المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌باب الإدغام: جرى كثير على ذكره بعد الفاتحة لأجل الرحيم ملك، - إتحاف فضلاء البشر في القراءات الأربعة عشر

[البناء]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمات

- ‌بين يدي الكتاب

- ‌مقدمة

- ‌باب أسماء الأئمة القراء الأربعة عشر ورواتهم وطرقهم:

- ‌باب الاستعاذة:

- ‌باب الإدغام:

- ‌فصل يلتحق بهذا الباب خمسة أحرف

- ‌مدخل

- ‌الفصل الأول في حكم ذال إذ

- ‌الفصل الثاني في حكم دال قد:

- ‌الفصل الثالث في حكم تاء التأنيث:

- ‌الفصل الرابع في حكم لام هل وبل:

- ‌الفصل الخامس: في حكم حروف قربت مخارجها وهي سبعة عشر حرفا

- ‌الفصل السادس: في أحكام النون الساكنة والتنوين

- ‌باب هاء الكناية

- ‌باب المد والقصر:

- ‌باب الهمزتين المجتمعتين في كلمة:

- ‌باب الهمزتين المتلاصقتين في كلمتين:

- ‌باب الهمز المفرد:

- ‌باب نقل حركة الهمزة إلى الساكن قبلها:

- ‌باب السكت على الساكن قبل الهمز وغيره:

- ‌باب وقف حمزة وهشام على الهمز، وموافقة الأعمش لهما:

- ‌باب الفتح والإمالة

- ‌مدخل

- ‌فصل: في إمالة الألف التي هي فعل ماض ثلاثي

- ‌فصل: في إمالة حروف مخصصة غير ما ذكر

- ‌باب إمالة هاء التأنيث وما قبلها في الوقف:

- ‌باب مذاهبهم في ترقيق الراآت وتفخيمها

- ‌باب حكم اللامالت تغليظا وترقيقا

- ‌باب الوقف على أواخر الكلم

- ‌باب الوقف على مرسوم الخط:

- ‌باب مذاهبهم في ياآت الإضافة

- ‌باب مذاهبهم في ياآت الزوائد

- ‌مدخل

- ‌سورة الفاتحة مكية

- ‌سورة البقرة:

- ‌سورة آل عمران:

- ‌سورة النساء:

- ‌سورة المائدة:

- ‌سورة الأنعام:

- ‌سورة الأعراف:

- ‌سورة الأنفال:

- ‌سورة التوبة:

- ‌سورة يونس عليه السلام:

- ‌سورة هود مكية

- ‌سورة يوسف عليه السلام:

- ‌سورة الرعد:

- ‌سورة إبراهيم عليه الصلاة والسلام:

- ‌سورة الحجر:

- ‌سورة النحل:

- ‌سورة الإسراء:

- ‌سورة الكهف:

- ‌سورة مريم عليها الصلاة والسلام:

- ‌سورة طه:

- ‌سورة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام:

- ‌سورة الحج:

- ‌سورة المؤمنون:

- ‌سورة النور:

- ‌سورة الفرقان:

- ‌سورة الشعراء:

- ‌سورة النمل:

- ‌سور القصص

- ‌سورة العنكبوت:

- ‌سورة الروم:

- ‌سورة لقمان:

- ‌سور السجدة

- ‌سورة الأحزاب:

- ‌سورة سبأ:

- ‌سورة فاطر:

- ‌سورة يس:

- ‌سورة الصافات:

- ‌سورة ص:

- ‌سورة الزمر:

- ‌سورة المؤمن

- ‌سورة فصلت:

- ‌سورة الشورى:

- ‌سور الزخرف

- ‌سورة الدخان:

- ‌سورة الجاثية:

- ‌سورة الأحقاف:

- ‌سورة محمد "صلى الله عليه وسلم

- ‌سورة الفتح:

- ‌سورة الحجرات:

- ‌سورة ق:

- ‌سورة الذاريات:

- ‌سورة الطور:

- ‌سورة النجم:

- ‌سورة القمر:

- ‌سورة الرحمن عز وجل:

- ‌سورة الواقعة:

- ‌سورة الحديد:

- ‌سورة المجادلة:

- ‌سورة الحشر:

- ‌سورة الممتحنة:

- ‌سورة الصف:

- ‌سورة الجمعة:

- ‌سورة المنافقين:

- ‌سورة التغابن

- ‌سورة الطلاق:

- ‌سورة التحريم:

- ‌سورة الملك:

