الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سورة الفاتحة مكية
1:
وقيل مدنية2 "آيها" سبع متفق الإجمال وخلافها اثنان.
بسم الله الرحمن الرحيم: عدها مكي وكوفي ولم يعد "أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ"[الآية: 7] وعكسه مدني وبصري وشامي، وفيها شبه الفاصلة إياك نعبد.
وسبب: الاختلاف في الآي أن النبي كان يقف على رءوس الآي للتوقيف فإذا علم محلها وصل للإضافة والتمام فيحسب السامع أنها ليست فاصلة وأيضا البسملة نزلت مع السور في بعض الأحرف السبعة، فمن قرأ بحرف نزلت فيه عدها ومن قرأ بغير ذلك لم يعدها3.
القراءات: البسملة هي مصدر بسمل إذا قال: بسم الله كحوقل إذا قال: لا حول ولا قوة إلا بالله، والكلام عليها في مباحث.
الأول: لا خلاف أنها بعض آية من النمل، واختلف فيها أول الفاتحة فذهب إمامنا
1 أي: في قول ابن عباس وقتادة.
2 هو قول أبي هريرة ومجاهد وعطاء. وقيل نزلت مرتين مرة بمكة ومرة بالمدينة والصحيح الأول، وفائدة معرفة المكي والمدني معرفة الناسخ والمنسوخ؛ لأن المدني ينسخ المكي.
3 واعلم أن مدار العدد على أحد عشر رجلا من أهل الأمصار الخمسة: الكوفة والبصرة والمدينة ومكة والشام، فمن أهل الكوفة أبو عبد الرحمن عبد الله بن حبيب السلمي، ومن البصرة عاصم بن العجاج الجحدري وأيوب بن المتوكل، ومن المدينة أبو جعفر يزيد بن القعقاع القاري، وأبو نصاح شيبة بن نصاح مولى أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم، وأبو عبد الرحمن نافع بن أبي نعيم المدني، وأبو إبراهيم إسماعيل بن جعفر بن كثير الأنصاري، ومن مكة مجاهد بن جبير، ومن الشام أبو عمران عبد الله بن عامر اليحصبي، وأبو عمرو يحيى بن الحارث الذماري وأبو حيوة شريح بن مزيد الحضرمي الحمصي.
والعدد الكوفي: هو ما أضيف إلى أبي عبد الرحمن السلمي، والعدد البصري هو ما أضيف إلى عاصم الجحدري، وقيل ما أسند إلى أيوب. والعدد المدني عددان مدني أول، وهو ما أضيف إلى جماعة المدنيين بدون تعيين أحد منهم، وقيل ما أسند إلى غير إسماعيل، والعدد المكي هو ما أضيف إلى مجاهد والعدد الشامي عددان: دمشقي وهو ما أضيف إلى ابن عامر ويحيى، وحمصي وهو ما أضيف إلى شريح، وإذا اتفق المدنيان مع المكي قيل حجازي أو حرمي وإذا اتفق الكوفي مع البصري قيل عراقي وإذا اتفق الدمشقي مع الحمص قيل شامي.
الشافعي رضي الله تعالى عنه إلى أنها آية مستقلة من أول الفاتحة بلا خلاف عنده ولا عند أصحابه، لحديث أم سلمة رضي الله تعالى عنها المروي في البيهقي وصحيح ابن خزيمة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ بسم الله الرحمن الرحيم في أول الفاتحة في الصلاة وعدها آية1، وأيضا فهي آية مستقلة منها في أحد الحروف السبعة المتفق على تواترها، وعليه ثلاثة من القراء السبع ابن كثير وعاصم والكسائي فيعتقدونها آية منها، بل ومن القرآن أول كل سورة، وأما غير الفاتحة ففيها ثلاثة أقوال:
أولها: أنها ليست بآية تامة من كل سورة بل بعض آية، ثانيها: أنها ليست بقرآن في أوائل السور خلا الفاتحة، ثالثها: أنها آية تامة من أول كل سورة سوى براء.
وليعلم: أنه لا خلاف بينهم في إثباتها أول الفاتحة سواء وصلت بالناس أو ابتدئ بها؛ لأنها وإن وصلت لفظا فإنها مبتدأ بها حكما.
