الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(342) بَابٌ: في الدُّعَاءِ بَعْدَ الْوِتْرِ
1430 -
حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، نَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عُبَيْدةَ، نَا أَبِي، عن الأَعْمَشِ، عن طَلْحَةَ الإيَامِيِّ، عن ذَرٍّ، عن سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمنِ بْنِ أَبْزَى، عن أَبِيهِ، عن أُبَي بْنِ كَعْبٍ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا سَلَّمَ في الْوِتْرِ قَالَ: "سُبْحَانَ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ". [ن 1432، ق 3/ 41 - 42]
===
(342)
(بَاب: في الدعَاءِ بَعْدَ الْوِتْرِ)
1430 -
(حدثنا عثمان بن أبي شيبة، نا محمد بن أبي عبيدة) عبد الملك بن معن بن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود المسعودي الكوفي، ثقة، قال ابن عدي: له غرائب وإفرادات، لا بأس به عندي، وقال عثمان الدارمي عن ابن معين: ليس بي به علم، (نا أبي) عبد الملك بن معن بن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود الهذلي، أبو عبيدة المسعودي الكوفي، وثقه ابن معين والعجلي، وهو مشهور بكنيته، وقَلَّ أن يرد في الرواية إلا بها.
(عن الأعمش، عن طلحة الإيامي)، قال السمعاني في "الأنساب" (1): الإيامي بكسر الألف وفتح الياء المنقوطة باثنتين من تحتها، هذه النسبة إلى إيام، وقيل لهذا البطن: يام أيضًا، وقال في "القاموس" وبنو إيام ككذاب بطن، قال الشارح: قوله: ككذاب بطن صوابه ككتاب كما ضبطه غير واحد من الأئمة، انتهى. وقال في "القاموس" في محل آخر: والأيام كغُراب، وكِتاب: داءٌ في الإبل والدخان، وزبيد بن الحارث والعلاء بن عبد الكريم الإياميان محدثان.
(عن ذر، عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى، عن أبيه، عن أبي بن كعب قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سلم في الوتر قال: سبحان الملك القدوس).
(1)(1/ 233).
1431 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَوْفٍ، نَا عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ، عن أَبِي غَسَّانَ مُحَمَّدِ بْنِ مُطَرِّفٍ الْمَدَنِيِّ (1)، عن زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عن عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عن أَبِي سَعِيدٍ (2) قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (3) صلى الله عليه وسلم: "مَنْ نَامَ عَنْ وِتْرِهِ أَوْ نَسِيَهُ فَلْيُصَلِّهِ إِذَا ذَكَرَهُ". [ت 465، جه 1188، حم 3/ 31، قط 1/ 171، ك 1/ 302، ق 2/ 480]
===
قلت: وهذا الحديث مختصر، وقد أخرج النسائي (4) هذا الحديث من طريق محمد بن الحسن بن إبراهيم، عن محمد بن أبي عبيدة بسنده إلى أبيٍّ قال:"كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في الوتر بـ {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} و {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}، فإذا سلم قال: سبحان الملك القدوس ثلاث مرات"، وفي رواية أخرى له مرسلة: ويرفع صوته بالثالثة، وفي رواية أخرى له موصولة: يُطيل في آخرهن.
1431 -
(حدثنا محمد بن عوف، نا عثمان بن سعيد، عن أبي غسان محمد بن مطرف) بن داود بن مطرف بن عبد الله بن سارية التيمي الليثي، أبو غسان (المدني) يقال: إنه من موالي آل عمر، نزل عسقلان، أحد العلماء الأثبات، ثقة، (عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن أبي سعيد) الخدري (قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من نام عن وتره أو نسيه فليصله إذا ذكره).
قال النيموي (5): قال العراقي: وسنده صحيح (6)، قلت: أخرج الحاكم في "المستدرك"(7) من طريق عثمان بن سعيد الدارمي، ثنا عثمان بن سعيد بن
(1) في نسخة: "المزني".
(2)
زاد في نسخة: "الخدري".
(3)
في نسخة: "النبي".
(4)
"سنن النسائي"(1729).
(5)
"آثار السنن"(2/ 5).
(6)
قال ابن القيم في "الهدي"(1/ 324): وللحديث عدة علل. (ش).
