المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[أحكام العلم ذي الغلبة] - تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد - جـ ٢

[ناظر الجيش]

فهرس الكتاب

- ‌الباب الثامن باب الاسم العلم

- ‌[تعريف العلم]

- ‌[تقسيم العلم إلى منقول ومرتجل]

- ‌[تقسيم العلم إلى مفرد ومركب/ تقسيم المركب]

- ‌[تقسيم العلم إلى اسم وكنية ولقب]

- ‌[أحكام العلم ذي الغلبة]

- ‌[أحكام العلم ذي الأداة]

- ‌[تنكير العلم بالتثنية والجمع والإضافة وأحكام ذلك]

- ‌[مسميات الأعلام]

- ‌[حكم الصرف وعدمه لأنواع الأعلام]

- ‌[حكم أفعل وصفا للنكرة]

- ‌[حكم الأعداد من التعريف وغيره والصرف وغيره]

- ‌[حكم الكنايات من العلمية أو غيرها]

- ‌الباب التاسع باب الموصول

- ‌[تقسيم الموصول وتعريف كل قسم]

- ‌[الموصول من الأسماء وأنواعه - الموصولات الخاصة]

- ‌[جمع الذي والتي]

- ‌[الموصولات المشتركة ومعناها]

- ‌[حذف عائد الموصول بأنواعه]

- ‌[حكم أي الموصولة من البناء والإعراب]

- ‌[حكم أنت الذي فعل وفعلت]

- ‌[حكم وقوع شبه الجملة صلة للموصول]

- ‌[من وما ومراعاة اللفظ أو المعنى فيها]

- ‌[من وما: أنواعهما - معناهما]

- ‌[أنواع أيّ وأحكام كل نوع]

- ‌[الموصولات الحرفية - أن وكي وما ولو - وأحكامها]

- ‌[أحكام الموصول مع صلته]

- ‌الباب العاشر باب اسم الإشارة

- ‌[تعريفه - أنواعه]

- ‌[مرتبة المشار إليه]

- ‌[هاء التنبيه وأحكامها]

- ‌[فصل هاء التنبيه عن اسم الإشارة]

- ‌[إلحاق كاف الخطاب بأسماء الإشارة]

- ‌[إلحاق كاف الخطاب لبعض الكلمات الأخرى]

- ‌[تبادل أسماء الإشارة]

- ‌[الإشارة إلى المكان]

- ‌الباب الحادي عشر باب المعرّف بالأداة

- ‌[اختلافهم في الأداة]

- ‌[أنواع أل]

- ‌[حكم أل التي للجنس]

- ‌[أل الزائدة ومواضع الزيادة]

- ‌[مدلول إعراب الاسم من رفع أو نصب أو جر]

- ‌الباب الثاني عشر باب المبتدأ

- ‌[تعريفه - نوعاه]

- ‌[عامل الرفع في المبتدأ والخبر]

- ‌[الوصف الرافع للاسم وأحكامه]

- ‌[حذف الخبر جوازا ووجوبا ومسائل ذلك]

- ‌[مسألة ضربي زيدا قائما وبقية الحديث فيها]

- ‌[رفع الحال المنصوبة على الخبرية]

- ‌[إعراب الاسم المرفوع بعد لولا]

- ‌[الحال السادة مسد الخبر ووقوعها جملة]

- ‌[حذف المبتدأ جوازا ووجوبا ومسائل ذلك]

- ‌[حكم قولهم: زيد والريح يباريها - وقولهم: راكب الناقة طليحان]

- ‌[المبتدأ والخبر من جهة التعريف والتنكير]

- ‌[مواضع الابتداء بالنكرة]

- ‌[إعراب قولهم: كم مالك؟ وقولهم: ما أنت وزيد

- ‌[بعض مسائل تقديم الخبر]

- ‌[حكم «في داره زيد» وأشباهه]

- ‌[بقية مسائل تقديم الخبر وجوبا]

