المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[روابط الخبر الجملة - جمل لا تحتاج إلى رابط] - تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد - جـ ٢

[ناظر الجيش]

فهرس الكتاب

- ‌الباب الثامن باب الاسم العلم

- ‌[تعريف العلم]

- ‌[تقسيم العلم إلى منقول ومرتجل]

- ‌[تقسيم العلم إلى مفرد ومركب/ تقسيم المركب]

- ‌[تقسيم العلم إلى اسم وكنية ولقب]

- ‌[أحكام العلم ذي الغلبة]

- ‌[أحكام العلم ذي الأداة]

- ‌[تنكير العلم بالتثنية والجمع والإضافة وأحكام ذلك]

- ‌[مسميات الأعلام]

- ‌[حكم الصرف وعدمه لأنواع الأعلام]

- ‌[حكم أفعل وصفا للنكرة]

- ‌[حكم الأعداد من التعريف وغيره والصرف وغيره]

- ‌[حكم الكنايات من العلمية أو غيرها]

- ‌الباب التاسع باب الموصول

- ‌[تقسيم الموصول وتعريف كل قسم]

- ‌[الموصول من الأسماء وأنواعه - الموصولات الخاصة]

- ‌[جمع الذي والتي]

- ‌[الموصولات المشتركة ومعناها]

- ‌[حذف عائد الموصول بأنواعه]

- ‌[حكم أي الموصولة من البناء والإعراب]

- ‌[حكم أنت الذي فعل وفعلت]

- ‌[حكم وقوع شبه الجملة صلة للموصول]

- ‌[من وما ومراعاة اللفظ أو المعنى فيها]

- ‌[من وما: أنواعهما - معناهما]

- ‌[أنواع أيّ وأحكام كل نوع]

- ‌[الموصولات الحرفية - أن وكي وما ولو - وأحكامها]

- ‌[أحكام الموصول مع صلته]

- ‌الباب العاشر باب اسم الإشارة

- ‌[تعريفه - أنواعه]

- ‌[مرتبة المشار إليه]

- ‌[هاء التنبيه وأحكامها]

- ‌[فصل هاء التنبيه عن اسم الإشارة]

- ‌[إلحاق كاف الخطاب بأسماء الإشارة]

- ‌[إلحاق كاف الخطاب لبعض الكلمات الأخرى]

- ‌[تبادل أسماء الإشارة]

- ‌[الإشارة إلى المكان]

- ‌الباب الحادي عشر باب المعرّف بالأداة

- ‌[اختلافهم في الأداة]

- ‌[أنواع أل]

- ‌[حكم أل التي للجنس]

- ‌[أل الزائدة ومواضع الزيادة]

- ‌[مدلول إعراب الاسم من رفع أو نصب أو جر]

- ‌الباب الثاني عشر باب المبتدأ

- ‌[تعريفه - نوعاه]

- ‌[عامل الرفع في المبتدأ والخبر]

- ‌[الوصف الرافع للاسم وأحكامه]

- ‌[حذف الخبر جوازا ووجوبا ومسائل ذلك]

- ‌[مسألة ضربي زيدا قائما وبقية الحديث فيها]

- ‌[رفع الحال المنصوبة على الخبرية]

- ‌[إعراب الاسم المرفوع بعد لولا]

- ‌[الحال السادة مسد الخبر ووقوعها جملة]

- ‌[حذف المبتدأ جوازا ووجوبا ومسائل ذلك]

- ‌[حكم قولهم: زيد والريح يباريها - وقولهم: راكب الناقة طليحان]

- ‌[المبتدأ والخبر من جهة التعريف والتنكير]

- ‌[مواضع الابتداء بالنكرة]

- ‌[إعراب قولهم: كم مالك؟ وقولهم: ما أنت وزيد

- ‌[بعض مسائل تقديم الخبر]

- ‌[حكم «في داره زيد» وأشباهه]

- ‌[بقية مسائل تقديم الخبر وجوبا]

- ‌[الخبر: تعريفه وأنواعه وحديث طويل عنه]

- ‌[الخبر المشتق وغيره، وحكمهما في تحمل ضمير المبتدأ]

- ‌[استكنان الضمير الرابط وبروزه]

- ‌[أنواع الخبر الجملة، وحكم بعض الجمل في وقوعها أخبارا]

