الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[الموصول من الأسماء وأنواعه - الموصولات الخاصة]
قال ابن مالك: (فمن الأسماء: الّذي والّتي للواحد والواحدة وقد تشدّد ياءاهما مكسورتين أو مضمومتين أو تحذفان ساكنا ما قبلهما، أو مكسورا ويخلفهما في التّثنية علامتها مجوّزا شدّ نونها وحذفها.
وإن عني بالذي من يعلم أو شبهه فجمعه «الّذين» مطلقا ويغني عنه الّذي في غير تخصيص كثيرا. وفيه للضّرورة قليلا. وربّما قيل: «اللّذون» رفعا وقد يقال: لذي ولذان ولذين ولتي ولتان ولاتي).
ــ
حد الموصول الحرفي احترازا عن شيء وإنما هو مبني عن شيء حقيقته وتمييزه من الموصول الاسمي.
فمعنى كلامه: أن الموصول الحرفي هو الذي يؤول مع ما يليه بمصدر. وأنه لا يحتاج إلى عائد بخلاف الاسمي فإنه لا تأويل فيه ولا بد له من العائد.
قال ناظر الجيش: لما ثبت أن الموصول ضربان: أحدهما من الأسماء والآخر من الحروف شرع في ذكر الأسماء فبدأ بالذي والتي لأنهما كالأصل لغيرهما فإن غيرهما إذا أشكل أمره يستدل على موصوليته بصلاحية موضعه للذي إن كان مذكرا وللتي إن كان مؤنثا (1). -
- الّذي لا نرضى به بديلا لأنه هو الّذي نطقت به اللّغة وسجّله القرآن: أن الّذي يستعمل اسما موصولا ولا يكون حرفا موصولا ألبتة ولا غبار في دلالته على المفرد تارة وعلى الجمع تارة أخرى فتلك مرونة حيث لا تقف بالكلمة عند حد معين في الاستعمال.
وإذا ثبت هذا استغنينا أشدّ الاستغناء عن قول الزّمخشري: وخضتم كالّذي خاضوا أي كالفوج الّذي خاضوا وكالخوض الذي خاضوه لأنه مع إثباته لاسميّة الذي يجعل الآية في حاجة إلى تقدير شيء لإفهام معناها وهي ليست محتاجة إلى هذا التقدير فقد قال الأخفش: إن الذي مشترك بين المفرد والجمع.
(1)
معناه: أن بعض هذه الألفاظ قد يستعمل في غير الموصولية كمن وما فإنهما قد يستعملان في الشرط والاستفهام وغيرهما، ولا يعرف معناهما في الموصولية إلا بوضع الذي والتي مكانهما.
وعلل أبو حيان بذلك وبعلة أخرى: وهي أن المصنف إنما بدأ بالذي والتي لأنه ظهر فيهما تصرف ما بالتثنية والجمع والتصغير فصار فيهما شبه بالمعرب (التذييل والتكميل: 3/ 19).
وفي كتاب الإنصاف مسألة مفيدة عن الحروف التي وضع عليها الاسم في ذا والذي يقول أبو البركات الأنباري: ذهب الكوفيون إلى أن الاسم في ذا والذي الذال وحدها وما يزيد عليهما تكثير لهما وذهب -
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وفي الذي والتي ست لغات:
الأولى: ما بدأ به.
والثانية: حذف الياء مع بقاء الذال والتاء مكسورتين كقول الشاعر:
324 -
لا تعذل اللّذ لا ينفكّ مكتسبا
…
حمدا ولو كان لا يبقي ولا يذر (1)
وقول الأخير:
325 -
شغفت بك اللّت تيّمتك فمثل ما
…
بك ما بها من لوعة وغرام (2)
والثالثة: حذف الياء وتسكين الذال والتاء كقول الشاعر:
326 -
فلم أر بيتا كان أحسن بهجة
…
من اللّذ به من آل عزّة عامر (3)
-
- البصريون إلى أن الذال وحدها ليست هي الاسم فيهما واختلفوا في ذا؛ فالأخفش على أن أصله ذيّ بالتشديد، وغيره ذوي. وأما الذي، فأجمعوا على أن الأصل فيه لذي نحو عمى وشجى. (الإنصاف:
2/ 666 بتلخيص).
(1)
البيت من بحر البسيط غير منسوب في مراجعه.
