المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[الحال السادة مسد الخبر ووقوعها جملة] - تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد - جـ ٢

[ناظر الجيش]

فهرس الكتاب

- ‌الباب الثامن باب الاسم العلم

- ‌[تعريف العلم]

- ‌[تقسيم العلم إلى منقول ومرتجل]

- ‌[تقسيم العلم إلى مفرد ومركب/ تقسيم المركب]

- ‌[تقسيم العلم إلى اسم وكنية ولقب]

- ‌[أحكام العلم ذي الغلبة]

- ‌[أحكام العلم ذي الأداة]

- ‌[تنكير العلم بالتثنية والجمع والإضافة وأحكام ذلك]

- ‌[مسميات الأعلام]

- ‌[حكم الصرف وعدمه لأنواع الأعلام]

- ‌[حكم أفعل وصفا للنكرة]

- ‌[حكم الأعداد من التعريف وغيره والصرف وغيره]

- ‌[حكم الكنايات من العلمية أو غيرها]

- ‌الباب التاسع باب الموصول

- ‌[تقسيم الموصول وتعريف كل قسم]

- ‌[الموصول من الأسماء وأنواعه - الموصولات الخاصة]

- ‌[جمع الذي والتي]

- ‌[الموصولات المشتركة ومعناها]

- ‌[حذف عائد الموصول بأنواعه]

- ‌[حكم أي الموصولة من البناء والإعراب]

- ‌[حكم أنت الذي فعل وفعلت]

- ‌[حكم وقوع شبه الجملة صلة للموصول]

- ‌[من وما ومراعاة اللفظ أو المعنى فيها]

- ‌[من وما: أنواعهما - معناهما]

- ‌[أنواع أيّ وأحكام كل نوع]

- ‌[الموصولات الحرفية - أن وكي وما ولو - وأحكامها]

- ‌[أحكام الموصول مع صلته]

- ‌الباب العاشر باب اسم الإشارة

- ‌[تعريفه - أنواعه]

- ‌[مرتبة المشار إليه]

- ‌[هاء التنبيه وأحكامها]

- ‌[فصل هاء التنبيه عن اسم الإشارة]

- ‌[إلحاق كاف الخطاب بأسماء الإشارة]

- ‌[إلحاق كاف الخطاب لبعض الكلمات الأخرى]

- ‌[تبادل أسماء الإشارة]

- ‌[الإشارة إلى المكان]

- ‌الباب الحادي عشر باب المعرّف بالأداة

- ‌[اختلافهم في الأداة]

- ‌[أنواع أل]

- ‌[حكم أل التي للجنس]

- ‌[أل الزائدة ومواضع الزيادة]

- ‌[مدلول إعراب الاسم من رفع أو نصب أو جر]

- ‌الباب الثاني عشر باب المبتدأ

- ‌[تعريفه - نوعاه]

- ‌[عامل الرفع في المبتدأ والخبر]

- ‌[الوصف الرافع للاسم وأحكامه]

- ‌[حذف الخبر جوازا ووجوبا ومسائل ذلك]

- ‌[مسألة ضربي زيدا قائما وبقية الحديث فيها]

- ‌[رفع الحال المنصوبة على الخبرية]

- ‌[إعراب الاسم المرفوع بعد لولا]

- ‌[الحال السادة مسد الخبر ووقوعها جملة]

- ‌[حذف المبتدأ جوازا ووجوبا ومسائل ذلك]

- ‌[حكم قولهم: زيد والريح يباريها - وقولهم: راكب الناقة طليحان]

- ‌[المبتدأ والخبر من جهة التعريف والتنكير]

- ‌[مواضع الابتداء بالنكرة]

- ‌[إعراب قولهم: كم مالك؟ وقولهم: ما أنت وزيد

- ‌[بعض مسائل تقديم الخبر]

- ‌[حكم «في داره زيد» وأشباهه]

- ‌[بقية مسائل تقديم الخبر وجوبا]