- ‌[روابط الخبر الجملة - جمل لا تحتاج إلى رابط]

- ‌[حكم الضمير الرابط من جواز حذفه أو بقائه]

- ‌[مجيء الخبر ظرفا والآراء في ذلك]

- ‌[حكم وقوع ظرف الزمان خبرا عن اسم العين والمعنى]

- ‌[جواز رفع ظرف الزمان الواقع خبرا ونصبه وجره]

- ‌[جواز رفع ظرف المكان الواقع خبرا ونصبه]

- ‌[جواز رفع ظرف الزمان الواقع خبرا ووجوب نصبه]

- ‌[جواز رفع ظرف الزمان الواقع خبرا ونصبه]

- ‌[جواز رفع المصدر الواقع خبرا ونصبه]

- ‌[تعدد الخبر وأنواعه]

- ‌[تعدد المبتدأ ونوعاه]

- ‌[اقتران الخبر بالفاء وجوبا وجوازا الأحكام وشروط ذلك]

- ‌[مسائل مختلفة في اقتران الخبر بالفاء]

الفصل: ‌[روابط الخبر الجملة - جمل لا تحتاج إلى رابط]

[روابط الخبر الجملة - جمل لا تحتاج إلى رابط]

قال ابن مالك: (وإن اتّحدت بالمبتدأ معنى هي أو بعضها، أو قام بعضها مقام مضاف إلى العائد استغنت عن العائد، وإلّا فلا).

ــ

في زيد اضربه، وقوي النصب، عكس زيد ضربته يعني في باب الاشتغال؛ لأن المشبه لا يقوى قوة المشبه به.

قال ناظر الجيش: لما كانت الجملة مفيدة (1) مستقلة بنفسها لزم أن يكون بينها وبين ما وقعت خبرا عنه ارتباط؛ ليعلم أنها خبر عن ذلك المبتدأ؛ إذ لو لم يكن ذلك وقلت:

زيد قام عمرو لكان قام عمرو كلاما مستقلّا، ولم يعلم تعلقه بزيد ولا ارتباطه به.

إذا عرف هذا فنقول: الجملة الواقعة خبرا إما أن تكون نفس المبتدأ فيكون ذلك كافيا في الربط، ولا يحتاج إلى شيء آخر، وإما ألا يكون كذلك فلا بد [1/ 353] لها من رابط يربطها بالمبتدأ، والرابط إما ضمير يعود على المبتدأ، أو ما يقوم مقام الضمير، والذي يقوم مقام الضمير أحد ثلاثة أشياء: إما إعادة المبتدأ بلفظه، وإما إشارة مشار به إلى المبتدأ، وإما عموم في الخبر يدخل تحته المبتدأ.

وقد اشتمل كلام المصنف على الأقسام كلها كما سأبينه، وأنا أذكر كلامه في الشرح أولا ثم أعود إلى البيان.

قال رحمه الله تعالى (2): «الجملة المتحدة بالمبتدأ معنى كلّ جملة مخبر بها عن مفرد يدل على جملة كحديث وكلام، ومنه ضمير الشأن والقصة، كقوله تعالى:

قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (3)، وكقوله تعالى: فَإِذا هِيَ شاخِصَةٌ أَبْصارُ الَّذِينَ كَفَرُوا (4) ومن الإخبار بجملة عن مفرد اتحدت به معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم: «أفضل ما قلته أنا والنّبيون من قبلي (قول) لا إله إلّا الله (محمّد رسول الله) (5)» (6). -

(1) كلمة مفيدة ناقصة من نسخة الأصل، وهي في نسخة الدار.

(2)

شرح التسهيل (1/ 310، 311).

(3)

سورة الإخلاص: 1.

(4)

سورة الأنبياء: 97.

(5)

ما بين القوسين ساقط من نسخة الأصل.

(6)

جعله الأشموني في شرحه على الألفية حديثا: (1/ 197) ونسبه إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وذكره السيوطي في الهمع شاهدا، ولم ينسبه إلى النبي صلى الله عليه وسلم:(1/ 96) وكذلك فعل أبو حيان (التذييل والتكميل: 2/ 168) ولم أستطع أن أعثر عليه في كتب الأحاديث.

