المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[تقسيم الموصول وتعريف كل قسم] - تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد - جـ ٢

[ناظر الجيش]

فهرس الكتاب

- ‌الباب الثامن باب الاسم العلم

- ‌[تعريف العلم]

- ‌[تقسيم العلم إلى منقول ومرتجل]

- ‌[تقسيم العلم إلى مفرد ومركب/ تقسيم المركب]

- ‌[تقسيم العلم إلى اسم وكنية ولقب]

- ‌[أحكام العلم ذي الغلبة]

- ‌[أحكام العلم ذي الأداة]

- ‌[تنكير العلم بالتثنية والجمع والإضافة وأحكام ذلك]

- ‌[مسميات الأعلام]

- ‌[حكم الصرف وعدمه لأنواع الأعلام]

- ‌[حكم أفعل وصفا للنكرة]

- ‌[حكم الأعداد من التعريف وغيره والصرف وغيره]

- ‌[حكم الكنايات من العلمية أو غيرها]

- ‌الباب التاسع باب الموصول

- ‌[تقسيم الموصول وتعريف كل قسم]

- ‌[الموصول من الأسماء وأنواعه - الموصولات الخاصة]

- ‌[جمع الذي والتي]

- ‌[الموصولات المشتركة ومعناها]

- ‌[حذف عائد الموصول بأنواعه]

- ‌[حكم أي الموصولة من البناء والإعراب]

- ‌[حكم أنت الذي فعل وفعلت]

- ‌[حكم وقوع شبه الجملة صلة للموصول]

- ‌[من وما ومراعاة اللفظ أو المعنى فيها]

- ‌[من وما: أنواعهما - معناهما]

- ‌[أنواع أيّ وأحكام كل نوع]

- ‌[الموصولات الحرفية - أن وكي وما ولو - وأحكامها]

- ‌[أحكام الموصول مع صلته]

- ‌الباب العاشر باب اسم الإشارة

- ‌[تعريفه - أنواعه]

- ‌[مرتبة المشار إليه]

- ‌[هاء التنبيه وأحكامها]

- ‌[فصل هاء التنبيه عن اسم الإشارة]

- ‌[إلحاق كاف الخطاب بأسماء الإشارة]

- ‌[إلحاق كاف الخطاب لبعض الكلمات الأخرى]

- ‌[تبادل أسماء الإشارة]

- ‌[الإشارة إلى المكان]

- ‌الباب الحادي عشر باب المعرّف بالأداة

- ‌[اختلافهم في الأداة]

- ‌[أنواع أل]

- ‌[حكم أل التي للجنس]

- ‌[أل الزائدة ومواضع الزيادة]

- ‌[مدلول إعراب الاسم من رفع أو نصب أو جر]

- ‌الباب الثاني عشر باب المبتدأ

- ‌[تعريفه - نوعاه]

- ‌[عامل الرفع في المبتدأ والخبر]

- ‌[الوصف الرافع للاسم وأحكامه]

- ‌[حذف الخبر جوازا ووجوبا ومسائل ذلك]

- ‌[مسألة ضربي زيدا قائما وبقية الحديث فيها]

- ‌[رفع الحال المنصوبة على الخبرية]

- ‌[إعراب الاسم المرفوع بعد لولا]

- ‌[الحال السادة مسد الخبر ووقوعها جملة]

- ‌[حذف المبتدأ جوازا ووجوبا ومسائل ذلك]

- ‌[حكم قولهم: زيد والريح يباريها - وقولهم: راكب الناقة طليحان]

- ‌[المبتدأ والخبر من جهة التعريف والتنكير]

- ‌[مواضع الابتداء بالنكرة]

- ‌[إعراب قولهم: كم مالك؟ وقولهم: ما أنت وزيد

- ‌[بعض مسائل تقديم الخبر]

- ‌[حكم «في داره زيد» وأشباهه]

- ‌[بقية مسائل تقديم الخبر وجوبا]

- ‌[الخبر: تعريفه وأنواعه وحديث طويل عنه]

- ‌[الخبر المشتق وغيره، وحكمهما في تحمل ضمير المبتدأ]

- ‌[استكنان الضمير الرابط وبروزه]

- ‌[أنواع الخبر الجملة، وحكم بعض الجمل في وقوعها أخبارا]

- ‌[روابط الخبر الجملة - جمل لا تحتاج إلى رابط]

- ‌[حكم الضمير الرابط من جواز حذفه أو بقائه]

- ‌[مجيء الخبر ظرفا والآراء في ذلك]