- ‌سورة ن:

- ‌سورة الحاقة:

- ‌سورة سأل:

- ‌سورة نوح عليه الصلاة والسلام:

- ‌سورة الجن:

- ‌سورة المزمل:

- ‌سورة المدثر:

- ‌سورة القيامة:

- ‌سورة الإنسان:

- ‌سورة المراسلات

- ‌سورة النبأ:

- ‌سورة النازعات:

- ‌سورة عبس:

- ‌سورة التكوير:

- ‌سورة الانفطار:

- ‌سورة المطففين:

- ‌سورة الانشقاق:

- ‌سورة البروج:

- ‌سورة الطارق:

- ‌سورة الأعلى:

- ‌سورة الغاشية:

- ‌سورة الفجر:

- ‌سورة البلد:

- ‌سورة الشمس:

- ‌سورة الليل:

- ‌سورة الضحى:

- ‌سورة الانشراح

- ‌سورة التين:

- ‌سورة العلق:

- ‌سورة القدر:

- ‌سورة لم يكن:

- ‌سورة الزلزلة:

- ‌سورة العاديات:

- ‌سورة القارعة:

- ‌سورة التكاثر:

- ‌سورة العصر:

- ‌سورة الهمزة:

- ‌سورة الفيل:

- ‌سورة قريش:

- ‌سورة أرأيت:

- ‌سورة الكوثر:

- ‌سورة الكافرون:

- ‌سورة النصر:

- ‌سورة تبت:

- ‌سورة الإخلاص:

- ‌سورة الفلق:

- ‌سورة الناس:

- ‌باب التكبير:

- ‌المراجع المعتمدة:

- ‌فهرس المحتويات:

الفصل: ‌ ‌باب الإدغام: جرى كثير على ذكره بعد الفاتحة لأجل الرحيم ملك،

‌باب الإدغام:

جرى كثير على ذكره بعد الفاتحة لأجل الرحيم ملك، ومشى في الأصل، وتبعته على رسمهم في جعله أول الأصول لما ذكر، وأخرت سورة الفاتحة ومعها البسملة لأول الفرش لتجتمع السور، وهو عندهم اللفظ بساكن، فمتحرك بلا فصل من مخرج واحد، فقولهم اللفظ بساكن فمتحرك جنس يشمل المظهر والمدغم والمخفي، وبلا فصل أخرج المظهر، ومن مخرج أخرج المخفي، وهو قريب من قول النشر اللفظ بحرفين حرفا كالثاني؛ لأن قوله بحرفين يشمل الثلاث، وقوله حرفا خرج به المظهر، وقوله كالثاني خرج به المخفي وهو نوعان كبير وصغير الأول الكبير وهو ما كان الأول من المثلين، أو المتجانسين أو المتقاربين متحركا.

ثم إن لأبي عمرو من روايتي الدوري والسوسي في هذا النوع أعني: الكبير مذهبين: الإدغام والإظهار، كما أن له من الروايتين في الهمز الساكن مذهبين: التخفيف بالإبدال والتحقيق، فيتركب من البابين ثلاثة مذاهب كل منها صحيح مقروء به1.

الإظهار مع الإبدال؛ لأن تحقيق الهمز أثقل من إظهار المتحرك، فخفف الأثقل، ولا يلزم تخفيف الثقيل، وهو أحد وجهي التيسير من قراءته على الفارسي كالجامع من قراءته على أبي الحسن.

الثاني: الإدغام مع الإبدال للتخفيف وهو في جميع كتب أصحاب الإدغام من الروايتين جميعا، وهو عن السوسي في الشاطبية والثاني في التيسير، وهو المأخوذ به اليوم من طريق الحرز، وأصله، وبه كان يقرئ الشاطبي رحمه الله كما ذكره السخاوي، وهو مستند أهل العصر في تخصيص السوسي بوجه واحد.

