الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الاختلاف في شرطية المسجد للاعتكاف
[قال رسول الله صلى الله عليه وسلم]: «لا اعتكاف إلا في المساجد الثلاثة» .
[قال الإمام]: واعلم أن العلماء اختلفوا في شرطية المسجد للاعتكاف وصفته .. وليس في ذلك ما يصح الاحتجاج به سوى قوله تعالى: {وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} وهذا الحديث الصحيح، والآية عامة، والحديث خاص، ومقتضى الأصول أن يحمل العام على الخاص، وعليه فالحديث مخصص للآية ومبين لها، وعليه يدل كلام حذيفة وحديثه، والآثار في ذلك مختلفة أيضا، فالأولى الأخذ بما وافق الحديث منها كقول سعيد بن المسيب: لا اعتكاف إلا في مسجد نبي. أخرجه ابن أبي شيبة وابن حزم بسند صحيح عنه. ثم رأيت الذهبي قد روى الحديث في «سير أعلام النبلاء» «15/ 80» من طريق محمود بن آدم المروزي: حدثنا سفيان به مرفوعا، وقال:«صحيح غريب عال» . وعلق عليه الشيخ شعيب بعد ما عزاه للبيهقي وسعيد بن منصور بقوله: «وقد انفرد حذيفة بتخصيص الاعتكاف في المساجد الثلاثة» ! وهذا يبطله قول ابن المسيب المذكور، فتنبه. على أن قوله هذا يوهم أن الحديث موقوف على حذيفة، وليس كذلك كما سبق تحقيقه، فلا تغتر بمن لا غيرة له على حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يخالف، والله عز وجل يقول:«فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم» .
السلسلة الصحيحة (6/ 1/ 670).
حكم الاعتكاف وفي أي مسجد يكون
؟
مداخلة: حكم الاعتكاف هل هو واجب أم مستحب؟
الشيخ: ماذا؟
مداخلة: حكم الاعتكاف.
الشيخ: الاعتكاف؟
مداخلة: نعم، في شهر رمضان هل هو واجب أم مستحب؟ وفي أي مسجد يجب؟
الشيخ: لا يجب إلا إذا نَذَره الناذر، أما هو فليس بالواجب إنما هو سنة، هو بصورة عامة أمر مستحب، لكنه يتأكد هذا الأمر المستحب في رمضان فيسن، لكن لا يسن الاعتكاف إلا في المساجد الثلاثة، كما لا يسن شد الرحل والسفر إلى مسجد من مساجد الدنيا، إلا إلى ثلاثة مساجد، كذلك الحكم في الاعتكاف، لقوله عليه السلام:«لا اعتكاف إلا في المساجد الثلاثة» كما قال: «إنما تُشَد الرحال، أو لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد» وذكرها، وهي معروفة والحمد لله.
مداخلة: هل له علاقة مع حديث النبي صلى الله عليه وسلم: «لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد» معنى الحديث؟
الشيخ: أيش حديث الرسول؟
مداخلة: «لا تُشَد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، ومسجدي هذا» ؟
الشيخ: العلاقة ليست مباشرة بهذا الحديث، ولكن هناك حديث صريح في الموضوع وهو: قوله عليه الصلاة والسلام: «لا اعتكاف إلا في المساجد الثلاثة» .
حينئذٍ نحن نقول: صَحَّ فيما يتعلق بالمساجد الثلاثة حديثان اثنان: أحدهما: الذي ذكرتَه وسألتَ ما علاقة الاعتكاف به، وهو قوله عليه السلام:«لا تُشَدّ الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد» .
والحديث الآخر: «لا اعتكاف إلا في ثلاثة مساجد» .
فنقول حينئذٍ: كما أنه: «لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد» .
كذلك: «لا اعتكاف إلا في هذه المساجد الثلاثة» .
مداخلة: الاعتكاف في غير المساجد الثلاثة بدعة؟
الشيخ: من بلغته الحجة فهو كذلك، أما من لم تَبْلغه الحجة وكان عنده شبهة في
مثل عموم مثلاً: {وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} [البقرة: 187].
فيَفْهم المساجد بمعنى الاستغراق والشمول، فحينئذٍ هذا يكون معذوراً، ولكن بعد أن تبلغه السنة الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فما ينبغي أن يقف عند الآية، لا، يستعين على فهمها بالسنة الصحيحة.
وهنا لابد لي من التذكير بأن عموم هذه الآية لا يأخذ بها جماهير علماء المسلمين المعروفين بالعلم والفقه في الدين أعني: {وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} [البقرة: 187] هنا: أل للتعريف في اللغة إما أن يكون للعموم والاستغراق والشمول، وإما أن يكون للعهد.
على المعنى الأول يكون المعنى: في كل مسجد، وهذا حينئذٍ يشمل أي مسجدٍ كان، ولو مسجدٍ صغير بجانب بيتك، بل مسجد صغير في بيتك خَصَّصتَه لأداء الصلاة أنت وزوجك وولدك إلى آخره، هذا يصبح مسجد، فهل يصح الاعتكاف فيه؟ إذا أخذنا الآية على المعنى الأول: العموم والشمول جاء الجواب بأنه يجوز؛ لأن الآية تشملها.
أما إذا فهمنا أل للتعريف في المساجد، هي للعهد أي: المعروف في الأذهان شرعاً.
حينئذٍ نقول: ما هي هذه المساجد التي يُشرَع فيها الاعتكاف، ما دام قلنا في مساجد لا يُشرع فيها الاعتكاف، وفي مساجد يُشْرع فيها الاعتكاف.
فجماهير العلماء معنا في هذا التفصيل المُجْمَل، الآن، أي: بعض المساجد يشرع فيها الاعتكاف وبعض المساجد لا يُشرع فيها الاعتكاف في خلاف طويل -مثلاً-: بعض العلماء يقولون: هناك مسجد جماعة أي: تُقَام فيه الصلوات الخمس، لكن لا تُقَام فيه صلاة الجمعة، فهذا لا يصح فيه الاعتكاف لماذا؟ لأنه سيضطر الرجل يخرج من هذا المسجد الذي اعتكف فيه إلى مسجد الجمعة من أجل يصلي الجمعة.
إذاً: هذا خير، فمعناه: أنه المساجد في الآية ليست على الاستغراق والشمول، حينئذٍ معناها: حينما اتفق جماهير العلماء على أن المساجد ليس للاستغراق والشمول