ومعناه: لا تلم المؤمن التقي الذي يسعى في حاجات الناس باذلا كل ما يملك يبغي اكتساب الأجر والثواب من الله.
وشاهده قوله: لا تعذل اللذ لا ينفك مكتسبا حيث حذفت الياء من الذي وبقيت الكسرة قبلها دليلا عليها وهي لغة في الذي.
والبيت في شروح التسهيل لابن مالك (1/ 190)، ولأبي حيان (3/ 24) وللمرادي (1/ 186).
وهو في معجم الشواهد (ص 162).
(2)
البيت من بحر الكامل وهو في الغزل غير منسوب في مراجعه.
اللغة: شغفت: بالبناء للمجهول من الشغف وهو تخلل الحب شغاف القلب. تيمتك: يقال تيمه الحب:
أضناه وأعياه. اللوعة: حرقة الحب وشدته.
المعنى: يقول لصاحبه: لا تحزن فقد أحبتك التي تحبها، ووقعت في حبال هواك تلك التي سهرت من أجلها.
وشاهده قوله: شغفت بك اللت حيث حذفت الياء من التي وبقيت الكسرة دليلا عليها.
والبيت في (شروح التسهيل لابن مالك (1/ 213) ولأبي حيان (3/ 25). وللمرادي (1/ 186) وهو في معجم الشواهد ص 386).
(3)
البيت من بحر الطويل ولم يأت في معجم الشواهد مع أنه في (الهمع: 1/ 82). وفي (الدرر:
1/ 56) وهو أيضا في (شرح التسهيل لابن مالك: 1/ 189) وفي (التذييل والتكميل: 3/ 23).
والبيت في الغزل. ومعناه: أن الشاعر لا يحب بيتا في الدنيا كبيت حبيبته عزة ولا ناسا كهؤلاء الذين -
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ومثله:
327 -
ما اللّذ يسوؤك سوءا بعد بسط يد
…
بالبرّ إلّا كمثل البغي عدوانا (1)
وكقول الآخر:
328 -
فقل للّت تلومك إنّ نفسي
…
أراها لا تعوّذ بالتّميم (2)
ومثله:
329 -
أرضنا اللّت أوت ذوي الفقر والذّلّ
…
فاضوا ذوي غنى واعتزاز (3)
والرابعة: تشديد الياء مكسورةكقول الشاعر: -
- يعمرون ذلك البيت.
وشاهده قوله: من اللذ به من آل عزة حيث حذفت ياء الذي ثم سكنت الذال وهي لغة في الذي.
(1)
البيت من بحر البسيط وهو في النصح والدعوة إلى الاستمرار في عمل الخير حيث يقول صاحبه:
لا يجوز ولا يصح أن يعكر الإنسان صفو العمل الجميل الذي يقدمه بعمل قبيح فهو إن فعل ذلك خلط الحسن بالسيئ والحلو بالمر والصداقة بالعداء. وشاهده كالذي قبله.
والبيت لم ينسب إلى قائل في مرجعيه (شرح التسهيل لابن مالك (1/ 189) والتذييل والتكميل لأبي حيان: 3/ 23) ولا نسبه المحققان. وليس في معجم الشواهد.
ومثل الشاهد قولهم (من الرجز):
كالّلذ تزبّى زبية فاصطيدا
مثل من أمثال العرب يضرب للرجل يأتي الرجل يسأله شيئا فيأخذ منه ما سأل. مجمع الأمثال: (3/ 54).
(2)
البيت من بحر الوافر أقصى نسبة له ما قاله أبو علي القالي في الأمالي: (2/ 308): وأنشد الفراء
…
ثم ذكر البيت.
اللغة: التّميم: جمع تميمة وهي التعويذة يفعلها أهل الشر والسحر للحب أو البغض.
المعنى: جرد الشاعر من نفسه إنسانا فخاطبه قائلا: قل لحبيبتك إن نفسي لا تتأثر يالتمائم ولا بالسحر وإنما تؤمن بالحب الخالص والعمل الجاد والوفاء بين المحبين.
وشاهده قوله: فقل للت حيث سكنت تاء التي بعد حذف الياء والكسرة منها. والبيت في شرح التسهيل لابن مالك: (1/ 190) والتذييل والتكميل: (3/ 24). وخزانة الأدب: (6/ 6). وفي معجم الشواهد (ص 371).