ص: 974

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

والجملة المتحد بعضها بالمبتدأ معنى كل جملة تتضمن ما يدل على ما يدل عليه المبتدأ بإشارة أو غيرها كقوله تعالى: وَلِباسُ التَّقْوى ذلِكَ خَيْرٌ (1) في قراءة من رفع: ولباس التقوى (2) وكقوله تعالى: وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتابِ وَأَقامُوا الصَّلاةَ إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ (3) لأن المصلحين هم الذين يمسكون بالكتاب وأقاموا الصلاة، فيحصل به ما كان يحصل بضميره مع تأكيد الاعتناء ومزيد الثناء.

ويكثر الاتحاد لفظا ومعنى تعظيما لأمر المحدث عنه أو المحدث به كقوله تعالى:

وَأَصْحابُ الْيَمِينِ ما أَصْحابُ الْيَمِينِ (4) فإن لم تتحد بالمبتدأ معنى الجملة ولا بعضها لم تستغن عن ضمير، وإلى هذا أشرت بقولي: وإلّا فلا» انتهى (5).

فعنى بقوله: إن اتّحدت بالمبتدأ معنى هي، ما الجملة فيه نفس المبتدأ هي، وبقوله: أو بعضها ثلاثة أشياء التي تقوم مقام الضمير:

وهي إعادة المبتدأ بلفظه، واسم الإشارة، والعموم الذي يدخل تحته المبتدأ.

ويدل على أنه أراد ذلك تمثيله بالثلاثة بعد قوله: والجملة المتّحدة بالمبتدأ معنى كل جملة تتضمن ما يدل على ما يدل عليه المبتدأ بإشارة أو غيرها.

وبقوله: وإلّا فلا يعني وإلا تتحد بالمبتدأ معنى هي ولا بعضها فلا يستغني عن عائد ما يلزم فيه ذكر الضمير، فكان كلامه مع اختصاره مفيدا بمنطوقه جميع الصور إفادة صريحة.

غير أن في قوله في الشرح: لأن المصلحين هم الذين يمسكون بالكتاب وأقاموا -

(1) سورة الأعراف: 26.

(2)

قال أبو حيان (البحر المحيط: 4/ 282): «قرأ الصاحبان والكسائي: ولباس التّقوى بالنصب عطفا على المنصوب قبله، وقرأ باقي السبعة بالرفع فقيل: هو على إضمار مبتدأ محذوف أي: وهو لباس التقوى، وقيل: هو مبتدأ وخبره محذوف أي: ولباس التقوى ساتر عوراتكم، وقيل: هو مبتدأ وجملة ذلك خير هي الخبر، والرابط اسم الإشارة، وقيل: خير هي الخبر وذلك بدل من لباس أو نعت له أو عطف بيان. وقرأ عبد الله

وأبي: ولباس التّقوى خير، بإسقاط ذلك.

(3)

سورة الأعراف: 170.

(4)

سورة الواقعة: 27.

(5)

شرح التسهيل (1/ 311).

ص: 975

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الصلاة - بحثا وهو أن ظاهر هذا الكلام يقتضي ألا عموم في الخبر، وأن اللام في المصلحين للعهد؛ لأنه حكم بأن المصلحين هم الذين يمسكون بالكتاب وأقاموا الصلاة. والظاهر أن هذا منه - رحمه الله تعالى - تجوز في الكلام ويتعين أن يكون مراده ما ذكره غيره من العموم؛ لأننا لو جعلنا اللام في المصلحين للعهد لكان الربط بالمعنى، وسيبويه لا يجيزه، والمصنف تبع له في ذلك.

وأما دخول إعادة المبتدأ بلفظه في كلامه فظاهر؛ لأنه يصدق عليه نحو:

الْحَاقَّةُ (1) مَا الْحَاقَّةُ (1) أن بعض الجملة متحد بالمبتدأ معنى، وازداد الاتحاد بالموافقة للمبتدأ في اللفظ أيضا.

واعلم أن ابن عصفور (2) ذكر في الذي يقوم مقام الضمير أمرا رابعا وهو: أن يقترن بالجملة جملة أخرى متضمنة لضمير عائد على المبتدأ معطوفة عليها بالفاء [1/ 354] كقوله:

624 -

وإنسان عيني يحسر الماء تارة

فيبدو وتارات يجمّ فيغرق (3)

-

(1) سورة الحاقة: 1، 2.

