المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[أل الزائدة ومواضع الزيادة] - تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد - جـ ٢

[ناظر الجيش]

فهرس الكتاب

- ‌الباب الثامن باب الاسم العلم

- ‌[تعريف العلم]

- ‌[تقسيم العلم إلى منقول ومرتجل]

- ‌[تقسيم العلم إلى مفرد ومركب/ تقسيم المركب]

- ‌[تقسيم العلم إلى اسم وكنية ولقب]

- ‌[أحكام العلم ذي الغلبة]

- ‌[أحكام العلم ذي الأداة]

- ‌[تنكير العلم بالتثنية والجمع والإضافة وأحكام ذلك]

- ‌[مسميات الأعلام]

- ‌[حكم الصرف وعدمه لأنواع الأعلام]

- ‌[حكم أفعل وصفا للنكرة]

- ‌[حكم الأعداد من التعريف وغيره والصرف وغيره]

- ‌[حكم الكنايات من العلمية أو غيرها]

- ‌الباب التاسع باب الموصول

- ‌[تقسيم الموصول وتعريف كل قسم]

- ‌[الموصول من الأسماء وأنواعه - الموصولات الخاصة]

- ‌[جمع الذي والتي]

- ‌[الموصولات المشتركة ومعناها]

- ‌[حذف عائد الموصول بأنواعه]

- ‌[حكم أي الموصولة من البناء والإعراب]

- ‌[حكم أنت الذي فعل وفعلت]

- ‌[حكم وقوع شبه الجملة صلة للموصول]

- ‌[من وما ومراعاة اللفظ أو المعنى فيها]

- ‌[من وما: أنواعهما - معناهما]

- ‌[أنواع أيّ وأحكام كل نوع]

- ‌[الموصولات الحرفية - أن وكي وما ولو - وأحكامها]

- ‌[أحكام الموصول مع صلته]

- ‌الباب العاشر باب اسم الإشارة

- ‌[تعريفه - أنواعه]

- ‌[مرتبة المشار إليه]

- ‌[هاء التنبيه وأحكامها]

- ‌[فصل هاء التنبيه عن اسم الإشارة]

- ‌[إلحاق كاف الخطاب بأسماء الإشارة]

- ‌[إلحاق كاف الخطاب لبعض الكلمات الأخرى]

- ‌[تبادل أسماء الإشارة]

- ‌[الإشارة إلى المكان]

- ‌الباب الحادي عشر باب المعرّف بالأداة

- ‌[اختلافهم في الأداة]

- ‌[أنواع أل]

- ‌[حكم أل التي للجنس]

- ‌[أل الزائدة ومواضع الزيادة]

- ‌[مدلول إعراب الاسم من رفع أو نصب أو جر]

- ‌الباب الثاني عشر باب المبتدأ

- ‌[تعريفه - نوعاه]

- ‌[عامل الرفع في المبتدأ والخبر]

- ‌[الوصف الرافع للاسم وأحكامه]

- ‌[حذف الخبر جوازا ووجوبا ومسائل ذلك]

- ‌[مسألة ضربي زيدا قائما وبقية الحديث فيها]

- ‌[رفع الحال المنصوبة على الخبرية]

- ‌[إعراب الاسم المرفوع بعد لولا]

- ‌[الحال السادة مسد الخبر ووقوعها جملة]

- ‌[حذف المبتدأ جوازا ووجوبا ومسائل ذلك]

- ‌[حكم قولهم: زيد والريح يباريها - وقولهم: راكب الناقة طليحان]

- ‌[المبتدأ والخبر من جهة التعريف والتنكير]

- ‌[مواضع الابتداء بالنكرة]

- ‌[إعراب قولهم: كم مالك؟ وقولهم: ما أنت وزيد

- ‌[بعض مسائل تقديم الخبر]

- ‌[حكم «في داره زيد» وأشباهه]

- ‌[بقية مسائل تقديم الخبر وجوبا]

- ‌[الخبر: تعريفه وأنواعه وحديث طويل عنه]

