الْوِتْرِ

- ‌(342) بَابٌ: في الدُّعَاءِ بَعْدَ الْوِتْرِ

- ‌(343) باب: في الْوِتْرِ قَبْلَ النَّوْمِ

- ‌(344) بابٌ: في وَقْتِ الْوِتْرِ

- ‌(345) بَابٌ: في نَقْضِ الْوِتْرِ

- ‌(346) بابُ الْقُنُوتِ في الصَّلَوَاتِ

- ‌(347) بابٌ: في فَضْلِ التَّطوُّعِ في الْبَيْتِ

- ‌(348) بابٌ

- ‌(349) بَابُ الْحَثِّ عَلَى قِيَامِ اللَّيْلِ

- ‌(350) بابٌ: في ثَوَابِ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ

- ‌(352) بَابُ مَنْ قَالَ: هِيَ مِنَ الطُّولِ

- ‌(353) بابُ مَا جَاءَ فِى آيَةِ الْكُرْسِىِّ

- ‌(354) بابٌ: فِى سُورَةِ الصَّمَدِ

- ‌(355) بابٌ: فِى الْمُعَوِّذَتَيْنِ

- ‌(356) (بَابٌ: كيْفَ يُسْتَحَبُّ التَّرْتيلُ في القِرَاءَةِ

- ‌(357) بابُ التَّشْدِيدِ فِيمَنْ حَفِظَ الْقُرْآنَ ثُمَّ نَسِيَهُ

- ‌(358) بابٌ: "أُنْزِلَ الْقُرْآنُ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ

- ‌(359) باب الدُّعَاءِ

- ‌(360) باب التَّسْبِيحِ بِالْحَصَى

- ‌(361) بابُ مَا يَقُولُ الرَّجُلُ إِذَا سَلَّمَ

- ‌(362) بابٌ: فِى الاِسْتِغْفَارِ

- ‌(363) (بَابُ النَّهْي أَنْ يَدْعُوَ الإنْسَانُ عَلَى أَهْلِهِ وَمَالِهِ)

- ‌(364) بَابُ الصَّلَاةِ عَلَى غَيْرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌(365) بَابُ الدُّعَاءِ بِظَهْرِ الْغَيْبِ

