الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كتب بخطِّه الكثير. وكان ثِقَةً إمامًا في السُّنَّة، سيفًا على أهل الأهواء، صليبًا في الحقّ [1] .
تُوُفّي فِي رجب.
-
حرف الميم
-
214-
مُحَمَّد بْن أحمد بْن محمد بْن محمد بْن عَبْد اللَّه بن عبّاد [2] .
القاضي أبو عاصم العَبَّاديّ الهَرَوِيّ. الفقيه الشّافعيّ.
تفقّه على القاضي أبي منصور محمد بن محمد الأزْديّ بهَرَاة، وعلى القاضي أبي عمر البِسْطَاميّ بنَيْسَابُور.
وكان إمامًا دقيق النَّظر تنقَّل في النَّواحي، وصنَّف كتاب «المبسوط» ، وكتاب «الهادي» [3] ، وكتاب «أدب القاضي» [4] .
وله مُصَنَّف في «طبقات الفقهاء» .
أخذ عنه: أبو سعد الهرويّ [5] ، وغيره.
[2]
انظر عن (محمد بن أحمد الهروي) في:
الأنساب 8/ 336، 337، واللباب 2/ 309، وتهذيب الأسماء واللغات 2/ 249، ووفيات الأعيان 4/ 214، والعبر 3/ 243، وسير أعلام النبلاء 18/ 180، 181 رقم 97، ومرآة الجنان 3/ 82، 83 وفيه:«محمد بن محمد بن أحمد» ، والوافي بالوفيات 2/ 82، 83، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 4/ 104- 112، وطبقات الشافعية للإسنويّ 2/ 190، 191، وطبقات الشافعية لابن قاضي شهبة 1/ 237، 238 رقم 191، وطبقات ابن هداية الله 161، 162، وكشف الظنون 47، 964، 1100، 1581، 2026، وشذرات الذهب 3/ 306، وإيضاح المكنون 2/ 269، وهدية العارفين 2/ 71، 72، ومعجم المؤلفين 9/ 10.
[3]
في (الأنساب 8/ 337) : «الهادي إلى مذاهب العلماء» في الفقه، وفي (وفيات الأعيان) :
[4]
في (الأنساب) : «الرد على القاضي السمعاني» ، وفي (وفيات الأعيان) :«أدب القضاء» .
[5]
قال ابن خلّكان: وعنه أخذ أبو سعد الهروي صاحب كتاب «الأشراف» في أدب القضاء وغوامض الحكومات، وسمع الحديث ورواه. (وفيات الأعيان 4/ 214) .
ومات في شوَّال عن ثلاثٍ وثمانين سنة.
وكان من أعيان الشّافعية. رَوى الحديث عَنْ: أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن سهل القراب، وغيره.
رَوى عَنْه: إِسْمَاعِيل بْن أَبِي صالح المؤذن.
215-
مُحَمَّد بْن الحُسَين بْن مُحَمَّد بْن خلف بْن أَحْمَد [1] .
القاضي أَبُو يعلى ابن الفراء البغدادي الحنبلي، كبير الحنابلة.
ولد في أوّل سنة ثمانين وثلاثمائة.
وسمع: أبا الحسن الحربيّ، وإسماعيل بن سُوَيْد، وأبا القاسم بن حبابة، وعيسى بن الوزير، وابن أخي ميميّ، وأبا طاهر المخلّص، وأم الفتح بنت أَحْمَد بن كامل، وأبا الطَّيّب بن منْتاب، وابن معروف، وجماعة.
وأملى مجالس.
روى عنه: أبو بكر الخطيب، وابنه القاضي أبو الحسين محمد، وأبو- الخطَّاب الكلوذانيّ، وأبو الوفاء بن عقيل، وأبو غالب بن البنَّاء، وأخوه يحيى بن البنَّاء، وأبو العز بن كادش، وأبو بكر قاضي المرستان.