(3)
البيت من بحر الخفيف لم يرد في معجم الشواهد وإنما ورد في شروح التسهيل لابن مالك (1/ 190) ولأبي حيان: (3/ 24) وللمرادي: (1/ 186) ولم ينسب فيها لقائل.
والشاعر يفتخر بأنهم أعزاء أغنياء وأنهم يؤوون الأذلاء الفقراء فيصيرون مثلهم في العزة والغنى. وشاهده كالذي قبله.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
330 -
وليس المال فاعلمه بمال
…
وإن أرضاك إلّا للّذيّ
ينال به العلاء ويصطفيه
…
لأقرب أقربيه وللقصيّ (1)
هكذا أنشده المصنف (2) وأنشده غيره: «وإن أنفقته إلّا الّذيّ» «تنال به العلاء وتصطفيه» «لأقرب أقربيك وللقصيّ» (3).
والخامسة: تشديد الياء مضمومة كقول الشاعر:
331 -
أغض ما استطعت فالكريم الّذيّ
…
يألف الحلم إن جفاه بذيّ (4)
[1/ 217] ولم يذكر المصنف شاهدا على تشديد ياء التي. وقد قال الشيخ:
«إنه لا يحفظ ذلك في الّتي وإنّ مصنّفي كتب اللّغة لم يذكروا ذلك في كتبهم» .
وذكر عن أبي موسى أن الياء المشددة في الذي تجري بوجوه الإعراب الثلاثة قال:
«فإن صحّ هذا عن العرب فلا يكون في إنشاد المصنّف دليل على أنّها مبنية على -
(1) البيتان من الوافر التام وهما في مراجع كثيرة غير منسوبين.
والمعنى: إن المال لا قيمة له إلا إذا أنفقته فيما يفيدك أو أعطيت منه لقريب لك في حاجة إليه، فإذا فعلت ذلك تكون قد بنيت لك مجدا واشتريت حمدا.
وشاهده قوله: وإن أرضاك إلا للذي حيث ياء الذي مشددة مكسورةو انظر تعليق أبي حيان على ذلك في البيت القادم.
والبيت في معجم الشواهد (ص 429) وفي شرح التسهيل (1/ 190).
(2)
شرح التسهيل (1/ 190).
(3)
على رواية المصنف يكون المراد بالذي الشخص الذي ينفق المال وتكون اللام فيه جارة والذي مبني على الكسر - وقيل مجرور - في محل جر.
وعلى رواية غيره: يكون المراد بالذي المال وهو مستثنى من مال قبله مبني على الكسر في محل نصب.
(4)
البيت من بحر الخفيف وفيه دعوة إلى الخلق الطيب المأخوذ من قوله تعالى: خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجاهِلِينَ [الأعراف: 199] ومع هذا فإن قائله مجهول.
اللغة: أغض: من الإغضاء وهو إدناء الجفون والمراد العفو والتسامح. الحلم: بكسر الحاء. الصفح والتسامح. البذيّ: اللئيم سليط اللسان.
قال أبو حيان في البيت: «وظاهر كلام المصنف أنها تكون مبنية على الضّمّ مشدّدة. ولا حجة في هذا البيت على البناء إذ قد يحتمل أن تكون الحركة حركة إعراب. كما ذكروا أنّه يجوز في الّذي مشددة جريان وجوه الإعراب الثلاثة» انتهى.
والبيت في شرح التسهيل (1/ 190) وفي التذييل والتكميل (3/ 22) ومعجم الشواهد (ص 429).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الكسر». انتهى (1).
وليس للقول بإعراب الذي وجه؛ إذ موجب البناء قائم ولا فرق بين الياء المشددة والمخففة.
واللغة السادسة: حذف الألف واللام وتخفيف الياء ساكنة وبهذه اللغة قرأ بعض الأعراب، قال أبو عمرو بن العلاء:«سمعت أعرابيّا يقرأ بتخفيف اللّام يعني (صراط لذين) (2)» .
واقتضى كلامه: أن التثنية إنما وردت على الذي والتي بعد الحذف يعني حذف الياء منهما.
وكلامه في شرح الكافية يقتضي: أن التثنية واردة على الذي والتي دون حذف وأن الحذف إنما كان لأجل ألف التثنية ويائها فإنه قال (4) «يقال اللّذان واللّتان واللّذين واللّتين في الموصول، وذان وتان وذين وتين في اسم الإشارة. وكان مقتضى الأصل أن يقال اللّذيان واللّتيان واللذيين واللتيين وذيان وتيان وذيين وتيين كما يقال -
(1) التذييل والتكميل (3/ 22).
