الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[مسميات الأعلام]
قال ابن مالك: (ومسمّيات الأعلام أولو العلم وما يحتاج إلى تعيينه من المألوفات، وأنواع معان وأعيان لا تؤلف غالبا، ومن النّوعيّ ما لا يلزم التّعريف).
قال ناظر الجيش: قال المصنف (1): «أولو العلم: يعم الملائكة عليهم السلام وأشخاص الإنس والجن والقبائل، وما يحتاج إلى تعيينه من المألوفات: يعم السور والكتب، والكواكب، والأمكنة، والخيل والبغال والحمير والإبل والبقر والغنم والكلاب، والسلاح والملابس؛ فهذه وما أشبهها تدعو الحاجة إلى تعيين مسمياتها، فاستحقت أن يوضع لأفرادها أسماء تتميز بها.
وأما ما لا يحتاج إلى تعيين فرد من أفراده: كالمعاني والوحوش؛ فلا يصلح أن يوضع له علم خاص، بل إن وضع لشيء منه علم فللنوع بأسره. إذ ليس بعض أشخاصه أولى به من بعض.
فمثال ما وضع منه للنوع المعنوي: برّة للمبرة، وفجار للفجرة، وخيّاب بن هيّاب للخسران، ووادي تخيّب للباطل.
ومثال ما وضع منه للنوع العيني: أبو الحرث وأسامة للأسد، وأبو جعدة وذؤالة للذئب.
هذا نصه في باب ترجمته: «هذا باب من المعرفة يكون الاسم الخاصّ فيه شائعا في أمّته ليس واحد منها بأولى به من الآخر» . فجعله خاصّا شائعا في حال واحدة -
- «وإذا قالوا هذان أبانان، وهؤلاء عرفات فإنما أرادوا شيئا أو شيئين بأعيانهما اللّذين يشير لك إليهما وكأنهم قالوا: إذا قلنا ائت أبانين فإنما تعني هذين الجبلين بأعيانهما اللّذين نشير لك إليهما، ألا ترى أنّهم لم يقولوا: امرر بأبان كذا وأبان كذا لم يفرّقوا بينهما؛ لأنّهم جعلوا أبانين اسما لهما يعرفان به بأعيانهما.
وليس هذا في الأناسيّ ولا في الدواب، وإنما يكون هذا في الأماكن والجبال، وما أشبه ذلك، من قبل أن الأماكن والجبال أشياء لا تزول
…
والإنسانان والدّابتان لا يثبتان أبدا بأنهما يزولان، ويتصرّفان، ويشار إلى أحدهما، والآخر عنه غائب».
(1)
انظر شرح التسهيل (1/ 182).
(2)
انظر نصه في الكتاب (2/ 94).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
مخصوصة باعتبار تعيينه الحقيقة في الذهن وشياعه باعتبار أن لكل شخص من أشخاص نوعه قسطا من تلك الحقيقة في الخارج». انتهى (1).
وقد أشار ابن الحاجب إلى اقتباس هذا المعنى من كلام سيبويه كما أشار إليه المصنف، فقال بعد أن استشكل دخول العلم الجنس في هذا العلم (2):
وتبعه ابن عمرون فقال: «وكون أسامة واقعا على كلّ أسد إنّما كان لأن التّعريف قيد للحقيقة، وهي موجودة فيه
وقريب من هذا: يا رجل إذا أردت واحدا معيّنا، فأيّ رجل أقبلت عليه وناديته كان معرفة لوجود القصد إليه، وكذا أسامة أي أسد رأيته، فإنّك تريد هذه الحقيقة المعروفة بكذا. -
(1) انظر شرح التسهيل (1/ 203).
(2)
انظر الإيضاح في شرح المفصل لابن الحاجب، تحقيق موسى العليلي (العراق)(1/ 83، 84)، وقد حذف شارحنا جزءا يسيرا في وسط الكلام.
(3)
في النسخ: العلم والجمع من نسخة ابن الحاجب وهو أفضل.
(4)
لأن الأعلام لا تقترن بالألف واللام ولا تضاف.
(5)
الإيضاح في شرح المفصل له (ص 36).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فالتعدّد ليس بطريق الأصل، وإنّما احتيج إلى هذا؛ لأنّ العرب منعت بعضه الألف واللام والصّرف، ونصبت عنه الحال» انتهى.
وثم طريقة أخرى في تقرير هذا الموضع جنح إليها الشيخ، وهي أن إطلاقه العلمية على هذه الأنواع مجاز؛ لأن أسامة وأسد لا تخالف بينهما في المعنى، وإنما التخالف بينهما في أحكام لفظية، والعلم الجنس داخل في حد النكرة، ولكن ما وجدت فيها أحكام المعارف أطلقنا عليها معارف (1).
وقال الإمام بدر الدين ولد المصنف مشيرا إلى أعلام الأجناس: «هذه كلّها أسماء أجناس؛ وسميت أعلاما لجريانها مجرى العلم الشخصي في الاستعمال، وذلك أنّها لا تقبل الألف واللّام، وإذا وصفت بالنكرة بعدها انتصبت على الحال، ويمنع منها الصّرف ما فيه التأنيث والألف والنون الزائدتان لما شاركت العلم الشّخص في الحكم ألحقت به» (2).