- ‌[الخبر: تعريفه وأنواعه وحديث طويل عنه]

- ‌[الخبر المشتق وغيره، وحكمهما في تحمل ضمير المبتدأ]

- ‌[استكنان الضمير الرابط وبروزه]

- ‌[أنواع الخبر الجملة، وحكم بعض الجمل في وقوعها أخبارا]

- ‌[روابط الخبر الجملة - جمل لا تحتاج إلى رابط]

- ‌[حكم الضمير الرابط من جواز حذفه أو بقائه]

- ‌[مجيء الخبر ظرفا والآراء في ذلك]

- ‌[حكم وقوع ظرف الزمان خبرا عن اسم العين والمعنى]

- ‌[جواز رفع ظرف الزمان الواقع خبرا ونصبه وجره]

- ‌[جواز رفع ظرف المكان الواقع خبرا ونصبه]

- ‌[جواز رفع ظرف الزمان الواقع خبرا ووجوب نصبه]

- ‌[جواز رفع ظرف الزمان الواقع خبرا ونصبه]

- ‌[جواز رفع المصدر الواقع خبرا ونصبه]

- ‌[تعدد الخبر وأنواعه]

- ‌[تعدد المبتدأ ونوعاه]

- ‌[اقتران الخبر بالفاء وجوبا وجوازا الأحكام وشروط ذلك]

- ‌[مسائل مختلفة في اقتران الخبر بالفاء]

الفصل: ‌[الحال السادة مسد الخبر ووقوعها جملة]

[الحال السادة مسد الخبر ووقوعها جملة]

قال ابن مالك: (ولا يمتنع وقوع الحال المذكورة فعلا؛ خلافا للفرّاء، ولا جملة اسميّة بلا واو، وفاقا للكسائي ويجوز إتباع المصدر المذكور، وفاقا له أيضا).

ــ

حددت، فقد جعل المصنف أنها بمعنى لو لم، وأن المعنى لو لم أحد، وأنها حينئذ يلزم أن يليها الفعل.

قال: ومجيء لا بمعنى لم كثير، ومنه قول الراجز:

558 -

لاهمّ إنّ الحارث بن جبلة

زنا على أبيه ثمّ قتله

وكان في جار له لا عهد له

وأيّ شيء سيّئ لا فعله (1)، (2)

فإذا كان كذلك فلا يثبت الرد على الفراء بعدم الخصوصية، ومما رد به مذهب الكسائي أن ما ذكره دعوى مجردة

من الدليل، فكيف يصار إليها مع أن الأصل عدم الإضمار؟ وسيأتي الكلام على لولا هذه، وعلى بقية المذاهب في الاسم الواقع بعدها في أثناء الكتاب إن شاء الله تعالى.

قال ناظر الجيش: اعلم أنهم اختلفوا: هل تقع هذه الحال السادة مسد الخبر جملة أو لا؟

فأما الجملة الفعلية فأجاز وقوعها حالا أبو الحسن والكسائي وهشام (3)، ونقل ابن خروف عن سيبويه المنع (4)، واختلف في النقل عن الفراء، فحكى ابن خروف عنه الجواز -

(1) الأبيات من الرجز المشطور، قال السيوطي (شرح شواهد المغني: 2/ 624): هي لابن العفيف العبدي، أو لعبد المسيح بن عسلة، قالها في الحارث بن أبي شمر الغساني الأعرج من بني دبيلة، وكان إذا أعجبته امرأة من قيس أرسل إليها فاغتصبها، حتى قيل فيه أبيات منها:

اعلم وأيقن أنّ ملكك زائل

واعلم بأنّ كما تدين تدان

اللغة: زنا على أبيه: أي ضيق عليه. ومعنى الأبيات: أنه ارتكب كثيرا من السوآت.

وشاهده: قوله: وأي شيء سيئ لا فعله؛ حيث أن لا النافية إذا دخلت على الفعل الماضي لفظا ومعنى وجب تكرارها؛ فهي هنا شاذة، وأجيب بأن لا بمعنى لم، والماضي بمعنى المضارع، ومجيء لا بمعنى لم كثير.

