الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ألْبَ أرسلان، فتواقعا بنواحي الرّي في هذا العام، وانجلت المعركة، فَوُجِدَ قُتُلْمِش ميِّتًا. قيل: إنَّهُ مات خوفًا وهلعًا، فاللَّه أعلم. فبكى السُّلطان عليه وتألَّم له، وجلس للعزاء، فسلاه وزيره نظام المُلْك.
وكان قُتُلْمِش يتعانى النُّجوم وأحكامها.
-
حرف الميم
-
174-
محمد بْن أَحْمَد بْن محمد بن أَحْمَد بن حَسْنُون [1] .
أبو الحسين بن النَّرْسيّ [2] البغداديّ.
سمع: أبا بكر محمد بن إسماعيل الورَّاق، وأبا الحسن الحربيّ، وابن أخي ميميّ، وطبقتهم ببغداد، وعبد الوهَّاب بن الحسن الكِلابيّ، وغيره بدمشق.
روى عنه: الخطيب، وقال [3] : كان ثقة من أهل القرآن [4] . وُلِدَ سَنَة سبع وستّين وثلاثمائة، وتُوُفّي في صَفَر.
وقال ابن عساكر: [5] ثنا عَنْهُ أَبُو بكر قاضي المَرِسْتان، وأبو غالب بن البنّاء، وأبو العزّ بن كادش.
قلت: سمعنا مشيخته بإجازة الكِنْديّ، بسماعه من القاضي، عنه.
175-
محمد بن عليّ بن عبد الملك بن شبابة [6] .
[1] انظر عن (محمد بن أحمد النّرسي) في:
تاريخ بغداد 1/ 356، وتاريخ دمشق (مخطوطة التيمورية) 36/ 435، والمنتظم 8/ 232، 233 رقم 286 (16/ 84 رقم 3381) ، ومختصر تاريخ دمشق لابن منظور 21/ 311، 312 رقم 244، والعبر 3/ 240، والإعلام بوفيات الأعلام 89/ 1، والمعين في طبقات المحدّثين 132 رقم 1455، وتذكرة الحفاظ 3/ 1154، وسير أعلام النبلاء 18/ 84، 85 رقم 37، وشذرات الذهب 3/ 301.
[2]
وقع في المطبوع من (المنتظم) : «القرشي» وهو وهم.
[3]
في تاريخه 1/ 356.
[4]
وقال أبو الفضل بن خيرون: هو ثقة ثقة ثقة. (المنتظم) .
[5]
في تاريخ دمشق 36/ 435.
[6]
لم أجد مصدر ترجمته.
أبو بكر الدّينوريّ البغداديّ القارئ.
سمع: أبا القاسم إسماعيل بن الحسن الصَّرصَريّ، وجماعة.
وعنه: أبو العزّ بن كادش، وجماعة.
176-
محمد بن عليّ بن محمد بن صالح [1] .
أبو عبد اللَّه السّلميّ الدّمشقيّ المطرّز النَّحْويّ.
مصَنِّف «المُقدِّمة» المشهورة.
سمع من: تمّام الرّازيّ، وعبد الرحمن بن أبي نصر، وجماعة.
رَوَى عَنْهُ: أبو بَكْر الخطيب، وأبو القاسم النَّسيّب.
قال الكتَّانيّ: تُوُفّي في ربيع الأوَّل [2] . وكان أشعريّ المذهب مُقرِئًا نحويًّا.
177-
محمد بن عليّ بن محمد بن أَحْمَد بن حبيب [3] .
أبو سعيد الخشَّاب النَّيْسَابِوُرِيّ الصفَّار.
