المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[حكم أنت الذي فعل وفعلت] - تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد - جـ ٢

[ناظر الجيش]

فهرس الكتاب

- ‌الباب الثامن باب الاسم العلم

- ‌[تعريف العلم]

- ‌[تقسيم العلم إلى منقول ومرتجل]

- ‌[تقسيم العلم إلى مفرد ومركب/ تقسيم المركب]

- ‌[تقسيم العلم إلى اسم وكنية ولقب]

- ‌[أحكام العلم ذي الغلبة]

- ‌[أحكام العلم ذي الأداة]

- ‌[تنكير العلم بالتثنية والجمع والإضافة وأحكام ذلك]

- ‌[مسميات الأعلام]

- ‌[حكم الصرف وعدمه لأنواع الأعلام]

- ‌[حكم أفعل وصفا للنكرة]

- ‌[حكم الأعداد من التعريف وغيره والصرف وغيره]

- ‌[حكم الكنايات من العلمية أو غيرها]

- ‌الباب التاسع باب الموصول

- ‌[تقسيم الموصول وتعريف كل قسم]

- ‌[الموصول من الأسماء وأنواعه - الموصولات الخاصة]

- ‌[جمع الذي والتي]

- ‌[الموصولات المشتركة ومعناها]

- ‌[حذف عائد الموصول بأنواعه]

- ‌[حكم أي الموصولة من البناء والإعراب]

- ‌[حكم أنت الذي فعل وفعلت]

- ‌[حكم وقوع شبه الجملة صلة للموصول]

- ‌[من وما ومراعاة اللفظ أو المعنى فيها]

- ‌[من وما: أنواعهما - معناهما]

- ‌[أنواع أيّ وأحكام كل نوع]

- ‌[الموصولات الحرفية - أن وكي وما ولو - وأحكامها]

- ‌[أحكام الموصول مع صلته]

- ‌الباب العاشر باب اسم الإشارة

- ‌[تعريفه - أنواعه]

- ‌[مرتبة المشار إليه]

- ‌[هاء التنبيه وأحكامها]

- ‌[فصل هاء التنبيه عن اسم الإشارة]

- ‌[إلحاق كاف الخطاب بأسماء الإشارة]

- ‌[إلحاق كاف الخطاب لبعض الكلمات الأخرى]

- ‌[تبادل أسماء الإشارة]

- ‌[الإشارة إلى المكان]

- ‌الباب الحادي عشر باب المعرّف بالأداة

- ‌[اختلافهم في الأداة]

- ‌[أنواع أل]

- ‌[حكم أل التي للجنس]

- ‌[أل الزائدة ومواضع الزيادة]

- ‌[مدلول إعراب الاسم من رفع أو نصب أو جر]

- ‌الباب الثاني عشر باب المبتدأ

- ‌[تعريفه - نوعاه]

- ‌[عامل الرفع في المبتدأ والخبر]

- ‌[الوصف الرافع للاسم وأحكامه]

- ‌[حذف الخبر جوازا ووجوبا ومسائل ذلك]

- ‌[مسألة ضربي زيدا قائما وبقية الحديث فيها]

- ‌[رفع الحال المنصوبة على الخبرية]

- ‌[إعراب الاسم المرفوع بعد لولا]

- ‌[الحال السادة مسد الخبر ووقوعها جملة]

- ‌[حذف المبتدأ جوازا ووجوبا ومسائل ذلك]

- ‌[حكم قولهم: زيد والريح يباريها - وقولهم: راكب الناقة طليحان]

- ‌[المبتدأ والخبر من جهة التعريف والتنكير]

- ‌[مواضع الابتداء بالنكرة]

- ‌[إعراب قولهم: كم مالك؟ وقولهم: ما أنت وزيد

- ‌[بعض مسائل تقديم الخبر]

- ‌[حكم «في داره زيد» وأشباهه]

- ‌[بقية مسائل تقديم الخبر وجوبا]

- ‌[الخبر: تعريفه وأنواعه وحديث طويل عنه]

- ‌[الخبر المشتق وغيره، وحكمهما في تحمل ضمير المبتدأ]

- ‌[استكنان الضمير الرابط وبروزه]

- ‌[أنواع الخبر الجملة، وحكم بعض الجمل في وقوعها أخبارا]