والبيت في شرح التسهيل (1/ 284)، وفي معجم الشواهد (ص 520).

(2)

انظر شرح التسهيل (1/ 284) وهو آخر كلامه.

(3)

التذييل والتكميل (3/ 305) والهمع: (1/ 106).

(4)

انظر تعليقا من الشارح وتعليقا من المحقق على هذا القول في الصفحة القادمة.

ص: 902

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

ونقل المصنف عنه المنع، وكذلك ابن عصفور (1) قال الشيخ:«وهو الصّحيح» (2).

قال المصنف (3): «وإنما منع الفراء ذلك فرارا من كثرة مخالفة الأصل، وذلك أن الحال إذا سدت مسد الخبر فهو على خلاف الأصل، وإذا وقع الفعل موقع الحال فهو على خلاف الأصل؛ فلا ينبغي أن يحكم بجوازه؛ لأنه مخالفة بعد مخالفة، قال:

وهذا الذي اعتبره قد دأبت العرب على أنه غير معتبر بوقوع الجملة الاسمية موقع الحال المذكورة، فلو لم تقع الجملة الفعلية موقع الحال المذكورة ثقلا - لجاز وقوعها قياسا على وقوع الجملة الاسمية، ومع ذلك فقد سمع عن العرب وقوع الجملة الفعلية موقع الحال المذكورة، ومن ذلك قول الشاعر أنشده سيبويه رحمه الله تعالى (4).

559 -

ورأي عينيّ الفتى أباكا

يعطي الجزيل فعليك ذاكا (5)»

[1/ 322] انتهى (6).

قلت: وإنشاد سيبويه هذا البيت يدفع ما ذكره ابن خروف عنه من المنع إلا أن يكون سيبويه أتى به شاهدا لغير ذلك (7). -

(1) لم يتكلم ابن عصفور في هذا الموضع طويلا (الجمل: 1/ 336، المقرب: 1/ 85) ولم ينسب رأيا لصاحبه، فمن أين نقل عنه الشارح هذه النسبة؟ لعل كتبا أخرى كانت له لم نطلع عليها.

(2)

التذييل والتكميل: (3/ 305) أي النقل عن الفراء بمنع وقوع الجملة الفعلية حالا هو الصحيح.

(3)

شرح التسهيل (1/ 285).

(4)

الكتاب: (1/ 191). ومما رواه أيضا في ذلك مع البيت قول العرب: «سمع أذني زيدا يقول ذاك» .

(5)

البيتان من الرجز المشطور وهما لرؤبة بن العجاج في المدح (ديوان رؤبة: ص 181) وقبلهما:

تقول بنتي قد أنى أناكا

يا أبتا علّك أو عساكا

وفي الديوان: إياك مكان أباكا وهو خطأ.

والشاعر يقول لصاحبه: إن عيني رأت أباك، وهو يعطي العطاء الجزيل فالزم طريقته وتشبه به، فإن الولد سر أبيه، ومن يشابه أبه فما ظلم، وهو من أبرع المدح.

واستشهد به الشارح على: مجيء الحال الذي يسد مسد الخبر جملة فعلية: فرأي مصدر مبتدأ، ويعطي جملة فعلية حال سدت مسد الخبر.

والبيتان في شرح التسهيل (1/ 285) وفي التذييل والتكميل: (3/ 306) وفي معجم الشواهد (ص 513) وفي كتاب سيبويه: (1/ 191).

(6)

شرح التسهيل لابن مالك (1/ 285).

(7)

نعم، أتى به سيبويه في كتابه شاهدا لغير ذلك. أتى به في معرض الحديث عن عمل المصدر عمل الفعل المضارع، وذكر أن المصدر يأتي على أنواع ثلاثة: منونا: كقوله تعالى: أَوْ إِطْعامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ (14) يَتِيماً ذا مَقْرَبَةٍ [البلد: 14، 15] ومقترن بأل كضعيف النكاية أعداءه، ومضاف: وهو -

ص: 903

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وقال ابن عصفور: «الّذي يمنعه الفراء الفعل المضارع المرفوع» (1) وعلله بأن النصب الذي في المفرد عوض من التصريح بالشرط والمستقبل المرفوع ليس في لفظه ما يكشف مذهب الشرط.