- ‌[الخبر المشتق وغيره، وحكمهما في تحمل ضمير المبتدأ]

- ‌[استكنان الضمير الرابط وبروزه]

- ‌[أنواع الخبر الجملة، وحكم بعض الجمل في وقوعها أخبارا]

- ‌[روابط الخبر الجملة - جمل لا تحتاج إلى رابط]

- ‌[حكم الضمير الرابط من جواز حذفه أو بقائه]

- ‌[مجيء الخبر ظرفا والآراء في ذلك]

- ‌[حكم وقوع ظرف الزمان خبرا عن اسم العين والمعنى]

- ‌[جواز رفع ظرف الزمان الواقع خبرا ونصبه وجره]

- ‌[جواز رفع ظرف المكان الواقع خبرا ونصبه]

- ‌[جواز رفع ظرف الزمان الواقع خبرا ووجوب نصبه]

- ‌[جواز رفع ظرف الزمان الواقع خبرا ونصبه]

- ‌[جواز رفع المصدر الواقع خبرا ونصبه]

- ‌[تعدد الخبر وأنواعه]

- ‌[تعدد المبتدأ ونوعاه]

- ‌[اقتران الخبر بالفاء وجوبا وجوازا الأحكام وشروط ذلك]

- ‌[مسائل مختلفة في اقتران الخبر بالفاء]

الفصل: ‌[أل الزائدة ومواضع الزيادة]

[أل الزائدة ومواضع الزيادة]

قال ابن مالك: (وقد تعرض زيادتها في علم وحال وتمييز ومضاف إليه تمييز، وربما زيدت فلزمت، والبدلية في نحو: ما يحسن بالرّجل خير منك - أولى من النّعت والزّيادة، وقد تقوم في غير الصّلة مقام ضمير).

ــ

لَمْ يَظْهَرُوا عَلى عَوْراتِ النِّساءِ (1). وحكى الأخفش: أهلك النّاس الدّينار الحمر والدّرهم البيض، ومنه قولهم: ما هو من الأحد، أي من الناس، وأنشد اللحياني (2):

519 -

وليس يظلمني في وصل غانية

إلّا كعمرو وما عمرو من الأحد (3)

قال اللحياني: «ولو قلت ما هو من الإنسان تريد من النّاس أصبت» (4).

قال ناظر الجيش: اشتمل هذا الكلام على حكمين لأل، وهما زيادتها وأنها تقوم مقام الضمير، أما زيادتها فذكر أنها تزاد في أربعة مواضع:

أحدها: في العلم:

كقول الشاعر:

520 -

ولقد جنيتك أكمؤا وعساقلا

ولقد نهيتك عن بنات الأوبر (5)

أراد: بنات أوبر، وهو علم لضرب من الكمأة.

وكقول الآخر: -

(1) سورة النور: 31.

(2)

سبقت ترجمته.

(3)

البيت من بحر البسيط لم ينسب فيما ورد من مراجع.

اللغة: الغانية: المرأة التي تطلب ولا تطلب، أو الغنية بحسنها عن الزينة، أو الشابة العفيفة ذات زوج أم لا. من الأحد: من الناس.

والمعنى: يهجو الشاعر صاحبه عمرا؛ لأنه ينافسه في حبه ويأخذ منه فتاته. وشاهده واضح من الشرح.

البيت في معجم الشواهد (ص 119)، وشروح التسهيل لابن مالك (1/ 259) وللمرادي (1/ 265)، ولأبي حيان (1/ 777).

(4)

انظر فيما روي عن الأخفش واللحياني: شرح التسهيل (1/ 291)، والتذييل والتكميل (3/ 236).

(5)

البيت من بحر الكامل سبق الاستشهاد به في أول باب المعرفة والنكرة من هذا التحقيق.

وشاهده هنا: زيادة أل في العلم في قوله: ولقد نهيتك عن بنات الأوبر. وانظر الشرح.