الثاني في حكمها: بين السورتين فقالون وورش من طريقي الأصبهاني وابن كثير وعاصم والكسائي، وكذا أبو جعفر بالفصل بينهما بالبسملة؛ لأنها عندهم آية لحديث2 سعيد بن جبير وافقهم ابن محيصن والمطوعي.
واختلف: عن ورش من طريق الأزرق وأبي عمرو وابن عامر وكذا يعقوب في الوصل والسكت، وبالبسملة بينهما جمعا بين الدليلين، فالبسملة لورش في التبصرة وهو أحد الثلاثة في الشاطبية، والوصل بلا بسملة له من العنوان، والمفيد وهو الثاني في الشاطبية، والسكت له في التيسير وبه قرأ الداني على جميع شيوخه، وهو الثالث في الشاطبية3، وهو لأبي عمرو في سائر كتب العراقين، لغير ابن حبش عن السوسي هو أحد الوجهين في الشاطبية والهداية، واختاره الداني ولا يؤخذ من التيسير سواه عند التحقيق، وقطع له بالوصل بلا بسملة صاحب العنوان، والوجيز هو الثاني في الشاطبية كجامع البيان، وقطع له بالبسملة في الهادي والهداية في الوجه الثالث، ورواه ابن حبش عن السوسي وهي لابن عامر في العنوان، وفاقا لسائر العراقيين، والوصل له من الهداية وهو أحد الوجهين في الشاطبية، والسكت له من التبصرة، واختاره الداني وهو الثاني في الشاطبية وقطع به ليعقوب صاحب المستنير كسائر العراقيين، وبالوصل صاحب الغاية وبالبسملة الداني، وافقهم
1 وفي رواية إمامنا الشافعي قال: قالت: قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم فاتحة الكتاب فعد بسم الله الرحمن الرحيم آية، الحمد لله رب العالمين، آية، الرحمن الرحيم، آية، ملك يوم الدين، آيه، إياك نعبد وإياك نستعين، آية، اهدنا الصراط المستقيم، آية صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين، آية، قال القسطلاني: وهذا استدلال جيد لولا أن يقال إن عدها آية من فهم الراوي، قال الذهبي في مختصر السنن: إن كان العد بلسانه في الصلاة فذاك مناف للصلاة، وإن كان بأصابعه فلا يدل على أنها آية من الفاتحة ا. هـ.
2 لفطه كان عليه الصلاة والسلام لا يعلم انقضاء السورة حتى ينزل عليه بسم الله الرحمن الرحيم.
3 وبه قطع له ابن غلبون وابن بليمة.
اليزيدي فالوصل لبيان ما في آخر السورة من إعراب وبناء وهمزات وصل، ونحو ذلك والسكت؛ لأنهما آيتان وسورتان1.
واشترط: في السكت أن يكون من دون تنفس، واختلفت ألفاظهم في التأدية عن زمن السكت فقيل وقفة تؤذن بأسرار البسملة2، وقيل سكتة يسيرة وقيل غير ذلك، قال في النشر: والصواب حمل دون من قولهم دون تنفس على معنى غير، وبه يعلم أن السكت لا يكون إلا مع عدم التنفس3 قل زمنه أم كثر.
ثم: ما ذكر من الخلاف بين السورتين هو عام بين كل سورتين سواء كانتا مرتبتين أم لا، فلو وصل آخر الفاتحة بالأنعام مثلا جازت البسملة وعدمها على ما تقدم، أما لو وصلت السورة بأولها كان كررت كما تكرر سورة الإخلاص فقال محرر الفن الشمس بن الجزري:لم أجد فيه نصا والذي يظهر البسملة قطعا، فإن السورة والحالة هذه مبتدأة كما لو صلت الناس بالفاتحة ا. هـ.