[1] انظر عن (محمد بن الحسين الفرّاء) في:
تاريخ بغداد 2/ 256، رقم 730، وتاريخ دمشق (مخطوطة التيمورية) 37/ 399، 400، والمنتظم 8/ 243، 244 رقم 295 (16/ 98، 99 رقم 3390) ، والكامل في التاريخ 10/ 52، وطبقات الحنابلة 2/ 193- 230، والأنساب 9/ 246، ومناقب الإمام أحمد 520، 521، واللباب 2/ 413، 414، وتاريخ دولة آل سلجوق 35، ومختصر تاريخ دمشق لابن منظور 22/ 20، 121 رقم 145، والمختصر في أخبار البشر 2/ 186، والإعلام بوفيات الأعلام 189، ودول الإسلام 1/ 269، وسير أعلام النبلاء 18/ 89- 91 رقم 40، والمعين في طبقات المحدّثين 132 رقم 1458، والعبر 3/ 243، 244، وتاريخ ابن الوردي 1/ 372، ومرآة الجنان 3/ 83، والوافي بالوفيات 3/ 7، 8، والبداية والنهاية 12/ 94، 95 وفيه:«محمد بن الحسن» ، والنجوم الزاهرة 5/ 78، وتاريخ الخلفاء 423، ومختصر طبقات الحنابلة للنابلسي 377، وكشف الظنون 1/ 193، 308، 564 و 2/ 1416، 1421، 1433، 1498، 1593، 1668، 1732، وشذرات الذهب 3/ 306، 307، وهدية العارفين 2/ 72، والأعلام 6/ 100، ومعجم المؤلفين 9/ 254، 255، ومختصر طبقات الحنابلة لابن شطي 32- 34.
وآخر من روى عنه أبو سَعْد أَحْمَد بن محمد بن عليّ الزَّوْزَنيّ الصّوفيّ فيما علِمت.
وروى عنه من القدماء أبو عليّ الأهوازيّ، وبين وفاته ووفاته هذا تسعون سنة.
قال الخطيب [1] : ولَأبي يَعْلى تصانيف على مذهب أَحْمَد. ودرَّسَ وأفتى سنين كثيرة [2] . وولي القضاء بحريم دار الخلافة.
وكان ثِقة.
وتُوُفّي في شهر رمضان.
ذكره ابنه أبو الحسين في كتاب «الطَّبقات» [3] له، فقال: كان عالِم زمانه، وفريد أوانه [4] ، وفريد عصره، ونسيج وحده، وقريع دهره. وكان له في الأصول والفروع القدم العالي، وفي شرف الدِّين والدُّنيا المحلّ السَّاميّ، والحظّ [5] الرفيع عند الْإِمامين القادر، والقائم، وأصحاب الْإِمام أَحْمَد له يتبعون، ولتصانيفه يدرسون، وبقوله يُفتون [6] ، وعليه يُعوِّلون. والفُقَهاء على اختلاف مذاهبهم [7] كانوا عنده يجتمعون، ولمقاله يسمعون [8] ، وبه ينتفعون [9] .
وقد شُوُهِدَ له من الحال ما يغني عن المثال، لا سيما مذهب الْإِمام أَحْمَد، واختلافات الرّوايات عنه، وما صُحَّ لديه منه، مع معرفته بالقرآن وعلومه، والحديث، والفتاوى، والْجَدَل، وغير ذلك من العلوم، مع الزّهد، والورع،
[1] في تاريخ بغداد 2/ 256.
[2]
وفي تاريخ بغداد زيادة: «وشهد عند أبي عبد الله بن ماكولا، وعند قاضي القضاة أبي عبد الله الدامغانيّ، فقبلا شهادته» .
[3]
طبقات الحنابلة 2/ 193 وما بعدها.
[4]
قوله: «وفريد أوانه» ليس في (طبقات الحنابلة) .
[5]
في (طبقات الحنابلة) : «والخطر» .
[6]
في (طبقات الحنابلة) : «يفتنون» .
[7]
في (طبقات الحنابلة) : زيادة: «وأصولهم» .
[8]
في (طبقات الحنابلة) : زيادة: «ويطيعون» .
[9]
في (طبقات الحنابلة) : «وبالاهتمام به يقتدون» .