- ‌[الخبر: تعريفه وأنواعه وحديث طويل عنه]

- ‌[الخبر المشتق وغيره، وحكمهما في تحمل ضمير المبتدأ]

- ‌[استكنان الضمير الرابط وبروزه]

- ‌[أنواع الخبر الجملة، وحكم بعض الجمل في وقوعها أخبارا]

- ‌[روابط الخبر الجملة - جمل لا تحتاج إلى رابط]

- ‌[حكم الضمير الرابط من جواز حذفه أو بقائه]

- ‌[مجيء الخبر ظرفا والآراء في ذلك]

- ‌[حكم وقوع ظرف الزمان خبرا عن اسم العين والمعنى]

- ‌[جواز رفع ظرف الزمان الواقع خبرا ونصبه وجره]

- ‌[جواز رفع ظرف المكان الواقع خبرا ونصبه]

- ‌[جواز رفع ظرف الزمان الواقع خبرا ووجوب نصبه]

- ‌[جواز رفع ظرف الزمان الواقع خبرا ونصبه]

- ‌[جواز رفع المصدر الواقع خبرا ونصبه]

- ‌[تعدد الخبر وأنواعه]

- ‌[تعدد المبتدأ ونوعاه]

- ‌[اقتران الخبر بالفاء وجوبا وجوازا الأحكام وشروط ذلك]

- ‌[مسائل مختلفة في اقتران الخبر بالفاء]

الفصل: ‌[أحكام العلم ذي الغلبة]

[أحكام العلم ذي الغلبة]

قال ابن مالك: (ويلزم ذا الغلبة باقيا على حاله ما عرّف به قبل، دائما إن كان مضافا، وغالبا إن كان ذا أداة).

قال ناظر الجيش: تقدم أن العلم نوعان: معلق وذو غلبة، وقصد المصنف الآن الإشارة إلى حكم مختص بالنوع

الثاني دون الأول.

وذلك أن العلم بالغلبة قبل التحاقه بالأعلام معرفة إما بالإضافة أو بالأداة؛ فأراد أن يبين حكمه بعد صيرورته علما وهو أن ما عرف به قبل العلمية من هذين الأمرين لازم عليه بعد علميته، أي لا ينفك المضاف عن إضافته، ولا ذو الأداة عن أداته؛ إلا إن عرض لذي الأداة في الاستعمال ما يوجب نزع الأداة منه؛ فإنها تنزع لذلك الموجب.

أما إذا لم يعرض [1/ 195] ما يوجب، فلا تنزع إلا قليلا نادرا.

وهذا الذي أشرت إليه هو معنى قوله في الألفية (1):

وقد يصير علما بالغلبة

مضافا أو مصحوب أل كالعقبة

وحذف أل ذي إن تناد أو تضف

أوجب وفي غيرهما قد تنحذف

ففهم منه أن الموجب لحذف الأداة من ذي الأداة شيئان: إما النداء، وإما الإضافة.

وأما إذا انتفيا فلا تحذف الأداة إلّا نادرا.

إذا عرف هذا فقول المصنف: ويلزم ذا الغلبة ما عرّف به قبل، دائما إن كان مضافا وغالبا إن كان ذا أداة: إشارة منه إلى أن ما كان معرفة قبل العلمية بالإضافة، ثم صار علما بالغلبة لا تفارقه الإضافة بحال، وإن ما كان معرفة بالأداة تلزم فيه الأداة بعد العلمية أيضا؛ إلا أن الأداة قد تفارقه؛ ولذلك قيد اللزوم عند ذكر الأداة بقوله:

غالبا. ثم إن المصنف استغنى عما أشار إليه في الألفية من حذف الأداة بموجب وهو النداء وبالإضافة بقوله: باقيا على حاله.

لأنه إنما يضاف إذا نكر، ومع التنكير لا يكون باقيا على حاله، وهو إنما تلزمه الأداة إذا كان باقيا على حاله.