الثالث: الإظهار مع تحقيق الهمز عملا بالأصل الثابت عن أبي عمرو من جميع الطرق، وأما الإدغام مع الهمز فلا يجوز عند أئمة القراء عن أبي عمرو لما فيه من تخفيف الثقيل دون الأثقل، نعم يجوز ذلك ليعقوب كما هو قاعدته كما يأتي، فالأولى أن يحتج لأبي عمرو بالاتباع، وأما منع الإدغام مع مد المنفصل لأبي عمر، وأيضا فلقوله في التيسير إذا أدرج أو أدغم لم يهمز فخص الإدراج الذي هو الإسراع بالمد والإدغام بالإبدال، وسيعلم مما يأتي إن شاء الله تعالى جواز مد المنفصل مع الإبدال، فقول النويري في شرحه الطيبة هنا: والإبدال لا يكون إلا مع القصر، إن أراد به السوسي من طريق الحرز فمسلم وإلا ففيه نظر؛ لأن كلا من الدوري والسوسي روى عنه مد المنفصل، وتحقيق الهمز والإبدال ولم يصرح أحد من المصنفين من طريق الطيبة

1 وقد أكد ذلك أكثر أئمة الإقراء وعلى رأسهم العلامة محمد بن الجزري في نشره: "1/ 274". وما بعدها. [أ] .

ص: 30

وأصلها التي هي طرق كتابنا هذا بمنع المد مع الإبدال، وإنما صرحوا بامتناع الإدغام مع تحقيق الهمز كما تقدم، ومع مد المنفصل وما ذكره أعني النويري في باب الهمز بناء على ما ذكره هنا، فليتفطن له. نبه عليه شيخنا رحمه الله تعالى، مثال اجتماع الهمز مع الإدغام يأتهم تأويله، كذلك كذب ففيه الثلاثة المتقدم بيانها، ويمتنع الرابع ومثال اجتماع الإدغام مع المد "قُلْ لا أَقُولُ لَكُمْ" [الأنعام الآية: 50] فيمتنع المد مع الإدغام ويجوز الثلاثة الباقية ومثال اجتماعها أعني الإدغام والهمز والمد {قَالَ لا يَأْتِيكُمَا طَعَامٌ تُرْزَقَانِهِ إِلَّا نَبَّأْتُكُمَا بِتَأْوِيلِهِ} [يوسف الآية: 37] ويتحصل فيها ثمانية أوجه يمتنع منها ثلاثة وهي: الإدغام مع الهمز والمد والإدغام مع الهمز والقصر والإدغام مع البدل والمد وتجوز الخمسة الباقية.

ثم: إن للإدغام شروطا وأسبابا وموانع، فشروطه في المدغم أن يلتقي الحرفان خطا سواء التقيا لفظا أم لا، فدخل نحو: أنه هو فلا تمنع الصلة، وخرج نحو: أنا نذير، وفي المدغم فيه كونه أكثر من حرف إن كان من كلمة ليدخل نحو:"خَلَقَكُمْ" ويخرج نحو: "نَرْزُقُكَ"، و"خَلَقَكَ" وأسبابه: التماثل وهو أن يتحدا مخرجا وصفة كالباء في الباء والكاف في الكاف والتجانس وهو: أن يتفقا مخرجا ويختلفا صفة كالدال في التاء والتاء في الطاء والثاء في الذال، والتقارب هو أن يتقاربا مخرجا أو صفة أو مخرجا وصفة، وموانعه قسمان: متفق عليه ومختلف فيه فالمتفق عليه ثلاثة: الأول: كونه منونا أو مشددا أو تاء ضمير، فالمنون نحو:"غَفُورٌ رَحِيمٌ""سَمِيعٌ عَلِيمٌ""سَارِبٌ بِالنَّهَارِ""نِعْمَةٌ تَمُنُّهَا""فِي ظُلُمَاتٍ ثَلاثٍ""رَجُلٌ رَشِيدٌ"1؛ لأن التنوين حاجز قوي جرى مجرى الأصول، فمنع من التقاء الحرفين بخلاف صلة "إِنَّهُ هُوَ" لعدم القوة ولا تمنع زيادة الصفة في المدغم، ولذا أجمعوا على إدغام "بَسَطْتَ" [المائدة الآية: 28] ونحوها والمشدد نحو: "رَبِّ بِمَا""مَسَّ سَقَرَ""فَتَمَّ مِيقَاتُ""الْحَقُّ كَمَنْ""أَشَدَّ ذِكْرًا" ووجه ضعف المدغم فيه عن تحمل المشدد لكونه بحرفين وتاء الضمير متكلما أو مخاطبا نحو: "كُنْتُ تُرَابًا""أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ""كِدْتَ تَرْكَنُ""خَلَقْتَ طِينًا""جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا" وسيأتي إن شاء الله تعالى "جِئْتَ شَيْئًا"[مريم الآية: 27] ولا يخفى أن في إطلاقهم تاء الضمير على نحو: "أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ" تجوز إذا التاء فيه ليست ضميرا على الصحيح، بل حرف خطاب، والضمير أن والمختلف فيه من الموانع الجزم، وقد جاء في المثلين في قوله تعالى:"يَخْلُ لَكُمْ"، "وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ"، "وَإِنْ يَكُ كَاذِبًا" وفي المتجانسين "وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ" وألحق به "وَآتِ ذَا الْقُرْبَى"2 وفي المتقاربين في قوله:"وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً" والمشهور الاعتداد بهذا المانع في المتقاربين وإجراء الوجهين في غيره، وموانع الإدغام عند الحسن البصري التشديد والتنوين فقط لإدغام تاء المتكلم والمخاطب نحو:

1 حيث وقعت. [أ] .

2 حيث وقعت. [أ] .

ص: 31

"كُنْتُ تُرَابًا"، "أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ" فإذا وجد الشرط والسبب وارتفع المانع جاز الإدغام، فإن كانا مثلين: أسكن الأول وأدغم في الثاني، وإن كانا غير مثلين: قلب كالثاني وأسكن ثم أدغم، وارتفع اللسان عنهما دفعة واحدة من غير وقف على الأول، ولا فصل بحركة ولا روم، وليس بإدخال حرف في حرف بل الصحيح أن الحرفين ملفوظ بهما كما حققنا طلبا للتخفيف قاله في النشر1.

ثم إن هذا النوع وهو الإدغام الكبير ينقسم إلى مثلين وغيره2.

أما المدغم من المثلين فسبعة عشر حرفا الباء والتاء والثاء والحاء والراء والسين والعين والغين والفاء والقاف والكاف واللام والميم والنون والواو والهاء والياء نحو: "لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ"، "الشَّوْكَةِ تَكُونُ"، "حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ"، "النِّكَاحِ حَتَّى"، "شَهْرُ رَمَضَانَ"، "النَّاسَ سُكَارَى"، "يَشْفَعُ عِنْدَهُ"، "يَبْتَغِ غَيْرَ"، "خَلائِفَ فِي الْأَرْضِ"، "الرِّزْقِ قُلْ"، "رَبَّكَ كَثِيرًا"، "لا قِبَلَ لَهُمْ"، "الرحيم ملك"، "وَنَحْنُ نُسَبِّحُ"، "هُوَ وَالَّذِينَ"، "فِيهِ هُدًى"، "يَأْتِيَ يَوْمٌ"3.

واختلف المدغمون فيما إذا جزم الأول وذلك في قوله تعالى: "وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ"، و"يَخْلُ لَكُمْ"، "وَإِنْ يَكُ كَاذِبًا" والوجهان في الشاطبية وغيرها، وصححها في النشر4 وكذا اختلفوا في "آلَ لُوطٍ" وهي في أربعة مواضع اثنان [في الحجر الآية: 59، 61] والثالث في [النمل الآية: 56] والرابع في [القمر الآية: 34] وعلل الإظهار فيها بقلة الحروف ولكن نقض ذلك بإدغام "لَكَ كَيْدًا" والأولى التعليل بتكرار إعلال عينه إذ أصل آل عند سيبويه أهل فقلبت الهاء همزة توصلا إلى الألف ثم الهمزة ألفا لاجتماع الهمزتين، لكن حمل صاحب النشر ما روي عن أبي عمرو من قوله لقلة حروفها على قلة دورها في القرآن قال: فإن قلة الدور وكثرته معتبرة وكذا اختلفوا في الواو إذا وقع قبلها ضمة نحو: "هُوَ وَالَّذِينَ"، "هُوَ وَالْمَلائِكَةُ" ووقع في ثلاثة عشر موضعا، وبالإدغام أخذ أكثر المصريين والمغاربة، وبالإظهار أخذ أكثر البغداديين، واختاره ابن مجاهد، ومن جعل علة الإظهار فيه المد عورض بإدغامهم يأتي يوم، ونحوه، ولا فرق بينهما قاله الداني في جامع البيان: وبالوجهين قرأت وأختار الإدغام لاطراده، أما إذا أسكنت الهاء من هو وذلك في ثلاثة مواضع "فَهُوَ وَلِيُّهُمُ"، "وَهُوَ وَلِيُّهُمْ"، "وَهُوَ وَاقِعٌ بِهِمْ" فلا خلاف في الإدغام حينئذ خلافا لما وقع في شرح الإمام أبي عبد الله الموصلي المعروف بشعلة

1 انظر الصفحة: "1/ 274" وما بعدها. [أ] .