ص: 831

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

521 -

أما ودماء لا تزال مراقة

على قنّة العزّى وبالنّسر عند ما (1)

أراد: ونسرا وهو صنم، وكقول الآخر:

522 -

باعد أمّ العمرو من أسيرها

حرّاس أبواب على قصورها (2)

وكقول الآخر:

523 -

عوير ومن مثل العوير ورهطه

وأسعد في ليل البلابل صفوان (3)

[1/ 290] ثانيها: في الحال:

كقراءة بعض القراء: ليخرجن الأعز منها الأذل (4) أي: ليخرجن الأعز منها ذليلا. وكقول بعض العرب: ادخلوا الأوّل فالأول أي: أولا فأولا ومنها قول الشاعر: -

(1) البيت من بحر الطويل قاله عمرو بن عبد الجن التنوخي، كان فارسا في الجاهلية شجاعا وهو أول أبيات ثلاثة قالها مفتخرا بانتصاره، وجواب القسم في بيت الشاهد هو قوله في البيت الثالث:

لقد هزّ منّي عامر يوم لعلع

حساما إذا ما هزّ بالكفّ صمّما

اللغة: قنّة العزّى: أعلاها، والعزى اسم صنم مشهور كان يعبده أهل الجاهلية، والنسر: صنم آخر. وقد جاء اسم الصنمين في القرآن. العندم: شجر يصبغ به، وقيل: هو الدم بين الأخوين.

المعنى: يحلف عمرو بالدماء الغالية التي كانت تراق وتذبح على رءوس هذه الأصنام إنه كان شجاعا عند ما التقى هو وعامر للقتال والمبارزة.

الإعراب: ودماء: الواو للقسم ودماء مقسم به مجرور. عند ما: منصوب على الحال من الظرف قبله، أو خبر آخر لتزال. وشاهده: زيادة أل في العلم.

البيت في معجم الشواهد (ص 330) وشرح التسهيل (1/ 259) والتذييل والتكميل (3/ 237).

(2)

البيتان من الرجز المشطور وهما في الغزل، قالهما أبو النجم العجلي.

والاستشهاد: قد سبق الاستشهاد بهما في باب العلم؛ لجواز دخول أل على العلم بعد افتراض تنكيره.

وهنا استشهد به لنفس الغرض وهو: جواز زيادة أل في العلم.

(3)

البيت من بحر الطويل قاله امرؤ القيس بن حجر الكندي يمدح عوير بن شجنة بن عطارد من بني تميم من قصيدة له في الديوان (ص 83).

اللغة: عوير: اسم الممدوح. رهطه: قومه وهم بنو عوف. ليل البلابل: ليل الهموم والأفكار. صفوان:

علم على ممدوحه أيضا.

وشاهده: زيادة أل في العلم (العوير) والبيت ليس في معجم الشواهد، وهو في التذييل والتكميل (3/ 237).

(4)

سورة المنافقون: 8. وانظر القراءة في التبيان في إعراب القرآن: (2/ 1234).

ص: 832

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

524 -

دمت الحميد فما تنفكّ منتصرا

على العدا في سبيل المجد والكرم (1)

ثالثها: في التمييز:

525 -

رأيتك لمّا أن عرفت وجوهنا

صدقت وطبت النّفس يا قيس عن عمرو (2)

ومنه الحديث: «إنّ امرأة كانت تهراق الدّماء» (3) والأصل: تهراق دماؤها، فأسند الفعل إلى ضمير المرأة مبالغة،

وصار المسند إليه منصوبا على التمييز، ثم أدخل عليه حرف التعريف زائدة.

رابعها: فيما أضيف إليه تمييز:

كقول الشاعر:

526 -

إلى ردح من الشّيزى ملاء

لباب البرّ يلبك بالشّهاد (4)

-

(1) البيت من بحر البسيط قال في الدرر (1/ 53): ولم أعثر على قائله. وقائله يمدح رجلا بأنه يعيش حميدا منتصرا على أعدائه مجاهدا في سبيل المجد.

والشاهد فيه: زيادة أل في الحال والأصل: دمت حميدا، قال أبو حيان: وذهب بعض النحويين إلى أن الحال تكون معرفة ونكرة، فعلى مذهب هذا لا تكون أل زائدة في الحال».