(2)
سورة الفاتحة: 7. قال أبو حيان عند تفسير قوله تعالى: صِراطَ الَّذِينَ.
(3)
شرح التسهيل (1/ 191).
ومعناه: لما كان حذف الياء في الذي والتي مستعملا في بعض اللغات وكان تشديد النون عوضا عن هذه الياء جاز عدم التشديد؛ لأن حذفها قد ورد أحيانا.
(4)
انظر نصه في شرح الكافية الشافية لابن مالك (1/ 256، 257) تحقيق د/ عبد المنعم هريدي.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
شجيان وفتيان لأن ياء الذي والتي وألف ذا وتا لمّا لم يكن لهما حظ في الحركة أشبهتا عند ملاقاتهما ألف التثنية بألف المقصور إذا لقي ألف الندبة فوافقاها في الحذف، فكما يقال في النّدبة: وا موساه لا واموسياه قيل هنا: اللّذان وذان لا اللّذيان وذيان.
وأيضا فحذف ألف المقصور المثنى أولى من قلبه؛ لأن في حذفه تخلّصا من تصحيح حرف علّة متحرك بعد فتحة لكن عدل إلى القلب لئلّا يلتبس مثنى بمفرد حال الإضافة، واسم الإشارة لا يضاف فعومل بالحذف وحمل عليه الّذي والّتي لشبه يائهما في لزوم المدّ بالألف، ولأنهما لا يضافان فلما حذفت الياء والألف من الّذي والتي وذا وتا
في التّثنية وكان لهما حقّ في الثبوت شدّدوا النون من اللّذين واللّتين وذين وتين ليكون ذلك عوضا من الياء والألف». انتهى.
[1/ 218] والفرق بين ما ذكره في شرح التسهيل وشرح الكافية ظاهر (1).
وأما حذف النون في التثنية فقيل: هو لغة بني الحرث بن كعب وبعض بني ربيعة:
يقولون: هما اللّذا قالا ذلك، وهما اللتا قالتا ذلك.
وعليه قول الشاعر:
332 -
أبني كليب إنّ عمّيّ اللّذا
…
قتلا الملوك وفكّكا الأغلالا (2)
وقول الآخر:
333 -
وعكرمة الفيّاض فينا وحوشب
…
هما فتيا النّاس اللّذا لم يعمّرا (3)
-
(1) هو ما ذكره قبل من أن كلامه في شرح التسهيل يقتضي أن التثنية إنما وردت على الذي والتي بعد الحذف يعني حذف الياء فيهما وأما كلامه في شرح الكافية فيقتضي أن التثنية واردة على الذي والتي دون حذف وأن الحذف إنما كان لأجل ألف التثنية أو يائها.
(2)
البيت سبق الاستشهاد به والحديث عنه في باب إعراب المثنى والمجموع على حده.
وشاهده هنا قوله: إنّ عمّيّ اللّذا حيث حذفت نون اللذان على لغة بني الحرث بن كعب.
(3)
البيت من بحر الطويل مجهول القائل وهو في الفخر وفي طيه الاعتراف بالموت.
اللغة: عكرمة وحوشب: رجلان. فتيا النّاس: مثنى فتى وهو الشجاع. الفياض: الكريم.
والشاعر يفتخر بأن من قبيلته هذين الرجلين اللذين هما أشجع الناس ومع ذلك لم يخلدا في الحياة.
وشاهده واضح وهو قوله: هما فتيا الناس اللذا حيث حذف النون من الاسم الموصول المثنى على لغة.
والبيت في التذييل والتكميل (3/ 27) وليس في معجم الشواهد ولم يستشهد به ابن مالك.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وقول الآخر:
334 -
هما اللّتا لو ولدت تميم
…
لقيل فخر لهم عظيم (1)
ثم قال المصنف: «ولما كانت التثنية من خصائص الأسماء المتمكّنة ولحقت الّذي والّتي جعل لحاقها لهما معارضا لشبهها بالحروف فأعربا» (2).
وهذا الكلام الذي ذكره أولا وثانيا مبناه على أن اللذين واللتين مثنيان حقيقة كما تقول الرجلان والمرأتان.