- ‌(367) بَابٌ: في الاسْتِخَارَةِ

- ‌(368) بَابٌ: في الاسْتِعَاذَةِ

- ‌(3) كِتَابُ الزَّكَاةِ

- ‌(1) بَابُ مَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ

- ‌(2) بَابُ العُرُوضِ إِذَا كَانَتْ لِلتِّجَارَةِ

- ‌(3) بَابُ الْكَنْزِ مَا هُوَ؟ وَزَكَاةُ الْحَلْي

- ‌(4) بَابٌ: في زَكَاةِ السَّائِمَةِ

- ‌(5) بَابُ رِضَى الْمُصَدِّقِ

- ‌(6) بَابُ دُعَاءِ الْمُصَدِّقِ لِأَهْلِ الصَّدَقَةِ

- ‌(7) بَابُ تَفْسِيرِ أَسْنَانِ الإِبْلِ

- ‌(8) بَابٌ: أَيْنَ تُصَدَّقُ الأَمْوَالُ

- ‌(9) بَابُ الرَّجُلِ يَبْتَاعُ صَدَقَتَهُ

- ‌(10) بَابُ صَدَقَةِ الرَّقِيقِ

- ‌(11) بَابُ صَدَقَةِ الزَّرْعِ

- ‌(12) باب زَكَاةِ الْعَسَلِ

- ‌(13) بَابٌ: في خَرْصِ الْعِنَبِ

- ‌(14) بَابٌ: في الْخَرْصِ

- ‌(15) بَابٌ: مَتَى يُخْرَصُ التَّمْرُ

- ‌(16) بَابُ مَا لَا يَجُوزُ مِنَ الثَّمَرَةِ في الصَّدَقَةِ

- ‌(17) بَابُ زَكَاةِ الْفِطْرِ

- ‌(18) بَابٌ: مَتَى تُؤَدَّى

- ‌(19) بَابٌ: كَمْ يُؤدَّى في صَدَقَةِ الْفِطْرِ

- ‌(20) بَابُ مَنْ رَوَىَ نِصْفَ صَاعٍ مِنْ قَمْحٍ

- ‌(21) بَابٌ: في تَعْجِيلِ الزَّكاةِ

- ‌(22) بَابٌ في الزَّكَاةِ تُحْمَلُ مِنْ بَلَدٍ إِلَى بَلَدٍ

- ‌(23) بَابُ مَنْ يُعْطَى مِنَ الصَّدَقَةِ، وَحَدُّ الْغِنَى

- ‌(24) بَابُ مَنْ يَجُوزُ لهُ أَخْذُ الصَّدَقَةِ وَهُوَ غَنِيٌّ

- ‌(25) بَابٌ: كَمْ يُعْطَى الرَّجُلُ الْوَاحِدُ مِنَ الزَّكَاةِ

- ‌(26) بَابُ كَرَاهِيةِ الْمَسْألَةِ

- ‌(27) بَابٌ: في الاسْتِعْفَافِ

- ‌(28) بَابُ الصَّدَقَةِ عَلَى بَنِي هَاشِمٍ

- ‌(29) (بَابُ الفَقِيرِ يُهْدِي لِلْغَنِيِّ مِنَ الصَّدَقَةِ)

- ‌(30) بَابُ مَنْ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ ثُمَّ وَرِثَهَا

- ‌(31) بَابٌ: في حُقُوقِ الْمَالِ

- ‌(32) بَابُ حَقِّ السَّائِلِ

- ‌(33) بَابُ الصَّدَقَةِ عَلَى أَهْلِ الذِّمَّةِ

- ‌(34) بَابُ مَا لَا يَجُوزُ مَنْعُهُ

- ‌(35) بابُ الْمَسْأَلَةِ فِى الْمَسَاجِدِ

- ‌(36) بابُ كَرَاهِيَةِ الْمَسْأَلَةِ بِوَجْهِ اللَّهِ عز وجل

- ‌(37) بَابُ عَطِيَّةِ مَنْ سَأَلَ بِاللهِ عز وجل

- ‌(38) بَابُ الرَّجُلِ يَخْرُجُ مِنْ مَالِهِ

- ‌(39) بَابٌ في الرُّخْصَةِ في ذَلِكَ

- ‌(40) بَابٌ: في فَضْلِ سَقْيِ الْمَاءِ

- ‌(41) بابٌ: فِى الْمَنِيحَةِ

- ‌(42) بَابُ أَجْرِ الْخَازِنِ

- ‌(43) بَابُ الْمَرْأَةِ تَصَدَّقُ مِنْ بَيْتِ زَوجِهَا

- ‌(44) بَابٌ: في صِلَةِ الرَّحِمِ

- ‌(45) بَابٌ: في الشُّحِّ

- ‌(4) كِتَابُ اللُّقَطَةِ

الفصل: ‌(15) باب: متى يخرص التمر

(15) بَابٌ: مَتَى يُخْرَصُ التَّمْرُ

؟

1606 -

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ، حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: أُخْبِرْتُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ - وَهِىَ تَذْكُرُ شَأْنَ خَيْبَرَ -:"كَانَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم يَبْعَثُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ رَوَاحَةَ إِلَى يَهُودِ، فَيَخْرِصُ النَّخْلَ حِينَ يَطِيبُ قَبْلَ أَنْ يُؤْكَلَ مِنْهُ". [حم 6/ 163، خزيمة 2315، عب 7215، قط 2/ 134]

===

والهالكة وما يأكله الطير والناس، وقيل: اتركوا لهم ذلك ليتصدقوا منه على جيرانهم ومن يطلب منهم لا أنه لا زكاة عليهم، "فتح الودود".