- ‌[روابط الخبر الجملة - جمل لا تحتاج إلى رابط]

- ‌[حكم الضمير الرابط من جواز حذفه أو بقائه]

- ‌[مجيء الخبر ظرفا والآراء في ذلك]

- ‌[حكم وقوع ظرف الزمان خبرا عن اسم العين والمعنى]

- ‌[جواز رفع ظرف الزمان الواقع خبرا ونصبه وجره]

- ‌[جواز رفع ظرف المكان الواقع خبرا ونصبه]

- ‌[جواز رفع ظرف الزمان الواقع خبرا ووجوب نصبه]

- ‌[جواز رفع ظرف الزمان الواقع خبرا ونصبه]

- ‌[جواز رفع المصدر الواقع خبرا ونصبه]

- ‌[تعدد الخبر وأنواعه]

- ‌[تعدد المبتدأ ونوعاه]

- ‌[اقتران الخبر بالفاء وجوبا وجوازا الأحكام وشروط ذلك]

- ‌[مسائل مختلفة في اقتران الخبر بالفاء]

الفصل: ‌[حكم أنت الذي فعل وفعلت]

[حكم أنت الذي فعل وفعلت]

قال ابن مالك: (ويجوز الحضور أو الغيبة في ضمير المخبر به أو بموصوف عن حاضر مقدّم ما لم يقصد تشبيهه بالمخبر به فتتعيّن الغيبة ودون التّشبيه يجوز الأمران إن وجد ضميران).

قال ناظر الجيش: قال المصنف (1): «الإشارة بهذا الكلام إلى نحو: أنت الذي فعل وأنت فلان الذي فعل وأنت رجل فعل ففي فعل الأول ضمير عائد على موصول مخبر به، وفي فعل الثاني ضمير عائد على موصول موصوفه مخبر به، وفي فعل الثالث ضمير عائد على نكرة مخبر بها. والمخبر عنه في الأمثلة الثلاثة حاضر مقدم وقد جيء بمضمر خبره غائبا معتبرا به حال المخبر به (2) ولو جيء به حاضرا معتبرا به حال المخبر عنه جاز فكنت تقول فعلت في الأمثلة الثلاثة لأن المخبر عنه والمخبر به شيء واحد في المعنى. وفي حديث محاجة موسى آدم عليه السلام: «أنت آدم الّذي أخرجتك خطيئتك من الجنّة، فقال آدم: أنت موسى الّذي اصطفاك الله برسالاته. وفي رواية: أنت الّذي أعطاه الله علم كلّ شيء واصطفاه على النّاس برسالاته» (3).

ومن اعتبار حال المخبر عنه قول الفرزدق:

403 -

وأنت الّذي تلوي الجنود رؤوسها

إليك وللأيتام أنت طعامها (4)

-

(1) شرح التسهيل (1/ 210).

(2)

في شرح التسهيل لابن مالك: حال الخبر وهما سيان.

(3)

الحديث في مسند الإمام أحمد بن حنبل مرويّا عن أبي نضرة عن ابن عباس (1/ 281)، (1/ 295) في طلب الشفاعة من الأنبياء يوم القيامة، حيث يذهب الناس إلى آدم ثم إلى نوح ثم إلى إبراهيم عليه السلام ثم يذهبون إلى موسى قائلين له: أنت موسى الذي اصطفاك الله برسالته

وكلمك فاشفع لنا فيأبى ثم يذهبون إلى محمّد صلى الله عليه وسلم فيشفع لهم.

(4)

البيت من بحر الطويل من قصيدة طويلة للفرزدق يمدح فيها هشام بن عبد الملك وهي من أجود المدح (الديوان 2/ 231) وقبل بيت الشاهد قوله:

وأنت لهذا الناس بعد نبيهم

سماء يرجى للمحول غمامها

ومعناه: مدح بالشجاعة والكرم. وشاهده: عود الضمير من صلة الموصول الواقع خبرا لمبتدأ هو ضمير مخاطب مراعى فيه حال هذا الضمير.

والبيت في شروح التسهيل لابن مالك (1/ 210). ولأبي حيان (3/ 96) وللمرادي (1/ 213) وليس في معجم الشواهد.