والذي عليه المحققون أن اللذان واللتان واللذين واللتين صيغ تثنية وليست مثناة لأمرين:
أحدهما: أن من شرط الاسم الذي يثنى أن يكون معربا وهاتان الكلمتان مبنيتان فلا يجوز الحكم عليهما؛ لأنهما مثنيان.
والثاني: أنهم قالوا لو كانت هذه تثنية صحيحة للزم تنكيرها؛ لأن الاسم لا يثنى حتى ينكر؛ ولذلك جاز أن يقال في تثنية زيد وعمرو الزيدان والعمران.
والموصولات لا يتصور تنكيرها؛ لأن موجب تعريفها لازم لها وهو الألف واللام على قول والصلة على قول، وإذا كان كذلك فلا يحتاج إلى الاعتذار عن حذف ياء الذي والتي (3). -
(1) البيتان: من الرجز المشطور وهما منسوبان للأخطل في بعض المراجع، وقال صاحب الخزانة (6/ 14) قال العيني: هما للأخطل وقد فتشت في ديوانه فلم أجدهما، وما فعله صاحب الخزانة فعلته أنا وكذلك فعل صاحب معجم الشواهد.
اللغة: اللّتا: صفة لموصوف محذوف أي المرأتان. تميم: أبو قبيلة من العرب.
المعنى: يمدح الشاعر امرأتين بأنهما إذ انتسبتا إلى تميم افتخرت بهم على الناس جميعا.
قال صاحب الخزانة: الشاهد على أن نون اللتا حذفت لاستطالة الموصول بالصلة تخفيفا، قال شراح التسهيل: حذف النون من اللذين واللذان نصر بن الحارث بن كعب وبعض بني ربيعة.
وقال ابن الشجري (2/ 208) في تثنيته إلى ثلاث لغات: اللتان بتخفيف النون واللتان بتشديدهما واللتا بحذفهما وهي حديثنا.
والبيت في التذييل والتكميل: (1/ 244)، (3/ 27). وفي معجم الشواهد (ص 536).
(2)
شرح التسهيل: (1/ 191) وبقية كلامه: كما جعلت إضافة أي معارضة لشبهها بالحروف فأعربت.
(3)
اعتذاره عن حذف ياء الذي والتي بأن هذه الياء شبهت عند ملاقاتها ألف التثنية بألف المقصور إذا لقي ألف الندية فوافقتها في الحذف، وكذلك الأولى بألف المقصور الحذف عند التثنية. ولا يحتاج المصنف إلى هذا الاعتذار لأن الصحيح أن اللذان واللتان واللذين واللتين صيغ تثنية.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وأما تشديد النون حالة التثنية: فقد قيل فيه إنه يجوز أن يكون للفرق بين ما صورته صورة المثنى من المبني وبين مثنى المعرب فلا يحتاج حينئذ إلى القول بأن التشديد عوض عن الياء المحذوفة.
وأشار المصنف بقوله: وإن عني بالّذي من يعلم أو شبهه إلى أن الذين جمع للذي إذا أريد بالذي من يعلم نحو إِنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا (1) أو شبه من يعلم نحو: إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ عِبادٌ أَمْثالُكُمْ فَادْعُوهُمْ (2) نزلت الأصنام منزلة من يعلم لكونهم عبدوها من دون الله.
وأشار بقوله: مطلقا إلى أنه يكون بالياء في موضع الرفع والنصب والجر.
قال المصنف: لم يعرب أكثر العرب الذّين وإن كان الجمع من خصائص الأسماء لأن الّذين مخصوص بأولى العلم والذي عام فلم يجر على سنن الجموع المتمكّنة بخلاف اللذين واللّتين فإنهما جريا على سنن المبنيات المتمكنة لفظا ومعنى.
وعلى كلّ حال ففي الذي واللّذين شبه بالشّجيّ والشّجين في اللفظ وبعض المعنى.
فلذلك لم تجمع العرب على ترك إعراب الّذين بل إعرابه في لغة هذيل مشهور فيقولون نصر اللّذون آمنوا على اللّذين كفروا ومن ذلك قول بعضهم:
335 -
وبنو نويجية اللّذون كأنّهم
…
معط مخدّمة من الخزّان (3)
انتهى (4)[1/ 219]. -
(1) سورةفصلت: 30.