- ‌[حكم وقوع ظرف الزمان خبرا عن اسم العين والمعنى]

- ‌[جواز رفع ظرف الزمان الواقع خبرا ونصبه وجره]

- ‌[جواز رفع ظرف المكان الواقع خبرا ونصبه]

- ‌[جواز رفع ظرف الزمان الواقع خبرا ووجوب نصبه]

- ‌[جواز رفع ظرف الزمان الواقع خبرا ونصبه]

- ‌[جواز رفع المصدر الواقع خبرا ونصبه]

- ‌[تعدد الخبر وأنواعه]

- ‌[تعدد المبتدأ ونوعاه]

- ‌[اقتران الخبر بالفاء وجوبا وجوازا الأحكام وشروط ذلك]

- ‌[مسائل مختلفة في اقتران الخبر بالفاء]

الفصل: ‌[تقسيم الموصول وتعريف كل قسم]

‌الباب التاسع باب الموصول

* ‌

[تقسيم الموصول وتعريف كل قسم]

قال ابن مالك: (وهو من الأسماء ما افتقر أبدا إلى عائد أو خلفه وجملة صريحة أو مؤوّلة غير طلبية ولا إنشائيّة ومن الحروف ما أوّل مع ما يليه بمصدر ولم يحتج إلى عائد).

قال ناظر الجيش: الموصول اسمي وحرفي كما أشار إليهما في الكتاب.

فالاسمي: هو الّذي يفتقر في تمام مدلوله إلى جملة وذكر يعود منها إليه افتقارا مستمرّا. وهذا هو مضمون الحد الذي ذكره المصنف غير أنه عبر عن الاستمرار بقوله أبدا فكأنه قال: الموصول من الأسماء ما افتقر إلى جملة وعائد أبدا.

فما افتقر إلى جملة يشمل الموصول المذكور وحيث وإذ وإذا (1) لافتقار كل منها إلى جملة فأخرج الكلمات الثلاث (2) بقوله: وعائد، إذ هي غير مفتقرة إليه.

ولما أخرجها بقوله: وعائد دخل في الحد ما ليس مقصودا وهو النكرة الموصوفة بجملة فإنها حال وصفها بالجملة مفتقرة إليها وإلى العائد فاحتاج إلى إخراجها بقوله أبدا.

قال المصنف: لأن الموضع بالأصالة لمفرد تؤول به الجملة ويغني ذكره عنها، فالافتقار إلى ما تؤول به لا إليها، وإن صدق في الظاهر أنها مفتقرة إليها فلا يصدق على الافتقار إليها أنه كائن أبدا بخلاف الجملة الموصول بها، فإن الافتقار إليها كائن أبدا عند ذكر الموصول (3). -

(1) حيث وإذ وإذا أسماء مفتقرة في استعمالها إلى جملة لكنها مستغنية عن عائد فحيث اسم مكان عند غير الأخفش (انظر تفصيل الحديث في حيث في المغني (1/ 131) وما بعدها) وإذ ظرف للزمن الماضي ولها أوجه استعمالات كثيرة (انظر تفصيل ذلك في المغني (1/ 80) وما بعدها).

وإذا ظرف للزمن المستقبل ولها أوجه غير ذلك (انظر المغني: 1/ 87 وما بعدها).

(2)

كلمة الثلاث غير موجودة بنسخة (ب).

(3)

معناه أن النكرة الموصوفة بجملة تحتاج إلى عائد أبدا لكن الوضع ليس للجملة بالأصالة، بل هو للمفرد فإذا قلت: مررت برجل أخلاقه فاضلة فإنه في معنى: مررت برجل فاضل الأخلاق. لكن قد تستغني النكرة عن هذه الصفة فيقال: مررت برجل وهذا هو الفرق بين النكرة الموصوفة، والاسم الموصول فإن الأخير لا يستغني أبدا عن الصلة بخلاف النكرة. -

ص: 641

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

قلت: ولقائل أن يقول لا حاجة إلى الاحتراز بقوله أبدا لأن المراد بالافتقار ما يفتقر إليه ذلك الشيء في تمام مدلوله كما تقدم. والنكرة الموصوفة بالجملة لا تفتقر في تمام مدلولها إلى شيء. والصفة المذكورة بعدها مفردة كانت أو جملة مقصودة في ذاتها لإفادة معنى في الموصوف.

