الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
السائل: لا، أن يخرج عن القيمة نقداً ويخرج عن النصف طن أرزا؟
الشيخ الألباني -رحمه الله تعالى-: نعم
هل شراء الكتب الإسلامية لطلبة العلم تدخل في مصرف (في سبيل الله) من مصارف الزكاة، وهل حفر الآبار للفقراء يدخل في ذلك
؟
مداخلة: هل يجوز إنفاق أموال الزكاة في شراء الكتب الإسلامية لطلبة العلم الفقراء؟
الشيخ: لا يجوز في رأيي؛ لأن الزكاة يُشْتَرط فيها أن تُسَلّم يداً بيد للفقير، أما أن يشترى بهذه الأموال -أموال الزكاة- بعض الحاجات للفقراء حتى ولو كانت هذه الحاجات من كتب العلم، فهذا لا يجوز.
ينبغي أن تُسَلَّم هذه الأموال للفقراء من طلاب العلم، ويُنْصَحون في أن تنفق في سبيل شراء الكتب، أو يطلب منهم التوكيل بشراء هذه الكتب، فإن وُكِّل فبها، وإلا كان هو الأحق أن يتناول هذا المال ويتصرف فيه في حدود مصلحته الشخصية، هذا الذي نعتقده، وهذا الذي يستفاد من النصوص الواردة في الكتاب والسنة.
هذا الصرف يدخل في عموم قوله تعالى: {وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ} [التوبة: 60] لو كان هذا العموم مراداً من هذه اللفظة أو هذه الجملة من الآية، ولكن من الخطأ البالغ أن يفسر هذا النص القرآني {وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ} [التوبة: 60] بالمعنى الأعم الأشمل لسببين اثنين:
الأول: أن هذا تعطيل أولاً: لأداة الحصر المذكورة في ابتداء الآية: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ} [التوبة: 60] ثم لو كان هذه العموم مُراداً، فهو تعطيل للتفصيل المذكور في الآية، وإضاعة للحكمة من هذا التفصيل المذكور فيها، كان يمكن أن يقال: إنما الصدقات في سبيل الله وانتهى الأمر، أما وهو يقول:{إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ} [التوبة: 60] ويعد بقية الأصناف الثمانية، ومنها في «سبيل الله»
فحشر في سبيل الله في جملة الأصناف الثمانية من جهة، وحصر الزكاة بأداة الحصر إنما في هذه الأصناف الثمانية، لا يمكن أن يكون معنى:{وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ} [التوبة: 60] هو هذا المعنى العام الشامل الذي يذهب إليه بعض الدعاة الإسلاميين اليوم لتوسيع دائرة الانتفاع بأموال الزكاة.
وأنا أعتقد جازماً بأن من أسباب هذا التوسيع أمرين اثنين:
الأمر الأول: هو عدم الاعتزاز بعلم السلف، وبتفسير السلف من جهة.
والأمر الآخر: أن أغنياء المسلمين لما قَصَّروا عن القيام بواجبات أخرى من الصدقات التي تجب، علاوة عن الزكاة، لما قَصّروا ذاك التقصير، أرادوا أن يَسُدّوا هذه الثغرة بتأويل النص القرآني، وتوسيع دائرة استعمال مصارف الزكاة، إلى أوسع مدى ممكن، وهذا في الحقيقية خطأ مزدوج يُذَكِّرني بالقول المعروف المأثور:
أوردها سعد وسعد مشتمل ما هكذا يا سعد تورد الإبل
ما يكون معالجة الأخطاء التي يقع فيها العالم الإسلامي بتحوير النصوص وتأويلها، إن لم نقل: تحريفها إلى معان لم يكن يعرفها المسلمون من قبل، في سبيل معالجة بعض الأخطاء التي تقع اليوم؛ لأن هذه المعالجات تشبه تماماً معالجة أبي نواس الذي كان يقول:
وداوني بالتي كانت هي الداء.
مداخلة: طيب يا شيخ! لو وضعنا السؤال بطريقة أخرى.
الشيخ: تفضل.
مداخلة: رجل دفع زكاة ماله إلى مؤسسة .. جمعية إسلامية أو كذا ترعى طلبة فقراء ترعاهم في تعليمهم ..
الشيخ: أنا سأقول لك: مكانك راوح
…
مداخلة: نعم، فهل يجوز أن تأخذ الزكاة .. ؟
الشيخ: التعبير السوري: مكانك راوح، هذا نظام عسكري في سوريا عندما يكون ماشي ويريد الضابط أن يوقفه عن المشي، لكن لا يريد أن يجمده يريد [يكون] فيه حركة لكن بدون تقدم، يقول له: مكانك راوح، لا يتقدم ..