وإذا فصل: بين السورتين بالبسملة جاز لكل من رويت عنه ثلاثة أوجه وصلها بالماضية مع فصلها عنهما؛ لأن كلا من الطرفين وقف تام وفصلها عن الماضية ووصلها بالآتية، قال الجعبري: وهو أحسنها لإشعاره بالمراد، وهو أنها للتبرك أو من السورة، ويمتنع وصلها بالماضية وفصلها عن الآتية، إذ هي لأوائل السور لا لأواخرها، والمراد بالفصل والقطع الوقف4.
وقرأ: حمزة وكذا خلف بوصل آخر السورة بأول التي تليها من غير بسملة؛ لأن القرآن عندهما كالسورة الواحدة وافقهما الشنبوذي والحسن.
وقد اختار: كثير من أهل الأداء عمن وصل لمن ذكر من ورش وأبي عمرو وابن عامر وحمزة، وكذا يعقوب السكت بين المدثر والقيامة وبين الانفطار والمطففين، وبين الفجر والبلد وبين العصر والهمزة، كاختيار الآخذين بالسكت لورش أو أبي عمرو أو ابن عامر أو يعقوب الفصل بالبسملة بين السور المذكورة، لبشاعة اللفظ بلا، وويل والأكثرون على عدم التفرقة5 وهو مذهب المحققين.
الثالث: لا خلاف في حذف البسملة إذا ابتدأت براءة أو وصلتها بالأنفال على
1 أي: وفيه إشعار بالانفصال.
2 أي: وهذا يدل على المهلة.
3 ويؤيده القول بأنه وقفة تؤذن بإسرار البسملة، فإن الزمن الذي يؤذن بإسرارها أكثر من إخراج النفس بلا نظر ا. هـ.
4 أي: كما نص عليه الشاطبي بقوله: فلا تقفن الدهر فيها فتثقلا.
5 أي؛ لأن فيما عدل إليه القائلون بالاختيار المذكور نظر؛ لأنهم فروا من قبيح إلى أقبح منه؛ لأن من وجوه البسملة الوصل فيلتصق معهم الرحيم بويل.
الصحيح وقد حاول بعضهم جوازها في أولها وقال السخاوي إنه القياس ووجهوا المنع بنزولها بالسيف قال ابن عباس رضي الله عنه بسم الله أمان وليس فيها أمان ومعناه أن العرب كانت تكتبها أول مراسلاتهم في الصلح فإذا نبذوا العهد لم يكتبوها قال السخاوي فيكون مخصوصا بمن نزلت فيه ونحن إنما نسمي للتبرك ا. هـ. واحتج للمنع بغير ذلك.
وأما: غير براءة فقد اتفق الكل على الإتيان بالبسملة في أول كل سورة، ابتدءوا بها ولو حكما كأول الفاتحة، حيث وصلت بالناس كما تقدم إلا الحسن فإنه يسمى أول الحمد فقط.
الرابع: يجوز البسملة وعدمها في الابتداء بما بعد أوائل السور ولو بكلمة لكل من القراء تخييرا كذا أطلق الشاطبي كالداني في التيسير، وعلى اختيار البسملة جمهور العراقيين، وعلى اختيار عدمها جمهور المغاربة، ومنهم من خص البسملة بمن فصل بها بين السورتين كابن كثير ومن معه، وبتركها من لم يفصل بها كحمزة ومن معه.
وأما: الابتداء بما بعد أول براءة منها فلا نص للمتقدمين فيه، وظاهر إطلاق كثير كالشاطبي التخيير فيها، واختار السخاوي الجواز، وإلى المنع ذهب الجعبري والصواب كما في النشر: أن يقال إن من ذهب إلى ترك البسملة في أوساط غير براءة لا إشكال في تركها عنده في أوساط براءة، وكذا لا إشكال في تركها عند من ذهب إلى التفصيل، إذ البسملة عندهم وسط السورة تبع لأولها ولا تجوز البسملة أولها فكذا وسطها، وأما من ذهب إلى البسملة في الأجزاء مطلقا فإن اعتبر بقاء أثر العلة من أجلها حذفت أولها وهي نزولها بالسيف كالشاطبي لم يبسمل وإن لم يعتبر بقاء أثرها أو لم يرها علة بسمل بلا نظر والله أعلم.
