الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قَالَ: "وَسَمِعْتُهُ يَؤُمُّنَا بِهِمَا في الصَّلَاةِ". [ق 2/ 394 - 395، دي 3440]
(356)
بابٌ (1): كيف يُسْتحبُّ التَّرْتِيل فِى الْقِرَاءَةِ؟ (2)
1466 -
حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ (3)، نَا يَحْيَى، عَنْ سُفْيَانَ، حَدَّثَنِى عَاصِمُ بْنُ بَهْدَلَةَ، عَنْ زِرٍّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " يُقَالُ لِصَاحِبِ الْقُرْآنِ: اقْرَأْ وَارْتَقِ، وَرَتِّلْ كَمَا كُنْتَ تُرَتِّلُ
===
بل هما أفضل التعاويذ، ومن ثم لما سحر عليه الصلاة والسلام مكث مسحورًا سنة، حتى أنزل الله تعالى عليه ملكين يعلمانه أنه يتعوذ بهما ففعل، فزال ما كان يجد من أثر السحر.
(قال) عقبة: (وسمعته) رسول الله صلى الله عليه وسلم (يؤمنا بهما) أي يصلي بنا (في الصلاة) يقرأ بهاتين السورتين في ركعتيها.
(356) (بَابٌ: كيْفَ يُسْتَحَبُّ التَّرْتيلُ في القِرَاءَةِ
؟ )
1464 -
(حدثنا مسدد، نا يحيى، عن سفيان، حدثني عاصم بن بهدلة، عن زر) بن حبيش، (عن عبد الله بن عمرو) بن العاص (قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يقال) عند دخول الجنة وتوجه العاملين إلى مراتبهم على حسب مكاسبهم (لصاحب القرآن)(4) أي من يلازمه بالتلاوة والعمل، لا من يقرؤه وهو يلعنه (اقرأ وارتق) إلى درجات الجنة أو مراتب القرب (ورتل) أي لا تستعجل في قراءتك في الجنة التي هي لمجرد التلذذ والشهود الأكبر (كما كنت ترتل) قراءتك، أي في الدنيا، فيه إشارة إلى أن الجزاء على وفق الأعمال كمية وكيفية
(1) في نسخة: "باب استحباب الترسل".
(2)
في نسخة: "القرآن".
(3)
زاد في نسخة: "ابن مسرهد".
(4)
ومال ابن حجر في "الفتاوى الحديثية"(ص 116) إلى أنه مخصوص بالحفاظ. (ش).
فِى الدُّنْيَا، فَإِنَّ مَنْزِلَكَ (1) عِنْدَ آخِرِ آيَةٍ تَقْرَؤُهَا". [ت 2914، حم 2/ 192، ق 2/ 53]
===
(في الدنيا) من تجويد الحروف ومعرفة الوقوف (فإن منزلك عند آخر آية تقرؤها).
وقد ورد في الحديث أن درجات الجنة على عدد آيات القرآن، يقال للقارئ: اقرأ وارتق الدرجة على قدر ما تقرأ من آي القرآن، فمن استوفى قراءة جميع القرآن استولى على أقصى درج الجنة، ومن قرأ جزءًا منها كان رقيه من الدرج على قدر ذلك، فيكون منتهى الارتقاء عند منتهى القراءة.
قال الداني: وأجمعوا على أن عدد آي القرآن ستة آلاف آية، ثم اختلفوا فيما زاد، فقيل: ومِئَتَا آية وأربع آيات، وقيل: وأربع عشرة، وقيل: وتسع عشرة، وقيل: وخمس وعشرون، وقيل: وست وثلاثون.
قال الطيبي: وقيل: المراد أن الترقي يكون دائمًا، فكما أن قراءته في حال الاختتام استدعت الافتتاح الذي لا انقطاع له، كذلك هذه القراءة والترقي في المنازل التي لا تتتناهى، وهذه القراءة لهم كالتسبيح للملائكة لا تشغلهم عن مستلذاتهم، بل هي أعظم مستلذاتهم.