والبيت في معجم الشواهد (ص 368) وشروح التسهيل لابن مالك (1/ 260) وللمرادي (1/ 265)، ولأبي حيان (3/ 238).

(2)

البيت من بحر الطويل من مقطوعة قصيرة في المفضليات للتبريزي (1/ 1086) قالها راشد بن شهاب اليشكري يخاطب بها قيس بن مسعود اليشكري أيضا، وكان صديقا لرجل يدعى عمرا المذكور في البيت، وقد تركه قيس في شدة، فلما عرف أن الشاعر وقومه هم الذين قتلوه، فر عنه طيب النفس لأنه يعجز عن مقاومتهم، ومطلع هذه المقطوعة قوله:

من مبلغ فتيان يشكر أنّني

أرى حقبة تبدي أماكن للصّبر

وشاهده: زيادة أل في التمييز ضرورة.

قال أبو حيان: «وهذا على مذهب البصريين. وأما الكوفيّون فيجيزون تعريف التمييز، فلا تكون أل عندهم زائدة» .

والبيت في معجم الشواهد (ص 173) وشروح التسهيل لابن مالك (1/ 260) وللمرادي (1/ 265).

ولأبي حيان (3/ 238).

(3)

الحديث بنصه في مسند الإمام أحمد بن حنبل (6/ 293): وأصله: عن أم سلمة زوج النّبي صلى الله عليه وسلم أنها استفتت رسول الله في امرأة تهراق الدماء، فقال:«تنتظر قدر اللّيالي والأيّام الّتي كانت تحيضهن وقدرهنّ من الشّهر، فتدع الصّلاة، ثمّ لتغتسل ولتستثفر ثمّ تصلي» .

(4)

البيت من بحر الوافر لأمية بن أبي الصلت من قصيدة يمدح فيها عبد الله بن جدعان عند ما مد للناس -

ص: 833

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

أراد: لباب بر.

وأنشد أبو علي:

527 -

تولي الضّجيع إذا تنبّه موهنا

كالأقحوان من الرّشاش المستقي (1)

وزعم أن قائله أراد: من رشاش المستقي فزاد الألف واللام ولم يعتد بهما، فلذلك أضافة إلى ما هما فيه.

قال المصنف: «وهذا الّذي ذهب إليه بعيد، ولكن يوجه البيت على أنّ قائله أراد: كالأقحوان المستقي من الرّشاش المستقي، فحذف من الأول وأبقى الثّاني دليلا عليه كما فعل من قال:

528 -

تقول ودقّت صدرها بيمينها

أبعلي هذا بالرّحى المتقاعس (2)

أراد: بعلي هذا المتقاعس بالرّحى المتقاعس ثم حذف، وهذا التوجيه نظائره -

- موائد الفالوذج في الأبطح، وقد ختمها بقوله:

وما لقيت مثلك يا ابن سعد

لمعروف وخير مستفاد

انظر القصيدة في ديوان أمية (ص 27).

اللغة: ردح: جمع رداح وهي الجفنة العظيمة. الشّيزى: شجر يصنع منه القصاع والجفان. ملاء: جمع ملآنة. لباب البرّ: خياره وهو الطحين المرقق. يلبك بالشهاد: يعجن بالعسل.

والشاعر يمدح صاحبه بأنه يقدم للناس والضيوف خير الطعام.

والشاهد: في قوله: لباب البر، فهو تمييز مضاف إلى مميزه وحقه التنكير، فأدخل فيه أل ضرورة.

والبيت في معجم الشواهد (ص 53) وشروح التسهيل لابن مالك (1/ 260) ولأبي حيان (3/ 239) وللمرادي (1/ 265). وفي الأمالي (1/ 156).

(1)

البيت من بحر الكامل من قصيدة رقيقة جدّا في الغزل للقطامي عمير بن شبيم.

