الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب الوقف على أواخر الكلم
من حيث الروم والإشمام:
والوقف عبارة عن قطع النطق على الكلمة الوضعية زمنا يتنفس فيه عامة، فيه استئناف القراءة ولا يأتي في وسط كلمة، ولا فيما اتصل رسما، ولا بد من التنفس معه كما حرره صاحب النشر، والأصل فيه السكون؛ لأن الواقف في الغالب يطلب الاستراحة، فأعين بالأخف، وفي النشر كما عزاه لشرح الشافية الابتداء بالمتحرك ضروري والوقف على الساكن استحساني ا. هـ. قال شيخنا رحمه الله تعالى: وهذا قد يدل على أن مرادهم بالخطأ فيما وقف على متحرك بالحركة الخطأ الصناعي حتى لو وقف بالحركة لم يحرم، وبه أفتى الشهاب الرملي من متأخري الشافعية ثم قال شيخنا: ويمكن أن يراد بالاستحساني ما يقابل الضروري على معنى أن الابتداء بالساكن معتذر، واجتلاب الهمزة ضروري فيه بخلاف الوقف على المتحرك فإنه لا يعتذر، فكان اختيار السكون فيه ولو على سبيل الوجوب استحسانيا، إذا الواجب يقال له حسن ا. هـ. ويجوز الروم والإشمام بشرطه الآتي وورد النص بهما عن أبي عمرو والكوفيين والمختار الأخذ بهما للجميع.
أما الروم فهو الإتيان ببعض الحركة وقفا، فلذا ضعف صوتها لقصر زمنها ويسمعها القريب المصغي وهو معنى قول التيسير هو تضعيفك الصوت بالحركة حتى يذهب معظم صوتها فتسمع لها صوتا خفيا وهو عند القراء غير الاختلاس وغير الإخفاء، والاختلاس والإخفاء عندهم واحد، ولذا عبروا بكل منهما عن الآخر والروم يشارك الاختلاس في تبعيض الحركة ويخالفه في أنه لا يكون في فتح ولا نصب، ويكون في الوقف فقط، والثابت فيه من الحركة أقل من الذاهب، والاختلاس يكون في كل الحركات كما في "أزنا، وأمن لا يهدي، ويأمركم" ولا يختص بالوقف والثابت من الحركة فيه أكثر من الذاهب، وقدره الأهوازي بثلثي الحركة ولا يضبطه إلا المشافهة.
ثم إن الروم يكون في المرفوع والمضموم والمجرور والمكسور نحو: "الله الصمد، ويخلق" ونحو: "من قبل ومن بعد، ويا صالح" ونحو: "دفء، والمرء" وإن وقف بالهمز أو النقل ونحو: "مالك يوم الدين، وفي الدار" ونحو: "هؤلاء فارهبون" ونحو: "بين المرء، ومن شيء وظن السوء" وقف بالهمز أو النقل كما في وقف حمزة.
وأما الإشمام فهو حذف حركة المتحرك في الوقف فضم الشفتين بلا صوت إشارة إلى الحركة، والفاء في فضم للتعقيب، فلو تراخى فإسكان مجرد لا إشمام، وهو معنى قول الشاطبي والإشمام إطباق الشفاه بعيد ما يسكن وهو أتم من تعبير غيره ببعد لعدم إفادته التعقيب والأعمى يدرك الروم بسماعه1 لا الإشمام لعدم المشاهدة إلا بمباشرة، ويكون أولا ووسطا وآخرا خلافا لمكي في تخصيصه بالآخر كما في الجعبري والإشمام يكون في المرفوع والمضموم فقط نحو:"الله الصمد، من قبل ومن بعد" ونحو: "دفء، والمرء" في وقف حمزة ولا يكون في كسرة ولا فتحة2.
ولا يجوز الإشمام ولا الروم في الهاء المبدلة من تاء التأنيث نحو: المحضة الموقوف
1 للمزيد انظر النشر: "2/ 120". [أ] .