قال الطيبي (2): والمنزلة التي في الحديث هي ما يناله العبد من الكرامة على حسب منزلته في الحفظ والتلاوة لا غير، وذلك لما عرفنا من أصل الدين أن العامل بكتاب الله المتدبر له أفضل من الحافظ والتالي له إذا لم ينل شأنه في العمل والتدبر، وقد كان في الصحابة من هو أحفظ من الصديق وأكثر تلاوة منه، وكان هو أفضلهم على الإطلاق لسبقه عليهم في العلم بالله وبكتابه وتدبره له وعمله به، وإن ذهبنا إلى الثاني وهو أحق الوجهين وأتمهما، فالمراد من الدرجات التي يستحقها بالآيات سائرها، وحينئذ تقدر القراءة في القيامة على
(1) في نسخة: "منزلتك".
(2)
"شرح الطيبي"(4/ 241).
1465 -
حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، نَا جَرِيرٌ، عن قَتَادَةَ قَالَ:"سَأَلْتُ أَنَسًا عَنْ قِرَاءَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم؟ فَقَالَ: كَانَ يَمُدُّ مَدًّا". [خ 5045، ن 1014، جه 1353، حم 3/ 119]
===
قدر العمل، فلا يستطيع أحد أن يتلو آية إلَّا وقد أقام ما يجب عليه فيها، واستكمال ذلك إنما يكون للنبي صلى الله عليه وسلم، ثم للأمة بعده على مراتبهم ومنازلهم في الدين ومعرفة اليقين، فكل منهم يقرأ على مقدار ملازمته إياه تدبرًا وعملًا، هكذا في "المرقاة"(1).
1465 -
(حدثنا مسلم بن إبراهيم، نا جرير) بن حازم، (عن قتادة قال: سألت أنسًا عن قراءة النبي صلى الله عليه وسلم؟ فقال) أنس: (كان) رسول الله صلى الله عليه وسلم (يمد مدًّا) والمراد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يمد ما كان في القرآن من حروف المد، قال الحافظ (2): المد عند القراءة على ضربين، أصلي: وهو إشباع الحرف الذي بعده ألف أو واو أو ياء، وغير أصلي: وهو ما إذا أعقب الحرف الذي هذه صفته همزة، وهو متصل ومنفصل، فالمتصل ما كان من نفس الكلمة، والمنفصل ما كان بكلمة أخرى، فالأول يؤتى فيه بالألف والواو والياء ممكنات من غير زيادة، والثاني يزاد في تمكين الألف والواو والياء زيادة على المد الذي لا يمكن النطق بها إلَّا به من غير إسراف، والمذهب الأعدل أنه يمد كل حرف منها ضعفي ما كان يمده أولًا، وقد يزاد على ذلك قليلًا، وما أفرط فهو غير محمود، انتهى.
قلت: وفي رواية للبخاري (3) عن قتادة قال: سئل أنس: كيف كانت قراءة النبي صلى الله عليه وسلم؟ فقال: كانت مدًّا، ثم قرأ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ يمد ببسم الله، ويمد بالرحمن، ويمد بالرحيم، قال الحافظ: أي يمد اللام التي قبل الهاء من الجلالة، والميم التي قبل النون من الرحمن، والحاء من الرحيم.
(1)"مرقاة المفاتيح"(4/ 643 - 645).
(2)
"فتح الباري"(9/ 91).
(3)
"صحيح البخاري"(5046).