والعِفّة، والقناعة، والانقطاع عن الدُنيا وأهلها، واشتغاله بالعِلْم ونشره [1] .
وكان أبوه أحد شهود الحضرة [2] ، قد درس على الفقيه أبي بكر الرّازيّ مذهب أبي حنيفة [3] ، وتُوُفّي سنة تسعين، وكان سِنّ الوالد إذ ذاك عشر سنين إِلَّا أيَّامًا [4] ، وكان وصيَّه رَجُلٌ يُعْرَف بالحربيّ يسكن بدار القَزّ، فنقله من باب الطَّاق إلى شارع دار القَزّ وفيه مسجد يُصلِّي فيه شيخ يُعرف بابن مفرحة المقرئ يُقرئ القُرآن، ويُلَقِّن [5] العبارات من «مُختصر الخِرَقِيّ» فلقَّن الوالد ما جرت عادته، فاستزاده، فقال [6] : إنْ أردت الزِّيادة فعليك بالشّيخ أبي عبد اللَّه بن حامد، فإنَّهُ شيخ الطَّائِفة، ومسجده بباب الشَّعير. فمضى الوالِد إليه، وصحبه إلى أن تُوُفّي ابن حامد سنة ثلاث وأربعمائة، وتفقَّه عليه [7] .
ولمَّا خَرَج ابن حامد إلى الحجّ سنة اثنتين وأربعمائة سأله محمد بن عليّ:
على من ندرس؟ وإلى من نجلس؟ فقال: إلى هذا الفتى. وأشار إلى الوالد.
وقد كان لابن حامد أصحابٌ كُثُر [8] ، فتفرَّس في الوالد ما أظهره الله عليه.
[1] العبارة في (طبقات الحنابلة) 2/ 194: «وانقطاعه عن الدنيا وأهلها، واشتغاله بسطر العلم وبثّه، وإذا عنه ونشره» .
[2]
[3]
[4]
في (طبقات الحنابلة) : «إلا أيام» .
[5]
في (طبقات الحنابلة) : زيادة: «من يقرأ عليه العبارات» .
[6]
في (طبقات الحنابلة) : بعدها: «هذا القدر الّذي أحسنته، فإن أردت زيادة عليه» .
[7]
طبقات الحنابلة 2/ 194، 195.
[8]
في (طبقات الحنابلة) 2/ 195: «كثيرون» .
وأوّل سماعه للحديث سنة خمس وثمانين وثلاثمائة من السُّكّريّ، ومن موسى بن عيسى السَّرّاج، وأبي الحسن عليّ بن معروف.
وسمَّى جماعة [1]، ثم قال: ومن أبيه، ومن القاضي أبي محمد بن الأكفانيّ، ومن أبي نصر بن الشّاه.
وسمع بمكَّة، ودمشق، وحلب [2] .
قلت: سمع بدمشق من عبد الرحمن بن أبي نصر التَّميميّ [3] .
قال [4] : ولو بالَغْنَا في وَصْفِهِ لكُنَّا إلى التّقصير فيما نذكُرُه أقرب. إذ انتشر على لسان الخطير والحقير ذِكْرِ فضله [5] . قصده الشّريف أبو عليّ بن أبي موسى دفعات [6] ليشهد عند قاضي القُضاة أبي عبد اللَّه بن ماكولا، ويكون ولد القاضي أبي عليّ أبو القاسم تابعًا له، فأبى عليه، فمضى الشَّريف إلى أبي القاسم بن بِشْران، وسأله أن يشهد مع ولده، وقد كان ابن بِشْران قد ترك الشّهادة، فأجابه [7] .
وتُوُفّي الشّريف أبو عليّ سنة ثمانٍ وعشرين ثم تكرَّرت سؤالات ابن ماكولا إلى الوالد أن يشهد عنده، فأجاب وشهد كارِهًا لذلك [8] .