(7)
"المستدرك"(1/ 302).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
كثير بن دينار، ثنا أبو غسان، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن أبي سعيد ولفظه: قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من نام عن وتره أو نسيه فليصله إذا أصبح أو ذكره"، ثم قال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، وقال الذهبي في "تلخيصه" بعد إيراد الحديث: على شرطهما، وأخرجه الترمذي (1) وابن ماجه وفي إسنادهما عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، وهو ضعيف.
وأخرج الترمذي (2) من طريق عبد الله بن زيد بن أسلم عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من نام عن وتر فليصل إذا أصبح"، ثم قال: وهذا أصح من الحديث الأول، سمعت أبا داود السجزي يعني سليمان بن الأشعث يقول: سألت أحمد بن حنبل عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، فقال: أخوه عبد الله لا بأس به، وسمعت محمدًا يذكر عن علي بن عبد الله أنه ضعف عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، وقال: عبد الله بن زيد بن أسلم ثقة، انتهى. وهذا الطريق مرسل.
قلت: أما الإعلال بضعف عبد الرحمن بن زيد بن أسلم فقد زال بمتابعة محمد بن مطرف في طريق أبي داود، وأما الإعلال بالإرسال فالجواب عنه أن حديث أبي داود موصول، فلا يضر إرسال عبد الله بن زيد بن أسلم.
وأخرج محمد بن نصر هذا الحديث من طريق وكيع عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم ولفظه: "من نام عن الوتر أو نسيه فليوتر إذا ذكر أو استيقظ"، قال وكيع: يعني من ليلته، ثم قال: وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم أصحاب الحديث لا يحتجون بحديثه، وقد يحتمل أن يكون تأويله ما قال وكيع، إن كان الحديث على ما رواه وكيع محفوظًا، فإن غير وكيع قد رواه عن عبد الرحمن بن زيد هذا اللفظ الذي رواه وكيع.
(1)"سنن الترمذي"(465)، و"سنن ابن ماجه"(1188).
(2)
"سنن الترمذي"(466).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
ثم ساق الحديث من طريق محمد بن المغيرة، عن عبد الله بن نافع، عن عبد الرحمن بن زيد، عن أبيه، عن أبي سعيد، عن النبي صلى الله عليه وسلم قيل له: أحدنا يصبح ولم يوتر يغلبه النوم قال: "فليوتر وإن أصبح"، وهذا أشبه أن يكون محفوظًا من رواية وكيع، وكان وكيع يحدث من حفظه، فربما غَيَّر من ألفاظ الحديث.
قلت: وهذا الحديث يرد ما تأوله وكيع، فثبت بهذه الأحاديث ما ذهب إليه الإِمام أبو حنيفة من وجوب الوتر، فإن القضاء لا يكون مأمورًا به إلَّا للواجب أو الفرض.
قال الشوكاني في "النيل"(1): وفي الباب عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما عند الدارقطني (2) قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من فاته الوتر من الليل فليقضه من الغد"، قال العراقي: وإسناده ضعيف.
قلت: لأن في سنده نهشل بن سعيد، وقد كذبه الناس.
قال: وله حديث آخر عند البيهقي (3): "أن النبي صلى الله عليه وسلم أصبح فأوتر"، وعن أبي هريرة عند الحاكم والبيهقي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا أصبح أحدكم ولم يوتر فليوتر"(4)، وصححه الحاكم على شرط الشيخين.
وعن أبي الدرداء عند الحاكم والبيهقي بلفظ: "ربما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يوتر وقد قام الناس لصلاة الصبح"(5)، وصححه الحاكم.
وعن الأغر المزني عند الطبراني في "الكبير" بلفظ: "أن رجلًا قال:
(1)"نبل الأوطار"(2/ 262).
(2)
"سنن الدارقطني"(2/ 16).
(3)
"السنن الكبرى"(2/ 379).
(4)
أخرجه الحاكم في "المستدرك"(1/ 303 - 304)، والبيهقي في "سننه"(2/ 478).
(5)
أخرجه الحاكم في "المستدرك"(1/ 303)، والبيهقي في "سننه"(2/ 479).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
يا نبي الله، إني أصبحت ولم أوتر، فقال: إنما الوتر بالليل، فقال: يا نبي الله، إني أصبحت ولم أوتر؟ فقال: أوتر" (1)، وفي إسناده خالد بن أبي كريمة، ضعفه ابن معين وأبو حاتم، ووثقه أحمد وأبو داود والنسائي.