2 حيث وقعت. [أ] .
عليها بالهاء نحو: "الجنة، والملائكة، والقبلة، ولعبرة، ومرة، وهمزة، ولمزة" وخرج بقيد التأنيث نحو: "نفقه" وبالمحضة لفظ؛ لأن مجموع الصيغة للتأنيث لا مجرد الهاء، وبالموقوف عليها بالهاء ما يوقف عليه بالتاء اتباعا للرسم فيما كتب بالتاء نحو:"بقيت، وفطرت، ومرضات الله" فيجوز الروم والإشمام؛ لأن الوقف حينئذ على الحرف الذي كانت الحركة لازمة له بخلاف الأولى فإنها بدل من حرف الإعراب، ويمتنعان أيضا في ميم الجمع على قراءة الصلة وعدمها نحو:"عليهم، وفيهم، ومنهم"1 لأنها حركة عارضة لأجل الصلة، فإذا ذهبت عادت إلى أصلها من السكون وكذا يمتنعان في المتحرك بحركة عارضة نقلا كان نحو:"وانحر إن، ومن إستبرق" أو غيره نحو: "قم الليل، وأنذر الناس، ولقد استهزئ، لم يكن الذين، اشتروا الضلالة" لعروضها، ومنه "يومئذ، وحينئذ" لأن كسرة الذال إنما عرضت عند إلحاق التنوين، فإذا زال التنوين وقفا رجعت الذال إلى أصلها من السكون بخلاف "غواش وكل" لأن التنوين دخل فيهما على متحرك، فالحركة فيهما أصلية فكان الوقف عليهما بالروم حسنا.
واختلف في هاء الضمير فذهب كثير منهم إلى جواز الإشارة بهما مطلقا، وهو الذي في التيسير والتجريد والتلخيص وغيرها وذهب آخرون إلى المنع مطلقا، وهو كلام الشاطبي وفاقا للداني في غير التيسير، والمختار كما قاله ابن الجزري منعهما فيها إذا كان قبلها ضم أو واو ساكنة أو كسر أو ياء ساكنة نحو:. "يعلمه، وأمره، وليرضوه، وبه، وفيه، وإليه" وجوازهما إذا لم يكن قبلها ذلك بأن انفتح ما قبل الهاء أو وقع ألف ساكن صحيح نحو: "لن تخلفه، واجتباه، وهداه، ومنه، وعنه، وأرجئه" في قراءة الهمز "ويتقه" عند من سكن القاف قال في النشر: وهو أعدل المذاهب عندي2.
تفريع: إذا وقع قبل الحرف الموقوف عليه حرف مد أو حرف لين ففي المرفوع نحو: "نستعين"[الفاتحة الآية: 5] فهو خير والمضموم نحو: "حيث" سبعة أوجه: ثلاثة منها مع السكون الخالص وهي: المد والتوسط والقصر، وثلاثة كذلك مع الإشمام والسابع الروم مع القصر وفي المجرور نحو:"للرحمن، ومن خوف" والمكسورة كـ"متاب" أربعة: ثلاثة مع السكون الخالص والرابع الروم مع القصر، وفي المنصوب نحو:"لكم طالوت" والمفتوح "كالعالمين ولا ضير" ثلاثة المد والقصر والتوسط فقط، مع السكون وفي نحو:"مصر" الإسكان فقط ونحو: "من الأمر" الإسكان والروم ونحو: "نعبد" الإسكان والروم والإشمام.
تتمة من أحكام الوقف المتفق عليه في القرآن إبدال التنوين بعد فتح غير هاء التأنيث
1 يعني لا يدركه من غيره لما ذكر، وليس المراد أن لا يحسنه، فلا يمكنه الإتيان به كما توهمه بعض الطلبة، بل قد يحسنه أكثر من البصير.
2 انظر النشر في القراءات العشر لابن الجزري: "2/ 125". [أ] .