وحضر الوالد دار الخلافة في سنة اثنتين وثلاثين وأربعمائة مع الزَّاهِد أبي الحسن القزوينيّ لفسادِ قولٍ جرى من المُخالِفين لما شاع في كتاب «إبطال
[1] انظر أسماءهم في (طبقات الحنابلة 2/ 195، 196) .
[2]
طبقات الحنابلة 2/ 196.
[3]
تاريخ دمشق 37/ 399.
[4]
في طبقات الحنابلة 2/ 196.
[5]
في طبقات الحنابلة زيادة: «سوى ما يضاف إلى ذلك من الجلالة والصبر على المكاره، واحتماله لكل جريرة إن لحقته من عدوّ، وزلل إن جرى من صديق، وتعطّفه بالإحسان على الكبير والصغير، واصطناع المعروف إلى الداني والقاصي، ومداراته للنظير والتابع، جاريا على سنن الإمام أحمد رضي الله عنهما حذو القذّة بالقذّة.
ولم يزل على طول الزمان يزداد جلالة ونبلا، وعلما وفضلا. قصده القاضي الشريف..» .
[6]
إحداها في جمادى الأولى سنة إحدى أو اثنتين وعشرين وأربعين.
[7]
طبقات الحنابلة 2/ 197.
[8]
طبقات الحنابلة 2/ 197.
التأويل» [1] ، فخرج إلى الولد الاعتقاد القادريّ في ذلك كما يعتقده الوالد. وكان قبل ذلك قد التمس منه حمّل كتاب «إبطال التأويل» [1] ليُتَأمَّل، فأُعيد إلى الوالد وشُكِر لهُ تصنيفه [2] .
وذكر بعض أصحاب الوالد أنَّهُ كان حاضرًا في ذلك اليوم فقال: رأيتُ قارئ التَّوقيع الخارج من القائم بأمر اللَّه قائمًا على قدميه، والمُوافق والمُخالِف بين يديه، ثم أُخِذت في تلك الصَّحيفة خطوط الحاضرين من العلماء على اختلاف مذاهبهم، وجُعِلت كالشَّرط المشروط. فكتب أوَّلًا القزوينيّ: هذا قول أهل السُّنَّة، وهو اعتقاديّ. وكتب الوالد بعده، والقاضي أبو الطَّيّب الطَّبَريّ، وأعيان الفقهاء بين موافقٍ ومخالف [3] .
قال: ثمّ تُوُفّي ابن القزوينيّ سنة اثنتين وأربعين، وحضره [4] عالم كثير، فجرت أمور، فحضر الوالد سنة خمسٍ وأربعين دار الخلافة، فجلس أبو القاسم عليّ بن رئيس الرُّؤساء، ومعه خلق من كبار الفقهاء والرُّؤساء، فقال أبو القاسم على رءوس الأشهاد: القرآن كلام اللَّه، وأخبار الصَّفات تمر كما جاءت.
وأصلح بين الفريقين [5] .
فلمَّا تُوُفّي قاضي القُضاة ابن ماكولا راسل رئيس الرُّؤساء الوالد لِيَلِيَ القضاء بدار الخلافة والحريم، فأبى، فكرَّر عليه السّؤال، فاشترط عليهم أن لا يحضر أيَّام الموكِب، ولا يقصد دار السُّلطان، ويستخلف على الحريم فأُجيب.
وكان قد ترشَّح لقضاء الحريم أبو الطَّيّب. ثم أُضِيف إلى الوالد قضاء حرَّان وحُلْوان، فاستناب فيهما.
وقال تلميذه عليّ بن نصر العُكْبَريّ:
رفع اللَّه رايةَ الْإِسلام
…
حين رُدَّت إلى الأجلّ الْإِمام
[1] في (طبقات الحنابلة 2/ 197) : «إبطال التأويلات» .
[2]
في (طبقات الحنابلة 2/ 197) : «تصانيفه» :
[3]
طبقات الحنابلة 2/ 197، 198.
[4]
في (طبقات الحنابلة) : «وخصومنا» .
[5]
طبقات الحنابلة 2/ 198.