1466 -
حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ خَالِدِ بْنِ مَوْهَبٍ الرَّمْلِىُّ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنِ ابْنِ أَبِى مُلَيْكَةَ، عَنْ يَعْلَى بْنِ مَمْلَكٍ: "أَنَّهُ سَأَلَ أُمَّ سَلَمَةَ، عَنْ قِرَاءَةِ رَسُولِ اللَّهِ (1) صلى الله عليه وسلم وَصَلَاتِهِ؟ فَقَالَتْ: وَمَا لَكُمْ وَصَلَاتَهُ؟ ! ، كَانَ يُصَلِّى وَيَنَامُ قَدْرَ مَا صَلَّى، ثُمَّ يُصَلِّى قَدْرَ مَا نَامَ، ثُمَّ يَنَامُ قَدْرَ مَا صَلَّى حَتَّى يُصْبِحَ،
===
1466 -
(حدثنا يزيد بن خالد بن موهب الرملي، نا الليث (2)، عن ابن أبي مليكة) عبد الله بن عبيد الله، (عن يعلي بن مملك: أنه سأل أم سلمة عن قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم وصلاته؟ ) أي في الليل (فقالت: وما لكم وصلاته) وفي رواية أحمد: "ما لكم ولصلاته" بترك الواو وزيادة اللام على الصلاة، قال الطيبي (3): وما لكم عطف على مقدر، أي ما لكم وقراءته، وما لكم وصلاته، والواو في قوله:"وصلاته" بمعنى مع، أي ما تصنعون هع قراءته وصلاته، ذكرتها تحسرًا وتلهفًا على ما تذكرت من أحوال رسول الله صلى الله عليه وسلم، لا أنها أنكرت السؤال على السائل، انتهى. أو معناه أي شيء يحصل لكم مع وصف قراءته وصلاته وأنتم لا تستطيعون أن تفعلوا مثله، ونظيره قول عائشة: وأيكم يطيق ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يطيق.
كان) رسول الله صلى الله عليه وسلم (يصلي وينام قدر ما صلَّى، ثم يصلي قدر ما نام، ثم ينام قدر ما صلَّى حتى يصبح) أي كانت صلاته في أوقات [ثلاث] إلى الصبح، أو كان يستمر حاله هذا من القيام والنيام إلى أن يصبح، قلت: ويدل على التوجيه الثاني ما رواه النسائي في "المجتبى"(4) في "باب ذكر صلاة
(1) في نسخة: "النبي".
(2)
قوله: "الليث" رجح الترمذي هذا الحديث على حديث ابن جريج الآتي في "كتاب الحروف والقراءات"، وسيأتي تمام الكلام هناك. (ش).
(3)
"شرح الطيبي"(3/ 109)، و"مرقاة المفاتيح"(3/ 283).
(4)
"سنن النسائي"(1628).
وَنَعَتَتْ قِرَاءَتَهُ، فَإِذَا هِىَ تَنْعَتُ قِرَاءَتَهُ حَرْفًا حَرْفًا". [ت 2923، ن 1022، حم 6/ 294، خزيمة 1158، ق 3/ 13]
1467 -
حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ قَالَ:"رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ (1) صلى الله عليه وسلم يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ وَهُوَ عَلَى نَاقَةٍ يَقْرَأُ بِسُورَةِ الْفَتْحِ وَهُوَ يُرَجِّعُ". [خ 4835، م 794، تم 312، ق 10/ 229]
===
رسول الله صلى الله عليه وسلم بالليل"، ولفظه فقالت: كان (2) يصلي العتمة، ثم يصبح، ثم يصلي بعدها ما شاء الله من الليل، ثم ينصرف فيرقد مثل ما صلَّى، ثم يستيقظ من نومه ذلك، فيصلي مثل ما نام، وصلاته تلك الآخرة تكون إلى الصبح.
(ونعتت) أي وصفت (قراءته فإذا هي) أي أم سلمة (تنعت (3) قراءته) أي رسول الله صلى الله عليه وسلم (حرفًا حرفًا)، وفي رواية النسائي (4): قراءةً مفسرةً حرفًا حرفًا، أي مرتلة ومجودة ومميزة غير مخالطة، أو المراد بالحرف الجملة المفيدة فتفيد مراعاة الوقوف بعد تبيين الحروف.
1467 -
(حدثنا حفص بن عمر، نا شعبة، عن معاوية بن قرة) بضم القاف، (عن عبد الله بن مغفل قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة، وهو على ناقة يقرأ بسورة الفتح وهو يرجع) أي يردد في الصوت.
قال الحافظ (5): الترجيح هو تقارب ضروب الحركات في القراءة، وأصله الترديد، وترجيع الصوت ترديده في الحلق، وقد فسره كما سيأتي في حديث
(1) في نسخة: "النبي".
(2)
وفي الأصل: "قالت: فكان" وهو خطأ.
(3)
قوله: "تنعت" بالقول أو الفعل احتمالان، الظاهر الثاني كما في "حاشية الخصائل"، انتهى. (ش).
(4)
"سنن النسائي"(1629).
(5)
"فتح الباري"(9/ 92).