ص: 711

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[1/ 239] ومثله قول قيس العامري:

404 -

وأنت الّتي إن شئت نعّمت عيشتي

وإن شئت بعد الله أنعمت باليا (1)

ومن اعتبار حال المخبر به قول الفرزدق:

405 -

وأنت الّذي أمست نزار تعدّه

لدفع الأعادي والأمور الشّدائد (2)

فلو قصد تشبيه المخبر عنه بالمخبر به تعين كون العائد بلفظ الغيبة كقولك: أنت الذي فعل بمعنى كالذي فعل، وكذلك تتعين الغيبة عند تأخير ما يدل على الحضور كقولك: الذي فعل أنت ولذلك قلت في الأصل: عن حاضر مقدّم.

ومثال ما يجوز فيه الأمران إن وجد ضميران مع عدم التشبيه قول بعض الأنصار رضي الله عنه:

406 -

نحن الّذين بايعوا محمّدا

على الجهاد ما بقينا أبدا (3)

ومثله:

407 -

أأنت الهلاليّ الّذي كنت مرّة

سمعنا به والأرحبيّ المعلّق (4)

-

(1) البيت من بحر الطويل وهو لقيس مجنون ليلى من القصيدة التي تسمى المؤنسة. وبعد بيت الشاهد قوله:

وأنت التي ما من صديق ولا عدا

يرى نضو ما أبقيت إلّا رثى ليا

ديوان مجنون ليلى (ص 295). وشاهده كالذي قبله. والبيت في شرح التسهيل: (1/ 210) والتذييل والتكميل: (3/ 96) وليس في معجم الشواهد.

(2)

البيت من بحر الطويل من قصيدة للفرزدق يمدح بها عيسى بن فضيلة السلمي (ديوان الفرزدق: 1/ 167) وقبل بيت الشاهد قوله:

بحقّك تحوي المكرمات ولم نجد

أبا لك إلّا ماجدا وابن ماجد

وفي البيت مدح بالشجاعة. وشاهده: عود الضمير العائد على الموصول غائبا مراعى فيه حال الخبر.

والبيت في شروح التسهيل لابن مالك: (1/ 210)، ولأبي حيان:(3/ 97) وللمرادي: (1/ 213) وليس في معجم الشواهد.

(3)

البيتان من مشطور الرجز وقد نسبته المراجع إلى بعض الأنصار ولم تعينه. وشاهده واضح من الشرح. والشاهد في شروح التسهيل لابن مالك: (1/ 211) ولأبي حيان: (3/ 103) وللمرادي: (1/ 214) وفي معجم الشواهد (ص 462).

(4)

البيت من بحر الطويل ولم ينسب فيما ورد من مراجع.

وقد استشهد به على مراعاة المعنى أولا في العائد (كنت مرّة) ثم مراعاة اللفظ (سمعنا به). وعلق أبو حيان على البيت فقال: -

ص: 712

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

أي ومعه الأرحبي». انتهى (1). واعلم أن ها هنا أمورا ينبه عليها:

- الأول: أن الحضور يشمل التكلم كما يشمل الخطاب ولا فرق بين أنت الذي فعل وأنا الذي فعل: وكذا أنا فلان الذي فعل وأنا رجل فعل لا فرق بينهما وبين أنت فلان الذي فعل وأنت رجل فعل قال:

408 -

أنا الّذي فررت يوم الحرّة

[والشّيخ لا يفرّ إلّا مرّة](2)

وقال الآخر:

409 -

وإنّا لقوم لا نرى القتل سبّة

[إذا ما رأته عامر وسلول](3)

-

- «إلّا إنّه إذا اجتمع الحملان فالأحسن أن يبدأ بالحمل على لفظ الّذي قبل الحمل على المعنى» . (التذييل والتكميل: 1/ 662).

وهو عكس ما فعله الشاعر إلا أنه ينطبق على قول الآخر:

نحن الّذين بايعوا محمّدا

وبيت الشاهد في معجم الشواهد (ص 37) برواية المهلب و (ص 245) برواية المعلق وهو في شرح التسهيل لابن مالك (1/ 211) ولأبي حيان (2/ 124)، (3/ 103).

(1)

شرح التسهيل (1/ 211).