خاتمة: يعلم مما تقدم من التخيير في الابتداء بالإجراء مع ثبوت البسملة بين السور أنه لا يجوز وصل البسملة بجزء من أجزاء السورة، لا مع الوقف ولا مع وصله بما بعده، إذ القراءة سنة متبعة، وليس أجزاء السورة محلا للبسملة عند أحد، والمنع من ذلك أولى من منع وصلها بآخر السورة، والوقف عليها إذ ذاك محل لها في الجملة، وقد منعت لكون البسملة للأوائل لا للأواخر، قال شيخنا رحمه الله تعالى: هذا ما تيسر من الكلام على البسملة.
وعن الحسن: "الحمد لله" حيث وقع بكسر الدال اتباعا لكسرة لام الجر بعدها1 والجمهور بالرفع على الابتداء والخبر ما بعده أي: متعلقة.
وقرأ: "الرَّحِيمِ، مَالِك"[الآية: 3، 4] بإدغام الميم الأولى في الثانية أبو عمرو بخلف عنه من روايتيه، وكذا يعقوب من المصباح مع مد مالك وافقهما ابن محيصن من المفردة واليزيدي بخلف، والحسن والمطوعي وخص الشاطبي في إقرائه الإدغام بالسوسي والإظهار بالدوري، ويجوز المد والقصر والتوسط في حرف المد السابق قبل المدغم ونظائره.
واختلف في "ملك"[الآية:41] فعاصم والكسائي وكذا يعقوب وخلف بالألف
1 وهي لغة تميم وبعض غطفان يتبعون الأول الثاني للتجانس، ورويت عن زيد بن علي وغيره.
مدا على وزن سامع اسم فاعل من ملك ملكا بالكسر، وافقهم الحسن والمطوعي والباقون بغير ألف على وزن سمع صفة مشبهة أي: قاضي يوم الدين.
وعن: المطوعي مالك بفتح الكاف نصبا على القطع1 أو منادى مضافا توطئة لـ"إياك نعبد" والجمهور بكسرها.
وعن: الحسن "يعبد"[الآية: 5] بالياء من تحت مضمومة مبنيا للمفعول استعار ضمير النصب للرفع والتفت إذ الأصل أنت تعبد2.
وعن: المطوعي "نستعين"[الآية: 5] بكسر حرف المضارعة وهي لغة مطردة في حرف المضارعة بشرطه3.
واختلف في "الصراط، وصراط"[الآية: 6، 7] فقنبل من طريق ابن مجاهد وكذا رويس بالسين حيث وقعا على الأصل؛ لأنه مشتق من السرط وهو البلع وهي لغة عامة العرب وافقهما ابن محيصن4 فيهما والشنبوذي فيما تجرد عن اللام.
وقرأ: خلف عن حمزة بإشمام الصاد الزاي في كل القرآن ومعناه، مزج لفظ الصاد بالزاي5 وافقه المطوعي.
واختلف: عن خلاد على أربع طرق الأولى الإشمام في الأول من الفاتحة فقط6 الثانية الإشمام في حرف الفاتحة فقط7 الثالثة الإشمام في المعرف باللام خاصة هنا، وفي جميع القرآن8 الرابعة عدم الإشمام في الجميع9 والأربعة مستفادة من قول الطيبة الأول أي: بالإشمام قف، وفيه والثاني وذي اللام اختلف، والباقون بالصاد كابن شنبوذ وباقي الرواة من قنبل وهي لغة قريش.
1 أي: أمدح أو أعنبي.
2 أما استعارة ضمير النصب لضمير الرفع فسائغة، وأما الالتفات فكان من حق هذا القارئ، أن يقرأ: إياك تعبد بالخطاب لكونه في جملة واحدة أفاده الشهاب القسطلاني.
3 وذلك أن يكون حرف المضارعة نونا أو تاء، وأن يكون المضارع مفتوح العين وماضيه مكسورها أو يكون ماضيه زائدا على ثلاثة أحرف ومبدوءا بهمزة الوصل نحو:"تعلمون وتفرح وتعثوا وتبخسوا ونطيع ونشتري" ولكن اختلف عنه في ثلاثة مواضع وهي "كي تقر عينها ولا تضحى" كلاهما بـ"طه""وألا تطغوا" بسورة الرحمن ا. هـ.