تُوُفّي في ذي القعدة. قال عبد الغافر الفارسيّ: [4] وكان مُحدِّثًا مُفيدًا، من خواصّ خدم أبي عبد الرّحمن السُّلميّ، وكان صاحب كُتُب [5] . صار بُندار [6] كُتُب الحديث بنَيْسابور، وأكثر أقرانه سماعا
[1] انظر عن (محمد بن عليّ السلمي) في:
تاريخ دمشق (مخطوطة التيمورية) 11/ 507 و (39/ 8، 9) ، ومختصر تاريخ دمشق لابن منظور 23/ 118 رقم 139، والعبر 3/ 240، والوافي بالوفيات 4/ 130، وبغية الوعاة 1/ 80، وشذرات الذهب 3/ 301، والأعلام 7/ 162، ومعجم المؤلفين 11، 50، وموسوعة علماء المسلمين في تاريخ لبنان الإسلامي 4/ 307 رقم 1544.
[2]
تاريخ دمشق 39/ 9.
[3]
انظر عن (محمد بن عليّ الخشّاب) في:
الأنساب 5/ 120، والمنتخب من السياق 53 رقم 103، والإعلام بوفيات الأعلام 189، والعبر 3/ 240، وتذكرة الحفاظ 3/ 1154، وسير أعلام النبلاء 18/ 150، 151 رقم 83، والوافي بالوفيات 4/ 136، ولسان الميزان 5/ 307، وشذرات الذهب 3/ 301.
[4]
في المنتخب 53.
[5]
زاد بعدها في (المنتخب) : «أوصى له الشيخ بعد وفاته» .
[6]
البندار: الجامع للكتب.
وأصولًا. قد رزقه اللَّه الْإِسناد العالي، [1] ، وجمع الأبواب. وأسمع [2] الصّبيان. وهو من بيت حديثٍ وصلاح.
ولد سنة إحدى وثمانين. وثلاثمائة.
وسمع من: أبي محمد المَخْلَديّ، وأبي الحسين الخفَّاف، والسُّلَميّ.
وحدَّثني من أثِق به أنَّ أبا سعيد أظهر [3] سماعه من أبي طاهر بن خُزَيْمَة بعد وفاة أبي عثمان الصَّابونيّ [4] . فتكلَّم أصحاب الحديث فيه، وما رضوا ذلك منه. واللَّه أعلم بحاله.
وأمَّا سماعه من غيره فصحيح [5] . وقد أجاز لي مرويَّاته. وأنا عنه جماعةٌ منهم: الوالد، وأبو صالح المُؤذِّن، وأبو سعد بن رامش، وغيرهم [6] .
قلت: وآخر من روى عنه: زاهر الشَّحّاميّ.
تُوُفِّي في ذي القعدة.
178-
محمد بن عليّ بن يوسف بن جميل [7] .
أبو عبد اللَّه الطَّرَطُوسيّ [8] المعروف بابن السّناط.
إمام جامع دمشق.
روى عن: عبد الرّحمن بن أبي نصر يسيرًا.
[1] في المنتخب زيادة: «وكتبة الأصول» .
[2]
في المنتخب: «وإفادة الصبيان والرواية إلى آخر عمره، وبيته بيت الصلاح والحديث» .
[3]
عبارته في (المنتخب) : «وسمعت بعض من أثق به أنه أظهر سماعه» .
[4]
زاد في المنتخب: «وما أظهره في أيام حياته» .
[5]
العبارة في (المنتخب) : «وأما سماعه من المخلدي، والخفّاف، والطبقة وصاحبه أبي عبد الرحمن، فصحيح لا شك فيه، ثم ظفرت بالإجازة الصحيحة عنه في نسخة بخط خالي أبي سعيد القشيري، فتبجّحت به، وشكرت الله عليه» .
[6]
وقال عبد الغافر: «ولم يتفق لي السماع منه ولا الإجازة مع الإمكان لغيبة الوالد في آخر عمره» .
[7]
انظر عن (محمد بن علي بن يوسف) في:
تاريخ دمشق (مخطوطة التيمورية) 39/ 22، ومختصر تاريخ دمشق لابن منظور 23/ 122 رقم 148.
[8]
هكذا في الأصل، وفي تاريخ دمشق، ومختصره «الطرسوسي» .
179-
محمد بن منصور بن محمد [1] .
الوزير عميد الملْك، أبو نصر الكُنْدُرِيّ [2] ، وزير السُّلطان طُغُرَلْبك.
