الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وذهب جماعة: من أهل الأداء إلى الإمالة عن حمزة من روايتيه، ورووا ذلك عنه كما رووه عن الكسائي كالهذلي فإنه لم يحك عنه خلافا في ذلك وآخرون ذكروا الخلاف له، كأبي العز وابن سوار وغيرهما من طريق النهرواني وخصه ابن سوار برواية خلف، وأبي حمدون عن سليم عن حمزة.
وما: ذكر من ذلك عن ابن عامر وخلف في اختياره، وورش إمالة محضة، وعن أبي عمرو وغيره بين بين فانفرادات لا يقرأ بها، والذي عليه العمل كما في النشر هو الفتح لجميع القراء إلا في قراءة الكسائي، وما ذكر عن حمزة والله أعلم.
باب مذاهبهم في ترقيق الراآت وتفخيمها
…
باب مذاهبهم في ترقيق الراءات وتفخيمها:
الترقيق من الرقة ضد السمن، فهو عبارة عن إنحاف ذات الحرف، ونحوله والتفخيم من الفخامة وهي: العظمة والكبر فهو عبارة عن ربو الحرف، وتسمينه فهو، والتغليظ واحد إلا أن المستعمل في الراء في ضد الترفيق لفظ التفخيم، وفي اللام التغليظ وهو أعني التفخيم الأصل في الراء على ما ذهب إليه الجمهور لتمكنها في ظهر اللسان، وقال آخرون: ليس لها أصل في تفخيم ولا ترقيق، وإنما يعرض لها ذلك بحسب حركتها أو مجاورها، قال في النشر: والقولان محتملان والثاني أظهر لورش من طرق المصريين.
ثم إن الراء تكون متحركة وساكنة، فالمتحركة مفتوحة ومضمومة ومكسورة، وكل من الثلاثة مبتدأة ومتوسطة ومتطرفة، فأما المفتوحة في أحوالها الثلاثة فيكون قبلها متحرك وساكن، ويكون الساكن ياء وغيرها فالمتحرك نحو:"ورزقكم، وقال ربكم، برسولهم، لحكم ربك" ونحو: "رسل ربنا" ونحو: "فراشا، وكراما" ونحو: "فرقنا" ونحو: "غرابا، وفرادى" ونحو: "سفرا، وبشرا، ومختصرا" ونحو: "البقر، والقمر" ونحو: "شاكرا، ومنتصرا" ونحو: "بصائر، وليغفر" ونحو: "نشرا، ونذرا" ونحو: "كبر، وليفجر" والساكن نحو: "في ريب" ونحو: "بل ران، على رجعه" ونحو: "حيران، والخيرات" ونحو: "أغرينا، وأجرموا" ونحو: "الإكرام، ومدرارا" ونحو: "خيرا" ونحو: "قديرا، وخبيرا" ونحو: "الخير، والطير" ونحو: "الفقير، والكثير" ونحو: "أجرا، وبدارا" ونحو: "فار، واختار" ونحو: "ذكرا، وسترا" ونحو: "عذرا، وغفورا" ونحو: "فمن اضطر" ونحو: "الذكر، والسحر، وذكرك" فهذه أقسام المفتوحة بجميع أنواعها1.
وأجمع القراء: على تفخيم الراء في ذلك كله، إلا إذا كانت متطرفة أو متوسطة وقبلها ياء ساكنة أو كسرة متصلة لازمة، فقرأ الأزرق عن ورش بترقيقها إلا أن يكون بعد المتوسطة حرف استعلاء، ووقع ذلك في كلمتين "صراط" حيث جاء "وفراق" في الكهف
1 هذه الكلمات حيث وقعت في القرآن الكريم رققت فيها الراء. [أ] .