1468 -
حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ طَلْحَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْسَجَةَ، عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «زَيِّنُوا الْقُرْآنَ بِأَصْوَاتِكُمْ» . [ن 1015، جه 1342، دي 3500، حم 4/ 283]
===
عبد الله بن مغفل: "أاأ" بهمزة مفتوحة بعدها ألف ساكنة ثم همزة أخرى، ثم قالوا: يحتمل أمرين: أحدهما: أن ذلك حدث من هزِّ الناقة، والآخر: أنه أشبع المد في موضعه فحدث ذلك، وهذا الثاني أشبه بالسياق، فإن في بعض طرقه:"لولا أن يجتمع الناس لقرأت لكم بذلك اللحن" أي النغم، وقال الشيخ أبو محمد بن أبي جمرة: معنى الترجيح تحسين التلاوة لا ترجيع الغناء، لأن القراءة بترجيع الغناء تنافي الخشوع الذي هو مقصود التلاوة.
1468 -
(حدثنا عثمان بن أبي شيبة، نا جرير) بن حازم، (عن الأعمش، عن طلحة) بن مصرف، (عن عبد الرحمن بن عوسجة، عن البراء بن عازب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: زيَّنُوا القرآن) أي قراءته (بأصواتكم) الحسنة، أو أظهروا زينة القرآن بحسن أصواتكم، قال القاضي (1): قيل: من القلب، يدل عليه أنه روي عن البراء أيضًا عكسه، وقيل: المراد تزيينه بالتجويد والترتيل وتليين الصوت وتحزينه.
وأما التغني (2) بحيث يخل بالحروف زيادة ونقصانًا، فهو حرام يفسق به القارئ، ويأثم به المستمع، ويجب إنكاره، فإنه من أسوء البدع، وزاد الحاكم:"فإن الصوت الحسن يزيد القرآن حسنًا". وروى الطبراني: "حسن الصوت زينة القرآن"، وعبد الرزاق:"لكل شيء حلية، وحلية القرآن الصوت الحسن"، يعني كما أن الحلل والحلي يزيد للحسناء حسنًا، وهو أمر
(1) انظر: "مرقاة المفاتيح"(4/ 699).
(2)
قوله: "وأما التغني": القراءة باللحن مكروه، وحديث:"زينوا القرآن" مقلوب، كذا في الدسوقي (1/ 491). (ش).
1469 -
حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِىُّ وَقُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ وَيَزِيدُ بْنُ خَالِدِ بْنِ مَوْهَبٍ الرَّمْلِىُّ، بِمَعْنَاهُ، أَنَّ اللَّيْثَ حَدَّثَهُمْ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى مُلَيْكَةَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى نَهِيكٍ، عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِى وَقَّاصٍ.
وَقَالَ يَزِيدُ عَنِ ابْنِ أَبِى مُلَيْكَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِى سَعِيدٍ.
وَقَالَ قُتَيْبَةُ: هُوَ فِى كِتَابِى عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِى سَعِيدٍ
===
مشاهد، فدل علي أن رواية العكس محمولة علي القلب لا العكس، فتدبر، ولا منع من الجمع.
1469 -
(حدثنا أبو الوليد الطيالسي وقتيبة بن سعيد وبزيد بن خالد بن موهب الرملي، بمعناه) أي كل واحد منهم روى الحديث بمعنى حديث الاخر وإن اختلف لفظه، (أن الليث حدثهم، عن عبد الله) بن عبيد الله (بن أبي مليكة) منسوب إلى جده، (عن عبيد الله بن أبو نهيك) بفتح النون، المخزومي، حجازي، قال الحافظ في "تهذيب التهذيب" (1): عبد الله بن أبي نهيك، ويقال: عبيد الله، قال أبو حاتم: عبيد الله بن أبي نهيك القاسم بن محمد، روى عن سعد بن أبي وقاص، وعنه ابن أبي مليكة، ذكره ابن حبان في "الثقات"، قلت: لكنه ذكره في عبيد الله مصغرًا، وكذا ذكره جماعة، وقال النسائي والعجلي: عبيد الله بن أبي نهيك ثقة.
