الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[حكم الصرف وعدمه لأنواع الأعلام]
قال ابن مالك: (ومن الأعلام الأمثلة الموزون بها؛ فما كان منها بتاء تأنيث، أو على وزن الفعل به أولى، أو مزيدا آخره ألف ونون أو ألف إلحاق مقصورة - لم ينصرف إلّا منكرا، وإن كان على زنة منتهى التّكسير، أو ذا ألف تأنيث - لم ينصرف مطلقا؛ فإن صلحت الألف لتأنيث وإلحاق جاء في المثال اعتباران).
قال ناظر الجيش: قال المصنف (1): الأمثلة الموزون بها كقولك وزن عامر وطلحة وأحمد وعمر: فاعل وفعلة وأفعل وفعل؛ فهذه وما أشبهها معارف؛ لأن كل واحد منها يدل على المراد دلالة تتضمن الإشارة إلى حروفه وهيئته؛ ولذلك تقع بعده المعرفة صفة والنكرة حالا، كقولك: لا ينصرف فعل المعدول بل ينصرف فعل غير معدول.
والأمثلة المشار إليها بالنسبة إلى الصرف ومنعه على أربعة أقسام:
- قسم ينصرف مطلقا.
- وقسم لا ينصرف مطلقا.
- وقسم ينصرف في التنكير دون التعريف.
- وقسم له اعتباران هو في أحدهما كالثاني وفي الآخر كالثالث.
فالأول: كفاعل؛ فإنه ليس فيه مع العلمية سبب ثان.
والثاني: كفعلاء [1/ 206] وفعلى مما فيه ألف التأنيث ممدودة أو مقصورة، وكمفاعل ومفاعيل مما فيه زنة منتهى التكسير.
والثالث: كفعلة وأفعل وفعلان وفعلى مما فيه تاء التأنيث، أو وزن الفعل، أو الألف والنون الزائدتان، أو ألف الإلحاق المقصورة؛ فهذه لا تنصرف ما دامت معارف، وتنصرف إذا وقعت موقعا يوجب تنكيرها، كقولك: كل فعلة صحيح العين فجمعه فعلات إن كان اسما، وفعلات إن كان صفة؛ وكل فعلان ذي مؤنث على فعلى لا ينصرف، وكل أفعل غير علم ولا صفة ينصرف.
والرابع: الذي له اعتباران فعلى بفتح الفاء وكسرها؛ فإن ألفه صالحة للتأنيث -
(1) شرح التسهيل: (1/ 184).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وصالحة للإلحاق؛ فإن حكم بتأنيثها كان ما هي فيه غير منصرف في تعريف ولا تنكير؛ وإن حكم بكونها للإلحاق كان ما هي فيه غير منصرف في التعريف منصرفا في التنكير. انتهى كلام المصنف (1) رحمه الله تعالى.
ولابن الحاجب رحمه الله تعالى في هذه المسألة كلام وتقسيم حسن يفيد ما لا أفاده كلام المصنف، قال (2):«هذه الأمثلة إنما وقعت في اصطلاح النحويين، وضعوها لموزوناتها أعلاما على طريق الإيجاز والاختصار، وهي في الأعلام لموزوناتها بمنزلة باب أسامة على قول. ثم لا يخلو إما أن تستعمل وزنا للأفعال على حدتها أو لغير ذلك» .
«وإن لم تستعمل لجنس ما يوزن بها فلا تخلو إما أن تقع في الكلام كناية عن موزوناتها أو لا.
فإن وقعت كناية عن موزوناتها كان لها حكم موزوناتها، لا حكم نفسها على الأكثر.
وإن لم تكن كذلك وكانت موزوناتها مذكورا معها، كقولك: وزن قائمة فاعلة - فللنحويين فيها مذهبان:
منهم: من يجريها مجرى الأول فيجعل له حكم نفسه، ومنهم: من يجعل حكمها حكم الثاني، فتقول على المذهب
الأول: وزن قائمة فاعلة غير مصروف لأن فيه علتين: العلمية والتأنيث وهو مذهب الزمخشري».