(2)

البيتان من الرجز المشطور قالهما عبد الله بن مطيع بن الأسود العدوي وكان قد فر يوم الحرة من جيش مسلم بن عقبة فلما كان حصار الحجاج بمكة لعبد الله بن الزبير جعل يقاتل أهل الشام وهو يقول:

أنا الّذي فررت يوم الحرّه

والشّيخ لا يفرّ إلّا مرّه

فاليوم أجزي فرّة بكرّه

لا بأس بالكرّة بعد الفره

فلم يزل يقاتل حتى قتل. انظر هذا الخبر وهذا الشعر في العقد الفريد: (1/ 104) بتحقيق محمد سعيد العريان (دار الفكر بيروت سنة 1953 م).

ويستشهد به على عود الضمير من جملة الصلة مراعى فيه المخبر عنه وهو هنا ضمير تكلم. والبيت ليس في معجم الشواهد وهو في التذييل (3/ 97) والمرادي (1/ 213).

(3)

البيت من بحر الطويل من قصيدة للسموأل بن عادياء اليهودي يفتخر فيها ويمتدح بالصفات الجميلة ومطلعها:

إذا المرء لم يدنس من اللؤم عرضه

فكلّ رداء يرتديه جميل

وبيت الشاهد في الفخر بالشجاعة ودخول الحرب وبعده:

يقرب حبّ الموت آجالنا لنا

ويكرهه آجالهم فتطول

وما مات منّا سيد حتف أنفه

ولا طلّ منّا حيث كان قتيل

واقرأ القصيدة كلها في الأمالي (1/ 319). وفي الحماسة (1/ 110) وهي في ديواني عروة بن الورد والسموأل (ص 90) ويستشهد بالبيت وما بعده على أنه يجوز في صفة الخبر إذا كان المبتدأ ضمير تكلم أو خطاب أن يراعى الخبر فيكون ضمير الصفة غائبا، وأن يراعى المخبر عنه فيكون الضمير متكلما -

ص: 713

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وقال الآخر:

410 -

وأنا ابن حرب لا يزال يشبّها

[نارا تسعّر طالبا أو أطلب](1)

ثم لا فرق بين الواحد وغيره. قال الله تعالى: بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ (2) والحكم بعد دخول ناسخ على ضمير الحضور فيما ذكر كالحكم قبل دخوله وفي الحديث: «إنّك امرؤ فيك جاهليّة» (3).

وقال الشاعر:

411 -

وكنّا أناسا قبل غزوة قرمل

ورثنا الغنى والمجد أكبر أكبرا (4)

- الثاني: يفهم من قول المصنف: ويجوز الحضور أو الغيبة في ضمير المخبر به -

- أو مخاطبا. وبيت الشاهد من النوع الأخير والشاهد الذي بعده من النوع الأول.

والبيت في التذييل والتكميل: (3/ 99) وليس في معجم الشواهد.

(1)

البيت من بحر الطويل لم يرد في معجم الشواهد ولا في مرجع آخر من الكتب التي وقعت تحت يدي إلا في التذييل والتكميل: (3/ 100).

اللغة: ابن حرب: شجاع مقدام. يشبّها: يوقدها ويسعرها.

والشاعر يفتخر بشجاعته في الحروب وأنها إن لم تقم بنفسها أقامها هو ليعرف الناس شجاعته.

(2)

سورة النمل: 55.

(3)

الحديث في صحيح البخاري: (2/ 11) في كتاب الإيمان وأصله أن رجلا لقي أبا ذر بالربذة وعليه حلة وعلى غلامه حلة قال: فسألته عن ذلك فقال: إني ساببت رجلا فعيرته بأمه فقال لي النبي صلى الله عليه وسلم: «يا أبا ذر أعيرته بأمه، إنك امرؤ فيك جاهلية، إخوانكم خولكم جعلهم الله تحت أيديكم، فمن كان أخوه تحت يديه فليطعمه مما يأكل، وليلبسه مما يلبس، ولا تكلفوهم ما يغلبهم، فإن كلفتموهم فأعينوهم» .

والحديث بنصه أيضا في مسند الإمام أحمد بن حنبل: (5/ 161).