(عن سعد بن أبي وقاص، وقال يزيد: عن ابن أبي مليكة) أي لم يذكر اسمه، (عن سعيد بن أبي سعيد) أي موضع سعد بن أبي وقاص (وقال قتيبة: هو في كتابي عن سعيد بن أبي سعيد) أي في حفظي عن سعد بن أبي وقاص، وفي كتابي عن سعيد بن أبي سعيد.
حاصله: أنه وقع الاختلاف في سند هذا الحديث، فقال بعض تلامذة
(1)(6/ 58).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
الليث: عن سعد بن أبي وقاص، وقال بعضهم: عن سعيد بن أبي سعيد، فأبو الوليد الطيالسي وقتيبة قالا: عن سعد بن أبي وقاص، ولكن في كتاب قتيبة: عن سعيد بن أبي سعيد، فاختلف حفظه كتابه، وفي رواية يزيد بن خالد: عن سعيد بن أبي سعيد، وفي رواية عمرو بن دينار، عن ابن أبي مليكة، عن عبيد الله بن أبي نهيك: عن سعدٍ، كما سيأتي.
وروى الطحاوي في "مشكل الآثار"(1) من طريق عبد الله بن صالح، ثنا الليث بن سعد، أبنا عبد الله بن عبيد الله بن أبي مليكة، عن عبد الله بن أبي نهيك، عن سعيد بن أبي سعيد.
ثم أخرج من عبد الله بن صالح، قال لنا الليث بالعراق - يعني في هذا الحديث-: عن سعد بن أبي وقاص، وأخرج من طريق شعيب بن الليث، ثنا الليث، عن عبد الله بن أبي مليكة، عن عبد الله بن أبي نهيك، عن سعد أو سعيد.
ثم أخرج من طريق أبي الوليد الطيالسي، ثنا الليث بن سعد، عن ابن أبي مليكة، عن سعد.
وقال الذهبي في "التجريد"(2): سعيد بن أبي سعيد، عن النبي صلى الله عليه وسلم في التغني بالقرآن من رواية عبيد الله بن أبي نهيك عنه، والصواب عن ابن أبي نهيك، عن سعد، وقال الحافظ في "الإصابة" (3) في القسم الرابع: سعيد بن أبي سعيد، روى عن النبي صلى الله عليه وسلم في التغني بالقرآن من رواية عبيد الله بن أبي نهيك عنه، والصواب عن ابن أبي نهيك عن سعد، هكذا استدركه الذهبي في "التجريد"، وليست لسعيد بن أبي سعيد صحبة، وإنما جاءت هذه الرواية مرسلة.
(1)(3/ 348).
(2)
(1/ 222).
(3)
(2/ 124).
قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَتَغَنَّ بِالْقُرْآنِ". [حم 1/ 172، دي 1490]
===
وقد ذكر المزي في "الأطراف"(1) وعزاه لأبي داود (2)، وأبو داود قد بين الاختلاف في "مسنده"(3) عن الليث، ومن جملته هذه الرواية، ثم ذكر المزي في "المراسيل" (4): سعيد بن أبي سعيد المقبري حديث "ليس منا من لم يتغن بالقرآن" تقدم في ترجمة عبد الله بن أبي نهيك، عن سعد بن أبي وقاص، وهذا هو الصواب، وقد غلط صاحب "العون"(5) في هذا المحل، فقال فيه ما قال على ظنه.
(قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ليس منا) أي خلقًا وسيرة، أو متصلًا بنا ومتابعًا لنا في طريقتنا الكاملة، ونظيرُ مِنْ الاتصالية قوله تعالى:{الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ} (6)(من لم يتغن بالقرآن) أي لم يحسن صوته به، أو لم يجهر، أو لم يستغن (7) به عن غيره، أو لم يترنم، أو لم يتحزن، أو لم يطلب به غنى النفس، أو لم يرج به غنى اليد، والتوربشتي (8) رجح معنى الاستغناء، وقال: المعنى ليس من أهل سنتنا، وممن تبعنا في أمرنا، وهو وعيد، ولا خلاف بين الأمة أن قارئ القرآن مثاب على قراءته مأجور من غير تحسين صوته، فكيف يحمل على كونه مستحقًا للوعيد وهو مثاب مأجور.