2 كما ذكره العلامة محمد بن الجزري: "1/ 275". [أ] .

3 حيث وقعت. [أ] .

4 وذكرها الطبري مفصلة في أواخر السور في كتابه التلخيص في القراءات الثمان وكذا الواسطي في الكنز. [أ] .

ص: 32

للشاطبية قال في النشر: بعد أن نقل عن جامع البيان عدم الخلاف في إدغامه، والصحيح أنه لا فرق بين "وَهُوَ وَلِيُّهُمْ" وبين "الْعَفْوَ وَأْمُرْ" وبين "فَهِيَ يَوْمَئِذٍ" إذ لا يصح نص عن أبي عمرو، وأصحابه بخلافه واختلفوا أيضا في "وَاللَّائِي يَئِسْنَ" [الطلاق الآية: 4] على وجه إبدال الهمزة ياء ساكنة وقد ذكرها الداني في الإدغام الكبير، وتعقب بأن محلها الصغير لسكون الياء، وأجيب بأن وجه دخولها فيه قلبها عن متحرك، وقد ذهب الداني والشاطبي والصفراوي وغيرهم إلى إظهار الياء فيها لتوالي الإعلال؛ لأن أصلها "اللَّائِي" بياء ساكنة بعد الهمز كقراءة ابن عامر ومن معه، فحذفت الياء لتطرفها وانكسار ما قبلها فصارت كقراءة قالون ومن معه، ثم أبدلت الهمزة ياء ساكنة على غير قياس لثقلها فحصل في الكلمة إعلالان فلا تعل ثالثا بالإدغام، وذهب الآخرون إلى الإدغام، قال في النشر: قلت وكل من وجهي الإظهار والإدغام ظاهر مأخوذ به، وبهما قرأت على أصحاب أبي حيان عن قراءتهم بذلك عليه، وليسا مختصين بأبي عمرو بل يجريان لكل من أبدل معه، وهما البزي واليزيدي واتفقوا على إظهار "يَحْزُنْكَ كُفْرُهُ" من أجل الإخفاء قبله، ولم يدغم من المثلين في كلمة واحدة إلا قوله تعالى:"مَنَاسِكَكُمْ"[البقرة الآية: 200] و"مَا سَلَكَكُمْ"[المدثر الآية: 42] أظهر ما عداهما نحو: "جِبَاهُهُمْ" و"وُجُوهَهُم" و"أَتُحَاجُّونَنَا" و"بِشِرْكِكُمْ" خلافا للمطوعي عن الأعمش كما يأتي إن شاء الله تعالى، وأما المدغم من المتجانسين والمتقاربين فهو ضربان أيضا في كلمة اصطلاحية وفي كلمتين، أما ما كان من كلمة فلم يدغم منه إلا القاف في الكاف إذا تحرك ما قبل القاف، وكان بعد الكاف ميم جمع لتحقق الثقل بكثرة الحروف والحركات نحو:"خَلَقَكُمْ"، "وَرَزَقَكُمْ"، "وَاثَقَكُمْ"، "سَبَقَكُمْ" لا ماضي غيرهن ونحو:"نَخْلُقْكُمْ"، و"نَرْزُقُكُمْ"، "فَيُغْرِقَكُمْ" ولا مضارع غيرهن فإن سكن ما قبل القاف نحو:"مِيثَاقَكُمْ"، "مَا خَلْقُكُمْ" أولم يأت بعد الكاف ميم جمع نحو:"خَلَقَكَ"، و"نرزقك" فلا خلاف في إظهاره، إلا إذا كان بعد الكاف نون جمع، وهو طلقكن فقط بالتحريم ففيه خلاف لكراهة اجتماع ثلاث تشديدات في كلمة قال صاحب النشر1: وعلى إطلاق الوجهين فيها من علمناه من قراء الأمصار ا. هـ. وأما ما كان من كلمتين فإن المدغم من الحروف في مجانسه، أو مقاربه بشرط انتفاء الموانع المتقدمة ستة عشر حرفا وهي الباء والتاء والثاء والجيم والحاء والدال والذال والراء والسين والشين والضاد والقاف والكاف واللام والميم والنون وقد جمعت في قولك رض سنشد حجتك بذل قثم فالباء: تدغم في الميم في قوله تعالى: "يُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ" فقط وهو في خمسة مواضع لاتحاد مخرجهما وتجانسهما في الانفتاح والاستفال والجر وليس منه موضع آخر البقرة لسكون الباء، فمحاه الصغير، وفهم من تخصيص "يُعَذِّبَ" خروج

1 انظر: "1/ 275". [أ] .