(2)
سورة الأعراف: 194.
(3)
البيت من بحر الكامل منسوب إلى الهذليين وليس في ديوانهم.
اللغة: بنو نويجية: اسم قبيلة. اللّذون: لغة هذيل في الذين رفعا وهو موضع الشاهد. معط: جمع أمعط وهو من لا شعر على جسده يقال فه معط الشعر نتفه وانمعط الشعر تساقط (القاموس: 2/ 40 معط) مخدّمة: المخدّم: الأبيض الأطراف. الخزّان: بكسر أوله وفي آخره نون مفرده ولد الأرنب وقيل هو الذكر من الأرانب والجمع أخزن وخزان مثل صرد وصردان وأرض مخزة: كثيرة الخزز. (اللسان خزز).
والبيت من أقبح الهجاء حيث يشبه الشاعر القوم المهجوين بالأرانب العارية من الشعر. والبيت في شرح التسهيل: لابن مالك (1/ 191) ولأبي حيان: (3/ 31) وفي أمالي ابن الشجري (2/ 307) وفي معجم الشواهد (ص 411).
(4)
شرح التسهيل: (1/ 191).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
والذي عليه المحققون أن الذين صيغة جمع وليس بجمع لأن المبنيات لا تجمع كما أنها لا تثنى. ومجيء اللذون رفعا كمجيء اللذان رفعا واللذين نصبا وجرّا في المثنى، فلا تكون الواو في اللذون علامة جمع كما أن الألف في
اللذان لا تكون علامة تثنية (1).
ثم أشار المصنف بقوله: ويغني عنه الّذي إلى آخره إلى أنه إذا لم يقصد بالذي مخصص جاز أن يعبر به عن جمع حملا على من كقوله تعالى: وَالَّذِي جاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ (2). فلو لم يكن المراد به جمعا لم يشر إليه بجمع ولا عاد إليه ضمير جمع ومن ذلك قوله تعالى: كَما يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطانُ مِنَ الْمَسِّ (3).
فلو لم يرد به جمع لم يضرب به مثل الجمع.
فإن قصد بالذي مخصص فلا محيص عن اللذين في التثنية والجمع ما لم يضطر شاعر كقوله:
336 -
أبني كليب إنّ عمّيّ اللّذا
…
قتلا الملوك وفكّكا الأغلالا (4)
-
(1) ومعناه أن اللذان واللتان في حالة الرفع واللذين واللتين في حالتي النصب والجر وكذلك اللذون رفعا واللذين نصبا وجرّا ليست ألفاظا مثناة أو جمعا للذي والتي وإنما هي صيغ وضعتها العرب بما فيها من علامات الإعراب التي تشبه علامات المثنى والجمع وضعتها لمعانيها التي تدل عليها بخلاف المثنى الحقيقي والجمع الحقيقي كالمحمدان والمحمدون فإنها وضعت بعلاماتها تثنية وجمعا لمحمد.
ويقول الدكتور محمد يسري زعير: «أنت تدرك أن هناك خلافا بين تثنية الّذي والتي وتثنية القاضي والداعي ولا نملك لذلك تعليلا لأن اللغة وردت هكذا فلا بدّ أن تؤخذ على ما وردت عليه ولكن النحاة قد أولعوا بالتعليل لكلّ شيء ومن تعليلهم هنا أنهم يزعمون أن العرب فرقوا بين تثنية المبني كالذي وتثنية المعرب كالقاضي فحذفوا الحرف الأخير من الذي والتي ولكن هذه العلة منقوضة إذ إنّ حذف الحرف عند التثنية ليس خاصا بالمبني بل قد يكون في المعرب كما في تثنية عاشوراء عند الفراء (أسرار النحو ص 245).
(2)
سورة الزمر: 33.
(3)
سورة البقرة: 275.
(4)
البيت سبق الاستشهاد به في باب إعراب المثنى والمجموع على حده وقد استشهد به هناك: على جواز سقوط نون المثنى لتقصير الصلة وذلك في تثنية الموصول من الذي والتي. كما استشهد به في هذا الباب مرة أخرى قبل ذلك على أن سقوط هذه النون من هذا المثنى إنما هو لغة بني الحرث بن كعب. هذه استشهادات ابن مالك وتبعه شارحنا.
