الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[الآية (52)]
* قَالَ اللهُ عز وجل: {يَوْمَ لَا يَنْفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ} [غافر: 52].
* * *
ثُمَّ قال تعالى: {يَوْمَ لَا يَنْفَعُ} قال المفَسِّر رحمه الله: [بالياء والتاء] بالياء {يَنْفَعُ} بالتاء "تَنْفَعُ"، إِذَنْ هُما قِراءَتان سَبْعِيَّتان؛ لأن المفَسِّر إذا أَتَى بصيغة القِراءة على هذا الوَجهِ فمَعناه أنهما قِراءتان سَبْعيَّتان، أمَّا إذا قال: وقُرِئَ. فهو للشاذِّ قِراءة شاذَّة، بالتاء لأن (مَعذِرة) مُؤنَّث، فالفِعْل يَكون معها مُؤنَّثًا، لكن بالياء نَقول أوَّلًا: إنه فَصْل بين الفِعْل والفاعِل، وثانيًا أن التَّأْنيث هنا ليس حَقيقيًّا. وابنُ مالِكٍ يَقول:
وَإِنَّمَا تَلْزَمُ فِعْلَ مُضْمَرِ
…
مُتَّصِلٍ أَوْ مُفْهِمٍ ذَاتِ حِرِ
(1)
قوله: {يَوْمَ لَا يَنْفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ} المُراد بالظالمِين هنا الكافِرون، قال الله تعالى:{وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ} .
وقوله: {مَعْذِرَتُهُمْ} يَعنِي: عُذْرهم، قال المفَسِّر رحمه الله:[عُذْرهم لوِ اعتَذَروا] يَعنِي: عُذْرهم فيما سبَقَ، أو اعتِذارُهم فيما لحَق في ذلك اليومِ، هم يَعتَذِرون لكن لا يُقبَل، لا يُؤذَن لهم فيَعتَذِرون.
(1)
الألفية (ص: 25).
وقوله: {وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ} قال المفَسِّر رحمه الله: [أيِ: البُعْد من الرَّحْمة] ولهم سُوء الدار، لهُمُ اللَّعْنة، كيف قال: لهُمُ اللَّعْنة. هل اللَّعْنة مَطلوبة حتى تَأتِي باللَّام؟
قيل: إن اللَّام هنا بمَعنَى (على) كقوله تعالى: {أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللَّهِ} [البقرة: 161] عليهم فاللَّام هنا بمَعنَى (على)، والصَّواب أن اللَّام على بابها، وأنها ليسَتْ بمَعنَى (على)، بل هي بمَعنَى الاستِحْقاق، يَعنِي: أنهم يُلعَنون لَعْنًا يَستَحِقُّونه، فهي أَبلَغُ من قوله: علَيْهم. من وَجْه، وتلْك أَبلَغُ من وَجهٍ آخَرَ.
المُهِمُّ: أن اللَّام هنا بمَعنَى (على) مَعناها الأَصْل الاستِحْقاق.
وهنا نَقول لكم: إذا ورَد تَفْسيران في كِتاب الله العزيز أَحَدهما يُؤيِّده اللَّفْظ والثاني لا يُؤيِّده اللَّفْظ فنَأخُذ بالأوَّل، وإن كان كلٌّ من المَعنيَيْن مُكتَمِلًا، ولكن ما يُوافِق ظاهِر اللَّفْظ هو الأَوْلى.
قوله: {وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ} أي: البُعْد عن الرحمة، وقوله: اللَّعْنة. لم يُبيِّن مِمَّن فتَعُمُّ {أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ} [البقرة: 161]، وفي آية أُخرَى:{وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ} [البقرة: 159]، فكُلُّ شيء يَلعَنهم نَسأَل الله العافِيةَ.
قوله: {وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ} قال المفَسِّر رحمه الله: [الآخِرة؛ أي: شدَّة عَذابها]{وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ} يُحتَمَل أن تَكون من باب إضافة الصِّفة إلى المَوْصوف؛ أي: الدار السُّوء، ويُحتَمَل أن يَكون على بابها، والمَعنَى: لهم سُوء الدار؛ أي: السَّيِّئ في الدار.
وعلى كل حال: المُراد بسُوء الدار؛ يَقول المفَسِّر: شدَّة عَذابها، ولكن لو قيل: إن سُوء الدار ما يَسوء من العَذاب الشديد وغير الشديد لكان أعَمَّ.