الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقوله وهي بالأصل أي: في الرواية الابتداء، وهو الهمز، وعليه الرسم والله أعلم.
فإن كان الساكن والهمز في كلمة واحدة فجاء النقل في كلمات مخصوصة، وهي "القرآن، وردأ، وسل، وملء" فأما "القرآن" كيف وقع منكرا ومعرفا فقرأه ابن كثير بالنقل وافقه ابن محيصن والباقون بالهمز من غير نقل وأما "ردأ، يصدقني"[الآية: 34 بالقصص] فقرأه بالنقل نافع وكذا أبو جعفر، إلا أن أبا جعفر أبدل من التنوين ألفا في الحالين1 على وزن إلى كأنه أجرى الوصل مجرى الوقف، ووافقه نافع في الوقف وليس من قاعدة نافع النقل في كلمة إلا هذه، ولذا قيل إنه ليس نقلا وإنما هو من أرادأ على كذا أي: زاد وافق على النقل ابن محيص بخلف عنه، وأما "سئل" وما جاء من لفظه إذا كان فعل أمر وقبل السين واو أو فاء نحو:"وسئلوا الله من فضله، وسئل القرية، فسئل الذين، فسئلوهن" فقرأه بالنقل ابن كثير والكسائي وكذا خلف وافقهم ابن محيص، والباقون بالهمز وأما "ملء الأرض" [آل عمران الآية: 91] فقرأه ورش من طريق الأصبهاني، وكذا ابن وردان بخلف عنهما بالنقل، والوجهان من النقل وعدمه صحيحان عن كل منهما كما في النشر والله أعلم2.
1 أي: في حالة الوصل وفي حالة الوقف سواء. [أ] .
2 حيث وقعت في القرآن الكريم. [أ] .
باب السكت على الساكن قبل الهمز وغيره:
السكت قطع الصوت زمنا هو دون زمن الوقف عادة من غير تنفس، فلا يجوز معه تنفس كما حققه في النشر بخلاف الوقف، فإنه كما يأتي قطع الصوت على الكلمة زمنا يتنفس فيه عادة، ولا بد من التنفس فيه، ولا يقع في وسط كلمة ولا فيما اتصل رسما بخلاف السكت فيهما، فقول الأصل هنا هو أي: السكت قطع الصوت آخر الكلمة تبع فيه النويري التابع للجعفري وفيه قصور، ولا يجوز السكت إلا على ساكن ويقع بعد همز وغيره، فالأول إما منفصل أو متصل، وكل منهما حرف مد وغيره، فالمنفصل غير حرف المد نحو:"من آمن، خلوا إلى، ابني آدم، حامية ألهيكم" ونحو: "الأرض، والآخرة، الإيمان" مما اتصل خطا والمنفصل بحرف المد "بما أنزل، قالوا آمنا، في أذانهم، بربه أحدا" لو اتصل رسما "كهؤلاء" والمتصل بغير حرف المد نحو: "قرآن، وظمآن، وشيء، وشيأ، مسئولا، الخبء، المرء، دفء" والمتصل بحرف المد نحو: "أولئك، إسرائيل، جاء، السماء، نباء، يضيء، قروء، هنيأ، مريأ"3.
وقد ورد السكت عن حمزة وابن ذكوان وحفص وإدريس إلا أن حمزة أشد القراء عناية به، ولذا اختلف عنه الطرق، واضطربت الرواة والذي تحصل حسبما صح عنه
1 حيث وقعت في القرآن الكريم. [أ] .
2 للمزيد انظر هذا الباب في كتاب النشر للعلامة ابن الجزري: "1/ 419". [أ] .
وقرأنا به من طرق طيبة النشر التي هي طرق الكتاب سبع طرق.
أولهما: السكت عنه من روايته على لام التعريف "وشيء" كيف جاء مرفوعة ومنصوبة ومجرورة وهو المعنى يقول بالطيبة: والسكت عن حمزة في "شيء" وأل وبه أخذ صاحب الكافي وغيره، وهو أحد المذهبين في الشاطبية كأصلها وبه قرأ الداني على أبي الحسن بن غلبون إلا أن روايته في التذكرة وإرشاد أبي الطيب وتخليص ابن بليمة هو المد في "شيء" مع السكت على لام التعريف فقط.
ثانيهما: السكت عنه من الروايتين على "أل، وشيء" أيضا والساكن المنفصل غير حرف المد، وهو المراد بقولها: والبعض معهما له فيما انفصل وعليه صاحب العنوان وشيخه الطرسوسي ونص عليه في الجامع ورواه بعضم من رواية خلف خاصة، وهو الثاني في الشاطبية كأصلها.
ثالثها: السكت عنه من الروايتين مطلقا أي: على "أل وشيء" والساكن المنفصل والمتصل غير حرف المد، وهو مذهب ابن سوار وابن مهران وغيرهما، وإليه الإشارة بقولها: والبعض مطلقا.
رابعها: السكت عنه من الروايتين على جميع ما ذكر وعلى حرف المد المنفصل وهذا مذهب الهمداني وغيره.
خامسها: السكت عنه منهما على جميع ذلك، وعلى المتصل أيضا، وعليه أبو بكر الشذائي، والهذلي، وغيرهما وإلى الطريقين الإشارة بقولها، وقيل: بعد مد لشموله لهما.
سادسها: ترك السكت مطلقا عن خلاد، وهو مذهب فارس بن أحمد1، ومكي2، وابن شريح3، وغيرهم وذكره صاحب التيسير من قراءته على أبي الفتح وتبعه الشاطبي وغيره وهو المعني بقولها: أوليس عن خلاد السكت أطرد.
سابعها: عدم السكت مطلقا عن حمزة من روايتيه جميعا، وهو مذهب المهدوي وشيخه ابن سفيان، وهو المراد بقولها: قيل ولا عن حمزة قال في النشر: وبكل ذلك قرأت من طريق من ذكرت، ثم اختار السكت عن حمزة في غير حرف المد للنص الوارد عنه أن المد يجزي عن السكت4.
تنبيهان: الأول: في النشر من كان مذهبه عن حمزة السكت أو عدمه إذا وقف فإن
1 الإمام فارس بن أحمد شيخ الداني صاحب كتاب التيسير: النشر: "1/ 58". [أ] .
2 الإمام مكي القيسي صاحب كتاب التبصرة: النشر: "1/ 70". [أ] .
3 الإمام ابن شريح صاحب كتاب الكافي: النشر: "1/ 67". [أ] .
4 انظر النشر: "1/ 422". [أ] .
كان الساكن والهمزة في كلمة فإن تخفيف الهمز الآتي إن شاء الله تعالى ينسخ السكت والتحقيق، يعني فلا يكون له في نحو:"مسئولا، ومذؤما، وأفئدة"1 حالة الوقف سوى النقل، ويضعف جدا التسهيل بين بين، وإن كان الساكن في كلمة، والهمز أول أخرى فإن الذي مذهبه تخفيف المنفصل ينسخ تخفيفه سكته وعدمه بحسب ما يقتضيه التخفيف، وكذلك لا يجوز له في نحو "الأرض، الإنسان"2 سوى وجهين: وهما النقل والسكت؛ لأن الساكنين عنه على لام التعريف وصلا منهم من ينقل وقفا، ومنهم من لا ينقل بل يسكت في الوقف أيضا، وأما من لم يسكت عنه فإنهم مجمعون على النقل وقفا ليس عنهم في ذلك خلاف ويجيء في نحو:"قد أفلح، من أفلح، من آمن، قل أوحي"3 الثلاثة الأوجه أعني السكت وعدمه والنقل وكذا تجيء الثلاثة في نحو: "قالوا آمنا، وفي أنفسكم، وما أنزلنا" أما "يا أيها، وهؤلاء" فلا يجيء فيه سوى وجهين التحقيق والتسهيل ويمتنع السكت؛ لأن رواة السكت فيه مجمعون على تخفيفه وقفا فامتنع السكت عليه حينئذ.
الثاني: لا يجوز مد "شيء" لحمزة حيث قرئ به إلا مع السكت، إما على لام التعريف فقط أو على المنفصل كما في النشر، وتقدم ذلك في باب المد مع التنبيه على أن المراد بمد "شيء" لحمزة التوسط لا الإشباع، والله أعلم هذا ما يتعلق بسكت حمزة.
وأما ابن ذكوان ففي المبهج السكت له بخلف عنه من جميع الطرق على ما ذكر مطلقا، غير المد بقسميه وخصه صاحب الإرشاد والحافظ أبو العلاء لطريق العلوي عن النقاش عن الأخفش، إلا أن أبا العلاء خصه بالمنفصل ولام التعريف و"شيء وشيأ" وجعله دون سكت حمزة، وكذا رواه الهذلي من طريق السين عن ابن الأخرم عن الأخفش وخصه بالكلمتين "وليعلم" أن السكت لابن ذكوان من هذه الطرق كلها مع التوسط إلا من الإرشاد، فمع المد الطويل والجمهور عنه على ترك السكت من جميع الطرق.
