الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ورحمة فيجب الوقوف عند هذا ..
(رحلة النور: 05 أ/00: 42: 25)
خطأ الاعتماد على العلوم الفلكية في تحديد بداية شهر رمضان وآخره
مداخلة: فضيلتك تقديم يوم العيد أو تحديد دخول رمضان، طبعاً مع وجود الاختلاف بين المسلمين في الدول الإسلامية.
الشيخ: مع الأسف.
مداخلة: مع الأسف الشديد، قضية -مثلاً- العيد نأخذ كمثال، إذا دخل اليوم الأخير من رمضان وثبت مثلاً في السعودية أن غداً عيد، وهنا في نفس الليلة قالوا: إن غداً تَكْمِلة الشهر.
الشيخ: تمام الشهر، نعم.
مداخلة: فإذا كان الرجل مسافر من السعودية أو نقول من عمان إلى السعودية في الليلة نفسها، وهو مقيم من مقيمي أهل الأردن، يعني في نفس الليلة أو صباح الذي هي صباح يوم العيد في السعودية، وصباح اليوم الثلاثين في الأردن سافر، هل يعني له، أن يعني يعتبر هذا الصيام له هناك أو عيد؟
الشيخ: أنا سُئِلت عن لا أقول عن هذا السؤال بالضبط، لكن عن نحوه، سُئِلت بمناسبة الاختلاف الذي أشرت إليه أكثر من مرة، عن بعض الأردنيين كانوا في العمرة، فبلغهم تعييد أو إعلان السعودية أن الشهر تسعة وعشرون، فبعضهم صام وبعضهم أفطر، كان جوابي كالتالي.
من أفطر من الأردنيين وهو لا يزال في السعودية فقد أصاب، أما إذا دخل الأردن كما هو واقع أكثر المقيمين في الأردن، بلغهم ما ذكرت فانقسم الأردنيون إلى
قسمين منهم، ومنهم من أفطر مع السعودية وصام مع الأردن، ومنهم عكس.
فأنا رأيي في الموضوع أن قوله عليه السلام: «صوموا لرؤيته .. » إلي آخر الحديث هو نص عام يجب على كل المسلمين أن يتجاوبوا معه، ولا ينظر من خلاف المطالع والأقاليم ونحو ذلك، وإنما من بلغه هذا الثبوت فعليه التجاوب مع قوله عليه السلام.
لكن مع الأسف كما أشرت -آنفاً- أن الدول أو الحكومات القائمة اليوم، مختلفة ليت الاختلاف فقط في هذا الحكم، لكن هذا من ذاك، فيقع مثل هذا الاختلاف، وهذا الاضطراب.
فأنا أقول: الأصل أنه يجب على المسلمين كافة أن يصوموا لمجرد أن تعلن دولة مسلمة إثبات الهلال، سواء دخولاً أو خروجاً، ومما يتعلق في هذه المسألة أنه جاءني أسئلة من أوروبا من ألمانيا وغيرها، أنه نحن اعتدنا أن نختلف، وإذا كان المسلمون في بلادهم يختلفون فكيف بهم وهم خارج بلادهم.
المهم: فكان جوابي أن عليكم أن تصوموا مع أيّ إعلان يَصْدُر قبل إعلان آخر، بغض النظر؛ سعودية أردنية إلى آخره.
السؤال: حتى لو كان إعلانهم مبني على رؤية الحساب الفلكي.
الشيخ: هذا له حكم آخر وأرجو تأجيله الآن مؤقتاً وإن نسيت فذكروني، فهنا حكمان الآن بالنسبة للاختلاف الذي يقع.