كان أحد رجال الدَّهر شهامةً وكتابةً وكرمًا [3] .
قتل بمروالرّوذ في ذي الحجّة. وكان قد قطع مذاكِره ودَفَنَها بخُوَارِزْم لَأمرٍ وقع له [4] ، فلمَّا قتلوه حملوا رأسه إلى نَيْسَابُور، نَسْأَلُ اللَّه العافية.
وقد سمّاه أبو الحسن محمد بن الصّابئ في «تاريخه» ، وعليّ بن الحسن الباخْرَزِيّ في «دمية القصر» : منصور بن محمد [5] .
[1] انظر عن (محمد بن منصور) في:
الهفوات النادرة 7، 8، ودمية القصر 2/ 796- 813، والأنساب المتفقة 132، والمنتظم 8/ 238، 239 رقم 290 (16/ 92، 93 رقم 3385)(في المتوفين سنة 457 هـ) ، ومعجم الأدباء 13/ 34، 43، وآثار البلاد 447، والأنساب 10/ 482، 483، واللباب 3/ 114، والكامل في التاريخ 10/ 31- 34، وزبدة التواريخ 67، 68، ومعجم الأدباء 33/ 40- 45 في ترجمة الباخرزي، وتاريخ دولة آل سلجوق 29، ووفيات الأعيان 5/ 138، 143 رقم 703، والمختصر في أخبار البشر 2/ 184، ونهاية الأرب 26/ 304، والعبر 3/ 240، 241، والإعلام بوفيات الأعلام 189، وسير أعلام النبلاء 18/ 113- 115 رقم 55، وتاريخ ابن الوردي 1/ 557، 558، والوافي بالوفيات 5/ 71- 74، وراحة الصدور للراوندي 186، 187، والبداية والنهاية 12/ 92، 93 وفيه:«منصور بن محمد» ، والنجوم الزاهرة 5/ 76، وشذرات الذهب 3/ 301- 304، ومعجم الأنساب والأسرات الحاكمة 338.
[2]
الكندريّ: بضم الكاف وسكون النون وضم الواو وكسر الراء المهملتين. نسبة إلى كندر من أعمال طريثيث ويقال لها: ترشيش، من نواحي نيسابور. (الأنساب 10/ 482 و 483) وقيل إنه ينسب إلى بيع الكندر. (المنتظم) .
[3]
في الأنساب: «له شعر وآثار وحكايات، وكان من رجال الدهر جودا وسخاء، وكفاية، وشهامة، وفضلا، وإفضالا، وأدبا» . (10/ 483) .
[4]
وقيل إن أعداءه أشاعوا عنه أنه خطب امرأة ملك خوارزم، فخصى نفسه ليخلص من سياسة السلطان. (المنتظم 8/ 238، 239 (16/ 92) ، الكامل في التاريخ 10/ 32، وفيات الأعيان 5/ 141 وفيه: فعمد إلى لحيته فحلقها ومن العجائب أنه دفنت مذاكيره بخوارزم، وأريق دمه بمروالرّوذ، ودفن جسده بقريته كندر، وجمجمته ودماغه بنيسابور، وحشيت سوأته بالتبن ونقلت إلى كرمان، وكان نظام الملك هناك، ودفنت ثمّ، وفي ذلك عبرة لمن اعتبر، بعد أن كان رئيس عصره، (معجم الأدباء 13/ 44، وفيات الأعيان 5/ 142) .
[5]
نعم. فقال له الوزير: مرحبا وأهلا، فإنّي تفاءلت بقولك «أقبل» . ثم خلع عليه قبل إنشاده-
وقال أبو الحسن الهَمَدَانيّ في كتاب «الوزراء» : أبو نصر محمد بن محمد ابن منصور.
وكُنْدُر قَرْيَة مِن نَوَاحي نَيْسَابُور بها وُلِدَ سنة خمس عشرة بها.
وتفقَّه لَأبي حنيفة، وتأدَّب، ثم صحب رئيسًا بنَيْسابور، فاستخدمه في ضياعه، ثم استنابه عنه في خدمة السُّلطان طُغْرُلْبَك، فطلبه منه، فوصل في خدمته، وصار صاحب خبرة. ثُمّ ولاه خُوَارِزْم، وعظُمَ جاهه.