(2)

انظر المقرب: (1/ 83) قال: «والجملة تنقسم قسمين: اسمية وفعلية، ويشترط فيهما أن يشتملا على رابط يربطهما بالمبتدأ. إما ضمير يعود على المبتدأ أو تكرير المبتدأ بلفظه أو إشارة إليه، ومنه وَلِباسُ التَّقْوى ذلِكَ خَيْرٌ في قراءة من قرأ برفع اللباس، أو عموم يدخل تحته المبتدأ، أو يقترن بالجملة جملة أخرى متضمنة لضمير عائد على المبتدأ معطوفة عليها بالفاء نحو قوله:

وإنسان عيني يحسر الماء تارة

فيبدو وتارات يجمّ فيغرق

(3)

البيت من بحر الطويل من قصيدة لذي الرمة مليئة بالغريب، وهي في الغزل والوصف ومطلعها:

أدارا بحزوى هجت للعين عبرة

فماء الهوى يرفضّ أو يترقرق

(انظر القصيدة في ديوان ذي الرمة: ص 386).

اللغة: يحسر: من باب ضرب يضرب، ومعناه غضب عن موضعه وغار، وفاعله ضمير مسند إلى الماء.

يجمّ: يكثر بضم الجيم وكسرها.

المعنى: يصف ما يفعله حب حي فيه، وأنه كثير البكاء على فراقها، وأن إنسان عينه يغرق في هذا البكاء.

ويستشهد بالبيت بأن فيه عطف جملة فيبدو وهي المشتملة على ضمير المبتدأ على جملة يحسر الماء وهي الواقعة خبرا، وقد كانت خالية من الرابط، وهذا يكفي في الربط. والبيت في معجم الشواهد (ص 245)، والتذييل والتكميل (4/ 33).

ص: 976

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

ومن ثم استدرك الشيخ على المصنف ذلك، والظاهر أن الذي ذكره ابن عصفور مدخول؛ لأن الكلام إنما هو فيما يقوم مقام الضمير.

ولا شك أن الرابط في البيت الذي أنشده ونحوه إنما هو الضمير لا شيء قائم مقامه؛ غاية الأمر أنه اكتفى في الجملتين بضمير واحد لتعاطفهما بالفاء، ثم إن هذا ليس أمرا يرجع إلى الخبر من حيث هو خبر، إنما يرجع إلى الفاء بدليل جريان مثل ذلك في بابي الصلة والصفة.

وقد ذكر المصنف هذه المسألة في موضعها الحقيق بها، فقال في باب المعطوف عطف النسق (1):«وتنفرد الفاء بكذا وبكذا وبتسويغ الاكتفاء بضمير واحد فيما تضمّن جملتين من صلة أو صفة أو خبر» .

والذي فعله المصنف هو الحق.

ثم إنه رحمه الله تعالى ذكر مسألة أخرى مع المسائل التي يقوم فيها غير الضمير، وهي التي أشار إليها بقوله: أو قام بعضها مقام بعض مضاف إلى العائد وقد مثل كذلك بقوله تعالى: وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْواجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ (2).

فقيل: التقدير يتربص أزواجهم.

فأقيم ضمير الأزواج مقام الأزواج المضافة إلى ضمير الذين، فحصل الربط بهذا المضمر الواقع مكان المظهر الذي هو أزواج، وأزواج متصل بضمير المبتدأ.

وهذا الذي ذكره المصنف في هذه الآية الشريفة هو رأي الأخفش والكسائي (3) قيل: ولكنه خلاف ما عليه الجمهور.

وحاصل الأمر في الآية الشريفة أقوال: أحدها: هذا القول، فاختاره المصنف. وأما بقية الأقوال (4) فقيل: ثم مضاف محذوف معتدّ به. التقدير: ونساء الذين يتوفون -

(1) انظر تسهيل الفوائد (ص 175) قال ابن مالك في الحديث عن ثم: «وتشركها الفاء في الترتيب، وتنفرد ثم بالمهلة، والفاء العاطفة جملة أو صفة بالسببية غالبا، وقد يكون معها مهلة، وتنفرد أيضا بعطف مفصل على مجمل متحدين معنى، وبتسويغ الاكتفاء بضمير واحد فيما تضمن جملتين من صلة أو صفة أو خبر» .