قال الشيخ بهاء الدين بن النحاس: «وما ذكره ابن عصفور من التّعليل لمذهب الفرّاء يقتضي أنّ الفرّاء يمنع أيضا

الجملة الاسميّة؛ لأنها لا يظهر في لفظها النّصب أيضا. قال الشيخ بعد نقل الخلاف في هذه المسألة: «والصحيح الجواز لورود ذلك عن العرب» (2) وأنشد البيت المتقدم، وقول الآخر:

560 -

عهدي بها في الحيّ قد سربلت

بيضاء مثل المهرة الضّامر (3)

وأما الجملة الاسمية فإما أن تكون مصحوبة بالواو أو لا.

إن صحبتها الواو فنقل ابن خروف أن مذهب سيبويه والأخفش المنع، قال (4):

«مذهب سيبويه أنّ الحال لا تسدّ مسد الخبر إلّا إذا كانت منصوبة» ، وكلام المصنف في الشرح يقتضي أنه لا خلاف في جواز ذلك، فإنه قال: «حكى ابن كيسان: مسرّتك أخاك قائما أبوه، ثم قال: فإن قلت: مسرتك أخاك هو قائما -

- نوعان: مضاف للمفعول ثم يرفع الفاعل، ومثل له بقوله: عجبت من كسوة زيد أبوه، ومضافا للفاعل ثم ينصب المفعول كالبيت المذكور شاهدا (الكتاب: 1/ 191).

(1)

التذييل والتكميل (3/ 306).

(2)

التذييل والتكميل (3/ 306).

(3)

البيت من بحر السريع من قصيدة طويلة للأعشى، وهي في ديوانه (ص 92)، يهجو فيها علقمة ابن علاثة، ويمدح عامر بن الطفيل في المنافرة التي جرت بينهما، وكلها من الشعر القوى وإن امتلأت بالغريب، وقد بدأها بالغزل ووصف الديار، وفي بيت الشاهد يصف فتاته وبعده:

قد نهد الثّدي على صدرها

فى مشرق ذي صبح نائر

لو أسندت ميتا إلى نحرها

عاش ولم ينقل إلى قابر

حتّى يقول النّاس ممّا رأوا

... يا عجبا من ميّت ناشر

وقوله: سربلت: أي لبست السربال، ورواية الديوان: هيفاء مكان بيضاء، وامرأة هيفاء: ضامرة البطن رقيقة الخاصرة. المهرة: أنثى المهر وهو ولد الفرس يشبهون به النساء في الرقة، والضمور:

لطافة الجسم ونحافته.

وشاهده قوله: عهدي بها في الحي قد سربلت، حيث وقعت الجملة الفعلية حالا، وقد سدت مسد خبر المبتدأ.

والبيت في التذييل والتكميل (3/ 306). وفي معجم الشواهد (ص 192).

(4)

التذييل والتكميل (3/ 306).

ص: 904

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

أبوه، أو مسرتّك أخاك هو قائم - جازت المسألة عند الكسائي وحده؛ فإن جئت قبل هو بالواو جازت المسألة فى كل الأقوال» انتهى (1).

وقد ورد السماع بذلك، قال النبي صلى الله عليه وسلم:«أقرب ما يكون العبد من ربّه وهو ساجد» (2). ومنه قول الشاعر:

561 -

خير اقترابي من المولى حليف رضا

وشرّ بعدي عنه وهو غضبان (3)

وقول الآخر:

562 -

عهدي بها الحيّ الجميع وفيهم

قبل التّفرّق ميسر وندام (4)

وإن لم تصحب الجملة الاسمية الواو، فالمشهور من قول النحاة غير الكسائي المنع.