والقيامة أو تتكرر الراء ووقع في ثلاث كلمات "ضرارا وفرارا، والفرار" فتفخمها في ذلك كسائر القراء، وخرج بقيد الكسرة نحو:"يرون" وبالمتصلة نحو: "أبوك، امرأ" وباللازمة باء الجر ولامه نحو: "برشيد، لربه" وكذا يرققها إذا حال بين الكسرة وبينها ساكن نحو: "إكراه، وإجرامي، والذكر، والسحر" لأنه حاجز غير حصين لكن بشرط أن لا يكون الساكن حرف استعلاء، ولم يقع إلا في الصاد في "إصرا" [البقرة الآية: 286] و"أصرهم"[الأعراف الآية: 157] و"مصرا" منونا [البقرة الآية: 61] وغير منون [يونس الآية: 87] و [يوسف الآية: 21] و [الزخرف الآية: 51] وفي الطاء في "قطرا"[الكهف الآية: 96] و"فطرت الله"[الروم الآية: 30] وفي القاف، وقرأ بالذاريات فيفخمها كسائر القراء للتنافر وعدم التناسب، وأما الخاء ففي
"إخراج" حيث جاء فرقق راءه وأجرى الخاء مجرى الحروف المستفلة لضعفها بالهمس، وإن وقع بعد الراء حرف استعلاء فإنه يفخمها أيضا وذلك في "إعراضا" [النساء الآية: 128] و"إعراضهم"[الأنعام الآية: 35] واختلف في "الإشراق" كما يأتي قريبا إن شاء الله تعالى، وكذا يفخمها إذا تكررت ووقع من ذلك بعد الساكن "مدرارا، وأسرارا" وكذا يفخمها إذا كانت في اسم أعجمي، وذلك في ثلاثة "إبراهيم، وعمران، وإسرائيل" حيث وقعت.
واختلف: الرواة عن الأزرق في ألفاظ مخصوصة وأصل مطرد فالألفاظ المخصوصة "إرم" بالفجر و"سراعا، وذراعا، وذراعيه، وافتراء على الله، وافتراء عليه، ومراء، وساحران، وتنتصران، وطهرا، وعشيرتكم" بالتوبة "وحيران، ووزرك، وذكرك" بألم نشرح و"وزر أخرى، وإجرامي، وحذركم، ولعبرة، وكبره، والإشراق" بـ"ص" و"حَصِرَتْ صُدُورُهُم".
"فأما إرم"[الفجر الآية: 7] فرققها صاحب العنوان وشيخه ومكي وفخمها الآخرون، وهو الذي في الشاطبية كأصلها والوجهان صحيحان.
وأما "سراعا، وذراعا، وذراعيه"1 ففخمها طاهر بن غلبون وابن شريح وصاحب العنوان وشيخه والطبري ورققها الآخرون، وذكر الوجهين ابن بليمة والداني في جامعة.
وأما: "افتراء على الله، وافتراء عليه، ومراء"2 ففخمها ابن غلبون في التذكرة وابن بليمة وأبو معشر ورققها الآخرون والوجهان في الجامع.
وأما: "ساحران، وتنتصران، وطهرا بيتي" ففخمها من أجل ألف التثنية أبومعشر وابن بليمة وأبوالحسن بن غلبون ورققها الآخرون وهم في جامع البيان.
1 و2 حيث وقعت. [أ] .
وأما: "وعشيرتكم"[التوبة الآية: 24] ففخمها المهدوي وابن سفيان وصاحب التجريد ورققها الآخرون.
وأما: "حيران"[الأنعام الآية: 71] ففخمها ابن خاقان، وبه قرأ الداني عليه وصاحب التجريد، ورققها صاحب العنوان والتذكرة، وأبو معشر وقطع به في التيسير وتعقبه في
النشر بأنه خرج بذلك عن طريقيه فيه، وهما في الشاطبية كجامع البيان.
وأما: "وزرك، وذكرك"[ألم نشرح الآية: 2، 4] ففخمهما المهدوي ومكي وفارس وابن سفيان وغيرهم، ورققهما الآخرون وحكى الوجهين في جامع البيان.
وأما: "وِزْرَ أُخْرَى"[الإسراء الآية: 15] ففخمه مكي والمهدوي والصقلي وابن سفيان وأبو الفتح ورققه الآخرون.
وأما: "حذركم"[النساء الآية: 71، 102] ففخمه ابن سفيان والمهدوي ومكي وابن شريح ورققه الآخرون.
وأما "لعبرة، وكبره"[آل عمران الآية: 13] و [النور الآية: 11] ففخمها مكي والمهدوي والصقلي وابن سفيان ورققهما الآخرون.