(2)

سورة البقرة: 234.

(3)

التذييل والتكميل (4/ 29).

(4)

انظر في الآية وتقدير الخبر: التبيان في إعراب القرآن للعكبري (1/ 186) وما بعدها. وقد ذكر ما ذكره الشارح هنا، وزاد عليه خامسا وهو: -

ص: 977

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

منكم ويذرون أزواجا يتربصن، فيكون كالاعتداد بالمحذوف في قول حسان رضي الله عنه:

625 -

يسقون من ورد البريص عليهم

بردى يصفّق بالرّحيق السّلسل (1)

يريد ماء بردى، وقيل: التقدير ومما يتلى عليكم حكم الذين يتوفون منكم (2) ثم ابتدأ يتربصن لتفسير المتلوّ، وقيل: التقدير يتربصن بعدهم، وقيل: التقدير أزواجهم يتربصن.

وإذ قد تلخص هذا الموضع وتبين معنى كلام المصنف، فأنا أورد ما أوردوه من ذكر الروابط المتفق عليها والمختلف فيها جملة كما أوردوه من غير تفسير، قالوا: الروابط المتفق عليها خمسة أشياء:

ضمير المبتدأ، وتكرار المبتدأ بلفظه، وأكثر ما يكون ذلك في مواضع التهويل والتفخيم وإشارة إلى المبتدأ والعموم نحو: زيد نعم الرجل، وقول القائل: -

- أنه ترك الإخبار عن الذين، وأخبر عن الزوجات المتصل ذكرهن بالذين؛ لأن الحديث يعمهن في الاعتداد بالأشهر، فجاء الإخبار عما هو المقصود.

قال: وهو قول الفراء.

(1)

البيت من بحر الكامل من قصيدة طويلة لحسان بن ثابت يتحدث فيها عن أيام لهوه وشبابه وشربه الخمر، وقبل بيت الشاهد يقول حسان:

لله درّ عصابة نادمتهم

يوما بجلّق في الزمان الأوّل

أولاد جفنة عند قبر أبيهم

قبر ابن مارية الكريم المفضل

يسقون من ورد

بيت الشاهد. (انظر ديوان حسان: ص 122).

اللغة: البريص: موضع بدمشق وقيل: نهر بها. يصفّق: يحول من إناء لإناء ليصفى. الرّحيق السلسل:

الرحيق الصافي والسهل من الخمر.

وحسان يمدح هؤلاء القوم بالكرم، وأنهم لا يسقون الماء إلا ممزوجا بالخمر لسعتهم وكرمهم وتعظيم من يرد عليهم.

الإعراب: بردى: مفعول ثان ليسقون، ويصفق: جملة حالية منه.

الشاهد فيه قوله: بردى يصفق، حيث قام المضاف إليه مقام المضاف؛ لأن الشاعر أراد ماء بردى، ولو لم يرد الماء لقال: يصفق؛ لأن بردى مؤنث.

والبيت في معجم الشواهد (ص 318). وفي شرح التسهيل (3/ 366).

(2)

هو ما قدره سيبويه في آيةالاشتغال المشهورة الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ واحِدٍ مِنْهُما مِائَةَ جَلْدَةٍ [النور: 2]. انظر الكتاب (1/ 142).

ص: 978

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

626 -

فأمّا القتال لا قتال لديكم

ولكنّ سيرا في عراض المواكب (1)

وقول الآخر:

627 -

ألا ليت شعري هل إلى أم معمر

سبيل فأمّا الصّبر عنها فلا صبرا (2)

-

(1) البيت من بحر الطويل للحارث بن خالد المخزومي يهجو به بني أسد من بني عبد شمس بأنهم جبناء لا يعرفون القتال، وبعد الانتصار يمشون في مواكب الفرح والزينة يهللون فوق جمالهم.

اللغة: عراض: جمع عرض بضم العين وسكون الراء وهو الناحية. المواكب: جمع موكب وهم الجماعة يمشون أو يركبون للزينة.

الإعراب: ولكن سيرا: لكن من أخوات إن واسمها محذوف، وسيرا مفعول مطلق بفعل محذوف هو الخبر. وتقدير الكلام: ولكنكم تسيرون سيرا، وقيل: سيرا: اسم لكن والخبر محذوف. والتقدير ولكن سيرا لكم.

