المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[أحكام الموصول مع صلته] - تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد - جـ ٢

[ناظر الجيش]

فهرس الكتاب

- ‌الباب الثامن باب الاسم العلم

- ‌[تعريف العلم]

- ‌[تقسيم العلم إلى منقول ومرتجل]

- ‌[تقسيم العلم إلى مفرد ومركب/ تقسيم المركب]

- ‌[تقسيم العلم إلى اسم وكنية ولقب]

- ‌[أحكام العلم ذي الغلبة]

- ‌[أحكام العلم ذي الأداة]

- ‌[تنكير العلم بالتثنية والجمع والإضافة وأحكام ذلك]

- ‌[مسميات الأعلام]

- ‌[حكم الصرف وعدمه لأنواع الأعلام]

- ‌[حكم أفعل وصفا للنكرة]

- ‌[حكم الأعداد من التعريف وغيره والصرف وغيره]

- ‌[حكم الكنايات من العلمية أو غيرها]

- ‌الباب التاسع باب الموصول

- ‌[تقسيم الموصول وتعريف كل قسم]

- ‌[الموصول من الأسماء وأنواعه - الموصولات الخاصة]

- ‌[جمع الذي والتي]

- ‌[الموصولات المشتركة ومعناها]

- ‌[حذف عائد الموصول بأنواعه]

- ‌[حكم أي الموصولة من البناء والإعراب]

- ‌[حكم أنت الذي فعل وفعلت]

- ‌[حكم وقوع شبه الجملة صلة للموصول]

- ‌[من وما ومراعاة اللفظ أو المعنى فيها]

- ‌[من وما: أنواعهما - معناهما]

- ‌[أنواع أيّ وأحكام كل نوع]

- ‌[الموصولات الحرفية - أن وكي وما ولو - وأحكامها]

- ‌[أحكام الموصول مع صلته]

- ‌الباب العاشر باب اسم الإشارة

- ‌[تعريفه - أنواعه]

- ‌[مرتبة المشار إليه]

- ‌[هاء التنبيه وأحكامها]

- ‌[فصل هاء التنبيه عن اسم الإشارة]

- ‌[إلحاق كاف الخطاب بأسماء الإشارة]

- ‌[إلحاق كاف الخطاب لبعض الكلمات الأخرى]

- ‌[تبادل أسماء الإشارة]

- ‌[الإشارة إلى المكان]

- ‌الباب الحادي عشر باب المعرّف بالأداة

- ‌[اختلافهم في الأداة]

- ‌[أنواع أل]

- ‌[حكم أل التي للجنس]

- ‌[أل الزائدة ومواضع الزيادة]

- ‌[مدلول إعراب الاسم من رفع أو نصب أو جر]

- ‌الباب الثاني عشر باب المبتدأ

- ‌[تعريفه - نوعاه]

- ‌[عامل الرفع في المبتدأ والخبر]

- ‌[الوصف الرافع للاسم وأحكامه]

- ‌[حذف الخبر جوازا ووجوبا ومسائل ذلك]

- ‌[مسألة ضربي زيدا قائما وبقية الحديث فيها]

- ‌[رفع الحال المنصوبة على الخبرية]

- ‌[إعراب الاسم المرفوع بعد لولا]

- ‌[الحال السادة مسد الخبر ووقوعها جملة]

- ‌[حذف المبتدأ جوازا ووجوبا ومسائل ذلك]

- ‌[حكم قولهم: زيد والريح يباريها - وقولهم: راكب الناقة طليحان]

- ‌[المبتدأ والخبر من جهة التعريف والتنكير]

- ‌[مواضع الابتداء بالنكرة]

- ‌[إعراب قولهم: كم مالك؟ وقولهم: ما أنت وزيد

- ‌[بعض مسائل تقديم الخبر]

- ‌[حكم «في داره زيد» وأشباهه]

- ‌[بقية مسائل تقديم الخبر وجوبا]

- ‌[الخبر: تعريفه وأنواعه وحديث طويل عنه]

- ‌[الخبر المشتق وغيره، وحكمهما في تحمل ضمير المبتدأ]

- ‌[استكنان الضمير الرابط وبروزه]

- ‌[أنواع الخبر الجملة، وحكم بعض الجمل في وقوعها أخبارا]

- ‌[روابط الخبر الجملة - جمل لا تحتاج إلى رابط]

- ‌[حكم الضمير الرابط من جواز حذفه أو بقائه]

- ‌[مجيء الخبر ظرفا والآراء في ذلك]

- ‌[حكم وقوع ظرف الزمان خبرا عن اسم العين والمعنى]

- ‌[جواز رفع ظرف الزمان الواقع خبرا ونصبه وجره]

- ‌[جواز رفع ظرف المكان الواقع خبرا ونصبه]

- ‌[جواز رفع ظرف الزمان الواقع خبرا ووجوب نصبه]

- ‌[جواز رفع ظرف الزمان الواقع خبرا ونصبه]

- ‌[جواز رفع المصدر الواقع خبرا ونصبه]

- ‌[تعدد الخبر وأنواعه]

- ‌[تعدد المبتدأ ونوعاه]

- ‌[اقتران الخبر بالفاء وجوبا وجوازا الأحكام وشروط ذلك]

- ‌[مسائل مختلفة في اقتران الخبر بالفاء]

الفصل: ‌[أحكام الموصول مع صلته]

[أحكام الموصول مع صلته]

قال ابن مالك: (الموصول والصّلة كجزأي اسم فلهما ما لهما من ترتيب ومنع فصل بأجنبي إلّا ما شذّ فلا يتبع الموصول ولا يخبر عنه ولا يستثنى منه قبل تمام الصّلة أو تقدير تمامها. وقد ترد صلة بعد موصولين أو أكثر مشتركا فيها أو مدلولا بها على ما حذف. وقد يحذف ما علم من موصول غير الألف واللام ومن صلة غيرهما، ولا تحذف صلة حرف إلا ومعمولها باق ولا موصول حرفيّ إلا أن، وقد يلي معمول الصّلة الموصول إن لم يكن حرفا أو الألف واللام، ويجوز تعليق حرف جرّ قبل الألف واللام بمحذوف دلّ عليه صلتها، ويندر ذلك في الشّعر مع غيرها مطلقا ومعها غير مجرور بمن).

قال ناظر الجيش: اشتمل هذا الفصل على مسائل:

الأولى: بيان نسبة الصلة من الموصول: وتقرير ذلك (1): أن للموصول مع الصلة شبها بشطري الاسم وأشبه الأسماء منهما المركب تركيب مزج كبعلبك، فإن المفرد مباين لهما بعدم التركيب والمضاف والجملة مباينان لهما بتأثير صدريهما في عجزيهما، والمركب تركيب مزج خال من تلك المباينات فكان شبههما به أولى بالاعتبار.

والضمير في قوله: فلهما عائد على الموصول والصلة، وفي قوله: ما لهما عائد على جزأي الاسم أي للموصول من التقدم ما لصدر الاسم المشار إليه وللصلة من المتأخر ما لعجزه فهذا هو المراد بالترتيب؛ لأن الصلة لا يتقدم بعض أجزائها على بعض كما لا يتقدم بعض أجزاء العجز على بعض بل يجوز في الجملة الموصول بها من تقديم وتأخير ما يجوز فيها قبل كونها صلة ما لم يعرض في الوصل مانع من بعض ما كان جائز، وسيأتي بيان ذلك إن شاء الله تعالى.

وكما وجب الترتيب وجب منع الفصل بأجنبي سواء كان الفصل بين الصلة والموصول أم بين أجزاء الصلة والمراد بالأجنبي ما لا يتعلق بالصلة وسيذكر.

وقد فهم من قوله: ومنع فصل بأجنبي أن الفصل بما ليس أجنبيّا لا يمنع.

وغير الأجنبي على ما ذكره في الشرح أربعة أشياء (2): -

(1) ما سيذكره منقول من شرح التسهيل لابن مالك (1/ 231).

(2)

المرجع السابق.

ص: 774

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[1/ 266] الأول: القسم: وذلك على أنه يؤكد الجملة الموصولة بها كقول النبي صلى الله عليه وسلم: «فأبّنوهم بمن والله ما علمت عليهم من سوء قطّ» (1).

