المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌باب التكبير: الأكثرون على ذكره هنا وهو الأنسب كما ذكره صاحب - إتحاف فضلاء البشر في القراءات الأربعة عشر

[البناء]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمات

- ‌بين يدي الكتاب

- ‌مقدمة

- ‌باب أسماء الأئمة القراء الأربعة عشر ورواتهم وطرقهم:

- ‌باب الاستعاذة:

- ‌باب الإدغام:

- ‌فصل يلتحق بهذا الباب خمسة أحرف

- ‌مدخل

- ‌الفصل الأول في حكم ذال إذ

- ‌الفصل الثاني في حكم دال قد:

- ‌الفصل الثالث في حكم تاء التأنيث:

- ‌الفصل الرابع في حكم لام هل وبل:

- ‌الفصل الخامس: في حكم حروف قربت مخارجها وهي سبعة عشر حرفا

- ‌الفصل السادس: في أحكام النون الساكنة والتنوين

- ‌باب هاء الكناية

- ‌باب المد والقصر:

- ‌باب الهمزتين المجتمعتين في كلمة:

- ‌باب الهمزتين المتلاصقتين في كلمتين:

- ‌باب الهمز المفرد:

- ‌باب نقل حركة الهمزة إلى الساكن قبلها:

- ‌باب السكت على الساكن قبل الهمز وغيره:

- ‌باب وقف حمزة وهشام على الهمز، وموافقة الأعمش لهما:

- ‌باب الفتح والإمالة

- ‌مدخل

- ‌فصل: في إمالة الألف التي هي فعل ماض ثلاثي

- ‌فصل: في إمالة حروف مخصصة غير ما ذكر

- ‌باب إمالة هاء التأنيث وما قبلها في الوقف:

- ‌باب مذاهبهم في ترقيق الراآت وتفخيمها

- ‌باب حكم اللامالت تغليظا وترقيقا

- ‌باب الوقف على أواخر الكلم

- ‌باب الوقف على مرسوم الخط:

- ‌باب مذاهبهم في ياآت الإضافة

- ‌باب مذاهبهم في ياآت الزوائد

- ‌مدخل

- ‌سورة الفاتحة مكية

- ‌سورة البقرة:

- ‌سورة آل عمران:

- ‌سورة النساء:

- ‌سورة المائدة:

- ‌سورة الأنعام:

- ‌سورة الأعراف:

- ‌سورة الأنفال:

- ‌سورة التوبة:

- ‌سورة يونس عليه السلام:

- ‌سورة هود مكية

- ‌سورة يوسف عليه السلام:

- ‌سورة الرعد:

- ‌سورة إبراهيم عليه الصلاة والسلام:

- ‌سورة الحجر:

- ‌سورة النحل:

- ‌سورة الإسراء:

- ‌سورة الكهف:

- ‌سورة مريم عليها الصلاة والسلام:

- ‌سورة طه:

- ‌سورة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام:

- ‌سورة الحج:

- ‌سورة المؤمنون:

- ‌سورة النور:

- ‌سورة الفرقان:

- ‌سورة الشعراء:

- ‌سورة النمل:

- ‌سور القصص

- ‌سورة العنكبوت:

- ‌سورة الروم:

- ‌سورة لقمان:

- ‌سور السجدة

- ‌سورة الأحزاب:

- ‌سورة سبأ:

- ‌سورة فاطر:

- ‌سورة يس:

- ‌سورة الصافات:

- ‌سورة ص:

- ‌سورة الزمر:

- ‌سورة المؤمن

- ‌سورة فصلت:

- ‌سورة الشورى:

- ‌سور الزخرف

- ‌سورة الدخان:

- ‌سورة الجاثية:

- ‌سورة الأحقاف:

- ‌سورة محمد "صلى الله عليه وسلم

- ‌سورة الفتح:

- ‌سورة الحجرات:

- ‌سورة ق:

- ‌سورة الذاريات:

- ‌سورة الطور:

- ‌سورة النجم:

- ‌سورة القمر:

- ‌سورة الرحمن عز وجل:

- ‌سورة الواقعة:

- ‌سورة الحديد:

- ‌سورة المجادلة:

- ‌سورة الحشر:

- ‌سورة الممتحنة:

- ‌سورة الصف:

- ‌سورة الجمعة:

- ‌سورة المنافقين:

- ‌سورة التغابن

- ‌سورة الطلاق:

- ‌سورة التحريم:

- ‌سورة الملك:

- ‌سورة ن:

- ‌سورة الحاقة:

- ‌سورة سأل:

- ‌سورة نوح عليه الصلاة والسلام:

- ‌سورة الجن:

- ‌سورة المزمل:

- ‌سورة المدثر:

- ‌سورة القيامة:

- ‌سورة الإنسان:

- ‌سورة المراسلات

- ‌سورة النبأ:

- ‌سورة النازعات:

- ‌سورة عبس:

- ‌سورة التكوير:

- ‌سورة الانفطار:

- ‌سورة المطففين:

- ‌سورة الانشقاق:

- ‌سورة البروج:

- ‌سورة الطارق:

- ‌سورة الأعلى:

- ‌سورة الغاشية:

- ‌سورة الفجر:

- ‌سورة البلد:

- ‌سورة الشمس:

- ‌سورة الليل:

- ‌سورة الضحى:

- ‌سورة الانشراح

- ‌سورة التين:

- ‌سورة العلق:

- ‌سورة القدر:

- ‌سورة لم يكن:

- ‌سورة الزلزلة:

- ‌سورة العاديات:

- ‌سورة القارعة:

- ‌سورة التكاثر:

- ‌سورة العصر:

- ‌سورة الهمزة:

- ‌سورة الفيل:

- ‌سورة قريش:

- ‌سورة أرأيت:

- ‌سورة الكوثر:

- ‌سورة الكافرون:

- ‌سورة النصر:

- ‌سورة تبت:

- ‌سورة الإخلاص:

- ‌سورة الفلق:

- ‌سورة الناس:

- ‌باب التكبير:

- ‌المراجع المعتمدة:

- ‌فهرس المحتويات:

الفصل: ‌ ‌باب التكبير: الأكثرون على ذكره هنا وهو الأنسب كما ذكره صاحب

‌باب التكبير:

الأكثرون على ذكره هنا وهو الأنسب كما ذكره صاحب النشر1 لتعلقه بالختم، والدعاء وغير ذلك، وذكره بعضهم كالهذلي وصاحب الأصل مع البسملة، وبعضهم عند سورة الضحى كابن شريح، وسبب التكبير ما رواه الحافظ أبو العلاء بإسناده عن البزي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم انقطع عنه الوحي فقال المشركون: قلى محمدا ربه فنزلت سورة والضحى، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"الله أكبر" تصديقا لما كان ينتظر من الوحي، وتكذيبا للكفار، وأمر صلى الله عليه وسلم أن يكبر إذا بلغ الضحى مع خاتمة كل سورة حتى يختم تعظيما لله تعالى واستصحابا للشكر وتعظيما لختم القرآن، وهو أعنى التكبير سنة ثابتة لما ذكر، ولقول البزي أيضا عن الشافعي رضي الله عنه: قال لي: إن تركت التكبير فقد تركت سنة من سنن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال الإمام أبو الطيب: هو سنة مأثورة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن الصحابة والتابعين، وهذا عام خارج الصلاة وداخلها كما يأتي النص عليه إن شاء الله تعالى، واعلم أن التكبير صح عن أهل مكة قرائهم وعلمائهم وأئمتهم، ومن روى عنهم صحة استفاضت وذاعت وانتشرت حتى بلغت حد التواتر، قاله الحافظ الشمس ابن الجزري رحمه الله تعالى، قال أبو الطيب ابن غلبون: والتكبير سنة بمكة لا يتركونها ولا يعتبرون رواية البزي وغيره، وقال الأهوازي: والتكبير عند أهل مكة سنة مأثورة يستعملونه في قراءتهم والدرس والصلاة، وقد رواه الحاكم في مستدركه من حديث أبي بن كعب مرفوعا، وقال: حديث صحيح الإسناد، قال الحافظ ابن الجزري: قلت لم يرفع أحد حديث التكبير سوى البزي وسائر الناس ورووه موقوفا عن ابن عباس ومجاهد وغيرهما، وروينا عن الإمام الشافعي رضي الله عنه أنه قال: إن تركت التكبير فقد تركت سنة من سنن نبيك صلى الله عليه وسلم وهذا يقتضي تصحيحه كما قاله شيخنا الحافظ ابن كثير وانتهى2.

وقد صح عن ابن كثير من روايتي البزي وقنبل وورد عن أبي عمرو من رواية السوسي، وكذا عن أبي جعفر لكن من رواية العمري، وافقه ابن محيصن فأما البزي فلم يختلف عنه وفيه، واختلف عن قنبل فالجمهور من المغاربة على عدم التكبير له، وهو الذي.

1 انظر النشر: "2/ 405". [أ] .

2 جمع هذه الأقوال مأخوذة من كتاب النشر لابن الجزري: "2/ 405 إلى 429". [أ] .

