الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
في الضعف فكيف إذا كان الحديث صحيح الإسناد وكان له شاهد من القرآن الكريم فضلا عن السنة المطهرة.
فإنه والحالة هذه لا يشك من له أدنى إلمام بهذا العلم في صحة الحديث ولو كان ضعيف الإسناد فكيف إذا كان صحيح الإسناد لذاته فلا ريب أنه بذلك يزداد قوة على قوة، وحديثنا هذا من هذا القبيل، فإنه صحيح الإسناد كما أثبتنا ذلك بتحكيم قواعد هذا العلم عليه مع الاستئناس بأقوال العلماء الذين سبق ذكرهم ممن صححوه وله شاهد من القرآن الكريم والسنة.
أما القرآن فهو قول الله تبارك وتعالى: {وَمَنْ كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} فإن قوله: {عَلَى سَفَرٍ} يشمل من تأهب للسفر ولما يخرج، وقد صرح الإمام القرطبي في تفسيره «الجامع لأحكام القرآن» كما سيأتي أن ذلك مقتضى الآية وهذا واضح لا شك فيه عند المنصفين العارفين إن شاء الله تبارك وتعالى.
[تصحيح حديث إفطار الصائم ص 36 - 37]
شاهد للحديث من السنة
أما الشاهد من السنة فهو ما أخرجه أحمد «6/ 398» من طريق منصور الكلبي عن دحية بن خليفة رضي الله عنه أنه خرج من قريته إلى قريب من قرية عقبة في رمضان ثم إنه أفطر وأفطر معه ناس وكره آخرون أن يفطروا، قال: فلما رجع إلى قريته قال: والله لقد رأيت اليوم أمرا ما كنت أظن أن أراه إن قوما رغبوا عن هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه يقول ذلك للذين صاموا ثم قال عند ذلك: «اللهم اقبضني إليك» .
وأخرجه أبو داود «رقم 2413» .
قلت: ورجال إسناده ثقات محتج بهم في الصحيحين غير منصور هذا فقال فيه العجلي في «كتاب الثقات» : «مصري تابعي ثقة» ووثقه ابن حبان أيضا فأورده في
«الثقات» «1/ 124» لكن قال فيه ابن المديني وغيره: «مجهول» وهذا هو الراجح عندي: أنه مجهول وهو معنى قول الحافظ فيه: «مستور» ولكن ذلك لا يمنع عندنا ولا عند الشيخ من الاستشهاد بحديثه لأن ذلك هو الذي تقرر في «المصطلح» .
وإليك ما قاله الشيخ الحبشي نفسه في نحو هذه المناسبة قال في «التعقب» «ص 5» : «فالجهالة من القسم الذي إذا تابع صاحبه غيره ممن هو مثله أو فوقه انجبر ضعفه وصار حديثه مقبولا حسنا» .
وعليه فالحديث مقبول عند الشيخ أو يلزم أن يكون مقبولا عنده لأنه جاء من طريق أخرى وهي طريق أنس هذا لو سلم له أنها ضعيفة فكيف وهي صحيحة على ما سبق تحقيقه؟ .
بل إن الشيخ يلزمه أن يقول بصحة إسناد الحديث لذاته إذا أراد أن لا يكون متناقضا في تطبيق النهج الذي سلكه في تصحيح بعض الأحاديث في رسالته المشار إليها ذلك لأن الحديث ليس فيهم من يشك في عدالته غير منصور الكلبي وقد وثقه ابن حبان كما سبق وتوثيقه عند الشيخ معتبر فقد وثق في رسالته «ص 19 و 23» خزيمة وكنانة المجهولين بناء على توثيق ابن حبان إياهما وقال «ص 23 و 26» في الجواب عن تجهيلنا إياهما تبعا للحافظ الذهبي:
«إن جهالة الحال وجهالة العين ترتفع بتوثيق حافظ من أئمة الجرح وقد وثقهما ابن حبان» .
وإذ الأمر كذلك عند الشيخ فيلزمه القول بعدالة منصور هذا وحينئذ فالحديث صحيح عنده لا علة فيه وهذا أمر لازم لازم لا مفر للشيخ منه ولا يستطيع أن يماري فيه إن كان طالبا للحق منصفا كما آمل.
ثم إن دلالة الحديث على ما دل عليه حديث أنس من جواز الإفطار المختلف فيه واضح كل الوضوح فإن قوله: «ثم إنه أفطر وأفطر معه ناس» صريح أو كالصريح في أنهم خرجوا من القرية صائمين ثم أفطروا فلا يرد عليه ما أورده الشيخ على حديث أبي بصرة من عدم دلالته على المطلوب في زعمه.