قال المصنف (5): «والحامل لهم على ذلك أنّ الاستعمال لم يرد بخلافه فأفتوا بالتزامه، ولم ير الكسائي ذلك ملتزما بعد سدها مسدّ الخبر كما لم يكن ملتزما قبله، وبقوله أقول. وقد كان مقتضى الدّليل أن يكون حذف الواو هنا أولى؛ لأنه موضع اختصار؛ لكنّ الواقع بخلاف ذلك، وباب القيس مفتوح» انتهى.

وقال ابن عصفور: «إنّ الفراء منع حذف الواو، وإنّ المفهوم من مذهب -

(1) شرح التسهيل (1/ 286).

(2)

الحديث سبق ذكره وتخريجه في هذا التحقيق.

(3)

البيت من بحر البسيط سبق الحديث عنه وذكر الشاهد فيه وأما شاهده هنا: فهو قوله: وشر بعدي عنه وهو غضبان، حيث وقعت جملة الحال السادة مسد الخبر اسمية في قوله: وهو غضبان، والمبتدأ قوله: وشر بعدي عنه.

(4)

البيت من بحر الكامل من قصيدة للبيد بن ربيعة، يفتخر فيها ويتحدث عن مآثر قومه، وبيت الشاهد ثالث أبياتها، وروايته في الديوان: عهدي بها الإنس الجميع. (ديوان لبيد: ص 49).

اللغة: الجميع: المجتمع. الميسر: لهو في الجاهلية حرمه الإسلام. ندام: جمع نديم وندمان، وهو الصاحب على الشراب وغيره.

ولبيد يذكر ما يفعله الدهر بالناس حيث يفرقهم بعد اجتماعهم.

قال ابن منظور في لسان العرب (حضر): عهدي: رفع بالابتداء والحي مفعول بعهدي والجميع نعته، وفيهم قبل التفرق ميسر جملة ابتدائية في موضع النصب على الحال وقد سدت مسد خبر المبتدأ الذي هو عهدي على حد قولهم: عهدي بزيد قائما. وهذا هو الشاهد.

والبيت في التذييل والتكميل: (3/ 306) وفي معجم الشواهد (ص 354).

(5)

شرح التسهيل (1/ 286).

ص: 905

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

البصريين جواز حذفها».

قوله: ويجوز إتباع المصدر المذكور، أشار به إلى ما أجازه الكسائي وحده من إتباع المصدر على وجه لا يقدح في البيان، كقولك: ضربي زيدا الشديد قائما، وشربي السويق كله ملتوتا، قال المصنف:«ومن منع احتجّ بكون الموضع موضع اختصار، وأنّ السّماع لم يرد فيه إتباع، ومن أجازه تبع القياس، ولم ير عدم السماع مانعا؛ لأن الحاجة داعية إلى استعمال ما منعوه في بعض المواضع، فإجازته توسعة ومنعه تضييق» (1).

وقد ذكر الشيخ فروعا تتعلق بمسألة ضربي زيدا قائما (2):

الأول: أجاز السيرافي وابن السراج دخول كان الناقصة على هذا المصدر، فتقول:

كان ضربي زيدا قائما وقال ابن عصفور [1/ 323]: «وهو قبيح لأنّ تعويض الحال من الخبر إنّما كون بعد حذفه، وحذف خبر كان قبيح» . انتهى (3).

وقد يقال، إنما يكون قبيحا إذا لم يسد غيره مسده، أما مع مسد الحال مسده فلا.

الثاني: إذا كنيت عن المصدر المذكور قبل ذكر الحال: نحو: ضربي زيدا هو قائما أجاز ذلك البصريون والكسائي. وإعراب هو الابتداء، وقائما حال سدت مسد خبره، والجملة خبر المبتدأ الأول، وعند الكسائي يرتفع ضربي بالراجع من هو، ويرتفع هو بقائما وهو جار على مذهبه (4)، وقد تقدمت الإشارة إلى شيء من ذلك في كلام ابن النحاس.