ص: 610

في التيسير وغيره، وروى التكبير عنه جمهور العراقين وبعض المغاربة، والوجهان في الشاطبية وغيرها، وأما السوسي فقطع له الحافظ أبو العلاء من جميع طرقه وقطع له به في التجريد من طريق ابن حبيش من أول ألم نشرح إلى آخر الناس، وروي عنه سائر الرواة ترك التكبير كالجماعة، وقد أخذ بعضهم بالتكبير لجميع القراء، وهو الذي عليه العمل عند أهل الأمصار في سائر الأقطار، وكان بعضهم يأخذ به في جميع سور القرآن ذكره الحافظ أبو العلاء والهذلي عن الخزاعي، قال الهذلي: وعند الدينوري كذلك يكبر من أول كل سورة لا يختص بالضحى، وغيرها للجمع، وإليه أشار في طيبة1 النشر بقوله:"وروي عن كلهم أول كل يستوي" والحاصل أن الآخذين به لجميع القراء منهم من أخذ به في جميع سور القرآن، ومنهم من أخذ به خاتمة والضحى وهو ما تقدم2، وأما صيغة التكبير فاعلم أنهم اتفقوا على أن لفظه الله أكبر قبل البسملة، والجمهور على تعيين هذا اللفظ بعينه للبزي من غير زيادة ولا نقصان، وقد زاد جماعة قبله التهليل، ولفظه لا إله إلا الله والله أكبر وهي طريق ابن الحباب عنه من جميع طرقه، وطريق هبة الله عن أبي ربيعة وابن فرح أيضا عن البزي، وقد روى النسائي في سننه الكبرى بإسناد صحيح عن الأغر قال: أشهد على أبي هريرة وأبي سعيد أنهما شهدا على النبي صلى الله عليه وسلم، وأنا أشهد عليهما أنه قال:"إن العبد إذا قال لا إله إلا الله والله أكبر صدقه ربه" ، وزاد بعض الآخذين بالتهليل مع التكبير ولله الحمد، وهي طريق عبد الواحد عن ابن الحباب، وطريق ابن فرح عن البزي، وأما قنبل فقطع له جمهور المغاربة بالتكبير فقط، وهو الذي في الشاطبية وتلخيص أبي معشر وزاد التهليل له أكثر المشارقة، وبه قطع العراقيون من طريق ابن مجاهد وقطع ابن فارس له به من طريق ابن مجاهد وابن شنبوذ وغيرهما، قال الداني في جامعه: والوجهان يعني التكبير وحده ومع التهليل عن البزي وقنبل صحيحان جيدان وهو معنى قول الطيبة: والكل للبزي ورووا قنبلا من دون حمد إلا أن أبا الكرم روى عن ابن الصباح عن قنبل وعن أبي ربيعة عن البزي لا إله إلا الله والله أكبر ولله الحمد كذا في النشر3.

قال في التقريب: ولم يروه -أي: التهليل- أحد فيما نعلم عن السوسي، وقد كان تكبيره آخر قراءة جبرائيل وأول قراءته صلى الله عليه وسلم ومن ثمة تشعب الخلاف في محله، فمنهم من قال به من أول ألم نشرح ميلا إلى أنه لأول السورة أو آخر الضحى ميلا إلى أنه لآخر السورة، وفي التيسير وفاقا لأبي الحسن بن غلبون كوالده أبي الطيب أنه من آخر الضحى، وفي المستنير من أول ألم نشرح، وكذا في إرشاد أبي العز وغيره، ومنهم من قال به من أول الضحى كأبي علي البغدادي في روضته. وأما انتهاؤه فمبنى على ما تقدم فمن ذهب إلى

1 وهو في متن الطيبة ص: "118". [أ] .

2 أي: ما يعزوه للنشر: "2/ 405". [أ] .

3 انظر النشر: "2/ 410". [أ] .

ص: 611

أنه لأول السورة لم يكبر في آخر الناس سواء كان ابتداء التكبير عنده من أول ألم نشرح أو من أول الضحى، ومن جعل الابتداء من آخر الضحى كبر في آخر الناس، وأما قول الشاطبي رحمه الله تعالى: إذا كبروا في آخر الناس مع قوله وبعض له من آخر الليل أي: من أول الضحى المقتضي ظاهرة أن يكون ابتداء التكبير من أول الضحى وانتهاؤه آخر الناس، فيخالف ما تأصل فيتعين حمله على تخصيص التكبير آخر الناس بمن قال به من آخر الضحى، كما هو مذهب صاحب التيسير وغيره، ويكون معنى قوله: إذا كبروا في آخر الناس أي: إذا كبر من يقول بالتكبير في آخر الناس، يعني الذين قالوا به من آخر الضحى، ويأتي على ما تقدم من كون التكبير لأول السورة أو آخرها حال وصل السورة بالسورة ثمانية أوجه: اثنان منها على تقدير أن يكون التكبير لآخر السورة، واثنان على تقدير أن يكون لأولها ثلاثة محتملة على التقديرين، والثامن ممتنع وفاقا وهو وصل التكبير بآخر السورة والبسملة مع القطع عليها لما مر في باب البسملة، فأما الوجهان المبنيان على تقدير كونه لآخر السورة فأولهما وصل التكبير بآخر السورة والقطع عليه ووصل البسملة بأول السورة، نص عليه في التيسير وغيره وهو ظاهر كلام الشاطبي، ثانيهما وصل التكبير بآخر السورة والوقف عليه والوقف على البسملة نص عليه أبو معشر1 والفاسي2 والجعبري3 وغيرهم.

وأما الوجهان المبنيان على تقدير كون التكبير لأول السورة فأولهما قطع التكبير عن آخر السورة، ووصله بالبسملة، ووصلها بأول السورة نص عليه ابن سوار وغيره، ولم يذكر في الكفاية سواه، وثانيهما قطعه عن آخر السورة ووصله بالبسملة مع القطع عليها والابتداء بأول السورة، وهو ظاهر كلام الشاطبية، ونص عليه الفاسي في شرحه وابن مؤمن ومنعه الجعبري.

قال في النشر4 ولا وجه لمنعه إلا على تقدير أن يكون التكبير لآخر السورة، وإلا فعلى أن يكون لأولها لا يظهر لمنعه وجه إذا غايته أن يكون كالاستعاذة، ولا شك في جواز وصلها بالبسملة وقطع البسملة عن القراء كما مر.