التقيّ النّقيّ ذي المنطِق الصائب
…
في كلّ حجّةٍ وكلام
خائفُ مُشفقٌ إذا حضر الخصمان
…
يخشى من هَوْل يوم الخصام
في أبيات [1] .
ولم يزل جاريا على سديد القضاء وإنفاذ الأحكام حتَّى تُوُفّى.
ولو شرحنا قضاياه السَّديدة كانت كتابًا قائِمًا بنفسه.
وقد قرأ القُرآن بالقراءات العشر، ولقد حضر النَّاس مجلسه وهو يُملي الحديث على كُرسيِّ عبد اللَّه ابن إمامنا أَحْمَد. فكان المُبلِّغون عنه والمستملون ثلاثة: خالي أبو محمد، وأبو منصور الأنباريّ، وأبو عليّ البَرَدَانيّ.
وأخبرني جماعة ممن حضر الْإِملاء أنَّهُم سجدوا على ظهور النَّاس، لكثرة الزَّحمة في صلاة الجمعة. وحُزر العدد بالَألوف. وكان يومًا مشهودا [2] .
وحضرتُ أنا أكثر أماليه.
وكان يُقسّم ليله أقسامًا: قسم للمنام، وقسم للقيام، وقسم لتصنيف الحلال والحرام [3] .
ومن شاهد ما كان عليه من السَّكينة والوقار، وما كسا [4] اللَّه وَجْهَهُ من الأنوار [5] ، شهد له بالدّين والفضل ضرورة.
وتفقَّه عليه: أبو الحسن [6] البغداديّ، والشَّريف أبو جعفر الهاشميّ، وأبو الغنائم بن الغباريّ، وأبو عليّ بن البنّاء، وأبو الوفاء بن القوَّاس، وأبو الحسن النّهريّ، وأبو الوفاء بن عَقِيل، وأبو الحسن بن جدّا [7] العكبريّ، وأبو الخطّاب
[1] الأبيات وغيرها في: طبقات الحنابلة 2/ 199، 200.
[2]
طبقات الحنابلة 2/ 201، 201.
[3]
طبقات الحنابلة 2/ 203.
[4]
في الأصل: «كسى» .
[5]
في طبقات الحنابلة 2/ 203 زيادة: «مع السكون والسمت الصالح، والعقل الغزير الراجح» .
[6]
في (طبقات الحنابلة 2/ 204) : «أبو الحسين» .
[7]
في (طبقات الحنابلة 2/ 205) : «زفر» .
الكلوذانيّ، وأبو يَعْلى الكَيَّال [1] ، وأبو الفرج المقدسيّ. ثم سمَّى جماعة [2] .
قال: ومصنَّفاته كثيرة، فمنها:«أحكام القرآن» ، و «مسائل الإيمان» ، و «المعتمد» ، و «مختصره» ، و «المقتبس» ، و «عيون المسائل» ، و «الرّدّ على الأشعريّة» ، و «الرّد على الكرّامية» ، و «الرّدّ على المجسّمة» ، و «الرّدّ على السّالميّة» ، و «إبطال التّأويلات لأخبار الصّفات» [3] ، و «مختصره» و «الإنتصار» لشيخنا أبي بكر، و «الكلام في الاستواء» ، و «الكلام في حروف المعجم» ، وأربع مُقدّمات في أصول الدّيانات، و «العمدة» في أصول الفقه، و «مختصره» ، و «الكفاية» في أصول الفقه، و «مختصرها» ، و «فضائل أَحْمَد» ، وكتاب «الطِّبّ» ، وكتاب «اللبّاس» ، وكتاب «الأمر بالمعروف» ، و «شروط أهل الذّمّة» ، و «التّوكّل» ، و «ذمّ الغناء» ، و «الاختلاف في الذّبح» ، و «تفضيل الفقر على الغنى» ، و «فضل ليلة الجمعة على ليلة القدر» ، و «إبطال الحيل» ، و «المجرّد في المذهب» ، و «شرح الخرقيّ» ، و «كتاب الروايتين» ، وقطعة من «الجامع الكبير» ، و «الجامع الصّغير» ، و «شرح المذهب» ، و «الخصال» ، و «الأقسام» ، وكتاب «الخلاف الكبير» .