وأما حفص فاختلف أصحاب الأشناني عن عبيد الله بن الصباح في السكت عنه، ففي الروضة على ما كان منفصلا ومتصلا سوى المد، وفي التجريد من قراءته على الفارسي عن الحمامي عنه على المنفصل ولام التعريف و"شيء" فقط قال في النشر: وبكل من السكت والإدراج يعني عدم السكت قرأت من طريقه يعني الأشناني والله أعلم "و" لا يكون السكت لحفص إلا مع مد المنفصل؛ لأن راوي السكت وهو الأشناني ليس له إلا مده، وأما القصر فمن طريق الفيل عن عمرو عن حفص كما تقدم وليس له سكت.
وأما إدريس عن خلف في اختياره فروى الشطي، وابن بويان عنه السكت في
1 و2 و3 حيث وقعت. [أ] .
المنفصل ولام التعريف، وروى عنه المطوعي على ما كان من كلمة وكلمتين عموما نص عليه في المبهج واتفقوا عنه عدم السكت في الممدود.
وقد تحصل لكل من ابن ذكوان وحفص وإدريس ثلاث طرق: الأولى السكت على ما عدا حرف المد الثانية السكت على ما عدا حرف المد والساكن المتصل في كلمة "كالقرآن" الثالثة عدم السكت مطلقا وعليه الأكثر.
وأما السكت عن رويس في غير الممدود فهو مما انفرد به أبو العز القلانسي من طريق الواسطي عن النخاس عن التمار، ولم نقرأ به، وقد أسقطه من الطيبة لكونه انفرد به.
وأما السكت على الساكن ولا همزة بعده فقسمان: أصل مطرد وأربع كلمات فالأول حروف الهجاء في فواتح السور "الم، الر، المر، كعيهص، طه، طسم، طس، يس، ص، ق، ن" فسكت أبو جعفر على كل حرف منها، ويلزم منه إظهار المدغم والمخفي منها، وقطع همزة الوصل، بين بهذا السكت أن الحروف كلها ليست للمعاني كالأدوات للأسماء والأفعال، بل هي مفصولة وإن اتصلت رسما وفي كل واحد منها سر من أسرار الله تعالى استأثر الله تعالى بعلمه وأوردت مفردة من غير عامل ولا عطف، فسكنت كأسماء العدد إذا وردت من غير عامل، ولا عطف تقول واحد اثنان ثلاثة وهكذا1.
وأما الكلمات الأربع "فعوجا"[الآية: 1] أول الكهف و"مرقدنا"[يس الآية: 52] و"من راق"[القيمة الآية: 27]"بل ران"[المطففين الآية: 14] فحفص بخلف عنه من طريقيه يسكت على الألف المبدلة من التنوين في "عوجا" ثم يقول "قيما" وكذا على الألف "من مرقدنا" ثم يقول هذا وكذا على النون من "من" ثم يقول "راق" وكذا على اللام من بل ثم يقول "ران" والسكت هو الذي في الشاطبية كأصلها وروي عدمه الهذلي وابن مهران وغير واحد من العراقيين وغيرهم.
خاتمة" الصحيح كما في النشر أن السكت مقيد بالسماع والنقل فلا يجوز إلا فيما صحت الرواية به لمعنى مقصود بذاته، وحكى ابن سعدان عن أبي عمرو والخزاعي عن ابن مجاهد أنه جائز في رءوس الآي مطلقا حالة الوصل، لقصد البيان وحمل بعضهم الحديث الوارد وهو قول أم سلمة رضي الله عنها كان النبي يقول: بسم الله الرحمن الرحيم ثم يقف على ذلك. قال وإذا صح حمل ذلك جاز والله أعلم أي: إن صح الحمل المذكور جاز السكت على ما ذكر2.
1 فيصير وجه أبي جعفر في السكت على النحو التالي: "ال م، ال ر، ال م ر، ك هـ ي ع ص، ط هـ، ط س م، ط س، ي س، ص، ق، ن". [أ] .
2 انظر كتاب النشر للعلامة محمد بن الجزري: "1/ 426". [أ] .