وأما إذا نودي فقال المصنف: «إنّ حاله يتغيّر بقصد النّداء فيعرى من الأداة» . -

(1) انظر باب المعرف بالأداة في الألفية.

ص: 606

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

ولم يظهر لي ما قاله المصنف من تغيير حاله بقصد النداء، فإن تم ما أشار إليه المصنف من أن حاله يتغير بالنداء كان قوله: باقيا على حاله وافيا بالمقصود، وإلّا كانت عبارة الألفية أسد وأولى.

ومما جعله المصنف مستفادا من قوله: باقيا على حاله: أنّ المضاف إليه ابن قد يقدر زوال اختصاصه فيتغيّر حال المضاف كقولك: ما من ابن عمر كابن الفاروق وابن خليفة الصّديق (1)، ولم يظهر لخروج هذه الصورة بهذا

التقييد وجه فيه فائدة؛ لأن المقصود من القيد المذكور أن ذا الغلبة يلزم ما كان قد عرف به من إضافة أو أداة.

ومفهومه: أنه إذا لم يبق على حاله لا يلزم ذلك كما تقرر في ذي الأداة.

ولا شك أن المضاف يلزمه الإضافة باقيا كان على حاله من التعريف، أو غير باق، فتغيره عن حالة التعريف بزوال اختصاص المضاف إليه إلى حالة التنكير تنفي بقاءه على حاله، لكن لا أثر لذلك في زوال إضافته؛ إذ الإضافة إليه باقية غير زائلة، إلا أن يقول المصنف: زالت الإضافة التي حصل بها التعريف وهذه إضافة أخرى، وفيه نظر.

لأن ابنا المضاف إلى عمر والمنكر ليس ابنا الذي هو مضاف إلى عمر والمعرف، إذ المضاف إلى عمر المعرفة لم ينكر.

وإذ قد تقرر ما قلناه فلنورد كلام المصنف لاشتماله على الأمثلة والشواهد وليطبق الواقف على هذا الموضع ما قررناه على ما ذكره المصنف.

قال رحمه الله تعالى (2): «ذو الغلبة من الأعلام هو كلّ ما اشتهر به (3) بعض ما له معناه اشتهارا تامّا. وهو على ضربين: مضاف كابن عمر وابن رألان، وذو أداة كالأعشى والنابغة. فحقّ ابن عمر وابن رألان أن يكون كلّ واحد [1/ 196] منهما على إطلاقه صالحا لكل واحد من أبناء أبيه؛ إلا أن الاستعمال جعل عبد الله مختصّا بابن عمر، وجابرا مختصّا بابن رألان (4) حتّى إذا قصد غيرهما لم يفهم إلّا بقرينة. -

(1) شرح التسهيل (1/ 174).

(2)

شرح التسهيل (1/ 174).

(3)

في شرح التسهيل: هو كل اسم اشتهر به.

(4)

طائي جاهلي أنشد أبو زيد له في نوادره (ص 60):

فإن أمسك فإن العيش حلو

إليّ كأنّه عسل مشوب

يرجّي العبد ما إن لا يلاقي

وتعرض دون أبعده الخطوب

وما يدري الحريص علام يلقى

شراشره أيخطئ أم يصيب

ص: 607

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وكذا الأعشى والنابغة حقّهما إذا أطلقا أن يصلحا لكلّ ذي عشى ونبوغ؛ إلا أنّ الاستعمال صرفهما عن الشّيوع وجعلهما مختصين، وإن عرض لشيء من هذا القبيل اشتراك اغتفر كما يغتفر في الأعلام المعلقة إما ردّا إلى التّنكير لحاجة تعرض كقول الراجز:

297 -

لا هيثم اللّيلة للمطيّ

[ولا فتى مثل ابن خيبريّ](1)

وكقول الراجز:

298 -

إنّ لنا عزّى ولا عزّى لكم (2)

ومثله قول الشاعر:

299 -

إذا دبرانا منك يوما لقيته

أآمل أن ألقاك غدوا بأسعد (3)

-

(1) البيتان من الرجز المشطور، وهما في المدح. قال صاحب معجم الشواهد (ص 563) ومحقق المقتضب:(4/ 363): إن هذا الشاهد من الأبيات الخمسين المجهولة القائل، ونسب الشاهد في الدرر (1/ 124) إلى بعض بني دبير، وذكر بعدهما عدة أبيات أخرى.