وعصى بخُوَارِزْم، ثم ظفر به السُّلطان، ونقم عليه أنَّهُ تزوَّج امرأة ملك خُوَارِزْم فخصاه [1] . ثمّ رقّ له فداواه وعوفي. واستوزره وله إحدى وثلاثون سنة.
وقَدِمَ بغداد، وأقام بها مُدَّة، ولقَّبهُ الخليفة «سيِّد الوزراء» .
ونال من الجاه والحُرمة ما لم ينله أحد.
وكان كريمًا جوَّادًا، متعصِّبًا لمذهبه، مُعتزليًّا [2] ، مُتكلِّمًا له النّظم والنّثر.
[ (-) ] وقال: عد غدا وأنشد فعاد في اليوم الثاني وأنشد هذه القصيدة:
أقوت مغانيهم بشطّ الوادي
…
فبقيت مقتولا وشطّ الوادي
غرّ الأعادي منه رونق بشره
…
وأفادهم بردا على الأكباد
هيهات لا يخدعهم إيماضه
…
فالغيظ تحت تبسّم الآساد
فلما فرغ من إنشاده قال الوزير لأمراء العرب: لنا مثله في العجم، فهل لكم مثله في العرب؟
وأمر له بألف دينار» (زبدة التواريخ 67، 68، وانظر: معجم الأدباء 13/ 40، 41 ففيه اختلاف في الشعر)، وكان الباخرزي قد هجاه قبل ذلك بأبيات أولها:
أقبل من كندر مسخرة
…
للشؤم في وجهه علامات
(آثار البلاد 447)
[1]
وقد مدحه الباخرزي على نقصان مذاكيره فقال:
قالوا: محا السلطان عنه بعدكم
…
سمة الفحول وكان قرما صائلا
قلت: اسكتوا، فالآن زاد فحولة
…
لما اغتدى من أنثييه عاطلا
فالفحل يأنف أن يسمّى بعضه
…
أنثى، لذلك جذّه مستأصلا
(الأبيات في: زبدة التواريخ 69، والكامل في التاريخ 10/ 11، ومعجم الأدباء 13/ 43، ووفيات الأعيان 5/ 141، 142) .
[2]
قال ابن الأثير إنه كان شديد التعصّب على الشافعية، كثير الوقيعة في الشافعيّ، رضي الله عنه، حتى بلغ من تعصّبه أنه خاطب السلطان ألب أرسلان السلجوقي في لعن الرافضة على منابر خراسان، فأذن في ذلك، فلعنهم وأضاف إليهم الأشعرية، فأنف من ذلك أئمة خراسان، منهم: أبو القاسم القشيري، وإمام الحرمين الجويني، وغيرهما، ففارقوا خراسان، وأقام إمام الحرمين بمكّة، شرّفها الله تعالى، أربع سنين يدرّس ويفتي، فلهذا قيل له إمام الحرمين، فلما-
فلمّا مات طُغْرُلْبَك وتسلطن ابن أخيه ألْبُ أرسلان أقرَّه على وزارته قليلًا، ثُمّ عزله، واستوزر نظام المُلْك [1] .
ومن شِعره في غلامٍ له:
أنا في غَمْرة حُبِّهِ
…
وهو مشغولٌ بلعبهْ
صانه اللَّه فما أكثر
…
إعجابي بعجبهْ
لو أراد اللَّه نفعًا
…
وصلاحًا لمحبّهْ
تُفْلِتُ رقّة خدّيه
…
إلى قسوة قلبهْ
وقال أبو الحسن الهَمَذَانيّ في «تاريخه» إنَّ ابنة الْإِعرابيّ المُغنْية المشهورة وجَوْقتها غنَّت عميد المُلْك، فأطربته، فأمر لها بألف دينار، وأمر لَأولئك بألف دينار، وفرَّق في تلك الليلة أشياء، فلمَّا أصبح قال: كفَّارة ما جرى أن أتقرَّب بمثل ذَلِكَ، فتصدَّق بألفيّ دينار [2] .