وأما الثلاثة المحتملة فأولها وصل التكبير بآخر السورة وبالبسملة وبأول السورة، نص عليه الداني وصاحب الهداية، واختاره الشاطبي، ثانيها قطعه عن آخر السورة وعن البسملة ووصل البسملة بأول السورة نص عليه أبو معشر وابن مؤمن، ويظهر من كلام الشاطبي

1 أي: الطبري في كتابه التلخيص. النشر: "1/ 77". [أ] .

2 أي: الفاسي في كتابه شرح الشاطبية. النشر: "1/ 64". [أ] .

3 أي: الجعبري في كتابه شرح الشاطبية. النشر: "1/ 64". [أ] .

4 انظر: "2/ 429". [أ] .

ص: 612

ونص عليه الفاسي والجعبري وغيرهما، ثالثها القطع عن آخر السورة وعن البسملة وقطع البسملة عن أول السورة نص عليه ابن مؤمن والفاسي والجعبري، وهو ظاهر من كلام الشاطبي ومنعه مكي، ولا وجه لمنعه على كلا التقديرين كما في النشر، والمراد بالقطع هنا الوقف المعروف لا القطع الذي هو الإعراض ولا السكت الذي هو دون تنفس، وهذا هو الصواب كما نبه عليه في النشر متعقبا للجعبري في القطع السكت المعروف بأنه شيء انفرد به لم يوافقه أحد عليه، فإن وقع آخر السورة ساكن أو منون كسر للساكنين نحو: فارغب الله أكبر لخبر الله أكبر ثوابا الله أكبر مسد الله كبر، وإن كان محركا ترك على حاله وحذفت همزة الوصل لملاقاته نحو: الأبتر الله أكبر، وتحذف صلة الضمير من نحو: ربه الله أكبر، وإذا وصلته بالتهليل أبقيته على حاله "وإن كان منونا أدغم في اللام نحو: حامية لا إله إلا الله" ويجوز المد للتعظيم عند من أخذ به لأصحاب القصر كما مر، بل كان بعض المحققين يأخذون به هنا مطلقا، ويقولون المراد به هنا الذكر فنأخذ بما نختار، وهو المد للتعظيم مبالغة في النفي ذكره في النشر.

وليعلم أن التهليل مع التكبير مع الحمد عند من رواه حكمه حكم التكبير، لا يفصل بعضها من بعض بل يوصل جملة واحدة هكذا لا إله إلا الله والله أكبر ولله الحمد، فلا يتأتى فيه إلا الأوجه السبعة المتقدمة بين السورتين، ولا يجوز الحمدلة مع التكبير إلا أن يكون التهليل معه، قال الشمس ابن الجزري1: ولا أعلمني قرأت بالحمدلة سوى الأوجه الخمسة، مع تقدير كون التكبير لأول السورة، ويمتنع وجه الحمدلة من أول الضحى؛ لأن صاحبه لم يذكره فيه، ولا يجوز التكبير الأول في رواية السوسي إلا في وجه البسملة بين السورتين؛ لأن راوي التكبير لا يجيز بين السورتين سوى البسملة ويحتمل معه كل من الأوجه السابقة، إلا أن القطع على الماضية أحسن في مذهبه؛ لأن البسملة عنده ليست آية كما هي عند ابن كثير، بل هي عنده للتبرك، وكذا لا يجوز له التكبير من أول الضحى؛ لأنه خلاف روايته كما مر، ولو قرئ لحمزة بالتكبير عند من رواه فلا بد من البسملة معه؛ لأن القارئ ينوي الوقف على آخر السورة فيصير مبتدئا للسورة التالية، وحيث ابتدأ بها فلا بد من البسملة، وإذا قرئ برواية التكبير وأريد القطع على آخر سورة فإن قلنا إن التكبير لآخر السورة كبر وقطع القراءة، وإذا أراد بعد ذلك بسمل للسورة بلا تكبير، وإن قلنا إنه لأول السورة فإنه يقطع على آخر السورة بلا تكبير، وإذا ابتدأ بالتالية كبر إذا لا بد من التكبير إما لآخر السورة وإما لأولها، حتى لو سجد آخر العلق فإنه يكبر أولا لآخر السورة، ثم يكبر للسجدة على القول بأنه للآخر، وأما على القول بأنه للأول فإنه يكبر للسجدة فقط ويبتدئ بالتكبير لسورة القدر2.

1 أي: في كتابه النشر كما تقدم

[أ] .

2 هذه الأقوال كلها من كتاب النشر في القراءات العشر محمد بن الجزري: "2/ 405 إلى 429". [أ] .