ومنه قول الشاعر:

468 -

ذاك الّذي وأبيك يعرف مالكا

والحقّ يدفع ترّهات الباطل (2)

الثاني: جملة الاعتراض: كقول الشاهد:

469 -

ماذا ولا عتب في المقدور رمت أما

يكفيك بالنّجح أم خسر وتضليل (3)

ففصل بين ذا ورمت بلا عتب في المقدور؛ لأن فيه توكيدا أو تشديدا لمضمون -

(1) الحديث بنصه في صحيح مسلم (8/ 118) في كتاب التوبة: باب في حديث الإفك وقبول توبة التائب، وأصله حديث الإفك المشهور الذي

اتهمت به عائشة والتي برأها القرآن بعشر آيات من سورة النور (آيات: 11 - 20) والذي اتهمها به عبد الله بن أبي وبعض المنافقين وصعد النبي عليه السلام المنبر وطلب من الناس أن يأخذوا بثأره من هؤلاء.

روت عائشة فقالت: لما ذكر من شأني الذي ذكر وما علمت به قام رسول الله صلى الله عليه وسلم خطيبا فتشهد فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله ثم قال: أشيروا عليّ في أناس أبّنوا أهلي (اتهموهم بسوء) وايم الله ما علمت على أهلي من سوء قطّ وأبّنوهم بمن والله ما علمت عليه من سوء قط (يقصد صفوان بن المعطل) ولا دخل بيتي إلّا وأنا حاضر ولا غبت في سفر إلّا غاب معي

إلخ ويقصد بذلك صفوان الذي حمل عائشة من مكان نزولها إلى المدينة.

(2)

البيت من بحر الكامل من قصيدة لجرير بن عطية يخاطب بها يحيى بن عقبة الطهوي (ديوان جرير ص 345).

اللغة: الترهات: جمع ترهة بالتشديد وهي الأباطيل.

وروي البيت: يدمغ مكان يدفع، وهو بمعناه.

والبيت شاهده قوله: ذاك الذي وأبيك يعرف حيث فصل بين الموصول وصلته بالقسم. والبيت في معجم الشواهد (ص 320) وهو في التذييل والتكميل (3/ 164).

(3)

البيت من بحر البسيط ورد في مراجع قليلة غير منسوب.

اللغة: العتب: بضم العتين العتاب. رمت: أردت. المقدور: المقدر والمكتوب. النجح: النجاح.

يقول لصاحبه: ماذا تريد وقد نلت نجاحا عظيما هل تريد الضلال والخسران وكل شيء مكتوب.

وفي البيت: فصل بين جملة الصلة والموصول وأصله: ماذا رمت ولا عتب في المقدور.

قال أبو حيان: ولا يتعين في ماذا أن تكون ذا موصولة إذ يحتمل أن تكون ماذا كلها استفهامية وهو أحد محاملها. والهاء زائدة في فاعل يكفي وخسر وتضليل بالرفع عطفا على محل الفاعل.

والبيت في معجم الشواهد (ص 294) وفي شروح التسهيل لابن مالك (1/ 232) ولأبي حيان (3/ 165) وللمرادي (1/ 237).

ص: 775

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الجملة الموصول بها ومن ذلك قوله تعالى: وَالَّذِينَ كَسَبُوا السَّيِّئاتِ جَزاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِها وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ (1) فقوله تعالى: وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ من كمال الصلة لأنه معطوف على كسبوا، وحصل الفصل بقوله تعالى: جَزاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِها لأن في ذلك تشديدا وتبيينا.

الثالث: الجملة الحالية: كقول الشاعر:

470 -

إنّ الّذي وهو مثر لا يجود حر

بفاقة تعتريه بعد إثراء (2)

فقوله: وهو مثر جملة حالية، العامل فيها فعل الصلة وهو يجود وما عمل فيه فعل الصلة فهو من الصلة، فلا يكون

أجنبيّا. ومن ثم قال المصنف: والجملة الحالية أولى ألّا تعدّ أجنبية.

الرابع: النداء الذي يليه مخاطب: كقول الشاعر:

471 -

وأنت الّذي يا سعد بؤت بمشهد

كريم وأبواب المكارم والحمد (3)

-

(1) سورةيونس: 27.

(2)

البيت من بحر البسيط غير منسوب في مراجعه ولم يذكر في معجم الشواهد مع وروده في الهمع (1/ 88) والدرر (1/ 65).

اللغة: المثري: صاحب الثراء. حر: حقيق. الفاقة: العوز والحاجة. تعتريه: تصيبه.

وفي البيت دعوة إلى الكرم والسخاء وبخاصة إذا صار الإنسان غنيّا فمن اغتنى وظل بخيلا حقيق أن يعود إلى ما كان عليه من الفقر والحاجة. وشاهده واضح. والبيت في شرح التسهيل (1/ 232) وفي التذييل والتكميل (3/ 166).

(3)

البيت من مقطوعة لحسان بن ثابت يرثي فيها سعد بن معاذ سيد الأوس الذي سمعت فيه قريش وفي سعد بن عبادة صائحا يصيح على جبل أبي قبيس يقول:

فإن يسلم السّعدان يصبح محمّد

بمكّة لا يخشى خلاف المخالف

وسعد بن معاذ هو الذي رضي رسول الله صلى الله عليه وسلم حكمه في بني قريظة لما غدروا به وكان الحكم أن تقتل الرجال وتسبى الذرية والنساء وإلى هذا يشير حسان بقوله هذا الشاهد مخاطبا سعدا (ديوان حسان ص 114):

بحكمك في حيّي قريظة بالذي

قضى الله فيهم ما قضيت على عمد

فوافق حكم الله حكمك قاطعا

ولم تعف إذ ذكّرت ما كان من عهد

والبيت في شروح التسهيل لابن مالك (1/ 232) ولأبي حيان (3/ 166) وللمرادي (1/ 238) وفي معجم الشواهد (ص 108).

ص: 776

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وعبر في شرح الكافية عن ذلك بأن قال (1): إن كان الّذي يلي المنادى هو المنادى في المعنى» وهو أحسن وأبين من قوله: الّذي يليه مخاطب.

فإن لم يكن الفصل بشيء من هذه الأربعة بل كان بغيرها عد أجنبيّا. وكان الفصل به شاذّا فمن ذلك قول الشاعر:

472 -

وأبغض من وضعت إليّ فيه

لساني معشر عنهم أذود (2)

ففصل بين فيه لساني وبين ما تعلق به وهو وضعت بإليّ وهو أجنبي؛ لأنه متعلق بما قبل الموصول وهو أبغض والأصل أن يقال وأبغض من وضعت فيه لساني إلى معشر.

وإلى الفصل الذي في البيت الإشارة بقوله: إلّا ما شذّ.

ومن الفصل بأجنبي: الفصل بالنداء الذي يليه غير المنادى في المعنى كقول الشاعر:

473 -

تعشّ فإن عاهدتني لا تخونني

نكن مثل من يا ذئب يصطحبان (3)

وهذا الفصل كأنه دون الفصل المذكور في البيت قبله، ولهذا قال المصنف (4). -

(1) انظر نصه في شرح الكافية الشافية لابن مالك (1/ 308) تحقيق د/ عبد المنعم هريدي.

(2)

البيت من بحر الوافر من مقطوعة قصيرة لعقيل بن علفة بن الحارث المري عزف بكبرة واعتزازه بنفسه وهو من شعراء الدولة الأموية والأبيات التي قالها في شرح ديوان الحماسة (1/ 401) وبعد بيت الشاهد قوله:

ولست بسائل جارات بيتي

أغيّاب رجالك أم شهود

ومعنى البيت: يقول: إنه يحسن إلى أهله وإن كانوا يسيئون إليه وهو يكرمهم وهم متحاملون عليه فإن انتقصتهم بلساني فإني أدافع عنهم وقت اللزوم وأصل ترتيب البيت:

وأبغض من وضعت لساني فيه

إليّ معشر أذود عنهم

ففصل بين الصلة ومعمولها بقوله إليّ. وهو أجنبي حيث كان يتعلق بالمضاف إلى الموصول والأصل تأخيره بعد لساني.

وذكر بعضهم أن من نكرة فالجملة بعدها صفة وقد فصل بينها أيضا، ولكن احتمال الفصل في الصفة أقرب منه في الصلة (المرزوقي في الحماسة).

والبيت في شروح التسهيل لابن مالك (1/ 233) ولأبي حيان (3/ 166) وللمرادي (1/ 238) وهو في معجم الشواهد (ص 107).

(3)

البيت من بحر الطويل سبق الاستشهاد به والحديث عنه.