وأما "الإشراق"[ص الآية: 18] فرققه من أجل كسر حرف الاستعلاء صاحب العنوان وشيخه الطرسوسي وهو أحد الوجهين في التذكرة وجامع البيان وفخمه الآخرون.
وأما: "حَصِرَتْ صُدُورُهُم"[النساء الآية: 90] ففخمه وصلا من أجل حرف الاستعلاء بعد الصقلي وابن سفيان والمهدوي، ورققه الجمهور في الحالين وهو الأصح كما في النشر قال: ولا اعتبار بوجود حرف الاستعلاء بعد لانفصاله وللإجماع على ترقيق "الذكر صفحا، والمدثر قم" ولا خلاف في ترقيقها وقفا.
وبقي من أقسام المفتوحة مما اختص الأزرق بترقيقه الراء الأولى من "بشر"[المرسلات الآية: 32] فذهب الجمهور إلى ترقيقه في الحالين من أجل الكسرة المتأخرة فهو خارج فيها عن أصله المتقدم، وقطع بذلك في الشاطبية كأصلها وحكيا عليه اتفاق الرواة فهو ترقيق لترقيق كالإمالة للإمالة وذهب الآخرون إلى تفخيمه كابن سفيان والمهدوي وصاحب العنوان وشيخه وابن بليمة ولا خلاف عند هؤلاء في تفخيمه وقفا أيضا، وكذا الراء التي بعدها إذ وقف بالسكون، فإن وقف بالروم رققت عندهم مع تفخيم الأولى قال في النشر: وقياس ترقيقه ترقيق الضرر قال: ولا أعلم أحدا من أهل الأداء روى ترقيقه، وأما الأصل المطرد المنون من الأقسام المتقدمة وهو على أقسام:
الأول: أن تكون الراء بعد كسرة مجاورة وهو في ثمانية عشر حرفا "شاكرا، صابرا، ناصرا، سامرا، ظاهرا، حاضرا، طائرا، عاقرا، مدبرا، مبصرا، فاجرا، كافرا، ذاكرا، مهاجرا، مبشرا، منتصرا، مغيرا، خضرا، مقتدرا".
الثاني: أن يحول بين الراء والكسرة ساكن صحيح مظهرا أو مدغم في ثمانية أحرف "ذكرا، سترا، حجرا، وزرا، إسرا، صهرا، سرا، مستقرا".
الثالث: ـن تكون الراء بعد ياء ساكنة وتكون حرف مد، إما على وزن فعيل وهو اثنا عشر حرفا "قديرا، خبيرا، كثيرا، كبيرا، بشيرا، نذيرا، بصيرا، وزيرا، عسيرا، صغيرا، حريرا، أسيرا" وإما على غير ذلك وهو ثلاثة عشر "تقديرا، تطهيرا، تبذيرا، تفجيرا، تكبيرا، تتبيرا، تدميرا، تفسيرا، قواريرا، قمطريرا، مستطيرا، زمهريرا، منيرا" وحرف لين في ثلاثة "سيرا، طيرا، خيرا"1.
فمنهم: من رقق الراء له في جميع ما ذكر مطلقا في الحالين على القياس كصاحب التذكرة والعنوان والتلخيص، وبه قرأ للداني على أبي الحسن.
ومنهم: من فخمه مطلقا في الحالين لأجل التنوين كأبي الطيب والهذلي وجماعة، وذهب الجمهور إلى التفصيل بين "ذكرا" وبابه فيفخم ما عدا "سرا، ومستقرا" لذهاب الفاصل لفظا بالإدغام، ومن هؤلاء من استثنى من الكلمات الست "صهرا" فرققه ابن سفيان وابن شريح والمهدوي، ولم يستثنه الشاطبي كالداني وغيره، ففخموه وبين غيره فيرقق.
واختلف: هؤلاء الجمهور في غير "ذكرا" وبابه سواء كان ذلك الغير بعد ياء نحو: "تقديرا، وخبيرا، وخيرا" وبعد كسرة نحو: "شاكرا" وبابه فرققه بعضهم في الحالين كالداني والشاطبي وابن بليمة وابن الفحام، وفخمه الآخرون وصلا فقط لأجل التنوين، ورققوه وقفا كالمهدوي وابن سفيان، وأجمع الكل على استثناء "مصرا، وأصرا، وقطرا، ووقرا" لأجل حرف الاستعلاء.