(15)

(بَابٌ: مَتَى يُخْرَصُ التَّمْرُ؟ )

1606 -

(حدثنا يحيى بن معين، نا حجاج) بن محمد، (عن ابن جريج) عبد الملك بن عبد العزيز (قال) ابن جريج:(أُخْبِرْتُ) أي: أخبرني مخبر، ولم أسمعه (عن ابن شهاب، عن عروة، عن عائشة أنها) أي عائشة رضي الله عنها (قالت- وهي) أي والحال أنها (تذكر شأن) أي قصة (خيبر-: كان النبي صلى الله عليه وسلم يبعث (1) عبد الله بن رواحة) بن ثعلبة بن امرئ القيس (2) بن عمرو ابن امرئ القيس الأكبر، الخزرجي، الأنصاري، الشاعر، أبو محمد، ويقال: أبو رواحة، ويقال: أبو عمر (3) المدني، شهد بدرًا وعقبة، وهو أحد النقباء، واحد الأمراء الثلاثة في غزوة مؤتة، وبها قتل سنة ثمان. (إلى يهود) خيبر، (فيخرص النخل حين يطيب) أي يظهر في الثمار الحلاوةُ (قبل أن يؤكل منه) أي من النخل من ثمره.

(1) ظاهر اللفظ يقتضي التكرار لكنه بعث مرة؛ فإن خيبر فتحت سنة سبع، وهو قد استُشهِد في مؤتة سنة 8 هـ، كذا في "الأوجز"(6/ 103). (ش).

(2)

وليس هذا هو الشاعر الجاهلي الشهير لاختلاف نسبهما، ذكره النووي في "الأسماء واللغات"(1/ 265). (ش).

(3)

كذا في الأصل، وفي "تهذيب الأسماء" للنووي، و"تهذيب التهذيب" لابن حجر: عمرو، بالواو.

ص: 422

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

وقد بسط العلامة العيني الكلام في بيان اختلاف العلماء في الخرص بسطًا طويلًا، وأنا ألخص لك ما يليق بهذا المختصر. فقال (1): اختلف العلماء فيه، فذهب الزهري وعطاء والحسن وعمرو (2) بن دينار وعبد الكريم بن أبي المخارق ومروان والقاسم بن محمد والشافعي وأحمد وأبو ثور وأبو عبيد إلى جواز الخرص في النخيل والأعناب حين يبدو صلاحها، وقال ابن رشد: جمهور العلماء على إجازة الخرص فيها، ويخلى بينها وبين أهلها يأكلونه رطبًا.

وقال داود: لا خرص إَّلا في النخيل فقط، وقال الشافعي: إذا بدا صلاح ثمار النخل والكرم فقد تعلق وجوبُ الزكاة بهما، ووجب خرصها (3) للعلم بمقدار زكاتهما، فيخرصهما رطبًا، وينظر الخارص كم يصير تمرًا، فيثبتها تمرًا ثم يخير (4) رب المال فيها، فإن شاء كانت مضمونة في يده وله التصرف فيها، فإذا تصرف فيها ضمنها، ويستفاد بالخرص العلم بقدر الزكاة فيها واستباحة رب المال التصرف في الثمرة بشرط الضمان، ولا خرص في الزرع.

واختلف مذهب مالك: هل يخرص الزيتون أم لا؟ فيه قولان: الجوازُ قياسًا على الكرم، والمنع بوجهين: الأول: لأن أوراقه تستره، والثاني: أن أهله لا يحتاجون إلى أن يأكلوه رطبًا، فلا معنى لخرصه، وقد اختلفوا هل هو واجب أو مستحب؟ فحكي عن الشافعية وجه بوجوبه، وقال الجمهور: هو مستحب إلا أن تعلق به حق لمحجور مثلًا، أو كان شركاؤه غير مؤتمنين فيجب للحفظ لمال الغير.

واختلفوا أيضًا: هل يختص بالنخل أو يلحق به العنب أو يعم كل ما ينتفع

(1)"عمدة القاري"(6/ 518 - 521).

(2)

كذا في الأصل، وفي "العمدة": عمر بن دينار.

(3)

وفي "العمدة": خرصهما.

(4)

وفي "العمدة": يخبر.

ص: 423

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

به رطبًا أو جافًا؟ وبالأول قال شريح القاضي وبعض الظاهرية، والثاني قول الجمهور، وإلى الثالث نحا البخاري، وهل يمضي قول الخارص أو يرجع إلى ما آل عليه الحال بعد الجفاف؟ فالأول قول مالك وطائفة، والثاني قول الشافعي ومن تبعه، وهل يكفي خارص واحد عارف ثقة أم لا بد من اثنين؟ وهما قولان للشافعي، والجمهور على الأول.

واختلف أيضًا هل هو اعتبار أو تضمين؟ وهما قولان للشافعي أظهرهما الثاني، ولو أتلف المالك الثمرة بعد الخرص أخذت منه الزكاة بحساب ما خرص.

واختلفوا في الخرص هل هو شهادة أو حكم؟ فإن كان شهادة لم يكتف بخارص واحد، وإن كان حكمًا اكتفي به.

واستدل من يرى الخرص في النخيل والكرم بما رواه ابن المسيب عن عتاب بن أسيد عند أبي داود والترمذي وقال: حسن غريب، وقال الماوردي: الدليل على جواز الخرص ورود السنَّة قولًا وفعلًا وامتثالًا: أما القول فحديث عتاب، وأما الفعل فحديث البخاري في هذا الباب، وأما الامتثال فما روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان له خرَّاصون.

وقال الشعبي والثوري وأبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد: الخرص مكروه، وقال الشعبي: الخرص بدعة، وقال الثوري: خرص الثمار لا يجوز.

وفي "أحكام ابن بزيزة": قال أبو حنيفة وصاحباه: الخرص باطل، وقال الماوردي: احتج أبو حنيفة بما رواه جابر مرفوعًا: "نهى عن الخرص"، وبما رواه جابر بن سمرة:"أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع كل ثمرة بخرص"، وبأنه تخمين وقد يخطئ، ولو جُوِّزَ لجوزنا خرص الزرع، وخرصُ الثمار بعد جذاذها أقربُ إلى الأبصار من خرص ما على الأشجار، فلما لم يجز في القريب لم يجز في البعيد، ولأنه تضمين رب المال بقدر الصدقة وذلك غير جائز؛ لأنه بيع رطب بتمر، وأنه بيع حاضر بغائب، وأيضًا فهو من المزابنة

ص: 424

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

المنهي عنها، وهو بيع التمر في رؤوس النخل بالثمر (1) كيلًا، وهو أيضًا من باب بيع الرطب بالتمر نسيئة، فيدخله المنع بين التفاضل وبين النسيئة.

وقالوا: الخرص منسوخ بنسخ الربا. وقال الخطابي: أنكر أصحاب الرأي الخرصَ، وقال بعضهم: إنما كان يفعل تخويفًا للمزارعين لئلا يخونوا، لا ليلزم به الحكم لأنه تخمين وغرور، أو كان يجوز قبل تحريم الربا والقمار.

ثم تعقبه الخطابي بأن تحريم الربا والميسر متقدم، والخرص عُمِلَ به في حياة النبي صلى الله عليه وسلم حتى مات، ثم أبو بكر وعمر، رضي الله عنهما، فمن بعدهم، ولم يُنقَل عن أحد ولا من التابعين تركُه إلا الشعبي.