وأما شاهده هنا فهو قوله: من يا ذئب يصطحبان حيث فصل بين الموصول وصلته بالمنادى الذي لم يله مخاطب ضرورة.

(4)

أي في شرحه على التسهيل (1/ 233).

ص: 777

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

إنّ الفصل في البيت الأول أجنبي محض.

ثم إن المصنف رتب على كون الموصول والصلة كجزأي اسم أحكاما ثلاثة أشار إليها بقوله: فلا يتبع الموصول ولا يخبر عنه ولا يستثنى منه قبل تمام الصّلة ولكون ذلك مرتبا على ما قبله قرنه بالفاء المشعرة بالسببية، فعلى هذا يمتنع قبل ذكر الصلة بتمامها نعته والعطف عليه عطف بيان أو نسق وتوكيده والبدل منه وأمثلة ذلك ظاهرة (1).

وكذا يمتنع أن يخبر عنه قبل التمام أيضا فلا يقال: الّذي مسيء ظلم زيدا أي الّذي ظلم زيدا مسيء. وكذا يمتنع أن يستثنى منه قبل التمام أيضا.

[1/ 267] فلا يقال: جاء الذين إلا زيدا أحسنوا أي جاء الذين أحسنوا إلّا زيدا.

ثم لما ورد قول الشاعر:

474 -

لسنا كمن جعلت إياد دارها

تكريت تمنع حبّها أن يحصدا (2)

وكان ظاهره أن إيادا بدل من من في رواية من جر وبدل من الضمير المستكن في جعلت في رواية من رفع إيادا ويلزم من ذلك البدل قبل تمام الصلة؛ لأن دارها تكريت معمولان لجعلت الذي هو الصلة. خرج (3) على أن الصلة تمت عند قوله -

(1) مثال نعت الموصول قبل تمام الصلة قولك: جاء الذي المجتهد نجح وأصله جاء الّذي نجح المجتهد، ومثال العطف عليه عطف بيان: جاء الذي زيد نجح، وأصله: جاء الّذي نجح زيد، ومثال عطف النسق: جاء الذي وزيد نجح وأصله جاء الّذي نجح وزيد، ومثال توكيده: جاء الذي نفسه نجح، وأصله جاء الّذي نجح نفسه ومثال البدل: جاء الّذي أخوك نجح، وأصله جاء الّذي نجح أخوك.

(2)

البيت من بحر الكامل من قصيدة للأعشى قالها لكسرى حين أراد أن يأخذ منهم رهائن لما أغار الحارث بن وعلة على بعض السواد (انظر ديوان الأعشى ص 56).

اللغة: إياد: قبيلة كبيرة من معد كانوا نزلوا العراق واستقلوا بالزرع. تكريت: بلد على نهر دجلة بين بغداد والموصل. الحبّ: جنس للحبة يذكر ويؤنث.

والأعشى: يفتخر في البيت بأن قومه شجعان وأقوياء ليسوا كهذه القبيلة التي كل همها الزرع وحصد الحب.

والشاهد في البيت واضح من الحديث الطويل عنه في الشرح.

وهو في معجم الشواهد (ص 98) وفي التذييل والتكميل (3/ 167) وفي شرح التسهيل للمرادي (1/ 238) ومعاني القرآن للفراء (1/ 428).

(3)

جواب لما في قوله: ثم لما ورد قول الشاعر.

ص: 778

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

جعلت ثم أبدل بعد تمام الصلة وينتصب دارها تكريت بفعل محذوف يدل عليه المذكور، أي جعلت دارها تكريت، وإلى ذلك أشار المصنف بقوله: أو تقدير تمامها. وقد قيل: إن ذلك ضرورة يعني أنه أبدل من الموصول قبل تمام صلته.

وأما قول الشاعر:

475 -

كذلك تلك وكالناظرات

صواحبها ما يرى المسحل (1)

فقال المصنف في شرح الكافية: «التقدير كذلك الحمار الوحشيّ تلك النّاقة وصواحبها كالناظرات ما يرى المسحل ففصل بصواحبها وهو مبتدأ بين ما يرى المسحل والناظرات.

والألف واللّام بمعنى اللّاتي وصلتها ناظرات وما يرى المسحل، وينبغي في مثل هذا أن يقدر تمام الصّلة ما يظهر أنه منها ويقدر له عامل مدلول عليه بالصلة فهذا أسهل من الفصل بين جزأي الصّلة» انتهى (2).

وأشعر قوله: فهذا أسهل من الفصل أن من لا يقدر تمام الصلة عند قوله:

وكالناظرات صواحبها يجعل ذلك ضرورة كما قبل في البيت المتقدم الذي أوله لسنا كمن جعلت إنه ضرورة عند من لا يقدر تمام الصلة عند قوله جعلت.

واعلم أنه قد يقال: قد تضمن كلام المصنف تشبيه الموصول بالصلة بجزأي اسم -

(1) البيت من بحر المتقارب قاله الكميت بن زيد الأسدي في وصف ناقته (شعر الكميت: 2/ 35).

اللغة: كذلك: الإشارة إلى الحمار الوحشي. تلك: إشارة إلى ناقته. الناظرات: بمعنى المنتظرات.

المسحل: الحمار واشتقاقه من السحيل وهو النهيق.

المعنى: هذه الناقة وصواحبها مثل الأتن المنتظرات ما يفعله الحمار الوحشي من الورود ليفعلن مثله.

الشاهد فيه: زاده ابن الشجري وضوحا فقال: «قوله ما يرى المسحل كان حقّه أن يقدم على المبتدأ الذي هو صواحبها لأنه في المعنى معمول للناظرات فلما قدم صواحبها عليه لم ير أهل العربية نصبه إلّا بمضمر يدل عليه ما تقدّم لأن الفصل بينه وبين الناظرات ممتنع بعد دخوله في صلة الألف واللّام فهو مع الفصل خارج عندهم من الصلة محمول على فعل مقدر كأنه قال: وكالنّاظرات صواحبها أضمر ينتظرن» . الأمالي (1/ 191).

والبيت في معجم الشواهد (229) وهو في التذييل والتكميل (3/ 167).

(2)

انظر شرح الكافية لابن مالك (1/ 309، 310) تحقيق د/ عبد المنعم هريدي.

وفيه ذكر ابن مالك أنه يجوز الفصل بين الموصول والصلة بأشياء منها المنادى والقسم ومثل ذلك ثم قال:

«فالفصل بهذا لا يختصّ بضرورة بخلاف الفصل بغيره فإنه لا يستباح إلّا في الضّرورة كقوله:

كذلك تلك وكالنّاظرات

بيت الشاهد. وعلق عليه، وهو بنصه كما هنا.

ص: 779

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

ورتب على ذلك الشبه قوله: فلهما ما لهما من ترتيب ومنع فصل بأجنبي وفهم منه ألا يمنع الفصل بما ليس أجنبيّا كما تقدم، ولا شك أن الفصل بين جزأي الاسم يمتنع مطلقا سواء كان الفاصل أجنبيّا أم غير أجنبي فكيف يصح التشبيه مع مخالفة المشبه للمشبه به.

ويمكن الجواب عن ذلك: بأن تشبيه شيء بشيء لا يلزم أن يكون في جميع ما هو ثابت للمشبه به فقد يكون في بعض الأشياء دون بعض ولا شك أن الفصل بالأجنبي ممتنع في جزأي الاسم فيمتنع في الموصول والصلة أيضا، وأما الفصل بغير الأجنبي فممتنع في جزأي الاسم جائز في الموصول والصلة.

المسألة الثانية: أن صلة الموصول قد تحذف إذا كان ثم موصول صلته مذكورة وكانت المحذوفة بمعنى المذكورة وإلى ذلك أشار بقوله: وقد ترد صلة بعد موصولين أو أكثر مشتركا فيها أو مدلولا بها على ما حذف.

ــ

أما ورود الصلة مشتركا فمثاله قول الشاعر:

476 -

صل الّذي والّتي متّا بآصرة

وإن نأت عن مدى مرماهما الرّحم (1)

وقد كان المصنف مستغنيا عن ذكر هذه المسألة؛ لأنه لا يرتاب في أن الموصولين إذا اشتركا في معنى الصلة اكتفى لهما بصلة واحدة.