الثالث: تقديم الحال على معمول المصدر: نحو: شربك ملتوتا السويق. أبطل ذلك الكسائي والفراء، وحكي عن البصريين الجواز، وهو مشكل؛ لأن فيه الفصل -

(1) شرح التسهيل (1/ 286).

(2)

انظر هذه الفروع بنصها في التذييل والتكميل: (3/ 304) وما بعدها، وقد قدم لها أبو حيان بقوله: وقد أغفل المصنف ذكر مسائل تتعلق بهذه المسألة.

(3)

التذييل والتكميل: (3/ 305).

(4)

قوله: على مذهبه أي على مذهب الكوفيين القائل بأن المبتدأ رفع الخبر، والخبر رفع المبتدأ.

ص: 906

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

بين المصدر ومعموله بالحال التي سدت مسد الخبر (1).

الرابع: إذا كانت الحال بالواو فهل يجوز تقديمها على المصدر؟

أبطل ذلك الكسائي وهشام والفراء، وإن كان المصدر متعديا نحو قولك: وهو ملتوت شربي السويق. وإن كان لازما جاز ذلك عند الكسائي نحو: وأنت راكب حسنك، ولم يجز عند الفراء؛ لأن الحال لا ترفع مقدمة (2).

الخامس: أجمعوا على إبطال: أكلك متكئا الطعام؛ لأن الطعام في صلة الأكل ومتكئ ساد مسد الخبر، والصلة لا تأتي بعد الخبر، وقد تقدم الخلاف في جواز نحو: شربك ملتوتا السويق، فينظر ما الفرق بين المسألتين (3).

السادس: اختلفوا على جواز دخول إن وفاء أما، تقول: إن حسنك راكبا، وأما حسنك فراكبا (4).

السابع: اتفقوا على منع: ما حسنك براكب؛ لأن الباء تغير نصب الحال فتفسد المسألة لذلك (5).

الثامن: أجازوا: أما ضربيك فإنه حسنا - على أن الهاء ترجع إلى الضرب، وخبر إن حسنا، وحكم كان وظن حكم إن في هذا المعنى، فأجازوا: إن ضربيك فكان حسنا، وأما ضربيك فظننته حسنا على أن حسنا صفة للضرب. وأبطلها الفراء على أن حسنا صفة للياء والكاف. والكسائي يجيزهن كلهن (6).

التاسع: أجاز الكسائي وهشام: عبد الله وعهدي بزيد قديمين، وكذلك عبد الله والعهد بزيد قديمين، ولا يعلم أن الفراء أجاز شيئا من هذا، وأصحابه يردون على الكسائي وهشام ما جوزاه من هذه المسائل.

وقياس البصريين يقتضي المنع، ولا يجوز في قول الكسائي وهشام: عبد الله فالعهد بزيد قديمين، ولا يعطفان هنا إلا بالواو الجامعة (7). -

(1) التذييل والتكميل (3/ 306، 307).

(2)

المرجع السابق.

(3)

التذييل والتكميل (3/ 310).

(4)

المرجع السابق.

(5)

المرجع السابق.

(6)

المرجع السابق.

(7)

التذييل والتكميل (3/ 311).

ص: 907

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

العاشر: أجاز الكسائي والبصريون تقديم معمول الحال المذكور عليها بعد تمام المصدر وصلته نحو: ضربي زيدا فرسا راكبا أي: راكب فرسا، ومنع ذلك الفراء، قال: لأن راكبا لا يرد إلى الاستقبال، وما لم يرد إلى الاستقبال لم تقدم صلته عليه (1)[1/ 324].

الحادي عشر: أجاز الزجاج: عبد الله أحسن ما يكون القيام، وقال: لا يجوز غيرها، ومنعها المبرد (2).

الثاني عشر: أكثر ضربي زيد منعها الكوفيون وأجازها البصريون قبل، ولا خلاف يعلم في جواز: أكثر لبسي الكتان (3).

