الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[تبادل أسماء الإشارة]
قال ابن مالك: (وقد ينوب ذو البعد عن ذي القرب لعظمة المشير أو المشار إليه، وذو القرب عن ذي البعد لحكاية الحال، وقد يتعاقبان مشارا بهما إلى ما ولياه، وقد يشار بما للواحد إلى الاثنين وإلى الجمع).
ــ
فكيف به في موضع بخلاف ذلك؟
قال ناظر الجيش: قال المصنف (1): من نيابة ذي البعد عن ذي القرب لعظمة المشير قوله تعالى: وَما تِلْكَ بِيَمِينِكَ يا مُوسى (2)، ومن نيابته عنه لعظمة المشار إليه قوله تعالى: ذلِكُمُ اللَّهُ رَبِّي (3) ومنه قول امرأة العزيز مشيرة إلى يوسف عليه الصلاة والسلام فَذلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ (4). بعد أن أشارت إليه النسوة بهذا؛ إذ قلن ما هذا بَشَراً (5) والمجلس واحد إلا أن مرأى يوسف عليه الصلاة والسلام عند امرأة العزيز كان أعظم من مرآه عند النسوة، فأشارت إليه بما يشار به إلى البعد إعظاما وإجلالا.
ومن نيابة ذي القرب عن ذي البعد لحكاية الحال قوله تعالى: كُلًّا نُمِدُّ هؤُلاءِ وَهَؤُلاءِ مِنْ عَطاءِ رَبِّكَ (6)، وقوله تعالى: فَوَجَدَ فِيها رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلانِ هذا مِنْ شِيعَتِهِ وَهذا مِنْ عَدُوِّهِ (7).
وأما تعاقب ذي القرب وذي البعد على أثر ما الإشارة إليه - فكقوله تعالى متصلا بقصة عيسى عليه السلام ذلِكَ نَتْلُوهُ عَلَيْكَ مِنَ الْآياتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ (8). ثم قال تعالى: إِنَّ هذا لَهُوَ الْقَصَصُ الْحَقُّ (9) ومنه قوله تعالى: لَهُمْ ما يَشاؤُنَ عِنْدَ رَبِّهِمْ ذلِكَ جَزاءُ الْمُحْسِنِينَ (10)، وقوله تعالى: وَعِنْدَهُمْ قاصِراتُ الطَّرْفِ أَتْرابٌ (52) هذا ما تُوعَدُونَ لِيَوْمِ الْحِسابِ (11). ومنه: إِنَّ فِي ذلِكَ لَذِكْرى (12)، إِنَّ فِي هذا لَبَلاغاً (13).
والإشارة بما للواحد إلى الاثنين كقوله تعالى: عَوانٌ بَيْنَ ذلِكَ (14). أي -
(1) شرح التسهيل (1/ 248).
(2)
سورةطه: 17.
(3)
سورة الشورى: 10.
(4)
سورةيوسف: 32.
(5)
سورةيوسف: 31.
(6)
سورة الإسراء: 20.
(7)
سورة القصص: 15.
(8)
سورةآل عمران: 58.
(9)
سورةآل عمران: 62.
(10)
سورة الزمر: 34.
(11)
سورةص: 52، 53.
(12)
سورة الزمر: 21.
(13)
سورة الأنبياء: 106.
(14)
سورة البقرة: 68.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
بين الفارض والبكر. ومنه قول الشاعر:
509 -
إنّ الرّشاد وإنّ الغيّ في قرن
…
بكلّ ذلك يأتيك الجديدان (1)
والإشارة بما للواحد إلى الجمع كقول لبيد (2)[1/ 282]:
510 -
ولقد سئمت من الحياة وطولها
…
وسؤال هذا النّاس كيف لبيد (3)
ومنه قول مسكين الدارمي (4):
511 -
وبينا الفتى يرجو أمورا كثيرة
…
أتى قدر من دون ذاك متاح (5)
(1) البيت من بحر البسيط لم أعثر على قائله.
اللغة: القرن: الاقتران والتصاحب. والمعنى: الرشاد والغي مقترنان وموجودان معا في الحياة والناس.
وشاهد البيت واضح.
انظر البيت في: شرح التسهيل (1/ 249)، والتذييل والتكميل (3/ 209)، وليس في معجم الشواهد.
(2)
سبقت ترجمته.
(3)
البيت من بحر الكامل قاله لبيد العامري من قصيدة يشكو فيها طول عمره وسأمه الحياة، انظر ديوان لبيد (ص 46). وشاهده هنا واضح، وبمثله استشهد ابن جني في المحتسب (1/ 179). ومثل هذا الشاهد قول الفرزدق يمدح هشام بن عبد الملك، ديوانه (2/ 231):
وأنت لهذا النّاس بعد نبيّهم
…
سماء يرجّى للمحول غمامها
والبيت في معجم الشواهد (ص 107)، وهو في شروح التسهيل لابن مالك (1/ 249)، وللمرادي (1/ 256) ولأبي حيان (3/ 209).
(4)
اسمه: ربيعة بن عامر من بني دارم، شاعر شجاع من أهل العراق، لقب بالمسكين لقوله (من الرمل):
أنا مسكين لمن أنكرني
…
...
وقوله (من الطويل):
وسمّيت مسكينا وكانت لحاجة
…
وإني لمسكين إلى الله راغب
مدح معاوية وطلب منه تولي ابنه يزيد بعده (من الطويل):
إذا المنبر الغربيّ خلّى مكانه
…
فإنّ أمير المؤمنين يزيد
وهو صاحب البيت المشهور في شواهد النحو (رقم 167 في خزانة الأدب):
أخاك أخاك إنّ من لا أخا له
…
كساع إلى الهيجا بغير سلاح
وله شعر يرثي فيه زياد بن أبيه ورده عليه الفرزدق. مات مسكين في عام (89 هـ).
ترجمته في: الشعر والشعراء (1/ 551) وخزانة الأدب (3/ 116).
(5)
البيت من بحر الطويل، قاله مسكين الدارمي كما في الشرح.
ومعناه: أن الإنسان يخطط ويبني آمالا ضخمة في حياته، ثم يجيئه الموت غفلة فيمحو كل شيء.
وشاهده: قوله: من دون ذاك، حيث أشار إلى الجمع وهي الأمور بلفظ الواحد؛ قال أبو حيان: «ويحتمل أن -