الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[إعراب الاسم المرفوع بعد لولا]
قال ابن مالك: (وليس التّالي لولا مرفوعا بها، ولا بفعل مضمر؛ خلافا للكوفيّين، ولا يغني فاعل المصدر المذكور عن تقدير الخبر إغناء المرفوع بالوصف المذكور، ولا الواو والحال المشار إليهما؛ خلافا لزاعمي ذلك).
قال ناظر الجيش: لما أنهى الكلام عن المواضع التي يجب فيها حذف الخبر، وكان في بعض الصور المتقدمة خلاف - قصد الإشارة إليه هنا، وقد تقدم الكلام على مضمون قوله: ويغني فاعل المصدر المذكور إلى آخره، وعلى إغناء الحال عن الخبر في مسألة: ضربي زيدا قائما، وعلى واو المصاحبة أيضا في مسألة: كل رجل وضيعته؛ فلا حاجة لإعادته (1).
وأما المرفوع بعد لولا (2) فتقدم أنه مبتدأ، وأن خبره محذوف وجوبا (3) وذكر فيه هنا مذهبين آخرين:
أحدهما: أنه مرفوع بلولا، وهو رأي الفراء.
والثاني: أنه مرفوع بفعل مضمر، وهو رأي الكسائي، ونبه على خلافهما بقوله: خلافا للكوفيين (4).
قال المصنف (5): «والصحيح مذهب البصريين؛ لأنه إذا كان مبتدأ محذوف -
(1) انظر مواضع حذف الخبر وجوبا.
(2)
قال أبو حيان: «المناسب ذكر قوله: «وليس التالي لولا مرفوعا بها، ولا بفعل مضمر؛ خلافا للكوفيين» متصلا بقوله: «ووجوبا بعد لولا الامتناعيّة غالبا» ، أما أن يفصل بذلك بين مسائل الحال السّادة مسدّ الخبر فغير سديد في التّصنيف».
(التذييل والتكميل: 3/ 300).
(3)
انظر في هذا التحقيق مواضع حذف الخبر وجوبا. الموضع الأول: خبر المبتدأ الواقع بعد لولا الامتناعية.
(4)
انظر التذييل والتكميل (3/ 300) والهمع: (1/ 105) واقرأ ذلك بالتفصيل في المسألة العاشرة من مسائل الخلاف في كتاب الإنصاف في مسائل الخلاف: (1/ 70) قال الشيخ كمال الدين الأنباري: ذهب الكوفيون إلى أنّ لولا ترفع الاسم بعدها نحو: لولا زيد لأكرمتك، وذهب البصريون إلى أنه يرتفع بالابتداء، ثم ذكر حجج كل فريق ورجح رأي الكوفيين، قال: والصّحيح ما ذهب إليه الكوفيّون.
(5)
شرح التسهيل (2/ 284).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الخبر كان نظير المقسم به في كونه مبتدأ محذوف الخبر للعلم به، وسد الجواب مسده؛ بل يكون أولى بصحة حذف الخبر؛ لأن في لولا إشعارا بالوجود المانع من ثبوت معنى الجواب، والوجود الذي يشعر به هو المفاد بالخبر لو نطق به، ففي حذف الخبر بعد لولا من العذر ما في حذف خبر المقسم به وزيادة» قال:
وأيضا فإذا حكم على الواقع بعد لولا بالابتداء كان المحذوف من الجملة مؤخرا، وإذا حكم بفاعليته كان المحذوف منها مقدما، والأواخر بالحذف أولى من الأوائل» انتهى (1).
ومما رد به مذهب الفراء أن الحرف لا يعمل إلا إذا اختص، ولا خصوصية للو لا بقبيل دون قبيل فإنها كما دخلت على الاسم فيما تقدم، فقد دخلت على الفعل في قول الشاعر:[1/ 321].