وقال أبو رجاء: أنشد عميد الملك عند قتله:
[ (-) ] جاءت الدولة النظامية أحضر من انتزح منهم وأكرمهم وأحسن إليهم، وقيل إنه تاب عن الوقيعة في الشافعيّ، فإن صحّ فقد أفلح. (الكامل في التاريخ 10/ 33، وفيات الأعيان 5/ 138، 139) .
وقال القزويني: كان شيعيا غاليا متعصبا. وكان السلطان معتزليا فأمر بلعن جميع المذاهب يوم الجمعة على المنبر، فشقّ ذلك على المسلمين، وفارق إمام الحرمين نيسابور وذهب إلى مكة، وكذلك الأستاذ أبو القاسم القشيري، ودخل على الناس من ذلك أمر عظيم. (آثار البلاد 447) .
أما ابن السمعاني فقال في ترجمة أبي المعالي الجويني في (الذيل على الأنساب) إن إمام الحرمين خرج إلى بغداد وصحب العميد الكندري أبا نصر مدّة يطوف معه ويلتقي في حضرته بالأكابر من العلماء ويناظرهم، وتحنّك بهم حتى تهذّب في النظر، وشاع ذكره. (وفيات الأعيان 5/ 138) .
وقال ابن القيسراني: سمعت الشيخ أبا ثابت الصوفي يحيى بن منصور الهمدانيّ رحمه الله يقول: لم أر صوفيا مثل أبي نصر الكندري. سمعته يقول: لا أشتغل بأمس وغدا وإنما أشتغل باليوم الّذي أنا فيه. قال الشيخ: يعني أن أمس قد فات، والاشتغال بالفائت لا يجدي نفعا، وغدا لم يأت. والاشتغال لما لم يأت تقصير في الوقت. (الأنساب المتّفقة 132) .
[1]
هو: قوام الدين الحسن بن علي بن إسحاق الطوسي. (زبدة التواريخ 69) .
[2]
سير أعلام النبلاء 18/ 114.
إن كان بالنَّاس ضِيقٌ عن [1] مُنافستي [2]
…
فالموتُ قد وسَّع الدُّنيا على النَّاسِ
مَضَيْتُ والشَّامِتُ المَغْبُونُ [3] يَتْبَعُني
…
كُلٌّ بكأس [4] المنايا شاربٌ حاسي [5]
وقيل: إنَّهُ قال للتُّركيّ الّذي جاء لكي يقتله: قُل للسُّلطان ألْبِ أرسلان:
ما أسعدني بدولة آل سَلْجُوق. أعطاني طُغْرُلْبَك الدُّنيا، وأعطاني ألْبُ أرسلان الآخرة [6] .
وكانت وزارته ثمان سنين وثمانية أشهر. وزر لألب أرسلان شهرين وعزله.
فتوجّه إلى مروالرّوذ في صَفَر سنة سبعٍ وخمسين، ومعه زوجته وبنته، أَوْلَدها قبل أن يُخصى. وأخذ ألْبُ أرسلان ضياعه جميعها والاته وغلمانه، وكانوا ثلاثمائة مملوك. ثمّ كتب له بمائتيّ دينار في الشَّهر، وتركه قليلًا، ثم أرسل إليه من قتله صَبْرًا، وحَمَل إليهِ رأسه، وله نَيِّفٌ وأربعون سنة.
قلت: ويُقال إنَّ غُلامين دخلا عليه ليقتلاه، فأذنا له، فودَّع أهله، وصلَّى ركعتين، فأرادا خنقه فقال: لستُ بلصٍّ. وشرط خرقةً من كُمِّهِ وعصب عينيه، فضربوا عنقه [7] .
[1] في زبدة التواريخ: «من» .
[2]
في الكامل في التاريخ: «مناقشتي» .
[3]
في زبدة التواريخ: «المقبور» ، وفي النجوم الزاهرة:«المغرور» .
[4]
في الزبدة، والكامل:«لكأس» .