الشاهد فيه قوله: لا قتال لديكم حيث وقعت هذه الجملة خبرا للمبتدأ، والرابط فيها العموم لأن المنفي بلا التي للجنس يكون عامّا فيدخل فيه المعرف بأل. وفيه شاهد آخر سيأتي وهو سقوط الفاء من جواب أما.

والبيت في شرح التسهيل (1/ 328) والتذييل والتكميل (4/ 32) ومعجم الشواهد (ص 56).

ترجمة الشاعر: هو الحارث بن خالد بن العاص بن هشام المخزومي من قريش، شاعر غزل من أهل مكة نشأ في آخر أيام عمر بن أبي ربيعة، وكان يذهب مذهبه في اللهو والغزل، وكان يهوى عائشة بنت طلحة، ويشبب بها، وله معها أخبار كثيرة. ولاه يزيد بن معاوية إمارة مكة فظهرت دعوة عبد الله بن الزبير، فاستتر الحارث خوفا، ثم رحل إلى دمشق وافدا على عبد الملك بن مروان، فلم ير عنده ما يحب، فعاد إلى مكة وتوفي بها حوالي (80 هـ).

(انظر ترجمته في: الأعلام 2/ 155).

(2)

البيت من بحر الطويل وهو للرماح بن أبرد المعروف بابن ميادة (سبقت ترجمته) وميادة هي أمه.

يتغزل في محبوبته أم معمر، وقالت مراجع البيت: صوابه أم جحدر التي صنع فيها شعره.

وابن ميادة يتمنى أن تصله أم معمر، وأن تسمح بلقائه، فقد نفد صبره ولم يعد يستطيع بعدها عنه وجفاءها له.

الإعراب: ألا: أداة استفتاح وتنبيه. ليت شعري: ليت واسمها والخبر محذوف وجوبا، أي ليت شعري أي علمي موجود. لا صبرا: لا نافية للجنس وصبرا اسمها مبني على الفتح في محل نصب والخبر محذوف، والجملة خبر الضمير الأول، والرابط بينهما العموم وهو الشاهد فيه.

قال ابن هشام (المغني: 2/ 501) بعد هذا البيت: «ويلزمهم أن يجيزوا زيد مات النّاس وخالد لا رجل في الدّار، ثم قال: إنّ الرّابط في مثل البيت إعادة المبتدأ بلفظه، وليس العموم مرادا؛ إذ المراد أنه لا صبر له عنها؛ لأنه لا صبر له عن شيء» .

والبيت في شرح التسهيل (2/ 330) والتذييل والتكميل (4/ 32) ومعجم الشواهد (ص 137).

ص: 979

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وعطف جملة بالفاء فيها ضمير المبتدأ على جملة عارية منها هي خبر المبتدأ نحو:

628 -

وإنسان عيني

...

البيت

ونحو:

629 -

إنّ الخليط أجدّ البين فانفرقا

[وعلّق القلب من أسماء ما علقا](1)

في رواية من رفع البين.

والروابط المختلف فيه أربعة وهي تكرار المبتدأ بمعناه لا بلفظه نحو: زيد جاء أبو بكر؛ إذ كان أبو بكر [1/ 355] كنية لزيد، فهذا نص سيبويه على منعه، وأجاز ذلك الأخفش وتبعه ابن خروف (2).

وعطف جملة بالواو مكان الفاء فيها ضمير المبتدأ على جملة عارية من الضمير وقعت خبرا نحو: الخيل جاء زيد وركبها أجاز ذلك هشام ومنعه الجمهور (3) ووقوع المضمر مكان مظهره الذي اتصل به الذكر العائد على المخبر عنه نحو قوله تعالى: وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْواجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ (4). -

(1) البيت من بحر البسيط، وهو مطلع قصيدة لزهير بن أبي سلمى يمدح فيها هرم بن سنان بدأها بالغزل كما ترى.

انظر: ديوان زهير (ص 33) ومختارات شعراء العرب لابن الشجري (ص 311).

اللغة: الخليط: الذين يخالطونك وهو واحد وجمع. أجدّ: يقال: جد فلان في أمره وأجد إذا أخذ فيه فهو جاد ومجد. انفرق: انقطع، وعلق القلب: أي هوى وأحب.