والحاصل: أنه إذا جمع بين المسألتين وحكي فيهما الخلاف فيكون فيهما قول بالتفخيم مطلقا، وقول بالترقيق مطلقا، وقول بالفرق بين باب ذكرا فيفخم في الحالين في الألفاظ الست إلا "صهرا" [الفرقان الآية: 54] عند بعض منهم وبين غيره فيرقق في الحالين، وقول كذلك يرقق في غير "ذكرا" وبابه لكن في الوقف دون الوصل، وفي فهم ما ذكر من متن الطيبة خفاء والأقرب كما قال شيخنا رحمه الله تعالى: إن يراد بقوله: وجل تفخيم ما نون عنه إلخ أنه عظم التفخيم في الوصل وقل في الوقف؛ وذلك لأن التفخيم في الوصل ثابت فيما ذكر عند القائلين بالتفخيم مطلقا، وعند من قال به في الوصل فجلالته لثبوته من الطريقين، وليس المراد أنه جل بالنسبة للترقيق في الحالين فلا يشكل بأن الترقيق فيهما هو الأشهر ا. هـ.
تنبيه: ذهب أبو شامة2 إلى التسوية في التفخيم بين ذكرا وبابه وبين المضموم الراء
1 حيث وقعت. [أ] .
2 في شرحه لمتن الشاطبية: "1/ 180"[أ] .
نحو: "هذا ذكر" وأخذه الجعبري منه مسلما، وتمحل لإخراج ذلك من كلام الحرز في قوله وتفخيمه:"ذكرا وسترا" وبابه إلخ.... فقال ومثالا الناظم لا على العموم، وفذكر مبارك مثال للمضموم ونصبها لإيقاع المصدر عليها، ولو حكاها لأجاد، ثم قال: ولو قال:
مثل كذكرا رقيق للأقل وشا
…
كراخبير الأعيان وسرا تعدلا
لنص على الثلاثة ا. هـ. وتعقبه في النشر فقال: هذا كلام من لم يطلع على مذاهب القوم في اختلافهم في ترقيق الراءات وتخصيصهم المفتوحة بالترقيق دون المضمومة، وإن من مذهبه ترقيق المضمومة لم يفرق بين "ذكر، وساحر، وقادر، ومستمر، ويقدر، ويغفر" كما يأتي ا. هـ. وبقي من قسم المفتوحة ما أميل منها كبرى، أو صغرى نحو:"ذكرى، وبشرى، وسكارى" وحكمه الترقيق بلا خلاف والله أعلم.
وأما: الراء المكسورة فلا خلاف في ترقيقها لجميع القراء سواء كانت كسرتها لازمة أو عارضة نحو: "رزق، رجال، فارض، الطارق، اصري، بالزبر، والفجر" ونحو: "فليحذر الذين يخالفون، فلينظر الإنسان"[النور الآية: 63] و [الطارق الآية: 5] ونحو: "وانحر إن، وانتظر إنهم"[الكوثر الآية: 2، 3] و [السجدة الآية: 30] حال النقل.
وأما: المضمومة فأجمعوا على تفخيمها في كل حال إلا أن الأزرق يرققها أيضا، إذا كانت بعد ياء ساكنة، أو كسرة سواء كانت الراء وسطا أو آخرا منونة، أو غير منونة نحو:"سيروا، كبيرهم، غيره، كافرون، ينتصرون" ونحو: "قدير، وخبير، وحرير، وخير" وكذا لو فصل بين الكسرة والراء ساكن نحو: "ذكركم، وعشرون، وذكر، والسحر" هذا مذهب الجمهور من أهل الأداء من المصريين والمغاربة كالداني وشيخه أبي الفتح والخاقاني وابن بليمة ومكي وابن الفحام والشاطبي وغيرهم، وصححه في النشر وأشار إليه في طيبته بقوله:
كذاك ذات الضم رقق في الأصح1
وروى جماعة تفخيمها ولم يجروها مجرى المفتوحة، وهو مذهب طاهر بن غلبون وصاحب العنوان وشيخه وصاحب المجتبي وغيرهم، واختلف الآخذون بالترقيق في كلمتين: عشرون، وكبر ما هم ببالغيه، ففخمها فيهما منهم مكي وابن سفيان والمهدوي وغيرهم، ورققها الداني وشيخاه أبو الفتح والخاقاني وابن بليمة والشاطبي وغيرهم.
