الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أنهم اتبعوا بلداً آخر في الخروج من الصيام لا يهم، إنما المهم أن يكون الشهر في صيامهم إما أن يكون ثلاثين يوماً، أو يكون على الأقل تسعاً وعشرين يوماً.
فالصحيح من أقوال العلماء: أن الخطاب لجميع الأمة، فإذا رُئِي الهلال في مكان ما، فعلى جميع الأمة أن يصوموا، هذا -طبعاً- إذا بلغهم الخبر، أما إذا ما بلغهم الخبر، فحينئذٍ يصومون برؤية بلدهم. هذا جواب سؤالك.
(الهدى والنور / 234/ 17: 01: 00)
اختلاف المطالع، والاختلاف على رؤية الهلال
مداخلة: يا شيخ ذكرت في العام الماضي في رمضان
…
هناك في الأمريكيتين اختلفنا على رؤية الهلال، واختلف المسلمون على ثلاثة ملل.
الشيخ: الله أكبر، لا تقل ملل، قل على ثلاثة آراء، نعم.
مداخلة: على ثلاثة آراء، فبعضهم قال: نصوم مع أهل السعودية كما كل عام، وبعضهم قال: نصوم مع أول من يرى الهلال، وكانت على ما أظن -والله أعلم- هي الجزائر والكويت، وبعضهم قال باختلاف المطالع، واستدل برأي فقهي بمجمع الفقهاء في أمريكا، وقالوا بالفتوى: رؤية الهلال فقط في أمريكا يختلف عن بلاد المسلمين في المشرق، فما رأيك بهذه المسألة، وعند الإجابة يتأتى عليها: ما حكم صلاة العيد إذا اختلفت المطالع؟
الشيخ: أظن السؤال الأخير هذا ليس دقيقًا، على كل حال سنأتي إليه.
رأيي من بين تلك الآراء الثلاثة، هو الذي يقول نصوم مع أول رؤية، وكان في سؤالك أن الذي وقع هناك أن الجزائر هي التي أثبتت الهلال قبل البلاد العربية الأخرى.
فحينئذٍ: نرى أن يصوم المسلمون في أيِّ بلد كانوا بأول خبر يأتيهم صحيحاً بثبوت هلال رمضان؛ لأن قوله عليه السلام: «صوموا لرؤيته، وأفطروا لرؤيته؛ فإن غُمّ عليكم فأتموا الشهر ثلاثين يوماً» .
خطاب للأمة كلها، ومعلوم بداهة أن الأمة كلها لا يمكن أن ترى الهلال، وإنما يراه عادةً منها فرد أو أكثر.
فإذاً: صوموا أيتها الأمة لرؤية واحد منكم أو أكثر، وهذا طبعاً اختلف العلماء، هل تثبت رؤية الهلال برؤية فرد واحد أم لا؟ هناك خلاف كثير.
ونحن نرى أن الأمر يعود إلى القاضي الشرعي الذي يحكم بما أنزل الله، ومن ذلك أنه إذا جاءه شاهد واقتنع بشهادته، أولاً: أنه رجل صالح وليس بفاسق، بذنب من الذنوب التي يُفْسُق بها المسلم، هذا أولاً، وثانياً: يثق بيقظته ونباهته؛ لأن هذه النقطة يجب أن يرعاها القاضي، ولا يكتفي بصلاح الشاهد، بل لا بد أن يدرس أيضاً يقظته ونباهته، وإلا فقد يكون شأن بعض الرائين أو الشهود للقمر، شأن ذاك الرجل الذي جاء إلى عمر يشهد بأنه رأى الهلال، قال: أين رأيته؟ قال: في المكان الفلاني، فذهب معه، وإذا هو لا يرى شيئاً، وإذا به عمر يؤكد في بصره، فيرى شعره من حاجبه قد نزلت على عينه، وإذا هو يتوهم الشعرة النازلة على عينه هي القمر.
نحن لا يهمنا القصة هل هي صحيحة أو غير صحيحة، إنما نأخذ منها عبرة، أن مثل هذا من الممكن أن يقع.
فلذلك: فالقاضي يجب أن يكون أولاً عالماً بالكتاب والسنة، وأن يكون بصيراً، فلا يقبل شهادة أيَّ إنسان لا دقة عنده في المشاهدة وفي النظر.
فإذا أثبت هذا القاضي الشرعي هلال رمضان في أيّ بلد من بلاد الإسلام، فعلى كل بلاد الإسلام أن يصوموا لهذه الرؤية، ولا يتفرقوا كما وقع عندكم هناك، لكن لا غرابة أن يقع هذا في أمريكا، هذا يقع في بلاد الإسلام، فوقع هنا، هنا بعضهم يصومون مع السعودية، وبعضهم يصومون مع الرؤية البلدية .. وهكذا.