(4)

البيت من بحر الطويل من رائية طويلة لامرئ القيس يرتل فيها نغمه الحزين وهو ذاهب إلى قيصر ملك الروم يستنجده ويحتمي به: ديوان امرئ القيس (ص 69):

بكى صاحبي لمّا رأى الدّرب دونه

وأيقن أنّا لاحقان بقيصرا

فقلت له لا تبك عينك إنّما

نحاول ملكا أو نموت فنعذرا

وبيت الشاهد يذكر فيه أن شرفه متوارث ولم يلصق به عيب قبل غزوة قرمل وهو ملك من ملوك اليمن غزا قوم امرئ القيس وظفر بهم.

وشاهده قوله: وكنا أناسا

ورثنا. حيث عاد الضمير متكلما من صفة الخبر (ورثنا) على ضمير المتكلم الواقع اسما لكان (وكنا). وبيت الشاهد في التذييل والتكميل (3/ 100) وليس في معجم الشواهد.

ص: 714

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

أو بموصوف عن حاضر مقدّم أن الضمير للمخبر به وللموصوف لا لما وقعا خبرا عنه سواء كان بلفظ الحضور أو الغيبة، فإن كان بلفظ الغيبة فهو عائد على الظاهر الذي هو الخبر أو الموصوف ولا إشكال.

وإن كان بلفظ الحضور فهو أيضا عائد على الظاهر خبرا كان أو موصوفا حملا على المعنى لأن الظاهر المذكور هو الضمير المخبر عنه في المعنى.

وقال الفارسي: إذا قلت أنت الّذي فعلت لم يعد على الصّلة ضمير وإنّما عاد على أنت ومن ثم قال: إن الحمل على اللفظ أكثر في الصلة والصفة.

وأكد كلامه بأن قال: «إذا قلت أنتم كلّكم بينكم درهم لم يعد على كلّ من خبره شيء» .

وكذلك الموصول الذي مثلنا به وهي كلها تحتاج إلى ضمائر فخلوها عن ذلك خروج عن القياس. قال: وهو قول أبي عثمان.

وقال أبو عثمان: «لولا أنّه مسموع من العرب لرددناه لفساده فعلى هذا لم يعد على كل ضمير إذا خاطبت لكن صحّ الكلام للحمل على المعنى؛ لأنه إذا عاد على أنتم وهو كلّ في المعنى فكأنّه عاد على كلّ» انتهى (1).

ولا يخفى أرجحية ما ذكرناه أولا على ما ذكره [1/ 240] أبو علي.

- الثالث: قد عرف من تمثيل المصنف بأنت الذي فعل وأنت فلان الذي فعل وأنت رجل فعل أن المخبر به عن الاسم الدال عن الحضور إما موصول أو موصوف بموصول إن كان معرفة (2) أو بجملة إن كان نكرة ولكن ليس في عبارة المتن ذكر الموصول لكن قد يقال قد ذكر ذلك في باب الموصول يرشد إلى أن المقصود هو -

ص: 715

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الموصول.

ثم لم يظهر لي ما عطف عليه قوله: أو بموصوف، ولم يتيسر لي حل هذه العبارة أعني قوله: بموصوف (1) ويظهر أنه لو قال في ضمير المخبر به من موصول أو موصوف لكان أوضح وأبين مع أنه واف بتأدية مراده.

- الرابع: إنما تعرض ابن عصفور إلى ذكر الموصول وأهمل ذكر الموصوف لكنه قيد الموصول بالذي والتي وتثنيتهما وجمعهما (2).

ومن ثم قال الشيخ: «إنّ الّذي ذكره المصنف يحتاج إلى تحرير وتقييد وذكر أمرين (3):

أحدهما: ما ذكره ابن عصفور أن ذلك إنّما يكون في الذي والتي وتثنيتهما وجمعهما ولا يجوز في غير ما ذكر فلا يقال أنا من قمت وإنما يقال: أنا من قام وكذا لا يقال: أنت من ضربت وإنما يقال: أنت من ضرب».

ولا شك أنه كان ينبغي للمصنف التنبيه على ذلك وكأنه إنما لم يتعرض إليه؛ لأن الإتيان بالعائد في مثل ذلك بلفظ الحضور إنما هو بالحمل على المعنى وهو خلاف ما يقتضيه اللفظ.

