الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
زكاة الدَّين
المداخلة: [الديون التي يشك صاحب المال في عودتها له هل يزكي عليها؟ ]
الشيخ: جميل، الفقهاء قسموا الدين إلى قسمين وعبروا عنه بتعبير، أحدهما دين حي والآخر ميت، يقصدون بالقسم الأول: بقضية الحي يعني الدين الذي يُرْجَى أن يعود إلى صاحبه، والدين الميت الذي رفعوا ونفضوا أيديهم منه، إما أنه المدين استعصى صراحة، أو أفلس، أو أي شئ يجعل الدائن ييأس من ذاك الدين.
القسم الأول يجب أن يعتبر وكأنه في حوزته، القسم الأول هو الذي يجب أن يحسب حسابه وأن يعتبره كأنه في جيبه.
جاء في تضاعيف كلامه: دين لا يمكن اعتباره لا حيا ولا ميتا، مشكوك فيه، هذا يعالج بالقاعدة الشرعية -أيضا- وهو: غلبة الظن، لا بد أنه يميل إلى القسم الأول اللي هو الحي، أو القسم الآخر وهو الميت، فلأيّ جهة تَرجَّح الظن يُلحق به وتزول المشكلة.
(الهدى والنور /17/ 14: 2.: 1.)
(الهدى والنور /18/ 28: .. : .. ) بتصرف يسير
زكاة الدَّين
السائل: الدين عليه زكاة بالنسبة للدائن أم لا؟
الشيخ: الجواب: الدين عند الفقهاء له صورتان، وهذه الصورتان واقعيتان فعلاً، وهذا من دِقَّة علم الفقه، يُسمِّى أحدهما بدين حي، والآخر دين ميت، وأظن واضح المقصود بكلامهم.
الدين الحي: هو هذا الدَّين الذين أقرضته الإنسان، وهو غير مستعصي بالوفاء، يعني: أنت ما يئست من وفائه.
أما الدين الميت: هو الذي يئست من الوصول إليه بطريق من الطرق، فإذا كان الدين من النوع الأول.
إذا كان الدَّين من القسم الأول، أي دَيْناً حيًّا فيجب على الدائن أن يُخْرِج زكاته.
مداخلة: النوع الحي.
الشيخ: نعم. أما إذا كان ميّتاً، فلا يخرج عنه زكاة، إلا إذا أحياه الله، يعني: هذا الإنسان يئست من وفائه، فالله عز وجل ألهمه فأوفاك الدين بِدّك تطلع عنه عن كل السنين اللِّي كان هو مقصر فيها.
مداخلة: ويخرج اثنين ونصف في المائة.
الشيخ: نعم اثنين ونصف في المائة. نعم.
مداخلة: يا أستاذ عفواً، حول السؤال الذي سبق.
إذا كان مثلاً هذا الدين ألف دينار في يد المدين، حال عليه الحول، هل يُزَكِّيه مدين، وهو دين حي، ولكن اقتضت ظروف الذي استدان أن يبقى معه حولاً كاملاً، هل يزكي هو ويزكيه فيكون مزكٍّ مرتين.
الشيخ: أي نعم هو كذلك، وقد جاء هذا السؤال، متى البارحة، وإلا أول البارحة؟
مداخلة: أمس.
الشيخ: أول البارحة.
وتكلمنا مُفصلاً، نقول: المدين المفروض فيه هذا المال الذي استدانه من دائنه أن يقضي به حاجته، فإن لم يفعل لسبب أو آخر - كما يقال اليوم - وبقي المال عنده مكنوزاً، وحال عليه الحول فيجب على الدائن والمدين أن يخرجوا زكاته، أما بالنسبة
للدائن فواضح.
أما بالنسبة للمدين؛ لأنه صار كانزاً للمال وقد حال عليه الحول، ولذلك فيجب
عليه أن يُخرج الزكاة، ومن حِكْمَة ذلك أن لا يتورط المدين، فيحتفظ بالمال الذي استدانه فيُجْرِي عليه الزكاة وهو بحاجة إلى أن يصرفه في قضاء مصالحه.