«وتقول على المذهب الثاني: وزن قائمة فاعلة مصروفا لأن موزونه مصروف.
ووجه الأول هو أنه لما كان علما باعتبار الجنس كأسامة - وجب إجراؤه على كل واحد من مفرداته كما يجري أسامة؛ فإن أطلقته على واحد من مفرداتها كان علما، كما إذا أطلقت أسامة على واحد من الآساد كان اسما علما» [1/ 207]. -
(1) شرح التسهيل: (1/ 184).
(2)
انظر نصه في: الإيضاح في شرح المفصل: (1/ 94) وما بعدها، تحقيق موسى العليلي (العراق).
(3)
ما بين القوسين مأخوذ من شرح ابن الحاجب على المفصل.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
«والجواب عنه أن يقال: هذا وإن لم يكن علما فليس اللفظ مقصودا في نفسه، وإنما الغرض به معرفة موزونه، فأجري مجرى موزونه» انتهى كلام ابن الحاجب (2).
ووقفت لبعض مصنفي العجم على تقسيم تبع في أكثره ابن الحاجب:
وهو أن هذه الأمثلة لا تخلو إما أن تستعمل مجردة عن الموزونات أو معها، والأول لا يخلو إما أن يكون أوزانا للأفعال على حدتها أو لغيرها، ففي الأول:
حكمها حكم الأفعال، فتقول: فعل مبني على الفتح، ويفعل معرب، واستفعل للسؤال، وفي الثاني: وهو أن تكون لغير الأفعال على ثلاثة أقسام.
لأنها إما أن تعتبر بالنسبة إلى جميع ما يوزن بها، أو بالنسبة إلى بعض ما يوزن بها، بأن تجعل كناية عنه، أو
بالنسبة إلى أنفسها من غير ملاحظة الموزونات:
فالقسم الأول: «نكرة فإن كان فيه ما يمنع صرفه وهو نكرة منع، كما تقول:
كل فعلاء مؤنث أفعل، وكل فعلى تأنيث فعلان؛ وإن خلا من مانع صرفه صرف، كما نقول: فعلة إذا كانت اسما وجمعت بألف وتاء - حركت عينها، فأنت لا تريد مثلا واحدا، وإنما تريد كل ما يوزن بها كتمرة وطلحة». -
(1) في أصل ابن الحاجب: فإذا وضع النحويون ألفاظا. وما في النسخ أولى لوضوحه.
(2)
انظر الإيضاح في شرح المفصل له (1/ 94 - 96).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ثم قال (2): «واعتبار الزنة مع الموزون في الصرف وعدمه يوجب أربعة أقسام:
الأول: كلاهما منصرف، تقول: ضارب فاعل.
الثاني: كلاهما غير منصرف، تقول: حبلى فعلى.
الثالث: الزنة مصروفة والموزون غير منصرف، تقول: سعاد فعال، وهذا يقوي القول الأول.
الرابع: الزنة غير مصروفة والموزون مصروف، تقول: يرجع يفعل، وهذا يقوي القول الثاني» انتهى.
والظاهر أن الذي جعله مقويا للأول إنما هو مقوّ للثاني، ومقوي الثاني مقوي الأول، ثم لم يتجه لي تمثيله في القسم الثالث بفعلة إذا جمعته بألف وتاء، مع تمثيله بها في القسم الأول أيضا، والظاهر أن القسم الثالث لا تحقق له، ولذا لم يذكره ابن الحاجب ولكن التقسيم الذي ذكره لا يدفعه العقل.
وقال ابن هشام الخضراوي (3): «قد اتّفق أصحابنا في أمثلة الأوزان أنّها إن -
(1) في الأصل: وعند غير الأقلين، والصحيح ما أثبتناه بدليل قوله قبل: على الأكثر، وهو الثابت في نسخة (ب).
(2)
القائل: هو بعض مصنفي العجم.
(3)
هو محمد بن يحيى الأنصاري الخرجي الأندلسي، سبقت ترجمته.