- وأما ورود الصلة مدلولا بها على ما حذف فمثاله قول الشاعر:

477 -

وعند الّذي واللّات عدنك إحنة

عليك فلا يغررك كيد العوائد (2)

-

(1) البيت من بحر البسيط لم ينسب فيما ذكر من مراجع وهو في النصح والإرشاد.

ومعناه: صل أهلك وأقرباءك وإن قاطعوك.

اللغة: متا: أي توسلا واتصلا. بآصرة: بقرابة. الرّحم: القرابة أيضا. وفي شرح أبي حيان جاءت الشطرة الثانية هكذا: وإن نأت عن مرامي متها الرحم.

وشاهده قوله: صل الذي والتي متا حيث اشترك موصولان في صلة واحدة.

والبيت في معجم الشواهد (ص 348) وفي شرح التسهيل (1/ 233) وفي التذييل والتكميل (1/ 168).

(2)

البيت من بحر الطويل لم تذكر مراجعه قائله وهو في النصح أيضا.

اللغة: عدنك: من العيادة وهي الزيارة. إحنة: حقد وبغض. فلا يغررك: فلا تنخدع.

والشاعر يقول لصاحبه: لا تغتر بمن يزورك ويأتيك فهم حاقدون عليك.

وشاهده: حذف صلة الذي لدلالة صلة اللاتي عليها وقيل بأن الصلة مشتركة ولا حذف.

والبيت في شرح التسهيل (1/ 233) وفي التذييل والتكميل (1/ 169) وفي معجم الشواهد (ص 115).

ص: 780

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

أي وعند الذي عادك واللاتي عدنك.

قال المصنف: ومثله قول الراجز [1/ 268]:

478 -

من اللّواتي والّتي واللاتي

يزعمن أنّي كبرت لداتي (1)

ولم يظهر لي أن هذا البيت فيه حذف وكنت أقول: إن هذه الصلة من الصلات المشترك فيها فقوله: يزعمن صلة للموصولات الثلاثة المذكورة إلى أن وقفت على شرح الشيخ فرأيته قال بعد ذكر هذا البيت:

«ولو أنشد هذا دليلا على أنّ الصّلة مشترك فيها أكثر من موصولين لكان أولى» (2).

المسألة الثالثة: أنه قد يحذف ما علم من موصول غير الألف واللام ومن صلة موصول غير الألف واللام دون أن يكون ثم صلة لموصول آخر يدل على المحذوفة.

قال المصنف (3): «إذا كان الموصول الألف واللام لم يجز حذفه ولا حذف صلته. وإذا كان الموصول اسما (4) غير الألف واللام أجاز الكوفيون حذفه إذا علم وبقولهم في ذلك أقول، وإن كان خلاف قول البصريين إلا الأخفش (5) لأن ذلك ثابت بالقياس والسماع. فالقياس على أن؛ فإن حذفها مكتفى بصلتها جائز بإجماع مع أن دلالة صلتها عليها أضعف من دلالة صلة الموصول من الأسماء عليه؛ -

(1) البيتان من الرجز المشطور قال فيهما صاحب خزانة الأدب (6/ 156): لا أعرف ما قبلهما ولا قائلهما مع كثرة ورودهما في كتب النحو.

اللغة: اللواتي واللاتي: جمع للتي. كبرت: بكسر ثانيه من الكبر في السن. لداتي: جمع لدة، ولدة الرجل تربه الذي ولد قريبا منه والهاء عوض من الواو الذاهبة لأنه من الولادة وجمعه لدات ولدون والأخير على غير قياس.

والشاعر يهجو نسوة رمينه بالطعن في السن. وشاهده كالذي قبله.

والبيت في شرح التسهيل (1/ 233) وفي التذييل والتكميل (1/ 714). وفي شرح المرادي (1/ 239) وفي معجم الشواهد (ص 451).

(2)

التذييل والتكميل (1/ 715). وفيه لناسب بدل من لكان أولى.

(3)

شرح التسهيل (1/ 233).

(4)

المرجع السابق (ص 264).

وانظر في الآراء الآتية بعد: الهمع (1/ 88).

(5)

لم تذكر هذه المسألة في كتاب الإنصاف في مسائل الخلاف.

ص: 781

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

لأن صلة الاسم مشتملة على عائد يعود عليه ويميل الذهن إليه، وفي ذلك مزيد على ما يحصل بالصلة وصلة الحرف لا مزيد فيها على ما يحصل بها. فكان الموصول الاسمي أولى بجواز الحذف من الموصول الحرفي، وأيضا فإن الموصول الاسمى كالمضاف وصلته كالمضاف إليه وحذف المضاف إذا علم جائز فكذلك ما أشبهه.

وأما السماع فمنه قول حسان رضي الله عنه:

479 -

أمن يهجو رسول الله منكم

ويمدحه وينصره سواء (1)

أراد: من يهجو رسول الله منكم أيها المشركون ومن يمدحه وينصره منا سواء ومنه قول ابن رواحة رضي الله تعالى عنه.

480 -

فو الله ما نلتم ولا نيل منكم

بمعتدل وفق ولا متقارب (2)

أراد: ما الذي نلتم وما الذي نيل منكم. -

(1) البيت من قصيدة طويلة من بحر الوافر لحسان بن ثابت وفيها يهجو أبا سفيان بن الحارث قبل فتح مكة ويمدح رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعد بيت الشاهد قوله (ديوان حسان ص 76).

هجوت محمّدا فأجبت عنه

وعند الله في ذاك الجزاء

أتهجوه ولست له بكفء

فشرّكما لخيركما الفداء

فإنّ أبي ووالده وعرضي

لعرض محمّد منكم وقاء

قال عليه الصلاة والسلام عند ما سمع البيت الأول: جزاؤك عند الله الخير يا حسّان. وقال عند ما سمع البيت الثاني: وقاك الله يا حسان النّار.

وقال من سمع البيت الثالث من الصحابة: هذا أنصف بيت قالته العرب.

وشاهده: حذف الموصول وإبقاء الصلة كما هو واضح من الشرح.

والبيت في معجم الشواهد (ص 20) وهو في التذييل والتكميل (3/ 170) وفي شرح المرادي (1/ 240).

(2)

البيت من بحر الطويل نسب إلى عبد الله بن رواحة كما هو في الشرح وكذلك نسبه أبو حيان وكذلك فعل صاحب الدرر ولم أجده في ديوان عبد الله.

ونسبه ابن مالك إلى حسان بن ثابت، وبحثت عنه في ديوانه فلم أجده، وتوقف ابن هشام فلم ينسبه في المغني (1/ 638).

وشاهده واضح من الشرح: وهو حذف الموصول وإبقاء الصلة.

ونقل صاحب الدرر عن البغدادي قوله: أراد ما ما نلتم فحذف ما النافية وأبقى الموصولة ولا يجوز العكس لأنه لا يجوز حذف الموصول وإبقاء صلته عند البصريين الدرر (1/ 68).

ومراجع البيت في معجم الشواهد (ص 57) وهو في شروح التسهيل لابن مالك (1/ 235) ولأبي حيان (3/ 170) وللمرادي (1/ 240).

ص: 782

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

ومنه قول بعض الطائيين:

481 -

ما الّذي دأبه احتياط وحزم

وهواه أطاع يستويان (1)

أراد والذي أطاع هواه، وأقوى الحجج قوله تعالى: وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ (2) أي وبالذي أنزل إليكم ليكون مثل آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلى رَسُولِهِ وَالْكِتابِ الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ (3).

ومثال حذف صلة الاسم للعلم به قول الشاعر:

482 -

أبيدوا الأولى شبّوا لظى الحرب وادرؤوا

شذاها عن اللّائي فهنّ لكم إما (4)

فحذف صلة اللائي للعلم بها وهذا من الاستدلال بالمتقدم وهو أكثر في ذا الباب وغيره.

ومثله قول الآخر:

483 -

أصيب به فرعا سليم كلاهما

وعزّ علينا أن يصابا وعزّ ما (5)

-

(1) البيت من بحر الخفيف غير منسوب في مراجعه من شروح التسهيل والمغنى.

وصاحبه يذكر أنه لا يستوي الماجد واللاهي والمجد واللهو. وشاهده واضح.

والبيت في شرح التسهيل (1/ 235) وفي التذييل والتكميل (3/ 170) وفي شرح المرادي (1/ 240) وفي المغني (2/ 625) وليس في معجم الشواهد.

(2)

سورة العنكبوت: 46. وأولها قوله تعالى: وَلا تُجادِلُوا أَهْلَ الْكِتابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آمَنَّا

إلخ.