تفريع: إذا جمع بين ما ذكر في المضمومة وبين ما تقدم من الخلاف في "حذركم" في قوله تعالى: "خَذُوا حِذْرَكُمْ فَانْفِرُوا"[النساء: الآية 71] حصل ثلاثة أوجه تفخيم "حذركم" وترقيق "فانفروا" لأن من نقل عنهم تفخيم الأول ينقل عن أحد
1 انظر متن طيبة النشر: "342". [أ] .
منهم تفخيم الثاني والترقيق فيهما من طريق الداني ومن معه والترقيق في "حذركم" والتفخيم في "فانفروا" من طريق طاهر بن غلبون ومن معه، أما تفخيمهما فلا يعلم للأزرق من الطرق المذكورة، نبه عليه شيخنا رحمه الله تعالى، ثم قال: لكن في النشر بعد الذين ذكرهم للتفخيم في المضمومة قوله: وغيرهم ويحتمل أن يكون فيهم من يقول بالتفخيم في "حذركم" فلا يقطع حينئذ بنفي التفخيم فيهما.
وأما: الراء الساكنة وتكون أيضا أولا ووسطا وآخرا ويكون قبلها فتح نحو: "وارزقنا، وارحمنا" ونحو: "برق، والعرش، وصرعى، ومريم، والمرء" ونحو: "يغفر، ولا تذر، لا يسخر، ولا يقهر" وضم نحو: "اركض" ونحو: "القرآن، والفرقان" ونحو: "فانظر، وأن اشكر، فلا تكفر" وكسر نحو: "أم ارتابوا، يا بني اركب" ونحو: "فرعون، شرعة، مرية، أحصرتم، ويتفطرن، وقرن" وقد أجمع القراء على تفخيمها إذا توسطت بعد فتح نحو: "العرش" أو ضم "كالقرآن" واختلف في ثلاث كلمات وهي "قرية، ومريم" حيث وقعا و"المرء وقلبه" بالأنفال مما قبله فتح فذهب بعضهم إلى الترقيق لكل القراء في الثلاث من أجل الياء والكسرة كالأهوازي وغيره، وذهب ابن شريح ومكي وجماعة إلى ترقيق الأولين فقط، من أجل الياء، وغلط الحصري من فخمها فبالغ في ذلك، وذهب بعضهم إلى ترقيق الثلاث للأزرق فقط، كابن بليمة وغيره والصواب كما في النشر التفخيم في الثلاث لكل القراء، ولا فرق بين الأزرق وغيره فيها.
وإن وقعت: الراء الساكنة بعد كسرة فإن كانت الكسرة عارضة فلا خلاف في تفخيمها أيضا نحو: "أم ارتابوا، رب ارجعون، لمن ارتضى" وإن كانت لازمة فلا خلاف في ترقيقها نحو: "فرعون، مرية، أحصرتم، اصبروا، لا تصاعر".
أما: إذا وقع بعدها حرف استعلاء متصل فلا خلاف في تفخيمها حينئذ والواقع منه في القرآن العظيم "قرطاس"[الأنعام الآية: 7] و"فرقة، وإرصادا"[التوبة الآية: 122، 107] و"مرصادا"[النبأ الآية: 21] و"بالمرصاد"[الفجر الآية: 14] والمراد بالكسرة اللازمة التي تكون على حرف أصلي أو منزل منزلته يخل إسقاطه بالكلمة والعارضة بخلاف ذلك، وهو باء الجر ولامه وهمزة الوصل وقيل العارضة ما كانت على حرف زائد، وتظهر فائدة الخلاف في "مرفقا" [الكهف الآية: 16] في قراءة كسر الميم وفتح الفاء فعلى الأول تكون لازمة فترقق الراء معها، وهو الصواب كما في النشر لإجماعهم على ترقيق "المحراب" للأزرق وتفخيم "مرصاد" لأجل حرف الاستعلاء بعد لا من أجل عروض الكسرة قبل، وعلى الثاني تكون عارضة فتفخم وعليه الصقلي.