ص: 33

نحو: "سَنَكْتُبُ مَا قَالُوا"، و"يَضْرِبَ مَثَلًا" والتاء تدغم في عشرة أحرف: الثاء والجيم والذال والزاي والسين والشين والصاد والضاد والطاء والظاء ففي الثاء نحو: "بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ"، "ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ثُمَّ" واختلف عنه في "الزكوة ثم" بالبقرة و"التورية ثم" [الجمعة الآية: 5] لأنهما مفتوحان بعد ساكن، فروي إدغامهما ابن حبش من طريقي الدوري والسوسي وبذلك قرأ الداني من الطريقين، وروى أصحاب ابن مجاهد عنه الإظهار لخفة الفتحة بعد السكون، وفي الجيم نحو:"الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ"، "ورثة جنات النعيم" وفي الذال نحو:"الْآخِرَةِ ذَلِكَ""الدَّرَجَاتِ ذُو" واختلف في "وَآتِ ذَا الْقُرْبَى"، "فَآتِ ذَا الْقُرْبَى" كلاهما من أجل الجزم أو ما في حكمه وبالوجهين قرأ الداني وأخذ الشاطبي وأكثر المصريين وفي الزاي نحو:"بِالْآخِرَةِ زَيَّنَّا"وفي السين نحو: "الصَّالِحَاتِ سَنُدْخِلُهُمْ" وفي الشين نحو: "بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ" واختلف في "جِئْتِ شَيْئًا فَرِيًّا"[مريم الآية: 27] وعلل الإظهار بكون تاء جئت للخطاب وبحذف عينه الذي عبر عنه الشاطبي بالنقصان؛ وذلك لأنهم لما حولوا فعل المفتوح العين الأجوف اليائي إلى فعل بكسرها عند اتصاله بتاء الضمير، وسكنوا اللام وهي الهمزة هنا، وتعذر القلب نقلوا كسرة الياء إلى الجيم، فحذفت الياء للساكنين ولكن ثقل الكسرة سوغ الإدغام، وبالوجهين أخذ الشاطبي وسائر المتأخرين، وفي الصاد نحو:"وَالصَّافَّاتِ صَفًّا"[الصافات الآية: 1] نحو: "وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحًا"[العاديات الآية: 1] وفي الطاء نحو: "الصَّلاةَ طَرَفَي"[هود الآية: 114] واختلف في "وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ"[النساء الآية: 102] لمانع الجزم لكن قوي الإدغام هنا للتجانس وقوة الكسر والطاء، ورواه الداني والأكثرون بالوجهين وأما "بَيَّتَ طَائِفَةٌ" [النساء الآية: 81] فأدغمه أبو عمرو وجها واحدا كما يأتي في محله إن شاء الله تعالى، وفي الظاء نحو:"الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي" والثاء تدغم في خمسة أحرف: التاء والذال والسين والشين والضاد ففي التاء نحو: "حَيْثُ تُؤْمَرُونَ" وفي الذال نحو: "وَالْحَرْثِ ذَلِكَ" لا غير وفي السين نحو: "وَوَرِثَ سُلَيْمَانَ" وفي الشين نحو: "حَيْثُ شِئْتُمَا" وفي الضاد نحو: "حَدِيثُ ضَيْفِ" قط والجيم تدغم في موضعين أحدهما في الشين في "أَخْرَجَ شَطْأَهُ" على خلاف بين المدغمين والثاني في التاء في "ذِي الْمَعَارِجِ، تَعْرُجُ" والحاء تدغم في العين في حرف وهو "زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ" على خلاف فيه أيضا بين المدغمين والدال تدغم في عشرة أحرف التاء والثاء والجيم والذال والزاي والسين والشين والصاد والضاد والظاء، إلا أن تكون الدال مفتوحة وقبلها ساكن فإنها لا تدغم إلا في التاء لقوة التجانس ففي التاء نحو:"الْمَسَاجِدِ تِلْكَ""بَعْدَ تَوْكِيدِهَا" وفي الثاء "يُرِيدُ ثَوَابَ" وفي الجيم نحو: "دَاوُدَ"، "جَالُوتَ" وفي الذال نحو:"وَالْقَلائِدَ ذَلِكَ" وفي الزاي "يَكَادُ زَيْتُهَا" وفي السين نحو: "الْأَصْفَادِ، سَرَابِيلُهُم" وفي الشين نحو: "وَشَهِدَ شَاهِدٌ" وفي الصاد "نَفْقِدُ صُوَاعَ الْمَلِكِ" وفي الضاد "مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ" وفي الظاء "مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ" والذال تدغم في السين