وأما شاهده هنا: فقد اضطرب فيه كلام ابن مالك ونقده شارحنا وانظر التفصيل في ذلك كله في الصفحة القادمة.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وقول الآخر:
337 -
وإنّ الّذي حانت بفلج دماؤهم
…
هم القوم كلّ القوم يا أمّ خالد (1)
هذا كلام المصنف (2).
ومقتضاه أن النون حذفت من الموصولين في البيت الأول والثاني للضرورة. وإنما جعل ذلك ضرورة لأن المقصود بالموصول فيها مخصص، ولم يظهر لي كون ذلك ضرورة.
والذي كنت أفهمه من قوله: ويغني عنه الّذي في غير تخصيص كثيرا وفيه للضّرورة قليلا: أن الذي نفسه أعني الذي هو موضوع للمفرد قد يقع موقع الذين الذي هو موضوع للجمع كما يقتضيه التمثيل بقوله تعالى: وَالَّذِي جاءَ بِالصِّدْقِ (3) وبقوله تعالى: كَما يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطانُ (4). وكما يفهم من البيت الذي أنشده وهو: وإنّ الّذي حانت بفلج دماؤهم، لا أن الذي في هذه الأمثلة أصلها الذين، فحذفت النون؛ لأن حذف النون من نحو الذين واللذين إنما هو لتقصير الصلة ولو كان الأصل هو الذين في الأمثلة المذكورة ما ساغ أن يقال:
ويغني عنه الذي؛ لأن الذي لم يغن عن الذين إنما هو الذين حذفت نونه لا غير، والحق أنهما يقصدان فتارة يقصد إيقاع الذي المحكوم بإفراده موقع الذين الذي هو جمع وتارة لا يقصد ذلك بل يقال: -
(1) البيت من بحر الطويل قائله الأشهب بن رميلة في رثاء قومه.
اللغة: حانت: من الحين وهو الهلاك أو معنى حانت دماؤهم أي لم يؤخذ لهم بدم ولا قصاص.
فلج: واد قرب البصرة. القوم كلّ القوم: أي الكاملون في كل شيء.
والمعنى: يا أم خالد: اعلمي أن هؤلاء القوم الذين هلكوا من أعظم الناس والرجال فابكي عليهم.
وشاهده قوله: وإنّ الذي حانت؛ حيث وقع الذي مكان الذين ضرورة وانظر تفصيل ذلك في الشرح.
والبيت في معجم الشواهد (ص 114) وفي شرح التسهيل (1/ 192) وفي التذييل والتكميل (1/ 283، 284، 3/ 29).
ترجمة الشاعر: هو الأشهب بن ثور بن أبي حارثة، شاعر نجدي تميمي، ولد في الجاهلية وأسلم ولم يجتمع بالنبي صلى الله عليه وسلم وعاش حتى العصر الأموي وهجا غالبا أبا الفرزدق لكن الفرزدق أسكنه، وفد على الوليد بن عبد الملك وقد نسب إلى أمه رميلة وكانت أمة اشتراها أبوه في الجاهلية توفي سنة (86 هـ) (الأعلام: 1/ 335).
(2)
شرح التسهيل: (1/ 192).
(3)
سورة الزمر: 33.
(4)
سورة البقرة: 275.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
إن النون من الذين حذفت فيصير لفظه حينئذ موافقا لما لم يحذف منه شيء وهو المفرد ولكن لا يقال فيه أوقع
الذي موقع الذين بل هو الذين نفسه حذفت منه النون وكلامه في الكافية وشرحها يقتضي ظاهر ما قررته لأنه قال (1):
وموضع الّذين يكثر الّذي
…
إن كان مفهوم الجزا به احتذي
أو كان مقصودا به الجنس وما
…
خالف هذين فنزرا علما
نحو الّذي حانت بفلج وكذا
…
ما كان مشبها لعمّيّ اللّذا
ثم مثّل في الشرح لما تضمن معنى الجزاء بقوله تعالى: وَالَّذِي جاءَ بِالصِّدْقِ (2) الآية ولما المقصود به الجنس بقوله تعالى: كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ ناراً (3) وبقوله تعالى: كَما يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطانُ (4).
[1/ 220] قال: فهذان النّوعان يستعملان كثيرا وما سوى ذلك قليل، وأنشد البيتين، أعني البيت الّذي أوله: وإنّ الذي حانت والبيت الذي أوله: أبني كليب وقال: أراد الّذين فحذف النون وكذا حذفها من اللّذان. انتهى.