مداخلة: طيب! وضعنا هنا صورة أخرى، كأن حقيقة هذا السؤال للشيخ ابن عثيمين في الحرم المكي في العشر الأواخر، فأجاب بأن الداعي في سبيل الله هو يُصْرَف عليه من بند في سبيل الله، وبما أن الكتب سلاح لهذا الداعية فنرى أنه يجوز، أو كما قال يعني .. فكيف نخرج على هذا القول.
الشيخ: ردي سبق، لكن الآن يحتاج إلى شيء من التوضيح والبيان، {وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ} [التوبة: 60] في الآية الكريمة: {وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ} [التوبة: 60] ما هو سبيل الله؟
مداخلة: المعنى: الجهاد.
الشيخ: عرفت فالزم، سؤال يلي ذاك السؤال: إعطاء المال لطالب العلم وهو فقير هو من سبيل الله، أم هو من الفقراء؟
مداخلة: الفقراء.
الشيخ: طيب! إذاً: بأي وجه يُجَاب عن جواز ما نقلته، وما أقول لك ما قاله ابن عثيمين، من أين يأتي بهذا التجويز، نأتي به من توسيع معنى «سبيل الله» كما شرحنا آنفاً، لذلك أقول: السؤال الأول سبق الجواب عنه تفصيلاً، كما قلت: تطوّر السؤال فكان الجواب: مكانك راوح، تطور السؤال بصورة ثالثة كذلك الجواب لا يزال: مكانك رواح.
أكثر ما قيل في توسيع دائرة معنى سبيل الله هو إعطاء المال للفقير للحج في سبيل الله، الحج إلى بيت الله فهو في سبيل الله، وأنا أرى ذلك؛ لأن عندي حديث وأنا حديثي ومتحمس للحديث وداعي للحديث ..
مداخلة: نص الحديث؟
الشيخ: نص الحديث: قصة أبي معقل وزوجه أم معقل لما حج مع الرسول
عليه السلام جاءت زوجته أم معقل شاكية إلى الرسول صلى الله عليه وسلم قال: «يا رسول الله! قلت لأبي معقل: أن يحججني على ناضح له معه فأبى، فأرسل الرسول إليه فقال له: » يعني: يسأله لماذا لم يحججها على ناضح له - له اسم أنا نسيته الآن -: «قال: يا رسول الله! إني جعلته في سبيل الله» يفهم كل عربي «جعلته في سبيل الله» ليس المعنى العام، إنما المعنى الخاص يعني: الجهاد، قال عليه السلام وهنا الشاهد:«أما إنك لو أحججت عليه لكان في سبيل الله» من هنا أخذ الإمام أحمد أنه يجوز إخراج الزكاة في سبيل الإحجاج إلى بيت الله، هذا توسعة بنص الحديث، أما التوسعة التي يذهب إليها المعاصرون اليوم فهي -بلا شك- تعطيل للنص القرآن من الوجهتين:
من وجهة أداة الحصر «إنما» ومن وجهة أنه «في سبيل الله» بالمعنى العام تعطيل لهذا التفصيل: الفقراء والمساكين والعاملين عليها .. ما معنى التفصيل إذا كان في سبيل الله بمعناه العام.
دعك عن مخالفة هذا التفسير لمنهج السلف الصالح، لذلك ما أرى هذه التوسعات.
وبالتالي: لا يجوز إعطاء الزكاة لجمعية نعرف أنها تتصرف بهذا المال، منطلقة من تفسير في سبيل الله بالمعنى العام.
مداخلة: قد يأتي رجل ويأتينا يقول: عندي مال من الزكاة أريد أن أحفر به بئراً للفقراء في أفريقيا فيسألنا: هل يجوز ذلك أو لا؟
الشيخ: أقول له: هات من أموال غير الزكاة التي عندك، نحفر لك بئراً، أما هذه الزكاة فملكها للفقراء، أو وُكلنا نحن نُمَلِّكها للفقراء، يعني: ينبغي يا سيد طارق أن تلاحظ معنى التمليك هذه هي الزكاة.
(الهدى والنور / 173/ 39: 45: 00)
(الهدى والنور / 173/ 20: 54: 00)
(الهدى والنور / 173/ 17: 57: 00)