(3)

سورة النساء: 135. وأولها قوله: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ

إلخ.

(4)

البيت من بحر الطويل مجهول القائل في مراجعه، وفيه يأمر صاحبه قومه أن يقتلوا الرجال الذين شبوا لظى الحرب ويحافظو على النساء؛ لأنهن سيصرن إماء لهم بعد ذلك.

اللغة: أبيدوا: أهلكوا. شبّوا لظى الحرب: أوقدوها. ادرؤوا: ادفعوا. شذاها: أذاها. وإما: مقصور إماء والأمة هي الجارية.

واستشهد به: على حذف صلة اللائي لتقدم ما يدل عليها والتقدير عن اللائي لم يشبوها.

والبيت ليس في معجم الشواهد وهو في شروح التسهيل لابن مالك (1/ 236) ولأبي حيان (3/ 171).

(5)

البيت من بحر الطويل نسب إلى الخنساء في معجم الشواهد ولم أجده في ديوانها ولكنه فيه روحها.

تقول راثية أخاها صخرا: إن قبيلته أصيبت بموته وإن هذه المصيبة صارت عزيزة علينا جميعا ولكن ماذا نفعل وقد نفذ القضاء.

ويستشهد بالبيت على حذف الصلة وبقاء الموصول وتقدير الكلام: وعزّ ما أصبنا به. وقيل: تقديره وعز -

ص: 783

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

أي وعز ما أصيب به.

ومن الاستدلال في هذا الباب بالمتأخر قول الشاعر:

484 -

نحن الأولى فاجمع جمو

عك ثم وجّههم إلينا (1)

فحذف صلة الأولى لدلالة ما بعده فكأنه قال: نحن الأولى عرفت عدم مبالاتهم بأعدائهم.

[1/ 269] وفهم هذا بقوله: فاجمع جموعك ثم وجّههم إلينا.

قال في شرح الكافية «ومثله قول الآخر:

485 -

أتجزع أنّ نفس أتاها حمامها

فهلّا الّذي عن بين جنبك تدفع (2)

أي فهلا الّذي تجزع منه تدفع عن بين جنبك». -

- ما أصيب به.

والبيت في شرح التسهيل (1/ 236) والتذييل والتكميل (3/ 171) وفي معجم الشواهد (ص 330).

(1)

البيت من بحر الكامل المجزوء المرفل الضرب وهو لعبيد بن الأبرص من قصيدة يفتخر فيها بنفسه وبقومه بني أسد على امرئ القيس الذي زعم أنه سيقتلهم انتقاما لأبيه يقول في مطلعها (ديوان عبيد (ص 135) شرح وتحقيق دكتور حسين نصار - طبعة مصطفى الحلبي، ومختارات ابن الشجري (ص 330) - تحقيق علي محمد البجاوي - طبعة دار نهضة مصر).

يا ذا المخوّفنا بقتل أبيه إذلالا ومينا

أزعمت أنّك قد قتلت سراتنا كذبا ومينا

ثم بيت الشاهد وبعده:

واعلم بأنّ جيادنا

آلين لا يقضين دينا

ولقد أبحنا ما حميت

ولا مبيح لما حمينا

والبيت في معجم الشواهد (388) وفي شرح التسهيل (1/ 236) وفي التذييل والتكميل (3/ 172).

(2)

البيت من بحر الطويل وهو لزيد بن رزين بن الملوح شاعر فارس كما في مراجعه.

والشاعر يعزي رجلا قائلا له: لا تجزع أن نزل الموت بعزيز لديك فإنه إذا نزل بك هل تستطيع دفعه عن نفسك وما أصدقه.

وشاهده واضح من الشرح. وخرجه ابن جني تخريجا آخر يسقط به الاستشهاد هنا لكن تخريجه بعيد (انظر المحتسب: 1/ 282).

والبيت في معجم الشواهد (ص 217) وهو في شرح الكافية كما ذكر الشارح (1/ 311) وهو أيضا في التذييل والتكميل (3/ 172).

ص: 784

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وقال في الكافية (1):

وحذفها في قصد الابهام استبح

أي استبح حذف الصلة عند قصد الإبهام وأنشد قول الشاعر:

486 -

ولقد رأبت ثأي العشيرة بينها

وكفيت جانيها اللّتيا والّتي (2)

المسألة الرابعة: أنه لا يحذف صلة موصول حرفي إلا ومعمولها باق ولا يحذف موصول حرفي إلا أن.

أما حذف صلة الحرف (3) باقيا معمولها: فمثاله قول العرب: لا أفعل ذلك ما أنّ حراء مكانه وما أنّ في السّماء نجما، أي ما ثبت أن حراء مكانه وما ثبت أن في السماء نجما (4) فحذفوا الفعل الموصول به ما وأبقوا فاعله وهو أن وما عملت فيه.

ومنه قولهم: أمّا أنت منطلقا انطلقت: أي لأن كنت فحذفوا كان وهي صلة أن وابقوا اسمها وهو أنت وخبرها وهو المنصوب وجعلوا ما عوضا من كان. -

(1) شرح الكافية الشافية لابن مالك (1/ 311) تحقيق د/ عبد المنعم هريدي.

(2)

البيت من بحر الكامل من قصيدة سبق الحديث عنها وعن قائلها.

اللغة: الثّأي: الفساد. الرّأب: الإصلاح. جانيها: الذي أتى بجناية وهو مفرد إن فتحت ياؤه وإن سكنتها فهو جمع حذفت نونه للإضافة. اللّتيا والّتي: الأولى تصغير للثانية وهما اسمان موصولان حذفت صلتهما لقصد الإبهام وهو الشاهد فيه.

والشاعر يفتخر أنه يسعى لإصلاح ذات البين في العشيرة ولم شعثها ويكفي من جنى فيها الجناية الصغيرة والكبيرة بالمال والنفس والجاه والعز.

والبيت في معجم الشواهد (ص 75) وشرح ديوان الحماسة لمرزوقي (2/ 552).

وفي مجمع الأمثال (طبعة عيسى الحلبي: 1/ 159) جاء قوله بعد اللتيا والتي «إنه مثل من أمثال العرب يقال لمن قاسى الداهية الصغيرة

والكبيرة، وأصله أنّ رجلا تزوج امرأة قصيرة فقاسى منها الشدائد فتزوج طويلة فقاسى منها ضعف ما قاسى من القصيرة فقال بعد اللتيا والتي لا أتزوج أبدا».

(3)

منقول من شرح التسهيل لابن مالك (1/ 2236) دون إشارة.

(4)

قوله: ما أنّ حراء مكانه. يقصد به لا أفعله مطلقا. وجبل حراء هو الذي كان يتعبد فيه الرسول صلى الله عليه وسلم بمكة.

وقوله: لا أفعله ما أنّ في السّماء نجما مثل من أمثال العرب (مجمع الأمثال للميداني: 3/ 178) ومعناه لا أفعله أبدا كذلك.

ويروى ما عنّ في السماء نجم أي ظهر، ويجوز ما عنّ في السّماء نجما على لغة تميم فإنهم يجعلون مكان الهمزة عينا.

ص: 785

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

ومن ذلك أيضا قول العرب: كلّ شيء مهه ما النّساء وذكرهنّ. أرادوا ما عدا النساء وذكرهن، فحذفوا صلة ما وهي عدا وأبقوا المنصوب بها والمعطوف عليه (1).

وأما حذف الموصول الحرفي فقال المصنف (2): «وإن كان الموصول حرفا مصدريّا لم يجز حذفه إلا إذا كان أن فإنها فاقت أخواتها بكثرة الاستعمال فأوثرت بجواز الحذف؛ لأن الشعور بها عند حذفها ممكن بخلاف أخواتها وهي في حذفها على ضربين:

أحدهما: أن تحذف ويبقى عملها.

الثاني: أن تحذف ولا يبقى لها عمل.

فأما الحذف الباقي معه عملها فيذكر إن شاء الله تعالى في باب إعراب الفعل (3) وأما الثاني وهو الذي لا يبقى معها عملها فمنه قوله تعالى: وَمِنْ آياتِهِ يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفاً وَطَمَعاً (4) فيريكم صلة لأن حذفت وبقي يريكم مرفوعا، وهذا هو القياس لأن الحرف عامل ضعيف، وإذا حذف بطل عمله ومن ذلك أيضا قول الشاعر:

487 -

فجاءت به وهو في غربة

فلولا تجاذبه قد غلب (5)

أراد فلولا أن تجاذبه ومثله قول الفرزدق: -

(1) قوله: كلّ شيء مهه ما النساء وذكرهنّ مثل من أمثال العرب.