لهذا: المشكلة أنه لا يوجد عند المسلمين توعية عامة، لا أعني بها أن يكون المسلم عالمًا بكل مسألة، هذا مستحيل؛ لأن هذه قضية اختصاص، لكن شيء يتكرر كل سنة، ويقع خلافات حوله كل سنة، لا بد أن يكون هناك وعي عام حول هذه القضية،
ويتعرف على الرأي الصحيح الذي يفتى به ويدعم بأدلة الكتاب والسنة.
فهذه المسألة من هذه المسائل التي يجب على عامة المسلمين، أن يكونوا على وعي منها، وهو هذا الحديث وعلى هذا التفسير:«صوموا لرؤيته» .
الآن: «صوموا لرؤيته» إما أن يكون خطاباً موجهاً للأمة كلها، وهذا هو الصحيح، وإما أن يكون غير ذلك، انظروا الآن كيف يكون البحث والتحرِّي.
الصواب: قلنا أنه خطاب للأمة كلها، «صوموا لرؤيته» ولو من فرد واحد بالشرط السابق.
لا، هذا ليس خطاباً لجميع الأمة، يقول الآخرون من أولئك الذين يقولون باختلاف المطالع.
الآن نقول لهم: ما هي المطالع؟ هل أنتم أولاً تريدون من المسلمين أن يكونوا دارسين الجغرافيا وعلم الفلك، حتى يكونوا على معرفة تامة باختلاف المطالع، هذا أولاً، سأقول من يَمِّهم ومن طرفهم، لا بد أن يكون في المسلمين علماء في كل ما ينفع المسلمين.
أقول لهم: نعم، لكن هل تحديد المطالع، يمكن تحديده تحديداً مادياً، تحديداً طبيعياً، بحيث أنه لا يمكن أن يقع خلاف بين نفس علماء الفلك أو الجغرافيا؟ لا يمكن هذه قضايا -باختصار قضايا- نسبية، القمر حينما يطلع عندنا مثلاً لِنَقُل في الزاوية الغربية الشمالية، واضح؟
افترض الآن هذا هو الغرب، وهذا هو الشرق، القمر مثل الشمس له مطالع مختلفة، نفترض أنه في شهر رمضان سيطلع القمر عندنا في هذه الزاوية الغربية الشرقية، ترى في سوريا من أي زاوية من الزاوية الغربية الشمالية، من هذه الزاوية، تُرى في سوريا من أيِّ جهة يطلع القمر؟
أنا أعتقد من نفس الجهة تماماً، لأن هذه المسافات التي نراها نحن بعيدة بالنسبة للأردن وسوريا، بالنسبة للكرة الأرضية تُطوى هذه المسافات، ولا يظهر هذا
الفرق، هل يوجد أحد منكم يَمُدُّ بِمَدَدِه، ويكون أعرف مني بعلم الجغرافيا والفلك يُخَطِّئُني فيما أقول، أو أن هذا الذي أقوله هو الصواب؟
مداخلة: صحيح يا شيخ، لأن سوريا والأردن تقع على خط الطول وخط العرض 23، لكن أمريكا تقع على خط طول
…
الشيخ: يعني ليس هناك اختلاف.
أنا أريد أن أُمَكِّن نفسي فيما أقول، خشية أن أكون مخطئ، وبعد ذلك ينهدم عليَّ كل ما بينته، لا، أمَكِّن حالي سلفاً، فالأردن مطلع وسوريا مطلع يعتبروه، ما اختلفت المطالع هنا وإنما اختلفت الدول.
فإذاً: القضية قضية سياسية، نرجع نقول مثلما قلت أنت، أمريكاً -طبعاً- تختلف عنا، لكن ما هو الدليل أنه فعلاً إذا اختلفت المطالع يختلف يوم الصيام؟ هذه نحن ننسفها نسفاً من أصلها، لكن نحن سلكنا السبيل الأول؛ لبيان أن هذه الستارة والواجهة أن اختلاف المطالع بالنسبة لبعض البلاد ليس صحيحاً إطلاقاً، وإنما اختلاف الدويلات هي التي جعلت نظام اختلاف المطالع مُبَرِّراً لاختلاف الدخول في الصيام، وليس الأمر كذلك أبداً.
لكن صحيح هناك فرق بأن أمريكا الشمالية وأمريكا الجنوبية، هناك فرق كبير جداً، لكن أين الدليل على أن العِلّة في عدم الصوم برؤية واحدة ومن بلد واحد، هذا لا يوجد الصيام إلا إذا اتحد المطلع، أما إذا اختلف فيجب الإفطار ولا يجوز الصيام.