قلت: الأصل أن يصوم المسلمون جميعاً ولا يتفرقوا كما هو الواقع، هذا الواقع اختلاف ما بين شعب وشعب، دولة ودولة، لكن الملاحظ أن هذا الاختلاف يشتد، بحيث أنه يشمل الشعب الواحد، فينقسم هذا الشعب على نفسه قسمين، وأنا أذكر جيداً في بعض السنين الماضية وقع مثل هذه البلبلة، وسُئِلت من بعض الناس لا في البلد الواحد في البيت الواحد، كان الأب صائم والابن مفطر والعكس، وأذكر أيضاً جيداً أنني في بعض أسفاري وعمراتي وصلت إلى -بالسيارة طبعاً إلى- المكان الذي هو في طريق المدينة المسمى بالعشاش، كان معي سيارة عجوز يومئذٍ
فسخنت، لما فحصت الرديتر، وجدت أنه يصرف ماءً؛ الغطاء غير مُحْكم، فنزلت هناك تعرفوا في بعض الدكاكين، فوصل بي المطاف إلى دكان فيه كهل ملتح لحيةً لا بأس فيها، فأخذنا نتكلم مع بعض وإذا هو كويتي، ويقول إنه صائم مع الكويت، وهو مقيم في السعودية، فهنا أنا دخلت معه في نقاش، وهذا الذي أنا الآن أريد أن أُكَرِّره، فأنا أقول إن من قواعد الشرع منع ظاهرة الاختلاف ما أمكن.
فالآن قلنا: الأصل أن يصوم المسلمون جميعاً برؤية بلد واحد، لكن هذا غير واقع، فإذا بقينا على هذا الأصل في البلد الواحد، ستصير الفُرْقَة أوسع دائرةً من الفرقة التي نحن لا نملكها، نحن ما نملك أن نُسَلِّط أفكارنا وآراءنا على الحكومات، وبخاصة مع الذين لا يقبلوا آراءنا فيما أجمع المسلمون عليه.
من أجل تقليل ظاهرة الاختلاف أقول: نصوم مع البلد الذي نحن فيه، بشرط ألا نقع في مخالفة جذرية لا يقول بها عالم مثلاً: من غير الممكن أن نصوم ثمان وعشرين يوماً، غير ممكن نصوم واحد وثلاثين يوماً، فإذا وقع الأمر مثل هذا الاختلاف وصام المقيم في بلده، مع رؤية بلده لا يزيد على الثلاثين ولا ينقص على التسعة والعشرين، فهذا أقل شراً من أن يصوم مع بلدٍ آخر، لأن هذا سيزيد الخلاف خلافًا والفرقة فرقة، هذا الذي أنا أراه.
خلاصة القول: هناك نص عام يجب تسليمه: «صوموا لرؤيته» .
وهناك رأي واجتهاد، ممكن إنسان أن يتبناه أو أن يخالفه بنوع من الاجتهاد، بنوع من الاجتهاد وهو أن يصوم مع أهل البلد، ويفطر مع أهل البلد دون أن يقع في تلك المخالفة الجذرية.
أو يصوم مع البلد الذي أعلن؛ لأن هذا هو الأصل، إذا يصير الدقة في المسألة كما هو الشأن في كثير من المسائل التي هي من مواطن الخلاف والنزاع والاجتهاد، هذا جوابي عما سألت.
مداخلة: .. بالنسبة يعني لِبُعد المسافات يعني الآن.
الشيخ: بعد المسافات .. ؟
مداخلة: يعني: الناس في الغرب أو في الشرق، هذا يسبقونا بيوم أو قبل اليوم.
الشيخ: لأنه أخي الليل يتبع النهار، فليس لازم نوجد فرقةً أو خلافًا بسبب اختلاف -مثلاً- في المشرق غير المغرب، فالمغرب إذا عرف من المشرق بأنهم رأوا الهلال، سيكون عندهم متأخر ساعتين عنا -مثلاً- أو ثلاثًا على حسب بُعْد المسافات، هذا من جهة، عفواً.
من جهة أخرى: لا يمكن، لا يمكن في ما علمنا من يُسْر الشريعة أن يكلف عبادة المؤمنين أن يقيموا أحكام شريعتهم على أمور نظرية علمية دقيقة، من الذي يقدر يحدد لك المطالع، من الذي يحدد لك المسافة، يعني، لا علم، أن تحتجوا بها القائم على وسائل علمية دقيقة ودقيقة جداً، لا يستطيع أن يضع لمثل هذه الأمور حدوداً، ولذلك جاء اليُسْر:«صوموا لرؤيته، وأفطروا لرؤيته» .