[5]
البيتان في: زبدة التواريخ 69، والكامل في التاريخ 10/ 32، وسير أعلام النبلاء 18/ 114، والنجوم الزاهرة 5/ 76، وفيه جاء الشطر الأخير:
«إنّ المنيّة كاس كلّنا حاسي» .
[6]
وقيل إنه قال له: قل للوزير نظام الملك: بئس ما فعلت، علّمت الأتراك قتل الوزراء أصحاب الديوان، ومن حفر مهواة وقع فيها، ومن سنّ سنّة سيئة فله وِزْرُهَا ووزْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا إلى يوم القيامة. (زبدة التواريخ 70، راحة الصدور للراوندي 187، وفيات الأعيان 5/ 142) .
[7]
قال ابن الجوزي: إن ألب أرسلان بعث غلمانا لقتله، «فدخلوا عليه، فقال له أحدهم: قم فصلّ ركعتين وتب إلى الله تعالى. فقال: أدخل أودّع أهلي ثم أخرج. فقالوا: افعل. فنهض، فدخل إلى زوجته، وارتفع الصياح وعلق الجواري به نشرن شعورهن، وحثون التراب على رءوسهنّ، فدخل الغلام فقال: قم، قال: خذ بيدي فقد منعني هؤلاء الجواري من الخروج.
فخرج إلى مسجد هناك، فصلّى فيه ركعتين، ثم مشى حافيا إلى وراء المسجد، فجلس وخلع فرجية سمّورا عليه فأعطاهم إياها، وخرّق قميصه وسراويله حتى لا يؤخذا، فجاءوا بشاروقة فقال: لست بعيّار ولا لص فأخنق، والسيف أروح لي. فشدّوا عينيه بخرقة خرّقها هو من طرف-
وكان مُتعصِّبًا يقع في الشّافعيّ [1] .
180-
محمد بْن هبة اللَّه بْن محمد بْن الحسين [2] .
الْإِمام أبو سهل ابن جمال الْإِسلام أبي محمد الموفّق ابن القاضي العلّامة أبي عمر البَسْطاميّ ثمّ النَّيْسَابُوريّ.
ذكره عبد الغافر فقال [3] : سلالة الْإِمامة، وقُرَّة عين أصحاب الحديث [4] ، انتهت إليه زعامةُ الشّافعيّة بعد أبيه، فأجراها أحسن مَجْرى. ووقعت في أيّامه وقائع ومحن للَأصحاب. وكان يقيم رسْم التَّدريس [5] . لكنَّهُ كان رئيسًا، ديّنًا، ذكيّا، صيِّنًا، قليل الكلام.
وُلِدَ سنة ثلاثٍ وعشرين وأربعمائة.
وسمع من مشايخ وقته بخُراسان، والعراق، مثل النّصرويّي، وأبي حسَّان المزكّيّ، وأبي حفص بن سرور.
وكان بيتهم مجمع العلماء ومُلتقى الأئِمّة، فَتُوُفّي أبوه سنة أربعين، فاحتفَّ به الأصحاب، وراعوا فيه حقَّ والده، وقدّموه للرئاسة. وقام أبو القاسم القُشيْريّ
[ (-) ] كمّه، وضربوه بالسيف، وأخذوا رأسه وتركوا جثّته، فأخذتها أخته، فحملتها إلى كندر بلده، وكان عمره نيّفا وأربعين سنة» (المنتظم 8/ 238، 239/ 16/ 92، 93) .
وقال ابن السمعاني: «قتل بمروالروذ في حدود سنة ستين وأربعمائة» . (الأنساب 10/ 483) بينما جزم غيره بأنه قتل يوم الأحد السادس عشر من ذي الحجة سنة ست وخمسين وأربعمائة.
(زبدة التواريخ 70، وفيات الأعيان 5/ 142) .
وأقول إن قتله في شهر ذي الحجة من سنة 456 هـ، يتعارض مع قول المؤلّف الذهبي رحمه الله قبل قليل من أنه توجّه إلى مروالرّوذ مع زوجته وبنته في شهر صفر سنة 457 هـ! مع أنه ينصّ على قتله سنة 456 هـ. في (سير أعلام النبلاء 18/ 114) .