ص: 34

في قوله تعالى: "فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ" موضعي الكهف، وفي الصاد في قوله تعالى:"مَا اتَّخَذَ صَاحِبَةً" فقط والراء تدغم في اللام نحو: "أَطْهَرُ لَكُمْ"، المصير "الْمَصِيرُ، لا يُكَلِّفُ"، "وَالنَّهَارِ لَآياتٍ" فإن فتحت وسكن ما قبلها أظهرت نحو:"وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا"[النحل الآية: 8] وتقدم التنبيه على أن زيادة الصفة في المدغم كالتكرير هنا لا تمنع إدغامه فيما دونه لإجماعهم على إدغام "أَحَطْتُ" مع قوة الطاء، ولو سلم فالتكرير أمر عدمي عارض في الراء لا متأصل فلا يقويها، والسين تدغم في الزاي في قوله تعالى:"وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ"[التكوير الآية: 7] وفي الشين في قوله تعالى: "الرَّأْسُ شَيْبًا"[مريم الآية: 3] باختلاف بين المدغمين فيه وأجمعوا على إظهار "لا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئًا" لخفة الفتحة بعد السكون، والشين تدغم في حرف واحد وهو السين من قوله تعالى:"ذِي الْعَرْشِ سَبِيلًا" على خلاف بين المدغمين والضاد تدغم في الشين في قوله تعالى: "لِبَعْضِ شَأْنِهِمْ" لا غير بخلاف أيضا، وأما إدغام "الْأَرْضَ شَقًّا" فغير مقروء به لانفراد القاضي أبي العلاء به عن ابن حبش، والقاف تدغم في الكاف إذا تحرك ما قبلها نحو:"يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ" وتقدم الكلام على نحو: "خلقكم مع طلقكن، ونرزقك" فإن سكن ما قبلها لم تدغم نحو: "وَفَوْقَ كُلِّ" والكاف تدغم في القاف إذا تحرك ما قبلها نحو: "لَكَ قَالَ" فإن سكن ما قبلها لم تدغم نحو: "وَتَرَكُوكَ قَائِمًا" واللام تدغم في الراء إذا تحرك ما قبلها بأي حركة نحو: "رُسُلُ رَبِّكَ"، "أَنْزَلَ رَبُّكُمْ "، "كَمَثَلِ رِيحٍ" فإن سكن ما فيها أدغمها مكسورة أو مضمومة فقط نحو:"يَقُولُ رَبَّنَا"، "إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ" فإن انفتحت بعد الساكن نحو:"فَعَصَوْا رَسُولَ رَبِّهِمْ" امتنع الإدغام لخفة الفتحة إلا لام قال نحو: "قَالَ رَبُّكَ"، "قَالَ رَجُلانِ" فإنها تدغم حيث وقعت لكثرة دورها والميم تسكن عند الباء إذا تحرك ما قبلها فتخفى بغنة نحو:"بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ" وليس في الإدغام الكبير مخفي غير ذلك عند من أخفاه فإن سكن ما قبلها أظهرت نحو: "إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ" ونبه بتسكين الباء على أن الحرف المخفي كالمدغم يسكن ثم يخفى لكنه يفرق بينهما بأنه في المدغم يقلب، ويشدد الثاني بخلاف المخفي، والنون تدغم إذا تحرك ما قبلها في الراء واللام نحو:"تَأَذَّنَ رَبُّكَ"، "نُؤْمِنَ لَكَ" فإن سكن ما قبلها أظهرت عندهما نحو:"يَخَافُونَ رَبَّهُمْ""لِيَكُونَ لَهُمْ" إلا النون من "نَحْنُ" فقط فإنها تدغم نحو: "نَحْنُ لَكَ" لثقل الضمة مع لزومها، ولكثرة دورها فهذا ما أدغمه أبو عمرو وقد شاركه غيره فقرأ حمزة وفاقا له بإدغام التاء في أربعة مواضع وهي:"وَالصَّافَّاتِ صَفًّا، فَالزَّاجِرَاتِ زَجْرًا، فَالتَّالِيَاتِ ذِكْرًا" و"وَالذَّارِيَاتِ ذَرْوًا"[الصافات الآية: 2، 3] و [الذاريات الآية: 1] بغير إشارة واختلف عن خلاد عنه في "فَالْمُلْقِيَاتِ ذِكْرًا"، "فَالْمُغِيرَاتِ صُبْحًا" وبالإدغام قرأ الداني على أبي الفتح والوجهان في الشاطبية1.