وإذا كان كذلك تبين أن قول المصنف: فالافتقار إلى ما تؤول بدلا إليها لا يتحقق؛ إذ ليس للنكرة افتقار إلى ذلك. وتقييده الافتقار بحال وصفها لا يفيد؛ إذ لو اعتبر ذلك لزم أن الافتقار صادق على كل كلمة تعرض؛ لأن الكلمة إذا تعلقت بأخرى صدق أن كلا منهما مفتقر إلى الآخر حال التعليق.

ولا شك أن هذا ليس بمراد، بل المراد الافتقار الذاتي كما هو افتقار الموصول.

وإذ قد تقرر هذا فلنرجع إلى لفظ الكتاب فنقول:

قوله: إلى عائد: احترز بالعائد من حيث وإذ وإذا، فإنها أسماء مفتقرة إلى جملة مستغنية عن عائد، واحترز بأبدا من النكرة الموصوفة بجملة كما تقدم تقرير ذلك.

وأشار بقوله: أو خلفه إلى أن العائد قد يغني عنه ظاهر يقوم مقامه كقول الشاعر:

314 -

فياربّ ليلى أنت في كلّ موطن

وأنت الذّي في رحمة الله أطمع (1)

[1/ 213] أراد في رحمته أطمع. -

- فإذا وصفت النكرة فإن هذه الصفة مقصودة لذاتها في إنشاء معنى جديد. أما جملة الصلة فإن الموصول محتاج إليها في إفادة معناه ولا قيمة له بدونها.

هذا بالنسبة لجملة الصلة أو الصفة، أما العائد فيهما فلا بد من وجوده - ظاهرا أو مقدرا - أو خلفه.

وقد وضحه ناظر الجيش أحسن توضيح.

(1)

البيت من بحر الطويل نسب في بعض مراجعه لمجنون بني عامر (الدرر: 1/ 46) وفي بعضها الآخر شكوك في هذه النسبة حيث لا يوجد البيت في ديوانه وقيل إنه لابن ميادة (حاشية شرح التسهيل) إلا أن البيت فيه روح ورقّة قيس بن الملوح المجنون وفيه اسم ليلاه.

قال ابن هشام في البيت: (2/ 504)«تقديره أنت الّذي في رحمته، وكان يمكنهم أن يقدّروا في رحمتك فكأنهم كرهوا بناء قليل على قليل» . وتفسيره أن الربط بضمير المخاطب بعد تقدم مثله على الموصول قليل والربط بالاسم الظاهر قليل بل أقل منه. أما الربط بضمير الغيبة فكثير شائع فحين قدروه في رحمتك - كما سيأتي في الشرح - كان فيه نيابة الظاهر الذي هو قليل عن ضمير المخاطب الذي هو قليل أيضا.

والبيت في شرح التسهيل: (1/ 186) وفي التذييل والتكميل: (3/ 6)، وفي معجم الشواهد (ص 218).

ص: 642

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

والجملة الصريحة تقابل المؤولة - وهي التي صرح فيها بجزئي الإسناد اسمية كانت أو فعلية - والمراد بالمؤولة: الظرف والمجرور والصفة، فإن كلّا منها يقع موقع الجملة الصريحة فإذا وصل بالظرف أو بما أشبهه وجب تعليقه بفعل مسند إلى ضمير الموصول.

وإذا وقعت الصفة صلة للألف واللام وجب تأولها بفعل ومن ثم عملت ماضية المعنى وحاضرته ومستقبلته. وإذا لم تقع صلة فلا تعمل إلا في حضور أو استقبال (1).

وقيدت الجملة الموصول بها بكونها غير طلبية ولا إنشائية؛ لأن الغرض بالصلة تحصيل الوضوح للموصول والجملة الطلبية لم يتحصل معناها بعد، فهي أحرى ألا يتحصل بها وضوح غيرها، وأما الإنشائية فإن حصول معناها مقارن لحصول لفظها فلا يصلح وقوعها صلة؛ لأن الصلة معرفة والموصول معرف بها فلا بد من تقدم الشعور بمعناها على الشعور بمعناه. هذا آخر الكلام على الحد.