اللغة: هيثم: اسم رجل كان حسن الحداء للإبل، وقيل هو هيثم بن الأشتر، وكان مشهورا بين العرب بحسن الصوت في حدائه، وكان أعرف أهل زمانه بالصحراء.

ابن خيبري: هو جميل بن معمر صاحب بثينة نسب إلى جده، وكان جميل شجاعا. وفي بيت الشاهد قال سيبويه:(2/ 296): واعلم أن المعارف لا تجري مجرى النكرة في هذا الباب؛ لأنّ لا لا تعمل في معرفة أبدا فأما قول الشاعر:

لا هيثم الّليلة للمطي

...

فإنه جعله نكرة كأنه قال: لا هيثم من الهيثميّين.

وقال المبرد في تخريجه (4/ 363): لا مجري ولا سائق كسوق هيثم.

والبيت في معجم الشواهد (ص 563) وفي شرح التسهيل (1/ 175).

(2)

البيت من الرجز المشطور قاله بعض المشركين يوم أحد كما في مراجعه، وهو في الفخر بعبادة الأصنام، وقد رد بعض المسلمين على ذلك فقال: الله مولانا ولا مولى لكم.

اللغة: عزّى: اسم صنم كان يعبده المشركون في الجاهلية، وقد ذكر في القرآن: أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى [النجم: 19] وأصله أن يكون بالألف واللام كما جاء في كتاب الله، ولكنه جاء بغيرها هنا وهو موضع الشاهد.

والبيت في شروح التسهيل لابن مالك (1/ 175)، ولأبي حيان (2/ 320)، وللمرادي (1/ 462).

(3)

البيت من بحر الطويل، قال عنه صاحب الدرر (1/ 48): إنّه لم يعثر على قائله.

اللغة: الدّبران: نجم بين الثريا والجوزاء، وكنى به هنا عن الإدبار الذي هو ضد الإقبال. غدوا: المراد به غد وجاء به على أصله من الواو. أسعد:

جمع سعد، ويجمع على سعود وهو ضد النحس. -

ص: 608

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

إما اتكالا على تكميل الوضوح بنعت أو ما يقوم مقامه كزيد القرشيّ والأعشى الهمذانيّ.

وقد يقدر زوال اختصاصه فيجرد ويضاف فيصير مختصّا كقولهم:

أعشى تغلب، وأعشى قيس، ونابغة بني ذبيان، ونابغة بني جعدة.

ومثله قول الشاعر:

300 -

ألا أبلغ بني خلف رسولا

أحقّا أنّ أخطلكم هجاني (1)

وكذلك قول الآخر:

301 -

ولو بلغت عوّى السّماك قبيلة

لزادت عليها نهشل وتعلّت (2)

وكذلك يقدّر زوال اختصاص المضاف إليه ابن فيتغيّر حال المضاف كقولك:

ما من ابن عمر كابن الفاروق وابن خليفة الصّديق؛ وإلى هذا أشرت بقولي: -

- والمعنى: لن أيأس إذا رأيت إدبارا منك في شيء أكرهه، ولكن سأنتظر خيرك وسعدك وإقبالك.

وشاهده: حذف أل من الدبران في غير نداء أو إضافة وذلك قليل. والدبران علم بالغلبة تلزمه الألف واللام كالكتاب لمؤلّف سيبويه. وينصب دبران بفعل محذوف يفسره ما بعده.

والبيت في شرح التسهيل (1/ 175) وفي التذييل والتكميل (2/ 320) وفي معجم الشواهد (ص 114).