وقد حمل النَّاس عنه علمًا كثيرًا، وهو مُسْتَغنٍ باشتهار فضله عن الْإِطناب في وصفه.
تُوُفّي فصلَّى عليه أخي أبو القاسم، فقيل إنَّهُ لم يُرَ في جنازة بعد جنازة أبي الحسن القَزْوِينيّ الْجَمْعُ الّذي حضر جنازته [4] .
وسمعت أبا الحسن النَّهريّ يقول: لمَّا قدِم الوزير ابن دارست عبرت أبصرته، ففاتني الدّرسُ، فلمَّا جِئتُ قلتُ للقاضي: يا سيّدي تتفضَّل وتُعيد لي الدَّرس. فقال: أين كنت؟
قال: مضيت أبصرت ابن دارس.
[1] في (طبقات الحنابلة 2/ 205) : «أبو يعلى بن الكيّال» .
[2]
في الطبقات 2/ 204، 205.
[3]
أتى فيه بكل عجيبة، وترتيب أبوابه يدُل على التجسيم المحض، تعالى الله عن ذلك. (الكامل 10/ 52)(المختصر في أخبار البشر 2/ 186)(تاريخ ابن الوردي 1/ 372) .
[4]
طبقات الحنابلة 2/ 216.
فقال: وَيْحُك، تمضي وتنظر للظَّلْمَاء؟ وعنَّفني [1] .
قال: وكان ينهانا دائمًا عن مُخالطة أبناء الدُّنيا، وعن النَّظر إليهم والاجتماع بهم، ويأمُر بالاشتغال بالعِلم ومجالسة الصّالحين [2] .
سمعتُ خالي عبد اللَّه يقول: حضرت مع والدك في دار رئيس الرُّؤساء بعد مجيء طُغْرُلْبَك، وقد أنفذ إليه غير مرَّة ليحضِر، فلمَّا حضر زاد في إكرامه، وأجلسه إلى جانبه، وقال له: لم يزل بيت المُسلِمة وبيت الفرَّاء مُمتَزِجين، فما هذا الانقطاع؟
فقال له القاضي: رُوِيَ عن إبراهيم الحربيّ أنَّه استزاره المُعتّضِد، وقرَّبه وأجازه، فرصد جائزته، فقال له: أكتم مجلسنا، ولا تُخبِر بما فعلنا بك ولا بما قابلتنا.
فقال: لي إخوان لو علموا باجتماعي بك هجروني.
قال: فقال له رئيس الرُّؤساء كلامًا أسرَّهُ إليه، ومدَّ كُمَّهُ، فتأخَّر القاضي عنه، وسمعته يقول: أنا في كفايةٍ ودِعة.
فقلت له: يا سيِّدنا ما قال لك؟
قال: قال لي: معي شُويّ [3] من بقيّة ذلك الْإِرث المُستطاب، وأُحِبُ أن تأخُذه. فقلت: أنا في كفاية.
سمعت بعض أصحابنا يحكي، قال: لما حَصُبَ القائم وعُوفِيَ، حضر الشّيخ أبو منصور بن يوسف عند الوالد، وقال له: لو سهل عليك أن تمضي إلى باب القرية، لِتُهنِّئ الخليفة بالعافية.
فمضى إلى هُناك، فخرج إليه الحاجب، ومعه جائزة سنِّيّة، وعرَّفه شُكْرَ الْإِمام لسَعْيِه، وتبرُّكه بدعائه، وسأله قبول ذلك.
[1] طبقات الحنابلة 2/ 222.
[2]
طبقات الحنابلة 2/ 222 وفيه: «ومخالطة الصالحين» .
[3]
في طبقات الحنابلة 2/ 223 «معي شيء» .
قال: فو الله ما مسَّها، ولا قبِلها [1] .