يذكر أن أهل أسماء قد جدوا في الرحيل من أنه علقها وأحبها، وبعد بيت الشاهد قوله:

وفارقتك برهن لا فكاك له

يوم الوداع فأمسى رهنها غلقا

والشاهد فيه قوله: إن الخليط أجد البين فانفرقا، حيث عطفت جملة فانفرق بالفاء، وهي التي فيها ضمير المبتدأ على جملة أجد البين التي وقعت خبرا وكانت خالية من الرابط، وجاز هذا لأن جملة المعطوف والمعطوف عليه في حكم الواحدة.

وقول الشارح: في رواية من رفع البين، أي ليكون فاعلا؛ فإذا نصب البين بأن يكون مفعولا فالفاعل ضمير المبتدأ، فلا حاجة إلى جملة أخرى بعد.

والبيت في التذييل والتكميل (4/ 33) وليس في معجم الشواهد.

(2)

التذييل والتكميل (4/ 33) والهمع (1/ 98) في الأخفش وحده.

(3)

لأنهم اشترطوا أن يكون العطف بالفاء وحدها؛ لإفادتها الترتيب والتعقيب، فكأن الضمير في الأولى. انظر المرجعين السابقين.

(4)

سورة البقرة: 234.

ص: 980

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وقد تقدم الكلام على هذه الآية الشريفة، وأن هذا القول هو قول الأخفش والكسائي، وأنه ربط بالمعنى والربط بالمعنى لا ينقاس، ولذلك لما قالت العرب:

مررت برجل حسن أبواه جميلين، وربط الصفة التي هي جميلين بالموصوف الذي هو الرجل الضمير المستتر فيها، وهو عائد على الأبوين لا على الموصوف؛ لكون ذلك الضمير يفيد ما يفيده قولك: جميل أبواه - لم يجز النحويون قياسا عليه أن يقال: مررت برجل حسنين جميل أبواه على إعمال الصفة الثانية والإضمار في الصفة الأولى.

وقيل: الضمير العائد على الأبوين من الصفة الأولى رابط للموصوف كما جعل في الصفة الثانية من قولك: مررت برجل حسن أبواه جميلين؛ لأن الربط بالمعنى إنما سمع عن العرب في الصفة الثانية لا في الأولى، فلم يتعد به موضع السماع.

ولذلك أجاز سيبويه (1) أن تقول: مررت برجل عاقلة أمّه لبيبة على أن تجعل اللبيبة مضمر فيها الأم.

ووقوع المضمر عائدا على المبتدأ مبدلا من بعض ما في الجملة الموضوعة موضع خبره مثاله: حسن الجارية أعجبتني هو، فحسن مبتدأ والجملة بعده خبر ولا رابط فيه، لكنه ربط بالبدل الذي هو هو (2) إذ هو بدل من ضمير الجارية، وفي الربط بهذا خلاف مذكور في باب البدل (3).

(1) انظر الكتاب: (2/ 51) وفيه جر عاقلة على الوصف، ونصب لبيبة على الحال.

(2)

كلمة هو الثانية ساقطة من نسخة الدار وهي في الأصل، وفي إثباتها وضوح وجلاء.

(3)

انظر ذلك في (التوابع) باب البدل من الكتاب الذي بين يديك، قال ناظر الجيش في معرض تقسيم البدل إلى أربعة أقسام بالنظر إلى الإظهار والإضمار وأن بدل المضمر من غيره فيه تكلف، قال:«وهذه المسائل التي تؤدّي إلى تكرار الظّاهر فيها خلاف بين النّحويين: فمنهم من منع ومنهم من أجاز، فالذي منعه حمله على ذلك خلو الجملة الواقعة خبرا من ضمير يعود على المخبر عنه؛ لأن البدل على قصد تكرار العامل والاستئناف، وعلى هذا تخلو الجملة الواقعة خبرا من ضمير المبتدأ، والذي أجاز اعتدّ بالضمير المبدل لما كان العامل فيه غير موجود في اللفظ، فصار لذلك من تمام الجملة المتقدّمة؛ ولذلك لا يتكلم بالبدل وحده كما يتكلم بالجمل المستأنفة» .

ص: 981