ص: 613

وليس الاختلاف في الأوجه السبعة السابقة اختلاف رواية حتى يحصل الخلل بعدم استيعابها بين كل سورتين في الرواية، بل هو اختلاف تخيير، لكن الإتيان بوجه منها مختص بكون التكبير لآخر السورة وبوجه مما يختص بكونه لأولها، وبوجه مما يحتملها متعين إذ الاختلاف في ذلك اختلاف، رواية فلا بد منه إذا قصد جمع الطرق كما في النشر، قال الجعبري: وليس في إثبات التكبير مخالفة للرسم؛ لأن مثبته لم يلحقه بالقرآن كالاستعاذة، وأما حكمه في الصلاة فقد روينا عن الحافظ الجليل أبي الخير شمس الدين محمد بن الجزري بسنده المتصل إلى الإمام عبد الحميد بن جريج عن مجاهد أنه كان يكبر من والضحى إلى الحمد، قال ابن جريح: فأرى أن يفعله الرجل إماما كان أو غير إمام. وروى الحافظ الثاني بسنده إلى الحميدي قال: سألت سفيان يعني ابن عيينة قلت: يا أبا محمد أرأيت شيئا مما فعله الناس عندنا يكبر القارئ في شهر رمضان إذا ختم يعني في الصلاة؟ فقال: رأيت صدقة بن عبد الله بن كثير الأنصاري يؤم الناس منذ أكثر من سبعين سنة فكان إذا ختم القرآن كبر. وروى السخاوي عن أبي محمد الحسن بن محمد بن عبد الله القرشي أنه صلى بالناس التراويح خلف المقام بالمسجد الحرام، فلما كانت ليلة الختم كبر من خاتمة الضحى إلى آخر القرآن في الصلاة، فلما سلم إذا بالإمام أبي عبد الله محمد بن إدريس الشافعي رضي الله عنه قد صلى وراءه، قال: فلما أبصرني قال لي: أحسنت أصبت السنة، وقال الإمام المحقق أبو الحسن علي بن جعفر في التبصرة: ابن كثير يكبر من خاتمة الضحى إلى أن قال في الصلاة وغيرها، وقد مر ما أسنده البزي عن الإمام الشافعي: إن تركت التكبير فقد تركت سنة من سنن نبيك محمد صلى الله عليه وسلم، قال في النشر بعد أن أطال في بيان ذلك: فقد ثبت التكبير في الصلاة عن أهل مكة فقهائهم وقرائهم، وناهيك بالإمام الشافعي وسفيان بن عيينة وابن جريح وابن كثير وغيرهم، قال: وأما غيرهم فلم نجد عنهم في ذلك نصا حتى أصحاب الشافعي مع ثبوته عن إمامهم، وإنما ذكره استطرادا السخاوي والجعبري وكلاهما من أئمة الشافعية والعلامة أبو شامة، وهو من أكبر أصحاب الشافعي بل هو ممن وصل إلى رتبة الاجتهاد، قلت: وكذا العلامة خاتمة المجتهدين سيدي محمد البكري صاحب الكنز كما نقله عنه بعض أجلاء أصحابه، ولفظه رضي الله عنه، ويستحب إذا قرأ في الصلاة سورة الضحى أو بعدها إلى آخر القرآن أن يقول بعدها لا إله إلا الله والله أكبر ولله الحمد قياسا على خارج الصلاة، فإن العلة قائمة، وهي تعظيم الله وتكبيره والحمد على قمع أعداء الله وأعداء رسوله صلى الله عليه وسلم، قال: وهل يأتي ذلك سرا أو جهرا أو يقال فيها ما قيل في السورة إن كانت الصلاة جهرية جهر أو سرية أسر، ثم قال: وينبغي أن يسر به مطلقا وتكون السكتة التي قبل الركوع بعد هذا، فإذا فرغ منه قال: اللهم إني أسألك من فضلك. ا. هـ. وظاهره ندب ذلك أعني التكبير في الصلاة في الختم وغيره، حتى لو قرأ أي سورة من سور التكبير كـ"الكافرون" والإخلاص مثلا في ركعتين كبر، وهو واضح للعلة السابقة لكن قوله: وينبغي أن يسر به، يخالفه ما نقله ابن العماد من استحباب الجهر بالتكبير بين السور

ص: 614

ولم يقيد بخارج الصلاة، وكذا نقله ابن حجر الهيتمي في شرح الكتاب عن البدر الزركشي وأقره، وهو أيضا ظاهر النصوص السابقة، والذين ثبت عنهم التكبير في الصلوات منهم من كان إذا قرأ الفاتحة، وأراد الشروع في السورة كبر وبسمل، ثم ابتدأ السورة، ومنهم من كان يكبر إثر كل سورة ثم يكبر للركوع حتى ينتهي إلى آخر الناس، فإذا قام في الركعة الثانية قرأ الفاتحة وما تيسر من أول سورة البقرة، قال في النشر: رأيت في الوسيط للإمام الكبير أبي الفضل الرازي الشافعي رحمه الله ما هو نص على التكبير في الصلاة، فالقصد أني تتبعت كلام الفقهاء من أصحابنا فلم أر لهم نصا غير ما ذكرت، وكذا لم أر للحنفية، ولا للمالكية، وأما الحنابلة فقال الفقيه الكبير أبو عبد الله محمد بن مفلح في كتاب الفروع له: وهل يكبر لختمه من الضحى أو ألم نشرح آخر كل سورة روايتان، ولم تستحبه الحنابلة لقراءة غير ابن كثير وقيل ويهلل. ا. هـ1.

1 انظر النشر: "2/ 429". [أ] .