(1)

البيت من بحر الوافر قاله النابغة الجعدي حسان بن قيس يهجو به الأخطل التغلبي.

اللغة: بني خلف: رهط الأخطل. رسولا: رسالة، وهو مما جاء على فعول من الأسماء كالوضوء والطهور. أخطلكم: يريد به الأخطل، وقد نكره تحقيرا له؛ فلما نكره حذف منه الألف واللام وجاز بعد ذلك إضافته وهو موضع الشاهد.

واستشهد سيبويه بالبيت على نصب حقّا وفتح أن بعدها (الكتاب: 2/ 137).

وإعراب حقّا: بالنصب ظرف على تقدير في لأنه صرح بدخولها في غير هذا البيت، وفي إعراب المصدر بعده وجهان: قيل فاعل بالظرف لاعتماده على الاستفهام، وقيل: مبتدأ خبره الظرف قبله.

والبيت في معجم الشواهد (ص 406) وفي شرح التسهيل (1/ 175). وفي التذييل والتكميل (2/ 319).

(2)

البيت من بحر الطويل نسب تارة للفرزدق وتارة للحطيئة (لسان العرب مادة: عوى) ولم أجده في ديوان الفرزدق طبعة بيروت، وهو في الفخر بالسبق والسيادة.

اللغة: العوّى: مقصور ويمد، منزل من منازل القمر. السّماك: نجم معروف. نهشل: من قبائل الفرزدق. تعلّت: بمعنى علت.

والشاهد فيه: كالذي قبله وهو إضافة عوى إلى السماك فنزعت أل منه.

والبيت في معجم الشواهد (ص 94) وفي شرح التسهيل (1/ 175). وفي التذييل والتكميل (2/ 319).

ص: 609

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

باقيا على حاله؛ فإن هذه العوارض وما أشبهها غيّرت العلم ذا الغلبة عن حاله في المعنى، فجاز أن تغير حاله لفظا.

وأشرف بقولي أيضا إلى تغيّر الحال بقصد النّداء فيعرى من الأداة كقول النبي صلى الله عليه وسلم في دعاء: «إلّا طارقا يطرق بخير يا رحمن» (1).

وكقول الشاعر:

302 -

يا أقرع بن حابس يا أقرع

إنّك إن يصرع أخوك تصرع (2)

والمراد بقولي: دائما أن إضافة المضاف من هذا القبيل دائمة غير زائلة ما لم يتغيّر حاله.

وأما المعرّف بالأداة فقد يجرّد منها وإن لم يتغير حاله وذلك قليل. ومنه ما حكى سيبويه من قول بعض العرب: هذا يوم اثنين مباركا فيه (3).

وحكى ابن الأعرابي أنّ من العرب من يقول: هذا عيّوق طالعا. -

(1) نص الحديث في مسند الإمام أحمد بن حنبل (3/ 419) وأصله أن صحابيّا جليلا سئل: كيف صنع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة كادته الشياطين، فقال: إنّ الشياطين تحدّرت تلك الليلة على رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأودية والشعاب، وفيه شيطان بيده شعلة نار يريد أن يحرق بها وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم فهبط إليه جبريل عليه السلام فقال: يا محمد قل. قال: «ما أقول؟» . قل: أعوذ بكلمات الله التّامة من شرّ ما خلق وذرأ وبرأ ومن شرّ ما ينزل من السّماء ومن شرّ ما يعرج فيها ومن شرّ فتن اللّيل والنّهار ومن شرّ كلّ طارق إلّا طارقا يطرق بخير يا رحمن - قال: فطفئت نارهم وهزمهم الله تبارك وتعالى.

(2)

البيتان من الرجز المشطور، قيل: إنهما لجرير بن عبد الله البجلي، وقيل لغيره، وهما في التهديد.

والشاعر يخاطب الأقرع بن حابس عالم العرب في زمانه وكان قد حكم في منافرة بين الشاعر وبين خالد ابن أرطاة الكلبي.