قلت: وكذلك رجح الطحاوي في "مشكله"(9) معنى الاستغناء.
(1)"تحفة الأشراف"(3/ 304) رقم الحديث (1869).
(2)
وفي الأصل: لابن أبي داود، وهو تحريف.
(3)
كذا في "الإصابة"(2/ 124)، والظاهر: في سننه.
(4)
انظر: "تحفة الأشراف"(13/ 204).
(5)
انظر: "عون المعبود"(4/ 240).
(6)
سورة التوبة: الآية 67.
(7)
أي يستغني به عن أخبار الأمم السابقة، كذا في حاشية البخاري، وكذا في شروحه "الفتح" وغيره. (ش) [انظر:"فتح الباري"(9/ 98)، و"عمدة القاري"(13/ 566)].
(8)
انظر: "مرقاة المفاتيح"(4/ 693).
(9)
"مشكل الآثار"(3/ 353).
1470 -
حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرٍو، عَنِ ابْنِ أَبِى مُلَيْكَةَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ (1) بْنِ أَبِى نَهِيكٍ، عَنْ سَعْدٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ (2) اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مثْلَهُ. [انظر سابقه]
1471 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى بْنُ حَمَّادٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ الْوَرْدِ قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ أَبِى مُلَيْكَةَ يَقُولُ: قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِى يَزِيدَ:
===
1470 -
(حدثنا عثمان بن أبي شيبة، نا سفيان بن عيينة، عن عمرو) بن دينار، (عن ابن أبي مليكة، عن عبيد الله بن أبي نهيك، عن سعد) بن أبي وقاص (قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم مثله).
1471 -
(حدثنا عبد الأعلي بن حماد) بن نصر الباهلي مولاهم، البصري، أبو يحيى المعروف بالنرسي بفتح النون وسكون الراء وبالمهملة، لا بأس به، (نا عبد الجبار بن الورد) المخزومي مولاهم، المكي، أبو هشام، صدوق يهم (قال: سمعت ابن أبي مليكة يقول: قال عبيد الله بن أبي يزيد)، ذكر الحافظ في "تهذيب التهذيب" في شيوخ عبيد الله بن أبي يزيد أبا لبابة، وفي تلامذة أبي لبابة بن عبد المنذر عبيد الله بن أبي يزيد.
وأخرج الطحاوي هذا الحديث (3) من طريق إبراهيم بن أبي الوزير، ثنا عبد الجبار بن الورد، عن ابن أبي مليكة، عن ابن أبي يزيد، ثم قال: قال أبو جعفر: هكذا قال، وإنما هو ابن أبي نهيك، ثم قواه بحديث فهد، قال: ثنا فهد قال: حدثنا يَسَرَة بن صفوان بن جميل اللخمي، [قال: ] ثنا عبد الجبار بن ورد، عن ابن أبي مليكة، عن عبد الله بن أبي نهيك - هكذا قال لنا فهد:[عن عبد الله] وإنما هو عبيد الله - قال: دخلنا على أبي لبابة، الحديث.
(1) في نسخة: "عبد الله".
(2)
في نسخة: "النبي".
(3)
في "مشكل الآثار"(3/ 351) رقم الحديث (1308).
مَرَّ بِنَا أَبُو لُبَابَةَ فَاتَّبَعْنَاهُ حَتَّى دَخَلَ بَيْتَهُ، فَدَخَلْنَا عَلَيْهِ، فَإِذَا رَجُلٌ رَثُّ الْبَيْتِ، رَثُّ الْهَيْئَةِ، فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَتَغَنَّ بِالْقُرْآنِ» ، قَالَ: فَقُلْتُ لاِبْنِ أَبِى مُلَيْكَةَ: يَا أَبَا مُحَمَّدٍ، أَرَأَيْتَ إِذَا لَمْ يَكُنْ حَسَنَ الصَّوْتِ؟ قَالَ:"يُحَسِّنُهُ مَا اسْتَطَاعَ". [ق 10/ 235]
===
فكلام الطحاوي يدل على أن تسمية عبيد الله بن أبي يزيد غير صواب، والله تعالى أعلم، وعبيد الله بن أبي يزيد المكي مولى آل قارظ بن شيبة، وثقه ابن المديني وابن معين والعجلي وأبو زرعة وابن سعد، وذكره ابن حبان في "الثقات".