[1]
ويبالغ في الانتصار لمذهب أبي حنيفة. (السير 18/ 114) .
[2]
انظر عن (محمد بن هبة الله) في:
المنتخب من السياق 71، 72 رقم 154، وسير أعلام النبلاء 18/ 142، 143 رقم 77، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 3/ 390- 392 و 4/ 208- 210، وطبقات الشافعية للإسنويّ 1/ 226.
[3]
في المنتخب 71.
[4]
زاد بعدها: «وصاحب الدولة في رياسة الأصحاب» .
[5]
حتى هنا تنتهي عبارة عبد الغافر في (المنتخب 71) .
في تهيئة أسبابه، واستدعى الكُلّ إلى متابعته، وطلب من السُّلطان ذلك فأُجيب، وأرسل إليه الخِلع ولقّب بأبيه جمال الْإِسلام، وصار ذا رأيٍ وشجاعة ودهاء، فظهر له القَبول عند الخاصّ والعامّ، حتّى حسده الأكابر وخاصموه، فكان يخصمهم ويتسلَّط عليهم، فبدا له خُصُوم، واستظهروا بالسُّلطان عليه وعلى أصحابه، وصارت الأشعريَّة مقصودين بالْإِهانة والطَّرْد والنَّفْيّ، والمنع عن الوعظ والتَّدريس، وعُزِلوا عن خطابة الجامع.
ونبغ من الحنفيّة طائفة شربوا في قلوبهم الاعتزال والتَّشَيُّع، فخيَّلوا إلى وليّ الأمر الْإِزراء بمذهب الشَّافعيّ عمومًا، وتخصيص الأشعريَّة، حتّى أدَّى الأمر إلى توظيف اللعنة عليهم في الْجُمَع. وامتد الأمر إلى تعميم الطَّوائِف باللعن في الخُطَب.
واستعلى أولئك في المجامع، فقام أبو سهل أبلغ قيام، وتردّدَ إلى العسكر في دفع ذلك، إلى أن ورد الأمر بالقبض على الرّئيس الفُرَاتيّ، والقُشَيْرِيّ، وأبي المعالي بن الْجُوَيْنيّ، وأبي سهل بن الموفّق، ونَفْيهم ومَنْعهم عن المحافل. وكان أبو سهل غائبًا إلى بعض النَّواحي، ولمَّا قُرئ الكِتاب بنفيهم أُغْرِيَ بهم الغاغة والَأوباش، فأخذوا بأبي القاسم القُشَيْريّ والفُراتيّ يجُرونهُما ويستَخِفّون بهما، وحبسا بالقهندز.
وكان ابن الْجُوَيْنيّ أحسّ بالَأمر، فاختفى وخرج على طريق كَرْمان إلى الحجاز. وبقيا في السّجن مُفتَرِقين أكثر من شهر، فتهيَّأ أبو سهل من ناحية باخَرْز، وجمع من شاكريّته وأعوانه رجالًا عارفين بالحرب، وأتى بابن البلد، وطلب تسريح الفُرَاتيّ والقُشَيْريّ، فما أُجيب، بل هُدِّد بالقبض عليه، فما التفت، وعزم على دخول البلد ليلًا، والاشتغال بإخراجهما مُجاهرة ومُحاربة.