ثم هاهنا أمور ينبّه عليها:

الأول: قد تقدم أن صورة حد الموصول على ما ذكره المصنف أن يقال:

هو ما افتقر إلى جملة وعائد أبدا، ثم إن صاحب الكتاب قدم الفصل على الجنس والفصل الثاني على الأول (2). والظاهر أن الذي أحوجه إلى ذلك إنما هو إرداف قوله إلى عائد بقوله أو خلفه، وإرداف قوله: أو جملة، بقوله: صريحة أو مؤولة غير طلبية ولا إنشائية، فلو أتى بالحد على النظم الأصلي لزم تأخر الفصل -

(1) معناه أن اسم الفاعل - أو ما يشبهه في العمل - إذا وقع صلة لأل فإنه يعمل مطلقا في الماضي أو الحاضر أو المستقبل؛ لأنه بمعنى الفعل والفعل ماض وحاضر ومستقبل، تقول: جاءني الضارب زيدا أمس. والآن وغدا، وإذا لم يكن صلة لأل عمل في الحاضر والمستقبل فقط؛ لأنه حينئذ يكون بمعنى المضارع وهو حاضر أو مستقبل يقول ابن مالك:

كفعله اسم فاعل في العمل

إن كان عن مضيّه بمعزل

وإن يكن صلة أل ففي المضي

وغيره إعماله قد ارتضي

(2)

ما ذهب إليه الشارح في تعريف الموصول وهو قوله: ما افتقر إلى جملة وعائد أبدا - هو الترتيب الصحيح للتعريف. وذلك لأن قوله: ما افتقر إلى جملة - جنس يشمل الموصول وغيره كحيث وإذ وإذا والنكرة الموصوفة، وقوله: وعائد - فصل أول أخرج به المذكورات غير النكرة. وقوله: أبدا - فصل ثان أخرج به النكرة المذكورة. وأما تعريف المصنف ففيه ما ذكره الشارح.

ص: 643

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

عن تقسيم الجملة وتقييدها. ولو لم يقدم الفصل الثاني على الأول لكان يقول وهو ما افتقر إلى عائد أو خلفه أبدا فيوهم أن قيد الأبدية يختص بالعائد فقط دون الجملة، فقدم أبدا ليعلم منه أنه قيد فيما يذكر بعده بكماله.

الثاني: من ورود الظاهر خلفا عن العائد قولهم: أبو سعيد الذي رويت عن الخدري. والحجاج الذي رأيت ابن يوسف. وقال أبو علي في التذكرة (1).

وقال رجل يخاطب ربه تعالى: وأنت الذي في رحمة الله أطمع.

فحمل على المعنى وكأنه قال: وأنت الذي في رحمتك أطمع.

ومن الناس من لا يجيز هذا وكذا قدره غيره: وأنت الذي في رحمتك أطمع قال: فأوقع الظاهر موقع المضمر.

قال: وهذا لم يجزه سيبويه في خبر المبتدأ فأحرى أن لا يجوز عنده في الصلة.

الثالث: نقل الشيخ في شرحه عن الكسائي أنه يجيز وقوع جملة الأمر والنهي صلة (2) وأن جملة الدعاء إذا كانت بلفظ الخبر أجاز الوصل بها المازني نحو: الذي يرحمه (3) الله زيد، وإن مذهب الكسائي يقتضي موافقة المازني.

قال: بل يكون ذلك أحرى (4). ولكنه لم يذكر على [1/ 214] ما نقله من ذلك استدلالا لواحد من الرجلين.

الرابع: جعل الشيخ قول المصنف: ولا إنشائية مخالفا لما قسم إليه الكلام من أنه خبر وطلب قال: وهنا جعل الجملة ثلاثة: خبرا وطلبا، وإنشاء (5) قلت: وليس: -

(1) التذييل والتكميل (1/ 588).

(2)

قال الشارح في قوله تعالى: وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتابِ وَأَقامُوا الصَّلاةَ إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ (الأعراف: 170).

إن الرابط فيه العموم لأننا لو جعلنا اللام في المصلحين للعهد لكان الربط بالمعنى وسيبويه لا يجيزه والمصنف تبع له في ذلك.

(3)

في نسخة (ب): رحمه.

(4)

علله أبو حيان فقال: إن الكسائي إذا أجاز الوصول بصيغة الأمر والنهي فلأن يجيزه مع صيغة الخبر المراد بها الدعاء أولى وأحرى (التذييل والتكميل: 3/ 7).

(5)

المرجع السابق.

ص: 644

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

في كلام المصنف تناقض فإنه كلامه في أول هذا الكتاب اقتضى أن الكلام ينقسم إلى الثلاثة. وعلى ذلك بنى كلامه وقد تقدم لنا تقرير ذلك وتحريره (1).

فالمصنف الآن ماش على مقتضى كلامه المتقدم.