الثالث عشر: أجاز ابن كيسان: أما ضربي زيدا فكان قائما نفسه نفسه؛ فيكون الأول لذكر زيد، والثاني لذكر الضرب. وحكى أبو جعفر النحاس أن ذلك جائز على مذهب البصريين والكسائي، وغير جائز على مذهب الفراء (4).

الرابع عشر: علمي بزيد كان ذا مال منعها أبو علي (5) أن يكون علمي مبتدأ، وبزيد متعلق به، وكان في موضع خبره واسمها مستتر فيها وهو عائد على متعلق علمي، وذا خبر كان من حيث إن جملة الخبر ليس فيها ما يربطها بالمبتدأ الذي هو علمي؛ لأن ذا مال ليس نفس العلم ولا منزلا منزلته.

وتجويز المسألة على وجوه:

منها: ما أجازه بعضهم من أن تكون من باب ضربي زيدا قائما، أي كائنا ذا مال، أو قد كان ذا مال، وذلك على تقدير الكوفيين فيما نقل عنهم أنهم يقدرون -

ص: 908

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الخبر متأخرا أي: علمي بزيد كان قائما واقع، أو على تقدير عضد الدولة (1) علمي بزيد علمي به ذا مال، وأما على تقدير من قدر إذا كان فلا يصح، ويمكن أن يكون بزيد خبر علمي أي: علمي ملتبس بزيد، أو واقع به ذا مال أي غنيّا، ويمكن أن تكون كان زائدة، ويكون المعنى: علمي بزيد ذا مال.

وزعم بعضهم أن التقدير: علمي بزيد إذ كان وحذف إذ للدلالة عليها وهو ضعيف؛ لأن العرب إنما حذفت هنا الفعل والظرف معا ولم تحذف أحدهما دون الآخر.

واختار الأستاذ أبو علي أن تكون كان ناقصة واسمها يعود على العلم، وذا مال حال تسد مسد خبر كان كما سد مسد خبر المبتدأ، وقد ردّ ذلك على أبي علي (2).

الخامس عشر: لا يجوز وقوع المصدر موقع هذه الحال؛ لأنه لا يناسبه بينه وبين الزمان، وهم إنما عدلوا إلى الحال المشتقة للمناسبة، وهذه المناسبة لا تجوز إلا مع صورة الحال الأصلية، ولا تجوز في الحال لكونها كالظرف؛ لأنه لا يتجوز في الشيء الواحد مرتين.

(1) هو أبو شجاع بن ركن الدولة بن ساسان، واسمه فناخسرو بن الحسن بن بويه، تولى ملك فارس ثم ملك الموصل وبلاد الجزيرة، ودانت له العباد والبلاد، لقب في الإسلام بشاهنشاه، كان رجلا كامل الفضل حسن السياسة شديد الهيبة، قصده العلماء والشعراء، وللمتنبي فيه قصائد، ومما قاله فيه (من الوافر):

أروح وقد ختمت على فؤادي

بحبّك لن يقرّ به سواكا

كما كان هو شاعرا وعالما بالعربية والأدب، وله فيها أبحاث وأقوال حسنة، وقد نقل عنه ابن هشام الخضراوي في الإفصاح أشياء، ولعضد الدولة صنّف وأهدى أبو علي الفارسي كتابيه: الإيضاح والتكملة.

وقد افتخر ذات يوم فقال عن نفسه (من الرمل):

عضد الدّولة وابن ركنها

ملك الأملاك غلّاب القدر

ولم يفلح بعد هذا البيت، وتوفي سنة (372 هـ) ببغداد ونقل إلى الكوفة وعاش ما يقرب من خمسين عاما، ولما حضرته المنية لم ينطق إلا بقوله: ما أَغْنى عَنِّي مالِيَهْ (28) هَلَكَ عَنِّي سُلْطانِيَهْ. [الحاقة: 28، 29] انظر ترجمته في بغية الوعاة (2/ 248).

(2)

التذييل والتكميل (3/ 293).

ص: 909