فإذاً: في هذه الصورة: إذا حال الحول على المال المُدَيَّن عند المدين فلا بد من إخراج الزكاة.
مداخلة: الذي يداين في الحقيقة لا يملك المال، ليس في يديه هذا المال. هو مع المدين، فكيف يُزَكِّي مالاً هو في الحقيقة ليس في يديه.
الشيخ: جميل، لعلك تعرف يا أخانا بأن الرسول عليه السلام كان يقول:«قرض درهمين صدقة درهم» .
مداخلة: أعد يا شيخ.
الشيخ: «قرض درهمين صدقة درهم» بمعنى: الذي يقرض أخاه المسلم درهمين كما لو تَصَدَّق، خَرَّج من ملكه بدرهم، هذا فيه حض بالغ للمسلمين أن يُعينوا إخوانهم بإدانتهم؛ لأنه إذا الربح بالغ، واحد أقرض إنساناً مائتي دينار، كأنه تصدق بمائة دينار.
هنا ننتقل إلى مسألة: ابتُلي بها المسلمون أيضاً، انظر الفرصة التي أوجدها الله عز وجل لأغنياء المسلمين، كم كانوا أغنياء بالأجور والثواب عند رب العالمين فيما لو أبطلوا بيع التقسيط، وباعوا بيع التقسيط بثمن النقد، فواحد يقرض أخيه المسلم أربعة آلاف دينار ثمن سيارة كما لو تصدق بألفين.
فإذاً قصدي من هذا الحديث، أن أُذَكِّر الأخ السائل بأن هذا الدائن لم يخسر حينما خرج المال من حوزته مؤقتاً، بل هذا ربح، ربحين، أولاً: الربح المادي الذي سيعود إليه، وثانياً الربح المعنوي الذي تحقق له مجرد أن خرج عن هذا المال الذي أدانه لأخيه المسلم.
مداخلة: سؤال يا شيخ!
الشيخ: نعم.
مداخلة: فيما أعلم، يعني: حسب علمي، أنه لا يوجد نص صريح بأمر من الله أو رسول الله في فرض الزكاة على من داين ديناً، نص صريح من داين.
الشيخ: لا، لا يوجد نص صريح ..
مداخلة: فَلِمَ لا تكون هذه المسالة، «وسكت لكم عن أشياء رحمةً بكم» .
الشيخ: ما هو ذكرنا لك الجواب، أنه هذا ما خَسِر، هذا ربح، يعني: الآن يعود السؤال بطريقة أخرى.
ما هو الأربح لهذا المسلم، أن يظل الدين عنده، وإلا عند أخيه المسلم؟
مداخلة: عند أخيه المسلم
…
الشيخ: بلا شك أن هذا الإنسان الذي أقرض أخاه المسلم مائتي دينار، هذا أربح له دينا ودنيا، لذلك فَرَّقنا بين الدين الحي والدين الميت، أو إذا مات دينه خسر المادة لكن الربح غيره، الربح الأخروي، لكن إذا عاد إليه المال فقد ربح مرتين، الربح العاجل والربح الآجل، ولذلك صح هذا الذي نُلْفِت النظر إليه أخيراً، أن يكون الجواب أربح له أن يدين صاحبه، حينئذ يكون هنا قياس أولوي كقوله تعالى: و {لا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ} [الإسراء: 23]، فإذا ضربها بكف كان ذلك منهياً عنه من باب أولى، فإذا كان هذا الإنسان أربح له أن يخرج من هذا المال مؤقتاً، فلماذا لا يخرج زكاته، وإذا أخرج زكاته جاءه ربح ثالث.
مداخلة: جزاك الله خيرًا!
الشيخ: وإياك يا أخي.
(الهدى والنور / 176/ 01: 17: 00)