وعن عائشة عند أحمد والطبراني في "الأوسط" بلفظ: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصبح فيوتر"(2)، وإسناده حسن.
الحديث يدل على مشروعية قضاء الوتر إذا فات، وقد ذهب إلى ذلك من الصحابة علي بن أبي طالب، وسعد بن أبي وقاص، وعبد الله بن مسعود، وعبد الله بن عمر، وعبادة بن الصامت، وعامر بن ربيعة، وأبو الدرداء، ومعاذ بن جبل، وفضالة بن عبيد، وعبد الله بن عباس، كذا قال العراقي.
قال: ومن التابعين عمرو بن شرحبيل، وعبيدة السلماني، وإبراهيم النخعي، ومحمد بن المنتشر، وأبو العالية، وحماد بن أبي سليمان.
ومن الأئمة سفيان الثوري، وأبو حنيفة، والأوزاعي، ومالك، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو أيوب سليمان بن داود الهاشمي، وأبو خيثمة.
ثم اختلف هؤلاء إلى متى يقضي على ثمانية أقوال (3):
(1) أخرجه الطبراني في "الكبير"(1/ 302 - 303) رقم الحديث (891).
(2)
أخرجه أحمد في "مسنده"(6/ 242)، والطبراني في "الأوسط"، كما في "مجمع البحرين"(1094).
(3)
قلت: وحاصل ما للأئمة في ذلك أن الوتر بعد طلوع الفجر قضاء عند الأئمة الثلاثة إلا الإِمام مالك، فعنده له وقتان: وقت الاختيار إلى طلوع الفجر، ووقت الضرورة إلى صلاة الصبح، وبعد ذلك فلا يوتر عند المالكية أصلًا، وعند الثلاثة يقضي أبدًا، والبسط في "الأوجز"(2/ 655)، إلَّا أن القضاء سنَّة عند أحمد والشافعي، وواجب عند أبي حنيفة، وقال ابن العربي: وللشافعي في قضائه قولان. (ش).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
أحدهما: ما لم يصل الصبح، وهو قول ابن عباس، وعطاء بن أبي رباح، ومسروق، والحسن البصري، وإبراهيم النخعي، ومكحول، وقتادة، ومالك، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبي أيوب، وأبي خيثمة، حكاه محمد بن نصر عنهم.
ثانيها: أنه يقضي الوتر ما لم تطلع الشمس، ولو بعد صلاة الصبح، وبه قال النخعي.
ثالثها: أنه يقضي بعد الصبح، وبعد طلوع الشمس إلى الزوال، روي ذلك عن الشعبي، وعطاء، والحسن، وطاوس، ومجاهد، وحماد بن أبي سليمان، وروي أيضًا عن ابن عمر.
رابعها: أنه لا يقضيه بعد الصبح حتى تطلع الشمس، فيقضيه نهارًا حتى يصلي العصر، فلا يقضيه بعده، ويقضيه بعد المغرب إلى العشاء، ولا يقضيه بعد العشاء لئلا يجمع بين الوترين في ليلة، حكي ذلك عن الأوزاعي.
خامسها: أنه إذا صلَّى الصبح لا يقضيه نهارًا، لأنه من صلاة الليل، ويقضيه ليلًا قبل وتر الليلة المستقبلة، ثم يوتر للمستقبلة، روي ذلك عن سعيد ابن جبير.
سادسها: أنه إذا صلَّى الغداة أوتر حيث ذكره نهارًا، فإذا جاءت الليلة الأخرى ولم يكن أوتر لم يوتر، لأنه إن أوتر في ليلة مرتين صار وتره شفعًا، حكي ذلك عن الأوزاعي أيضًا.
سابعها: أنه يقضي أبدًا ليلًا ونهارًا، وهو الذي عليه فتوى الشافعية.
قلت: وهو مذهب أبي حنيفة رحمه الله، والفرق بين مذهبه والشافعي أن عند أبي حنيفة إذا لم يوتر بالليل وتذكر قبل صلاة الصبح لا تصح صلاته حتى يوتر قبلها.