فكلامه يعطي ما قلته؛ لكن إنشاده في شرح التسهيل: أبني كليب إنّ عمّيّ اللّذا
…
البيت مستشهدا به في هذا الموطن - يقتضي أن مراده إنما هو حذف النون؛ لأن قول الشاعر إن عميّ اللذا ليس فيه سوى حذف النون من اللذا وليس فيه إيقاع الذي موقع اللذين وهو قد جعله ضرورة.
وإذا كان هذا مراده فهو غير ظاهر لأن حذف النون لتقصير الصلة لا ينكر (5) وأشكل من ذلك إنشاده في شرح الكافية: وإنّ الّذي حانت
…
البيت، وقوله:
أراد الذين، فحذف النون ثم قال: وكذلك حذفها من اللذان، وأنشد: أبني كليب
…
البيت ويحتاج كلامه إلى تأمل.
فإن قيل: إنما تحذف لتقصير الصلة نون المثنى أو نون الجمع، وقد قلتم إن اللذين -
(1) انظر نصه في شرح الكافية الشافية لابن مالك (1/ 260)(تحقيق د/ عبد المنعم هريدي).
(2)
سورة الزمر: 33.
(3)
سورة البقرة: 17.
(4)
سورة البقرة: 275.
(5)
مثاله في الجمع الحقيقي: وَالْمُقِيمِي الصَّلاةِ [الحج: 35] في قراءة النصب وقول الشاعر وقد سبق:
الحافظو عورة العشيرة
…
إلخ بالنصب أيضا ومثاله من الموصول ما أنشده قبل من شعر وما سيأتي الآن.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
والذين ليسا بتثنية ولا جمع عند المحققين.
فالجواب: أن القائلين بأنهما ليسا بتثنية ولا جمع قائلون بأنهما صيغ تثنية وجمع. ولا شك أن صيغة اللذين صيغة المثنى وإن لم يكن الاسم مثنى حقيقة وصيغة الذين صيغة جمع وإن لم يكن الاسم مجموعا حقيقة، وإذا كان كذلك عوملت النون فيهما معاملتها فيما هو مثنى ومجموع حقيقة.
ثم إن المصنف لم يجعل حذف النون من الكلمتين في البيتين المذكورين ولا فيما أشبههما ضرورة. والظاهر أن المقتضي لإخراج ذلك من باب الضرورة ما قلناه.
ويستشهدون لجواز الحذف أيضا بقول القائل:
338 -
يا ربّ عبس لا تبارك في أحد
…
في قائم منهم ولا في من قعد
إلّا الّذي قاموا بأطراف المسد (1)
وبقوله (2):
339 -
فبتّ أساقي القوم إخوتي الّذي
…
غوايتهم غيّي ورشدهم رشدي (3)
وبقول الآخر:
340 -
أولئك أشياخي الّذي تعرفونهم
…
[ليوث سعوا يوم النّبي بفيلق](4)
(1) الأبيات من بحر الرجز المشطور وردت في لسان العرب أول باب الذال (3/ 1474) ولم تنسب لقائل.
اللغة: عبس: قبيلة في العرب مشهورة منها عنترة العبس. المسد: الحبل المحكم الفتل.
المعنى: يدعو الشاعر على قبيلة عبس بأن يهلكهم الله جميعا إلا قوما فعلوا خيرا.
وشاهده قوله: إلّا الّذي قاموا بأطراف المسد حيث أن أصل الذي الذين فحذفت نونه ضرورة أو لتقصير الصلة.
والأبيات لم ترد في معجم الشواهد وهي التذييل والتكميل (3/ 30).
(2)
من عندنا للحاجة إليها هي وما بعدها.
(3)
البيت من بحر الطويل لم أعثر على قائله ولا على قصيدته، ووجدت في ديوان الحماسة (2/ 731) شبيها له هو قول العديل العجلي:
ظللت أساقي إخوتي الأولى
…
أبوهم أبي عند المزاح وفي الجدّ
والأولى فيه بمعنى اللذين. وشاهده كالذي قبله.
والبيت في شرح التسهيل لأبي حيان (3/ 30) ولم أجده في غيره.
(4)
البيت من بحر الطويل قال فيه صاحب الدرر (1/ 56) لم أعثر على قائله. وشاهده كالذي قبله. -