وكان مُتولّي البلد قد تهيَّأ للحرب، فزحف أبو سهل ليلًا إلى قرية له على باب البلد، وهيَّأ الأبطال، ودخل البلد مُغافصَةً إلى داره، وصاح من معه بالنّعرات العالية، ورفعوا عقائرهم، فلمّا أصبحوا تردّدت الرُّسُل والنُّصحاء في الصُّلح، وأشاروا على الأمير بإطلاق الرئيس والقُشَيْرِيّ، فأبى، وبرز برجاله، وقصد محلّة أبي سهل، فقام واحد من أعوان أبي سهل واستدعى منه كفاية تلك النّائرة إيّاه أصحابه، فأذِن لهم، فالتقوا في السُّوق، وثبُت هؤلاء حتّى فرغ نشّاب أولئك،
ثم حمل هؤلاء عليهم فهزموهم إلى رأس المربَّعة، وهمُّوا بأسر الأمير، وسبّوه وردّوه مجروحًا أكثر رجاله، مقتولًا منهم طائفة، مسلوبًا سلاح أكثرهم. ثمّ توسَّط السَّادة العلويّة، ودخلوا على أبي سهل في تسكين الفتنة، وأخرجوا الْإِثنين من الحبس إلى داره، وباتوا على ظَفَر. وأحبَّ الشّافعيَّة أبا سهل.
ثمَّ تشاور الأصحاب بينهم، وعلموا أن مخالفة السُّلطان قد يكون لها تَبِعَة، وأنّ الخصوم لَا ينامون، فاتّفقوا على مهاجمة البلد إلى ناحية أَسْتُوا، ثُمَّ يذهبون إلى الملك. وبقي بعض الأصحاب بالنَّواحي مُتَفَرِّقين. وحُبِس أبو سهل في قلعة طورك أشْهُرًا. ثمّ صودِرً وأُبِيعتْ ضِيَاعُهُ، ثم عُفي عنه، وأُحيل ببعض ما أُخِذ منه، وَوُجِّه إليها، فخرج إلى فارس، وحصَّل شيئًا من ذلك. وقصد بيت اللَّه فحجَّ ورجع، وحسُن حاله عند السُّلطان، وأُذِن له في الرُّجوع إلى خُراسان، وأتى على ذلك سنون إلى أن تبدَّل الأمر، ومات السُّلطان طُغُرْلبَك، وتسلطن أبو شجاع ألْبُ أرسلان، فحظي عنده، ووقع منه موقعًا أرفع مِمَّا وقع أبوه من طُغْرُلْبَك. ولاح عليه أنَّهُ يستوزِره، فقُصِدَ سرًا، واحتيل في إهلاكه، ومضى إلى رحمة اللَّه في هذا العام، وحُمِلَ تابوته إلى نَيْسَابور، وأظهر أهلها عليه من الْجَزَع ما لم يُعهَد مثله، وبقيت النّوائح عليه مُدَّة بعده.
وكانت مراثيه تُنْشَد في الأسواق والَأزِقّة، وبقيت مُصيبته جُرحًا لَا يندمِل، وأفضت نوبة القبول بين الأعوام إلى نجله ولم يبق سواه أحد من نسله.
وكان إذا حضر السّلطان البلد يقدِّم له أبو سهل وللَأمراء من الحلواء والَأطعمة المُفتخرة أشياء كثيرة بحيث يتعجَّب السُّلطان والَأعوان.
ولقد دخل إليه يوم تلك الفِتنة زوج أخته الشَّريف أبو محمد الحسن بن زيد شفيعًا في تسكين النَّائِرة، فنثر على أقدامه ألف دينار، واعتذر بأنّه فاجأه بالدُّخول.
اختصرتُ هذا من «السّياق» لعبد الغافر [1] .
وذكر غيره أنَّ ألْبَ أرسلان بعثه رسولًا إلى بغداد، فمات في الطّريق.
[1] انظر هذه الأخبار في طبقات الشافعية الكبرى للسبكى 3/ 389- 393 و 4/ 209، 210.
181-
المحسّن بن عيسى بن شهفيروز [1] .
أبو طالب البغداديّ الفقيه الشّافعيّ.
تُوُفّي ببغداد في رمضان.
وقد حدَّث عَن المُعافى بن زكريّا الجريريّ، وأبي طاهر المخلّص [2] .
[1] انظر عن (المحسن بن عيسى) في:
تاريخ بغداد 13/ 157 رقم 7138.
[2]
قال الخطيب: «لقيته بالنهروان في سنة ثلاثين وأربعمائة، وكتبت عنه، وكان شيخا فاضلا ثقة.
درس الفقه على أبي حامد الأسفرائيني» .