ص: 615

خاتمة فيما يتعلق بختم القرآن العظيم:

اعلم أن الخاتمين للقرآن الكريم على ثلاثة أحوال1: فمنهم من كان إذا ختم أمسك عن الدعاء وأقبل على الاستغفار، وهذا حال من غلب عليه الخوف من الله تعالى، وشهود التقصير في العمل، ولم يأمنوا من الآفات، وخشوا مناقشة الحساب، فأقبلوا على الاستغفار وقنعوا بأن يخرجوا من العمل كفافا لا لهم ولا عليهم، ومنهم قوم كانوا إذا اختموا دعوا. وهو مروي عن ابن مسعود وأنس وغيرهما، وهؤلاء قوم غلب عليهم شهود الربوبية لله تعالى، وشهدوا من أنفسهم العبودية له تعالى، ووجدوا من أنفسهم الفقر والفاقة إلى ربهم، وعاينوا منه سعة الرحمة وعموم الفضل للمحسن والمسيء وإسباغ النعم على المقبل وعلى المدبر فأطمعهم ذلك، وقوى رجاءهم في الله تعالى، وعلموا أن القرآن الكريم شافع مشفع فلم يهلهم أمر ذنوبهم وإن عظمت، فمدوا إلى الله تعالى يد المسألة، وتضرعوا إليه وابتهلوا وعلموا أن لا ملجأ من الله إلا إليه مع ملاحظة قوله تعالى:{ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} ، {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ} فكان دعاؤهم عبودية لله تعالى ومنهم قوم كانوا يصلون الخاتمة بالفاتحة عودا على بدء مر غير فصل بينهما لا بدعاء ولا بغيره لوجهين:

أحدهما ما رواه الترمذي من حديث أبي سعيد رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "يقول الله تعالى: من شغله القرآن عن دعائي ومسألتي أعطيته أفضل ما أعطي السائلين، وفضل كلام الله تعالى على سائر الكلام كفضل الله على خلقه"2.

والثاني ما في ذلك من التحقق بمعنى الحلول والارتحال في الحديث المروي من طريق عبد الله بن كثير عن درباس مولى ابن عباس عن عبد الله بن عباس عن أبي بن كعب رضي الله تعالى عنهم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا قرأ قل أعوذ برب الناس افتتح من الحمد لله ثم قرأ من البقرة وأولئك هم المفلحون ثم دعا بدعاء الختمة ثم قام، قال الحافظ ابن الجزري: وإسناده حسن ورواه أبو الشيخ وروى فيه حديثا مسلسلا بالتكبير وقراءة الفاتحة وأول البقرة وهي خمس آيات بالعدد الكوفي، وأربع في غيره لأن الكوفي

1 هذه الخاتمة ملخصة من كتاب النشر لابن الجزري فإن أردت الزيادة فارجع إلى "2/ 440". [أ] .

2 رواه الإمام الترمذي وللحديث روايات وردود كما يذكر المؤلف وقد توسع الحافظ الإمام محمد بن الجزري في ذلك. للمزيد انظر: "2/ 450". [أ] .

ص: 616

يعد ألم وحده إلى ابن كثير عن النبي صلى الله عليه وسلم قال في النشر: وصار العمل على هذا في أمصار المسلمين في قراءة ابن كثير وغيرها، ويسمونه الحال المرتحل أي: الذي حل في قراءته آخر الختمة وارتحل إلى ختمة أخرى، فلا يزال سائرا إلى الله تعالى، وعكس بعضهم فقال: الحال المرتحل الذي يحل في ختمة عند فراغه من الأخرى، والأول أظهر كما في النشر، وأصل هذا الحديث في جامع الترمذي من حديث صالح المزي عن قتادة عن زرارة عن ابن عباس قيل يا رسول الله أي العمل أحب إلى الله تعالى قال:"الحال المرتحل" ، ورواه أبو الحسن بن غلبون، وزاد فيه يا رسول الله ما الحال المرتحل قال:"فتح القرآن وختمه صاحب القرآن يضرب من أوله إلى آخره ومن آخره إلى أوله كلما حل ارتحل"، لكن الحديث تكلم فيه من جهة صالح المزي وقطع بصحته أبو محمد مكي وضعفه أبو شامة1، وقال إن مداره على صالح المزي وهو وإن كان عبدا صالحا فهو ضعيف، وفسر الحال المرتحل بالمجاهد كلما ختم غزوة افتتح أخرى وأجيب بأنه ليس مدار الحديث على صالح بل رواه زيد بن أسلم وغيره كما بينه بيانا شافيا حافظ الوقت صاحب النشر قال: وقد روى الحافظ أبو عمرو الداني بإسناد صحيح عن الأعمش عن إبراهيم قال: كانوا يستحبون إذا ختموا القرآن أن يقرءوا من أوله آيات، وهذا صريح في صحة ما اختاره القراء، وذهب إليه السلف، وليس المراد لزوم ذلك بل من فعله فهو حسن ولا حرج في تركه، ومنهم قوم يطعمون الطعام للفقراء شكرا لله تعالى على ما أولاهم من نعمة الختم، وهؤلاء قوم بسطتهم رؤية النعمة في الطاعة من الله تعالى ففرحوا بها، وقاموا بشيء من واجب شكرها، وقد قال الله تعالى:{قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا} فينبغي الجمع بين هذه الأربعة فيصل الخاتمة بالفاتحة، ويتعرض لنفحات الله تعالى بالاستغفار ثم الدعاء ثم يطعم الطعام، وأما ما اعتيد من تكرار سورة الإخلاص ثلاث مرات فقال في النشر: إنه لم يقرأ به ولا نعلم أحدا نص عليه من القراء والفقهاء سوى أبي الفخر حامد بن علي بن حسنوية القزويني في كتاب حلية القراء فإنه قال فيه: القراء كلهم قرءوا سورة الإخلاص مرة واحدة إلا الهرواني بفتح الهاء والراء عن الأعشى فإنه أخذ بإعادتها ثلاثا والمأثور مرة واحدة، قال: أعني صاحب النشر، والظاهر أن ذلك كان اختيارا من الهرواني فإن هذا لم يعرف في رواية الأعشى ولا ذكره أحد من علمائنا، وقد صار العمل على هذا في أكثر البلاد عند الختم، والصواب ما عليه السلف لئلا يعتقد أن ذلك سنة، ولهذا نص أئمة الحنابلة على أنه لا تكرر سورة الصمد، قالوا وعنه يعنون أحمد لا يجوز. انتهى كلام النشر2، قيل والحكمة فيه ما أورد أنها تعدل ثلث القرآن فيحصل به ثواب ختمة.