ليس عندنا دليل على هذه الدعوى، لهذا يبقى قوله عليه السلام السابق الذكر:«صوموا لرؤيته» مُوَجَّه للأمة كلها، لا فرق بين من كان في القطب الشمالي، أو من كان في القطب الجنوبي، أو من كان في الشرق، أو من كان في الغرب؛ لا فرق فقط من حيث أنه ثبت هلال رمضان، لكن من حيث بدء الصيام سيختلف كاختلاف الليل والنهار، هذا واضح، لكن ثبوت الهلال ثبت حينما جاءنا هذا الخبر، وهذا من الحكمة بما كان لرفع الخلاف في شعيرة من شعائر الإسلام.
إذاً: أخذت جواب سؤالك، هل بقي شيء؟
مداخلة: يأتي الآن صلاة العيد.
الشيخ: صلاة العيد تابعة للجواب هذا.
مداخلة: لكن الذي حصل هو عكس الأصل، في أمريكا لقد صمنا على المطلع الخاص بنا، يعني بلاد المسلمين صامت قبلنا بيوم، لثبوت رؤية الهلال في تلك البلاد، فصمنا مع الجزائر أو السعودية لثبوته، المسلمين في أمريكا صاموا في اليوم الذي يليه، بغض النظر عن فرق التوقيت.
الشيخ: صاموا في اليوم الثاني، تبعاً لمن؟
مداخلة: تبعاً لأمريكا، للمطلع الذي رأوه هم؛ لأنهم لم يعترفوا برؤية الهلال في تلك البلاد التي هي الجزائر ..
الشيخ: هل أفهم من كلامك أن هناك ناس في أمريكا شاهدوا الهلال؟
مداخلة: شاهدوا الهلال في اليوم الذي يلي الرجل الذي شاهد في بلاد الجزائر أو في بلاد سوريا
فبالتالي أصبح الفرق الآن يوم كامل، بغض النظر عن التوقيت.
الشيخ: لا، قبل، الفرق واضح، لكن لَمَّا صاموا في أمريكا، صاموا بناءً على الرؤية؟
مداخلة: الرؤية الخاصة بأمريكا.
الشيخ: هو هكذا، الذين صاموا في أمريكا، وهم في أمريكا رأوا الهلال؟
مداخلة: نعم.
الشيخ: فصاموا بناء على ذلك.
مداخلة: نعم
الشيخ: طيب، هم الآن يمشون على رؤيتهم، لكن الصواب كما قلنا -آنفاً- إذا
بلغهم ثبوت الهلال في بلد من بلاد الإسلام، فعليهم أن يصوموا على رؤية ذلك البلد.
مداخلة: ثبت وخالفوا.
الشيخ: أما إذا صاموا على رؤيتهم، فَيُعَيِّدُون أيضاً على رؤيتهم، لا يلفقوا بين رؤيتهم ورؤية الآخرين؛ لأنه قد تطلع النتيجة أن يصوموا 28 يومًا، وهذا غلط.
فهم لا بد لهم أن يتموا ويصوموا تسعةً وعشرين يومًا في آخر الليلة الثلاثين، يجب عليهم مراقبة الهلال، فإن رأوا هلال العيد .. هلال شوال، ثاني يوم يُعَيِّدُوا، وبيكون صاموا تسعة وعشرين يوماً، وإن غُمَّ عليهم بسبب ما، يكمل ثلاثين يومًا، ولو كانت الجزائر أفطروا قبلهم بيوم أو يومين.
مداخلة: نعم، الآن ما حكم الأشخاص القلائل أو الأفراد البسيطين الذين صاموا مع السعودية أو الجزائر؛ لأنهم بدؤوا صيامهم قبل أهل أمريكا بيوم، وهم يسكنون تلك البلاد، هل عيدهم يكون مع أهل السعودية والجزائر، أم يكون صلاة عيدهم مع أهل أمريكا نفسهم.
الشيخ: هذا من المشاكل التي تقع في التلفيق بين هذا ..
مداخلة: وما حكم الصلاة في تلك المسألة، هل نصلي العيد معهم، أم صلاتنا لوحدنا.
الشيخ: سنرى أنتم عندما تريدون أن تصلوا العيد، هل ثبت العيد عندكم؟
مداخلة: في أمريكا لا، لكن ثبت في الجزائر والسعودية.
الشيخ: هذا سبق الجواب على هذا، الذين صاموا على رؤية بلدهم، عليهم أن يفطروا وأن يُعَيِّدوا على رؤية بلدهم، إن رأوا فبها ونعمت، ما رأوا أتموا الشهر ثلاثين يوماً، أما هؤلاء إذا وجد منهم من عَيَّد مع غير من كانوا في أمريكا، ألست تقول هكذا أنت؟
مداخلة: نعم.