(انظر ديوان القطامي: ص 105 - 112). وبيت الشاهد ملفق من بيتين هما:

تعطي الضّجيع إذا تنبّه موهنا

منها وقد أمنت له من تتّقي

عذب المذاق مفلجا أطرافه

كالأقحوان من الرّشاش المستقي

اللغة: الضجيع: من يضاجعها في الفراش وهو الزوج. موهنا: نصف الليل أو حين يدبر، مفلجا:

الأسنان المفلجة المتسع ما بينها. وشاهده واضح من الشرح.

البيت في معجم الشواهد (ص 293) وشرح التسهيل لابن مالك (1/ 260).

(2)

البيت من بحر الطويل سبق الاستشهاد به في آخر باب الموصول من هذا التحقيق.

وشاهده هنا: تعلق الجار والمجرور بمحذوف سابق دل عليه مذكور لاحق في قوله:

أبعلي هذا بالرحى المتقاعس.

ص: 834

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

كثيرة، ولا نظير لما وجّه به أبو عليّ، فلذلك لم أقل بقوله» انتهى (1).

واعلم أن اللام في الحال وفي التمييز قد لا يعدها زائدة من أجاز تعريفهما، ولكن مذهب من أجاز التعريف فيهما غير مأخوذ فلا يعول عليه (2).

وأشار المصنف بقوله: وربّما زيدت فلزمت - إلى نحو: اليسع والآن والذي.

واعلم أن للنحاة في نحو: ما يحسن بالرجل خير منك قولين:

- أحدهما: أن نحو خير منك نعت لما قبله على نية الألف واللام، وهو قول الخليل.

قال سيبويه (3) - في باب مجرى نعت المعرفة عليها -: «ومن النّعت:

ما يحسن بالرّجل مثلك أو خير منك أن يفعل ذلك. وزعم الخليل أنّه إنّما جرّ هذا على نية الألف واللّام، ولكنّه موضع لا تدخله الألف واللّام، كما كان الجمّاء الغفير منصوبا على نيّة إلقاء الألف واللّام نحو طرّا وقاطبة».

قال المصنف: «فحكم الخليل في المقرون بالألف واللّام المتبع بمثلك وخير منك بتعريف المنعوت والنّعت» .

- القول الثاني: أن الاسم المتبع بخير منك أو مثلك نكرة، وأن الألف واللام فيه زائدة على نية الطرح، وهو قول الأخفش (4)، قال المصنف:«وعندي أن أسهل مما ذهبا إليه الحكم بالبدليّة، وتقرير المتبوع والتابع على ظاهرهما» انتهى (5).

وهو تخريج حسن سهل كما قال، وليس فيه إلا أن كون البدل مشتقّا ضعيف.

وكأن المصنف رأى أن القول به مع كون البدل في المشتقات ضعيفا أولى من القول بزيادة الألف واللام، ومن إجراء النكرة نعتا على المعرفة.

وأما كون أل تقوم مقام الضمير: فذلك نحو: مررت برجل حسن الوجه بتنوين حسن ورفع [1/ 291] الوجه على معنى حسن وجهه، فالألف واللام عوضا عن الضمير.

قال المصنف - بعد ذكر هذه الصورة - (6): «وبهذا التعويض قال الكوفيون وبعض -

(1) شرح التسهيل (1/ 261).

(2)

جوز يونس والبغداديون تعريف الحال نحو جاء زيد الراكب قياسا على الخبر، وعلى ما سمع من نحو: أرسلها العراك، وجوز الكوفيون وابن الطراوة تعريف التمييز، واحتجوا بقول الشاعر: وطبت النّفس يا قيس عن عمرو (الهمع: 1/ 252).

(3)

انظر نصه في: الكتاب (2/ 13).

(4)

التذييل والتكميل (3/ 239) والهمع (1/ 81).

(5)

،

(6)

شرح التسهيل (1/ 261).

ص: 835

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

البصريين، وإن كان بعض المتأخرين قد عد هذه المسألة من مسائل الخلاف بين الكوفيين والبصريين (1). وأنكر ذلك ابن خروف، وقال: لا ينبغي أن يجعل بينهما خلاف؛ لأن سيبويه قد جعل الألف واللام عوضا من الضمير في قوله في باب البدل (2):

«ضرب زيد الظّهر والبطن» وهو يريد: ظهره وبطنه ولم يقل الظهر منه ولا البطن منه.

ثم قال المصنف: «لما كان حرف التعريف مغنيا بإجماع (3) عن الضمير في نحو: مررت برجل فأكرمت الرجل جاز أن يغني عنه في غير ذلك لاستوائهما في تعيين الأول، ولذلك لم يختلف في جواز نحو: مررت برجل حسن وجه أبيه.

واختلف في جواز نحو: مررت برجل حسن وجه أب؛ إذ ليس فيه ضمير ولا حرف تعريف، والمنع به أولى، وهو مذهب سيبويه (4).

ومن ورود الألف واللام عوضا من الضمير قوله تعالى: فَأَمَّا مَنْ طَغى (37) وَآثَرَ الْحَياةَ الدُّنْيا (38) فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوى (39) وَأَمَّا مَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوى (40) فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوى (5). ذكر ذلك الأستاذ أبو الحسن بن خروف وعزاه إلى جماعة من أئمة النحو (6)، وعلى ذلك يحمل قوله تعالى: جَنَّاتِ عَدْنٍ مُفَتَّحَةً لَهُمُ الْأَبْوابُ. (7).

وزعم أبو علي والزمخشري أن الأبواب بدل من ضمير مستكن في مفتحة (8)، -

(1) لم يذكر الأنباري (577 هـ) هذه المسألة في كتابه المشهور: الإنصاف في مسائل الخلاف.

(2)

انظر نصه في: الكتاب (1/ 158).

(3)

في نسخة (ب): بإجماع مغنيا.

(4)

الكتاب (1/ 199).

(5)

سورة النازعات: 37 - 41.

(6)

انظر: شرح التسهيل (1/ 262).

(7)

سورةص: 50.

(8)

قال الزمخشري: «جنّات منصوبة على أنها عطف بيان لحسن مآب. ومفتّحة: حال، والعامل فيها: ما في (للمتقين) من معنى الفعل، وفي مفتحة ضمير الجنات.

والأبواب: بدل من الضمير تقديره: مفتحة هي الأبواب، كقولهم: ضرب زيد اليد والرجل وهو من بدل الاشتمال، وقرئ:(جنات عدن مفتحة) بالرفع على أن جنات عدن مبتدأ ومفتحة خبره، أو كلاهما خبر مبتدأ محذوف، أي هو جنات عدن هي مفتّحة لهم» (انظر الكشاف للزمخشري:(3/ 378)، طبعة مصطفى البابي الحلبي سنة 1972 م).

وقال أبو علي الفارسي: إن الفراء ذهب إلى أن الأبواب ترتفع بمفتحة والألف واللام خلف من الإضافة، ثم قال: وتأول ارتفاعها من هذه الجهة خطأ. فإن قلت: بما ترفع؟ فإن ارتفاعها عندي من جهتين:

إحداهما أن تكون بدلا من المضمر في «مفتحة» كأنه على فتحت الجنّة أبوابها، فأبدلت الأبواب من الجنات؛ لأنها منها وبعضها كما تقول: ضرب زيد رأسه، والأخرى أن يكون الأبواب مرتفعة بمفتحة -

ص: 836

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وهذا تكلف يوجب أن يكون الأبواب مرتفعا بمفتحة المذكورة على القول بأن العامل في البدل والمبدل منه واحد، أو بمثله مقدرا على القول بأن العامل في البدل غير العامل في المبدل منه. وعلى كل حال قد صح أن مفتحة صالح للعمل في الأبواب، فلا حاجة إلى تكلف إبدال. وأيضا فالحاجة إلى الضمير في بدل البعض كالحاجة في السببي المرفوع لما جرى على ما هو من سببه، فقد قامت الألف واللام مقام الضمير على كل تقدير.

قال ابن خروف: وحمل أبو علي وغيره من المتأخرين هذا المرفوع على البدل من ضمير في الصفة، ولا يطرد لهم ذلك في مثل: مررت برجل كريم الأب، وحسن وجه الأخ، لا سبيل إلى البدل في هذا وأمثاله؛ فإذا امتنع البدل فالباب كله على ما ذهب إليه الأئمة.

فقد تضمن كلام ابن خروف رحمه الله تعالى أن الحكم على المرفوع المشار إليه بغير البدل هو مذهب الأئمة. وكفى بنقله شاهدا». انتهى كلامه (1).

وفيه مناقشتان:

الأولى: للشيخ: وهي أنه قال (2): «هذه غفلة من المصنف يعني في قوله: إن حرف التعريف أغنى عن الضمير في

نحو: مررت برجل فأكرمت الرجل، قال:

فإن أل لم تغن عن الضمير في: فأكرمت الرجل، بل أل وما دخلت عليه هي التي أغنت عن الضمير وقامت مقامه، وهذا بخلاف [1/ 292] مررت برجل حسن الوجه؛ فإن أل وحدها قامت مقام الضمير» انتهى وهذه مناقشة صحيحة.

الثانية: قوله في بحثه مع أبي علي والزمخشري: فلا حاجة إلى تكلف إبدال؛ فإنّ لقائل أن يقول: الموجب لأبي علي والزمخشري في القول بالبدلية - هو أنهما لا يريان إقامة أداة التعريف مقام الضمير لا أن مفتحة لا يصح عملها في الأبواب.

وإذا كان كذلك فلا يتجه ما ذكره المصنف من أنه قد صح أن مفتحة صالح -

- على نية ضمير راجع إلى الجنات محذوف كأنه في التقدير: «إن للمتقين جنّات عدن مفتحة لهم الأبواب فيها» ، والتأنيث على هذا في مفتحة للأبواب دون الجنات.

انظر البغداديات لأبي علي (ص 41). وانظر المسألة بالتفصيل أيضا في كتابه الإغفال (1/ 1195).

(1)

شرح التسهيل (1/ 263).

(2)

التذييل والتكميل (3/ 240).

ص: 837

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

للعمل في الأبواب؛ لأنهما لا يمنعان الصلاحية، وإنما منعا ذلك للخلو من الضمير.

ثم قال المصنف - بعد كلامه الذي تقدم نقله -: وقد منع التعويض بعض المتأخرين، وقال: لو كان حرف التعريف عوضا عن الضمير لم يجتمعا، إذ اجتماع العوض والمعوض عنه ممتنع. وقد اجتمعا في قول طرفة:

529 -

رحيب قطاب الجيب منها رقيقة

بجسّ النّدامى بضّة المتجرّد (1)

والجواب من وجهين:

أحدهما: أن نقول (2): لا نسلم أن حرف التعريف الذي في البيت عوض، بل جيء به لمجرد التعريف، فجمع بينه وبين الضمير؛ إذ لا محذور في ذلك، ونظير هذا أن التاء في وجهة لمجرد التأنيث بخلاف تاء جهة (3).

الثاني: أن نقول: سلمنا كون حرف التعريف الذي في البيت عوضا إلا أنه جمع بينه وبين ما هو عوض منه اضطرارا كما جمع الراجز بين ياء النداء والمعوض عنه في قوله:

530 -

إنّي إذا ما حدث ألمّا

أقول يا اللهمّ يا اللهمّا (4)

-

(1) البيت من بحر الطويل من معلقة طرفة المشهورة، وفيه يصف قينة كانت تغنيهم وتسقيهم الخمر، يقول من بيت سابق:

نداماي بيض كالنّجوم وقينة

تروح علينا بين برد ومجسد

رحيب قطاب الجيب

الشاهد وبعده:

إذا نحن قلنا اسمعينا انبرت لنا

على رسلها مطروفة لم تشدّد

ديوان طرفة (ص 181).

اللغة: البرد: ثوب موشى. المجسد: ثوب كصبوغ بالزعفران. رحيب: واسع. قطاب الجيب:

مخرج الرأس من الثوب. بضة المتجرد: ناعم ما يعرى من لحمها وبدنها.