واختلف في "فرق"[الشعراء الآية: 63] فذهب إلى ترقيقه لضعف حرف
الاستعلاء بالكسر جمهور المغاربة والمصريين، وذهب إلى تفخيمه سائر أهل الأداء، والوجهان في الشاطبية وجامع البيان والإعلان، قال في النشر: والوجهان صحيحان إلا أن النصوص متوافرة على الترقيق، وحكى غير واحد الإجماع عليه، ثم قال: والقياس إجراء الوجهين في فرقة حال الوقف لمن أمال هاء التأنيث، ولا أعلم فيه نصا ا. هـ.
وخرج بقيد الاتصال في حرف الاستعلاء نحو: "فاصبر صبرا، أنذر قومك، تصاعر خدك" فليس فيه إلا الترقيق هذا حكم الراء في الوصل، فإن وقف على الراء المتطرفة بالسكون أو الإشمام فإن كان قبلها كسرة نحو:"بعير" أو ساكن بعد كسرة نحو: "الشعر" أو ياء ساكنة نحو: "خير، ولا ضير" أو ألف ممالة بنوعيها نحو: "في الدار" أو راء مرققة نحو: "بشرر" عند من رقق الأولى للأزرق رققت الراء في ذلك كله إلا إذا كان الساكن بعد الكسرة حرف استعلاء نحو: "مصر، وعين القطر" فاختلف في ذلك فأخذ بالتفخيم جماعة كابن شريح وهو قياس مذهب الأزرق من طريق المصريين، وأخذ آخرون بالترقيق نص عليه الداني في الجامع وكتاب الراءات له وهو الأشبه بمذهب الجماعة، واختار في النشر التفخيم في مصر والترقيق في القطر قال: نظرا للوصل وعملا بالأصل أي: وهو الوصل.
وإن كان قبلها غير ذلك فخمت مكسورة في الوصل أولا نحو: "الحجر، ولا وزر، وليفجر، والنذر، والفجر، وليلة القدر" وجوز بعضهم ترقيق المكسورة من ذلك لعروض الوقف وخص آخر ذلك بالأزرق والصحيح التفخيم للكل وإن وقفت عليها بالروم جرت مجراها في الوصل فإن كانت حركتها كسرة رققت للكل وإن كانت ضمة فإن كان قبلها كسرة أو ساكن قبله كسرة أو ياء ساكنة رققت للأزرق وفخمت لغيره وإن كان قبلها غير ذلك فخمت للكل.
خاتمة قوله: "أن أسر" إذا وقف عليه بالسكون في قراءة من وصل وكسر النون فإن الراء ترقق، أما على القول بعروض الوقف فظاهر، وأما على القول الآخر فإن الراء قد اكتنفها كسرتان وإن زالت الثانية وقفا فإن الكسرة قبلها توجب الترقيق، فإن قيل هي عارضة فينبغي التفخيم مثل "أم ارتابوا" فالجواب أن يقال: كما أن الكسر عارض فالسكون عارض، ولا أولوية لأحدهما فيلغيان معا، ويرجع إلى كونها في الأصل مكسورة فترقق، وأما على قراءة الباقين وكذا "فأسر" في قراءة من قطع ومن وصل فمن لم يعتد بالعارض رقق أيضا، وأما على القول الآخر أي: وهو الصحيح كما تقدم فيحتمل التفخيم للعروض، ويحتمل الترقيق فرقا بين كسرة الإعراب وكسرة البناء؛ لأن الأصل أسري بياء حذفت الياء لبناء الفعل، فيبقى الترقيق دلالة على الأصل وفرقا بين ما أصله الترقيق وما عرض له، وكذا الحكم في "واليل إذا يسر" في الوقف بالسكون على قراءة حذف الياء، فحينئذ يكون الوقف عليه بالترقيق أولى والوقف على "والفجر" بالتفخيم أولى قاله في النشر وقوله:"والفجر" بالتفخيم أولى تقدم أن الصحيح فيه التفخيم للكل ومقابلة الواهي يعتبر عروض الوقف والله تعالى أعلم1.
1 للمزيد عن هذا الباب انظر كتاب النشر في القراءات العشر للعلامة محمد بن الجزري: "2/ 90، 110". [أ] .