ومثل هذا لا ينبغي أن يتجاوز به مورد السماع. والسماع إنما ورد في الذي وفروعه فيجب الاقتصار عليه لكن

عبارته في المتن شاملة فمن ثم كان ينبغي له أن يأتي بما يدفع الشمول.

الثاني (4): أنه قال: «من شروط مراعاة الحضور أن يتأخر الخبر ولو تقدّم لم يجز -

(1) نص عبارته في المتن هي قوله: ويجوز الحضور أو الغيبة في ضمير المخبر به أو بموصوف عن حاضر مقدم وهي عبارة قلقة وسيصلحها الشارح.

(2)

المقرب (1/ 63).

قال ابن عصفور: «يجوز في الّذي والّتي وتثنيتهما وجمعهما إذا وقع شيء من ذلك بعد ضمير متكلم أو مخاطب الجمل على اللفظ فيكون الضّمير العائد عليهما غائبا كالضمير العائد على الأسماء الظاهرة، والحمل على المعنى فيكون الضّمير العائد عليه على حسب الضّمير الواقع قبل الموصول» .

(3)

انظر: التذييل والتكميل (3/ 98، 99).

(4)

أي من الأمرين اللذين ذكرهما أبو حيان معقبا على كلام ابن مالك وناقدا له.

ص: 716

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

إلّا مراعاة الظاهر فيعود غائبا فتقول في أنا الّذي قمت إذا قدمت الخبر: الّذي قام أنا وكذا تقول في أنت الّذي قمت إذا قدمت: الّذي قام أنت لأن الحمل على المعنى قبل تمام الكلام لا يجوز لأنه يلزم منه الحمل على المعنى قبل حصول المعنى في اللّفظ». وهذا عجب من الشيخ كيف جعل هذا استدراكا والمصنف قد ذكر ذلك واحترز عنه بقوله: عن حاضر مقدّم وبين في الشرح أنه احترز بقوله مقدّم من أن يتقدم الخبر على المبتدأ المذكور فلا يجوز في الضمير إلا الغيبة.

واعلم أن الكسائي خالف في ذلك فيجوز في تقديم الخبر أن يكون العائد مطابقا لضمير الحضور كحاله لو كان متأخرا فتقول: الّذي قمت أنا والّذي قمت أنت (1).

- الخامس: ذكر ابن عصفور أنه «إذا اجتمع في كلام واحد الأمران أعني الحمل على اللفظ والحمل على المعنى فالأولى أن يبدأ بالحمل على اللفظ قال: ويجوز البداءة بالحمل على المعنى وأنشد:

412 -

أأنت الهلالي الّذي كنت مرّة

... البيت

وإنّ الكوفيين لا يجيزون الجمع بين الحملين إلا إذا حصل فصل فلا يقولون أنا الّذي قمت وخرج وإن البصريين أجازوا ذلك قال: والسّماع إنّما ورد [1/ 241] على وفق قول الكوفيين» (2).

(1) انظر في رأي الكسائي: التذييل والتكميل (3/ 99) والهمع (1/ 86).

(2)

قال ابن عصفور في المقرب (1/ 63):

«وإن شئت حملت في جميع ما ذكر بعض الصلة على اللفظ وبعضها على المعنى إلا أن الأولى أن يبدأ بالحمل على اللفظ ويجوز الابتداء بالعمل على المعنى ومن ذلك قوله:

أأنت الهلالي الّذي كنت مرّة

سمعنا به والأرحبي المغلّب

إلا أن يؤدي حمل بعض الصلة على اللفظ وبعضها على المعنى إلى مخالفة الخبر للمخبر عنه والخبر فعل أو إلى إيقاع وصف خاص بالمذكر على المؤنث أو بالمؤنث على المذكر من الصفات التي لم يفصل بين مذكرها ومؤنثها بالتاء، فإن أدى إلى شيء من ذلك لم يجز، وكذلك إن أدى حمل الصلة كلها على اللفظ إلى إيقاع وصف خاص بالمذكر على المؤنث أو بالمؤنث على المذكر من الصفات التي لم يفصل بين مذكرها ومؤنثها من الصفات المذكورة لم يجز».

وانظر أيضا فيما ذكر شرح الجمل له (1/ 87).

ص: 717