555 -
ألا زعمت أسماء ألّا أحبّها
…
فقلت بلى لولا ينازعني شغلي (2)
وفي قوله أيضا: -
(1) المرجع السابق ثم قال ابن مالك بعد ذلك:
(2)
البيت من بحر الطويل مطلع قصيدة لأبي ذؤيب الهذلي في الغزل (ديوان أبي ذؤيب (ص 10)، ديوان الهذليين ص 34) وبعده وهو جواب لولا قوله:
جزيتك ضعف الود لمّا شكيته
…
وما إن جزاك الضعف من أحد قبلي
وأبو ذؤيب يذكر لحبيبته أنه يحبها، وليس كما ادعت عليه، وأنه لولا عمله يشغله عنها لضاعف لها الود، وجازاها به جزاء لم تره من أحد.
ويستشهد بالبيت على: أن لولا غير عاملة لأنها لم تختص بالدخول على معين، وإنما كما تدخل على الاسم تدخل على الفعل، وفيه رد على الفراء القائل: إن الاسم بعد لولا مرفوع بها، وقد أجيب عن هذا الرد، وفي المسألة كلام كثير انظره في الشرح.
والبيت لم يورده ابن مالك ولا أبو حيان، وهو في معجم الشواهد (ص 300).
556 -
قالت أمامة لما جئت زائرها
…
هلّا رميت ببعض الأسهم السّود
لا درّ درّك إنّي قد رميتهم
…
لولا حددت ولا عذرى لمحدود (1)
وقد أجاب الكوفيون عن ذلك بأن لولا الامتناعية لم تدخل على الفعل، وإنما هذه لو دخلت على لا الواقعة موقع لم، و (لا) تقع موقع لم بدليل قوله تعالى: فَلا صَدَّقَ وَلا صَلَّى (2) ورد هذا الجواب بمنع أن لا واقعة موقع لم، والأصل عدم ذلك.
والفرق بينها وبين الآية الكريمةأن مجيء لكن بعدها في الآية الشريفة (3) دل على أن المراد بها لم، ولا دليل هنا في البيت، فبقي على أصله.
واعلم أن دعوى عدم خصوصية لولا الامتناعية بالأسماء ممنوعة، وأما كون الفعل يليها واستشهادهم بما أنشدوه. فقد قال المصنف في قول الشاعر:
557 -
ولولا يحسبون الحلم عجزا
…
لما عدم المسيئون احتمالي (4)
إن التقدير: ولولا أن يحسبوا، فحذف أن ورفع الفعل والموضع موضع المبتدأ على تقدير أن كما قالوا: تسمع بالمعيدي خير من أن تراه (5).
فكذا يكون التقدير في لولا ينازعني: لولا أن ينازعني شغلي. وأما هى في: لولا -
(1) البيتان من بحر البسيط، وهما في الاعتذار ووصف الحال، قالهما الجموح الظفري كما في مراجعهما، وقيل: هما لراشد بن عبد الله السلمي.
اللغة: أمامة: اسم زوجته. الأسهم السود: النبال المعلمة بسواد. لا درّ درّك: دعاء عليها أي لا كان فيك خير ولا أتيت بخير. حددت: بالبناء للمجهول أي: حرمت ومنعت. عذرى: المعذرة. لمحدود:
لممنوع ومحبوس عن القتال.
والمعنى: تعاتبه زوجته على جبنه وانسحابه من القتال، فقال لها: لقد قاتلت أعدائي واجتهدت في قتالهم، ولكني حرمت النصر عليهم، ولا يقبل عذر المحروم. وشاهده كالذي قبله.
والشاهد في معجم الشواهد (ص 121) ولم يورده ابن مالك ولا أبو حيان.
(2)
سورة القيامة: 31.
(3)
أي في الآية التي بعدها، وهي قوله تعالى: وَلكِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى [القيامة: 32].
(4)
البيت من بحر الوافر قائله مجهول، وهو في الفخر بالحلم والشجاعة.
وشاهده: كالذي قبله وهو دخول لولا على الجملة الفعليه وقد أولوه كما في الشرح.
والبيت في شرح التسهيل (1/ 284)، وليس في معجم الشواهد.
(5)
شرح التسهيل لابن مالك (1/ 284)، وهذا آخر كلامه، والمثل يضرب لمن مآثره وأخباره خير من منظره ومرآه (مجمع الأمثال 1/ 227) وقد مر المثل عند ذكر علامات الاسم.