(مر بنا أبو لبابة) بن عبد المنذر الأنصاري المدني، اسمه بشير، وقيل: رفاعة بن عبد المنذر بن زبير بن زيد بن أمية بن زيد بن مالك بن عوف بن عمرو بن عوف بن الأوس، ويقال: إن رفاعة ومبشرًا أخواه، ويقال: شهد بدرًا، ويقال: رده النبي صلى الله عليه وسلم حين خرج إلى بدر من الروحاء، واستعمله على المدينة، وضرب له بسهمه وأجره، ثم شهد أحدًا وما بعدها، وكانت معه راية بني عمرو بن عوف في الفتح، وكان أحد النقباء، شهد العقبة، مات في خلافة علي رضي الله عنه.
(فاتَّبعناه حتى دخل بيته، فدخلنا عليه، فإذا رجل رث البيت) الرب: الثوب الخلق البالي، فأطلق على كل شيء خلق ضعيف رديء (رث الهيئة، فسمعته يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ليس منا من لم يتغن بالقرآن)، ظاهره أن أبا لبابة اختار رثاثة الحال، لأنه حمل قوله صلى الله عليه وسلم:"ليس منا من لم يتغن بالقرآن" على معنى الاستغناء.
(قال) أي ابن الورد: (فقلت لابن أبي مليكة: يا أبا محمد، أرأيت إذا لم يكن حسن الصوت؟ قال: يحسنه ما استطاع)، فحمل ابن أبي مليكة التغني على حسن الصوت.
1472 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الأَنْبَارِيُّ قَالَ: قَالَ وَكِيعٌ وَابْنُ عُيَيْنَةَ: يَعْنِي يَسْتَغْني بِهِ. [خ 5024]
1473 -
حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ الْمَهْرِىُّ، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، حَدَّثَنِى عُمَرُ بْنُ مَالِكٍ وَحَيْوَةُ، عَنِ ابْنِ الْهَادِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ أَبِى سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«مَا أَذِنَ اللَّهُ لِشَىْءٍ مَا أَذِنَ لِنَبِىٍّ حَسَنِ الصَّوْتِ يَتَغَنَّى بِالْقُرْآنِ يَجْهَرُ بِهِ» . [خ 5023، م 792، ن 1016، ق 3/ 12]
===
1472 -
(حدثنا محمد بن سليمان الأنباري قال: قال وكيع وابن عيينة) أي في تفسير من لم يتغن: (يعني يستغني به).
1473 -
(حدثنا سليمان بن داود المهري، أنا ابن وهب، حدثني عمر بن مالك وحيوة) بن شريح التجيبي، (عن ابن الهاد) يزيد، (عن محمد بن إبراهيم بن الحارث) التيمي القرشي، (عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ما أذن الله لشيء) ما نافية، أي ما استمع لشيء (ما أذن) ولفظ ما هذا مصدرية، أي كاستماعه (لـ) صوت (نبي) أي استماع محبة ورحمة (حسن الصوت يتغنى) أي يحسن صوته (بالقرآن) أي بتلاوته، وقيل: مصدر بمعنى القراءة أو المقروءة، وقيل: أراد بالقرآن ما يقرأ من الكتب المنزلة، ويدل عليه تنكير نبي، وقال الأزهري: والحمل على الاستغناء خطأ من حيث اللغة، انتهى. وقد أخطأ في التخطئة من حيث اللغة، إذ في "النهاية": رجل ربطها تغنيًا، أي استغناء بها عن الطلب من الناس، ومن لم يتغن بالقرآن، أي من لم يستغن به عن غيره، وفي "القاموس": تغنيت: استغنيت.
(يجهر به) أي في صلاته أو تلاوته أو حين تبليغ رسالته، ظاهر سياق أبي داود يدل على أن لفظ "يجهر به" داخل في الحديث، وليس كذلك، لأنه أخرج البخاري (1) من طريق ابن شهاب قال: أخبرني أبو سلمة بن عبد الرحمن،
(1)"صحيح البخاري"(5023).