فإن قيل كان ينبغي أن تقرأ أربعا ليحصل ختمتان فالجواب إن المراد أن يكون على

1 انظر كتاب إبراز المعاني لأبي شامة: "499". [أ] .

2 وهو مأخوذ منه: "2/ 440 إلى 452". [أ] .

ص: 617

يقين من حصول ختمة إما التي قرأها، وإما التي حصل ثوابها بتكرير السورة فهو جبر لما لعله حصل في القرآن من خلل ا. هـ.

ثم إن الدعاء1 عند الختم سنة تلقاها الخلف عن السلف، ويشهد له حديث جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من قرأ القرآن" أو قال: "من جمع القرآن كانت له عند الله دعوة مستجابة، إن شاء عجلها له في الدنيا وإن شاء ذخرها له في الآخرة"، رواه الطبراني وكذا البيهقي، وقال في إسناده ضعف وكان محمد بن إسماعيل البخاري رحمه الله إذا كان أول ليلة من رمضان اجتمع إليه أصحابه فيصلي بهم فيقرأ في كل ركعة عشر آيات، وكذلك إلى أن يختم القرآن وكان يختم بالنهار كل يوم ختمة، ويكون ختمة عند الإفطار كل ليلة، ويقول عند كل ختمة دعوة مستجابة وعن حبيب بن أبي عمرة قال: إذا ختم الرجل القرآن قبل الملك بين عينيه، وعن مجاهد تنزل الرحمة عند ختم القرآن، وكان أنس بن مالك يجمع أهله وجيرانه عند الختم رجاء بركته، وكان كثير من السلف يستحب الختم يوم الاثنين وليلة الجمعة واختاره بعضهم وهو صائم وآخر عند الإفطار، وللدعاء آداب كثيرة لا بأس بذكر شيء منها بل أهمها الإخلاص بأن يقصد الله تعالى في دعائه لوجهه، ومنها تقديم عمل صالح من صدقة أو غيرها ومنها تجنب الحرام أكلا وشربا ولبسا وكسبا، ومنها الوضوء لحديث فيه، ومنها استقبال القبلة لحديث فيه عن ابن مسعود، ومنها رفع اليدين للحديث المشهور إن ربكم إلخ، وينبغي كشفهما حالة الرفع، ومنها الجثو على الركب والمبالغة في الخضوع لله تعالى والخشوع بين يديه، ويحسن التأدب مع الله تعالى وفي حديث فيه ضعف لكن له شاهد قوي أنه كان إذا ختم القرآن دعا قائما، وقد كان بعض السلف يدعو للختم وهو ساجد، ومنها أن لا يتكلف السجع في الدعاء ففي صحيح البخاري عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: وانظر إلى السجع في الدعاء واجتنبه فإني عهدت رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يفعل إلا ذلك أي: الاجتناب، ومنها الثناء على الله تعالى أولا وآخرا، وكذا الصلوات على النبي صلى الله عليه وسلم قال: من قرأ القرآن وحمد الرب وصلى على النبي صلى الله عليه وسلم واستغفر ربه فقد طلب الخير من مكانه رواه البيهقي في الشعب، وفيه أبان وهو ضعيف، ومنها تأمين الداعي والمستمع، ومنها أن يسأل الله تعالى حاجته كلها حتى شسع نعله لحديث ابن حبان، ومنها أن يدعو وهو متيقن الإجابة يحضر قلبه ويعظم رغبته، ومنها مسح وجهه بيديه بعد فراغه من الدعاء لحديث فيه، ومنها اختيار الأدعية المأثورة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم أوتي جوامع الكلم ولم يدع حاجة إلى غيره، ولنا فيه أسوة حسنة، وقد روى أبو منصور الأرجاني عن داود بن قيس قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول عند ختم القرآن: "اللهم ارحمني بالقرآن العظيم واجعله لي إماما ونورا وهدى ورحمة، اللهم ذكرني منه ما نسيت وعلمني منه ما جهلت، وارزقني تلاوته آناء الليل والنهار".