4 أي: من المفردة.
5 وهي لغة قيس.
6 وهو الذي له في الشاطبية كأصلها وبه قرأ له الداني على أبي الفتح فارس.
7 وهو الذي قطع له باب صاحب العنوان والطرسوسي من طريق ابن شاذان عنه وصاحب المستنير من طريق ابن البحتري عن الوزان عنه.
8 وهو الذي قطع له به أبو علي في الروضة وفاقا لجمهور العراقيين.
9 وهو الذي له في التبصرة والكافي والهداية وفاقا لجمهور المغاربة، وبه قرأ له للداني على أبي الحسن.
وعن: الحسن "اهدنا صراطا مستقيما"[الآية: 6] بالنصب والتنوين فيهما من غير أل.
واختلف: في ضم الهاء وكسرها من "عليهم"[الآية: 7]"وإليهم ولديهم وعليها وإليهما وفيهما وعليهن وإليهن وفيهن وصياصيهم وبجنتيهم وترميهم وما نريهم وبين أيديهن" وما يشبه ذلك من ضمير التثنية والجمع مذكرا أو مؤنثا.
فحمزة: وكذا يعقوب من "عليهم، وإليهم، ولديهم" الثلاثة فقط، حيث أتت بضم الهاء على الأصل؛ لأن الهاء لما كانت ضعيفة لخفائها خصت بأقوى الحركات، ولذا تضم مبتدأة وبعد الفتح والألف والضمة والواو والسكون في غير الياء نحو: هو ولهو ودعاه ودعوه ودعه، وهي لغة قريش والحجازيين، وافقهما المطوعي في الثلاثة والشنبوذي في عليهم فقط، حيث وقع، وزاد يعقوب فقرأ جميع ما ذكر وما شابهه مما قبل الهاء ياء ساكنة بضم الهاء أيضا، وافقه الشنبوذي في عليهما فقط، وهذا كله إذا كانت الياء موجودة فإن زالت لعلة جزم نحو:"وإن يأتهم ويخزهم أو لم يكفهم" أو بناء نحو: "فاستفتهم" فرويس وحده بضم الهاء في ذلك كله إلا قوله تعالى "ومن يولهم يومئذ" بالأنفال فإنه كسرها من غير خلف واختلف عنه في "ويلههم الأمل" بالحجر و"يغنهم الله" في النور "وقهم السيئات، وقهم عذاب الجحيم" موضعي غافر والباقون: بكسر "الهاء في ذلك" كله في جميع القرآن لمجانسة الكسر لفظ الياء أو الكسر وهي لغة قيس وتميم وبني سعد.
واختلف: في صلة ميم الجمع بواو وإسكانها إذا وقعت قبل محرك ولو تقديرا نحو: {أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا} ومما رزقناهم ينفقون فقالون بخلف عنه وابن كثير وكذا أبو جعفر بضم الميم ووصلها بواو في اللفظ، اتباعا للأصل بدليل "دخلتموه، أنلزمكموها" وافقهم ابن محيصن والإسكان لقالون في الكافي والعنوان والإرشاد وكذا في الهداية من طريق أبي نشيط، ومنها قرأ به الداني على أبي الحسن ومن طريق الحلواني على أبي الفتح، والصلة له في الهداية للحلواني، وبها قرأ الداني على أبي الفتح من الطريقين عن قراءته على عبد الله بن الحسين من طريق الجمال عن الحلواني1. واشترطوا في الميم أن تكون قبل محرك ولو تقديرا ليندرج فيه "كُنْتُمْ تَمَنَّوْن، فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُون" على التشديد وأن يكون المحرك منفصلا ليخرج عنه المتصل نحو: "دخلتموه، وأنلزمكموها" فإنه مجمع عليه.
وقرأ ورش: من طريقيه بالصلة إذا وقع بعد ميم الجمع همزة قطع نحو: "عليهم، ءأنذرتهم" إيثارا للمد، وعدل عن نقل حركة الهمزة إلى الساكن قبلها، الذي هو مذهبه؛ لأنه لو أبقى الميم ساكنة لتحركت بسائر الحركات، فرأى تحريكها بحركتها الأصلية أولى2 والباقون
1 وأطلق التخيير له في الشاطبية وفاقا لجمهور أئمة العراقيين جمعا بين اللغتين.