قال: وأما قولهم: إنه تخمين وغرور فليس كذلك، بل هو اجتهاد في معرفة مقدار التمر، وإدراكه بالخرص الذي هو نوع من المقادير.

قلت: قوله: تحريم الربا والميسر متقدم، يحتاج إلى معرفة التاريخ، وعندنا ما يدل على صحة النسخ، وهو ما رواه الطحاوي من حديث جابر:"أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الخرص"، وقال:"أرأيتم إن هلك التمر أيحب أحدُكم أن يأكل مال أخيه بالباطل؟ "، والحظر بعد الإباحة علامة النسخ. وقوله: والخرص عمل به

إلى قوله إلَّا الشعبي، مسلم لكنه ليس على الوجه الذي ذكروه، وإنما وجهه أنهم فعلوا ذلك ليعلم مقدار ما في أيدي الناس من الثمار فيؤخذ مثله بقدره في أيام الصرام، لا أنهم يملكون شيئًا ما يجب لله فيه ببدل لا يزول ذلك البدل.

وأما قولهم: إنه تخمين

إلى آخره؛ ليس بكلام موجه لأنه لا شك أنه تخمين، وليس بتحقيق وعيان، وكيف يقال له: هو اجتهاد، والمجتهد في الأمور الشرعية قد يخطئ؟ ففي مثل هذا أجدر بالخطأ، وإنما كان يفعل ذلك

(1) كذا في الأصل، وفي "العمدة": التمر بالتاء.

ص: 425

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

تخويفًا لئلا يخونوا؛ وأن يعرفوا مقدار ما في النخل ليأخذوا الزكاة وقت الصرام، هذا معنى الخرص، فأما أنه يلزم به حكم شرعي فلا.

وأما حديث عتاب، فإنّ الذي روى عنه سعيدُ بن المسيب، فعتاب توفي سنة ثلاث عشرة، وسعيد وُلد سنة خمس عشرة، وقيل: سنة عشرين، وقال أبو علي بن السكن: لم يرو هذا الحديثُ عنه صلى الله عليه وسلم من وجه غير هذا، وهو من رواية محمد بن صالح، عن ابن شهاب، عن سعيد، وكذا رواه عبد الرحمن بن إسحاق عن الزهري، وخالفهما صالح بن كيسان فرواه عن الزهري عن سعيد: أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر عتابًا، ولم يقل: عن عتاب، وسئل أبو حاتم وأبو زرعة الرازيان فقالا: هو خطأ، وقال أبو حاتم: الصحيحُ: عن سعيد أن النبي صلى الله عليه وسلم

مرسلًا، وقال أبو زرعة: الصحيح عندي: عن الزهري: أن النبي صلى الله عليه وسلم

، ولا أعلم أحدًا تابع عبد الرحمن بن إسحاق في هذه الرواية.

فإن قلت: زعم الدارقطني أن الواقدي رواه عن سعيد، عن المسور بن مخرمة، عن عتاب قال: أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، الحديث، فهذا ليس فيه انقطاع؟ !

قلت: سبحان الله، إذا كان الواقدي فيما يحتجون به يسكتون عنه، وإذا كان فيما يُحْتَجُّ به عليهم يشنعون بأنواع الطعن، ومع هذا قال أبو بكر بن العربي (1): لم يصح حديث سعيد، ولا حديث سهل بن أبي حثمة، ولا في الخرص حديث صحيح إلَّا حديث البخاري.

وأما حديث ابن رواحة الذي رواه أبو داود من حديث عائشة ففي إسناده رجل مجهول.

وأما حديث ابن عباس الذي رواه أبو داود، وحديث الصلت بن زبيد الذي رواه البيهقي وغيرهما فداخل تحت قول ابن العربي: ولا في الخرص حديث صحيح، وقال ابن العربي: لم يثبت عنه صلى الله عليه وسلم خرصُ النخل إلَّا على

(1) انظر: "عارضة الأحوذي"(3/ 141).

ص: 426