وقد أجاز هشام (2) أن تكون جملة الصلة مصدرة بليت ولعل وعسى، وقد يستدل له بقول الشاعر:

315 -

وإنّي لرام نظرة قبل الّتي

لعلّي وإن شطّت نواها أزورها (3)

وقد تؤول ذلك على إضمار القول أي قبل التي أقول لعلي، أو على إضمار خبر لعلي وجعل أزورها صلة للتي، والتقدير قبل التي أزورها وإن شطت نواها لعلى أبلغ ذلك وفصل بين الصلة والموصول بجملة الاعتراض التي

هي «لعلي أبلغ ذلك» .

والمشهور أن عسى إنشاء لأنه ترج فهي نظيرة لعل لكن دخول الاستفهام عليها في نحو قوله تعالى: قالَ هَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتالُ (4) ووقوعها خبرا لإنّ في قول القائل:

316 -

[أكثرت في العذل ملحّا دائما]

لا تلحني إنّي عسيت صائما (5)

-

(1) قال الشارح: الكلام نوعان خبر وإنشاء والطلب نوع من الإنشاء ومنهم من جعله خبرا وطلبا ومنهم من جعله ثلاثة أنواع: خبرا وطلبا وإنشاء وهو رأي المصنف وعليه قرر كلامه.

(2)

هو هشام بن معاوية أبو عبد الله النحوي الكوفي الضرير سبقت ترجمته.

(3)

البيت من بحر الطويل من قصيدة للفرزدق يمدح فيها بلال بن أبي بردة بدأها بالغزل.

والبيت بهذه القافية (أزورها) خطأ وقع فيه النحاة القدامى حتى المتمرسون منهم (أبو حيان).

وصحته كما في رواية الديوان (2/ 106) .. لعلّي وإن شطّت نواها أنالها. وقد نبه على هذا الخطأ البغدادي في خزانة الأدب: (5/ 417) والشيخ محيي الدين في شرح الأشموني: (1/ 208).

وبعد بيت الشاهد قوله:

ألا ليت حظّي عليّة أنّني

إذا نمت لا يسري إليّ خيالها

وشاهد البيت واضح من الشرح، وما قيل فيه لا يخرج عما ذكره الشارح. والبيت في معجم الشواهد (ص 159) وفي التذييل والتكميل:(3/ 9).

(4)

سورة البقرة: 246.

(5)

هذان بيتان من الرجز المشطور قالهما رؤبة بن العجاج (انظر ملحقات ديوان رؤبة ص 185، الملحقة رقم: 91) ورواية البيت في الديوان:

... لا تكثرن إني عسيت صائما

اللغة: العذل: اللوم والتعنيف. ملحّا: من الإلحاح وهو التتابع. -

ص: 645

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

قد ينفي كونها إنشاء. وإذا انتفى ذلك صح وقوعها صلة.

وقد يستدل لذلك (1) بقوله:

317 -

وماذا عسى الواشون أن يتحدّقوا

سوى أن يقولوا إنّني لك عاشق (2)

ويقول الآخر:

318 -

وماذا عسى الحجّاج يبلغ جهده

[إذا نحن خلّفنا حفير زياد](3)

-

- المعنى: أيها العاذل الملح في عذله ولومه وإساءته إنه لا يمكن مقابلة كلامك بما يناسبه فإني صائم عن النطق المعيب وعن الفعل القبيح.

وشاهده هنا: واضح غير أن النحاة استشهدوا به لشيء آخر وهو مجيء خبر عسى اسما صريحا والواجب أن يكون فعلا مضارعا مقترنا بأن (الخصائص: 1/ 91). وانظر البيت في معجم الشواهد ص 533 وفي التذييل والتكميل (3/ 9).

(1)

أي لوقوع جملة الإنشاء صلة؛ لأن عسى قد وقعت صلة وهي تدل على الرجاء وهو إنشاء.

(2)

البيت من بحر الطويل من قصيدة في ديوان مجنون ليلى صدرت بهذه المقدمة: اجتاز رهط المجنون بحي ليلى فرأى المجنون أبيات أهل ليلى ولم يستطع الإلمام بها فقال هذه القصيدة. وبعد بيت الشاهد قوله:

نعم صدق الواشون أنت حبيبة

إليّ وإن لم تصف منك الخلائق

وبيت الشاهد وما بعده في ديوان جميل إلا أنهما برواية وامق بدلا من عاشق (ديوان جميل ص 143).

الشاهد هنا: وقوع جملة عسى ومعموليها صلة لاسم الموصول ذا وهو رأي هشام والكسائي وتبعه آخرون وخرجوا البيت على أن ماذا كلمة واحدة مبتدأ وخبره جملة عسى الواشون.