1 للإمام القاسم بن فيرة الشاطبي واسمها: حرز الأماني ووجه التهاني. ولكن شهرتها بمتن الشاطبية. [أ] .

ص: 35

وقرأ يعقوب بإدغام الباء في الباء في "وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ"[النساء الآية: 36] وقرأ رويس بإدغام أربعة أحرف كأبي عمرو لكن بلا خلاف "نُسَبِّحَكَ كَثِيرًا، وَنَذْكُرَكَ كَثِيرًا، إِنَّكَ كُنْتَ بِنَا بَصِيرًا"[طه الآية: 33]"فَلا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ"[المؤمنون الآية: 101] واختلف عنه في إدغام اثني عشر حرفا "لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ"[البقرة الآية: 20]"وَجَعَلَ لَكُمُ"1 [النحل الآية: 72] جميع ما في النحل وهو ثمانية "لا قِبَلَ لَهُمْ"[النمل الآية: 37]"وَأَنَّهُ هُوَ أَغْنَى وَأَقْنَى، وَأَنَّهُ هُوَ رَبُّ الشِّعْرَى"[بالنجم الآية: 49] كلاهما بالنجم فأدغمها النخاس من جميع طرقه وكذا الجوهري كلاهما عن التمار، وهو الذي لم يذكر الداني، وأكثر أهل الأداء عن رويس سواه فهو الراجح، ورواها أبو الطيب وابن مقسم كلاهما عن التمار عنه بالإظهار، واختلف عن رويس أيضا لكن من غير ترجيح في أربعة عشر حرفا ثلاثة بالبقرة "فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ""وَالْعَذَابَ بِالْمَغْفِرَةِ""نَزَّلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ" بعدها وفي الأعراف "مِنْ جَهَنَّمَ مِهَادٌ" وفي الكهف "لا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ" وفي مريم "فَتَمَثَّلَ لَهَا" وفي طه "وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي" وفي النحل "وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ " وفي الزمر "وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ الْأَنْعَامِ" وفي الروم "كَذَلِكَ كَانُوا" وفي الشورى "جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ" وفي النجم "وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى""وَأَنَّهُ هُوَ أَمَاتَ وَأَحْيَا" الأولان وفي الانفطار "رَكَّبَكَ، كَلَّا" وروى الأهوازي وابن الفحام إدغام "جَعَلَ لَكُمُ" جميع ما في القرآن وروى الحمامي التخيير فيها.

وروى أبو الكرم الشهرزوري صاحب المصباح عن يعقوب بكماله إدغام جميع ما أدغمه أبو عمرو من المثلين والمتقاربين وإليه الإشارة بقول الطيبة:

وقيل عن يعقوب ما لابن العلا

وكذا ذكره أبو حيان في كتابه المطلوب في قراءة يعقوب، وبه قرأ ابن الجزري عن أصحابه، وحكاه أبو الفضل الرازي واستشهد به للإدغام مع تحقيق الهمزة قال شيخنا؛ وذلك لأنهم لما أطلقوا الإدغام عنه ولم يشترطوا له ما اشترطوا لأبي عمرو دل على إدغامه بلا شرط، قال: وكما دل على الإدغام مع الهمز يدل عليه مع مد المنفصل وهو كذلك كما تقدم التصريح به، واختص يعقوب عن أبي عمرو بإدغام التاء من "رَبِّكَ تَتَمَارَى" [النجم الآية: 55] ورويس بإدغامها من "ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا"[سبأ الآية: 46] وإذا ابتدآ بهاتين الكلمتين فبتاءين مظهرتين موافقة للرسم، والأصل بخلاف الابتداء بتاآت البزي الآتية إن شاء الله تعالى فإنها مرسومة بتاء واحدة فكان الابتداء بها كذلك.

وافق اليزيدي أبا عمرو على إدغام جميع الباب بقسميه اتفاقا واختلافا، والحسن على إدغام المثلين في كلمتين فقط، وزاد تاء المتكلم والمخاطب كـ "كُنْتُ تُرَابًا" "أَفَأَنْتَ

1 وحيث وقعت. [أ] .

ص: 36