الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال المفَسِّر رحمه الله: [وفي قِراءة (أو)] إِذَنِ الشَّارِح شرَح على الواو؛ لأنه قال: [وفي قِراءة (أو)] وهذه القِراءة سَبْعية؛ بِناءً على الاصطِلاح الذي تقدَّم، أنه إذا قال: وفي قِراءَة، أو قال بالضَّمِّ والفَتْح مثَلًا؛ فهي سَبْعية. وإذا قال: قُرِئ فهي شاذَّة.
قال المفَسِّر رحمه الله: [وفي أُخرَى بفَتْح الياء والهاء وضَمِّ الدال]"وَأَنْ يَظْهَرَ فى الأَرْض الفسادُ" ضمُّ الدال على أنَّ "الفَساد" فاعِل "يَظهَر".
وهذه القِراءات تَختَلِف مَعنى من حيثُ الظاهِر؛ لكنَّ مُؤدَّاها واحِدٌ؛ لأنه إذا أَظهَر موسى الفَساد في الأرض، ظهَر الفَساد، فيكون اختلاف القراءات فيه فائدة: أولًا: الفائدة من (أو) والواو: إذا كانت (أو) صار أنَّه خاف أحَد أَمْرين: أن يُبدِّل الدِّين، أو أن يُظهِر الفَساد، والواو {أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ} و {أَنْ يُظْهِرَ} يَكون خاف من اجتِماع الأَمْرين؛ تَبديل الدِّين، وظُهور الفَساد.
ولا بُدَّ من أحَدِ الأمرين؛ إمَّا أن يُبدِّل الدِّين، وإمَّا أن يُظهِر الفَساد، وإن لم يُبدِّل الدِّين لا بُدَّ أن يَكون هناك قَتْل ونزاع، ولا بُدَّ أيضًا من طرَف آخَرَ أن يُجمَع بين الأمرَيْن؛ تَبديل الدِّين، وظُهور الفَساد، بالنِّسْبة (ليَظْهَر) و (يُظْهِر) نَقول: إذا قصَد إظهار الفَساد؛ فقد يَظهَر وقد لا يَظهَر، فإذا كان "وَأَنْ يَظْهَرَ فِى الْأَرْضِ الْفَسَادِ" صار حُصول ما أَرادَه من إظهار الفَساد.
فالقِراءات مُؤدَّاها واحِد "وَأَنْ يَظْهَرَ فِى الْأَرْضِ الْفَسَادُ".
من فوائد الآيةِ الكريمةِ:
الْفَائِدَةُ الأُولَى: تمَويه فِرعونَ، وأنه رجُلٌ ماكِر مخُادِع يُظهِر خِلاف الواقِع؛ لقوله:{وَقَالَ فِرْعَوْنُ ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَى} .
الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ: شِدَّة حَنَق فِرعونَ على موسى؛ إلى حَدِّ أنه أَراد قَتْله.
الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ: شِدَّة تَحدِّي فِرعونَ، حيثُ قال: دعَوني أَقتُله، ولْيَدْعُ ربَّه؛ يَعني: يَتَحدَّاه إذا دعا رَبَّه هل يُفيده أو لا.
الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ: خوفُ الكُفَّار من سِلاح المُؤمِنين بالدُّعاء؛ لقوله: {وَلْيَدْعُ رَبَّهُ} وإن كان المَقصودُ التَّحدِّي، لكن لا شَكَّ أنه قد فَهِم أن الدُّعاء سِلاح لموسى عليه الصلاة والسلام.
الْفَائِدَةُ الخَامِسَةُ: تَعصُّب الكُفَّار لدِينهم؛ لقوله: {إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ} .
الْفَائِدَةُ السَّادِسَةُ: أن قَوْم فِرعونَ يَدينون له بالعِبادة، يَعنِي: يَتَّخِذون تَذلُّلهم له عِبادة؛ لقوله: {إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ} .
الْفَائِدَةُ السَّابِعَةُ: أنَّ الكُفَّار يَرَوْن أنَّ الإيمانَ فَسادٌ في الأَرْض، لقوله:{أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسَادَ} وإذا كانوا يَرَوْن ذلك، فلا بُدَّ أن يُحوِّلوا بين الناس وبَيْنَه؛ حتى لا تَفسُد الأَرْض على زَعْمهم.
الْفَائِدَةُ الثَّامِنةُ: أن الكُفَّار يَدَّعون ما هو كَذِب؛ لإِبْقائهم على ما هُمْ عليه، وهو دَعْواه أن الناس إذا دانوا لله ظهَر فى الأرض الفَساد، من أَجْل أن يَبقَى الناس على تَديُّنهم لفِرعونَ. واللهُ أَعلَمُ.