فيمن بلغه صيام، إثبات الصيام صام، وإلا لم يصم، وهكذا.
يريد الله لحكمة بالغة ختم الآيات المتعلقة بالفرضية للصيام بقوله تعالى: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [البقرة: 185].
تفضل ماذا كنت تريد أن تقول؟
مداخلة: تارةً - أقول التوضيحان - الأول حدث في الكويت، أن بعض المشايخ المعروف ذكرهم في العالم العربي والإسلامي، أعلنت السعودية وصامت الكويت، فهو قال: أنا معهم ما أفطر، في الصباح اليوم التالي هو خطيب وإمام فراح خطب العيد وهو صائم.
الشيخ:
…
كيف؟
مداخلة: ذهب يصلي العيد لأنه مُوَظّف.
الشيخ: والله غريبة هذه.
مداخلة: وهو صائم.
الشيخ: أرأيت التنافر كيف.
مداخلة: وهو فتنة صارت، وفي اليوم الثاني صلى العيد مع مجموعة خرجوا إلى البر، إلى مكان بعيد، وصلى العيد، وأوقعوا فتنة في الناس.
الشيخ: ما هو وجهة نظرة؟
مداخلة: هو هذا أن هؤلاء السعوديين أنهم دقيقون في أخبارهم وأنهم كذا، قلنا له في البلد الواحد ليس لنا .. البلد الواحد هذا تحدث فتنة.
الشيخ: طيب، من يا أستاذ الذي عنده دقة، سَلّمنا جَدَلاً أن السعوديين ما عندهم دقة، يعني الكويتيين أحسن منهم.
مداخلة: لا أبداً، الأمر الثاني: أنا قلت لبعضهم في أمريكا، قلت لهم: طيب، أنتم في يوم الأضحى ماذا تفعلون، تخالفوا أو توافقوا، العالم الإسلامي كله يتفق .. أما في الفطر في مكان للاختلاف في القضية.
الشيخ: أي نعم، نسأل الله أن يُلْهِم حُكّام المسلمين أن يُرَيِّحوا شعوبهم، بأن يحكموا بدينهم.
مداخلة: .. كثير من البلاد على الحساب تعلن الفطر والصيام قبل دخول رمضان بشهر، بشهرين.
الشيخ: أي نعم، وهكذا وقع في أمريكا، في أمريكا .. في رجل كأنه باكستاني فلكي، في هناك جماعات إسلامية كما تعلمون قالوا: ثلاثة من المسلمين جاؤوا وشهدوا بأنهم رأوا الهلال، قام الفلكي وأسقط شهادتهم اعتماداً على علمه الفلكي، حيث قال: كان الشاهد الأول قال رأيت القمر في الجهة الفلانية، طبعاً عَيَّنها بالنسبة للبلد، قال هذا فلكياً لا يمكن أن يُرى في هذه الجهة، والثاني والثالث وهكذا، فَرَدّ الشهادة بالفلك، والله أنا مقتنع تماماً أن الله عز وجل حينما شرع ما شرع للأمة المسلمة فيها الهدى والنور، وفيها اليسر رفع الحرج والعنت ثانياً.
فحينما قال: «صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته فإن غم عليكم فأتموا والشهر ثلاثين يوماً» .
فهو خاطب المسلمين الذين هم على فطرتهم، ولو كانوا أُمِّيين غير مثقفين وغير متعلمين، وهذا من تأكيد رب العالمين لعمومية الإسلام، وأنه صالح أن يُطَبَّق في كل زمان وفي كل مكان.
«فصوموا لرؤيته» يستطيع أن يُطَبِّقه كل شعب، مهما كانت ثقافته، مهما كانت أميته، لأنه أعاد الأمر إلى الرؤية البصرية، أما إذا أُعيد الأمر إلى الرؤية العلمية، فسيصبح هذا الأمر مُعَلَّقاً بأفراد من الناس، ثم يا تُرى هؤلاء الأفراد هل يُشْتَرط فيهم ما يشترطه الفقهاء كلهم في الشاهد، إذا ادَّعى أنه رأى الهلال أن يكون عدلاً، أم يكون عالماً بالفلك، من الذي سَيَحْكُم عليه أنه أنت تُقْبَل شهادتك أو ما تقبل شهادته، وبخاصة أن شهادته قائمة على العلم وهو يَدَّعيه، ولا يستطيع كل الجمهور أن يشاركه فيه.