1 للمزيد انظر النشر: "2/ 452". [أ] .

ص: 618

واجعله لي حجة يا رب العالمين قال الحافظ ابن الجزري وهذا الحديث لا أعلم ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم في ختم القرآن حديث غيره وقد كان صلى الله عليه وسلم يحب الجوامع من الدعاء ويدع ما سوى ذلك رواه أبو داود من حديث عائشة رضي الله تعالى عنها "وكان" من دعائه صلى الله عليه وسلم: "اللهم إني أسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى، اللهم إني أعوذ بك من العجز والكسل والجبن والهرم والبخل، ومن عذاب القبر وأعوذ بك من فتنة المحيا والممات وضلع الدين وغلبة الرجال، اللهم اغفر خطيئتي وجهلي وإسرافي في أمري، وما أنت أعلم به مني، اللهم اغفر لي جدي وهزلي وخطئي وعمدي، وكل ذلك عندي اللهم، اغفر لي ما قدمت وما أخرت وما أسررت وما أعلنت وما أسرفت وما أنت أعلم به مني أنت المقدم وأنت المؤخر وأنت على كل شيء قدير، اللهم إني أعوذ بك من علم لا ينفع ومن قلب لا يخشع ونفس لا تشبع ومن دعوة لا يستجاب لها، اللهم انفعني بما علمتني وعلمني ما ينفعني وارزقني علما ينفعني، اللهم أصلح لي ديني الذي هو عصمة أمري وأصلح لي دنياي التي فيها معاشي وأصلح لي آخرتي التي فيها معادي، واجعل الحياة زيادة لي في كل خير والموت راحة لي من كل شر، اللهم إني أسألك عيشة تقية وميتة سوية ومردا غير مخز ولا فاضح، اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك آمين، اللهم لا تدع لنا ذنبا إلا غفرته ولا هما إلا فرجته ولا دينا إلا قضيته ولا حاجة من حوائج الدنيا والآخرة إلا قضيتها يا أرحم الراحمين، اللهم لك الحمد وإليك المشتكى وأنت المستعان ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، اللهم إني أعوذ بك من الجوع فإنه بئس الضجيع، وأعوذ بك من الخيانة فإنها بئست البطانة، اللهم عافني في جسدي وعافني في بصري واجعله الوارث مني، اللهم أحسن عاقبتنا في الأمور كلها وأجرنا من خزي الدنيا وعذاب الآخرة، اللهم اجعل خير عملي آخره وخير عملي خواتمه وخير أيامي يوم ألقاك فيه"، واختلف في إهداء ثواب الختمة ونحوها للنبي صلى الله عليه وسلم فقيل بمنعه لعدم الإذن فيه بخلاف الصلاة عليه وسؤال الوسيلة له صلى الله عليه وسلم ولأنه تحصيل للحاصل؛ لأن له مثل أجر من تبعه وأجازه الشيخ أبو بكر الموصلي قال: بل هو مستحب وتبعه كثيرون وهذا هو الراجح عندنا معاشر الشافعية، بل قال العلامة ابن حجر المكي في باب الإجازة من شرحه لمنهاج النووي: إن القول الأول وهم، وأطال في الاستدلال لأرجحية الثاني، وحكى الغزالي عن ابن الموفق أنه حج عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حججا وذكر القضاعي أنها ستون حجة وذكر محمد بن إسحاق أنه ختم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثر من ثلاثة عشر ألف ختمة وضحى عنه مثل ذلك، واستحب بعضهم أن يختم الدعاء بقوله:{سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ، وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الآية: 180-182] و {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ} [الآية: 43] وأستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه مستعينا به متوسلا إليه في ذلك بنبيه سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وأسأله أن يسبل علينا ستره الجميل، وأن يعفو عني وعن والدي وأولادي ومشايخي وإخواني والمسلمين، وأن يعطف علينا نبينا

ص: 619

سيدنا محمدا صلى الله عليه وسلم ويمن علينا بجواره في الحياة وبعد الممات مع رضاه عنا في عافية بلا محنة، وأن يجعل ما أعانني عليه من جمع هذا التلخيص خالصا لوجهه، وأن ينفع به أهله ويعرفهم قدره، وأن يرحم به والدي كما ربياني صغيرا، وأستودع الله تعالى ديني ونفسي وجميع ما أنعم به علي وأهلي وأصحابي، والحمد لله رب العالمين حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه حمدا يوافي نعمه ويكافئ مزيده، يا ربنا لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك ولعظيم سلطانك، سبحانك لا نحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك، وصل أبدا أفضل صلواتك على سيدنا عبدك ونبيك ورسولك محمد وآله وسلم عليه تسليما كثيرا وزده تشريفا تكريما، وأنزله المنزل المقرب عندك يوم القيامة آمين، وصل وسلم على جميع الأنبياء وآل كل وعلينا معهم بعدد معلوماتك آمين1.

1 للمزيد انظر كتاب النشر في القراءات العشر للإمام محمد بن الجزري من "2/ 452 إلى 2/ 467". [أ] .

ص: 620