سمعت جماعة من أهلي أنَّ في سنة إحدى وخمسين وقع النَّهب بالجانب الغربيّ، انتقل الوالد، وكان في بيته خُبْزٌ يابس، فنقله معه، وترك نقل رَحْله، لتعذُّر من يحمله، فكان يقتات منه وقال: هذه الأطعمة اليوم نُهُوبٌ وغُصُوب، ولا آكُل من ذلك شيئًا. فبقي ما شاء اللَّه يتقوَّت من ذلك الخُبز اليابس، ولحقه منه مرض [2] .
وكان الوالد يختم في المسجد في كلِّ ليلة جمعة ويدعو، ما أخلَّ بهذا سنين عديدة إِلَّا لعُذر [3] .
ولعلَّ يقول ناظِرٌ في هذا: كيف استجاز مدح والده؟ فإنَّما حَمَلَنا على ذلك كثرة قول المُخالفين، وما يُلْقون إلى تابعيهم من الزُّور والبُهْتان، ويتخرَّصون على هذا الْإِمام من التّحريف والعدوان [4] .
أنشدني بعض أصحابه، فقال:
من اقتنى وسيلةً وذُخْرا
…
يرجو بها مَثُوبةً وأَجْرا
فحجَّتي يوم أُوَافي الحشرا
…
معتقدي عقيدة ابن الفرّا [5]
قال أبو الحسين: اعلم، زادنا اللَّه وإيّاك عِلمًا ينفعنا به، وجعلنا مِمَّن آثر الآيات الصّريحة، والَأحاديث الصحيحة، على آراء المُتَكلِّمين، وأهواء المُتكلِّفين، أنَّ الّذي دَرَجَ عليه سائر [6] السَّلَف [7] التَّمسُّك بكتاب اللَّه، واتِّباع سُنَّة محمد صلى الله عليه وسلم، ثم ما روي عن الصَّحابة، ثم عن التّابعين والخالفين لهم من علماء المُسلمين الْإِيمان والتَّصديق بكل ما وصف اللَّه به نَفْسَهُ، أو وصفه به رسوله، مع ترك البحث والتَّنْقير، والتّسليم لذلك، من غير تعطيل، ولا تشبيه، ولا
[1] طبقات الحنابلة 2/ 222، 223.
[2]
طبقات الحنابلة 2/ 223.
[3]
طبقات الحنابلة 2/ 223.
[4]
طبقات الحنابلة 2/ 227.
[5]
طبقات الحنابلة 2/ 226 وفيه: «معتقدي لمذهب ابن الفرّا» .
[6]
في طبقات الحنابلة 2/ 207 «صالحو» .
[7]
في الطبقات زيادة بعدها: «وانتهجه بعدهم خيار الخلف، هو
…
» .
تفسيرٍ، ولا تأويل، وهي الطَّائفة المنصورة، والفرقة النَّاجية، فهُم أصحاب الحديث والَأثر، والوالدُ تابِعُهم. هم خلفاء الرّسول، وورثة حكمته، بهم يلحق التَّالي، وإليهم يرجع الغالي. وهم الّذين نبذهم أهل البِدَع والضَّلال أنَّهُم مُشَبِّهَةٌ جُهَّال [1] .
فاعتقد الوالد وسَلَفهُ أن إثبات الصِّفات إنَّما هُوَ إثبات وجود، لَا إثبات تحديد وكيفيَّة، وأنّها صفات لا تُشبه صفات البرّيّة، ولا يُدْرَك حقيقةُ عِلمها بالفِكر والرَّويّة [2] .
فالحنبليّة لَا يقولون في الصِّفات بتعطيل المُعطِّلة، ولا بتشبيه المُشبِّهين، ولا بتأويل المُتأوّلين. بل مذهبهم حقٌّ بين باطِلَيْن، وهدًى بين ضلالتين. إثبات الأسماء والصِّفات، مع نفي التّشبيه والَأدوات [3]، على أنَّ اللَّه لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ 42: 11 [4] .