والبيت في معجم الشواهد (ص 246) وشرح التسهيل لأبي حيان (3/ 10) وقد سبقت ترجمة قيس مجنون ليلى في هذا التحقيق.

أما ترجمة جميل: هو جميل بن عبد الله بن معمر العذري شاعر من عشاق العرب المشهورين افتتن ببثينة وخطبها فرد عنها وتزوجت ابن عمها فشبب بها جميل حتى استعدى عليه أبوها مروان بن الحكم عامل معاوية بالمدينة فنذر ليقطعنّ لسانه ثم رحل جميل إلى مصر فأكرمه عبد العزيز بن مروان وأمر له بمنزل فأقام فيه حتى مات سنة (82 هـ) له ديوان شعر مطبوع (ترجمته في الشعر والشعراء: 1/ 441 والأعلام: 2/ 134).

(3)

البيت من بحر الطويل من مقطوعة نسبت للفرزدق في ديوانه (1/ 160) وفي شرح الحماسة (2/ 677) يهجو فيها الحجاج بن يوسف الثقفي حين هرب منه وقد توعده بالقتل.

ومعنى الشاهد: ماذا يصنع الحجاج رغم ملكه حينما يطلبنا فيجدنا قد تركنا أرضه وبعدنا عنه وجاورنا هذا النهر الذي حفره زياد ابن أبيه: وبعد الشاهد قوله:

فلولا بنو مراوان كان ابن يوسف

كما كان عبدا من عبيد إياد

وشاهده هنا: وقوع عسى في جملة الصلة واستشهد به آخرون على وقوع خبر عسى غير مقترن بأن.

كما استشهد به على أن خبر عسى يجوز أن يرفع السببي في رواية من رفع جهده. انظر مراجع البيت في معجم الشواهد (ص 115) وهو في التذييل والتكميل (1/ 591).

ص: 646

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

هذا إن جعلنا ذا في البيتين بمعنى الذي (1) والمانع يتأول ذلك كما تأول:

319 -

وإنّي لرام نظرة قبل الّتي

لعلّي

البيت

الخامس: لم يشترط المصنف في جملة الصلة ألا تكون تعجبية مع أنها ليست إنشاء على قول الأكثرين فيحتمل أن يكون مذهبه امتناع الوصل بها وأهمل التعرض لذكره.

ويحتمل أن يكون مذهبه جواز الوصل كما هو رأي ابن خروف ومن وافقه (2) فإنهم أجازوا ذلك، قالوا: كما جاز الوصف بها (3) في قولك: مررت برجل ما أحسنه.

وقد اعتل المانعون لذلك بأن الصلة موضحة وخفاء السبب في التعجب ينافي ذلك. ولا يخفى ضعف هذا الاعتلال فإنه لا يلزم من خفاء السبب خفاء مضمون الجملة الواقعة الصلة.

السادس: قال المصنف: «المشهور عند النحويين تقييد الجملة الموصول بها بكونها معهودة (4) وذلك غير لازم لأن الموصول قد يراد به معهود فتكون صلته معهودة كقوله تعالى: وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ (5).

ومنه قول الشاعر:

320 -

ألا أيّها القلب الّذي قاده الهوى

أفق لا أقرّ الله عينك من قلب (6)

-

(1) إنما قال ذلك لأنها تحتمل وجها غير ذلك وهو أن تكون زائدة (شرح الكافية للرضي: 1/ 95) كما تحتمل أن تكون ذا مركبة مع ما اسم استفهام وهو مشهور.

(2)

الهمع (1/ 86) وحاشية الصبان (1/ 164).

(3)

المشبه مقدر، وأصل الكلام: أنه يجوز الوصول بجملة التعجب كما جاز الوصف بها في قولك

إلخ.

(4)

أي معلومة لدى المخاطب لأن الموصول صفة والصفة لا بد أن تكون معلومة لأن الصفات لم يؤت بها ليعلم المخاطب بشيء يجهله وأما الصلة المبهمة أي المجهولة للمخاطب فلا يجوز الوصل بها إلا في معرض التفخيم والتهويل: فمثال الأول قوله تعالى: فَأَوْحى إِلى عَبْدِهِ ما أَوْحى [النجم: 10] ومثال الثاني قوله تعالى: فَغَشِيَهُمْ مِنَ الْيَمِّ ما غَشِيَهُمْ [طه: 78].

(5)

سورة الأحزاب: 37.

