الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[حكم وقوع شبه الجملة صلة للموصول]
[1/ 241] قال ابن مالك: (ويغني عن الجملة الموصول بها ظرف أو جارّ ومجرور منويّ معه استقر أو شبهه وفاعل هو العائد أو ملابس له ولا يفعل ذلك بذي حدث خاصّ ما لم يعمل مثله في الموصول أو موصوف به وقد يغني عن عائد الجملة ظاهر).
قال ناظر الجيش: قد تقدم في أول الباب أن جملة الصلة تكون مؤولة كما تكون صريحة وأن العائد له خلف. ولما تقدمت الإشارة إلى ذلك إجمالا (1) أشار الآن إلى ذلك مفصلا فقال في شرح هذا الكلام (2): «الظرف الموصول به جملة في المعنى لأنه لا بد من تعلقه بفعل. والفعل لا يستغني عن فاعل وكذا حرف الجر الموصول به فلو استغنيت بذكر الجملة عن ذكرها لكان لائقا إلا أن التصريح بذكرهما أجود وذلك نحو عرفت الّذي عندك أي الذي استقر عندك والذي في الدار أي الذي استقر فيها، وتقدير الفعل هنا مجمع عليه بخلاف تقديره في غير صلة ففيه خلاف يذكر في باب المبتدأ إن شاء الله تعالى.
ولو تعلق الظرف أو الجار بذي حدث خاص كجلس أو نام لم يجز الاستغناء بتقديره؛ إذ ليس بعض المقدرات بأولى من بعض فإن عمل مثله في الموصول أو موصوف به جاز الاستغناء به فقد حكى الكسائي نزلنا المنزل
الّذي البارحة والمراد نزلنا المنزل الذي نزلناه البارحة» انتهى.
ومثال عمل ذي الحدث الخاص في الموصول نفسه: نزلنا الذي البارحة، أي نزلنا البارحة وكما لا يجوز تقدير الحدث الخاص في الصلة بأن يحذف ويبقى الظرف والمجرور مغنيا عنه لا يجوز ذلك في غير الصلة كالخبر والحال والصفة.
وحاصل الأمر: أن متعلق الظرف وشبهه إن كان كونا خاصّا لا يجوز حذفه، -
(1) ويقصد بالجملة الصريحة ما صرح بجزأي الإسناد فيها، ويقصد بالمؤولة الظرف والمجرور والصفة، ويقصد بالعائد ضمير الموصول من جملة الصلة، وخلفه هو الاسم الظاهر كما في قول الشاعر (من الكامل): سعاد الّتي أضناك حبّ سعادا
…
وسيأتي.
(2)
شرح التسهيل: (1/ 237).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ولا يحذف إلا أن يكون كونا مطلقا وهو الأمر الجاري على ألسنة المعربين ومثال الملابس للعائد جاء الذي في الدار أبوه وهذا كله واضح.
قال الشيخ: (1) «وهذا الّذي ذكره المصنف فيه إخلال بقيد وقياس فاسد في موضعين:
أمّا الإخلال بالقيد: فإنه كان ينبغي أن يقيد الظرف بكونه قريبا من زمان الإخبار فإنه إن كان غير قريب لم يجز حذف الصلة. قال الكسائي (2): ولا يحذفون الصلة إلا مع ما قارب من الظروف نحو نزلنا المنزل الذي أمس ونزلنا المنزل الذي البارحة ونزلنا المنزل الذي آنفا ولا يقولون نزلنا المنزل الذي يوم الخميس ولا المنزل الذي يوم الجمعة».
وأمّا القياس الفاسد في موضعين:
والحقّ أنه لا إخلال ولا قياس فاسد، إن كان ثمّ قياس: وذلك أن المصنف لم يعط كلامه أن حذف الحدث الخاص أمر مطرد في كل موطن وإذا لم يكن كذلك وجب الاقتصار على ما ذكره من ذلك ولا يعدو الحكم فيه إلى غيره
وحينئذ لا يحتاج إلى ذكر المقيد بالقرب فينسب إلى الإخلال. ولا نحكم بجواز ذلك مع المجرور لأنه إنما مثل بالظرف خاصة، وأما أن المصنف أجرى الموصول في ذلك مجرى الموصوف بالموصول فلا يخفى أن الحكم المذكور إذا ثبت مع الموصوف -
(1) هو أبو حيان في التذييل والتكميل: (3/ 105).
(2)
انظر في رأي الكسائي: الهمع: (1/ 87).
(3)
التذييل والتكميل: (3/ 105).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
بالموصول كان ثبوته مع الموصول دون موصوف أولى بالجواز.
ثم قال المصنف (1): ومثال ورود الظاهر مغنيا عن عائد الجملة قول الشاعر:
أنشده الكسائي:
413 -
فيا ربّ ليلى أنت في كلّ موطن
…
وأنت الّذي في رحمة الله أطمع (2)
أراد أنت الذي في رحمته أطمع، فاستغنى بالظاهر عن المضمر.
ومثله:
414 -
إنّ جمل الّتي شغفت بجمل
…
ففؤادي وإن نأت غير سالي (3)
ومثله:
415 -
سعاد الّتي أضناك حبّ سعادا
…
وإعراضها عنك استمرّ وزادا (4)
أراد سعاد التي أضناك حبها فاستغنى بظاهر سعاد عن ضميرها.
ومن هذا القبيل أبو سعيد الذي رويت عن الخدري، ومثل هذا في الصلة نادر، وإنما يكثر الاستغناء بالظاهر عن المضمر في الأخبار، وله موضع يأتي إن شاء الله تعالى (5).
(1) شرح التسهيل (1/ 212).
(2)
البيت سبق الحديث عنه والاستشهاد به، وشاهده هنا شاهده هناك: وهو نيابة الاسم الظاهر عن عائد الموصول المضمر.
(3)
البيت من بحر الخفيف وهو في الغزل وقائله مجهول.
اللغة: جمل: فتاة الشاعر. شغفت: بالبناء للمجهول يقال شغف بالشيء أي أولع به ومنه المشغوف وهو المجنون. سال: من سلا الشيء وسلا
عنه أي نسيه.
والشاعر يذكر أنه شغف بحبيبته جمل وفؤاده لا يسلو عنها رغم بعدها.
وفي البيت: إغناء الاسم الظاهر عن عائد الموصول وكان حقه أن يقول: إن جمل التي شغفت بها.
والبيت ليس في معجم الشواهد وهو في شرح التسهيل (1/ 212) ولأبي حيان (3/ 106).
(4)
البيت من بحر الطويل وهو مطلع قصيدة ولم تعرف القصيدة ولا قائلها ومعناه واضح.
وشاهده كالذي قبله وحقه أن يقول: التي أضناك حبها.
والبيت في معجم الشواهد (ص 95) وفي شرح التسهيل (1/ 212) وفي التذييل والتكميل (3/ 106).
(5)
والموضع المشار إليه هو إعادة المبتدأ بلفظه ومعناه للتفخيم والتهويل كما في قوله تعالى: الْحَاقَّةُ (1) مَا الْحَاقَّةُ [الحاقة: 1، 2].