(مجمع الأمثال: 3/ 5) ونصه كل شيء مهه ما خلا النساء وذكرهن.

ومعناه: أن الرجل يحتمل كل شيء حتى يأتي ذكر حرمه فيمتعض حينئذ فلا يحتمله.

والمهه: معناه اليسير الحقير ويروي مهاة بالهاء في آخره ونظيره في المد الزمن والزمان. كما يروى مهات بالتاء والمثل أيضا في لسان

العرب (6/ 4290). (طبعة دار المعارف الحديثة).

(2)

شرح التسهيل (1/ 236) وقد نقل منه إلى أخر المسألة أيضا.

(3)

سيذكر في هذا الباب أنّ أن تضمر لزوما بعد أو وبعد فاء السببية وبعد واو الجمع كما تضمر جوازا في مواضع ذكرها هناك.

(4)

سورة الروم: 24.

(5)

البيت من بحر المتقارب وقد ورد في مراجعه غير منسوب وشاهده واضح من الشرح، وسبب تقدير الحرف هنا حتى يصح تأويل الفعل بمصدر فتكون الجملة الاسمية التي لا بد منها في لولا الشرطية.

(انظر لولا وأوجه استعمالاتها في المغني: 1/ 272) والبيت لم يرد في معجم الشواهد وهو في شرح التسهيل (1/ 234)، والتذييل والتكميل (3/ 173).

ص: 786

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

488 -

ألا إنّ هذا الموت أضحى مسلّطا

وكلّ امرئ لا بدّ ترمى مقاتله (1)

وقال ذو الرمة:

489 -

وحقّ لمن أبو موسى أبوه

يوفّقه الّذي نصب الجبالا (2)

ومثله:

490 -

أو ليس من عجب أسائلكم

ما خطب عاذلتي وما خطبي (3)

أراد أن أسألكم.

ومثله قول الفرزدق:

491 -

فحقّ امرئ بين الأقارع بيته

وصعصعة البحر الجزيل المواهب

يكون سبوقا للكرام إلى العلا

إذا أفضل المقياس بين الحلائب (4)

-

(1) البيت من بحر الطويل ثالث أبيات ثلاثة يرثي فيها الفرزدق أباه (الديوان: 2/ 115) يقول:

سأنعي ابن ليلى للّذي راح بعده

يرجّي القرى والدّهر جمّ غوائله

وكان الّذي لا تستراث فضوله

بخير ولا يشقى به الدّهر نازله

ثم بيت الشاهد.

اللغة: القرى: ما يقدم للضيف. جمّ غوائله: كثير مهالكه. لا تستراث فضوله: لا يتأخر عطاؤه.

والفرزدق يعزي نفسه في أبيه بأن كل حي سبيله الموت.

وشاهده واضح من البيت في شرح التسهيل (1/ 234) والتذييل والتكميل (3/ 173).

(2)

البيت من بحر الوافر من قصيدة طويلة لذي الرمة (ديوان ذي الرمة ص 444) يمدح فيها بلال بن أبي بردة بن أبي موسى الأشعري. وبعد بيت الشاهد يقول:

حواريّ النّبيّ ومن أناس

هم من خير من وطئ النّعالا

هو الحكم الّذي رضيت قريش

لسمك الّذين حين رأوه مالا

اللغة: نصب الجبالا: أقامها. حواريّ النّبيّ: أهل طاعته ونصرته. وكان أبو موسى حواري النبي في يوم صفين المشهور بين علي ومعاوية. سمك الدين: بناؤه.

وشاهده: حذف الموصول والتقدير وأن يوفقه أي توفيقه.

والبيت في شرح التسهيل (1/ 234) والتذييل والتكميل (3/ 173) وليس في معجم الشواهد.

(3)

البيت من بحر الكامل استشهد به أبو حيان ولم ينسبه ولا نسبه محقق كتابه.

اللغة: الخطب: المصيبة. العاذلة: اللائمة في الحب. وشاهده: حذف الموصول الحرفي المؤول مع ما بعده بمصدر واقع اسما لليس.

والبيت في شرح التسهيل (1/ 234). والتذييل والتكميل (3/ 173). وليس في معجم الشواهد.

(4)

البيتان من بحر الطويل نسبا إلى الفرزدق كما في الشرح ولم أجدهما في ديوانه. -

ص: 787

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

المقياس الغاية والحلائب الخيل المتسابقة.

ومثله [1/ 270]:

492 -

وقالوا ما تشاء؟ فقلت ألهو

إلى الإصباح آثر ذي أثير (1)

أراد أن ألهو.

ومن كلام العرب: أذهب إلى البيت خير لي، وتزورني خير لك، وتسمع بالمعيديّ خير لا أن تراه (2).

المسألة الخامسة: أن معمول الصلة قد يلي الموصول إن لم يكن الموصول حرفا أو الألف واللام.

قال المصنف (3): «وقد يلي الموصول معمول الصلة نحو قولك في جاء الذي أعطى أبوه زيدا درهما، جاء الذي

زيدا درهما أعطى أبوه، فجاء هذا في صلة الذي إذ لا ضرر في جوازه بخلاف صلة الحرف وصلة الألف واللام فإن معمولهما -

- اللغة: الأقارع: اسم موضع. الصعصعة: الحركة والجلبة. المقياس: الغاية. الحلائب: الخيل المتسابقة.

والشاعر يمدح رجلا بالكرم بل هو سابق للكرماء إذا اجتمعوا في ميدان الكرم.

وحق امرئ مبتدأ خبره المصدر المؤول من الحرف المصدري المحذوف في أول البيت الثاني وهو موضع الشاهد.

انظر البيتين في شرح التسهيل (1/ 234)، والتذييل والتكميل (3/ 173) وليسا في معجم الشواهد.

(1)

البيت من بحر الوافر من قصيدة لعروة بن الورد قالها في قصة له: إذ طلبت منه جارية كان قد سباها. فقال لمن طلبوها دعوها معي هذه الليلة ففعلوا (الدرر: 1/ 3).

والقصيدة في ديوان عروة (ص 32) وهي بعنوان: أين ديار سلمى وبعد بيت الشاهد قوله:

بآنسة الحديث رضاب فيها

بعيد النّوم كالعنب العصير

اللغة: إلى الإصباح: إلى الصبح. آثر ذي أثير: بمد الهمزة الأولى وكسر المثلثة بعدها وفتح الراء ومعنى العبارة كلها: أول كل شيء. تقول آتيك الصبح آثر ذي أثير فهو مركب ظرفي.

وشاهده: مجيء المصدر مؤولا من الحرف المحذوف وهو هنا مفعول والتقدير أشاء اللهو.

انظر البيت في معجم الشواهد (ص 185) وشرح التسهيل (1/ 234) والتذييل والتكميل (3/ 174).

(2)

من أمثال العرب (الأمثال للميداني: 1/ 227) يضرب لمن خبره خير من منظره ودخلت الباء في المفعول على تقدير تحدث بالمعيدي.

وأول من قاله المنذر بن ماء السماء في رجل سمع به كثيرا وأعجب بما بلغه عنه فلما رآه استقبحه.

ويروى: لأن تسمع وأن تسمع كما يروى: «تسمع بالمعيدي خير من أن تراه» .

(3)

شرح التسهيل: (1/ 236).

ص: 788

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

لا يتقدم عليهما.

أما الحرف فلأن امتزاجه بصلته أشد من امتزاج الاسم بصلته؛ لأن اسميته منتفية بدونها فلو تقدم معموله كان تقدمه بمنزلة وقوع كلمة بين جزأي مصدر وليس كذلك تقدم معمول صلة الاسم غير الألف واللام؛ لأن له تماما بدونها؛ ولذلك جعل إعرابه إن كان معربا قبلها والإعراب لا يجيء قبل تمام المعرب، ولما له من التمام بدونها جاز أن يستغنى عنها وعن معمولها إذا عملت بخلاف الموصول الحرفي. وأما الألف واللام فامتزاجهما بالصفة

التي توصل بهما أشد من امتزاج أن بالفعل الذي يوصل به لأن أن قد تفصل من الفعل بلا النافية كقوله تعالى:

وَحَسِبُوا أَلَّا تَكُونَ فِتْنَةٌ (1)، ولا تفصل الألف واللام من الصفة بلا ولا غيرها لأنها أشبهت أداة التعريف فعوملت معاملتها لفظا» انتهى (2).