وشاهده هنا: حذف الألف واللام من أقرع دون نداء أو إضافة وهو قليل.

واستشهد به سيبويه على تقديم تصرع عن مكانه، والتقدير: إنك تصرع إن يصرع أخوك والجواب محذوف (الكتاب: 3/ 67).

وأما المبرد فله رأي آخر في المقتضب (2/ 72) وهو تقدير الفاء في الجواب.

والبيت في شرح التسهيل (1/ 176) وفي التذييل والتكميل (2/ 320) وفي معجم الشواهد (ص 498).

(3)

الكتاب (3/ 293). فائدة، قال أبو حيان ما ملخصه:«والصّحيح أن أسماء الأيّام أعلام توهّمت فيها الصفة دخلت عليها أل: فالسّبت من القطع والجمعة من الاجتماع، وباقيها من الواحد والثّاني والثّالث والرّابع والخامس» . (التذييل والتكميل: 2/ 321).

ص: 610

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

والعيّوق من الأعلام التي علميتها بالغلبة. وزعم ابن الأعرابي أنّ ذلك جائز في سائر أسماء النّجوم». انتهى كلام المصنف (1).

ولكن في إفادته لمقصود الفصل بعض قلق، فلذلك أسلفت قبله ما تقدم ذكره.

ثم إن فيه أمورا يتنبه لها:

منها: أن ما أنشده من قول الراجز:

303 -

لا هيثم اللّيلة للمطيّ

ليس هيثم فيه علما بالغلبة، إنما هو من الأعلام المعلقة، ولكن مثّل به، ثم مثل بما هو علم غلبة ليفيد أن كلّا من النوعين قد ردّ إلى التنكير.

على أن في قوله: «إنّ العلم في صيرورته اسما للا [1/ 197] قد ردّ إلى التّنكير» نظرا لا يخفى (2).

ومنها: أنه جعل لفظ الرحمن من الأعلام الغالبة وهو قول الأعلم الشنتمري والأصح أنه ليس علما وإنما هو من الصفات الغالبة.

ويستفاد من كلامه أنه موافق للأعلم في كون الرحمن علما بالغلبة.

ومنها: قوله: والمراد بقولي: دائما - أن إضافة المضاف من هذا القبيل دائمة غير زائلة ما لم يتغير حاله، وقد عرفت ما فيه فيما تقدم (3).

ومنها: أنه استفيد من كلام سيبويه أن أسماء أيام الأسبوع أعلام بالغلبة. -

(1) شرح التسهيل (1/ 176) وما قبلها. والعيّوق: كوكب أحمر مضيء في طرف المجرة الأيمن يتلو الثريا لا يتقدمها (القاموس: 3/ 279).

(2)

هذا النظر هو أنه لا يستساغ أن يصير الاسم المعرفة نكرة وهو باق على حاله من العلمية. وإنما ذهبوا إلى ذلك؛ لأنهم اشترطوا تنكير اسم لا حتى تعمل عمل إن ثم وجدوه بعد ذلك يقع معرفة.

وذهب غيرهم إلى أن الاسم المعرفة باق على حاله، وأن اسم لا مضاف لا يتعرف بالإضافة إلى المعرفة كلفظ مثل، أو يجعل اسم لا في هذا المثال: لا هيثم

إلخ - وفي غيره من مثل: قضية ولا أبا حسن لها اسم جنس لكل من اتصف بالمعنى المشهور به مسمى ذلك العلم،

والمعنى: قضية ولا فيصل لها كما قالوا:

لكلّ فرعون موسى بتنوين العلمين على معنى: لكل جبار قهار. (شرح الرضي: 1/ 260 بتلخيص).

ونقله الصبان (2/ 4، 5).

(3)

وهو أن تغييره عن حاله لا يزيل الإضافة، وإنما التغيير قد يزيل التعريف فقط.

ص: 611