(6)

البيت من بحر الطويل غير منسوب لقائل معين. وقبله:

وقلت لقلبي حين لجّ به الهوى

وكلّفني ما لا أطيق من الحبّ

وشاهده: وقوع جملة الصلة معهودة معروفة.

والبيت في شرح التسهيل (1/ 187) وفي التذييل والتكميل (1/ 590) وليس في معجم الشواهد.

ص: 647

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[1/ 215] وقد يراد به الجنس فتوافقه صلته كقوله تعالى: كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِما لا يَسْمَعُ إِلَّا دُعاءً وَنِداءً (1).

ومنه قول الشاعر:

321 -

فيسعى إذا أبني ليهدم صالحي

وليس الّذي يبني كمن شأنه الهدم (2)

وقد يقصد تعظيم الموصول فتبهم صلته كقول الشاعر:

322 -

فإن أستطع أغلب وإن يغلب الهوى

فمثل الّذي لاقيت يغلب صاحبه (3)

وكقول الآخر: -

(1) سورة البقرة: 171.

(2)

البيت من بحر الطويل قاله معن بن أوس المزني من قصيدة طويلة فيها دعوة إلى الخلق الحسن والأدب العالي الرفيع حفظها القدماء وتباروا في إنشادها (انظر القصيدة وأخبارها في الأمالي لأبي علي القالي (2/ 115) ومطلعها:

وذي رحم قلّمت أظفار ضغنه

بحلمي عنه ليس له حلم

يحاول رغمي لا يحاول غيره

وكالموت عندي أن يحلّ به الرّغم

وشاهده: وقوع جملة الصلة مرادا به الجنس.

والبيت ليس في معجم الشواهد وهو في شروح التسهيل لابن مالك: (1/ 187) ولأبي حيان: (1/ 8) وللمرادي: (1/ 184).

ترجمة معن بن أوس: هو معن بن أوس بن نصر بن زياد المزني شاعر من مخضرمي الجاهلية والإسلام له مدائح في جماعة الصحابة. رحل إلى الشام والبصرة وكف بصره في آخر أيامه وكان يتردد إلى عبد الله ابن عباس وجعفر بن أبي طالب فيبالغان في إكرامه وله أخبار مع عمر بن الخطاب وكان معاوية يفضله في الشعر وهو صاحب هذه القصيدة التي أولها (من الطويل):

لعمرك ما أدري وإنّي لأوجل

على أيّنا تعدو المنيّة أوّل

توفي سنة (64 هـ). (الأعلام: 8/ 192).

(3)

البيت من بحر الطويل من مقطوعة قصيرة لابن ميادة في الأمالي: (1/ 205) وهي من أرق الغزل وقبل الشاهد قوله:

وأشفق من وشك الفراق وإنّني

أظنّ لمحمول عليه فراكبه

فو الله ما أدري أيغلبني الهوى

إذا جدّ جدّ البين أم أنا غالبه

فإن أستطع أغلب ......

إلخ وشاهده واضح والبيت في شروح التسهيل لابن مالك: (1/ 187) ولأبي حيان: (1/ 590).

وللمرادي: (1/ 184) وفي معجم الشواهد (ص 43).

ص: 648

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

323 -

وكنت إذا أرسلت طرفك رائدا

لقلبك يوما أتعبتك المناظر

رأين الذي لا كلّه أنت قادر

عليه ولا عن بعضه أنت صابر (1)

انتهى (2).

والظاهر أن من شرط في الصلة أن تكون معهودة إنما يريد به صلة ما كان معهودا لا الصلة على الإطلاق، وقد قال النحاة من جملة الصلة أن تكون معلومة للمخاطب؛ لأن الموصول وضع صلة إلى وصف المعارف بالجمل، وقياس الصفات كلها أن تكون معلومة؛ لأن الصفات لم يؤت بها ليعلم المخاطب بشيء يجهله بخلاف الأخبار.

وأما حد الموصول الحرفي: فقد أشار إليه المصنف بقوله: ومن الحروف ما أوّل مع ما يليه بمصدر ولم يحتج إلى عائد.

قال (3): فقولي: ما أول بمصدر يتناول صه ونحوه (4) فإنه يؤول بمصدر معرفة إن لم ينون وبمصدر نكرة إن نون، ويتناول أيضا الفعل المضاف إليه نحو قمت حين قمت (5) فإن معناه حين قيامك، ويتناول أيضا نحو هو من قوله تعالى: هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوى (6) فإنه بمعنى العدل فاحترزت من هذه الأشياء ونحوها بقولي: -

(1) البيتان من بحر الطويل وهما في عيون الأخبار لابن قتيبة (4/ 22) وكذلك هما في الإنصاف (2/ 804) إلا أن صاحب الإنصاف نسبهما إلى امرأة لم يعينها قالتها حين تعرض لها بعض الناس في قصة طويلة ذكرها صاحب عيون الإخبار والإنصاف.