وفي قول المصنف في الألفية:
ووضعوا لبعض الأجناس علم
…
كعلم الأشخاص لفظا وهو عم
إشارة إلى هذه الطريقة.
وقال الشيخ بعد إيراده قول المصنف: فخصوصه باعتبار تعيينه الحقيقة في الذهن، وشياعه باعتبار أن لكل شخص من أشخاص نوعه قسطا من تلك الحقيقة في الخارج:
«ما من نكرة إلّا ويتصوّر فيها هذا الّذي ذكره المصنّف وغيره» . انتهى (3).
وما قاله [1/ 205] غير ظاهر؛ فإن النكرة كرجل مثلا لم توضع للحقيقة الذهنية، وإنما وضعت لفرد من أفراد ذكور الآدميين على سبيل الشياع. والذي ذكره المصنف وغيره:
أنّ العلم الجنس موضوع للحقيقة المعقولة في الذّهن نفسها.
واعلم أنهم قد وضعوا لبعض المألوفات أعلاما نوعية، كقولهم للأحمق:
أبو الدّغفاء، وللمجهول شخصه ونسبه: هيّان بن بيّان، ومن ذلك قولهم لنوع -
(1) التذييل والتكميل (2/ 108، 109) وقد سبق تعليق طويل على هذه الفروق الدقيقة بين هذه المصطلحات.
(2)
انظر شرح ألفية ابن مالك لابن الناظم (ص 76)(بيروت دار الجيل).
(3)
انظر التذييل والتكميل (2/ 327).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الأمة: اقعدي وقومي، ولنوع العبد: قنّور بن قنّور، ولنوع الفرس: أبو المضاء.
قال المصنف (1): ومن أبي الدغفاء وما بعده احترزت بقولي: لا تؤلف غالبا.
وأما قوله: ومن النّوعيّ ما لا يلزم التّعريف - فقال المصنف شارحا له: ولما كان لهذا الصنف من الأعلام يعني العلم الجنس؛ خصوص من وجه وشياع من وجه - جاز في بعضها أن يستعمل تارة معرفة فيعطى لفظه ما تعطاه المعارف الشخصية، وأن يستعمل تارة نكرة فيعطى لفظه ما يعطاه النكرات.
والطريقة في ذلك كله السماع (2).
فمما جاء بالوجهين: فينة وغدوة وبكرة (3) وعشيّة؛ فلك أن تقول: فلان يأتينا فينة بلا تنوين، أي يأتينا الحين دون الحين، ولك أن تقول: يأتينا فينة بتنوين أي حينا دون حين، فيختلف التقديران والمراد واحد، وكذلك فلان يتعهدنا غدوة وبكرة وعشية، أي الأوقات المعبر عنها بهذه الأسماء، فلا تنوين إذا قصدت بها ما يقصد بالمقرون بالألف واللام عهديتين أو جنسيتين، كما تفعل بأسامة وذؤالة؛ إلا أن لك في بكرة وغدوة وعشية أن تنونها مؤولا لها بمجرد من الألف واللام، وليس لك ذلك في أسامة وذؤالة؛ ولا علة لذلك إلا مجرد الاتباع لما صح من السماع (4).
(1) شرح التسهيل (1/ 183).
(2)
المرجع السابق.
(3)
كلمة بكرة ساقطة من نسخة (ب)، وجاء في نفس النسخة: قينة بالقاف وهو خطأ.
(4)
شرح التسهيل (1/ 183) ويلخص الدكتور محمد يسري زعير أوجه الشبه بين علم الجنس وعلم الشخص في كتابه: أسرار النحو في ضوء أساليب القرآن الكريم (1/ 224) طبعة عيسى البابي الحلبي، فيقول: نستنتج من ذلك أن هناك نوعا من الشيوع في علم الجنس؛ لأنه وضع لأمة من الأمم لا لواحد بعينه، ومن ثم كان بينه وبين النكرة مشابهة، كما أن بينه وبين علم الشخص مشابهة أخرى.
أما وجه الشبه بينه وبين النكرة فمن حيث المعنى؛ لأنه شائع في أمته وجماعته لا يختص به واحد بعينه دون آخر.
أما وجه الشبه بينه وبين علم الشخص فمن حيث الأحكام اللفظية وهي:
1 -
لا تدخل أل على علم الجنس كما لا تدخل على علم الشخص.
2 -
لا يضاف علم الجنس كما لا يضاف علم الشخص، فلا يقال أسامتكم، كما لا يقال محمدكم.
3 -
يمنع علم الجنس من الصرف كما يمنع علم الشخص فتقول: هذا أسامة، كما تقول: نظرت إلى طلحة؛ فيجر بالفتحة ومانع الصرف لهما العلمية والتأنيث اللفظي.
4 -
يقع علم الجنس مبتدأ نحو: أسامة أجرأ من ثعالة كعلم الشخص.
5 -
يصح مجيء الحال منه كعلم الشخص نحو: هذا أسامة مقبلا، فهو مثل: هذا محمد ضاحكا. انتهى بتلخيص.