2 هنا سقط ولعلة وعن الحسن قراءتها بالاتباع، يعني إن كان قبل الميم كسرة كسرها نحو: عليهم غير، ويناديهم أين، وفيهم رسولا، وإن كان قبلها ضم ضمها نحو: ءأنذرتهم أم لم، وفيكم رسولا، ومنهم أميون.
بالسكون في جميع القرآن للتخفيف1 وأجمعوا على إسكانها وقفا؛ لأنه محل تخفيف.
واختلف: في ضم ميم الجمع وكسرها وضم ما قبلها وكسره، إذا كان بعد الميم ساكن وقبلها هاء مكسورة ما قبلها كسرة أو ياء ساكنة نحو:"عليهم القتال، ويؤتيهم الله، وبهم الأسباب، وفي قلوبهم العجل""فنافع" وابن كثير وابن عامر وعاصم وكذا أبو جعفر بضم الميم وكسر الهاء في ذلك كله، ووجهه مناسبة الهاء بالياء، وتحريك الميم بالحركة الأصلية، وهي لغة بني أسد وأهل الحرمين، وافقهم ابن محيصن وقرأ أبو عمرو بكسر الهاء لمجاورة الكسرة أو الياء الساكنة وكسر الميم أيضا على أصل التقاء الساكنتين، وافقه اليزيدي والحسن.
وقرأ: حمزة والكسائي وكذا خلف بضمهما؛ لأن الميم حركت للساكن بحركة الأصل وضم الهاء اتباعا لها، وافقهم الأعمش وقرأ يعقوب باتباع الميم الهاء على أصله، فضمها حيث ضم الهاء في نحو:"يريهم الله" لوجود ضم الهاء وكسرها في نحو: "قلوبهم العجل" لوجود الكسرة.
وأما: الوقف فكلهم على إسكان الميم، وهم على أصولهم في الهاء فحمزة بضم الهاء من نحو:"عليهم القتال، وإليهم اثنين" ويعقوب بضم ذلك ونحو: "يريهم الله، ولا يهديهم الله" ورويس في نحو: "يغنهم الله" على أصله بالوجهين.
واتفقوا: على ضم الميم المسبوقة بضم سواء كان في هاء أو كاف أو تاء نحو: "يلعنهم الله، ويلعنهم اللاعنون، عليكم القتال، وأنتم الأعلون" وإذا وقفوا سكنوا الميم، وعن ابن محيصن من المبهج "غَيْرَ الْمَغْضُوبِ" [الآية: 7] بنصب غير على الحال، قيل من الذين وهو ضعيف، وقيل من الضمير في عليهم، وعنه من المفردة الخفض كالجمهور على البدل من الذين بدل نكرة من معرفة، أو من الضمير المجرور في عليهم.
المرسوم: اتفقوا على كتابة "ملك"[الآية: 4] بغير ألف ليحتمل القراءتين وكذا "ملك الملك"[بآل عمران الآية: 26] كما في المقنع ولم يذكره في الرائية، ومقتضاه أن ما عداه يكتب على لفظه، وقد اصطلحوا على حذف ألف فاعل في الأعلام، وقال ابن قتيبة: ما كان من الأسماء أي: الأعلام المنقولة من الصفات على فاعل، وكثر استعماله نحو: صالح ومالك وخالد فحذف ألفه أحسن من إثباتها، فإن حليت باللام تعين الإثبات، واتفقوا أيضا على كتابة الصراط بالصاد معرفا ومنكرا بأي إعراب كان، للدلالة على البدل؛ لأن السين هو الأصل كما تقدم، وكذا ويبصط بالبقرة فخرج يبسط الرزق فإنه بالسين، وكذا كتبوا بالصاد "أم هم المصيطرون" بالطور و"بمصيطر" بالغاشية.
1 أي: لكثرة دور الضمائر مع أمن اللبس وعليه الرسم.