اللغة: رائدا: الرائد الذي يتقدم القافلة ليتأمل حال الماء والكلأ. طرفك: عينك. المناظر: الأوجه الحسان.

الإعراب: رائدا: منصوب على الحال. أتعبتك المناظر: جواب إذا. رأيت الذي

إلخ تفصيل لما أجمل في البيت الأول.

وقائلة البيتين تشفق على من يحب ويهوى بأنه لن يستطيع الصبر على دلال وهجر وتعذيب من يحب فالأولى به أن يبتعد عن الحب ولا يطاوع عينه وقلبه.

وشاهده قوله: رأيت الذي لا كله أنت قادر عليه حيث قصد بالصلة هنا تعظيم الموصول.

والبيتان: في معجم الشواهد (ص 157) ولم يذكر إلا في مرجع الإنصاف. وهما أيضا في ديوان الحماسة (3/ 1283) وفي شرح التسهيل (1/ 188) وفي التذييل والتكميل (1/ 8).

(2)

شرح التسهيل (1/ 188).

(3)

شرح التسهيل (1/ 188).

(4)

انظر ما سيذكره المصنف الآن من الشرح. ثم انظر بعد ذلك كيف يبطل كلامه ناظر الجيش بالمنطق والحجة.

(5)

في نسخة (ب): نحو حين قمت قمت وهما سواء.

(6)

سورة المائدة: 8.

ص: 649

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

مع ما يليه فإن هذه الأشياء مؤولة بمصادر لا مع شيء يليها بخلاف الحروف الموصولة فإنها تؤول بمصادر مع ما يليها من صلاحتها.

ولما كان الذي يوصف به مصدر ثم يحذف المصدر ويقام هو مقامه فيصدق عليه حينئذ أنه مؤول مع ما يليه بمصدر مع أنه ليس من الحروف الموصولة احترزت منه بعدم الاحتياج إلى عائد، فإن الذي الموصوف به مصدر على ما قدر (1) لا يستغني عن عائد ومثال ذلك قوله تعالى: وَخُضْتُمْ كَالَّذِي خاضُوا (2) أي كالخوض الذي خاضوه فحذف الخوض وأقيم الذي مقامه، وحذف العائد إلى الذي لأنه منصوب متصل بفعل وحذف مثله كثير. هذا كلام المصنف (3).

وفي قوله: إن صه مؤوّل بمصدر وكذا هو من قوله تعالى: هُوَ أَقْرَبُ [المائدة: 8] نظر فإن صه نائب عن اسكت؛ لأنه اسم له واسكت له دلالة على المصدر ولا يؤول شيء منهما بمصدر.

وغاية ما ذكره المصنف من ترك التنوين إن أريد المصدر المعرف وذكره إن أريد المصدر المنكر أن تكون صه نائبا عنه ولا يلزم عن النائب من شيء أن يكون النائب مؤولا بذلك الشيء.

وأما هو من هُوَ أَقْرَبُ فهو عائد على المصدر فمدلوله مدلول المصدر [1/ 216].

وأما الذي في قوله تعالى: وَخُضْتُمْ كَالَّذِي خاضُوا مؤول مع ما يليه بمصدر لأنه نعت لمصدر محذوف فغير ظاهر أيضا؛ لأنه إذا قدر الذي صفة امتنع تأويله بالمصدر وإذا أول بالمصدر امتنع كونه صفة (4) وإذا كان كما ذكرنا

فلا يكون في -

(1) أي ثم يحذف المصدر ويقام هو مقامه.

(2)

سورة التوبة: 69.

(3)

شرح التسهيل: (1/ 188).

(4)

هذا رأي وهو أن الذي مؤول مع ما بعده بمصدر، والرأي الآخر هو أن الذي موصول اسمي مفرد وقع موقع الجمع على وجهين:

الأول: أنه اسم جنس كمن وما.

الثاني: أنه أراد الذين فحذف النون لطول الكلام بالصلة. (التبيان في إعراب القرآن للعكبري (2/ 650) والبحر المحيط: 5/ 69).

وقال الدكتور محمود يسري زعير في كتابه: أسرار النحو في ضوء أساليب القرآن (1/ 242): «والحقّ -

ص: 650