واعلم أن المصنف أطلق القول في الموصول الحرفي بالنسبة إلى منع تقدم معمول صلته عليه.

وأما غيره فإنه يفرق بين الموصول العامل وغيره: فيمنع التقديم إذا كان الموصول عاملا، ويجيزه إذا كان غير غير عامل، وعلى هذا فلا يمتنع أن يقال: عجبت ممّا زيدا يضرب عمرو، وقد تعرض ابن عصفور إلى شيء من ذلك في المقرب (3).

وعللوا المنع في العامل: بأن الموصول متشبث بصلته من حيث اللفظ؛ لكونه عاملا فيه ومن حيث المعنى لكونه معها في تقرير اسم واحد وهو المصدر فلما قوي تشبثه امتنع الفصل.

وأما الموصول غير العامل: فتشبثه إنما هو من جهة واحدة وهي المعنى فلم يقو تشبثه فلم يمتنع الفصل لذلك، والحق أن هذا يتوقف فيه على السماع فإن ورد الفصل مع غير العامل قبل وإلا فالقول ما قاله المصنف.

المسألة السادسة: هل يجوز أن يتعلق حرف الحرف الواقع قبل الموصول بمحذوف -

(1) سورة المائدة: 71.

(2)

شرح التسهيل (1/ 237).

(3)

انظر (1/ 56) من الكتاب المذكور (المطبوع) «باب الفاعل وتقديم المفعول عليه. يقول: وأما تقديمه مفعول الموصول الحرفي على العامل وحده فجائز إلا أن يكون الموصول حرفا ناصبا للفعل لا يجوز نحو يعجبني أن زيدا يضرب عمرو

» إلخ.

ص: 789

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

تدل عليه صلته ذلك الموصول؟ في ذلك تفصيل.

وذلك أن الموصول إما الألف واللام أو غيرهما والموصول الذي هو الألف واللام إما أن يجر بمن أو يجر بغيرها أو لا يجر، فهذه أربع صور منها صورة واحدة جائزة في الكلام، وهي إذا كان الموصول الألف واللام وكان مجرورا بمن، وثلاث صور لا تجوز وإن ورد شيء فإنه يكون نادرا في الشعر.

وهي إذا كان الموصول الألف واللام وكان غير مجرور أو مجرورا بغير من. أو كان الموصول غير الألف واللام سواء كان مجرورا بمن أم بغيرها، وإلى ثلاث الصور الإشارة بقوله (1) [1/ 271]: ويندر ذلك في الشعر مع غيرها مطلقا ومعها غير مجرورة بمن.

قال المصنف (2): ويجوز تعليق حرف جر قبل الألف واللام بمحذوف يدل عليه صلتها كقوله تعالى: وَكانُوا فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ (3)، إِنِّي لِعَمَلِكُمْ مِنَ الْقالِينَ (4)، إِنِّي لَكُما لَمِنَ النَّاصِحِينَ (5)، التقدير: وكانوا زاهدين فيه من الزاهدين، وإني قال لعملكم من القالين، وإني ناصح لكما لمن الناصحين.

ويكثر هذا الحذف قبل الألف واللام داخلا عليها من التبعيضية لأن في ذلك إشعارا بأن المحذوف بعض المذكورين بعد فيقوى الدلالة عليه. ويقل إذا لم تدخل من على الألف واللام ومنه قول الشاعر:

493 -

تقول ودقّت صدرها بيمينها

أبعلي هذا بالرّحى المتقاعس (6)

-

(1) كررت هذه اللوحة مرتين في الأصل (ص 269، ص 270).

(2)

شرح التسهيل (1/ 237).

(3)

سورةيوسف: 20.

(4)

سورة الشعراء: 168.

(5)

سورة الأعراف: 10.

(6)

البيت من بحر الطويل مطلع مقطوعة قصيرة في شرح ديوان الحماسة للمرزوقي (مطبعة لجنة التأليف والترجمة والنشر سنة 1968 م): (2/ 696) للهزلول بن كعب العنبري قالها لامرأته حين رأته يطحن للأضياف فقالت: أهذا بعلى؟ يقول:

تقول ودقّت صدرها بيمينها

...

بيت الشاهد وبعده:

فقلت لها لا تعجلي وتبيني

بلائي إذا التفّت عليّ الفوارس

ألست أرى للقرن يركب روعه

وفيه سنان ذو غرارين يابس

اللغة: المتقاعس: ما يفعل الشيء تكلفا. -

ص: 790

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

التقدير أبعلي هذا كائنا بالرحى أو متقاعسا.

وكذا يقل الحذف قبل غير الألف واللام، وجدت من أو لم توجد:

ومثال ذلك مع وجود من قول الشاعر:

494 -

لا تظلموا قسورا فإنّه لكم

من الّذين وفوا في السّرّ والعلن (1)

ومثاله مع كون الموصول لم يجر بمن قول الشاعر:

495 -

وأهجو من هجاني من سواهم

وأعرض منهم عمّن هجاني (2)

أراد وأعرض عن من هجاني منهم على سبيل التوكيد ثم حذف منهم من المؤكد وحذف ما سواها من المؤكد ومثل هذا والذي قبله لا يجوز إلا في الضرورة بخلاف ما تقدم.

واعلم أن المصنف لم يتعرض لذكر الموصول الحرفي، ولا شك أن حكمه في منع تقديم معمول صلته عليه حكم الموصول الاسمي، وإن كانت عبارة متن الكتاب قد تشمله وهي قوله: ويندر ذلك في الشّعر مع غيرها مطلقا لكنه لم يتعرض إلى ذكر -

- الإعراب: أبعلى هذا: مبتدأ وخبر. والمتقاعس: بيان للإشارة والجملة مقول القول وبالرحى متعلق بمحذوف دل عليه المتقاعس، ولا يجوز تعلقه به نفسه؛ لأن الألف واللام موصولتان وما تعلق بالصلة لا يتقدم. وانظر في الشرح بقية الكلام. ومراجع البيت في معجم الشواهد (ص 197) وفي شرح التسهيل (1/ 237، 261) وفي التذييل والتكميل (3/ 178).

(1)

البيت من بحر البسيط قال صاحب الدرر: لم أعثر على قائله - ومعناه واضح.

وشاهده: تعلق الجار والمجرور المقدم على الموصول بما دلت عليه الصلة والتقدير: فإنه واف لكم من الذين وفوا.

والبيت في معجم الشواهد (ص 402) وفي شروح التسهيل لابن مالك (1/ 238) وللمرادي (1/ 243) ولأبي حيان (3/ 177).

(2)

البيت من بحر الوافر في معجم الشواهد (ص 407) ولم ينسبه وهو في ديوان الحماسة منسوب لهدبة بن خشرم ثالث أبيات ثلاثة هي:

وإنّي من قضاعة من يكدها

أكده وهي منّي في أمان

ولست بشاعر السّفساف فيهم

ولكن مدرة الحرب العوان

اللغة: السفساف: الذي لا خير فيه من الأفعال والأقوال. مدرة الحرب: شجاعها. الحرب العوان: التي قوتل فيها مرة.

والشاعر: يذكر أنه يدافع عن هذه القبيلة وإذا آذاه أحد منها فإنه سيعفو عنه وشاهده واضح من الشرح.

والبيت في شروح التسهيل لابن مالك (1/ 238). ولأبي حيان (3/ 178). وللمرادي (1/ 243).

ص: 791

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

ذلك في الشرح.

والحاصل: أن التقديم لا يجوز وإنه إن ورد ما يوهم التقديم قدر له عامل كقول الشاعر:

496 -

ربّيته حتّى إذا تمعددا

كان جزائي بالعصا أن أجلدا (1)

وكقول الآخر:

497 -

وإني امرؤ من عصبة خندفيّة

أبت للأعادي أن تذلّ رقابها (2)

والتقدير: كان جزائي أن أجلد بالعصا أن أجلدا، أبت أن تذل رقابها للأعادي أن تذل رقابها، وسيأتي في باب نواصب الفعل أن الفراء يجيز تقديم معمول صلة أن عليها (3).

والمصدر الذي ينحل إلى حرف مصدري وفعل (4) حكمه فيما ذكر حكم الحرف المصدري ولذلك قالوا في قول الشاعر: -

(1) البيتان من الرجز المشطور وهما لرؤبة يشكو عقوق ابنه له (ملحقات ديوان رؤبة ص 76).