وأنا أفهم والله أعلم أنه هو الحق، أن النبي صلى الله عليه وسلم، حينما قال:«نحن أمّة أمية، لا نَكْتُب ولا نحسب» .
لا يعني أنه يفرض على الأمة المسلمة أن يظلوا بجهلٍ بالكتابة والقراءة ونحو ذلك، وإنما هو طبعهم بالأُمِّية فيما يتعلق بهذا الحكم المتعلق بالرؤية البصرية قال: » نحن أمة أمية، لا نكتب ولا تحسب الشهر هكذا وهكذا وهكذا، والشهر هكذا وهكذا وهكذا» أي تارة ثلاثون، وتارة تسع وعشرون.
هنا عبرة في الواقع، ما هي الغاية التي يحرص عليها هؤلاء الفلكيون حينما يرفعون رؤوسهم مع عشيرتهم، أنه يجب أن نحكم بعلم الفلك؛ لأن الرؤية البصرية قد تخطئ، ما هي الغاية؟
يقولون قضاءً على الخلاف الواقع بين الشعوب المسلمة، أنا أعتقد أنه في هذا الطلب وهو تحكيم العلم الفلكي، فسيظل الخلاف قائماً، على الأقل أنه سيقال يُرى القمر في البلد الفلاني، ولا يرى في البلد الفلاني، وهم يُجْمِعون على مثل هذه.
إذاً: ما هو الخلاص، لا يوجد خَلَاص إلا بالرجوع إلى حكم الشرع.
ثم فيه جُرْأة فظيعة جداً على مقام النبوة والرسالة، هو يقول لنا:«نحن أُمّة أمية لا نكتب ولا نحسب» .
أنت تأتي تقول: لا أنا أكتب وأحسب وأعلم علم الفلك، ولذلك ينبغي إثبات الهلال دخولاً أو خروجاً بعلم الفلك.
أنا أُقَرِّب هذا الموضوع يا أستاذ، أننا إذا دَخَّلنا علم الفلك في الأحكام الشرعية، أصابنا ما أصاب اليهود والنصارى من قبل.
كنت قرأت في بعض ما قرأت من المجلات العلمية نظريةً ما تخطر على باب أمثالنا، نحن الذين لا يُتاح لنا دارسة العلوم العصرية، الفلكية أو الجغرافية، لكن كان في ما مضى في عمري، «كان عندي فراغ للمطالعة في مختلف العلوم، ما استطعت إلى ذلك سبيلاً» ، فعلمت من هذه المطالعات، أن الشمس حينما تطلع ونراها على قمة الجبل، علماً هي ما طلعت بعد، علماً ما طلعت، هنا الجبل وهنا قرص الشمس، جاء العلم يقول هي لا تزال هنا في الخلف، لكن الأشعة الضوئية هي عكست أن نرى الشمس فوق القمة، وهي لَمَّا تطلع تعطي قوة.
إذاً: هنا الآن سنقع في حيص بيص، النظر البصر العادي يقول طلعت الشمس، العلم يقول لا ما طلعت، العلم يقول: ما طلعت ولا يزال وراء الجبل.
حينئذٍ الرسول عليه السلام حين يقول: «من أدرك ركعة قبل طلوع الشمس من صلاة الفجر قبل طلوع الشمس فقد أدرك، ومن أدرك ركعة من صلاة العصر قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك» .
بمعنى هنا صار في عندنا تناقض تام، حينما نرى الشمس على قمة الجبل عند الغروب في زعمهم أنها غربت، لكن الأشعة هي التي عكست، وهنا العكس بالعكس تماماً.
لذلك فالهدى والراحة هو في اتباع الشريعة، وصلى الله على محمد الذي قال: