الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
متبرجة، فهل نقول: بأن صومها بَطُلَ بسبب هذه المعصية، أو بسبب تلك المعاصي؟ نقول: الإفطار المادي لا، أما الإفطار المعنوي فبلى، وعليكم إذاً: أن تلاحظوا الإفطار بالمعنى الشرعي العام، وليس بالمعنى الفقهي الخاص، وهذا آخر الجواب.
مداخلة: التعليق على نفس ما تفضلتم به، وذلك لمن يحتج بحديث:«يَدَع طعامه وشهوته من أجلي» دليلاً على بطلان الصوم.
الشيخ: هذا خطأ شائع، صح أن الرسول عليه السلام قال في حديث معروف «إن الله عز وجل هو الذي يتولى جزاء الصائم بنفسه» لماذا؟ قال: يَدَع شهوتَه وطعامه من أجلي، شهوته هنا لا يجوز تفسيرها بالمعنى الشامل المطلق الذي يشمل ولو كانت شهوة مباحة -مثلاً- أنا طيبني آنفاً بعضهم وطُيبت في النهار وأنا صائم، هذه رائحة طيبة هي شهوة لكنها شهوة مباحة ليست مُحَرّمة، إذا مررت ببعض الطرق في مثل [الشونة] مثلاً مزروعة بالحمضيات التي نورها ريحها يعبئ الطريق وإلى آخره فشممتها، هذه شهوة، قَبَّلتَ زوجتك كما قلنا آنفاً، ولا نريد أن نُعَمِّق أكثر من ذلك، كل هذه شهوة، هذه لا تدخل في عموم الحديث وإنما هو يعني يَدَع شهوته المُحَرَّمة، المحرمة هنا فسروها ليس بالمفطرة تفطيراً مادياً، فسروها بالتفطير العام الذي يشمل كل المُحَرَّمات.
إذاً: يَدَع شهوته المحرمة، أما توسيع هذه الدائرة بحيث يشمل الشهوات المباحة، فهذا لا يقول به عالم.
(الهدى والنور / 693/ 55: 47: 00)
(الهدى والنور / 694/ 40: 00: 00)
(الهدى والنور / 694/ 05: 03: 00)
الاستنماء لا يبطل الصيام
[قال الإمام في تعقباته على الشيخ سيد سابق رحمه الله في فقه السنة]:
ومن ما يبطل الصيام
قلت: لا دليل على الإبطال بذلك وإلحاقه بالجماع غير ظاهر ولذلك قال الصنعاني: «الأظهر أنه لا قضاء ولا كفارة إلا على من جامع وإلحاق غير المجامع به بعيد» .
وإليه مال الشوكاني وهو مذهب ابن حزم فانظر «المحلى: 6/ 175 - 177 و 205» .
ومما يرشدك إلى أن قياس الاستمناء على الجماع قياس مع الفارق أن بعض الذين قالوا به في الإفطار لم يقولوا به في الكفارة قالوا: «لأن الجماع أغلظ والأصل عدم الكفارة» .
انظر «المهذب» مع «شرحه» للنووي 6/ 368.
فكذلك نقول نحن: الأصل عدم الأفطار والجماع أغلظ من الاستمناء
فلا يقاس عليه. فتأمل.
وقال الرافعي 6/ 396: «المني إن خرج بالاستمناء أفطر لأن الإيلاج من غير إنزال مبطل فالإنزال بنوع شهوة أولى أن يكون مفطرا» .
قلت: لو كان هذا صحيحا لكان إيجاب الكفارة في الاستمناء أولى من إيجابها على الإيلاج بدون إنزال وهم لا يقولون أيضا بذلك. فتأمل تناقض القياسيين!
أضف إلى ذلك مخالفتهم لبعض الآثار الثابتة عن السلف في أن المباشرة بغير جماع لا تفطر ولو أنزل وقد ذكرت بعضها في «سلسلة الأحاديث الصحيحة» تحت الأحاديث 219 - 221 ومنها قول عائشة رضي الله عنها لمن سألها: ما يحل للرجل من امرأته صائما؟ قالت:
«كل شيء إلا الجماع» . أخرجه عبد الرزاق في «مصنفه» 4/ 190 / 8439 بسند صحيح كما قال الحافظ في «الفتح» واحتج به ابن حزم. وراجع سائرها هناك.
وترجم ابن خزيمة رحمه الله لبعض الأحاديث المشار إليها بقوله في «صحيحه»
2/ 243: «باب الرخصة في المباشرة التي هي دون الجماع للصائم والدليل على أن اسم الواحد قد يقع عل فعلين: أحدهما مباح والآخر محظور إذ اسم المباشرة قد أوقعه الله في نص كتابه على الجماع ودل الكتاب على أن الجماع في الصوم محظور قال المصطفى صلى الله عليه وسلم: «إن الجماع يفطر الصائم» والنبي المصطفى صلى الله عليه وسلم قد دل بفعله على أن المباشرة التي هي دون الجماع مباحة في الصوم غير مكروهة».
وإن مما ينبغي التنبيه عليه هنا أمرين:
الأول: أن كون الإنزال بغير جماع لا يفطر شيء ومباشرة الصائم شيء آخر ذلك أننا لا ننصح الصائم وبخاصة إذا كان قوي الشهوة أن يباشر وهو صائم خشية أن يقع في المحظور الجماع وهذا سدا للذريعة المستفادة من عديد من أدلة الشريعة منها قوله صلى الله عليه وسلم: «ومن حام حول الحمى أوشك أن يقع فيه» وكأن السيدة عائشة رضي الله عنها أشارت إلى ذلك بقولها حين روت مباشرة النبي صلى الله عليه وسلم وهو صائم: «وأيكم يملك إربه؟ » .
والأمر الآخر: أن المؤلف لما ذكر الاستمناء باليد فلا يجوز لأحد أن ينسب إليه أنه مباح عنده لأنه إنما ذكره لبيان أنه مبطل للصوم عنده.
وأما حكم الاستمناء نفسه فلبيانه مجال آخر وهو قد فصل القول فيه في «كتاب النكاح» وحكى أقوال العلماء واختلافهم فيه وإن كان القارئ لا يخرج مما ذكره هناك برأي واضح للمؤلف كما هو الغالب من عادته فيما اختلف فيه.
وأما نحن فنرى أن الحق مع الذين حرموه مستدلين بقوله تعالى: {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ، إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ، فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ} .
ولا نقول بجوازه لمن خاف الوقوع في الزنا إلا إذا استعمل الطب النبوي وهو قوله صلى الله عليه وسلم للشباب في الحديث المعروف الآمر لهم بالزواج: «فمن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء» .