اللغة: تمعدد: شب وكبر. ورؤبة يذكر أنه ربى ابنه ورعاه حتى إذا كبر عقه ووصل به الأمر إلى أن ضربه.

وشاهده هنا واضح. وقد استشهدوا به في مواضع أخرى منها: أن وزن تمعدد تفعلل (شرح شواهد الشافية: 4/ 285).

والبيت في معجم الشواهد (ص 461) والتذييل والتكميل (3/ 176، 179).

(2)

البيت من بحر الطويل وهو لعمارة بن عقيل بن بلال بن جرير كما في المقتضب (4/ 199)(شرحا وتحقيقا) والشاعر يفتخر أنه من قبيلة قوية لا تهون عند الناس ولا تخضع للأعداء.

وشاهده واضح من الشرح وقد سبق مثله.

قال محقق شرح المفصل في البيت «ولي فيه وقفة - أنت تعلم - أنه يغتفر في الجارّ والمجرور، وأخيه الظرف ما لا يغتفر من غيرهم من المعمولات، وذلك لكثرة دوران الظرف في الكلام فلا يكن قوله: للأعادي لازم التعلق بمحذوف لجواز أن يكون متعلقا بهذا الفعل المذكور على الاتّساع» . (شرح المفصل: 7/ 29).

والبيت في معجم الشواهد (ص 44) والتذييل والتكميل (3/ 176).

(3)

قال ناظر الجيش في باب نواصب الفعل: «وأجاز الفراء التقديم مستشهدا بقول الشاعر:

ربّيته حتّى إذا تمعددا

كان جزائي بالعصا أن أجلدا

ويقول الآخر: وإني امرؤ من عصبة

إلخ. قال: قال المصنف: ولا حجّة للفراء في ذلك لندور الوارد منه ولإمكان تقدير عامل مضمر قبل يدلّ عليه المذكور بعد، فيقدر في البيت الأول: كان جزائي أن أجلد بالعصا، وفي البيت الثّاني: أبت أن تذلّ للأعادي رقابها فحذف الأول في كلّ من البيتين لدلالة الثّاني عليه.

(4)

يقصد المصدر الصريح وهو خلاف المؤول.

ص: 792

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

498 -

وبعض الحلم عند الجهل للذّلّة إذعان (1)

إنّ التقدير إذعان للذّلّة إذعان.

وكذا في قول الآخر:

499 -

حلّت لي الخمر وكنت امرءا

من شربها في شغل شاغل (2)

إن التقدير وكنت امرءا مشغولا عن شربها.

على أن في كون المصدر الذي هو إذعان في البيت الأول والذي هو شغل في البيت الثاني مقدرا بحرف مصدري نظر (3)، والظاهر خلاف ذلك.

[1/ 272] وإذا لم يكن مقدرا بالحرف المصدري فحرف الجر متعلق به إذ لا مانع من تقديمه عليه.

ثم اعلم أن النحاة ذكروا في تخريج قوله تعالى: وَكانُوا فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ (4)، وَأَنَا عَلى ذلِكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ (5) وجوها:

أحدها: الوجه الذي أشار إليه المصنف وهو أنه يتعلق بمحذوف يدل عليه هنا الظاهر، التقدير: وكانوا زاهدين فيه من الزاهدين، وأنا شاهد على ذلكم من الشاهدين وإلى ذلك ذهب المبرد وابن السراج وابن جني (6). -

(1) البيت من بحر الهزج وهو للفند الزماني من مقطوعة سبق الحديث عنها. وشاهده هنا كشاهده هناك وهو قوله: للذلة إذعان حيث تقدم معمول المصدر عليه والأصل فيه عدم التقدم؛ لأنه ضعيف في العمل، وخرجوه على أن المعمول متعلق بمصدر آخر محذوف دل عليه المذكور.

(2)

البيت من قصيدة قصيرة لامرئ القيس من بحر السريع يذكر فيها أنه انتقم لأبيه من بني أسد وكان قد حرم الخمر على نفسه إلا بعد أن يأخذ بثأر أبيه فلما فعل قال:

حلّت لي الخمر

بيت الشاهد وبعده:

فاليوم أشرب غير مستحقب

إثما من الله ولا واغل

ومعنى غير مستحقب: أي غير مكتسب إثما. والواغل: الداخل على القوم ولم يدع للشراب. والبيت في التذييل والتكميل (3/ 180).

(3)

معناه أن المصدر الصريح لا يعود ولا يتحول إلى المؤول لأنه الأصل في الأسماء، وهذا بخلاف المصدر المؤول، فإنه يؤول ويعود إلى الصريح.

(4)

سورةيوسف: 20.

(5)

سورة الأنبياء: 56.

(6)

التذييل والتكميل (3/ 177) وانظر الكامل للمبرد (ص 45) والمصنف لابن جني (1/ 131) وفي -

ص: 793

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

قال المبرد: جعل من النّاصحين ومن الشّاهدين تفسير لناصح وشاهد.

ثانيها: أن أل ليست موصولة وإنما هي للتعريف وإلى هذا ذهب المازني ونسب إلى المبرد فيكون له قولان (1).

ثالثها: أنه متعلق بفعل مضمر تقديره أعني فيه من الزاهدين، ويكون الخبر هو من الزاهدين وكذلك باقي الآيات الشريفة، وهذا هو الذي يعبرون عنه بالتبيين، وليس الجار والمجرور داخلا في الصلة بل هو على جهة البيان كما قيل في لك بعد سقيا (2).

رابعها: أن المجرور معمول لصلة الموصول الذي هو الألف واللام وإن تقديمه إنما هو على سبيل الاتساع في الظروف والمجرورات، فإنها قد جاز فيها أشياء لا تجوز في غيرها واختار ابن الضائع هذا القول (3).

وكان شيخي برهان الدين إبراهيم الرشيدي (4) رحمه الله تعالى يقول:

«لو قيل: إنّ الجارّ والمجرور في ذلك متعلق بما تعلّق به حرف الجرّ الدّاخل على الموصول لكان قول، والتقدير: كانوا كائنين فيه من الزاهدين وأنا كائن على ذلكم من الشّاهدين» .

- كتاب أصول النحو لمؤلفه أبي بكر بن السراج (2/ 232) جاء: فأما قوله: وَكانُوا فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ فلا يجوز أن تجعل فيه من الصلة وقد كان بعض مشايخ البصريين يقول: إنّ الألف واللّام ها هنا ليستا في معنى الذي، وإنّهما دخلتا كما تدخل على الأسماء للتّعريف. ثم قال: والّذي عندي فيه أنّ التأويل: وكانوا فيه زاهدين من الزاهدين. فحذف زاهدين وبينه بقوله: من الزّاهدين وهو قول الكسائي». (الأصول في النحو لابن السراج (2/ 232) تحقيق عبد الحسين الفتلي (العراق) سنة 1973 م).

(1)

التذييل والتكميل (3/ 176) وانظر أيضا الكامل للمبرد (ص 45) تحقيق حنا الفاخوري.

(2)

أسند هذا الرأي ابن الضائع إلى أبي علي الفارسي وابن جني في شرح الجمل له (3/ 5).

(3)

شرح الجمل لابن الضائع (3/ 5)(مخطوط بدار الكتب رقم 19 نحو) وقد ذكر الآيات السابقة وبعض الأبيات أيضا وخرجها على ذلك.

(4)

هو إبراهيم بن لاجين بن عبد الله الرشيدي الأغري بفتح الغين المعجمة ولد سنة (673 هـ) كان فقيها عالما بالنحو والتفسير والقراءات والطب، وكان خيّرا متوددا كريما مع الفاقة متواضعا على طريقة السلف في طرح التكلف لا يحتفل بمأكل ولا ملبس، وعرض عليه قضاء المدينة البغوية فامتنع بعد أن اجتمع بالسلطان وفاوضه بالولاية. اشتهر بالصلاح والتقوى وسلامة الباطن. أخذ النحو عن ابن النحاس، والقراءات عن التقي الصائغ، والفقه عن العلم العراقي، وقد أخذ عنه الأعيان منهم صاحب الشرح، وذكرت له فضائل وكرامات. مات في

الطاعون الكبير سنة (749 هـ).

ترجمته في الدرر الكامنة: (1/ 77).

ص: 794