وطرفة يصف قينته بأفحش الأوصاف على عادته وعادة أمثاله من شعراء الجاهلية.

والشاهد فيه: اجتماع العوض وهو الألف واللام في الجيب، والمعوض عنه وهو الضمير في منها، وهو قبيح؛ إذ يقبح أن تقول: زيد حسن العين منه، وقد أجيب عنه بما ذكر في الشرح.

والبيت في شرح التسهيل (1/ 263). ومعجم الشواهد (ص 113).

(2)

في نسخة (ب): أن يقال.

(3)

أي فإنها عوض من الواو التي هي فاء الكلمة فإن أصلها وجه.

(4)

البيتان من الرجز المشطور قالهما أمية بن أبي الصلت عند موته. وكان يقولهما أبو خراش وهو يسعى -

ص: 838

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

ومما يقوي كون حرف التعريف عوضا قول الشاعر في صفة صقر:

531 -

يأوي إلى فئة صلفاء رائشة

حجن المخالب لا يغتاله السّبع (1)

أراد: حجن مخالبه، ولولا ذلك لقال: أحجن المخالب كما يقال: رجل أحمر الثياب.

وأنشد الكوفيون:

532 -

أيا ليلة خرس الدّجاج سهرتها

ببغدان ما كادت إلى الصّبح تنجلي (2)

أراد خرسا دجاجها، ولولا ذلك لقال: خرساء الدجاج كما يقال: امرأة حمراء الثياب. وإذا صح التعويض فلا يقاس عليه إلا ما سمع له نظير ولا يقدح في صحته عدم استعماله في صلة وغيرها على سبيل الاطراد، كما لا يقدح في

كون تنوين حينئذ عوضا من الإضافة امتناع ذلك في إذا وغيرها من الملازمات، للإضافة لكن شرط التعويض المشار إليه أن يكون فيما يستقبح خلوه من الضمير، والألف واللام -

- فظن أنهما له، وقد تمثل بهما النبي عليه الصلاة والسلام، وصارا من جملة الأحاديث. انظر ذلك في:

خزانة الأدب (2/ 295).

اللغة: حدث: ما يحدث من أمور الدهر. ألمّا: قرب ونزل. أقول يا اللهمّ يا اللهمّا: أي: يا إلهي ارفعه واغفر لي.

وشاهده: اجتماع العوض وهو الميم المشددة والمعوض عنه وهو ياء النداء ضرورة. والبيت في معجم الشواهد (ص 531) وشرح التسهيل (1/ 264).

(1)

البيت من بحر البسيط لم أقف على قائله من مراجعه القليلة.

اللغة: صلفاء رائشة: قوية صلبة. حجن المخالب: معوجها، وهو حال من ضمير يأوي.

وهو يصف صقرا بقوته، وأنه يذهب إلى جماعة الصقور القوية، ولا يخشى أذى من صائد أو حيوان آخر أقوى منه.

وشاهده: أنه عوض أل عن ضمير الصقر، وأصله: حجن مخالبه، ولولا ذلك لقال: أحجن المخالب؛ لأنه يصف صقرا واحدا. والبيت ليس في معجم الشواهد، وهو في شرح التسهيل (1/ 264).

(2)

البيت من بحر الطويل في لسان العرب (بغدن: 1/ 318).

أنشده الكسائي وفيه طويلة مكان سهرتها، وعن الصبح مكان إلى الصبح.

واستشهد ابن عصفور بالبيت في المقرب (1/ 149) في موضع إيقاع الصفة للموصوف في واحد من التذكير والتأنيث، ثم قال: وأما قوله: أيا ليلة خرس الدّجاج، فخرس مفرد مخفف من خرس، يقال:

ليلة خرس: إذا لم يسمع فيها صوت، وليس بجمع.

والبيت في معجم الشواهد (ص 306) وشرح التسهيل: (1/ 267).

والشاعر يصف ليلة طويلة صامتة ظل ساهرا فيها حتى الصباح.

ص: 839