وقد قال الوالد في أخبار الصِّفات والمذهب في ذَلِكَ قبول هذه الأحاديث على ما جاءت به، غير عدول عنه إلى تأويلٍ يُخالِف ظاهرها، مع الاعتقاد بأن اللَّه سبحانه بخلاف كُلِّ شيءٍ سواه. وكل ما يقع في الخواطر من تشبيه أو تكييف، فاللَّه يتعالى عن ذلك. واللَّه ليس كمثله شيء، لَا يوصف بصفات المخلوقين الدَّالة على حَدَثَهم، ولا يجوز عليه ما يجوز عليهم من التَّغيير، ليس بجسمٍ، ولا جوهر، ولا عَرَض، وإنَّهُ لم يزل ولا يزال [5] ، وصفاته لا تُشْبِه صفات المخلوقين [6] .
قلت: لم يكُن للقاضي أبي يَعْلَى خِبرَةٌ بعلل الحديث ولا برجاله، فاحتجّ بأحاديث كثيرة واهية في الأصول والفروع لعدم بصره بالأسانيد والرجال.
[1] طبقات الحنابلة 2/ 207، 208.
[2]
طبقات الحنابلة 2/ 208.
[3]
طبقات الحنابلة 2/ 209.
[4]
سورة الشورى، الآية:11.
[5]
زاد بعدها: «وأنّه الّذي لا يتصوّر في الأوهام» .
[6]
طبقات الحنابلة 2/ 210، 211.
وقد حطَّ عليه صاحب «الكامل» [1] فقال: هو مُصَنِّف كتاب «الصِّفات» أتى فيه بكل عجيبة، وترتيب أبوابه يدلّ على التّجسيم المحض، تعالى اللَّه عَن ذَلِكَ [2] .
وأمَّا في الفقه ومعرِفة مذاهب النَّاس، ومعرفة نصوص أَحْمَد، رحمه الله، واختلافها، فإمام لَا يُدرَك قراره، رحمه اللَّه تعالى [3] .
216-
محمد بن عبد الرّحمن بْن عُبَيْد اللَّه بْن الْحَسَن [4] .
أَبُو بَكْر بن أبي الحسن الْأصبهانيّ الكرّانيّ المعدّل.
مات في شوَّال.
217-
محمد بن عليّ [5] .
218-
محمد بن الفضل بن جعفر [6] .
أبو سعد التَّمِيميّ الهَمَدَانيّ المعروف بابن أبي اللَّيْث.
روى عن: أبي بكر بن لال، وأبي بكر الشّيرازيّ، وابن تركان، وطاهر بن ماهلة، وجماعة.
[1] أي ابن الأثير في (الكامل في التاريخ 5280) .
[2]
وزاد ابن الأثير فقال: «وكان ابن تميمي الحنبلي يقول: لقد خرئ أبو يعلى الفرّاء على الحنابلة خرية لا يغسلها الماء» . (الكامل، المختصر في أخبار البشر 2/ 186، تاريخ ابن الوردي 1/ 372) .
[3]
«وقال أبو القاسم الأزهري: كان أبو الحسين ابن المحاملي يقول: ما تحاضرنا أحد من الحنابلة أعقل من أبي يعلى ابن الفرّاء» . (تاريخ بغداد 2/ 256)(تاريخ دمشق 37/ 400، مختصر تاريخ دمشق 22/ 120) .
وقال ابن عساكر: «بلغني أن البساسيري لما غلب على بغداد ولّاه القضاء تقرّبا إلى العامة، فدخل على قاضي القضاة أبي عبد الله الدامغاني، وهو في اعتقال البساسيري، فاستأذنه في النيابة عنه، فأذن له، فقضى حينئذ» . (تاريخ دمشق 37/ 399، مختصر تاريخ دمشق 22/ 12) .
[4]
لم أجد مصدر ترجمته.
[5]
هكذا في الأصل دون ترجمة، ولعلّه أنسيه.
[6]
لم أجد مصدر ترجمته.
قال شيروَيْه: كان صدوقًا.
ومات في ذي الحجّة.
219-
محمد بن وهب بن محمد الأندلُسيّ [1] .
الفقيه المعروف بنوع الغافقيّ.
له درّية علما وقراءة.
توفّي في رمضان.
[1] لم أجد مصدر ترجمته.